بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قلنا بأنه لرفع التعارض بين كلمات الشيخ أو بين تضعيف الشيخ وتوثيق النجاشي, هناك مواقف متعددة:
الموقف الأوّل: وهو الذي ذكره السيّد الخوئي, وقد اتضح بأنَّ هذا الموقف لا يمكن قبوله ولا يمكن قبول أن الشيخ الطوسي خلط بين سالم ابن مُكرَم وسالم ابن أبي سلمه, أولاً: لعدم الدليل على ذلك, وثانياً: لعل وجود القرينة أو القرائن على عدم ذلك.
الموقف الثاني -الذي يوجد في المقام- وهو: الموقف الذي يريد أن يسقط كلام الشيخ عن الاعتبار, ولكن لا بالطريق الذي ذكره السيّد الخوئي وهو أنه ناشئٌ من توهم الاتحاد مع سالم ابن أبي سلمه, وإنما يُسقط كلام الشيخ الطوسي بالتعارض الداخلي في كلام الشيخ, باعتبار أن العلامة في كتابه خلاصة الأقوال نسب إليه حيث قال (هذه الطبعة الجديدة لخلاصة الأقوال, ص354, الباب الخامس وهو سالم) قال: [سالم ابن مُكرَم يكنى أبا خديجة ومُكرَم يكنى أبا سلمه, قال الشيخ الطوسي إنه ضعيف] كما قرأنا في الفهرست [وقال في موضعٍ آخر أنه ثقة].
إذن العلامة ينسب إلى الشيخ الطوسي التضعيف والتوثيق معاً, فيقال: كما ذكر جملة من الأعلام, فيقال: بأنه يقع تعارض في كلام الشيخ فيسقط عن الاعتبار فيبقى كلام النجاشي بلا معارضٍ.
هذا المعنى كما أشرنا بالأمس أشار إليه جملة من الأعلام منهم (المامقاني في تنقيح المقال, ج30, ص104) قال: [ورأينا تعارض قولي الشيخ فيه ومقابلة التضعيف بالتوثيق وتساقطهما وبقاء توثيق النجاشي بلا معارضٍ] فإذن يوجد عندنا توثيق ولا يوجد عندنا تضعيف, هذا ما أشار إليه المامقاني, وهو أيضاً مختار العلامة التستري في (قاموس الرجال) أيضاً اعتمد على هذا الوجه في (ج4, في ترجمة سالم ابن مُكرَم) قال: [ثمَّ لا وجه لاضطرابهم فيه بعد اتفاق النجاشي والكشي على توثيقه وتبجيله وسقوط تضعيف الشيخ له بتعارض توثيقه له معه على نقل الخلاصة ..] إلى آخره.
إذن هذا المعنى واضح.
هذا المعنى هذا الوجه لم يوافق عليه السيّد الخوئي في (معجم رجال الحديث) قال بأنه هذا الكلام غير تامٍ, في (معجم رجال الحديث, ج8, ص25) يقول: [إلاَّ أنك قد عرفت أنه قال في الفهرست ضعيف ولأجل ذلك وقع الكلام والإشكال ذكره أن تضعيف الشيخ يعارض بتوثيقه نفسه فيبقى توثيق النجاشي بلا معارض] هذا هو الوجه الذي ذكره المامقاني والتستري. [وهذا كلامٌ غريب, فإنه إذا ثبت أن الشيخ وثقه في موضع فلا يمكن].
وبيان إشكال السيّد الخوئي أعزائي, يقول: بأنه أساساً يضرب مثال ثمَّ يطبقه على المقام, يقول: لو فرضنا أن زرارة نقل لنا وجوب شيءٍ وأن محمد ابن مسلم نقل لنا روايتين واحدة وجوب شيء نفس ذلك الشيء ورواية أخرى بحرمة ذلك الشيء, فهل أنّ روايتي محمد بن مسلم تتعارضان وتتساقطان وتبقى رواية زرارة بلا معارض, أو نقول لا, القاعدة هو أنه الوجوب دل عليه كلام زرارة وإحدى روايتي محمد بن مسلم فيعارض الرواية الأخرى الواردة عن محمد بن مسلم. فالتعارض يكون في عرضٍ واحد لا أنه ننظر إلى الشخص إلى كلمات الشخص فنعارض بين كلماته ثمَّ بعد ذلك نأتي إلى معارضة الآخر.
بعبارة واضحة: أن هذه الأمور الثلاثة تتعارض عرضياً لا أنها تتعارض طويلاً فالنتيجة هذه تصير وهو: أن سالم بن مُكرَم بناء على كلام الشيخ الأوّل ضعيف, وبناء على كلام الشيخ الثاني الذي ينظم إليه كلام النجاشي ثقه, إذن يوجد عندنا توثيق ولكن هذا التوثيق ليس من رجل واحد من رجلين من شخصين الشيخ والنجاشي وعندنا تعضيف ولكن ليس من اثنين وإنما من واحد, فيقع التعارض بين التوثيق وبين التضعيف.
ولذا عبارته هذه يقول: [ونظير ذلك كثير في أبواب الفقه, فإذا فرضنا رواية عن زرارة دلت على حرمة شيء ودلت رواية أخرى عنه] يعني عن زرارة [وعن محمد بن مسلم مثلاً على خلاف الرواية الأولى فهل يمكن أن يقال إن روايتي زرارة تتعارضان فيؤخذ برواية محمد بن مسلم؟ لا يمكن ذلك أبدا, والمقام من هذا القبيل] من قبيل هذا الذي أشار إليه في المثال. هذا الإشكال.
ولذا هو يقول: [فالصحيح أن تضعيف الشيخ لا يمكن الأخذ به] لماذا؟ للاتحاد المتوهم الذي أشرنا إليه.
السؤال المطروح هنا وهذه قاعدة مهمة لا فقط في المقام هذه سيالة إذا وقع عندنا مثل هذه التعارضات واقعاً ماذا نفعل؟
فهل الحق مع السيّد الخوئي سيدنا الأستاذ أو الحق مع العلمين يعني المامقاني والتستري في المقام والقاعدة العامة؟
أعزائي في المقام يوجد عندنا تعارضان:
التعارض الأوّل: بين كلامي الشيخ الذي نقلهما العلامة, حيث نسب العلامة إلى الشيخ الطوسي التوثيق تارةً أو التضعيف مرةً قال: [ووثقه في موضع آخر] مرةً أخرى, إذن هذا هو التعارض الأوّل.
التعارض الثاني: التعارض بين كلام الشيخ وبين كلام النجاشي؟ إذن هما تعارضان وليسا بتعارضٍ واحد.
فإنَّ كانا التفتوا كلا هذين التعارضين, فإنَّ كانا كلا التعارضين في عرضٍ واحد, فالحق مع السيّد الخوئي, لأن التعارض يكون ثلاثياً, وأما إن كان التعارض طولياً يعني أن التعارض الثاني الذي بين النجاشي والشيخ في طول التعارض الأوّل, فالحق مع من؟ فالحق مع العلمين, وتوضيحه -وإن شاء الله بعد ذلك بودي أن تراجعوا أيضاً كلمات من علق على هذه مثل السيّد الحائري في (فقه العقود) بالأمس أشرنا حتّى يتضح المطلب أنه كم تام وكم ليس بتام كلام السيّد الخوئي وأيضاً كلام السيّد الحائري- التفتوا جيداً.
مرةً نحن كما وجدنا في كلام الشيخ الطوسي التضعيف وجدنا التوثيق أيضاً, يعني راجعنا كتاب (الفهرست) كان يضعف, راجعنا كتاب (الرجال) كان يوثق مثلاً, يعني نحن بالحس يوجد عندنا قولان لمن؟ للشيخ الطوسي بالحس بالمراجعة راجعنا, في مثل هذه الحالة قد يقال أن كلام السيّد الخوئي تام, لماذا؟ لأن سالم ابن مُكرَم يوجد في حقه تضعيف من الشيخ ويوجد في حقه توثيق من الشيخ والنجاشي فيتعارضان في عرض واحد, هنا كلا التعارضين في عرضٍ واحدة, مرة هذه الصورة.
ومرة لا, نحن لا نجد في كلام الشيخ يوجد توثيق تارة وتضعيف أخرى, وإنما نقل لنا كما نقل العلامة أن الشيخ يقول التضعيف والتوثيق, فهنا ليس الشيخ يقول توثيق وتضعيف, النقل عن الشيخ ما هو؟ مختلف, ما أدري واضح الفرق.
مثاله في الرواية هكذا, مرة أن زرارة ينقل عن الإمام الصادق الوجوب ومرة الحرمة في موردٍ واحد, هذه روايتين عن الإمام الصادق, ومرة لا, النقل عن زرارة مختلف أنه قائل بالتحريم أو قائل بماذا؟ فالنقل متعدد لا أن الرواية متعددة. ما أدري استطعت أن أوصل الفرق بين الموردين.
هنا في المورد الثاني في الحالة الثانية النقل متعدد عن الشيخ الطوسي لا أن الشيخ الطوسي قال توثيق مرة وتضعيف أخرى.
سؤال: إذا تعدد النقل وهما متنافيان هذا معناه أنه إما الأوّل صحيح وإما الثاني صحيح لا يعقل أن يكون كلاهما صحيحاً. كلا النقلين لا يمكن أن يتمان لماذا؟ للتنافي بينهما للتنافي بين التضعيف وبين التوثيق.
وهذا معناه أن كلام الشيخ بحسب نقل العلامة ما هو؟ ظاهر في التوثيق والتضعيف أو مضطرب؟ التفتوا كلام الشيخ -بحسب نقل العلامة- ظاهرٌ في التضعيف أو التوثيق أو مضطرب في التوثيق أو التضعيف؟ مضطرب, ومع اضطرابه كيف يمكن أن يعارض كلام النجاشي الذي هو ظاهر في التوثيق.
أضرب لكم مثال أوضح: لو جاءت رواية واضحة صريحة ظاهرة في وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة ظاهرة رواية زرارة, ولكن عندنا رواية أخرى عن محمد بن مسلم مضطربة المتن, يحتمل فيها الوجوب ويحتمل فيها الحرمة يقع فيها التعارض أو لا يقع فيها التعارض؟ الجواب: الكل يقول لا يقع التعارض, لماذا؟ لأن التعارض فرع حجية كلتا الروايتين ومع اضطراب إحداهما فإذن هي حجة أو ليست بحجة؟ ليست بحجة فلا معنى للتعارض, مع كون المنقول عن الشيخ الطوسي متعدد يعني أن المنقول عنه مضطرب لا نعلم هذا أو ذاك. والمضطرب لا يمكن أن يقاوم أو يعارض ما هو واضح وصريح كما في كلام النجاشي الذي يقول [ثقة ثقة].
إذن, إذا كنّا نحن وجدنا هذا في كلام الشيخ, فكلام السيّد الخوئي تام, ولكن المفروض أننا نحن وجدنا ذلك في كلام الشيخ أو نقل عنّا من الشيخ؟ نقل, إذن التعارض الثاني يكون فرع التعارض الأوّل يعني إن تم كلام الشيخ يعارضه كلام النجاشي والمفروض على الصورة الثانية كلام الشيخ تام أو مضطرب؟ إذن لا يعارض كلام النجاشي فالحق مع المامقاني والتستري, وقياسه مع الروايات الثلاث قياسٌ مع الفارق.
الآن قد يقول قائل سيدنا: لا فرق بين نحن نجد ذلك في كلام الشيخ الطوسي وبين أن ينقل لنا العلامة, العلامة ثقة, وأنتم قبلتم بأنه ينقل عن حسٍ أو قريب من الحس, كما يوجد توثيق يوجد تضعيف, هذا من قبيل نحن قرأنا في كتابين للشيخ فيتم كلام من؟ كلام السيّد الخوئي.
الجواب: ومع ذلك لا يتم كلام السيّد الخوئي لماذا؟ التفتوا: في مثال الروايات الثلاث زرارة عندما يقول في الأولى حلال وفي الثانية واجب, التفتوا جيداً لا يفرَق أن يكون الأولى واجب والثاني حرام أو الثاني حرام والأولى واجب, التقدم والتأخر لا يؤثر شيئاً, ولكنه في التوثيق والتضعيف التقدم والتأخر مؤثر, يعني إذا ثبت لنا أن الشيخ الطوسي توثيقه متأخر عن تضعيفه بأيهما نأخذ؟ (كلام أحد الحضور) نأخذ بالأحدث أحسنتم, قاعدة هذه ذكرها الأعلام, من قبيل الفتوى, أنت الآن في رسالة عملية مطبوعة عشر سنوات فتوى وفي رسالة عملية مطبوعة قبل خمس سنوات فتوى مغايرة بأيهما تأخذ؟ لا تقول يقع تعارض, لا أبداً لا يقع تعارض, كلا الرسالتين أيضاً منسوبة ومطمئن أنها منسوبة إلى كلام الشيخ, ما أدري واضح.
حتّى لو فرضنا أنّنا وجدنا في كلام الشيخ تضعيف وتوثيق لا أنه نقل إلينا كما من العلامة لا لا, نحن وجدنا ذلك, مع ذلك لا يقاس بالروايات الثلاث, لماذا لا يقاس؟ باعتبار أن الشيخ إذا كان توثيقه متأخر فتضعيفه لا حجية فيه, إذا كان تضعيفه متأخر فتوثيقه لا حجة فيه, فإذا ورد عندنا ولا نعلم تاريخ المتقدم من المتأخر يكون من باب اشتباه الحجة باللاحجة, فلا نعلم كلام الشيخ هو التوثيق يعني الحجة هو التوثيق أو الحجة هو التضعيف فيسقط عن الاعتبار وإذا سقط عن الاعتبار فيبقى التوثيق من النجاشي بلا معارض.
إذن ما ذكره بعض الأعلام من أنه في هذه الصورة إذا كنّا بالوجدان أنه منقول من الشيخ فيصح مثال السيّد الخوئي, الجواب: كلا, حتّى مع فرض أنه ليس منقول وإنما وجدنا ذلك في كلام الشيخ لا يقاس بالروايات الثلاث.
إذن في كلّ الأحوال قياس المقام بما ذكره السيّد الخوئي قال: [من هذا القبيل] لا الكلام ليس من هذا القبيل, وكلام الشيخ الطوسي إما أن النقل متعدد فكلامه مضطرب, وإما أنه لا, وجدنا ذلك في كلام الشيخ حيث أنّنا لا نعلم المتقدم من المتأخر فكلامه يسقط عن الاعتبار. واضح هذا المعنى.
إذن أعزائي هذا الموقف الثاني أيضاً موقف أو المثال الذي ذكره غير تام.
ما هو المختار عندنا.
أعزائي هنا يظهر أثر المنهج الذي نحن نختاره أعزائي, وهو أنّنا مباشرة وبشكل واضح نقول للأعزة, أولاً: لا نوافق على ما ذكره السيّد الخوئي في سالم بن مكرَم أنه مختلط ومتوهم الاتحاد مع سالم ابن أبي سلمه, يعني الموقف الأوّل غير تام.
وثانياً: لم يثبت عندنا أن كلام العلامة في توثيق الشيخ هذا عن حسٍ, إذن هذا التوثيق يكون توثيقاً يكون اجتهادياً, كما نحن الآن جالسين ونجتهد أن سالم بن أبي مكرم هل هو ثقة أو ليس ثقة, لعله بحسب متابعاته انتهى إلى أن الشيخ وثقه في موضعٍ آخر.
إذن تعارض لا يحصل وتهافت واضطراب عن الشيخ أيضاً لا يوجد, إذن لا اتحاد يوجد في كلام الشيخ الطوسي, ولا اضطراب يوجد في كلام الشيخ الطوسي, إذن القضية ماذا؟ إذن يوجد عندنا تعارض واضح بين كلام الشيخ الطوسي وبين النجاشي, الشيخ الطوسي ضعفّه في الفهرست والنجاشي وثقّه [ثقة ثقة] أين؟ في الرجال, فبأيهما نعمل؟ ما أدري واضح هذا.
المنهج المتعارف يقول: طيب يتعارض التوثيق والتضعيف ويكون الرجل ماذا؟ مجهول الحال, القاعدة, نحن هذا المنهج لا نوافق عليه, نرجع إلى المنهج الذي أشرنا إليه مراراً وتكراراً وهو جمع القرائن, لنرى أن الحق أو أن القرائن والشهادات والشواهد بصالح التضعيف أو بصالح التوثيق, التفتوا أعزائي, والآن أنا أذكر لكم في المقام مجموعة من القرائن والحكم لكم:
القرينة الأولى: وهي أن توثيق النجاشي له بقوله: [ثقة ثقة] يعني ثقة ماذا؟ بتعبير السيّد الخوئي يعني موثوق بما لا مجالة للشبهة فيه, ولكنّه عبارة الشيخ الطوسي ليست ضعيف ضعيف أو ضعيف جداً ليست هكذا, يعني: أن النجاشي كان واثقاً مائة في المائة ومطمئناً بوثاقة سالم ابن مُكرَم, فإذا جئنا إلى التوثيق -الداخلي- والتضعيف ذكر جملة من الأعلام -أنا ما أريد أن أقول قاعدة عامة ولكن بشكل موارد- جملة من الأعلام واحد منهم العلامة المامقاني, يقول: إذا لاحظنا أن الشيخ له اشتباهاتٌ أين؟ في الرجال, والنجاشي لم نرَ منه إلى الآن اشتباهاً واحداً إذن في المقايسة بين التوثيق والتضعيف أيهما يقدم لا أقل قرينة لا أنه أقول دليل, ما أدري واضح, ونفس هذا الكلام ينقله عن الفاضل الجزائري, يقول: [على أنه لم يبعد تقدم قول النجاشي في الجرح والتعديل على قول الشيخ لعدة جهات: الجهة الأولى: لتأخر النجاشي عن الشيخ الطوسي] يعني كاملاً عنده نظر إلى كلمات الشيخ الطوسي [وعدم خفاء مثل هذا الضعيف عليه, فقد ذكر الشهيد الثاني أنه اضبط من الشيخ وأعرف بأحوال الرجال ويؤيد ذلك] يذكر مجموعة من الشواهد, اجعلوها قرينة شاهد لا دليل.
القرينة الثانية: مدحه من قبل الكشي, هذا يقوي توثيق من؟ توثيق النجاشي, كما قرأنا للأعزة في (ص641, ج2) قال عن اسم أبي خديجة قال: [سالم ابن مُكرَم, فقلت له: ثقة؟ فقال: صالح وكان من أهل الكوفة] إذن المدح الوارد في حق من؟ في حقه من قبل الكشي.
القرينة الثالثة -التي تؤيد التوثيق في قبال التضعيف- هو نفس احتمال اضطراب كلام الشيخ بنقل العلامة, هذا الاحتمال موجود, صحيح نحن قلنا لا يوجد عندنا دليلٌ أنه حسي, ولكن احتمال الحسيّة موجودة, نفس هذا الاضطراب يضعّف ماذا؟ يعني أنت ينقل لك عن أحدٍ بضرس قاطع ثقة, وينقل لك عن شخص آخر بنحو متزلزل أنه ضعيف أيهما يقدم؟ طيب من الواضح أن هذا أقوى من ذاك. إذن نفس احتمال تعدد النقل عن الشيخ مضعف لكلام الشيخ.
القرينة الرابعة: وروده في اسناد كامل الزيارات, واحدة من هذه الروايات في (ص122) قال في (كامل الزيارات, الباب رقم 16, ورقم الرواية الرابعة أو بحسب هذه الطبعة الرواية 135 التي هي تحقيق: نشر الفقاهة) الرواية: >عن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي سلمه سالم بن مكرم عن أبي عبد الله الصادق قال لما حملت فاطمة بالحسين جاء جبرائيل …< وأنتم تعلمون بأنه لا أقل احتمال وثاقة كلّ من هم في اسناد كامل الزيارات هذا الاحتمال موجود أو غير موجود؟ بدليل: أنه علم كالسيد الخوئي كان مدّة طويلة من الزمان كان يبني على وثاقة كلّ من ورد اسمه في (اسناد كامل الزيارات) الآن بعد ذلك رجع هذا لا يسقط القيمة الاحتمالية لهذه الشهادة الواردة لابن قولويه في كامل الزيارات.
إذن هذه أيضاً قرينة رابعة على أنه هذا الرجل ثقة.
القرينة الخامسة: التي يشير إليها في (خاتمة المستدرك, يعني المحدث النوري في ج5, أو 23 بحسب طبعة مؤسسة آل البيت) قال: [لرواية بن أبي عمير عنه] وإذا بنينا على القاعدة >لا يروون إلاَّ عن ثقة< جيد. ولكن المشكلة عند مراجعة هذه الرواية في التهذيب وجدنا بأنه هذه الرواية بهذه الصيغة واردة, الرواية التي يشير إليها هي رواية (في فضل شهر رمضان والصلاة فيه, ج3, ص60, رقم الرواية 104) الرواية: >حدثنا عبد الله بن أحمد النهيكي عن علي بن الحسن عن محمد بن زياد عن أبي خديجة< الآن هذا محمد بن زياد من هو؟ جملة من الشراح أو بعض الشراح يقولون أن محمد بن زياد هو بن أبي عمير, فإنَّ تم فينقل محمد بن عمير عن من؟ عن أبي خديجة, ولا أقل أيضاً الاحتمال كافي, أيضاً يكون قرينة على تقوية سالم بن مُكرَم.
القرينة السادسة: وهي القرينة التي أشار إليها صاحب المستدرك قال: [رواية الأجلة عنه] نعم, في محله نحن قلنا: بأنَّ رواية الأجلة ليست ضابطة كلية على أن الشخص ثقة, ولكن إذا كثُرت رواية الأجلة عنه وأنه معروفون وأن أولئك الذين نقلوا معروفون بأنهم لا ينقلون إلاَّ عن يثقون, هذه المجموعة, لذا يقول: [رواية الأجلة عنه مثل عبد الرحمن ابن أبي هاشم المنعوت بقولهم: جليلٌ من أصحابنا ثقة ثقة, وأحمد ابن عائذ] الذي الآن نقلنا [والحسن ابن علي الوشاء كما في النجاشي, وأبو الجهم ومحمد بن سنان – على الخلاف فيه- وعلي بن الحسن والحسن بن علي ابن فضّال] وجملة من هؤلاء الأعلام.
طيب هذه مجموعة من القرائن التي إذا جمعناها بينكم وبين الله هذه الست أو سبع قرائن إذا جمعناها ووضعناها في ميزان التعديل والجرح, أيوجد أحد يستطيع أن يقول أنهما متكافئان الجرح والتعديل فيكون الرجل مجهول الحال؟
وهذا هو المنهج العام أعزائي الذي نتخذه في باب الرجال, لا يذهب ذهنكم إلى أنه يوجد في كتاب فلان قال ضعيف ولكنه مع ذلك السيّد يقول بأنه روايته معتبرة؟ الجواب: أعزائي ليس منهجنا أنه ضعيف إذن يترك الحديث, ثقة إذن يقبل الحديث لا, قد يرد عندنا في كلمات بعضهم أنه ماذا؟ ثقة ولكن مع ذلك توجد عندنا مجموعة من القرائن نجد أن هذه القرائن تؤدي بنا إلى أن هذه الوثاقة نبني عليها أو لا نبني عليها؟ لا نبني عليها. ما أدري واضح هذا.
هذا كما استعملناه في موارد أخرى.
إذن إلى هنا اتضح كما عبّر سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي أن هذه الرواية وهي رواية سالم بن مُكرَم معتبرة على الأظهر واتضح ما هو تعبير لماذا الأظهر, ولكن لا بالبيان الذي ذكره هو, ولا بالبيان الذي ذكره الأعلام يعني التستري والمامقاني وغيرهم, بل بهذا البيان الذي أشرنا إليه.
إن شاء الله تعالى في غد سنبين أن متن هذه الرواية ينفع التفصيل, الرواية الأولى قلنا, استدل بروايتين, الرواية الأولى تامة سنداً ولكن غير تامة متناً على التفصيل, هذه الرواية الثانية بعد تمامية سندها هل تكون نافعة للتفصيل أو لا؟ يأتي في غد.
والحمد لله رب العالمين.