نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (217)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    قلنا: بأنه وقع الكلام بين الأعلام في أن أدلة حجية خبر الواحد هل هي جارية في الشبهات الموضوعية كما هي جارية في الشبهات الحكمية, وهل يثبت بها الموضوع كما يثبت بها الحكم الكلي الإلهي أم لا؟

    وهذه مسألة من المسائل -إن صح التعبير- من المسائل المفتاحية تُعد مفتاحاً في عملية الاستنباط, سواء على مستوى الأبحاث الفقهية أو على مستوى الأبحاث الرجالية أيضاً, أنتم تعلمون بأنَّ كلّ التوثيقات الصادرة في الكتب الرجالية إنَّما هي خبر ثقةٍ في الموضوعات, يعني زرارة ثقة أو ليس بثقة, محمد ابن سنة ثقة أو ليس بثقة, هذا موضوعٌ من الموضوعات ولا علاقة له بالحكم الكلي الإلهي. فإذا ثبت أن خبر الثقة حجة في الموضوعات فكل هذه التوثيقات تكون على القاعدة باعتبار أنها خبر ثقة في الموضوعات, وإن لم يثبت فلابدَّ من وجود مخرج آخر لتخريج والاعتماد على مثل هذه التوثيقات الرجالية, ولذا المسألة مهمة جداً.

    هذا مضافاً إلى الأبحاث الفقهية, وجدتم الآن أمامنا مسألة فقهية واضحة وهي: أخبار تحليل الخمس فإنه من بنى على أنها أخبار آحاد ومن الواضح أنها مرتبطة بالتحليل المالكي لا بالتحليل الحكمي يعني في الموضوعات لا في الأحكام إذن يستطيع إذا بنى على هذا الأصل وهو عدم حجية خبر الثقة في الموضوعات أن يقول أن أخبار الآحاد ليست حجة في إثبات التحليل المالكي في عصر الغيبة الكبرى.

    ولذا نحن بالأمس حاولنا الإشارة إلى ذلك من خلال بعض الأدلة كالسيرة العقلائية والأدلة الخاصة ونحو ذلك من الأدلة, مضافاً إلى دليل الأولوية الذي أشار إليه صاحب الجواهر+, طبعاً هذه الأدلة التي أشرنا إليها لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ أنه لا يوجد عليها ردٌ ونقاشٌ وقبولٌ وأخذٌ وردٌ ونحو ذلك, لا ليس الأمر كذلك, وإنما نحن كما أشرنا بالأمس أنه الآن بصدد بيان كليات المسألة وإلا تفصيل المسألة في محله. مثلاً: فيما يتعلق بالسيرة العقلائية قيل: أن هناك جملة من الروايات ردعت عن هذه السيرة العقلائية, لأنه واحدة من أهم الأدلة على التعميم قلنا السيرة العقلائية.

    ولذا تجدون بأنه (كلام أحد الحضور) (ص39).

    ولذا نجد أن السيّد الحكيم+ في المستمسك ذكر بأنّه قد يستدل بالسيرة العقلائية على إثبات التعميم إلاَّ أنه قد يقال أنه رُدع عن ذلك, الآن الردع برواية بروايتين بثلاث أو أقل أو أكثر فهذا بحث آخر. (كلام أحد الحضور) بلي ص39. كافي أحسنتم. عبارته هذه في (المستمسك, ص39) يقول: [ولو قلنا بحجية خبر الثقة في الموضوعات كما عليه بناء العقلاء فالحكم أظهر] يعني الحكم بالتعميم واضح جداً [لكنّه محل تأملٍ لإمكان دعوى تحقق الردع عنه] أن هناك جملة من الروايات من قبيل رواية مسعدة ابن صدقة, أو موثقة مسعدة ابن صدقة على الخلاف الموجود في مسعدة أنه ثقة أو ليس بثقة, أنه ردع قال: >والأمور جميعها على هذا, حتّى يستبين لك أو تقوم به البينة< طيب من الواضح يستبين يعني تحصيل العلم تقوم به البينة يعني ماذا؟ وجود ثقة عادلين ونحو ذلك.

    إذن أعزائي القضية لا تتصورون بهذه البساطة يمكن حلها, أو الروايات الخاصة التي أشرنا إلى بعضها بالأمس, هذه الروايات قد يقال بأنه لا يمكن التعدي عن خصوصية المورد, لأنه وردت في موارد خاصة, وردت في الوصية وردت في الوكالة وردت في غيرها, قد يقال بأنه هذه موارد خاصة والتعدي عن المورد يحتاج إلى القطع بأنَّ المورد لا خصوصية له, وهذه أيضاً تحتاج إلى قواعد تنقيح في محلها.

    إذن أعزائي بشكل عام هذا هو الكلام في المسألة كما أشرنا.

    ومن هنا نجد أن السيّد الحكيم+, في المستمسك حاول أن يقول أيضاً بحجية قول الثقة في الموضوعات, طبعاً قلت لكم هذه المسألة جداً لها آثار منها قول اللغوي, قول اللغوي أيضاً عندما يقول أن المفردة الكذائية مستعملة في كذا أو غير مستعملة, هذا افترضه لغوي ثقة, فهل هو قوله حجة في بيان المفردات اللغوية أو ليس بحجة, أيضاً داخل في مسألة حجية قول الثقة أو حجية خبر الثقة في الموضوعات ونحو ذلك.

    من هنا السيّد الحكيم حاول أن يسلك مسلكاً آخر للتخلص من هذه الإشكالية, هذه أخرجوا لنا ص38 إذا أمكن, في (ص38, من المستمسك للسيد الحكيم) قال: بأنه أساساً نحن الذي نحتاج إليه هو أن خبر الثقة يثبت لنا, التفتوا, يثبت لنا الحكم الكلي الإلهي, هذا هو المقصود, خبر الثقة دال على حجية أدلة حجية خبر الثقة دالة على حجية قوله في الأحكام, ولكن الروايات لم تقل لنا أن يكون قوله حجة في الأحكام بالمدلول المطابقي حتّى لو كان إخبار الثقة حجة في الأحكام ولو بنحو المدلول الالتزامي أيضاً كافي. يعني بعبارة أخرى: يخبر الثقة عن موضوع ولكن يستلزم منه حكم كلي, إذا كان كذلك فخبر الثقة حجة في الموضوعات ولكن لا مطلقاً وإنما أين؟ في الموضوعات التي تستلزم أحكاماً كلياً, وإلا موضوع لا يستلزم حكماً كلياً فإنه ليس بحجة, فهو أشبه بالتفصيل, أنه متى يكون قوم خبر الثقة حجة في الموضوعات ومتى لا يكون.

    ثمَّ يضرب مثالاً ما هو؟ يقول: لو أن شخصاً ثقة أخبر بأنَّ فلان مجتهد, هذا موضوعٌ من الموضوعات, مجتهد أو ليس بمجتهد هذا ليس حكم من الأحكام وإنما موضوع من الموضوعات, ولكن يلزم منه ماذا؟ أن كلّ أقوال هذا المجتهد ماذا؟ حجة على المقلد حجة على الجاهل.

    فإذن المدلول المطابقي لكلام الثقة هو الموضوع ولكن يلزم منه مدلول التزامي وهو الأحكام الكلية.

    ولذا عبارته في (ص38) هذه, يقول بأنه: [وربما يقال بثبوته بخبر الثقة لعموم ما دلّ على حجيته في الأحكام الكلية إذ المراد] ما دلّ على حجية خبر الثقة في الأحكام ليس بالضرورة أن يكون بالمدلول المطابقي بل يكفي أن يكون بالمدلول الالتزامي, [إذ المراد منه ما يؤدي إلى الحكم الكلي سواء كان بمدلوله المطابقي أم الالتزامي والمقام من الثاني] لأنه يبحث في مسألة أن الاجتهاد يثبت بخبر الثقة أو لا يثبت بخبر الثقة, كما قلنا بالأمس في أول الرسالة العملية في باب الاجتهاد والتقليد بماذا؟ ما هي طرق إثبات الاجتهاد, ما هي طرق إثبات الأعلمية, ما هي طرق إثبات العدالة, هل يشترط البينة أو يكفي إخبار الثقة؟ هذه من أهم موارد هذه المسألة.

    يقول: [سواء كان بمدلوله المطابقي أم الالتزامي والمقام من الثاني] يعني في الاجتهاد [فإنَّ مدلول الخبر المطابقي هو وجود الاجتهاد] وهو موضوع من الموضوعات [وهو من هذه الجهة يكون إخباراً عن الموضوع لكن مدلوله الالتزامي هو ثبوت الحكم الواقعي الكلي الذي يؤدي إليه نظر المجتهد].

    الآن أنا ما أريد أن أدخل في التفاصيل, أقول: أنظروا إلى ضيق الخناق أنه ماذا أدى بهؤلاء الأعلام. من هنا أشكل على كلام السيّد الحكيم+, يُشكل عليه, وهو أنه ثبوت الحكم الواقعي الكلي من قال أن رأي المجتهد دائماً هو ثبوت الحكم الواقعي الكلي لعل رأيه مخالف للواقع؟ إذن لا ملازمة بينهما. الآن هذا بحث آخر, فقط أريد أن أبين أنه هؤلاء الأعلام من ضيق الخُناق ذهبوا يميناً ويساراً لتصحيح هذه المسألة.

    ولذا أعزائي السيّد الشهيد& حاول أن يبني المسألة -أخبار التحليل الآن نحن حديثنا أين- في أخبار التحليل نريد أن نرى هذه الأخبار حتّى لو كانت أخبار آحاد هل هي حجة في إثبات التحليل أو ليست بحجة التفت, هل هي حجة في المقام أو ليست حجة في المقام.

    ولذا اختار طريقاً آخر, قال: حتّى لو سلمنا -هو يسلم بهذا, طبعاً أنا أقول حتّى لو سلمنا- حتّى لو سلمنا أن أخبار التحليل أخبار آحاد أولاً, وقبلنا أن أخبار الآحاد ليست حجة في الموضوعات ثانياً, لنا طريق ثالث أو لنا طريق آخر لإثبات حجية أخبار التحليل في خصوص المقام. نكتة جيدة هذه ونافعة واقعاً, وهي أنه حتّى لو واحد صار مبناه ذاك ولكن أخبار التحليل تثبت هذا, بأي بيانٍ؟

    بهذا البيان الذي ورد في روايةٍ صحيحة السند في (أصول الكافي, ج2, ص126) الرواية طويلة الذيل في (كتاب الحجة, باب في تسمية من رآه) الرواية: عن عبد الله ابن جعفر الحميري قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمر عند أحمد ابن إسحاق فغمزني أحمد ابن إسحاق أن أسأله< يعني الشيخ أبو عمر >عن الخلف فقلت له: يا أبا عمر إني أريد أن أسالك عن شيء وما أنا بشاكٍ فيما أريد أن أسألك عنه, فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلاَّ إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوما، فإذا كان ذلك رفعت الحجة وأغلق باب التوبة فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا<

    سؤال: طبعاً هنا بحث كلامي, الآن ما أريد أن أدخل إليه فقط أنبه الأعزة عليه, وهو أن الروايات كم واقعاً فيها تعقيدات يقول: >وأغلق باب التوبة فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا<.

    سؤال: نحن بعد في الدنيا هذه الأربعين يوم تقولها الروايات أو انتقلنا إلى الآخرة؟ فلم يغلق باب التوبة؟ نعم, حال الحشر الروايات تقول يغلق باب التوبة, أما الرواية تقول أربعين يوم يغلق باب التوبة أما لماذا يغلق باب التوبة؟ إذن هذه من تتمات الدنيا أو من مقدمات الآخرة أي منهما؟ هذه الأربعين يوم التي تقولها الرواية التفتوا جيداً, يقول: >قبل يوم القيامة بأربعين يوما< هذه الأربعين يوم جزء عالم الدنيا أم خارج عن عالم الدنيا؟ إذا كان جزء عالم الدنيا فلماذا يغلق باب التوبة؟ إذا كان عالم الآخرة فله أحكام آخر.

    من هنا حاول أن جملة من الأعلام أن يقولوا أن الرجعة ليست هي جزء من الدنيا, وإنما الرجعة هي برزخٌ بين الدنيا وبين البرزخ, لا هي جزء من الدنيا ولا هي جزء من البرزخ بل هي برزخٌ بين الدنيا وبين البرزخ, وهذا بحث مهم جداً نتخلص عن كثير من الإشكالات التي واردة على روايات الرجعة التي قد تصل إلى مئتين ثلاثمائة رواية في المقام, على أي الأحوال.

    يقول: >وهم الذين تقوم عليهم القيامة ولكني أحببت أن أزداد يقينا وإن إبراهيم.. وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن× قال: سألته وقلت: من أعامل أو عمن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون< ثم >وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد× عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك عني فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان< على نحو الانحلال لا على نحو البينّة يعني كلّ واحد منهم ثقة, >فعني يقولان, فاسمع لهما وأطعمها فإنهما الثقتان المأمونان<.

    السيّد الشهيد& يقول: نحن لا يوجد عندنا نصٌ ميز بين الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية, كلّ ما ورد عندنا في النصوص أن ما أداه الثقة عن الإمام فهو حجةٌ الآن ما أداه كان في الحكم أو كان في الموضوع, الرواية لم تميز بين الشبهة الحكمية وبين الشبهة الموضوعية, أساساً لا يوجد عندنا نص يميز بين الأحكام وبين الموضوعات, هذه تحليلات الأصوليين والفقهاء. نعم, الذي ثبت عندنا بحسب النصوص أن ما أداه الثقة عن الإمام فهو ماذا؟ فهو حجة, الآن ما أداه هذه ما الموصولة التي هي مبهمة تشمل الحكم وتشمل الموضوع على حدٍ سواء.

    إذن حتّى لو فرضنا أن أخبار التحليل تتكلم عن التحليل المالكي الذي هو الموضوع فهو الثقة أداه عن من؟ أداه عن الإمام فسوف يكون حجة.

    ولذا عباراته في هذا المجال واضحة وصريحة مثلاً في (بحوث في شرح العروة الوثقى, ج2, ص98) أنا أنصح الأعزة دورة بحوث في شرح العروة الوثقى يطالعوه بأنفسهم لأن هذه المجلدات الأربع كتبها السيّد الشهيد+ بقلمه وليست تقريرات وإنما هو كتب هذه الكتب الأربعة, ولذا جداً محسوبة, ولا يوجد فيها مجال في أنه المقرر لم يقرر جيداً أبداً, وإنما كلماته وقلمه الشريف.

    يقول: [العمري وابنه ثقتان, المتحصل من السنّة] إلى أن ينقل كلام, [فموضوع الحجية هو الخبر الذي يعتبر أداءً عن الإمام] إذن ما جعل حجة ما هو؟ [ما أداه الثقة] الآن سواء ما أداه الثقة حكماً أو موضوعاً. [وهذا ينطبق, ومن أجل ذلك قلنا في موضعه من كتاب الخمس] هذا يكشف على أنه درّس كتاب الخمس الذي الآن ليس بأيدينا [إن أخبار التحليل قد يقال بشمول الدليل المذكور على الحجية لها وإن حملت على التحليل المالكي لأنها وإن لم تكن إخباراً عن الحكم الكلي ولكنّها أداءٌ عن الإمام فيشملها موضوع الحجية في ذلك الدليل].

    ونفس هذا الكلام إذا الإخوة يريدون أن يراجعون موجودة في (المحاضرات التأسيسية) في هذا الكتاب الذي صدر أخيراً (ص464-465) جيد.

    هذا فيما يتعلق بهذا البيان الذي على أساسه سوف يثبت عندنا ماذا؟ سوف تثبت حجية أخبار التحليل حتّى لو كانت أخبار آحاد أولاً, وحتى لو لم نقل بحجية أخبار الآحاد في الموضوعات ثانياً.

    ولكن, أيضاً إجمالاً وإلا البحث إن شاء الله نحن عرضنا له في حجية خبر الواحد ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يخرج قريباً, وهو ما يتعلق بحجية خبر الواحد, هذه الرواية التي استدل بها سيدنا الشهيد لإثبات حجية ما أداه الثقة يوجد فيها إشكالٌ من بعدين, التفتوا جيداً, أهم رواية استدل بها لحجية خبر الثقة هي هذه الرواية, ولكن هذه الرواية مبتلاة بإشكالين أو بإشكال من بعدين:

    البعد الأوّل: أنها هي خبر واحد, وقد ذكروا في محله لا يمكن الاستدلال بخبر الواحد لإثبات حجية ماذا؟ أول الكلام من قال أن هذا الخبر ما هو؟ حجة في نفسه؟ ثبت العرش ثمَّ انقش, ثبت أن هذه الرواية حجة ثمَّ استدل بها على حجية ما أدّى. نعم, الحق والإنصاف المضمون جداً عالي, >فما أدّى عني فعني يؤدي وما قال لك عني فعني يقول<.

    إذن الإشكال الأوّل الوارد في المقام هو ما يتعلق بخبر الواحد.

    هنا السيّد الشهيد -أنا إنَّما أشرت إلى هذه القضية حتّى تلتفتوا وبالأمس في الأبحاث السابقة أشرت- هنا السيّد الشهيد+, حاول أن يستعين بمنهج جمع القرائن لإثبات أن هذه الرواية مطمئنة الصدور وإن كانت خبر واحد, لو كنّا نحن والمنهج السندي فالخبر خبر آحاد, خبر واحد, ولكنّه ماذا يفعل السيّد الشهيد, السيّد الشهيد الأعزة الذين يريدون أن يراجعون إن شاء الله هم يراجعون نحن لا يوجد عندنا وقت كلها نقرأها للأعزة.

    في (تقريرات السيّد الهاشمي, ج4, ص391-392) هذه عبارته, يقول: [أما من حيث السند فهي مظنونة الصدق] طيب هذه بحسب القاعدة تام خبر واحد, [ولكن ظناً شخصياً اطمئنانياً] هذه من أين صار ظني شخصي ومطمئنة الصدور؟ هذه من جمع القرائن لا من حجية خبر الواحد, ولذا في (ص392) يقول: [إذن فمثل هذه السلسلة الذهبية ممّا يطمئن بصدق تمام رواتها]. إذن أعزائي هذا أي منهج هذا؟ منهج سندي هذا؟ لا لا, هذا منهج جمع القرائن, طيب إذا تم هذا في هذا السند طيب بالإمكان تطبيقه على أي سندٍ آخر وإن لم يرد في كتب المتقدمين ثقة ثقة.. طيب لم يرد ثمَّ ماذا؟ لا نحتاج أن نقول ثقة حتّى أنه يقبل. لا أبداً, لم يرد, لكن اجمع عن حياته عن رواياته عن مجموع علاقته عن كلمات الآخرين في حقه, تجد بينه وبين الله تحصل على الوثاقة الأعلائية فيه وإن لم يرد في كتب الرجال ثقة ثقة حتّى لو لم يرد, هذه مجموعة من العناوين اجمعها تصل إلى نتيجة أقوى من نتيجة الوثاقة في الكتب الرجالية.

    إذن أعزائي هذا خير شاهدٍ على أنّه كما قلنا بالأمس, أن أصحاب المنهج السندي في جملة من الأحيان هم خرجوا عن المنهج السندي, وذكرنا بأنَّ هذا المنهج السندي بالمعنى الحرفي بالمعنى الرياضي بالمعنى الدقّي له إنَّما قام به السيّد الخوئي+ وتبعه بعض تلامذته وإلا المشهور بين أعلامنا هو ما كان عليه أعلامنا ما قبل العلامة والمحقق وهو أن ينظر إلى جمع القرائن أن الرواية واردة صادرة أو ليست صادرة؟ أما صحيح أو ليس بصحيح, هذا تدمير لفقهنا. على أي الأحوال هذا بحث في محله.

    النقطة الثانية -وهي الأهم-: الإمام×, صحيح قال: >ما أدى عني فعني يؤدي< يعني اعتمد على ماذا؟ على خبر الواحد في ماذا؟ في الأداء عن المعصوم, ولكن هناك كلمة في النص واقعاً هذه أخص بكثير من محل الكلام, يعني أن المدعى أعم بكثير من الرواية, ما هي؟ قال: >العمري ثقتي< ثقتي أين ووثاقة عامة أين؟ بيني وبين الله أن يقول الإمام المعصوم ثقتي مثل ما يقول الشيخ الطوسي ثقة, أصلاً يمكن أن يقاس أحدهما بالآخر؟ ثمَّ لو نظرنا إلى القضية الخارجية نجد أنه يوثق من؟ يوثق بعض النواب الأربعة الذين هم في أعلى درجات الوثاقة, نعم مثل هذا الشخص لو أدّى خبر الثقة ماذا؟ حجةٌ, أما كلّ الذين ينقلون عن الأئمة على هذا المستوى؟ (كلام أحد الحضور) أحسنتم جزاكم الله خيراً, ومن الواضح أننا نتكلم في خبر الثقة, ولذا قلت المدعى أعم بكثير من مضمون الرواية, فإذن مضمون الرواية فيها جهتان:

    أولاً: من حيث السند الذي لابدَّ أن يطمئن بصدورها حتّى يمكن الاستدلال بها.

    ثانياً: من حيث المضمون أنه قال: >العمري ثقتي< ثمَّ بالأخير قال: >فإنّه< إنه من؟ العمري >فإنّه الثقة المأمون< كأن الإمام ما يريد أن يتكلم, السيّد الشهيد يحاول أن يجعل هذه كبرى مركوزة يقول هذه الإمام يبين صغرى حجية خبر الثقة, لا لا, >فإنّه< كأنه يتكلم عن قضية خارجية لا عن قضية حقيقية.

    وعلى هذا الأساس, إذن لا أقل لابدَّ أن يُتأمل, وهذا قلت لكم بحث مرتبط بحجية خبر الواحد.

    والحاصل: أن هذا الوجه الذي ذكره أستاذنا الشهيد إن تم فبها ونعمت, وإن لم يتم فلابدَّ من الاستناد إلى الأدلة السابقة التي هي العمدة فيما ذكرنا, وهي: أولاً: السيرة العقلائية, والمنع والردع غير تامٍ, لا أقل أن مثل هذه السير لا يمكن الردع عنها برواية أو روايتين, مراراً ذكرنا, أن الردع لابدَّ أن ينسجم مع مستوى الارتكاز العقلائي, فإذا كان ارتكازاً عقلائياً قوياً يحتاج إلى ردعٍ بمستواه ما يمكن الاستناد إلى إطلاقٍ في رواية أو روايةٍ هنا ورواية هناك, لابدَّ أن يكون.

    ولذا أنتم تجدون أن مسألة القياس عندما كانت من الأمور المركوزة في أذهان العامة أو غير العامة أو الناس عموماً, نجد أن الأئمة لا في مورد وموردين وعشرة وعشرين وخمسين ردعوا عن القياس, لأن القضية لا يمكن الردع عنها برواية أو روايتين.

    وثانياً: أن هذا الوجه الذي ذكره السيّد الشهيد فيه هذا الإشكال إذن لابدَّ من الاعتماد إما على السيرة العقلائية وإما على الروايات الخاصة الواردة في المقام, وإما على الأولوية العرفية التي أشرنا إليها بالأمس.

    نعم, يبقى عندنا أصلٌ كلي بودي أن الأعزة أشير إليه هنا ولعله إذا وفقت أن أتممه غداً, وهو أنه أعزائي: من الأمور التي ذكرها الأعلام أننا عندما نأتي لنقتنص ظهوراً من الظهورات, نحن ثبت عندنا في علم الأصول كبرى حجية الظهور, ولكن كيف تتحقق صغرى هذه الكبرى, يوجد اتجاهان:

    الاتجاه الأوّل يقول: لابدَّ أن نبحث عن الآية أو الرواية لنرى أنها ظاهرة في الحكم الكذائي أو ليست ظاهرة؟ هذا اتجاه وهو الاتجاه المشهور والمعروف بين الأعلام.

    اتجاه آخر: يقول لا, كبرى حجية الظهور كما تشمل الظهور في كلّ مفردة مفردة من الآيات والروايات قد تشمل الظهور المقتنص من خلال جمع القرائن, يعني لو نظرت إلى كلّ رواية رواية قد لا يوجد فيها ظهور عرفي, ولكن لو نظرت إلى مجموع الآيات والروايات هناك ظهور, هذا الظهور حجة أو ليس بحجة؟ نفس الكلام الذي قلناه في جمع القرائن في السند, المنهج السندي يقول لابدَّ أن ننظر إلى كلّ رواية, إذا كانت حجة فنقل أما إذا ما كانت حجة فلا قيمة لها.

    المنهج الآخر كان يقول لا, هذه قرينة هذه درجة من الإثبات ثمَّ تنظر إليها, في الظهور أيضاً كذلك أو لا؟ المشهور هو الاتجاه الأوّل, ولكن نحن نعتقد كما أسسنا له في أبحاث الأصول وإن شاء الله تعالى في أبحاث أصول التفسير, أننا لا, الظهور قد في كلّ مفردة مفردة لا تحصل ظهور أعلائي ولكن من مجموع الأدلة قد تحصل ظهور أعلائي, إن شاء الله التتمة غد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1660

  • جديد المرئيات