نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (189)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    تبين بالأمس أنّه ما هو تعريفنا للمرجعية وما هو تعريفنا للأعلمية.

    طبعاً لا يخفى على الأعزة أنّ في هذا البحث نكات عديدة وكثيرة ومسائل مختلفة نحن إنما أجملنا الكلام في هذه النقاط وإلا فهناك أبحاث أخرى على سبيل المثال لا الحصر, لو فرضنا بأنّه تمت هذه النظرية وتمت أسسها المعرفية وأقمنا الدليل على صحتها تبقى هناك أسئلة من قبيل ما هي تلك الآليات التي على أساسها نعرف أن فلان هو الأعلم وأن فلان هو الأجدر والأحق بالمرجعية. هذه الآليات في زماننا لا أقل غير معلومة لنا, وغير واضحة على أي أساسٍ يقال أن فلان صار مرجعاً وأن فلان ليس كذلك.

    وإنما كل ما في الأمر أننا ننام في الليل ونجلس في الصباح فنسمع أنّ فلان مرجع رحل عن هذا العالم وفلان صار مرجعاً أما ما هي الآلية كيف؟ هذه غير واضحة, من هنا نحتاج إلى آليات واضحة لتعيين المرجعية في زماننا.

    وهذه نقطة أساسية ومحورية وإلا لو تركت لأدعى كلٌ وصلاً بليلى, الكلي يدعي بأنه هو الأحق هو الأجدر والأمة في كثير من الأحيان تعيش الحيرة تعيش الاضطراب تعيش الاصطفاف الكاذبة يعني هذا تابع لفلان مرجعية وفلان تابع لفلان مرجعة وهذا كذا وذاك كذا مع أنه في واقع الأمر لا ينبغي أن نعيش مثل هذه الحالات.

    الآن في كل الأمم المتقدمة في كل الأمم المتحضرّة في كل الأمم المتمدنة في النتيجة توجد آليات لأبسط القضايا فما بالك بقضيةٍ مرتبطة لا بمصير الناس في الدنيا بل مرتبطة بمصيرهم في الدنيا والآخر, وليست مرتبطة بشعب معين يعني ليست مرتبطة افترضوا بالشعب الكذائي وإنما مرتبطة بمئات الملايين من الشيعة في العالم ولعله في مائة وخمسين أو مئتين بلد في العالم, ما هي الآلية التي على أساسها لابد أن تنتخب المرجعية.

    طبعاً الآن لست بصدد بيان الآليات له بحث آخر والآن لسنا بصدد هذا البحث, لعلنا إذا وفقنا أن نقف على هذه القضية واقعاً تستحق أن نقف ما هي الآليات.

    طبعاً هذا الكلام ليس معناه أن الآليات السابقة غير صحيحة وغير مفيدة لا لا أبداً, في زمانها لعلها كانت صحيحة ومفيدة ولكنه في زماننا غير نافعة أو غير كافية أو غير مجدية. هذه قضية.

    من الأسئلة الأخرى التي تطرح أيضاً في هذا المجال حتى ننتقل إلى بحثنا الأصلي, وهو أنه: أساساً واقعاً ما هي الطريقة والآلية التي على أساسه تدار الشيعة في العالم, واقعاً هذه الآلية التي الآن متعارفة لا أقل على نحو التساؤل لا أنه لا سامح الله على نحو النقد أو الإشكال أو الطعن لا لا أبداً, هل أن هذه الآلية آلية تامة نافعة مفيدة أو أننا لابد في هذا العصر الذي انتشر فيه التشيع في مئات أو في عشرات البلدان في العالم, هل أن نظام الوكالة ونظام البيوتات ونظام الحواشي, هل أن هذا عاد يكفي لإدارة وضع الطائفة أو أننا لابد من استبداله بنظام آخر ضمن الأطر الفكرية والعقدية والدينية التي نعتقد بها.

    إذن أعزائي هناك تساؤلات كثيرة وبدأت تطرح هذه التساؤلات يعني لست أول من يطرح هذه التساؤلات وإنما هذه التساؤلات بدأت تطرح بقوة وفي منابر متعددة سواء على مستوى الفضائيات على مستوى الجرائد على مستوى المجلات على مستوى الكتابات.

    تساؤل آخر وهو من التساؤلات الأساسية والمحورية على سبيل المثال ما هي العلاقة التي تحكم, التفتوا, تحكم النظام السياسي بالمؤسسة الدينية, أي نوع من العلاقة هذه, هل هي علاقة التأييد هل هي علاقة المعارضة هل هي علاقة الاسترشاد أي علاقة هذه, الآن أمامكم عندنا تجربتان: تجربة في الجمهورية الإسلامية توجد هناك قيادة دينية متمثلة في قيادة شرعية هكذا, وتوجد عندنا مرجعيات كبيرة في حوزة قم, طيب ما هي العلاقة التي تحكم المؤسسة السياسية بالمؤسسة الدينية؟

    أو تجربة أخرى عندنا الآن في العراق توجد مؤسسة سياسية ليست قائمة على أساسٍ ديني وإنما قائمة على أساس مدني لا علاقة لها بالدين, السؤال المطروح: هو أنه المؤسسة الدينية في النجف الأشرف ما هي العلاقة ما هي آليات العلاقة التي تحكم المؤسسة السياسية النظام السياسي بالمؤسسة الدينية؟ هذه أسئلة وعشرات الأسئلة اطمأنوا إذا أنا وأنت إذا لم نتصدى للجواب عنها سيتصدى من لا أهلية له لتعيين تلك المواقع. هذه قضية واضحة لا تحتاج إلى دليل, في النتيجة عندما يوجد سؤال يحتاج إلى جواب, إن لم تجب أنت كمسؤول في المؤسسة الدينية يجيب الآخرون ويعين الموقف الآخرون ونحو ذلك.

    وإذا أردت أن أعدد لكم المسائل الكثيرة المرتبطة أعزائي, المؤسسة الدينية أعزائي ما عادت في مثل هذه العصور خصوصاً منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران ما عادت مؤسسة يختصر أو تتلخص أدوارها في أن يعطى لها بعض المال وتعطيه لبعض الطلبة وتكتب رسالة عملية وانتهى كل شيء, أبداً, الآن الناس يتوقعون من المؤسسات الدينية أن يتدخلوا في كل كبيرة وصغيرة في حياتهم, سواء كانت السياسية أو الاجتماعية أو الدينية أو المالية ونحو ذلك.

    وأنا أتصور الناس الذين هم الفضلاء الذين هم في وسط الناس يعرفون كم يسألون من هذه التساؤلات, ما هو دور المؤسسة الدينية في المناطق التي تحكم فيها يكون فيها الشيعة أقليات وليست أكثرية, واقعاً ما هو دور الشيعة؟ من الذي يضع لهم البرنامج, ما هو دور الشيعة أو ما هو دور المؤسسة الدينية في الدول الأوروبية التي الآن توجد فيها أحكام تعارض الإسلام بشكل رسمي أمامكم ظاهرة مسألة الحجاب, ما هي مسألة الناس أن يسافروا أن يهاجروا أن يتركوا بلدانهم لأجل الحجاب, ماذا يفعلون؟ يتركوا الجامعات يتركوا العمل السياسي لم يكن لهم ممثلين, لأنكم تعرفون الآن في الدول الأوروبية حقك إنما تأخذه من خلال إما مؤسسات المجتمع المدني أو من خلال المجالس النيابية, والمجالس النيابية يكون في علم الأعزاء عموماً مسيطرة عليها أحزاب وهذه الأحزاب بشكل أو بآخر مرتبطة بالصهيونية العالمية, ما هو دور الأقليات في مثل هذه البلدان, ما هو الموقف الشرعي, أن يتركوا هكذا افعلوا ما تريدون, وإذا كان الأمر كذلك أعزائي أنا لا أناقش التفتوا, بيني وبين الله فلتصرح المؤسسة الدينية نحن لا علاقة لنا, حتى يعرف الناس موقفهم لا أنه يتخذون موقف في بلدانهم وتأتي الفتاوى من المؤسسة الدينية أن هذا حرام شرعاً وأن هذا فلان وأن هذا فلان.

    المؤسسة الدينية دورها عظيم جداً, المؤسسة الدينية تعبر عن القلب النابض في مدرسة أهل البيت, التفتوا, يعني هذا الموقع الذي يوجد في الحوزات العلمية وللمؤسسة الدينية في عصر الغيبة واقعاً لا نظير له أنا مراراً ذكرت سابقاً والآن أيضاً أقول أنه مسألة الحوزات العلمية والمؤسسة الدينية هذه هندسة هندسها أهل البيت لربط شيعتهم بالعلماء في عصر الغيبة, هذه ليست لا من إنتاج المفيد ولا من إنتاج الطوسي ولا من إنتاج المرتضى ولا من إنتاج غيرهم, هذه من إنتاج من؟ هذه صناعة صناعة علوية صناعة ولوية صناعة الأئمة هذه, قالوا أنكم في عصر غيبتنا إذا أردتم الارتباط بنا وأن لا تتفرقوا وتكونوا كتلة واحدة الطريق يمر من خلال المؤسسة الدينية, إذن المؤسسة الدينية لابد أن تعين مواقفها إزاء كل هذه الأحادث لا يمكن أن يترك الناس سُدى.

    أرجع إلى بحثي, إذن أعزائي نرجو الله سبحانه وتعالى هذا البحث لا أقل في ذهن الأعزة أثار لهم جملة من التساؤلات فليذهبوا ويبحثوا عنها ما هي الإجابة عن هذه التساؤلات وكيف نعين موقفنا بإزائه.

    أرجع إلى البحث. إذا يتذكر الأعزة نحن قلنا بأنّه فيما يتعلق بمسألة وجوب الخمس في أرباح المكاسب يوجد اتجاهان:

    الاتجاه الأول: يعتقد بأن وجوب الخمس في أرباح المكاسب إنما هو من النوع الأول من الأحكام الصادرة من الشارع, بمعنى: أنه يمثل جزءً من الشريعة جزء ثابت من الشريعة.

    الاتجاه الآخر وهو الاتجاه الذي سرنا عليه قلنا لا, أن الخمس الواجب في أرباح المكاسب وفي فاضل المؤونة هذا ليس من النوع الأول من الأحكام وإنما هو من النوع الثاني من الأحكام يعني الأحكام الولائية التي صدرت من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    ومن ضمنهم الإمام الثاني عشر (عليه أفضل الصلاة والسلام) يعني أن هذا الحكم الولائي أيضاً كان قد صدر في عهده والدليل على ذلك أنّه في الغيبة الصغرى نجد أن الإمام المهدي كان له من نصبه لأجل ماذا؟ لأجل أخذ خمس أرباح المكاسب, والروايات قراناها فيما سبق في هذا المجال فلا نعيد.

    إذن هنا يأتي هذا التساؤل -بحثنا الجديد في هذا اليوم- إذن يأتي هذا التساؤل وهو: إذا كان الأمر كذلك يعني أن الخمس الواجب في أرباح المكاسب ثابتٌ الآن سواء كان من النوع الأول أو كان من النوع الثاني ما هي ثمرة بحث أن هذا من النوع الأول أو من النوع الثاني, أنتم قلتم أن الخمس في فاضل مؤونة السنة ثابت, الآن إما بالنوع الأول وإما بالنوع الثاني, هل توجد هناك ثمرة تظهر على أساس هذين الاتجاهين أو لا توجد هناك أي ثمرة لذلك؟

    الجواب: لا, تظهر الثمرة بشكل واضح في عصر الغيبة الكبرى, وهو أنه: إذا بنينا على الاتجاه الأول يعني الذي يرى بأن الخمس واجبٌ من النوع الأول هذا معناه حتى لو آمنا بنظرية ولاية الفقيه لا بمعناها السياسي الذي قلنا له بحث آخر, بل بالمعنى الذي أعطي الولاية لإدارة شؤون الشيعة في عصر الغيبة, هل يحق له أن يزيد فيها أو أن ينقص منها أو لا يحق له ذلك؟

    الجواب: لا يحق له ذلك, لماذا؟ باعتبار أن إمام الأصل أيضاً لم يكن له الحق في الزيادة والنقيصة, لأن يعد هذا من الأحكام الثابتة في الشريعة من قبيل صلاة الصبح ركعتان هل يمكن لإمام أن يزيد أو ينقص فيها؟ أبداً, من قبيل أن الصوم في شهر رمضان كذا هل يمكن للإمام المعصوم أن يزيد أو ينقص فيها؟ أبداً, كذلك الخمس إذا قبلنا أنه من النوع الأول فلا يحق للفقيه في عصر الغيبة أن يزيد من ذلك أو أن ينقص.

    أما إذا قبلنا أن أرباح المكاسب إنما هو من النوع الثاني ويتذكر الأعزة إذا كان من النوع الثاني التفتوا جيداً, تعالوا معنا إلى الرواية التي قراناها عن الإمام الجواد في (وسائل الشيعة, ج9, ص501) وبعبارة أخرى: (الباب الثامن من أبواب ما يجب فيه الخمس) وهي الرواية التي قراناها عن الإمام الجواد وهي رواية >صحيحة علي ابن مهزيار< أن الإمام قال: >فإما الذي أوجب من الضياع والغلاة في كل عامٍ فهو نصف السدس< أن الإمام ماذا فعل؟ قلل لماذا؟ وفي مكان آخر قال >ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب تخفيفاً مني عن مواليّ< إذن نجد أن الإمام الجواد ماذا يفعل في خمس أرباح المكاسب؟ مرة يخففها ومرة يجعلها سدس ثم يأتي الإمام الهادي (عليه أفضل الصلاة والسلام) أيضاً في صحيحة أخرى يقول: >فكتب عليه الخمس< بعد أن قيل له >يا ابن رسول الله أن أباك جعلها السدس أو نصف السدس< أنت ماذا تقول؟ قال لا, كان وضع طارئ مر به الإمام الجواد أو مر به الشيعة فقال لهم نصف السدس أو خفف أما الآن رجع الوضع إلى وضعه الطبيعي إذن ترجعون إلى الخمس.

    بناءً على نظرية ولاية الفقيه وأن الفقيه نائب عن الإمام في ملاحظة وضع شيعته, إذا صارت أزمة مالية كما الآن توجد أزمة مالية في العالم, هل المرجع العام له الحق على التخفيف من الخمس أو ليس له ذلك؟ الناس يقولون وضعنا ليس بمناسب يقول لابد أن تدفعوا مثل الصلاة وضعك مناسب غير مناسب بأي حال لا تتركوا بحال فالخمس أيضاً لا يترك بحال, أهكذا أو لا, وضع الشيعة في بعض المناطق جيد جداً, وفي بعض المناطق يوجد ماذا؟ كما الآن تجدون في بعض البلدان توجد مجاعات هل أن الفقيه له القدرة يقول هذه السنة على الشيعة الذي وضعهم جيد لا يكفي أن يعطوا خمس لابد أن يعطوا ربع من حقه أو ليس من حقه؟ لا بالعنوان الثانوي, أبداً, بالعنوان ماذا؟ بعنوان الولاية الذي أوكلت إليه بعنوان المسؤولية.

    هنا بناءً على الاتجاه الأول لا حق له, بناءً على الاتجاه الثاني له الحق في ذلك, إذن هناك ثمرة مهمة وأساسية تترتب على هذا البحث.

    وحيث أننا نحن بنينا في البحث السابق على الاتجاه الثاني إذن نعتقد بالشرائط التي أشرنا إليها لا كل من يخرج ينام في الليل ويجلس في الصباح يقول أنا ولي الأمر, لا لا, أنا مجتهد, أنا مرجع أنا أعلم لا لا أبداً, إذا توفرت, الآن كيف تتوفر, قلنا نحتاج أن نبحث بحث أساسي.

    بعبارة أخرى: لابد أن نؤسس لمؤسستنا الدينية أن ننظر لها أن تقوم على قواعد واضحة, وإلا واحد يدعي كذا وآخر يدعي كذا لا يمكن هكذا. أنا من أولئك الذين أعتقد أن الخمس في أرباح المكاسب من الأحكام الولائية الصادرة عن الأئمة لا من النوع الأول بل من النوع الثاني وأعتقد لمن توفرت فيه الشروط في عصر الغيبة الكبرى فله الحق أن يزيد وأن ينقص وهذا معنى ما أقوله لابد أن يكون المرجع عارفاً بزمانه, ما معنى عارفاً بزمانه؟ الواقف على كل أوضاع شيعته في العالم, يعني أن التقارير كاملاً من كل بلدان العالم تصل إليه, قد تقول لي سيدنا هذا لا يمكن لشخص, أقول من قال لك أنه لابد أن يكون شخص واحداً لابد أن يستعين بالخبراء بالمؤسسات بأولئك الذين لهم من يعتمدوا عليهم حتى يؤسسوا ماذا؟ كامل تصل, والآن هذا هو المتعارف, أعزائي بينك وبين الله الآن ادخلوا إلى دولة قوامها ما يتجاوز المليون تجد بيني وبين الله عندهم وزارة وعندهم مجلس نيابي ونحن شيعتنا في العالم دولة واحدة أو كم دولة؟ أربعمائة مليون لا أقل ثلاثمائة وخمسين مليون شيعة إن لم يكن أكثر وفي مختلف البلاد وفي مختلف المشاكل والإشكاليات طيب كيف يدارون, يدارون بشخصين يجلسون في منطقة ثم يوجه أربعة وكلاء ويدير العالم هذا ممكن أصلا؟ أصلاً ممكن هذا؟

    إذن هذه القضية أعزائي قضية الخمس لا يتبادر إلى ذهن أحد قضية فردية مثل قضية الصلاة, أبداً, قضية الصلاة قضية فردية, سواء كان الإنسان يعيش فردياً أو يعيش اجتماعياً أو الظروف كذا أو الظروف كذا حكم الصلاة حكم صلاة الصبح ما هي؟ واضحة لا تحتاج إلى بحث.

    ولذا أنا مراراً قلت أن تسعين بالمائة من هذه المسائل المطروحة في الرسالة العملية أساساً لا يحتاج الإنسان فيها إلى تقليد لأنه صارت من الواضحات أصلاً, والشاهد على ما أقول: أنتم انظروا إلى التعليقات التي يعلق كل مرجع سابق على الرسالة العملية للمرجع اللاحق على السابق, ما تجد الفارق ما يتجاوز ثلاثة بالمائة خمسة بالمائة أربعة بالمائة لأنه هذه المسائل انتهت اتضحت معالمها. أما تعالوا إلى المسائل المستحدثة تجد واحد يشرق وواحد يغرب, لماذا؟ لأنه واقعاً أول الكلام تحتاج بحث.

    ولذا تجدون الآن في العصر الأخير يعني في ثلاثين أربعين خمسين سنة الأخيرة بدأت تكتب كتب مفصلة في المسائل المستحدثة, هذا يكشف لك عن ماذا؟ لماذا قبل مائة سنة لم توجد عندنا هذه؟ الجواب: لأنه هذه الرسالة العملية ما عادت كافية لإدارة الأمة.

    ولذا كثرت الاستفتاءات وكثرت المستحدثات وكثرت الرسائل و.. وهذا يكشف أنه وهذه لا علاقة للناس بها كثيراً لأنه متفق عليه, أصلاً في الآونة الأخيرة عشر سنوات الماضية, يمكن المراجع ثلاثة أربعة تبدلوا صحيح أم لا, ما الذي اختلف في حياة الناس في عباداتهم في أعمالهم, شيء قليل جداً لماذا؟ لأن عموم المسائل من المتفق عليها والواضحة لا تحتاج إلى بحث أصلاً. ولكن نحن نقضي أوقاتنا في أمور واقعاً لا ينبغي أن نقضي فيها, نقضي لابد أمورنا في أوقات أخرى. على أي الأحوال.

    أعزائي, مسألة الخمس ليست من قبيل الصلاة, أنا المسائل الفقهية أصنفها تصنيفات متعددة: من التصنيفات التي أصنف فيها المسائل الفقهية أعزائي أن صنف من المسائل الفقهية ذات بُعد وطابع فردي لا علاقة لها بالبعد الاجتماعي, يعني مرتبطة بك, كنت في مجتمع أو كنت فرد, كالصلاة, نعم قد تأخذ طابع اجتماعي في صلاة الجماعة ولكن أصلا هي ماذا؟ هي طابعها وبُعدها فردي.

    وهناك عبادات أصلاً وجودها وطابعها وضعها هو اجتماعي بالأصل لا بيدك أنت, كالحج, الحج فرد أو مجموعة؟ ومما يؤسف له -ما أدري اليوم الأبحاث بعضها تجر بعضاً- ومما يؤسف له نحن تعاملنا مع الصنفين من الأحكام بطريقة واحدة, مع أنه الأمر ليس كذلك الذي له بُعد الاجتماعي إذا صار كل واحد هذا التفت, هذا ثبت الهلال عنده يوم ألف فيريد أن يذهب إلى عرفة, وذاك يوم باء ويريد أن يذهب إلى عرفة, وذاك يوم جيم ويريد أن يذهب إلى عرفة, بينك وبين الله يبقى حج أو يصير عمل انفرادي منفرد أي منهما؟ مع أن الإسلام أراد الحج المنفرد والمنفرط أو أراد الحج الاجتماعي أي منهما؟ الآن من حقك أن تقول لا, أراد الفردي, أقول من حقك هذا, اذهب واجتهد ولكن هذه أنا اطرحها كتساؤل, مسألة العيد, واقعاً بُعد فردي كل واحد يعيد يعني خمس نفرات وثلاث نفرات في البيت واحد يعيد الأحد والثاني يعيد الاثنين والآخر يعيد الثلاثاء, قد تقول بلي حكمه حكم الصلاة من حقك, ولكن أنا ما أفهم مسألة العيد مسألة ماذا؟ فردية, ما أفهم هذا, لابد أن أتعامل معها إذن بمنطق آخر بوجه نظر أدخلها بشكل آخر.

    من هنا أعزائي لا يمكن أن تساق المسائل الفقهية بسوق واحد ما طابعها فردي فله نحوٌ, وما طابعها اجتماعي فله نحو آخر.

    ولذا أنا من أولئك الذين أقول بشكل واضح وصريح للأعزة جميعاً, أعتقد أن الحج طابعه ما هو؟ اجتماعي, ولذا لا أجوز مخالفة أي قانون من قوانين الحج, حتى مع العلم بالمخالفة, لا فقط في مسألة الوقوف في عرفة لا يتبادر إلى ذهن الأعزة, لا أبداً, لا فقط في هذا. في مسألة الآن السعي في مسألة الطواف في مسألة الرمي في مسألة القوانين التي توضع, كلها, لأنه في النتيجة الإسلام أراد هذا الواقع الاجتماعي لابد أن يحفظ.

    بعض الأعلام بعض الفقهاء أيضاً قالوا لعله في الوقوف لعله قالوا قالوا حتى مع العلم بالمخالفة, ولذا أنا لست من أولئك الذين أجوز إن أمكنك خلاف ذلك فيجوز لا لا, لا يجوز له. حتى لو أمكنه أن يقف في اليوم الذي علم لا يجوز له ذلك, لأنه لابد من حفظ نظام هذه الشعيرة الإلهية. هذه الشعيرة لابد أن تأخذ أبعادها وإذا أعطيناها بعد فردي فتبقى لها أبعاد هذا البعد أو لا يبقى لها؟ لا يبقى, إذن واحد هكذا يطوف وواحد هكذا يطوف وواحد هكذا يقف وذاك هكذا يقف, ولذا مسألة الذبح مسألة الرمي مسألة الطواف مسألة الوقوف بعرفات مسألة السعي كلها على ما هو عليه, على ما هو عليه, حتى مع العلم بالمخالفة.

    وإلاّ, نعم, قد يأتي يقول أنا لا أفهم الحج بهذا الشكل من حقه أنا أذكر رأيي في المسألة تصنيفي للمسائل, جيد جداً أعزائي.

    إذن المسائل الفقهية, طبعاً هذه المقدمة إنما ذكرتها حتى لا أنسى لبيان مسألة الخمس, الخمس أعزائي من أي صنف من المسائل؟ أنا ما أعطيها بُعد مرتبطة بشخص أبداً له نظام مرتبط بوضع المؤسسة الدينية كاملاً بوضع الطائفة, أصلاً هذا الذي, يعني من قبيل الآن أنتم اذهبوا إلى الدول الغربية المتقدمة يعني المتقدمة صناعياً, تجدون أن نظام الضرائب من أهم وأقوى وأدق الأنظمة عندهم لماذا؟ لأنه حياتهم المالية والاقتصادية إنما تؤمن من الضرائب لا من شيء آخر, ولذا الذي يهرب من قانون الضرائب له عقوبات شديدة جداً لماذا؟ لأن القضية ليست قضية فردية مرتبطة بنظام المجتمع, واقعاً نحن الآن نتعامل مع الخمس الذي هو النظام أو ما يؤمن البُعد المالي في مدرسة أهل البيت في عصورنا هل نتعامل هكذا معه أو يتعامل معه تعامل فردي يعجبك أعطي وإن لم يعجبك فلا تعطي, هذا أولاً.

    ثانياً: كيف هذه تجمع كيف تقسم؟ تجد بيني وبين الله بلا نظام واحد يأخذ نصف واحد يأخذ ثلث واحد يأخذها كلها, ولماذا يأخذ؟ لا أحد يعلم, طيب أنت الذي تأخذ من هذا المبلغ الكبير نصفه عندك مصاريف النصف في منطقتك في بلدك في مؤسساتك, والله إذا عندك لا تأخذ نصف خذ المال كله ونحن أيضاً ندعمك ونحن أيضاً نبعث لك, أما إذا أنت عايش في منطقة ما عندك مصاريفها على أي أساس تأخذ نصف من المال؟ أين نظام المحاسبة عندنا, نعم الكل مؤمنون الكل متدينون الكل ثقات ولكن اذهبوا وانظروا إلى وكلاء الأئمة ماذا فعلوا بأموال الأئمة, صحيح ثقات ولكنّه هذا ليس معناه أنهم معصومون أبدا, أين نظام المحاسبة, أين نظام الواردات والصادرات في المال الذي يرد إلى المؤسسات الدينية أين هذا؟

    أرجع إلى البحث, أعزائي حتى فقط أعنون البحث وإن شاء الله غداً أدخل إلى البحث الأصلي, وهو: أنه على هذا الأساس أعزائي الخمس بلا إشكال ولا شبهة ثابتٌ في ماذا؟ في الأنواع الخمسة الستة السبعة الثلاثة ليس بمهم, سواء كان من النوع الأول أو كان من النوع الثاني, في عصر من؟ قولوا معنا؟ في عصر من؟ في عصر الأئمة يعني في عصر حضورهم, إنما الكلام كل الكلام وإنما المعركة كل المعركة وهو أن هذا الحكم الثابت في عصرهم بالقرآن وبالسنة سواء كان من النوع الأول أو من النوع الثاني هل هو مستمر في عصر الغيبة الكبرى أو انفرط عقد هذا الحكم لأي بيان كان أي منها؟ الآن إما أنه مشروط بالحضور وإما حكم ولائي وارتفع وإما وإما … إلى آخره, المهم أصل القضية -بنحو القضية المهملة- وهو أنه هل هو مستمر أو أنه كما في روايات التحليل أنه >حلل لشيعتهم<.

    من هنا يأتي بحث أخبار التحليل, أنا واحد من الناس بكل متابعاتي لم أجد, الآن وإن كان فيه مبالغة ولكن لعله من مسائل نادرة جداً أنه وقع الاختلاف فيه بين علماء مدرسة أهل البيت كما وقع في مسألة وجوب الخمس في عصر الغيبة. والسبب لا يتبادر إلى ذهنكم لا قواعد عقلية ولا قواعد فلسفية ولا قواعد عرفانية وإنما النصوص الكثيرة الواردة المتعارضة المختلفة المتضاربة في هذا المجال, وكثير منها روايات صحيحة السند, حتى ادعي بنحو الإجمال أن روايات التحليل ما هي؟ متواترة.

    ولذا إن شاء الله تعالى في البحث القادم سوف نشير إلى جل أو أهم الأقوال التي لها قائلٌ معتبر من علماء الطائفة, لأنه بعض الأقوال ليس له قائل بذاك المعنى نعم احتمال احتملوه, ولكن القائل ليس بذاك المستوى العلمي, ولكن بعضهم من أساطين الطائفة, لعله الأقوال في ذلك تصل إلى سبعة أو ثمانية, المهم الأقوال أكثر من ذلك قد تصل إلى عشرين, ولكنه المهم منها ما هو؟ سبعة أقوال سنشير إليها. وعلى أساسها سوف ندخل إن شاء الله إلى الروايات لنرى في النتيجة ما هو حال الخمس لا خمس أرباح المكاسب من ضمنها أرباح المكاسب.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 891

  • جديد المرئيات