بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
كان الكلام في الموقف الثالث الذي ذهب إليه جملة من الأعلام وممن اختاره أيضاً سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي+ حيث ذهب إلى هذا التفصيل الذي أشرنا إليه فيما سبق.
وفي مقام إقامة الدليل على هذا الموقف قال: بأنه توجد هناك طوائف ثلاثة من الروايات:
الطائفة الأولى: الدالة على التحليل مطلقاً بلا قيد أو شرط فيشمل أصل الحضور والغيبة و… إلى آخره.
الطائفة الثانية: هي الطائفة الدالة على عدم التحليل مطلقا.
ثمَّ قال: بأنَّ هاتين الطائفتين لا يوجد بينهما جمعٌ عرفي, يعني: بمعنى أنه مطلق ومقيد مثلاً حاكم ومحكوم وارد ومورد عام وخاص ونحو ذلك. من هنا حاول أن يجمع بين الطائفتين من خلال طائفة ثالثة من الروايات.
ولذا عبارته في (المستند) كما أشرنا إليه في الأبحاث السابقة, (ص341- 345) قال: [يظهر من جملة من الأخبار إباحة الخمس مطلقا, وبإزائها ما دل على عدم الإباحة مطلقا, وهناك ما تضم التحليل بالنسبة إلى من انتقل إليه, فإذن تكون الطوائف ثلاث].
ثمَّ جاء إلى (ص345) قال: [والأقوى في مقام الجمع حمل نصوص التحليل على ما انتقل إلى الشيعة ممن لا يعتقد الخمس, وأما ما وجب على المكلف نفسه فلا موجب لسقوطه فتكون نصوص التحليل ناظرة إلى الأوّل] يعني ما انتقل إليه [ونصوص العدم ناظرة إلى الثاني] يعني ما وجب على المكلف في مال نفسه.
أما ما هي الطائفة الثالثة من الروايات, تكلمنا في البحث السابق عن الطائفة الأولى وعن الطائفة الثانية من الروايات.
أما الطائفة الثالثة من الروايات, فقد أشار السيّد الخوئي إلى روايتين في المقام:
الرواية الأولى: وهي رواية يونس بن يعقوب, قال: >كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجلٌ من القماطنين< وهي الرواية التي وقفنا عليها فيما سبق, قال: >ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم< هذه الرواية الأولى. حيث أشار بشكل واضح قال: [وقد دلت على التحليل بالإضافة إلى الأموال التي تقع في الأيدي, أي: تنتقل من الغير بشراء وغيره وأنه لا يجب على الآخذ ومن انتقل إليه إعطاء الخمس, وأنهم (عليهم السلام) حللوا ذلك لشيعتهم<] هذه الرواية الأولى.
الرواية الثانية: وهي ما رواه [>الشيخ بإسناده عن أبي سلم سالم ابن مُكرَم<] لا مُكرِم [>سالم ابن مُكرَم وهو أبو خديجة عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: رجلٌ وأنا حاضر حلل لي الفروج ففزع أبو عبد الله (عليه السلام) فقال له رجلٌ: ليس يسألك أن يعترض الطريق إنَّما يسألك خادماً يشتريها أو امرأةً يتزوجها أو ميراث يصيبه أو تجارة أو شيئاً أعطي, فقال: هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والميت منهم والحي وما يولد منهم إلى يوم القيامة<] ثمَّ يقول التفتوا إلى العبارة [وهي صريحة في المدعى] الآن بعد ذلك لابدَّ أن نرى بأنه واقعاً يوجد فيها صراحة أو لا يوجد, يوجد فيها ظهور على المدعى أو لا يوجد؟ الآن فقط نقرر مطلب السيّد الخوئي, [وهي صريحة في المدعى, أعني: التحليل في المال المنتقل إليه بشراء ونحوه] إذن يستند إلى هاتين الروايتين. رواية يونس بن يعقوب ورواية سالم بن مُكرَم.
من هنا لابدَّ أن نقف عند هاتين الروايتين, الرواية الأولى, والرواية الثانية, سنداً ودلالةً لنرى أنها هل تدل على هذا المدعى الموقف الثالث, هذا التفصيل الذي أشار إليه السيّد الخوئي أم لا تدل؟
أما الرواية الأولى: وهي رواية يونس بن يعقوب, ذكرنا فيما سبق الأعزة يتذكرون أننا وقفنا طويلاً عند رواية يونس ابن يعقوب, من حيث السند الرواية لا مجال للإشكال فيها سنداً, أما من حيث الدلالة.
فيما يتعلق بالدلالة الأعزة يتذكرون قلنا: بأنَّ الأعلام الذين قالوا بهذا التفصيل لم يبينوا لنا قرينة إلاَّ قول الإمام أو قول السائل >تقع في أيدينا< هذا تعبير >تقع في أيدينا< يعني تقع من الغير في أيديهم.
هذه العبارة إذا يتذكر الأعزة فيما سبق يعني قبل درسين ثلاثة لا أكثر قلنا: أولاً: أنها ليست ظاهرة بمعنى الانتقال من الغير, لا ظهور لها, لأن العبارة قالت >تقع في أيدينا الأموال< والسيد عبّر عنها فسّرها قال: [أي: تنتقل من الغير] قلنا لا ظهور في عبارة >تقع< في أنها تنتقل إلينا من الغير, هذا أولاً.
وثانياً: توجد قرينة على الخلاف, هذه القرينة وهي قوله: >وإنّا عن ذلك مقصرون< طيب أولئك مقصرون لماذا نحن مقصرون, إذا لم يكن قد تعلق الحق في ماله, لماذا هو يكون, يعني: الآخرون يعصون وأنا أكون أنا المقصر, هذا أي منطقٍ {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الآخر الذي تعلقت بذمته كان ضامن كان يجب أن يدفع أنا أكون المقصر لا ملازمة هذا أولاً.
وثانياً: توجد عبارة أخرى لم نشر إليها في البحث السابق وهي: أن السائل يقول: >تقع في أيدينا الأموال والأرباح< من الواضح أن الأرباح لا تقع من الغير وإنما الأرباح يحصل في مال الإنسان نفسه, لا معنى أن أقول انتقلت إليّ الأرباح من الغير, أيعقل هذا المعنى أن أقول انتقلت إليّ الأرباح, وإنما حصلت الأرباح في مالي.
اللهم إلاَّ على تكلفٍ وهو المراد من الأرباح يعني الأموال التي يقع فيها الربح وهذا خلاف ظاهر الرواية. هذا ثانياً.
إذن أعزائي: أولاً: لم يقيموا أي دليلٍ على أن المراد من تقع يعني تنتقل, وثانياً: أن الدليل على خلافها, هذا ثانياً.
ثالثاً: أنه الغريب أن سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي لم يتكلم عن كلمة اليوم, التي هي كلّ المشكلة كانت في هذه كلمة اليوم, لو كانت الرواية ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك, لعله كان يقال بأنه لا يوجد, أما الإمام (عليه السلام) يقول >كلفناكم ذلك اليوم< طيب هذا اليوم ماذا؟ إن حملت على الاحتمال الأوّل إن حملت على الاحتمال الثاني إن حملت على الاحتمال الثالث, ولا أقل تؤدي إلى إجمال الرواية لأنه ما هو المراد من اليوم؟
والأعزة يتذكرون أننا وقفنا عند كلمة اليوم وقلنا أنه توجد فيها احتمالات ثلاثة, وهنا نضيف احتمالاً رابعاً, ما هو؟ وهو: أننا في الأبحاث السابقة, قلنا: أن ضمير ذلك, يعود على الأرباح والتجارات والأموال >إن كلفناكم< الخمس اليوم, هذا ذلك نعيده على الأموال والأرباح والتجارات والحق الثابت فيها.
ولكن يوجد احتمال آخر أن يقول قائلٌ: >ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم< ذلك يعود على ماذا؟ على اليوم, لا يعود على الأرباح وإن كان بعيدة عن الذهن ولكنه احتمال أيضاً ماذا؟
ولذا واقعاً جملة من الأعلام ادعوا أن الرواية مع وجود هذه الكلمة تكون الرواية ماذا؟ مجملة لا ظهور لها.
وعلى هذا الأساس أعزائي كيف يمكن أن نحمل تلك الروايات المتعارضة المتباينة التي تدل الطائفة الأولى على التحليل والثانية على عدم التحليل نجمع بينهما من خلال مثل هذه الرواية التي فيها ألف مشكلة في المضمون وفي فقهها.
إذن هذه الرواية واقعاً لا يمكن الاستناد إليها للجمع بين الطائفتين المتقدمتين الدالة على التحليل وعدم التحليل, هذه الرواية الأولى.
الرواية الثانية-التي اعتقد أنها هي محل الكلام ولعله هي المستند الأصلي لا الرواية الأولى- هي: رواية سالم ابن مُكرَم. السيّد الخوئي+ عبّر عنها بهذا التعبير, الآن قبل أن نصل إلى المضمون نتكلم عن السند أولاً, قال: [كما أنها صحيحة السند على الأظهر] هذا معناه أنه ماذا توجد في الرواية, يوجد إشكالٌ في الرواية في السند قبل أن نصل إلى مضمون الرواية, ونحن نتكلم على مباني القوم على المنهج السندي؛ لأن هؤلاء اعتمدوا على المنهج السندي في القبول وعدم القبول في الحجية وعدم الحجية, نحن ليس هذا منهجنا ولكنه منهج القوم نتكلم على مباني السيّد الخوئي, خصوصاً وهو الذي أسس لهذا المنهج المنهج السندي بهذا المعنى الدقي في العصور المتأخرة, [كما أنها صحيحة السند على الأظهر].
وجملة من الأعلام أشكلوا في السند قالوا أن السند ماذا؟ ضعيف, ومنهم السيّد الصدر& مع أنه ينتمي إلى نفس هذه المدرسة وهو المنهج السندي, جعل هذه الرواية رواية سالم ابن مُكرَم في (محاضرات تأسيسية) جعلها في الروايات الضعيفة لا في الروايات ماذا؟ تتذكرون, قسّم السيّد الشهيد الروايات الواردة في التحليل إلى قسمين: رواية صحيحة السند وروايات ضعيفة السند وجعل هذه الرواية في الروايات الضعيفة السند, لا الصحيحة السند, نعم بعض تلامذة السيّد الشهيد+ لا, هنا اختاروا ما قاله السيّد الخوئي, قالوا بصحة سند أو أنها جعلوها معتبرة.
من هنا لابدَّ أن نقف عند سند هذه الرواية. طبعاً قد يقول قائل: سيدنا لماذا أقول؟ باعتبار أنه عندما نطبق بعض القواعد الرجالية, يتضح لكم في موارد أخرى عندما يقع مثل هذه المشاكل وخصوصاً أنه في هذه الرواية توجد مشكلة مهمة لابدَّ أن يلتفت إليها.
السند لا توجد فيه مشكلة إلاَّ من خلال سالم بن مُكرَم, هذا سالم بن مُكرَم ما هي كنيته؟ الروايات تقول أن كنيته كانت أبو خديجة, الذي هنا يشير يقول: [فإنَّ سالم بن مُكرَم المكنى بأبي خديجة] ولكنه في قضية خاصّة كنّاه الإمام الصادق بأبي سلمه, ولهذا بعد ذلك قال [بأبي خديجة تارةً وبأبي سلمه كنّاه بها الصادق على ما رواه الكشي].
الآن ما هي القضية؟ القضية كما وردت في كتاب أو المعروف (رجال الكشي, ج2, طبعة مؤسسة آل البيت, ص641) يقول بأنه: [حمل أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) من مكة إلى المدينة] من ويظهر أنه كان حمّالاً يعني له جمّال كان فعنده جمل يحمل مسافرين, [حمل أبا عبد الله من مكة إلى المدينة, قال: أخبرنا] (رقم الحديث661, ج2, ص641) [قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي هاشم عن أبي خديجة قال: قال أبو عبد الله الصادق: لا تكتني بأبي خديجة, قلت: فبمَ أكتني, فقال: بأبي سلمه].
هذه الكنية الثانية وهو أنه أبو سلمه سوف تولد لنا مشكلة بعد ذلك وهي أن مُكرَم والده أيضاً كان يُكنى بأبي سلمه, ومن هنا وقع الخلط أنه عندما يقال أبو سلمه يراد الابن سالم أو يراد أبو سلمه الأب الذي هو مُكرَم ووقعت الاشتباهات وكلمات القوم.
والشخص لا بأس بمعرفة تاريخه, كان من أتباع أبي الخطاب الذي كان يدعي النبوة في زمن الإمام الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) يظهر أن هذه الظواهر لن تنتهي في عصرٍ في كلّ زمان حتّى في زمن الأئمة نحن عندنا لا من يدعي أنه نائب الحجة وابن الحجة ووصي الحجة كما الآن بعض الجهلة يدعون هذه المعاني, وإنما يدعي مع وجود الإمام الصادق أنه نبي, .., [وكان سالم من أصحاب أبي الخطاب] والتفتوا جيداً وكان أيضاً مسلمين يتبعونه, هذه نقطة جداً مهمة, وهو أنه مع وجود هذه الحالة الواضحة أنه ختمت النبوة أيضاً كان يجدون لهم أتباع, إذن لا تستغربوا أعزائي في أي زمانٍ عندما تصير ظواهر انحرافية تجدون لها أتباع تقول كيف يصير هذا, لا هذا طبيعي على مر التاريخ هذه الحالة موجودة.
[وكان سالم من أصحاب أبي الخطاب وكان في المسجد يوم بعث عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن العباس وكان عامل المنصور على الكوفة إلى أبي الخطاب, لما بلغه أنه قد أظهروا الإباحات أباحوا كلّ شيء, ودعوا الناس إلى نبوة أبي الخطاب, وأنهم يجتمعون في المسجد ولزموا الأساطين يورون الناس أنهم قد لزموها للعباد, وبعث إليهم رجلاً فقتلهم جميعاً] وهم أين؟ وهم في المسجد [فقتلهم جميعاً لم يفلت منهم إلاَّ رجلٌ واحد أصابته جراحات فسقط بين القتلى يُعد فيهم] نظروا إليهم وجدوهم كلهم ماذا قتلوا [فلما جنّه الليل خرج من بينهم فتخلص من القتل وهو أبو سلمه] هذا أبو سلمه [من الذين بقوا على قيد الحياة سلمه ابن أبو مُكرَم الجمّال الملقب بأبي خديجة فذكر بعد ذلك أنه تاب وكان ممن يروي الحديث عن من؟ عن الأمام الصادق (عليه السلام) ورواياته كثيرة في كتبهم, الآن هذه أحفظوها جيداً لأنه كما قلت لكم, أعزائي عندما تدخلون إلى المنهج السندي, هذا المنهج السندي فيه مثل هذا, وكثير من الصحابة وكثير من الأصحاب هذه المشكلة في زمن رسول الله نحن في زمن الأئمة عندنا هذه المشكلة, وهو ما هو وضعه كان عندما نقل الحديث ثقة كان ما كان ثقة إلى آخره. جيد.
السؤال المطروح هنا: وهو أنه هل هو ثقة أم لا؟
أعزائي, هذا الرجل ورواياته ليست قليلة موجودة في الكتب, هذا الرجل وقع الاختلاف الشديد بين الشيخ وبين النجاشي, فالشيخ عبّر عنه في (الفهرست) في كتابه (الفهرست) أنه ضعيفٌ, العبارة واضحة في (كتاب الفهرست, رقم الترجمة 313, بحسب هذه الطبعة التي عندي) الآن ما أدري الطبعات الأخرى أين, عبارته واضحة جداً, قال: [سالم ابن مُكرَم يكنى أبا خديجة ومُكرَم] يكنى أبا خديجة يعني سالم يكنى أبا خديجة, [ومُكرَم يكنى أبا سلمه] فإذن الابن أبو خديجة والأب أبو سلمه [ضعيفٌ] بشكل واضح لا أنه مجهول الحال وإنما هو ضعيف, هذه عبارة من؟ عبارة الشيخ في (الفهرست).
أما عبارة النجاشي في (رجال النجاشي, ص188) هذه عبارته هناك: [سالم بن مُكرَم بن عبد الله أبو خديجة ويقال أبو سلمه الكناسي …] إلى أن يقول: [وأن أبا عبد الله يقال كنيته كانت أبا خديجة وأن أبا عبد الله كنّاه أبا سلمه] التفتوا [ثقة ثقةٌ روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهم السلام)] هذه عبارة [ثقة ثقة] في كلمات النجاشي لا تدل على الوثاقة الأعلائية, بل تدل على وثاقة قل أن يتصف بها أحد, ولذا أنتم قليل تجدون في كلمات النجاشي أن يُعبر عنه ماذا؟ [ثقة ثقة] يعني تكرار الثقة.
ولذا جملة من الأعلام قالوا أنه لم يكررها النجاشي إلاَّ في موارد نادرة لبعض الأشخاص وعبّر عنها السيّد الخوئي+ في (المستند) لا في (المعجم) قال: [ما رواه الكشي ثقة جداً على ما نص عليه النجاشي بقوله [ثقة ثقة] أي ليست فيه أية شبهة أبداً].
الآن انظروا القضية. عندما نذهب إلى الاتجاه السندي هذه المشاكل واقعاً موجودة, وعلمان مثل الشيخ الطوسي ومن؟ والنجاشي. شخصٌ يصرح بأنه ضعيف وشخص لا يقول ثقة يقول ثقة ثقة, وبتعبير سيدنا الأستاذ لا مجال لأي شبهةٍ, إلى هنا لو كانت المشكلة تقف عند هذا الحد, جيد, كنّا نُعمل المرجحات التوثيقية -إن صح التعبير- أنه إذا تعارض الطوسي والنجاشي فمن يُرجح, هل يُرجح النجاشي أو يُرجح الطوسي؟ ذكر في محله ولعله أيضاً نشير إلى بعضها في وقته, أنهم قالوا لا, يُرجح من؟ يُرجح النجاشي لقلّة اشتباهاته وكثرة اشتباهات من؟ الطوسي, التفتوا كثرة اشتباهاته في التوثيقات, تقول عجيب مع أنه يُعلم بكثرة اشتباهاته, أقول: بلي هذا هو المنهج السندي, هي مشكلة المنهج السندي هو هذا, وسأقرأ لكم العبارات هذه ليست عباراتي, قلة الاشتباهات وكثرة الاشتباهات هذه عبارات الأعلام, جيد.
أن المشكلة كلّ المشكلة هو أنّه العلامة في (الخلاصة) ذكر رأياً آخر عن الطوسي أنه وثقه, لو كنّا نحن وتوثيق النجاشي وتضعيف الطوسي لأعملنا قواعد الترجيح التوثيقة الموجودة, ولكن المشكلة أن كلام الطوسي فيه تعارض, الآن أين هذا التعارض؟
هذا التعارض لم يوجد في الكتب المنسوبة إلى الشيخ الطوسي, وإنما العلامة في كتابه (الخلاصة) الذي يبعد بكم قرن عن الشيخ الطوسي يقول: [ووثقه في مكانٍ آخر] ألم يقل وضعفه, يقول: [ووثقه في مكانٍ آخر] هذا المعنى بالإمكان مراجعته في (تنقيح المقال) لأنه أنا (الخلاصة) ما كان عندي حتّى أجلبه معي, في (ج30, ص100) هذه عبارته هناك, يقول: [وعدّه العلامة في الخلاصة في القسم الثاني ونقل تضعيف الشيخ إياه في الفهرست] كما قرأنا [ثمَّ نقل عنه توثيقه في موضعٍ آخر] قال: [ووثقه في موضعٍ آخر] الكتب الموجودة بأيدينا يعني الكتب الرجالية للشيخ الطوسي, لا يوجد فيها توثيق لمن؟ لسالم ابن مُكرَم.
ولذا الأعزة الذين يشتغلون على الكمبيوتر لعله والله العالم أن العلامة وجد توثيق الرجل في بعض الكتب الفقهية للشيخ الطوسي وهذا يحتاج إلى تتبع, أنه على أي أساسٍ يستند العلامة في التوثيق؟
من هنا احتمل التفتوا أعزائي, من هنا احتمل البعض وهذه قضية جدُ مهمة ومحورية, أن العلامة إنَّما استناده في التوثيق كان لأنه لخص كتاب رجال الكشي, يعني: (اختيار معرفة الرجال) هنا وقع كلامٌ هذه قواعد رجالية مهمة, يعني الذي يريد أن يدخل إلى المنهج السندي هذه قواعد مفاتيح هذه, وهو: أن ما لخصه الشيخ الطوسي من كتاب معرفة الرجال أو اختيار معرفة الرجال ما لخصه من التوثيقات والتضعيفات الواردة عند الكشي, هذا هو كان يقبلها أو لا يقبلها؟ فبعضٌ يقول عندما لا يعترض يعني ماذا؟ يقبل هذا التوثيق. وبعضٌ يقول لا, هو ناقل الكفر ليس بكافر, هو لم يمضي ما ورد في الكشي وإنما هو يلخص ما ورد في ذلك الكتاب, الآن في الكشي ماذا يوجد في الرجل؟ التفتوا جيداً, في الكشي كما أشرنا (ج2, ص641) والرواية أيضاً معتبرة, هذه هي العبارة, قال: >محمد ابن مسعود, قال: سألت أبا الحسن علي ابن الحسن عن اسم أبي خديجة, قال: سالم ابن مُكرَم, فقلت له< حسن ابن فضّال, >فقلت له: ثقةٌ< من؟ سالم ابن مُكرَم >فقلت له: ثقةٌ, فقال: صالحٌ<. ما عبّر أنه ثقة, ولكن ماذا؟ لا أقل كلمة صالح تدل على المدح, وهذا جاء في تلخيص الشيخ الطوسي من غير أن يقول شيء فمن يبني على مبنى كلّ ما لخصه يقبله الشيخ, إذن يقول بأنه هنا أيضاً ماذا؟ هناك مدحٌ للرجل, ولعل ولعلّ العلامة عندما قال: [وثقه في موضعٍ آخر] استند إلى هذا.
ولعلّه وهذا ما يحتمله أيضاً البعض في الرجال طبعاً, ولذا يعتمدون على كلمات العلامة في الخلاصة يقولون لا, أن العلامة لعله قد وصلت إليه مجموعة من الكتب الآن من الشيخ أو من غير الشيخ, كان نسبة قوله إلى الشيخ [وثقه] لم يكن اجتهادياً حدسيّاً بل كان حسيّاً, يعني: وجد ذلك في كتاب تصريح من الشيخ ونحو ذلك, وهذا على مختار الأعزة لابدَّ أن يحققوا في المسألة.
من هنا جاءت إشكالية أن كلام الشيخ قبل أن نصل إلى كلام النجاشي كلام الشيخ ما هو؟ متعارضٌ, مكانٌ يقول بالتوثيق ومكان أو ينسب إليه التوثيق ويصرح في موضع آخر بالتضعيف, فماذا نفعل؟ أساساً توجد قيمة لكلام الشيخ مع وجود التعارض أو لا توجد قيمة؟
من هنا أدّى بجملة من الأعلام أن يتوقفوا في من؟ في سالم بن مُكرَم.
إذن إلى الآن الأقوال كم صارت:
القول الأوّل: التوثيق, اعتماداً على النجاشي.
القول الثاني: التضعيف, اعتماداً على ما ذكره الشيخ في الفهرست, وجملة من الأعلام كرجال ابن داود وغيره أيضاً أصلاً صرحوا بالتضعيف بلا أن ينقلوا التوثيق أصلاً.
القول الثالث: وهو التوقف, كما أشار إليه ابن طاووس في (التحرير الطاووسي) في (التحرير الطاووسي, ص144) قال: [سالم ابن مُكرَم.. ] إلى أن يقول: [أخبرنا فلان بمَ أكنّا, والذي أراه] ابن طاووس [والذي أراه التوقف فيما يرويه].
إذن إلى هنا أعزائي الأقوال في الشخص صارت ثلاثة. قول: بالتوثيق, وهو الذي بنا عليه السيّد الخوئي, وقول: بالتضعيف وهو الذي بنا عليه السيّد الصدر مثلاً من المعاصرين, وقولٌ: بالتوقف.
من هنا قال البعض, والقول بالتوقف أحوط, لا بأس نحن هذه أحكام شرعية إذا كانت أحكام شرعية فبيني وبين الله نستند, خصوصاً السيّد الخوئي يريد أن يستند إليها لحل مشكلة ماذا؟
الآن انظروا هذه المشكلة العويصة في التحليل السيّد الخوئي يريد أن يحلها من أين؟ على هذه الرواية التي هذه مشكلتها, وأنا هذا الذي أصطلح عليه هذا (ضيق الخناق) عندما يؤدي بالإنسان بالفقيه واقعاً عشرات الروايات في التحليل هذا التعارض, كلّها انحلت ماذا؟ الآن نحن بعدنا لم نأتي إلى المضمون, الآن عندما نأتي إلى المضمون سترى, المشكلة الآن بعدنا أين؟ وهذا على المنهج السندي يستندون إلى رواية هذه مشكلاتهم.
من هنا قالوا: والتوقف أحوط. ولكن واقعاً أن التوقف أحوط أو أنه خلاف الاحتياط؟
هذا بحث إن شاء الله غداً سيأتي.
والحمد لله رب العالمين.