بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قبل الدخول في روايات التحليل وأصناف هذه الروايات, ومضامينها وفقهها وكذلك ما يعارض روايات التحليل, ثمَّ بعد ذلك الدخول في الأقوال التي قيلت في المقام والتفصيلات الموجودة التي هي معركة الآراء بين فقهاء الإمامية منذ عصر الغيبة الصغرى وإلى يومنا هذا, والمسألة بعدُ لم تنتهي ولن تنتهي باعتبار أن النصوص متعارضة جداً ومضامينها لا يمكن الركون فيها إلى رأي واضح وصريحٍ يمكن السكوت عليه وعدم الاعتراض عليه.
قبل بيان ذلك أعزائي وهو بحثٌ يطول الآن الأعزة إذا يريدون أن نبني على الاختصار نحاول أن ننتهي منها بسرعة, وإن كانوا يريدون البحث عن التفصيل فلعله يطول لأشهر ذلك البحث وهو بحث التحليل.
وأتصور أن المسألة تستحق ذلك باعتبار أنها مسألة ابتلائية ومحلّ الأخذ والرد. ولكنّه كما أشرت في البحث السابق, إلى أن مسألة الربا أيضاً من المسائل الابتلائية التي تدخل بشكل مباشر في حياتنا العملية لا أتصور أنّ إنساناً يعيش في هذا العصر وهو غير مبتلٍ بمسألة العلاقة مع البنوك, والبنوك عموماً كما أشرت في البحث السابقة قائمة على أساس ربوي, وإن تعددت العناوين والأساليب.
أنا أشير كم نكتة وإلا البحث التفصيلي يحتاج إلى رسالة مستقلة وإلى بحثٍ مستقل, ولكن حتّى يطلّع الأعزة على مضامين البحث وأن يقفوا على البحث وعنوان البحث ومحل النزاع, نحن عندما نرجع إلى القرآن الكريم, القرآن الكريم يحرم الربا بشكلٍ واضح وصريح, والآيات في ذلك متعددة ومن أهم تلك الآيات ما ورد في سورة البقرة الآية 275 و278, قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أتصور الآية واضحة أولاً في تحريم الربا, وثانياً: في التشديد على ذلك, لأنه في ذيلها: {وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فإذا قبلنا أنّ ذكر الوعيد على الذنب بالخلود في النار يُعد من الكبائر, طيب من الواضح أنه الربا من الكبائر.
وكذلك في قوله 279 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} وأنّا لا أتصور بأنه يوجد تشديد أشد من هذا التشديد والتأكيد على حرمة الربا أن الذين يأخذون الربا فليعلموا أن الله يعلن عليهم الحرب الله ورسوله.
والآيات في ذلك, أما الروايات فأتصور فوق حد الإحصاء لا نحتاج إلى التفصيل فيها.
هذا الآيات لا تتكلم, التفتوا جيداً, لا تتكلم عن أن الربا ربا قرضي أو أن الربا ربا معاوضي أبداً, تقول الربا محرّم أعم من أن يكون قرضاً أو أن يكون معاوضةً.
من هنا عندما نأتي إلى الروايات نجد أن الروايات لا, ليس الأمر كذلك, وإنما ذكرت تفصيلاً, أساساً ما هو الربا؟ لغةً الربا الزيادة, من الواضح أنه ليس مطلق الزيادة محرّمة بلا إشكال وإلا لحرمت كلّ المعاملات لا تبقى عندنا معاملة سليمة من الربا, أساساً لا يوقع الإنسان معاملةً إن لم تكن شخصية لا يوقع الإنسان معاملة أي نحو من أنحاء المعاملة إلاَّ وقصده الزيادة, فإذا كانت الزيادة محرّمة مطلقاً لشملت البيع وباقي أنواع المعاوضات فضلاً عن القرض.
من هنا نجد أنّ الروايات قسّمت المعاملات الربوية إلى قسمين: الربا القرضي والربا المعاملي أو الربا المعاوضي.
أما الربا القرضي فايضاً قسمته, عجيبة هذه الروايات قالت: في الربا القرضي يوجد عندنا ربا حلال وربا حرام, الآن هذا الذي يصدق عليه بالحلال هل هو ربا حقيقة أو لا, لا أريد أن أدخل في التفاصيل فقط أريد أن أعنون البحث للأعزة. تعالوا معنا أعزائي إلى (وسائل الشيعة, ج18, ص160, طبعة مؤسسة آل البيت) هذه هي العبارة, الرواية هذه: الرواية >عن أبي عبد الله الصادق, قال: الربا ربائان: أحدهما ربا حلال والآخر حرام, فأما الحلال< يعني الربا الحلال >فهو أن يقرض الرجل قرضاً طمعاً أن يزيده, ويعوضّه بأكثر مما أخذه بلا شرطٍ بينهما< من الواضح هنا في هذا القرض توجد ماذا؟ توجد زيادة ولكن زيادة مع الشرط أو بلا شرط, ولذا وردت في روايات كثيرة >خير القرض ما جر نفعاً, ما جر منفعة< أصلاً من المستحبات أن الإنسان إذا اقترض شيء بعد أداء القرض أن يعطي زيادة على ذلك. >فإن أعطاه أكثر مما أخذه بلا شرطٍ بينهما فهو مباحٌ له< الآن الرواية تقول >وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه< هذا بحث آخر. وأما الربا الحرام >فهو الرجل يقرض قرضاً ويشترط أن يرد أكثر ممّا أخذه فهو الحرام<. إذن أعزائي في الربا إذا كان بلا شرطٍ في ضمن العقد أو على ما سبق العقد على التفاصيل فهو لا إشكال فيه, أما إذا كان مع الشرط في ضمنه أو قبله وبعده ويقع القرض مبنياً عليه فهو من أوضح مصاديق الربا يعني القدر المتيقن من الربا الذي حرّمه القرآن الكريم والروايات الكثيرة.
أما فيما يتعلق بالمعاملي, التفتوا جيداً إلى هذه القضية, أما فيما يتعلق بالربا المعاوضي في الربا المعاوضي أعزائي كما هو المعلوم عندكم جميعاً أنا أشير إليها حتّى تعرفون بأنَّ هذا الفقه المكتوب عندنا بعض مسائله واقعاً أساساً قادرٌ لحل المسائل أو ليس قادراً على حل المسائل.
أما في الربا المعاوضي فقد ذكروا أن المعاوضة كالبيع, إنَّما يكون ربا إذا توفر فيه شرطان: الشرط الأوّل: اتحاد الجنس, الشرط الثاني: أن يكونا من المكيل أو الموزون, يعني طرفي المعاملة وطرفي المعاوضة إما مكيل وإما موزون, وكلامتهم في ذلك كثيرة جداً أنا لا أحتاج إلى أن أشير إليها.
على هذا الأساس رتبوا نتيجة وهي من أخطر النتائج, قالوا: تعالوا معنا إلى الأوراق النقدية فالأوراق النقدية صحيح متحدة جنساً يعني الدينار العراقي إذا وقع عوضاً ومعوضاً فمن حيث الجنس واحداً حقيقة واحد أصلاً مثلي هذا مثل ذاك ولكن هل الأوراق النقدية والنقود الاعتبارية في زماننا هل تُعد من المكيل أو الموزون أو لا تُعد ذلك؟ لا تُعد ذلك, إذن بدل أن جنابك تدخل في دائرة >درهم ربا أشد من سبعين زنية بذات محرم في البيت الحرام< بدل أن تقول له أقرضتك مائة بمائة وعشرين, >إنَّما يحل الكلام ويحرم الكلام< قل له بعتك مائة أو مائة وعشرين ففيه إشكال أعزائي؟ (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) على المباني, ولذا أفتوا جملة من الفقهاء, قال هروباً من الربا تعالوا كلّ قرض نحوله إلى معاوضة, والقضية الإسلام إذن حل المشكلة, حل مشكلة الربا كيف حل مشكلة الربا؟ أنتم قولوا كيف حلّها؟ بدل اللفظ وانتهت القضية.
أنا ما أتصور أن عاقلاً يحترم عقله أنتم تعلمون بأنَّ حرمة الربا لا لآثاره في عالم الآخرة, حرمة الربا مرتبطة بالآثار المدمّرة في حياة ماذا؟ من قبيل مسألة الزنا, مسألة الزنا تحريمها بين في الروايات أن الحياة الاجتماعية والحياة الأسرية تستقر أو لا تستقر؟ أصلاً ينتهي البناء الأولي للمجتمع. من قبيل تحريم الخيانة, تحريم الخيانة لا أنه والله فيه نار جهنم, أساساً مجتمع قائم على أساس الخيانة يمكن أن يعيش فيه الإنسان أو لا يمكن؟ حتّى المجتمع الحيواني يحتاج إلى أن يكون قائم لا على الخيانة.
هؤلاء الأعلام بشكل واضح وصريح صرحوا في كتبهم أنه لا محذور في أن نحول القرض الربوي البنوك إذا أرادت أن تخرج من الوضع الربوي إلى الوضع الإسلامي فالبنوك الأخرى تقول: اقرضتك مائة بمائة وعشرين نحن نجعله إسلامي ماذا نفعل؟ بعتك مائة بمائة وعشرين, فقط تغيير اللفظ. تقول لي ممكن هذا؟ أقول: نعم, هذه أمامكم الآن (منهاج الصالحين للسيد الخوئي, ج2, ص54- 55, رقم المسألة 220) يقول: [الأوراق النقدية, لما لم تكن من المكيل والموزون لا يجري فيها الربا, فيجوز التفاضل في البيع بها] يعني تعطي مائة تقول بعتك مائة دينار لمدة شهر بمائة وعشرين إذا قلت أقرضتك فيصير درهمٌ بسبعين زنية, إذا بعتك يصير إسلامي وثواب أيضاً فيه, قال: [نعم] كلّ ما في الأمر [حتّى يتميز الثمن عن المثمن] لأن الثمن والمثمن هنا في المعاملات التي أوراق نقدية هذه مثليات لابدَّ أن يتميز الثمن عن المثمن, السيد الخوئي يقول: [حتّى يتميزا فلابدَّ أن يكون أحدهما بعملة والآخر بعملة أخرى, فلا تبع مائة دينار بمائة وعشرة دنانير بل بع مائة دولار بمائة وخمسين دينار أو بألف دينار مثلاً] لأن العبارة صريحة, يقول: [لكن إذا لم تكن المعاملة كذا فلابدَّ من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي, ولا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة].
من هنا تلامذته أشكلوا عليه, قالوا: سيدنا إذا كان عدم الجواز ناشئاً من المثلية في الثمن والمثمن يكفي أن نوجد أي تغاير بين الثمن والمثمن لا يشترط أحدهما أن يكون كويتي والآخر عراقي.
ولذا الشيخ الفياض في تعليقته على منهاج الصالحين, ج2, ص195) هذه عبارته, يقول: [الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل والموزون لا يجري فيها الربا فيجوز التفاضل في البيع بها] ثمَّ يقول: [لكن لما كان لابدَّ من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي أو بالريال الإيراني] هذه نص عبارات منهاج الصالحين للسيد الخوئي [وهل يجوز بيع كلّ عملةٍ بمثلها في الذمة كبيع الدينار العراقي بمثله] بدينار عراقي, بدل أن تقول له اقرضت تقول له بعت, [والدنيار .. ] إلى آخره, [وهكذا لكي يتخلص من محذور القرض الربوي أو لا والجواب أن هناك نظريتين: الأولى: أن الأوراق النقدية التي لا تمثل ذهباً ولا فضة ولا تدخل في المكيل والموزون فبدلاً أن يقرض مائة دينار بمائة وعشرين دينار إلى شهرين مثلاً فيكون قرضاً ربوياً, يبيع مائة دينار بمائة وعشرين دينار مؤجل إلى شهرين, فإنَّ قلت: نحتاج إلى أن يتميز الثمن عن المثمن] كما ذكر سيدنا الأستاذ السيد الخوئي [والثمن هنا وإن زاد على المثمن مع وحدة الجنس] يعني لم يتميز الثمن عن المثمن [ولكن ذاك لا يحقق الربا المحرم في البيع ما لم يكن العوضان والدينار الورقي فبالإمكان التوصل بهذا الطريق إلى نتيجة القرض الربوي عن طريق البيع من دون محذور الربا] وبعبارةٍ أخرى: نلتفت على التشريع, الله سبحانه وتعالى قال بأنه مثل ما فعلوا بيوم السبت مثلاً, قال لا تصيدون يوم السبت قالوا طيب ما نصيد يوم السبت, هنا الله قال لهم الربا حرام قال جيد جداً, طيب نحن أيضاً نلتف على الربا نحقق نفس حقيقة الربا ولكن بتغيير ماذا؟ بتغيير اللفظ.
ولذا بعد ذلك يقول: [الثاني] هذه النظرية الثانية التي لا يناقشها ويرتضيها [الثانية: أن ذلك وإن كان بيع صورةً إلاَّ أنه في الواقع قرضٌ ربوي] هذه النظرية التي يذهب إليها السيد محمد باقر الصدر, يقول: المشكلة التفتوا, المشكلة ليس في تغيير الألفاظ المشكلة في الآثار الاجتماعية المدمّرة المترتبة على حقيقة الربا, ومن هنا يذهب إلى تحليل أنه أساساً إنَّما حرم الربا في القرض لأجل ماذا؟ لا تقول لي سيدنا هذا علل استنباطية, يقول هذه ليست قضايا غيبية هذه قضايا مرتبطة بعالم المجتمعات وإدارة المجتمعات, ما أدري واضحة القضية.
انظروا عندما نكون حرفيين ونتعامل مع النصوص النتائج ماذا تصير؟ الآن بينك وبين الله أعطيه لأي اقتصادي لأي إنسان يعرف آثار الربا المدمّر في المجتمعات واحدة من أهم الآثار التي أدت إلى هذه المسائل في الاقتصاد الغربي واحدة من أسبابها الربا, وهم يصرّحون بها, فنقول لهم: أنتم ايها المجتمع الغربي لا مشكلة عندكم صيروا إسلاميين وحلوا هذه القضية, يقولون كيف نصير إسلاميين؟ يقول بدل اللفظ قل بدل أقرضت قل بعتُ تنتهي المشكلة, والأمر إليكم أنا ما أريد أن أحكم. طبعاً كلّ الفقهاء إلاَّ من استثني, كلهم أجازوا هذا. هذه أنا فقط ذكرتها للأعزة.
أما في الربا, الآن دعونا من المعاوضي له بحث خاص به الآن ما أريد أن أدخل فيه. تعالوا معنا إلى الربا.
أعزائي الروايات القدر المتيقن قلنا الربا القرضي الذي مع الشرط حرامٌ جزماً ما فيه شك هذا, يعني قدر متيقن هذا, سؤال: الشارع عندما قال: إذا كان القرض جرّ نفعاً بشرطٍ, التفتوا جيداً إلى المطلق هو الربا المحرّم ما مراده من الزيادة في القرض التي تحقق الربا, في النتيجة لابدَّ توجد زيادة, ما مقصوده أي زيادة؟ هنا يوجد احتمالان, إما أن يكون مقصوده من الزيادة يعني الزيادة العددية, يعني: تعطي مائة أي مائة كانت, قرضاً درهم دينار ريال ما أدري بوند دولار أياً كان لا فرق, فتأخذ مقابله كم؟ مائة وعشرين, فالمقصود هي الزيادة هي ماذا؟ العددية, وإما أن يراد من الزيادة لا الزيادة العددية, وإنما المراد من الزيادة الزيادة في المال والماليّة والقوة الشرائية, هنا الشارع عندما قال الربا في القرض حرامٌ مراده من الربا الزيادة العددية أو مراده من الربا الزيادة في المالية أي منهما؟
نحن نعتقد أنّ المراد من الزيادة هي الزيادة في الماليّة لا الزيادة العدديّة, يعني: دعوني أبين المثال, يعني إذا أعطيت مائة قرضاً وشرطّت أن يُعطى لك مائة وعشرين بعد سنة شرطاً فإذا قلنا أنّ الزيادة العددية تؤدي إلى الحرام فهذه العشرين رباً حرام جزماً, أما إذا قلنا أن المراد من الزيادة لا الزيادة العددية وإنما الزيادة في المالية والقدرة الشرائية, فهنا بعد سنة إذا كانت المائة وعشرين واقعها قيمتها ماليتها تعادل ماذا؟ تعادل المائة, كما بناءً على التضخم, أليس هكذا يعني القوة الشرائية, إذن أنت بعد سنة عندما تأخذ مائة وعشرين أخذت زيادة أو لم تأخذ زيادة؟ لم تأخذ زيادة, فأنت لابدَّ في الرتبة السابقة, طبعاً هذه المسألة لم تُطرح في كلمات السابقين هذه بدأت تُطرح في العشرين ثلاثين بل خمسين سنة الأخيرة, لماذا؟ باعتبار أن ظاهرة التضخم لم تكن واضحة المعالم في العُملات النقدية, هذه في الخمسين سنة الأخيرة هذه ظاهرة التضخم بدأت واضحة وأنا أتصور أن الأعزة الكل يعيشها وفي كلّ المجتمعات يكون في علمك لا تتصور فقط في مجتمعنا, نعم تختلف الدرجات في مجتمع قد يكون التضخم مائة في المائة في مجتمع آخر قد يكون التضخم عشرة في المائة عشرين في المائة ولكنه في جميع المجتمعات بدأ التضخم يسري إليها لا يوجد مجتمع لا يوجد فيه تضخم ولكن درجات التضخم تختلف.
من هنا أنت جنابك في الرتبة السابقة عندما تريد أن تستنبط وتقول, أتكلم في القرض لا في المعاملة في المعاملة له بحث آخر, الآن ما أريد أن أدخل فيه, أتكلم في القرض, جنابك عندما تقرض أحداً مالاً وتشترط عليه زيادةً عدديةً فهل هذا ربا أو ليس ربا؟ الجواب: كفقيه, إما أن تقول أن الربا هي الزيادة العددية, وإما أن تقول أن الربا هي الزيادة المالية, نحن نقول أن المراد من الربا الزيادة هي الزيادة المالية, لقرينتين -بنحو الإجمال أقول فتاوى هذه لا استدلال-:
القرينة الأولى: أنّه إذا زاد العدد ولكن لم تزد القيمة والمالية هل يعد أنك منتفع ورابح أو لا يعد ذلك؟ أنت ربحت شيء إذا أخذت بعد سنة مائة وعشرين لكن القيمة الشرائية واحدة أنت ربحت شيئاً أو لم تربح؟ والروايات قالت: >جر نفعاً< وهذه فيه نفع أو لا؟ لا, لأنه مال آخذه, إذن هو نفع أو ليس نفع؟ ليس بنفع, ربح أو ليس بربح؟ ليس بربح, متى يكون النفع والربح؟ أن ماليتي تزداد لا عدد وأرقام نقودي تزداد.
ولذا أنتم الآن تجدون في المجتمعات التفتوا جيداً, في جملة من المجتمعات بدأت هذه والآن بدأت في العراق أيضاً هذه الظاهرة لعلها ستقع, وهو أنه بدؤوا يرفعون ثلاث أربعة نقاط من أمام العملة في تركيا هذا حدث, في العراق الآن بصدد إجراء هذا, وإيران أيضاً الآن بصدد إجراء هذا وهو أن ترفع أربع نقاط من ماذا؟ لماذا؟ باعتبار أن التومان أو الدينار العراقي أو الليرة التركية, عندما وضعت كانت لها قيمة ومالية معينة, الآن تضآلت عددها؟ لا لا, ازداد عددها, ولكن الوحدة النقدية تضآلت قيمتها, إذن المدار على العدد أو على القيمة؟ أنت لعله قبل عشرين سنة كنت طالب في الحوزة كلّ راتبك ما يتجاوز أربعة خمسة آلاف تومان, ولكن لعله قدرتك الشرائية كانت أقوى من الآن الذي تأخذ كم؟ خمسمائة ألف تومان, أو ثلاثمائة ألف تومان, مع أنه من حيث العدد هذا ستين ضعف ذاك العدد ولكن من حيث القوة الشرائية أضعف, الآن البرميل النفط الواحد قيمته تعادل فعلاً كم يباع مائة إلى مائة وعشرة دولار, كونوا على ثقة هذا قيمته أقل من قيمة السبعينات, والآن أنتم اقرؤوا التقارير الاقتصادية إذا لم تتابعوها تابعوها, لماذا؟ لأن الدولار فقد قيمته من أربعين سنة إلى يومنا هذا أكثر من خمسة عشر ضعف, صحيح العدد ما هو؟ كبير وصاعد ولكن القيمة ماذا؟ نازلة.
إذن القرينة الأولى: قرينة النفع, قرينة الربح, وهذه الزيادة في العدد ربح ونفع أو ليست كذلك في الواقع التضخمي؟ ليست كذلك.
الثاني: وهي القرينة القرآنية, {لا تظلمون ولا تظلمون} أنا لا أظلم بلحاظ ماذا؟ بلحاظ العدد لا أظلم أو بلحاظ القيمة لا أظلم أي منهما؟ أيوجد إنسان يعرف الحياة الاقتصادية ودور الأموال والأوراق النقدية يستطيع أن يقول بلحاظ العدد, وإلا لو كان بلحاظ العدد هكذا لكان مثلاً على سبيل المثال عشرة آلاف ريال إيراني أكثر من دولار عدداً أيهما أكبر عشرة آلاف أو واحد, عشرة آلاف ريال أكثر أم دولار واحد أكثر؟ أيهما أكثر؟ (كلام أحد الحضور) نعم, عشرة آلاف, يعني الآن جنباك لو عندك دولار أعطيك أنا ألف تومان تعطيه لي أو ما تعطيه؟ لا, تقول هذا قيمته ألف وأربعمائة, إذن المدار على العدد أو المدار على ماذا؟ على القيمة.
إذن أعزائي لقرينتين, إذن نحن عندما قلنا, نتكلم في القرض ما نتكلم في المعاملة ذاك له حساب آخر, أنا بحثي كان في القرض إذا أعطيتك مائة وشرطت عليك عشرين في المائة ثلاثين في المائة بحسب التضخم هذا لا فقط أنه جائز أساساً هذا لا علاقة له بالربا لأن الربا مرتبط بزيادة المال وأنا زاد مالي بهذه العشرين الإضافية أو لم يزد مالي؟ لم يزد مالي.
إذن فتحصل أعزائي: هذه القضية, ابحثوها جيداً, وادخلوا في تحقيقها جيداً, طلبة الآن أنتم أهل شغل فاشتغلوا, الآن اشتغلوا لا تقضون أوقاتكم في >لا تعاد الصلاة< والله أنا أقسم الآن أنه لو أردنا أن نجمع الرسائل المكتوبة في >لا تعاد< تصير خمسة وخمسين مجلد, ما هو, ما أريد أن أقول فيها فائدة, لكنه ما هو تأثيره في حياتنا؟ في النتيجة وحقك أنت أيضاً كطلبة عندما تشك في صلاتك مباشرة تقطعها وتعيدها انتهت القضية, تقول الآن على ماذا, الآن أنا بيني وبين الله أأتي خمس قواعد وألصق هذه بهذه و.. دعني أقم صلاة جيدة لله سبحانه وتعالى… هذه القواعد فقط لاشغال أوقاتنا في حوزاتنا العلمية الله يعلم, هذه شكوك الصلاة بينكم وبين الله من من الأعزة الذي كتبوا في الرسالة العملية أنه يجب تعلم شكوك ماذا؟ نحن قلنا لا يجب, نحن لا عندنا يجب ولا كذا من حقه أن يقطع الصلاة ويعيدها مرةً أخرى, كما في الطواف قلنا هكذا, قبل الرابعة ما أدري ماذا, قبل الثالثة ما أدري ماذا؟ وحقك الفقيه هو أيضاً ما يستطيع أن يرتبها هناك, الآن هذا المسكين أنت تقول له قبل الثالثة لابدَّ أن تمشي معه فقيه أعلم حتّى يقولوه بالثالثة أو بالرابعة قبل النصف الأوّل أو قبل, تشقق له سبعة عشر شق عند ذلك يجيبك إذا تذكر وإذا ما تذكر يقول والله أنا أفتيت بها بالرسالة العملية ما أتذكرها الآن, كما ينقل عن السيد محسن الحكيم&, سألوه في كربلاء عن مسألةٍ جائز أو ليس بجائز, قال والله ما أدري, قالوا سيدنا, قال والله في الرسالة ماذا كتبك ما أدري ولكن أدري كاتب المسألة, راجعوها.
إذن أعزائي تعالوا ابحثوا ما ينفع الناس, إذا أردنا أن يكون فقهننا نافع للناس ابحثوا هذه المسائل, هذا تمام الكلام في هذه المسألة, انتهينا أعزائي.
أما روايات التحليل.
أعزائي روايات التحليل كثيرة, من الآن ندخل في البحث حتّى بكرة ما أأتي وأقول عندنا تكملة, روايات التحليل كثيرة جداً تتجاوز لعله عشرين رواية, ومن هنا ادعي تواترها إجمالاً لا يستطيع أحدٌ أن يشك أنه ورد هناك تحليل للخمس, من هنا وقع الكلام بين الأعلام في مفردتين:
أولاً: ما هو المراد من التحليل؟
ثانياً: ما هو متعلق هذا التحليل؟ تحليل ماذا؟ كلّ الخمس؟ طيب جزاك الله خير خلصنا, بعض الخمس؟ بعض مصاديق الخمس؟ إذن لابدَّ أولاً: أن نبحث الروايات الواردة, ومعارضاتها, وبعد ذلك ندخل أولاً: في بيان المراد من التحليل, لأنه هذا التحليل هل هو تحليل إباحي تحليل مالكي كم احتمال الأعلام, لأنهم بيني وبين الله, طبعاً كلّ شيء هذه لم تكن واردة ماذا؟ في الروايات, هذه تحليلات العقل الفلسفي في البحث الفقهي, هذا الذي أنا مراراً ذكرته أن علماء الشيعة حذفوا الأبحاث العقلية والفلسفية في الحوزات العلمية والعقل يحتاج إلى غذاء يحلل ويفكر فأوردوا ذلك أين؟ في الفقه والأصول, وإلا احتمالات خمسة ذكروا في هذه الإباحة, أي إباحة هذا التحليل أي تحليل هذا؟ تحليل مالكي تحليل إباحة تحليل تصرف تحليل ماذا هذا؟ ثمَّ الخمس أي خمس؟ وهذا إن شاء الله من غد نبدأ فيه.
والحمد لله رب العالمين.