نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (221)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    انتهى بنا الكلام إلى معتبرة يونس بن يعقوب وقد وقفنا عند هذه الرواية وهي من الروايات المهمة في أبواب أو في مباحث التحليل ولعل لنا عودة أخرى إلى هذه المعتبرة وإلى هذه الصحيحة في البحث القادم.

    إلى هنا انتهينا من بيان موقفين من المواقف إزاء نصوص التحليل.

    الموقف الأوّل: هو عدم التحليل مطلقا. وقد قلنا: أنه غير تام.

    الموقف الثاني: هو التحليل مطلقا, وأيضاً اتضح أنه غير تامٍ.

    الموقف الثالث: هذا الموقف الثالث يُعد من المواقف لعله هو المشهور بين فقهائنا المعاصرين وهو التفصيل بين ما كان حقهم في أيدي غير المعتقدين بالخمس ثمَّ انتقل إلى شيعتهم, فليسوا هم من المسؤولين والضامنين لهذا الحق, وبين الحق الذي في مال نفس أتباع مدرسة أهل البيت وهم الشيعة, فإنهم لابدَّ من دفعه.

    من هنا حملوا هؤلاء الروايات التحليل التي أشرنا إليها على القسم الأوّل وهو ما تعلق الحق به في مال الغير ثمَّ انتقل إلى الشيعي, وروايات عدم التحليل على ما تعلق الحق في مالهم بأنفسهم, هذا القول أعزائي أو هذا الموقف لعله بدأ من كاشف الغطاء, ثمَّ بعد ذلك جاء في كلمات صاحب الجواهر ومن بعده في كلمات الفقيه الهمداني, إلى أن انتهى إلى سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي+ فوق عنده مفصلاً ومبينّاً خصوصيات وحيثيات هذا الموقف وتبعه جملة من الأعلام منهم سيدنا الشهيد+ في (المحاضرات التأسيسية).

    كلام كاشف الغطاء في كتابه (كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء) للشيخ جعفر كاشف الغطاء, هذه الطبعة الحجرية التي هي في (ص364, من أبحاث الوقف) من الكتاب, هذه عبارته هناك بشكل واضح يقول هناك في هذه العبارة يقول: [وكل شيءٍ يكون بيد الإمام ممّا اختص أو اشترك بين المسلمين يجوز أخذه من يد حاكم الجور بشراءٍ أو غيره من الهبات والمعاوضات والإجارات لأنهم أحلّوا ذلك للإمامية من شيعتهم] إذن كلّ ما كان لهم حق ووقع في يد الظالمين ثمَّ انتقل إلى الشيعة فإنَّ الأئمة أحلوا لهم ذلك, لا نتكلم في روايات التحليل ولكنه استفاد جملة من الأعلام هذا المعنى.

    ولذا نجد بأنه أساساً هذا القول عندما جاء في كلمات صاحب الجواهر+ في (الجواهر, ج16, ص141) قال: [وكيف كان فسبر هذه الأخبار المعتبرة الكثيرة التي كادت تكون متواترة المشتملة] هذا الذي قلناه في روايات التحليل قلنا أنها شبه مقطوعة [كادت تكون متواترة المشتملة على التعليل العجيب والسر الغريب يشرف الفقيه على القطع بإباحتهم (عليهم السلام) شيعتهم زمن الغيبة بل والحضور] وهذا الذي أشرنا إليه أن روايات التحليل ليست مختصة بزمان الغيبة, بل ظاهرها مطلق يشمل زمن الحضور وزمن الغيبة. [بل والحضور الذي هو كالغيبة في قصور اليد وعدم بسطها إباحتهم سائر حقوقهم في الأنفال] الذي واضح هذا, إنَّما الكلام الآن في الخمس, [بل وغيرها ممّا كان في أيديهم وأمره راجعٌ إليهم ممّا هو مشترك بين المسلمين ثمَّ صار في أيدي غيرهم من أعدائهم كما نصّ عليه الأستاذ في كشفه] مراده كشف الغطاء الذي قرأنا العبارة قبل ذلك.

    وأوضح من ذلك جميعاً ما أشار إليه الفقيه الهمداني في (مصباح الفقيه, ج14, ص265) العبارة واضحة, يقول: [بل المتدبر في أخبار أهل البيت يرى أن عمدة ما تعلق به غرض الأئمة (عليهم السلام) من كثير من الأخبار الواردة في التحليل إنَّما هو تحليل ما ينتقل إلى الشيعة من المخالفين الذين غصبوا حقهم واستولوا على خمسهم وفيئهم كما هو صريح] كذا .. [وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أن كلّ ما كان أمره راجعاً إلى الإمام ثمَّ صار في أيدي أعدائهم أبيح للشيعة أخذه منهم وإجراء أثر الولاية الحق عليهم].

    وهذا الكلام بشكل أوضح وأصرح جاء في كلمات السيّد الخوئي+ في (المستند, ص345) قال: [والأقوى أن يقال أنه حمل نصوص التحليل على ما انتقل إلى الشيعة ممن لا يعتقد الخمس] يعني من المخالفين أو غير المخالفين, نعم الآن هناك بحث فرعٌ وهو أنه يشمل أيضاً من لا يخمس وإن اعتقد الخمس أو لا؟ ذاك إن شاء الله تعالى في فروع المسألة نذكرها وإلا أصل المسألة انتقل إذا تعلق الحق في يد الغير ثمَّ انتقل, [وأما ما وجب على المكلف نفسه فلا موجب لسقوطه ولم يتعلق به التحليل فتكون نصوص التحليل ناظرة إلى الأوّل ونصوص العدم ناظرة إلى الثاني].

    هذا لعله أوضح عبارة من عبارات المتقدمين+, وهذا نفسه هذا الكلام أيضاً جاء في كلمات سيدنا الشهيد+ في (المحاضرات التأسيسية) التي قراناه فيما سبق في (ص480, وكذلك في ص489) يقول: [ما كان من حقهم في أيدي العامة فوقع في يد الشيعة الدال على حليته فلان وفلان وفلان … من الروايات].

    هذا هو القول أو الموقف الثالث, وهو أننا نجمع بين هذه الروايات المتعارضة التي في كلا الطرفين توجد عندنا روايات صحيحة السند, فهنا لا أنه طائفة منها صحيحة وطائفة منها غير صحيحة, لا في كلا الطرفين روايات دالة على التحليل وروايات دالة على عدم التحليل, وفي كلتا الروايتين أيضاًِ أو في كلتا الطائفتين يوجد إطلاق سنشير إليه, يعني هذه شاملة سواء ما تعلق بنفسه أو بغيره, ذيك أيضاً ما تعلق بنفسه أو بغيره. جيد.

    ما هو الموقف؟ الموقف أشار إليه.

    ولكن قبل أن ندخل في بيان وجه الجمع الذي أشار إليه السيّد الخوئي, في كلمات السابقين هذه وجه الجمع ليس موجود وإنما في كلمات سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي موجود هذا الكلام, ولكن قبل الدخول في ذلك, الأعزة الذين يحضرون عندنا بحث تعارض الأدلة يعلمون بأنه الآن نحن نتكلم في هذه المسألة ولكن باعتبار أن جمع من الأعزة ما يحضرون بحث التعارض أنا أشير إلى المسألة بنحو الفتاوى.

    أعزائي, في مسألة تعارض الروايات الصحيحة السند, بين فقهاء الإمامية من عصر الغيبة الصغرى إلى يومنا هذا, توجد مواقف ثلاثة:

    الموقف الأوّل: وهو الموقف الذي أشرنا إليه بالأمس في بحث التعارض قلنا يقول ماذا؟ >بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك< يعني المكلف خصوصاً إذا كان من أهل الخبرة, ما أريد أن أقول أنه كان مجتهداً, كان من أهل الخبرة يرجع إلى الروايات الروايات تقول له أنت بإمكانك أن تعمل بروايات التحليل وبإمكانك أن تعمل بروايات عدم التحليل, أنت تريد أن تأخذ هذه تأخذ هذه, بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك, وهذا هو الذي نقلناه عن الكليني في أول أصول الكافي, قال بعد أن نقول النصوص قال: [فاعلم يا أخي, ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلاَّ أقله] حتّى أضع الأعزة في الصورة حتّى ما نأخذ وقت الأعزة انظروا قال بأنه عندنا روايات متعارضة, والأئمة قالوا لنا إما ارجعوا فيها إلى ما وافق الكتاب أو ما خالف العامة أو خذوا بالمجمع, يقول: وهذه الضوابط الثلاثة التي ذكرها الأئمة نحن لا نستطيع أن نطبقها [لا نعرف منها إلاَّ أقله ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلاَّ أقله] إذن ما العمل في الروايات المتعارضة قال: [ولا نجد شيئاً أحوط] إذن هو القول الأحوط [ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم] بعد ماذا نفعل؟ [وقبول ما وسّع من الأمر فيه بأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم].

    ولذا تجدون بأنه صاحب الكافي الكليني نقل الروايات المتعارضة ولم يسعى للجمع بينهما كما فعل الشيخ الطوسي, الشيخ الطوسي في التهذيب ماذا فعل؟ حاول أن يجمع, ولكنه الكليني أبداً لا تجد أنت في أصول الكافي في فروع الكافي محاولات للجمع لماذا؟ لأن المبنى هو هذا وهو >بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك< هذا هو الاتجاه الأوّل.

    الاتجاه الثاني, الموقف الثاني: وهو الذي تطور أفضل من الموقف الأوّل وهو الذي أشار إليه الشيخ الطوسي في أول التهذيب, هناك في (مقدمة التهذيب, ص3-4) هذه عبارته, بعد أن ينقل أنه أساساً ماذا نفعل؟ يقول: [ومهما تمكنت من تأويل بعض الأحاديث من غير أن أطعن في إسنادها فإني لا أتعداه] كلّ ما استطعت أن أجمع بين النصوص من غير أن أسقطها, ولكن هذا الجمع كيف تجمع, جمع تبرعي؟ يقول لا, [وأجتهد أن أروي في معنى ما أتأول الحديث عليه حديثاً آخر] هذا الوجه الذي ذكرته للجمع أحاول أن أجد عليه شاهداً حتّى أخرجه عن حالة الجمع التبرعي أو عبروا عنه الجمع الثبوتي الذي أشرنا إليه بالأمس, [يتضمن ذلك إما من صريحه] يعني هذه الرواية الأخرى شاهد الجمع [أو فحواه حتّى أكون عاملاً على الفتوى والتأويل بالأثر] هذا التأويل الذي أذكره لا أذكره جزافاً وإنما استناداً إلى الأثر.

    سؤال: شيخنا هذه ضرورة من الضرورات في الروايات المتعارضة؟ التفتوا جيداً تطور عملية أبحاث التعارض من كلمات المتقدمين إلى كلمات المتأخرين والمعاصرين. سؤال: شيخنا هذا ضروري؟ يقول لا, ليس لازم هذا, ولكن أحسن, يعني الجمع بين الروايات المتعارضة من خلال شاهد جمع آخر هذا من الضروريات أو ليس من الضروريات, الآن في فقهنا المعاصر ما هو؟ أصلاً من مقومات عملية الاستنباط, أصلاً لا يسمح بغير هذا, يعتبر من الخطوط الحمراء في عملية الاستنباط, انظروا إلى العبارة, يقول: [وإن كان هذا مما لا يجب علينا] أنه أن نجمع جمعاً من خلال شاهدٍ هذا ليس من الضروريات, إذن لماذا تفعل ذلك شيخنا, ما هي الضرورة؟ يقول: [لكنه مما يؤنس بالتمسك بالأحاديث] حتّى ما نسقط الأحاديث عن الاعتبار, لأنه إذا صار البناء في التعارض نرجع إلى المرجحات إما نسقط هذا أو نسقط هذا, ونحن لا نريد ماذا؟ وهذه هي التي بعد ذلك تأسست بعنوان قاعدة عامة >كلّ ما أمكن الجمع فهو أولى< ماذا؟ ولكن تلك الأولوية كانت أولوية تفضيلية, الآن في زماننا أولوية تعيينية. ما أدري واضح هذا إلى هنا, هذا الموقف الثاني.

    الموقف الثالث -هو المشهور الآن- وهو: أنه بمجرد أن وصلنا إلى روايتين متعارضتين المراحل التي يمر بها الأعلام ما هي؟ يقولون أولاً: نحاول أن نجمع بينها جمعاً دلالياً, وهذا الجمع الدلالي إن شاء الله تفصيله في مباحث التعارض, إما جمع عرفي يعني العرف أيضاً هكذا يفعلون وإما جمع دقي يعني جمع تخصصي أنه هذه تباين هذه, جعل روايةٍ ثالثة شاهد جمع طيب هذا ليس جمع عرفي هذا, هذا جمع ماذا؟ جمع دقي جمع تخصصي, أما حمل العام على الخاص هذا ليس جمع عرفي, لو جمع الكلمان يظهر منه هذا الكلام. هذا أيضاً الموقف الثالث.

    وفي اعتقادنا نحن لا نوافق على هذه المواقف الثلاث, لنا موقف رابع في المتعارضات, هذا إن شاء الله سنعرض له في محله, الآن نتكلم على مباني القوم على مباني المشهور من المعاصرين, لا على مبنى من؟ لا على مبنى الكليني ولا على مبنى الطوسي, وإنما على مبنى, ومن هنا نحن ذكرنا للأعزة, أعزائي أنت إذا لم يتضح مبانيك بشكل واضح في العملية الاستدلالية في مباحث التعارض أساساً تدخل إلى الفقه وإلى عملية الاستنباط دخول أعمى واقعاً تتخبط مرة هكذا ومرة ذاك, على أي الأحوال.

    الآن تعالوا معنا إلى ما ذكره سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي في المقام, الذي مبني على ماذا؟ مبني على تحقق أو تبني هذا الموقف الثالث, وإلا إذا جنابك صار الموقف الأوّل أو الموقف الثاني فهذا الوجه الذي يذكره السيّد الخوئي له ضرورة أو ليس له ضرورة؟ نعم التفتوا, المباني لابدَّ أن تكون بأيديكم لا حفظ الكلمات وما قال هذا وما قال ذاك, وإلا ما زدت في البلد إلاَّ نسخة, أعزائي المفروض أن تعرفوا المباني أين, فإذا تعرفتم على المباني عند ذلك عملية الاستنباط واقعاً ليست بتلك الصعوبة التي تصور, عملية الاستنباط إنَّما هي أهميتها في هذه المفاتيح التي نقف عليها. جيد. تعالوا معنا إلى السيّد الخوئي.

    السيّد الخوئي+ في (مستند العروة الوثقى) يقول الطوائف الموجودة في المقام ثلاثة: الطائفة الأولى: التي أشار إليها في (ص341) قال.

    نقف تفصيلاً على كلمات السيّد الخوئي لأنه أكثر الأعلام, ما أريد الآن أن أذكر الأسماء الذين تكلموا في هذه المسألة اختاروا ما ذكره السيّد الخوئي عيالٌ عليه تقريباً, ولذا لابدَّ أن نقف عند هذه المسألة فإذا اتضحت عند ذلك يتضح موقفنا من جميع كلمات الآخرين من تلامذته وغير تلامذته.

    يقول: [يظهر من جملة من الأخبار إباحة الخمس للشيعة إباحةً مطلقة, بلا قيد ولا شرط] يعني سواء انتقل إليهم من الغير أو كان في مال أنفسهم [سواء كان في عصر الحضور أو في عصر الغيبة] والحق كذلك, يعني مجموعة من الروايات التي استقرأناها فيما سبق. [وأنهم في حلٍ منه لا يجب عليهم أداءه بتاتاً فكأن] لازم هذه الروايات [فكأن التشريع] تشريع الخمس أصل الخمس بمختلف أبوابه من غنائم دار الحرب إلى أرباح المكاسب [فكأن التشريع بالإضافة إليهم لم يتجاوز مرحلة الاقتضاء, ولم يبلغ مقام الفعلية, لاقتران ذلك التشريع بتحليلهم وإباحتهم صلوات الله وسلامه عليهم]. ما هي الروايات الدالة على ذلك الطائفة الأولى؟ يقول: وهي مجموعة من الروايات صحيحة السند [فالعمدة منها صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر الباقر قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) >هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا<].

    الآن البعض يحاول يقول المراد من الناس يعني المخالفين, هذا كلام جداً يحتاج إلى مؤونة, الناس مطلق الناس, شيعتهم وغير شيعتهم, حضوراً وغيبةً في كلّ ما لهم فيه حقٌ سواء كان من غنائم دار الحرب أو كان من أرباح المكاسب [>هلك الناس لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا ألا وإن شيعتنا من ذلك وآبائهم -أو أبنائهم- في حل<] واضحة فيها قيد فيها شرط؟ أبداً مطلقة, غيبةً وحضوراً, شيعة وغير شيعة غنائم دار الحرب وغير غنائم دار الحرب, [ونحوها صحيحة زرارة عن أبي جعفر قال: إن أمير المؤمنين حللهم من الخمس] كلّ ما يصدق عليه الخمس, فإنَّ الأمير (عليه السلام) حللهم, وهذه الرواية واردة في زمن الإمام أمير المؤمنين من ذاك الزمن, لا أنه واردة في زمن الإمام الجواد. وأيضاً بلا قيد ولا شرط.

    [ونحوها أيضاً معتبرة الحارث, قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فجلست عنده فإذا نجيه قد استأذن عليه فأذن له فدخل, فجثا على ركبتيه ثمَّ قال: جعلت فداك, إني أريد أن أسألك عن مسألة والله ما أريد بها إلاَّ فكاك رقبتي من النار, فكأنه رق له الإمام, فاستوى جالساً إلى أن قال: اللهم إنا قد أحللنا ذلك لشيعتنا< وهكذا روايته الأخرى] التي قراناها فيما سبق [>قلت له: إن لنا أموال من غلاة وتجارات ونحو ذلك] هذه أيضاً ما فيها عبارة >وتقع في أيدينا< التي هي في معتبرة يونس بن يعقوب, [>وقد علمت أن لك فيها حقا, قال: فلمَ أحللنا لشيعتنا إلاَّ لتطيب ولادتهم وكل من والى أبائي فهو في حلٍ مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب<].

    أتصور روايات واضحة الدلالة وكما قال سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي بأنها مطلقة تفيد التحليل بلا قيد أو شرط, ولكن لا إشكال ولا شبهة على مبنى التسليم, على مبنى الكليني تستطيع أن تعمل بهذه وتنتهي القضية, ولكن المبنى ماذا؟ ولذا الإخوة الذين يريدون أن يرتاحوا يختارون في بحث التعارض يختارون هذا المبنى وتنحل عندهم المشكلة.

    أما من الواضح بأنَّ هذه الروايات لا يمكن العمل بها كما يقول السيّد الخوئي والحق معه, لماذا؟ يقول: أولاً: أساساً إذن مخالفة لأصل تشريع الخمس, أنت عندما تأتي تجد أن الخمس إنَّما شرع لأهداف وغايات وبغض النظر عما ذكر في الروايات وغير ذلك, لا معنى لأن يذكر على نحو التشريع من غير تطبيق على الإطلاق, هذا أولاً.

    وثانياً: معارضة بروايات عدم التحليل التي سنقرئها في الطائفة الثانية.

    وثالثة: وهو الأهم وقرانا ذلك مفصلاً فيما سبق, معارضة للسيرة المستمرة من الأئمة الذين كانوا يأخذون الخمس من الشيعة.

    إذن لا إشكال ولا شبهة لابدَّ أن تقرأ وتفهم هذه الروايات فهماً لا يقع تعارضٌ بين هذا التحليل وبين السيرة المستمرة من أئمة أهل البيت على أخذ الخمس. وهذه قضية واضحة.

    ومن هنا الأعزة الذين يريدون أن يراجعون في (ص343) يقول: [وهذه الروايات مضافاً إلى معارضتها] معارضة في الطائفة الثانية, [بما ستعرف غير قابلةٍ للتصديق في نفسها] أصلاً لا يمكن قبولها لماذا؟ [أولاً: من أجل منافاتها لتشريع الخمس الذي هو لسد حاجات السادة والفقراء, وثانياً: أنها معارضة بالروايات الكثيرة الآمرة بدفع الخمس في الموارد المتفرقة, وثالثاً: السيرة المستمرة الواردة عنهم أنهم كانوا يقبضون الخمس].

    إذن الطائفة الأولى واضحة.

    أما الطائفة الثانية ما هي؟ الطائفة الدالة على عدم التحليل بغض النظر وإذا ضمت إليها السيرة فنور على نور, وهي الروايات التي قالت بأنه حللنا أو لم نحلل؟ قال ولا درهم واحد, فكأنما أكل النيران, كما في التوقيع الصادر, قراناه هذا كله فيما سبق, قال: [وأما الطائفة الثانية في نفي التحليل مطلقا].

    يستند إلى بعض الروايات, الآن عندنا فيها كلام أو لا؟ إن شاء الله بعد ذلك عندما نأتي في مقام المناقشة هذه الروايات تتضح. يستند إلى الرواية الأولى وهي الرواية: >كنت عند أبي جعفر الثاني إذ دخل عليه صالح ابن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم, فقال يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلٍ فإني قد أنفقتها, فقال: أنت في حلٍ, فلما خرج صالح قال أبو جعفر: أحدهم يثبت على أموال آل محمد’ وأيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم ثمَّ يأخذه ثمَّ يجيء فيقول اجعلني في حل أتراه ظن أني أقول لا أفعل والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثا<.

    وكذلك معتبرة أبي بصير: >سمعته يقول: من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله, اشترى ما لا يحل له<.

    وكذلك, وكذلك إلى آخره.

    إذن الطائفة الأولى التحليل مطلقاً.

    الطائفة الثانية: عدم التحليل مطلقاً.

    من هنا نجد بأنه السيّد الخوئي انتهى إلى هذه النتيجة قال: [ولابد إذن من الجمع] على القاعدة على المبنى وهو أن الجمع الدلالي مقدمٌ على المرجحات, إذا وجدنا جمعاً دلالياً إما جمع عرفي, وإما جمع اختصاصي تخصصي, هذا لا تصل النوبة إلى المرجحات السندية, ما هي المرجحات السندية؟ إما بموافقة الكتاب أو بمخالفة الأمر, فالآن أولاً: الخطوة الأولى لابدَّ أن نجد أنه يوجد جمع دلالي أو لا يوجد؟

    يقول, بعد أن يقول: [والأقوى في مقام الجمع هو هذا الذي أشرنا إليه وهو أن نحمل نصوص التحليل تكون ناظرة إلى الأوّل] يعني إذا انتقل إليه المال الذي تعلق به الخمس في مال من لا يعتقد أو في مال من لم يؤدي, هذه روايات التحليل نحملها على ذاك, وروايات عدم التحليل نحملها لا, ما تعلق بنفسه فلا موجب لسقوطه [وتدلنا على هذا التفصيل]. الطائفة الثالثة.

    الآن بحث فني مفصل في محله, وهو أنه هل يشترط أن تكون الروايات المفصِلة, تلك الروايات ماذا عبروا عنها غير المفصلة المجملة, أما هذه مفصِلة هل تكون لابدَّ أن تكون ناظرة إلى تلك الروايات أو لا يشترط ذلك؟ هذا أين لابدَّ أن يبحث؟ في باب التعارض.

    طبعاً هذا المنهج الذي الآن نشير إليه هو المنهج الذي سار عليه بشكل تفصيلي, الأعزة إذا يريدون أن يراجعون وكثير من الجموع التي ذكرت هناك وجدت في كلمات الأعلام وهو في كتاب (مختلف الحديث ابن قتيبه) كثير من هذه الجموع التي موجودة هنا منشأها ماذا؟ ما أريد أن أقول في هذا المورد, لأنه هو حاول في باب العقائد في باب الفروع في باب الأخلاق يذكر الروايات وبالأمس ذكرنا إلى المثال في باب التعارض أشرنا إلى مثاله أن الروايات المتعارضة يحاول أن يجمع بينها جمعاً ليس سندياً, جمعاً دلالياً.

    الآن, وأنا بودي أن الأعزة واقعاً نصيحتي للأعزة أن يقرؤوا هذا الكتاب, لأنه في كثير من الأحيان لا يوجد شاهد جمع خارجي, يعني لا توجد رواية مفصلة, ماذا يوجد؟ لا, يذهب إلى الرواية ليحليلها بحسب ظروف الصدور, يقول هذه الرواية النبي’ كان في السفر, وكان السؤال هكذا, والذين محيطين ظروفهم هكذا, فالنبي قال كذا لا لأنه حكم كلي يشير إلى ماذا؟ إلى حكم هذه الواقعة, ولكن لأنه نحن جردنا هذه الرواية عن الظروف المحيطة بها فصارت معارضة ماذا؟

    وهذه أعزائي من أهم أسباب وقوع الاختلاف والتعارض والتنافي بالروايات. وهو أنه جئنا إلى رواية عن رسول الله جردناها من ظروفها, ثمَّ جئنا إلى روايةٍ عن الإمام الجواد جردناها من ظروفها فوضعنا هذا الكلام مجرداً عن الظروف, جنب هذا الكلام وجدت بينهما تعارض. وهذه هي مشكلة فقه الإمامية, بشكل واضح أقول لكم, ما لم تحل, قد تقول ليس سيدنا نحن نوافق على التجريد, أقول: جيد, تعال أولاً أسس لي المبنى أين؟ في علم الأصول, قل الحق لابدَّ أن يجرد كلّ شيء من ظروفه, ولكن أين بحثتهم هذه المسألة, أخذتموها أصلاً موضوعياً, هذا مجرد, وكأن الأئمة (عليهم السلام) كانوا يعيشون في عالم البرزخ لا في عالم ماذا؟

    أنا ذكرت لبعض الأعزة أحد الأعلام أعلام أساتذتنا, الشيخ الوحيد (الله يحفظه ويطيل في عمره) طيب أنتم كان يقول بأنه والآن لعله في مناسك الحج, أنه الأولى فالأولى أفضل أحوط أن الطواف يكون ماذا؟ (كلام أحد الحضور) وبين المقام, أنا رأيته محرماً في الحج كونوا على ثقة يطوف بجنب الجدار, المسافة كم يعني لو كان يوجد مجال آخر كان ماذا؟ فمن خلفه جئت وسلمت عليه وقلت له شيخنا الطواف ليس هنا هناك, أشرت إليه أين؟ مقام إبراهيم شخصاً, عرفت كيف, كونوا على ثقة نص عبارته قال: [في هذه الشروط الطواف هنا] التفتوا إلى العبارة, الآن هذه الشروط إذا هو لم يره يستطيع أن يقول هنا أو لا يستطيع؟

    مولانا هؤلاء النبي الأكرم الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) كانوا يعيشون شروط الأمة فلا يمكن أن تجرد.

    تتمة الكلام تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 994

  • جديد المرئيات