بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
كان الكلام في المواقف التي اتخذها فقهائنا من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين إزاء نصوص وروايات تحليل الخمس. قلنا:
الموقف الأوّل: هو الموقف الذي أنكر أثر هذه الروايات لسببٍ من الأسباب, إما لكونها شاذة, أو لكونها مخالفة للمجمع عليه بين الأصحاب, أو لكونها معرضٌ عنها, أو لأي سبب آخر, المهم قال: أنه لا نعتني بنصوص التحليل, ولا أثر لها.
قلنا: بأنه يمكن لتوجيه هذا الموقف نذكر وجهين:
الوجه الأوّل -الذي أشار إليه صاحب الحدائق وأشرنا إليه بالأمس- وهو: أن هؤلاء أن الأئمة الذين صدر منهم هذا التحليل, أساساً ليس من صلاحياتهم هذا التحليل, لأنه لا يملكون هذا التحليل حتّى يحللون.
الوجه الثاني -الذي أشرنا إليه- وهو أنه يقوم على مقدمتين: أن أخبار التحليل أخبار آحاد, المقدمة الأولى.
المقدمة الثانية: أن الخبر الواحد ليس حجة في الموضوعات, ومقامنا في التحليل في المالكي لا في التحليل الحكمي, وهذا ما أشرنا إليه بشكل واضح في الدرس السابق.
أما الوجه الأوّل فهل هو صحيح أو غير صحيح؟ فيما يتعلق بالوجه الأوّل, يوجد جوابان عن الوجه الأوّل:
الجواب الأوّل: هو أن يقال: بأنه ما مقصود هؤلاء الذين يقولون أنّه لا يملكوا التحليل, إن كان مقصودهم السلب الكلي, السالبة الكلية, يعني أساساً لا يملكون مطلقا, فهذا خلاف نص القرآن الكريم أن الأئمة وإن كانوا لا يملكون كلّ الخمس ولكن لهم نصيبٌ من الخمس, ولهم سهمٌ من ذلك, وهذا مما لم يختلف فيه أحد, ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو للأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وهذه نصوص روايات صحيحة. فإنَّ كان مقصوده سلب المالكية بنحو السالبة الكلية, فهذا خلاف النص القرآن أولاً, والروايات الصحيحة السند التي أثبتت أن لهم الحق, الآن بغض النظر أنه حق شخصي حق مقام الإمام أ أي تعبير شئتم, النتيجة: أنه لهم سهمٌ من هذا. فإنَّ كان مراد هذا الوجه والقائل بهذا الموقف السلب الكلي والسالبة الكلية فهو واضح البطلان.
وإن كان, التفتوا جيداً, وإن كان مراده من ذلك لا إثبات السلب الكلي, ولكن نفي الموجبة الكلية, يعني ماذا؟ لأن هناك موقف آخر سيأتي بعد ذلك يقول: ثبوت التحليل مطلقا, يعني: إثبات الموجبة الكلية, أن كلّ شيء كلّ خمس وفيء فهو محللٌ في عصر الغيبة الكبرى, فهو ليس بصدد إثبات السالبة الكلية, وإنما بصدد نفي الموجبة الكلية. يعني القول بالتحليل مطلقاً باطل, طيب هذا كلامٌ صحيح ولكن لا يثبت السلب الكلي, لان نفي الموجبة الكلية يتم من خلال السالبة الجزئية, ولا حاجة لإثبات السالبة الكلية, السالبة الجزئية أيضاً كافية.
إذن الوجه الأوّل هو: أنه صاحب هذا الوجه إن كان مراده, إثبات السالبة الكلية فهو خلاف النص القرآني والروايات الصحيحة. وإن كان مراده نفي الموجبة الكلية فهو لا يثبت السالبة الكلية لأن الموجبة الكلية يكفي في نفيها السالبة الجزئية, هذا هو الوجه الأوّل. أو الجواب الأوّل عن الوجه الأوّل.
الجواب الثاني: وهو الجواب الفني في عقيدتي وهو: أن يقال من قال لكم: أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لا يملكون, لا, يملكون كلّ هذا الحق ولهم الحق كاملاً, لأن المستشكل كان يقول, كيف يحلل من لا يملك؟ الجواب: لا, الأئمة ماذا؟ يملكون, وملكاً اعتبارياً أيضاً, لأنه تارةً نتكلم أعزائي عن الملك التكويني, له بحث آخر من وساطة الفيض والولاية التكوينية, له حديث آخر الآن ليس بحثنا هذا, وإنما نتكلم في عالم الملكيات الاعتبارية, وذلك: بالاستناد إلى قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} ومن الواضح أن هذا المقام مقام الأولوية ثابتٌ لأمير المؤمنين وبعد ذلك ثابت لباقي الأئمة, هذه بحسب المباني الكلامية الثابتة في محلها. فإذا ثبت لهم مقام الأولوية صحيح أن هذا الإنسان مالكٌ, ولكن النبي’ أولى بالتصرف منه في ما يملك. وهكذا باقي الأئمة.
نعم, هناك بحث آخر وهو أنه أعملوا هذا أو لم يعملوا ذاك مقام الوقوع الآن مقام الدليل, أنه لهم هذه الصلاحية أو لا.
وهنا واقعاً يوجد اختلاف بين جملة من فقهائنا أنهم لهم هذه الصلاحية أو ليست لهم هذه الصلاحية, طبعاً ليس فقط في الأموال, في الأموال والأنفس والأزواج وفي كلّ ما يملكون, كلّ ما يملكونه يعني كلما سلط عليه الإنسان, في النتيجة الإنسان مسلطون على أنفسهم مسلطون على أموالهم مسلطون على أولادهم مسلطون على أزواجهم وهكذا, أليس كذلك, في كلّ ما أعطيت له صلاحية الحق والملك والتصرف فالنبي أولى به. إذا أعمل تصرفاً وأراد النبي شيئاً فالمقدم ماذا؟ النبي, الإمام المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام). وهناك روايات كثيرة في هذا المجال أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لا أنهم يملكون هذا الخمس أو هذا الفيء أو هذه الأنفال أو … إلى غير ذلك وإنما يملكون جميع الأرض كلّ ما في الأرض الأرض وما فيها فهي ملك لهم, التفتوا جيداً هذا ليس الملك التكويني, ذاك بحث آخر, نتكلم في الملك الاعتباري.
النصوص في ذلك كثيرة جداً, أنا أشير إلى نصين من هذه النصوص:
النص الأوّل: وهي رواية معتبرة السند أشرنا إليها سابقاً تفصيلاً ولكن أشير إليها الآن إجمالاً وهي ما وردت في (الأصول من الكافي, طبعة مركز بحوث دار الحديث, ج2, ص350, رقم الرواية 1074 بحسب التسلسل) والإخوة إذا يريدون أن يراجعون الكتاب بنسخ أخرى (كتاب الحجة, باب أن الأرض كلها للإمام) الرواية هذه: >رأيت مسمعا بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبد الله× تلك السنة مالا فرده أبو عبد الله× فقلت له : لم رد عليك أبي عبد الله المال الذي حملته إليه؟ قال: فقال لي: إني قلت له حين حملت إليه المال: إني كنت وليت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئتك بخمسها بثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك وأن أعرض لها وهي حقك الذي جعله الله تبارك وتعالى في أموالنا، فقال×< التفتوا إلى جواب الإمام الذي الآن الرواية قلنا معتبرة صحيحة السند الذي جاء بالخمس الإمام انظروا ماذا يريد أن ينبه فقط, قال: >فقال: أو ما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلا الخمس< أنت تتصور أنه الأرض وما أخرج منها فقط لنا ماذا؟ على نحو الاستفهام >يا أبا سيّار إن الأرض كلها لنا< القضية ليست قضية أنه, نعم بحسابٍ كلها لنا, بحسابٍ آخر لابدَّ أن نجمع بين كلها لنا ماذا, وأن لنا الخمس ماذا؟ ما هو, كيف الجمع بينهما, >فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا< الأرض وما فيها ومن عليها كلها ملكٌ لنا, >فقلت< السائل يقول: >فقلت له: وأنا أحمل إليك المال كله< إذا هكذا يا ابن رسول الله طيب أنا مسلّم كله أحمله إليك >فقال: يا أبا سيار قد طيبناه لك وأحللناك منه فضم إليك مالك، وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون حتّى< يأتي الإمام× >فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم<. هذه رواية.
الرواية الثانية: وهي رواية قيمة وإن كان في السند ما فيه ولكنه لا قيمة للبحث السندي في هذه الروايات باعتبار أنها إما متواترة أو لا أقل مستفيضة, يعني جمع القرائن عزيزي نحن كثيراً ما نعتني بأنَّ السند صحيح أو ليس بصحيح, الرواية الثانية واردة في (ص355, من نفس الباب) الرواية: > لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئا< أصحاب الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) >وكان لا يغب إتيانه، ثم انقطع عنه وخالفه< وقع الاختلاف بين أصحاب الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) الآن انظروا منشأ الاختلاف >وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام< أو هُشام أحد تلامذته >ووقع بينه< بين أحد رجال هشام وبين أبن أبي عمير >ووقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاةٍ في شيء من الإمامة< وقع بحث وجدالٌ وطرح مسألة في الإمام >قال ابن أبي عمير: الدنيا كلها للإمام× على جهة الملك< كلها مملوكة للإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) >وأنه أولى بها من الذين هي في أيديهم< ولعله هذا الفقيه محمد ابن أبي عمير يشير إلى ماذا؟ يشير إلى الآيات في سورة الأحزاب {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} >وأنه أولى بها من الذين هي في أيديهم, وقال أبو مالك< الآن تلميذ هشام ماذا قال؟ >وقال أبو مالك ليس كذلك< إذن وقع الاختلاف بين من؟ بين هذين في هذه المسألة, هؤلاء الذين الآن يتصورون بأنَّ هذه مسائل الإمامة بهذا المعنى الذي نطرحه هذه بلي, الشيخ الطوسي طرحها المفيد طرحها ما أدري المجلسي طرحها الصفوية طرحوها, مجموعة من الجهلة والعوام لا يعلمون هذه المسائل, هذه المسائل مطروحة في زمن الإمام الباقر وزمن تلامذة الأئمة أصلاً كانوا يتباحثون فيما بينهم أنه مسائل صلاحيات الإمام في أي درجة من الدرجات, الآن يأتي بعض أنصاف واقعاً أصناف أهل العلم أو أنصاف الجهلة مجموعة من الجهلة ليس أكثر من ذلك أنه هذه النظريات المتكلمين المتأخرين هذه أساساً أهل البيت لم يعرضوا لها, الآن هذا البحث انظروا تتمة الرواية, يقول: >ليس الأمر كذلك أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للإمام من الفيء والخمس والمغنم فذلك له< هذا القدر وإلا لا يملك, هذا يكشف لك أنه الملك الذي يقوله ابن أبي عمير ليس الملك التكويني وإنما الملك الاعتباري, الملك الذي هو محل الكلام, >وذلك أيضا قد بين الله للإمام أين يضعه< حتّى ذاك الذي أعطاه للإمام, الإمام ليس حر التصرف فيه وإنما أيضاً بين له مواضع الصرف, >وكيف يصنع به< ووقع الاختلاف >فتراضيا بهشام بن الحكم< أنه من يقول نحن نقبل, يقول: >و صارا إليه، فحكم هشام لأبي مالك على ابن أبي عمير فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاماً بعد ذلك< هذه المسألة صارت منشأ لوقوع الخصام فيما بين العلمين. على أي الأحوال, جيد.
سؤال: هذه الرواية وهي ليست رواية وروايتين أعزائي كما قلت, بتعبير أحد الأعلام المعاصرين في كتابه (الخمس, ص22) هذه عبارته, يقول: [لا يخفى أن ما ورد في روايات مستفيضة, بل متواترة إجمالاً من كون الدنيا وما فيها لله ولرسوله وللأئمة] هذه مجموعة من الروايات [أو كون الأرض كلّها لهم أيضاً..] إلى آخره.
هذا البحث أعزائي الإخوة الذين يريدون أن يراجعوا, يراجعوه لعله جيد بحثه بمقدار وإن كان يحتاج إلى تتمة وهو ما أشار إليه الفقيه الهمداني في (ج14, ص6) قال: [وينبغي قبل الخوض في المقصد التنبيه على أمرٍ وهو أنه يظهر من جملة من الأخبار أن الدنيا بأسرها ملكٌ لرسول الله وأوصيائه (عليه وعليهم السلام) ولهم التصرف فيها بما يريدون من الأخذ والعطاء منها, ومنها, ومنها, ومنها .. ] لا أقل ينقل سبع ثمان روايات هنا, في مختلف الأبواب وبمختلف المضامين ولذا بحث قيم في نفسه.
من هنا أعزائي أريد أن أبين جملة واحدة وهي: أنه هذا الذي نحن مراراً ذكرناه وقلناه من أن البحث الفقهي لا يمكن أن ينفصل عن البحث الكلامي, أولئك الذين ذهبوا بذاك الاتجاه الآخر أنه لا, لأن البحث العقدي لم يكن واقفين عليه, وإلا لو يدخلون إلى البحث العقدي كما في البحث الفقهي تجدهم أنهم من روايةٍ واحدة كرواية الاستصحاب أو >لا تنقض اليقين بالشك< هكذا أبحاث اطمأنوا لأخرجوا أضعاف هذه الأبحاث من تلك الروايات, ولكن لم يقفوا عليها, جيد.
الفقيه الهمداني في (ص8) يوجد عنده إشكال, يقول: [ولكن قد يقال: بأنه كيف يمكن اجتماع ملكين على مملوكٍ واحد في عرضٍ واحد] هذا مالك وذاك ماذا؟ طبعاً ما أريد أن أتكلم بلغة الامتناع العقلي لا لا ليس البحث في الامتناع العقلي, ولكن في النتيجة المالك له ملكية تامة فلا معنى لأن توجد ملكية تعارضه, هنا يقول: [ولكن قد يقال: بعدم إمكان الالتزام بهذا الظاهر] أي ظاهر؟ ظاهر الروايات التي أعطت الملكية لمن؟ للإمام أيضاً, [فإنه كاد أن يكون مخالفاً للضرورة أولاً, ولم ينقل عن أحد من الأصحاب التعبد بهذا الظاهر ثانياً] ثمَّ بعد ذلك يقول, [ولكنك خبيرٌ] بأنَّ هذه الملكية ليست ملكية عرضية وإنما ملكية طويلة, يقول لو كان ملك الإمام للأرض في عرض ملك الآخرين لوقع التنافي, ولكن الملكية ملكية ماذا؟ ملكية طولية, يعني: أنّ ملك الناس في طول ملك من؟ في طول ملك الإمام وليس بالعكس, ملك الناس في طول ملك الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام), فإذا كان الأمر كذلك, وهذا هو معنى الأولوية وهو معنى الأحقية, ويضرب مثال وهو من الأمثلة الجيدة, تعرفون أن هذا المثال في محله مبحوث عنه وهو أن العبد يملك أو لا يملك؟ العبد يملك أو لا يملك؟ بحث يقول لا يملك, لكن الأعلام الآخرين ماذا يقولون؟ يقولون يملك, ولكن يملك في ملك من؟ في ملك مولاه, فهذا العبد هذا المال ينسب إلى العبد ولكنه يُنسب إلى المولى بالأولوية لأنه هو وما يملك ملك من؟ ملك اعتباري ملك من؟ ملك المولى.
وهذا نفسه أيضاً أعزائي بالنسبة إلى الأب والابن أو الأب ومن له الرجل وما له الولاية عليه, من له الولاية علي له حق التصرف أو ليس له حق التصرف؟ نعم, له حق التصرف, ولكن إذا أراد من له الولاية شيئاً آخر من يقدم؟ من له حق الولاية. ما أدري واضح هذا المعنى, ولذا يقول: [والجواب: أنه هذا من قبيل], [فقضية التعبد بظاهر هذه الروايات هو الالتزام بأنَّ حال سائر الناس بالنسبة إلى ما بأيديهم من أموالهم بالمقايسة إلى النبي وأوصيائه حال العبد الذي وهبه مولاه شيئاً, من أمواله] مثال تنظير لا أنه نريد أن نقول أن الناس عبيد ماذا؟ الحكم الفقهي لا ليس ذاك الذي نقوله, [مولاه شيئاً من أمواله ورخصه أن يتصرف فيه كيف يشاء فذلك الشيء يصير ملكاً للعبد حقيقة بناء على أن العبد يملك ولكن لا على وجهٍ ينقطع علاقته عن السيّد والمولى فإنَّ مال العبد لا يزيد عن رقبته] رقبته هي مملوكة فما بالك بماله [فهو مع ما له من المال ملكٌ لسيده ومتى شاء سيده أن ينتزع منه ماله جاز ذلك فيصح إضافة المال إلى سيده بل سيده أحق به من نفسه وأولى بإضافة المال إليه فمن الجائز أن يكون ما في أيدي الناس بالإضافة إلى ساداتهم] وهو النبي والأئمة [كذلك فإنَّ الدنيا وما فيها] يدخل في بحث, ويقول أنه أساساً إنَّما لم يلتزم ابن أبي عمير لأنه هو فهم أن هشام لم يلتفت تصور أن الملكية ملكية عرضية فاعترض ولكن ابن أبي عمير أجل من أن يقول بالملكية العرضية. وهذا مبنىً قويم وسليم ونحن نؤمن به بل ونفتي على أساسه وكل مشكلة ما عندنا.
إذن الجواب الثاني عن الوجه الأوّل ما هو؟ الجواب: من قال لكم أنه لا يملكون, لعله لمصالح هو أعرف بها, طبعاً إذا تم الدليل وليس بتامٍ ولكن لو تم أنه أراد أن يحلل كلّ الخمس حتّى ما لا يملكه, فإنه له مثل هذا الحق, أتكلم في الكبرى لا في الصغرى أنه صدر منه أو لا, نحن في اعتقادنا لم يصدر ولكنه بعد ذلك لابدَّ أن نبحث.
إذن هذا الوجه باطلٌ لهذين الجوابين.
الوجه الثاني: فيما يتعلق بالوجه الثاني أعزائي قلنا أن الوجه الثاني يقوم على أساس مقدمتين:
المقدمة الأولى: أن هذه أخبار آحاد.
المقدمة الثانية: أن أخبار الآحاد ليست حجة في الأمور أو في الموضوعات.
أما المقدمة الأولى: هل هي أخبار آحاد أو ليست أخبار آحاد, التفتوا جيداً إلى هذه القضية أعزائي.
هذه القضية أيضاً أنا أحاول أي مسألة أطرحها أحاول أن أعطي لها قاعدة ضابطة حتّى يتضح أن القضية ليست مرتبطة هنا, أنت في كثير من الموارد تستطيع أن تطبق هذا الأصل وهذه القاعدة.
أعزائي أنها أخبار آحاد أو ليست أخبار آحاد مبني على مسلكين ومنهجين رجاليين:
المنهج الأوّل: هو المنهج السندي, يقول نحن عندما نأتي إلى هذه الروايات صحيح بلغت عشرين رواية ثلاثين رواية, خمسين رواية سبعين رواية مائة رواية لا تهمنا شيئاً, نحن ندور مدار أن الروايات صحيحة أو غير صحيحة, فإذا كانت الروايات الصحيحة بحسب الاصطلاح من الصحة, فإذا كانت الروايات صحيحة, وأورثت القطع وأورثت الاطمئنان فهي ليست أخبار آحاد, أما إذا لم تكن مورثة للقطع فتبقى أخبار آحاد, تقول لنا مائة رواية, أقول فلتكن مائة رواية, لا يهمنا هذا شيئاً.
وهذا هو المنهج الذي أسس له نظرياً سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي, وتابعه بعض تلامذته, يكون في علمكم, كالسيد الشهيد الصدر سيدنا الأستاذ, هذا المنهج الأوّل.
المنهج الثاني: هو المنهج الذي نحن سرنا عليه وذكرناه مراراً وتكراراً قلنا منهج جمع القرائن, بغض النظر أنه أساساً هذه الروايات تكون صحيحة أو لا تكون صحيحة بحسب الاصطلاح, التفتوا جيداً, مرةً أن الرواة معروفون بالكذب والدجل والتدليس والوضع, لا, يقيناً هذه ليست قرينة, ومرة لا, أنه في كتب الرجال إما لم يأتي لهم توثيق وإما ورد توثيق متعارض فاسقط التوثيق, وفي الأعم الأغلب من هذا القبيل من هذا الثاني لا الأوّل نادر جداً أنه من الوضاعين من الكذابين من المتآمرين أبداً أبداً, مجهول الحال, أو أنه وثقّه فلان ولكن ضعفه لم يوثقه فلان وهكذا, وكثير من التضعيفات منشأها إلى أمور عقدية أشرنا إليها فيما سبق. وأبطلنا كلّ ذلك المنهج.
إذن أعزائي, تارةً نبني على المنهج السندي نتيجته هذه التي يقولها سيدنا الشهيد+, السيّد الشهيد في (كتاب محاضرات تأسيسية, ص459) هذه عبارته, يقول: [أن أخبار التحليل بعضها معتبرٌ سنداً وبعضها غير معتبر, والمعتبر منها ست روايات] إذن لا تكون لا تفيد القطع لأنها أخبار آحاد, ثمَّ يأتي في (ص470) هذه عبارته, يقول: [إن الكلام فيما يستفاد من أخبار التحليل تارةً يقع بالنظر إلى خصوص الأخبار المعتبرة سنداً من أخبار الباب] التي هي ست روايات كما ذكرنا سيدنا الشهيد [وأخرى مع ملاحظة مطلق أخبار الباب التي هي عشرون رواية في الباب. [وإن كان الذي] محل الشاهد هذا [وإن كان الذي ينبغي فعله هو قصر النظر على خصوص الأخبار المعتبرة سنداً والإفتاء على طبقها] لا قيمة لماذا؟ لتلك الروايات, هذا الذي نحن لا نوافق عليه بأي وجهٍ من الوجوه, أما في باب العقائد فواضح جداً, بل في باب الأحكام الفقهية أيضاً لذا يقول: [لأن الخبر ضعيف السند لا عبرة به وإن فرض ذكره في الكتب الأربعة, وإن فرض عمل الأصحاب به] كلها لا قيمة لها, هذا أعزائي.
لا السيرة على هذه ولا الارتكاز العقلائي على هذا, ولا أبداً, بينكم وبين الله الآن لو جاءك ثلاث أو نفرين ثقات ونقلوا لك خبراً خصوصاً على مبناه+ وعلى منطقه وهو منطق الاحتمال اثنين ثقات أو ثلاثة ثقات ينقلون لك خبر والخبر قليلاً افترض فيه غرابة, يعني ليس على القواعد افترضوا على خلاف القواعد على خلاف الطبع, أنت من باب التعبد تتعبد بماذا؟ قد يقع في نفسك شكٌ ولكن من باب حجية خبر الثقة أو البينة تتعبد ماذا؟ بينكم وبين الله لو جاء خمسون وأخبروك وإن كان 50%, 60% لا تعرفهم أنهم أعداء للقضية التي نقلوها كذابون متهمون لا لا, لا تعرفهم, ولكن جاء من مختلف الجهات خمسين نفر نقلوا لك الخبر أيهما أكثر قبولاً وتصديقاً؟ هل يمكن أن يقول عاقل أنهما متساويان, وهذا أمامك والسيرة ببابك والعرف ببابك والارتكازات العقلائية ببابك. إذا جاء خمسين نفر نقلوا بمختلف التوجهات بمختلف, منطق الاحتمال الذي أنت بنيت أسسه سيدنا هذا جمع القرائن.
وهذه واحدة انظروا هذه واحدة من آثار الاختلاف بين المنهج السندي ومنهج جمع القرائن, النتيجة ما هي؟ فإنَّ بنينا على المنهج السندي فهذه أخبار ماذا؟ آحاد, أما إذا بنينا على منهج جمع القرائن, هذه أخبار آحاد؟ (كلام أحد الحضور) لا أقل تورث الإنسان الاطمئنان أن لا أريد أن أقول أنها تورث القطع المنطقي لا لا أبداً, تورث الإنسان الاطمئنان بالصدور.
ولذا جملة من الأعلام صرحوا بأنه أساساً لا مجال للبحث السندي في هذه الروايات.
السيّد الميلاني في كتابه (محاضرات في فقه الإمامية) الذي هو من الأعلام واقعاً ومن المحققين, سيد محمد هادي الميلاني (محاضرات في فقه الإمامية, كتاب الخمس, ص239) هذه عبارته, يقول: [وقد أجيب عن هذه الروايات المستدل بها على الإباحة بأمور: الأوّل: أن بعضها ضعيف السند, وبعضها الآخر وإن صح سنده لكن المشهور قد أعرض عنه, الثاني] التفتوا, الثاني هذا الذي أشرنا إليه من كلام المحقق الفقيه الهمداني, وهو أن هذا أخبار الصحيحة في الموضوعات وأخبار الآحاد ليست حجة في الموضوعات [الثاني: أن التحليل إنَّما هو تحليل مالكي وليس تحليل حكمي, فهو من الموضوعات الخارجية وليست من الأحكام الكلية يتعبد بثبوتها في الشريعة بالأخبار فلا مجال في إثبات ذلك بالتمسك بخبر الثقة, أقول: يتوجه على هذين الأمرين أن الروايات متواترة تورث القطع بصدورها] هذا على أي منهج أنها متواترة؟ منهج جمع القرائن لا المنهج السندي, والمنهج السندي السيّد الشهيد صريحا في هذا (محاضرات تأسيسية) الذي هي أبحاثه في التعطيلات في شهر رمضان وغيره, كانت هذه يبحثها ولكن يصرح بأنه هذه أخبار آحاد, ولكن ننكر أن خبر الثقة ليس حجة في الموضوعات, فهو يناقش المقدمة الثانية ولا يناقش المقدمة الأولى, أما نحن ماذا؟
الجواب, نقول: أما قولكم أنها أخبار آحاد, فالجواب: أنها ليست أخبار آحاد وإنما هي تورث الاطمئنان بالصدور.
أما المقدمة الثانية فيأتي الكلام.
والحمد لله رب العالمين.