نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (223)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في توثيق سالم ابن مُكرَم, إنَّما وقفنا رجالياً عند هذا الرجل لسببين:

    السبب الأوّل: هو أن هناك روايات كثيرة عن هذا الرجل فإذا ثبت توثيقه على المنهج السندي فالروايات التي فيها المترجم له فهي صحيحة.

    أما إذا لم يثبت توثيقه فالروايات تكون ضعيفة ومنها هذا المورد الذي محل الكلام فيه, وهي الرواية التي استند إليها السيّد الخوئي+ كشاهد جمعٍ بين الروايات المتعارضة في مسألة التحليل.

    والسبب الثاني: هو الوقوف على المنهج الذي نتبعه في توثيق الرجال, وأنه هل هو المنهج المتعارف قال عنه فلان ثقة, وقال عنه فلان ضعيف, أو أن منهجنا يختلف كما سيتضح في آخر البحث.

    قلنا أن هذا الرجل فيه اتجاهات أقوال ثلاثة:

    القول الأوّل: هو التضعيف, كما ورد في الفهرست للشيخ الطوسي.

    القول الثاني: هو التوثيق بل أعلا درجات الوثاقة كما ورد في رجال النجاشي [ثقة ثقة].

    القول الثالث: هو التوقف في الرجل, ولعل السبب في ذلك: هو ما يتعلق بهذا التعارض القائم بينهما, مضافاً إلى التعارض الموجود في كلمات نفس الشيخ الطوسي.

    بالأمس (من باب البحث الخارج قوسين كما يقال أو بين قوسين كما يقال) قلنا: أنه ذكر البعض أن الأحوط هو التوقف في الرجل؛ لأنه مورد تعارض الأقوال في الوثاقة وعدمها, فهل أن الاحتياط هنا موافق للاحتياط أو أن الاحتياط هنا مخالفٌ للاحتياط؟

    هذه النكتة أريد الإشارة إليها لنكتة أخرى سأبينها لاحقاً, المامقاني في تنقيحه في (تنقيح المقال, ج30, ص103) هناك يقول: [ثالثها: التوقف لتعارض الأقوال فيه وهو في بادئ النظر أحوط] باعتبار أن الرجل متعارض فيه فالأولى أن نتوقف في حاله [لكنّه عند التأمل هذا خلاف الاحتياط] هو التوقف فيه لماذا؟ التفتوا إلى النكتة التي قلت لكم عندي نكتة أخرى أضيفها إليها [إذ كما أنّ التعديل] والتوثيق للرجل [يستعقب أثراً] وهو العمل بمقتضى رواياته وترتيب الآثار عليها [وهو الأخذ بأخباره فكذا التوقف له أثرٌ] ما هو؟ [وهو ترك أخباره] طيب مع ترك الأخبار لابدَّ إذا كان يقول حرام فإذا قلنا الرواية ضعيفة إذن نرجع إلى البراءة مثلاً, طيب بينكم وبين الله الرجوع إلى البراءة وهو يقول حرام هذا موافق للاحتياط أو مخالف للاحتياط؟ مع وجود روايةٍ يحتمل فيها أنها صادرة من الإمام وتقول بالحرمة أنت تسقط الرواية عن الاعتبار فترجع إلى أصالة الحلية أو البراءة أو .. إلى آخره, هذا يكون موافق للاحتياط أو مخالف للاحتياط؟ من الواضح أنه مخالف للاحتياط.

    ولذا قال: [وهو ترك أخباره والرجوع إلى الأصول والقواعد والوقوع في مهلكة خلاف ما يلزم التعبد به ظاهراً], ثمَّ هنا عنده كلمة محل شاهدي هذه الجملة الثانية.

    إذن الأمر الأوّل أنه في بعض الأحيان أن الإنسان بحسب الظاهر يرى أنه هو ماذا؟ هو الأحوط, ولكن واقع الحال هو خلاف الاحتياط, ثمَّ هذه النكتة المهمة, يقول: [ولو كان البناء على الوقف في كلّ ما تعارضت فيه الأقوال لم يكن لفتح باب الاجتهاد وجهٌ أصلا] نحن كلما تعارضت أقوال الفقهاء لا ننتقل إلى البحث الفقهي, كلمات تعارضت أقوال الفقهاء ماذا نقول؟ والأحوط, أنت بحسب المباني انتهيت من الفتوى, نعم, خوف معارضة المشهور فالأحوط كذا. يشير إلى نكتة, يقول -هذه عباراته وليست عباراتي أريد أن أنقل عباراته- يقول: [لم يكن لفتح باب الاجتهاد وجه, ولا المجتهد في توقفه معذورا؛ فإنَّ شكر كلّ نعمةٍ بحسبها وشُكر نعمة البلوغ إلى هذه الرتبة العُظمى هو إعمال الفكر والجد والاجتهاد] إلى أن يقول في (ص105) [وبالجملة: فالتوقف في وثاقة الرجل حرفة العاجز عن الاجتهاد]. هذا فيما يتعلق بالرجل وفي أصل النكتة.

    ولكن نكتة أخرى -التي أنا محل كلامي- وهو: أنّه تتصورون فقط المجتهد ومرجع التقليد له حقٌ على مقلده أو أن للمقلد أيضاً حقٌ على مرجع تقليده لأنه أوكل إليه أن يستنبط الحكم الشرعي, بيني وبين الله إذن أين حقوق المكلف التي أنت هكذا توقعه في ضيق في ضيق أين حقه؟ لماذا لا تُراعي حق المكلف أيضاً وحق التسهيل ماذا؟ الآن أنت تريد أن تتخلص من النار ولا تجعل من عنقك جسراً من النار, طيب لا تتصدى إذا ما عندك قدرة على تحمل المسؤولية, أما تتصدى وترجع الناس إليك لسببٍ وآخر ثمَّ تغرقهم ماذا؟ وخصوصاً في أبواب الحج, هذا المسكين المقلَّد ما يفتح صفحة إلاَّ وفيها سبعة وثلاثين مكان أحوط أحوط … .

    إذن أعزائي واقعاً كما أن لمرجع التقليد أو للمقلَّد حقٌ على المكلف وعلى المقلِّد, للمقلِّد أيضاً حق على من؟ على مرجع تقليده أن يُعمل نظره وأن يتحمل مسؤوليته, إذا كان ما عنده جرأة الإفتاء طيب لمَ ينصب نفسه في هذا الموقع.

    ولذا التفتوا إلى هذه النكتة واقعاً على مرجع التقليد, إن شاء الله تعالى غداً عندما يكتبون غداً العلمي عندما يكتبون رسالة عملية واقعاً يراعوا هذا الحق في الموارد التي -أنا تعبيري هذا وليس تعبير أحد وإن كان فيه إساءة أدب- في الموارد التي ما عنده خلق أن يحقق ماذا يفعل لها؟ مباشرةً يكتب والأحوط تنتهي القضية, لا ليس الأمر هكذا, يجب أن تُعمل, نعم قل بأنه ارجع واقعاً -كما هو المتعارف واقعاً- ارجع إلى هذه المسألة إلى غيري, أرجعهم إلى غيرك, قل أن هذه المسألة أنا بيني وبين الله لا عندي وقت أحققها ولا أريد أن أحققها, ارجعوا فيها إلى غيري, وانتهت القضية, أما إلزام الناس -هذا أقوله خصوصاً لأولئك الذين عندهم فتوى بالاحتياط- تعلمون أنه لابدَّ من التمييز وفي الرسائل العملية عادةً يُخلط بينهما, وهو أن يوجد احتياط في الفتوى ويوجد فتوىً بالاحتياط, الاحتياط في الفتوى يجوز الرجوع إلى الأعلم فالأعلم, أما الفتوى بالاحتياط لا يجوز الرجوع إلى غيره. وهذا في الأعم الأغلب المكلفين بل لعله حتّى بعض أهل الفضل لا يميزون في الرسالة العملية أنها هذه فتوىً بالاحتياط يفتي على المقلِّد أنه يجب عليك أن تحتاط أو هو عنده احتياط في الفتوى فيجوز الرجوع إلى الغير. على أي الأحوال هذه نكتة.

    البحث الذي الآن نحن نريد أن نقف ما هي مواقف الأعلام إزاء هذا الرجل أو هذا التعارض؟ الآن نحن بحسب, نرجع إلى بحثنا.

    الآن بحسب البحث الموجود عندنا تعارضان:

    التعارض الأوّل: بين كلامي الشيخ, باعتبار أنه في (الفهرست) ضعيف, والعلامة ينقل عن الشيخ أنه ماذا؟ [ووثقه في مكان آخر] وإن لم نجد ولكنه اعتماداً على كلام العلامة, هذا التعارض الأوّل.

    التعارض الثاني: بين كلام الشيخ في (الفهرست) وبين النجاشي في (رجاله) فما هو الموقف إزاء الرجل؟

    قلت لكم: هي تطبيق للقواعد, بالإضافة إلى أهمية المورد أن الرجل له روايات كثيرة في كتبنا.

    الموقف الأوّل: في الموقف الأوّل وهو الموقف الذي حاول أن يُخرج تضعيف الشيخ عن دائرة المعارضة, قال أساساً الشيخ لم يضعف, وهي نكتة فنية مهمة يعني ماذا؟ يقول باعتبار أن الشيخ ضعف شخصاً آخر بتوهم من هو؟ سالم ابن مُكرَم وإلا هو لم يضعف سالم بن مُكرَم, وعلى هذا الأساس يوجد تعارض أو لا يوجد تعارض؟ سالبة بانتفاء الموضوع, يعني كلام النجاشي له معارضٌ أو ليس له معارض؟ ليس له معارض لماذا؟ لأن الشيخ إنَّما ضعف شخصاً بتوهم أنه من هو؟ سالم بن مُكرَم وفي الواقع هو يضعف شخصاً آخر ليس سالم بن مُكرَم, إذن الشيخ ضعف سالم بن مُكرَم أو لم يضعف؟ الجواب: لا يوجد تضعيف من الشيخ لسالم بن مُكرَم, فيبقى توثيق النجاشي بلا معارضٍ.

    وهذا هو الذي جاء في بعض كلمات الأعلام بالإشارة وجاء في كلمات السيّد الخوئي تفصيلاً, السيّد الخوئي+ في (معجم رجال الحديث, ج8, ص24, رقم الترجمة 4956) يقول: [إنّ مقتضى كلام..] إلى أن يقول: [إنّ صريح كلام النجاشي.., والصحيح أن يقال] في (ص25) حتّى بعد ذلك أبين, [إن تضعيف الشيخ لا يمكن الأخذ به في نفسه في المقام] لماذا؟ لأن الشيخ يضعف شخصاً آخر وليس سالم ابن مُكرَم, ولكن هو توهم أنه سالم بن مُكرَم [فشهادة النجاشي بلا معارضٍ] لا أنه يوجد معارض وتقدم عليه شهادة النجاشي. واضح هذا المعنى.

    هذه دعوى السيّد الخوئي+ وتبعه أيضاً جملة من المعاصرين منهم السيّد كاظم الحائري في كتابه (فقه العقود, ج2, ص229- 230) يقول: [نعود إلى كلام السيّد الخوئي فيقول: كذا وكذا ..] إلى آخره [إذن فتضعيفه في الحقيقة راجع إلى فلان … وتوثيق النجاشي لسالم ابن مُكرَم لا يبقى له معارض] نفس الذي ذكره السيّد الخوئي يختاره السيّد الحائري في (فقه العقود, ج2, ص229- 230).

    سؤال: ما هي القرينة سيدنا -كلامنا موجه إلى السيّد الخوئي ومن تبعه- ما هي القرينة على أن هذا التضعيف لشخص آخر؟

    السيّد الخوئي يعتقد: أن هذا التضعيف إنَّما لسالم ابن أبي سلمه لا لسالم ابن مُكرَم, وسالم ابن أبي سلمه مجهول الحال, إذا أنتم ترجعون أعزائي إلى السيّد الخوئي+ في (الترجمة 4939) يقول: [سالم ابن أبي سلمه الكندي السجستاني..] إلى أن يقول [وأما تضعيف فلان.., وعليه فالرجل إما ضعيفٌ أو لا أقل] إذا قبلنا بتضعيف الغضائري وإلا فهو مجهول الحال.

    يعتقد السيّد الخوئي أن الشيخ الطوسي خلط بين من؟ بين سالم ابن مُكرَم وبين سالم ابن أبي سلمه. بأي قرينة؟ بقرينتين التفتوا جيداً, قلت لكم البحث الرجالي ليس همي الرجل وإنما بيان القواعد في المسألة.

    يقول: القرينة الأولى الموجودة في المقام: أنه يقول أن كنية مُكرَم أبا سلمه مع أن أبا سلمه هي ليست كنية الأب وإنما هي كنية الابن, لما أشرنا إليه بالأمس أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: >لا تكتني بأبي خديجة< بل كنّاه بأبي سلمه, يقول: الطوسي جعل كنية أبي سلمه للأب مع أن النجاشي يقول كنية أبي سلمه للابن, وحيث أن الشيخ الطوسي وقع عنده خلط بين الأب والابن فتصور أنه سالم ابن أبي سلمه هو سالم ابن مُكرَم فضعفه؛ لأنه هناك سالم ابن أبي سلمه تمام, فأبي سلمه كنية من تصير؟كنية الأب, مع أن أبي سلمه كنية الابن, فحيث أنه حصل هذا الاشتباه فتصور أنّ مُكرَم هو أبو سلمة, فإذن صار سالم ابن أبي سلمه وسالم ابن أبي سلمه ضعيف إذن سالم ابن مُكرَم ماذا يكون؟ ضعيف. هذه عبارته يقول: [إن صريح كلام النجاشي أن أبا سلمه كنية لسالم نفسه] كما قرأنا في (رجال النجاشي, ص188) بالأمس يتذكرون, قال: [سالم ابن مُكرَم ابن أبي عبد الله أبو خديجة ويقال أبو سلمه], [ولكن صريح الشيخ أنه كنية والده مُكرَم] كما قرأنا بالأمس في الفهرست, قال: [أبو خديجة سالم أبو خديجة ابن مُكرَم الذي يكنى بأبي سلمه]. إذن الاشتباه نشأ من أين؟ نشأ أن الشيخ فرض أن كنية الوالد أبا سلمه والنجاشي يقول أبو سلمه كنية نفس سالم نفس الابن ولكن صريح الشيخ أنه كنية والده مُكرَم, فيكون سالم ابن أبي سلمه بناءً على كلام الشيخ الطوسي متحداً مع سالم ابن مُكرَم لا محالة, فإذا اتحد وهو ضعيف عنده سالم ابن أبي سلمة فتصور سالم ابن مُكرَم أيضاً ضعيف. والظاهر أن الصحيح هو ما ذكره النجاشي, أن هذا يختلف عن ذاك. ما أدري واضحة القرينة أو لا.

    إذن القرينة الأولى: يقول منشأ الاشتباه الذي وقع فيه الشيخ تصور أن الوالد اسمه أبا سلمه أو كنيته أبو سلمه مع أن أبا سلمه كنية الابن لا كنية الأب. وهو الذي اعتمده أيضاً السيّد الحائري ومن جاء بعده.

    هذا الكلام أعزائي, غير تامٍ لماذا؟ لأنه أنا لا أعلم لماذا أن السيّد الخوئي يفترض التنافي, إذا كان أبو سلمه فلا يمكن أن يكون الابن أبو سلمه, يعني ما المحذور أن يكون لشخصين كنية واحدة, إلاَّ إذا دل الدليل على ذلك, يصرح الشيخ الطوسي أن مُكرَم كان يكنى بأبي سلمه ولعله والله العالم أن الإمام إنَّما أرجعه من أبي خديجة إلى أبي سالم ليتكنى بكنية أبيه, ما المحذور في ذلك, الآن قد شخص يسأل لماذا؟ لماذا حاول ذلك؟ الجواب: لأنه هو كان معروفاً عند أبي خطاب بأبي خديجة حتّى هذا العنوان يذهب منه أبي الخطاب فعنونه بكنية أبيه وليس ذلك بعزيز, كم من الأئمة عندنا كنيتهم ماذا؟ أبو الحسن, أبو الحسن, أبو الحسن, أبي جعفر, أبي جعفر, أبي جعفر, توجد مشكلة يعني؟ هذا معناه اتحاد, لا أبداً. أي مشكلة ما عندنا فيه.

    إذن التفتوا هذه النكتة التي أشار إليها أن صريح كلام النجاشي أن أبا سلمه كنية لسالم نفسه وصريح الشيخ كنية والده فإذن منشأ الاشتباه, لا عزيزي لا أبداً, هذا كان أبو سلمه وذاك أيضاً أبو سلمه, ما المحذور في أنه ماذا؟ أن يكون لهما كنية واحدة.

    وعندنا شاهدٌ على هذا, وهو أن كنية مُكرَم – شاهد ما أقول دليل- أن كنية مُكرَم كانت أبا سلمه, بغض النظر عن كلام من؟ كلام الشيخ الطوسي, هذا الشاهد أين موجود؟ الشاهد عند مراجعة الروايات الواردة في (فروع الكافي, ج3, ص124, كتاب الجنائز, باب ثواب عيادة المريض, الرواية العاشرة): >عن أبي عبد الله قال< الرواية عن >عبد الرحمن بن أبي هاشم, عن سالم ابن أبي سلمه عن أبي عبد الله قال: حضر رجلاً الموت فقيل يا رسول الله…< الرواية عن من؟ عن سالم ابن أبي سلمه, الآن من حقك أن تقول: سيدنا من يقول سالم ابن أبي سلمه يعني سالم بن مُكرَم لعله سالم ابن أبي سلمه الذي هو ضعيف الحال, التفتوا هذه رواية.

    الرواية الثانية, أيضاً في (فروع الكافي, ج6, ص553, أيضاً كتاب الدواجن باب الكلاب) الرواية أيضاً: >عن عبد الرحمن ابن أبي هاشم عن سالم ابن أبي سلمه< أيضاً قد يقول لنا قائل: سيدنا من أين تقول أن هذا سالم ابن أبي سلمه هو سالم ابن مُكرَم ما هي القرينة؟ الجواب: بحسب الاستقراء الذي كان عندي أنا راجعت فيه, وجدت أنه لا أقل في أكثر من عشرين مورد عبد الرحمن بن هاشم لا يروي إلاَّ عن سالم بن مُكرَم, فإذا أردنا بلغة, هذا لا ينافي طبعاً قلت لكم هذا ليس دليل التفتوا هذه قرائن أجمعها, أنه في الأعم الأغلب عندما ينقل ينقل عن من؟ سالم ابن مُكرَم, طيب لماذا هنا بحسب الاستقراء لا تقولون أيضا هذا سالم بن مُكرَم.

    (صلوا على محمد وآل محمد….. اللهم صل على محمد وآل محمد) ذكرت في الدرس.

    إذن أعزائي, التفتوا إلى هذه النكتة, إذن القرينة الأولى: لا دلالة فيها على الاتحاد, كلّ ما تدل عليه بغض النظر عن الشاهد الذي أقمناه تدل على اتحاد كنية الأب والابن وهذا لا يؤدي إلى الخلط. خصوصاً إذا التفتنا إلى القرينة الثانية.

    نعم, القرينة الثانية من أقوى القرينتين التي ذكرها السيّد الخوئي والذين جاؤوا من بعد السيّد الخوئي اكتفوا بالقرينة الأولى, والقرينة الثانية هي القرينة القوية في المقام.

    في القرينة الثانية التي واردة أيضاً في (معجم رجال الحديث, ج2, ص25) يقول: [إن سالم ابن أبي سلمه المتقدم قد عرفت قول النجاشي فيه, وقد ذكر النجاشي أنّ له كتاباً أخبرنا بها عدّة من أصحابنا ومع ذلك لم يتعرض له الشيخ حتّى في رجاله لا في (الفهرست) ولا في الرجال] التفت جيداً ما هي القرينة الثانية, في القرينة الثانية يقول: أنّ الشيخ ألّف كتاب (الفهرست) لذكر أسماء المؤلفين الذين لهم كتاب, وهذا أصلٌ معروف, فرق كتاب (الفهرست) عن (رجال الشيخ) إنّ (الفهرست) إنَّما ألّف لذكر الرجال الذين لهم كتب, بخلاف (رجال الشيخ) الذي هو أعم من ذلك, والشيخ لم يذكر سالم ابن أبي سلمه في كتابه (الفهرست) مع أن له كتاب, وإنما ذكر من؟ فقط ذكر سالم ابن مُكرَم فهذا في تصوره أنهما كانا شخص واحد وإلا لو كان يعلم أنهما شخصان فكما سالم ابن مُكرَم له كتاب, سالم ابن أبي سلمه أيضاً له كتاب, فكان ينبغي كما ذكر سالم بن مُكرَم أن يذكر سالم ابن أبي سلمه مع أنه لم يذكر سالم ابن أبي سلمه. فهذا يكشف أنه في تصوره كان ماذا؟ شخص واحد.

    ولذا عبارته هذه, ما أدري النكتة واضحة, ولذا عبارته هذه, يقول: [ومع ذلك لم يتعرض له الشيخ أفهل يمكن أنّ العدّة المخبرين للنجاشي] الذي لسالم ابن أبي سلمه له كتاب [بكتاب سالم ابن أبي سلمه لم يخبروا الشيخ فلم يعلم الشيخ لا بنفسه ليذكره في رجاله ولا بكتابه ليذكره في فهرسته] إذن كان الشيخ في ذهنه الشريف أنهما شخص واحد. وحيث أنه ذكر في (كتاب الفهرست) كتاب سالم ابن مُكرَم فلم يذكر كتاب سالم ابن أبي سلمه, ما أدري واضحة القرينة.

    هذه القرينة التي في اعتقادي والتي لم يتعرض لها السيّد الحائري, هي القرينة الأقوى لا القرينة الأولى, هذه القرينة واقعاً لو لم تكن هناك نكتة موجودة في الفهرست لكان كلام السيّد الخوئي تام ما هي النكتة؟ وهي: أن الشيخ الطوسي هذا الكتاب المنسوب إلى سالم ابن أبي سلمه يعتقد أنه لابنه محمد ابن سالم ابن أبي سلمه, يرى سالم ابن أبي سلمه له كتاب أو ليس له كتاب, الكتاب لمن؟ لابنه وذكره في (الفهرست) لو كان لم يذكر هذا إشكال السيّد الخوئي كان وارداً وهو أنه سالم ابن أبي سلمه له كتاب مع أنه لم يذكره لا في (الرجال) ولا في (فهرسته للمؤلفين) ولكن أنت عندما ترجع إلى (الفهرست ) تجد أنه في (الفهرست, طبعة تحقيق شيخ جوادي القيومي, رقم الترجمة 608) يقول: [محمد ابن سالم ابن أبي سلمه له كتاب].

    طبعاً كلّ الأعلام الآخرين ومنهم النجاشي يعتقدون أن هذا الكتاب ليس لمحمد ابن أبي سالم وإنما لمن؟ لسالم ابن أبي سلمه ولكن الشيخ لا يعتقد, يعتقد لمن هذا الكتاب؟ لابنه, ولذا عندما ترجعون إلى (رجال النجاشي في الترجمة 509, ص190) يقول: [سالم ابن أبي سلمه الكندي … ] إلى آخره [له كتابٌ] فإذا كان الشيخ الطوسي يعتقد أن الكتاب لسالم ابن أبي سلمه ومع ذلك لم يذكره احتمال الاتحاد بينهما في ذهنه الشريف كان وارداً, ولكنه هو ذكره ولكن أين؟ في كتاب أو في مورد محمد ابن سالم ابن أبي سلمه.

    إذن على هذا الأساس: لا يمكن القبول لا بالقرينة الأولى ولا بالقرينة الثانية.

    هذا مضافاً, اجعلوا هذا في ذهنكم, هذا مضافاً إلى أن الشيخ, أعزائي التفتوا, أن الشيخ الطوسي تقول خلط بينهما, كيف يمكن قبول الخلط بينهما وهو يُعبّر عن سالم ابن مُكرَم أنه كوفي, ويُعبّر عن سالم ابن أبي سلمه أنه سجستانيٌ؟ بيني وبين الله لو لم يكن هو كتب في كتابه [هذا كوفي وذاك سجستانيٌ] احتمال الاتحاد في ذهنه ماذا؟ وارد, أما عندما هو يأتي, بالأمس قرأنا قال: [أسدي كوفي] وهنا أيضاً يقول: [محمد ابن سالم ابن أبي سلمه السجستاني] وفي الرجال أيضاً يقول سجستاني.

    فإذن الأصل, الآن التفتوا, الأصل أصالة عدم الاشتباه أصالة عدم الغفلة, أصالة عدم الخلط, أصالة عدم الاتحاد, كلّ هذه عشرين أصل وإلا لو كلّ مكان نقول اشتبه فتوهم .. طيب لا يبقى حجرٌ على حجر. نعم, إذا أردنا أن نثبت اتحاد أو خلط الشيخ لابدَّ من إقامة الدليل, وما أقامه من قرينتين كافي أو غير كافي؟ غير كافي, إذن الشيخ كان ملتفت وقرينة الالتفات أنه عبّر عن الأوّل بالكوفي وعبّر عن الثاني بالسجستاني.

    إذن هذا الطريق أعزائي للتخلص من تضعيف شيخ الطائفة, تام أو ليس بتام؟ هذا غير تام, إذن رجعنا إلى المربع الأوّل إن صح التعبير, رجعنا إلى المربع الأوّل, إذن ماذا نفعل بتوثيق وتضعيف الشيخ من جهة, وبتوثيق النجاشي من جهة أخرى.

    الموقف الثاني -أعنونه إن شاء الله إلى غد- وهو: الذي ذكره جملة من الأعلام وهو أنه أساساً نُعمل تعارضاً داخلياً بين شهادتي الشيخ لأنه الشيخ مرة ضعف ومرة وثق بناء على قول العلامة في (الخلاصة) فمع تعارض كلامي الشيخ يتساقط كلام الشيخ فإذا سقط كلام الشيخ يبقى كلام النجاشي بلا معارض.

    وهذا وجهٌ فني آخر, هذا غير الوجه الأوّل, الوجه الأوّل أساساً لا يوجد تضعيف, الوجه الثاني قبل التضعيف ولكن قال يُعارض بتوثيق نفس الشيخ الطوسي وفي النتيجة يسقط كلام الشيخ الطوسي ويبقى النجاشي بلا معارض.

    إلاَّ أن السيّد الخوئي يقول هذا كلامٌ غريب في بابه, لماذا أنتم تعملون التعارض ثنائي ثمَّ تجعلون النجاشي بلا معارض, بل التعارض ابتداء يكون تعارضاً ثلاثياً, يعني في سالم ابن مُكرَم يوجد عندنا تضعيف للشيخ ويوجد عندنا توثيق من الشيخ والنجاشي, وإذا تعارض توثيق وتضعيف يتعارضان يصير مجهول الحال, وهذا أصل مهم أعزائي, أنا قلت لكم أقف عند الرجل لا الآن فقط لأهمية الرجل لا لا, هذه القواعد هذه في عشرات مئات من الموارد أنتم قد تواجهون مثل هذه المشكلة, فهل أن هذا البيان الموقف الثاني الجواب الثاني هل هو تامٌ أو أن الحق مع السيّد الخوئي وهو أنه غير تام, يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1688

  • جديد المرئيات