نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (219)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في الموقف الثاني وهو أن هؤلاء ذهبوا إلى أنه في زمن الغيبة الكبرى فإنَّ الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) حللوا حقهم ونصيبهم من الخمس وحللوا الشيعة من الخمس مطلقا, بلا تمييزٍ بين حق الإمام وحق السادة, وبلا تمييزٍ بين أنواع الخمس سواء كان مرتبطاً بأرباح المكاسب أو غير ذلك.

    هذا الموقف الثاني ذهب إليه بعض فقهاء الإمامية استناداً إلى روايات التحليل في المقام. قلنا: بأنَّ هذا الموقف الذي أشرنا إليه عندما نراجع نصوص التحليل نجد أنّه يواجه مشكلة, وهي أن نصوص التحليل مطلقة شاملة لعصر الغيبة ولعصر الحضور. لا أقل بإطلاق جملة من هذه النصوص التي أشرنا إليها في البحث السابق. هذا مضافاً بحثنا الجديد.

    هذا مضافاً إلى أن السيرة سيرة أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) في عصر الحضور كانت قائمة على أخذ الخمس, مع أن النصوص واضحة أنها تحلل في عصرهم أيضاً, التفتوا إلى النكتة, النصوص تقول هذا التحليل بما قراناه فيما سبق شاملٌ عصرنا أيضاً, فقد حلل, محلل حلله أمير المؤمنين ولا يوجد في كلام أمير المؤمنين أنه بعد عصر الحضور في عصر الغيبة.

    إذن إذا نظرنا إلى إطلاق هذه الأدلة من جهة وإلى سيرة أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) من جهةٍ أخرى لا نجد أن هناك انسجاماً بين نصوص التحليل وبين السيرة القائمة من أئمة أهل البيت خصوصاً عندما تبلورت مدرسة أهل البيت وشيعة أهل البيت خصوصاً من زمان الإمام الباقر وبعد ذلك لأنه قبل ذلك المدرسة أتباع المدرسة الشيعة لم يكن لهم كيانٌ مستقل ولكن بعد زمان الإمام الباقر والصادق وصل هذا الكيان إلى وجودٍ مستقلٍ -لا أريد أن أدخل إلى البحث التاريخي- حتّى انتهى إلى عصر المأمون أن يضطر أن يولي العهد من؟ الإمام الرضا× لقوة هذه الكيان, وأنا أتصور لمن يعرف الأمور السياسية واضح أمامه عندما يأتون بشخصية ويضعونها ولي العهد أو النائب الأوّل أو نحو ذلك هذا معناه أنه يوجد عنده قاعدة شعبية واسعة النطاق مؤثرة في الواقع الإسلامي. والتاريخ واضح على هذا, الأعزة الذين يريدون أن يراجعون هذه المسألة, مسألة أن الأئمة كانوا ينصبون الوكلاء لأخذ الخمس من الناس, ارجعوا إلى كتاب (الغيبة) للشيخ الصدوق (ص219) وما بعد ذلك تحت عنوان, يقول: [في ذكر طرفٍ من أخبار السفراء الذين كانوا في حال الغيبة] ولكن هو في الضمن يشير إلى مجموعة من الوكلاء الذين كانوا قبل ذلك ويشير إلى مجموعة منهم هذه المجموعة بعضهم من الوكلاء المحمودين وبعضهم من الوكلاء المذمومين, يقول: [فمن المحمودين حمران ابن أعين ومنهم المفضل ابن عمر] وأنتم تعلمون أن هؤلاء ليسوا سفراء في عصر الغيبة الصغرى, [ومنهم المعلى بن خنيس, ومنهم نصر ابن قابوس اللخمي, ومنهم عبد الله بن جندب البجلي ومنهم …عبد العزيز بن المهتدي القمي الأشعري ومنهم علي ابن مهزيار الأهوازي] الذي قلنا أن كثير من روايات الخمس واردة عن طريق علي ابن مهزيار [ومنهم أيوب بن نوح ابن درّاج, ومنهم علي ابن جعفر الهماني ونحو ذلك].

    ثمَّ يأتي في (ص232) يقول: [فأما المذمومون منهم فجماعة منهم …] إلى غير ذلك, طيب بطبيعة الحال هؤلاء المذمومون بعد الوكالة لا قبل الوكالة كما هو واضح.

    هذا مضافاً, أنتم عندما ترجعون إلى نفس التوقيع الصادر من الإمام في أواخر الغيبة الصغرى, تجد أن الإمام× في نفس الآن الذي يحلل يقول لا أجوز أحد أن يأكل الخمس, طيب إذا كان هناك تحليل, ماذا لا تجوزه يا ابن رسول الله؟ التفتوا إلى النكتة, في نفس الآن الذي يقول: >وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حلٍ …< يقول: >وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيء فأكله فإنما يأكل النيران< طيب يا ابن رسول الله أنت حللته أي شيء يأكلونه فالذي يأكلونه يكون محلل لهم, طيب لماذا يأكلون النيران؟ ماذا أريد أن أقول التفتوا جيداً.

    أريد أن أقول: بأنه الروايات التي حللت لابدَّ أن يكون موضوعها شيء والروايات التي أوجبت الخمس وكانوا يأخذون الخمس موضوعها شيءٌ آخر, وإلا يبقى تهافت قائم بين هاتين الطائفتين من الروايات.

    من جهة: يحللون بشكل واضح, ومن جهة: يبعثون الوكلاء والسفراء لأخذ الخمس, ومن جهة: بعبارات شديدة, انظروا إلى هذه الروايات الواردة في (وسائل الشيعة, ج9, مؤسسة آل البيت, ص537, باب الثالث وهو باب وجوب إيصال حصة الإمام من الخمس إليه) الروايات متعددة:

    واحدة منها, رواية >عن الجواد× إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقفة بقم فقال يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حلٍ فإني قد أنفقتها, فقال له: أنت في حل, فلما خرج صالح, قال أبو جعفر: أحدهما يثب على أموال آل محمد’ وأيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثمَّ يجيء يقول اجعلني في حلٍ, أتراه أظن أني أقول لا أفعل, والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثا< هذه من الروايات التي استدل بها أنهم الأئمة لم يحللوا, ولكن في اعتقادي أن هذه الرواية أجنبية عن محل الكلام, لأنها مرتبطة بخيانة الأموال لا مرتبطة بالخمس, لأنه يقول أخذ الأموال بدل أن يأتي بها إلينا ماذا؟ خصوصاً القضية مرتبطة بيتولى الوقفة بقم لا أنها مرتبطة بالحقوق, هذه الرواية خارجة عن محل الكلام.

    أما الرواية الثانية: وهي >عن الإمام الرضا, قال: لا يحل مالٌ إلاَّ من وجهٍ أحله الله إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى أموالنا وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته فلا تزووه عنّا ولا تحرموا أنفسكم دعائنا ما قدرتم عليه< إذن أعزائي ماذا >إن الخمس عوننا فلا تزووه عنّا< طيب يا ابن رسول الله كلّ الأئمة أباحوا؟ إذن تبين أن الذي أباحوه شيء وأن الذي يأخذوه شيء آخر, وإلا لا يعقل أنه في توقيعٍ واحد في رسالة واحدة في سطرين الإمام يحل الخمس ويحرم الخمس, ولا يقول لنا قائل سيدنا هذا مطلق نقيده, بيني وبين الله هذا المطلق والمقيد له بابٌ خاص جداً أضيق مما هو موجود في الكلمات. تتكلم أنت برسالة لشيعتك ثمَّ تقول حلالٌ ثمَّ تقول حرام, نعم ذاك مطلق وهذا مقيد. هذا الكلام كثيراً لا ينسجم مع قواعد اللغة العربية, بشكل واضح يا ابن رسول الله قل.

    إذن تبين أن المرتكز في ذهن الشيعة الإباحة كان شيءٌ آخر, ولذا إن شاء الله بعد ذلك سنشير لم نجد أحداً من الشيعة أو من أصحاب فقهاء الأئمة يعترض على الأئمة يا ابن رسول الله أنتم من جهة تقولون أن الإباحة جاءت من من؟ من أمير المؤمنين ومن الزهراء وإلى آخر إمام, ومع ذلك تبعثون الوكلاء لأخذ الخمس, هذا يكشف عن ماذا عندكم؟ لأنكم تعلمون في النتيجة في أصحاب الأئمة, أصحاب الأئمة كانوا على نحوين -إن شاء الله هذا في بحث التعارض سنشير إليه- أن الذين نقلوا لنا هذه الروايات على طائفتين, ومع الأسف الشديد لا يميز بين الرواة, مرةً أن الراوي للرواية زرارة الذي الأئمة عبروا عنهم أن هؤلاء فقهاء أصحابنا, ومرة لا إنسان عادي, بينكم وبين الله تلقي الفقيه من كلام الإمام وحمل الفقيه لكلام الإمام كحمل العادي الإنسان المتعارف لكلام الإمام, على أي الأحوال, هذا في بحث التعارض عندما نريد أن ندخل ونعارض بين الروايات هذه النكات لابدَّ أن نلتفت إليها ومع الأسف نحن في بحث التعارض نلتفت إلى الرواة أو لا نلتفت؟ فقط نقول هذه معارضة لهذه, هذا بحثه هناك.

    في أصحاب الأئمة كانوا هناك فقهاء, طيب كيف يمكن أن يسمع من الإمام إباحة الخمس, >فقد أبيح< ومن جهة يقول بأنه >من زوا عنّا درهما فهو في النار< كيف هذه, ولا يسأله هذه, يا ابن رسول الله كيف الجمع بين هذا وهذا, >قال: فلا تزووه عنّا< هذه رواية.

    رواية أخرى: وهي روايات كثيرة, عن الباقر سمعته يقول: >من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله, اشترى ما لا يحل له<.

    رواية ثالثة: >وأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو معلونٌ ونحن خصمائه<. طيب إذا كان محلل لماذا ملعون؟ لماذا خصمائه, أنتم حللتم له.

    رواية أخرى: قال: >فقلت أن ذلك في كلّ من استحل لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحل من مالنا درهما< إلى أن قال: >فقلت في نفسه إن ذلك في كلّ من استحل محرما فأي فضيلة في ذلك الحجة فوالله ..< إلى آخره.

    ومن الروايات في هذا, الرواية طويلة >يا حسين كم ترزع على الناحية ولمَ تمنع أصحابي عن خمس مالك, ثمَّ قال: إذا مضيت إلى الموضع الذي تريد..< إلى آخره.

    رواية أخرى: >كلّ شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً’ رسول الله, فإنَّ لنا خمسه ولا يحل لأحدٍ أن يشتري من الخمس شيئا حتّى يصل إلينا نصيبنا<.

    رواية أخرى: >لا يعذر عبداً إذا اشترى من الخمس شيئاً أن يقول يا رب اشتريته بمالي..< وهكذا.

    روايات كثيرة.

    سؤال: إذن من جهةٍ هم حللوا الخمس, وظاهره التحليل في الغيبة أو حتّى في زمانهم؟ في زمانهم, مطلقا, ومن جهة رواياتهم أولاً, وسيرتهم العملية ثانياً, على أخذ الخمس.

    ولذا هذه النكتة التي لابدَّ أن نقف عليها لاحقاً الآن فقط أريد أن أبين أن هذا الموقف وهو الموقف الثاني غير منسجمٍ من حيث النصوص, لأن هذه الروايات لابدَّ أن تفسر ولم تفسر الموقف الثاني, لابدَّ أن يفسر لنا كيف التوفيق بين النصوص التي ظاهرها التحليل حتّى في زمان الحضور, مع السيرة المستمرة والروايات الواردة أنهم كانوا يطالبون بالخمس ويأخذون بالخمس, كيف الجمع بين هذين العملين, بين هاتين الطائفتين من الروايات.

    نعم, توجد رواية واحدة بحسب هذا التتبع الذي تتبعناه الناقص, رواية واحدة لعله يمكن استفادة التفصيل منها, يعني تبين صحة هذا الموقف, رواية واحدة, لعل هؤلاء أيضاً استندوا إلى ماذا؟ الرواية واردة في (وسائل الشيعة, ج9, ص545) قلت لكم الآن أتركوا قضية أنها يؤيد هذا التفصيل أو على خلاف هذا التفصيل, نقرأ الرواية مهمة عندنا.

    الرواية: >عن يونس ابن يعقوب قال: قلت كنت عند أبي عبد الله الصادق×, فدخل عليه رجلٌ من القماطين, فقال جعلت فداك, تقع في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابتٌ وإنّا عن ذلك مقصرون, فقال أبو عبد الله الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام): ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم< أنا في اعتقادي هذه الرواية من أوضح الروايات التي تثبت التحليل حتّى في زمان الحضور فضلاً عن زمان الغيبة, فالرواية ماذا تكون؟ لصحة هذا الموقف أو لرد هذا الموقف؟ لرد هذا الموقف, لأن هذا الموقف كان يفصل بين الحضور وبين الغيبة. الآن بغض النظر, دعونا أولاً نقف على الرواية سنداً ودلالةً وبعد ذلك لنرى في النتيجة ماذا ننتهي منها.

    هذه الرواية من حيث السند تفصيلاً وقفنا عندها في السنة الماضية في الدرس رقم 179, فلهذا لا نعيد, أما المضمون مررنا عليه مروراً سريعاً, لأنه بحثنا كان هنا.

    من حيث السند هذه الرواية الواردة في (التهذيب, ج4) في التهذيب في سندها الطوسي, في سندها محمد بن سنان, فمن يوثق محمد بن سنان فالرواية صحيحة معتبرة ومن لا يوثق فالرواية غير معتبرة, وحيث أننا وثقنا محمد بن سنان في الأبحاث السابقة إذن في نظرنا ما ورد في النص أو في السند الذي فيه محمد بن سنان أيضاً الرواية معتبرة.

    ولكن لهذه الرواية طريق آخر واردة عند الشيخ الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) وليس فيها محمد بن سنان, وإنما فيها شخصٌ آخر ذاك الشخص الآخر موثقٌ أيضاً, على الخلاف الموجود فيه, فالرواية في اعتقادنا على كلا الطريقين معتبرة, ولذا السيّد الخوئي+ في (مستند العروة الوثقى, ص346) هذه عبارته هناك, يقول: [وهي وإن كانت ضعيفة السند بطريق الشيخ من أجل محمد بن سنان ولكنها معتبرة بطريق الصدوق لخلوه عنه]. الطريق خالٍ عن محمد بن سنان [نعم طريق الشيخ الصدوق فيه شخص هو الحكم بن مسكين] الذي هناك وقفنا مفصلاً ووثقناه, ولذا فالرواية عندنا معتبرة على كلا الطريقين. طريق الشيخ وطريق الشيخ الصدوق, يعني الشيخ الطوسي والشيخ الصدوق, فلذا السيّد الخوئي يعبر عنها صحيحة كما في (ص348) قال: [وصحيحتا يونس] مراده صحيحة يونس ابن يعقوب والصحيحة الثانية.

    إذن الرواية من حيث السند معتبرة.

    إنَّما الكلام كلّ الكلام في متن هذه الرواية, هذه الرواية فيها أبحاث متعددة ومفيدة أيضاً:

    البحث الأوّل: أن التعبير جاء >أن حقك ثابت فيها< قد يقول قائل سيدنا نحن نتكلم في الخمس وهذه تتكلم عن شيء غير الخمس, تتكلم عن الحق وليس الحق هو الخمس؟

    الجواب: هذه نكتة أشرنا إليها فيما سبق وقلنا: إما يراد من الحق في الروايات -انصرافاً- إما يراد منه الخمس أو ما يراد منه الأعم ما يشمل من أوضح مصاديقه الخمس, إذن الرواية من هذه الجهة لا توجد فيها مشكلة, مشكلة ماذا؟ مشكلة أنه نحن نتكلم موضوعنا الخمس وهذه تتكلم عن حق الإمام.

    الجواب: إما أن الحق انصرافاً يراد به الخمس وإما أنه أعم وأشمل ومن أوضح مصاديقه الخمس.

    إذن هذه الجهة لا يوجد فيها بحث.

    الجهة الثانية أو البحث الثاني, التفتوا إلى هذه النكتة, وهي: أن الإمام قال: >ما أنصفناكم إن كلفناكم< إذن تتكلم عن التحليل, >ما أنصفناكم إن كلفناكم< الآن هذا التحليل الوارد في الرواية يعني ما نطالب, هذا التحليل الوارد هل هو تحليلٌ عام يشمل مطلق الحق الثابت في المال, أعم ممّا تعلق هذا الحق في مال الغير وانتقل إليه أو ثبت الحق في مال الشخص؟ توجد صورتان:

    الصورة الأولى: أن هذا المال تعلق الحق به وهو ملكٌ للغير, وأنا ذهبت واشتريت ذلك أو وهب لي ذلك, وأنا أعلم أن هذا الذي وهب أو أعطاني أو اشتريت قد مضى عليه الشروط الشرعية فتعلق به حق الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) تعلق به الخمس بالمعنى الخمس, فهو عامٌ أو لا؟ فقط يتكلم عن الذي انتقل إليّ وتعلق به أما في مال الشخص ما فيه تحليل؟ ما ادري استطعت أن أوصل الفكرة إلى الأعزة.

    الفكرة هذه: أن البعض يقول أن التحليل أعم من أن يكون في ماله الشخصي أو أن يكون قد تعلق في مال الغير وانتقل إليه, أنا لست ضامن له, الآن ذلك الغير من هو؟ كم صورة له:

    الصورة الأولى: ممن لا يعتقد الخمس ووصل إليّ ببيع بهبة وتجارة ونحو ذلك, هذا مورد.

    الصورة الثانية: لا, أنه شيعي آخر تعلق الخمس بماله ولكنه كان عاصياً كان فاسقاً لا يؤمن بالخمس ولا يدفع الخمس ولكن انتقل إليه أنا مسؤول أو ضامن لهذا الحق أو لست بضامن.

    خصوصاً أعزائي هذه المسألة تظهر آثارها الكبيرة في الإرث, وهو أنه لو علمت أن المورث لم يخمس, فانت الذي انتقل إليك ضامن لهذا الخمس أو لست ضامناً هو مسؤول شرعاً أي منهما؟ خلاف شديد بين فقهائنا وخصوصاً المعاصرين.

    طبعاً على التفصيل بين تعلق الخمس بالعين وبين تعلق الخمس بالذمة, بالذمة لابدَّ أن يخرج لأن الدين مقدم على الوقف حق الوقف, أما إذا تعلق بالعين هو كان مسؤول دفع أو لم يدفع؟ لم يدفع, طيب ما هي علاقتي أنا هو لابدَّ أن يجيب؟ أنا ليس واجبي أدفع الخمس, ويوجد فتوى بهذه.

    المشهور ممن تعرض لهذه الرواية وفسرها قال هذه الرواية لا تشمل التحليل في المال المختص بي, وإنما مختصة بما انتقل إليّ من مال الغير وقد تعلق بي, الآن أمامكم أنا أقرا عبارة عبارتين, السيّد الخوئي, السيّد الصدر, مجموعة من الأعلام.

    سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي+ في (المستند, ص348) قال: [إنَّما الكلام في أن ذلك هل يختص بما إذا كان المنتقل عنه ممن لا يعتقد الخمس بتاتاً كالمخالف والكافر, أو يعم مطلق من لم يخمس] إذن هذه الرواية يعني صحيحة يونس بن يعقوب, يجعلها مرتبطة بمال الغير لا يجعلها بالحق الشخصي.

    وأوضح من ذلك ما ذكره سيدنا الشهيد+ في (المحاضرات التأسيسية, ص480) عبارته واضحة هناك, يقول: [وحال هذه الصحيحة, لأن ظاهر قوله تقع في أيدينا هو ثبوت حقه فيها قبل وقوع فيها في يد الشخص الشيعي] لا أنه لا يثبت الحق للإمام تحليل يوجد في الذي ثبت في ماله الشخصي. [فلا يدل على أنه إذا تعلق الخمس بما في يد شخص من الشيعة كان حلالاً له] لا لا, التحليل فقط ماذا؟ يعني أنت لست ضامناً عن الغير. [نعم, يدل] من هنا يقول هو [كنّا نفتي في السابق وإن لم ندري أنه هل كان يوجد موافق لنا أم لا, بأنه إذا مات من تعلق بأمواله الخمس وكان وارثه شيعياً كان حلالاً للوارث ولا يجب عليه إخراج خمسه إذا كان الخمس متعلقاً بعين المال] ليس مسؤول الوارث, لماذا؟ لأن الإمام يقول: >ما أنصفناكم إن كلفناكم< السائل يسأل: >تقع في أيدينا< الآن أعم هذا الذي وقع في أيدينا كان من مخالفٍ لا يعتقد بالخمس أو من شيعي. ما أدري واضحة القضية.

    الآن بأي دليل استدلوا هؤلاء على ذلك؟ ما هي القرينة على أنه خصصوها بالغير ولا تشمل مال الشخص, بقرينتين: قرينة داخلية وقرينة خارجية.

    أما القرينة الداخلية: التعبير في النص >تقع في أيدينا< هذا تعبير >تقع< يعني مرتبطة بنا أو جاءتنا من الغير؟ جاءتنا من الغير, هذا الذي وقع في أيدينا حقك ثابت فيها, هذه القرينة الأولى.

    القرينة الثانية -هذه قرينة عملية- أن الأئمة^ كانوا يأخذون الخمس من الأموال الثابت للشخص نفسه, كان يأخذون أو لا يأخذون؟ نعم ذكرنا قبل قليل, نعم لم يثبت أنهم أخذوا الخمس من مالٍ ثبت عند الغير وانتقل إلى الشيعي هذا لم يقولوا بضمان الشيعة عن مال الغير, أما نفس ماله؟ قلنا: كانوا يأخذون الخمس, هذا خير قرينة على أن, هذه قرينة خارجية لا قرينة داخلية.

    هذا مضافاً إلى أنه أساساً أنا أتصور أن القرينة الأولى غير نافعة كثيراً, لماذا؟ لأنه تقع ليس بالضرورة يعني من أموال الغير حتّى من أموال شخص أيضاً وقوع في اليد, المهم, أن المشهور من الأعلام الذين كتبوا في هذه المسألة تفصيلاً ومنهم الأعزة هذا الكتاب يكون بأيديهم من الكتب التي لعله أكثر تفصيلاً لعله من أوسع الكتب التي كتبت أعزائي في الخمس, وهو (كتاب فقه الشيعة, مدارك العروة الوثقى لسماحة آية الله سيد محمد مهدي الموسوي الخلخالي) لعله أوسع من كتب في الخمس في هذا الكتاب. هناك بالإمكان مراجعة هذا البحث (ج2, ص681) يقول: [وظاهرها فرض تعلق الحق بالأموال قبل وقوعها في أيدي الشيعة فإنَّ ضمان هذه الحقوق على الشيعة يكون كلفةً عليهم دون ما يتعلق بأموال أنفسهم كأرباح مكاسبهم فإنه حقٌ ثابت عليهم مباشرةً لا ضمان ما ثبت على غيره ..] إلى آخره, بالإمكان مراجعة هذا البحث هناك.

    إنَّما المشكلة كلّ المشكلة في البحث الثالث, وهي: أن التحليل لم يكن مطلقاً وإنما قال: >ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم< فما هو المقصود من اليوم؟ الإمام لم يحلل مطلقاً لم يقل محلل مطلقاً, >ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك< لو كان يقول هكذا, نعم, ولكن الإمام ماذا قال؟ قال: >اليوم<.

    من هنا اختلفت كلمات الأعلام في بيان المراد من اليوم, فرأيٌ قال المراد من اليوم في قبال يوم السقيفة, .. الآن المهم, لأن الرواية عن الإمام الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) في قبال يوم السقيفة كما لم نكلفكم ذلك اليوم أن تنتصروا لحقنا اليوم أيضاً لا نفرض عليكم أن تعطونا حقنا.

    ورأي قال: المراد من اليوم يعني يوم التقية, باعتبار أن الأئمة في زمن الإمام الصادق كانوا يعيشون حال التقية.

    ورأي ثالث ورابع إن شاء الله يأتي غد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1282

  • جديد المرئيات