بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
الموقف السادس في التعامل مع نصوص التحليل وروايات التحليل, هذا الموقف أو هذا الوجه من الوجوه الفنية التي يمكن استفادتها من مجموع كلمات جملة من الأعلام, ولذا نحن لا ننسبه إلى شخص معين باعتبار أنه ورد في جملة من الكلمات ولم ينسب إلى شخص معين, ونرتبه بنحوٍ يكون وجهاً فنياً في هذا المجال.
هذا الوجه قوامه على هذا الركن, على هذا الأساس وهو أنّه: أنتم تقولون أن هناك تعارضاً بين الروايات الدالة على التحليل وغيرها, كما تتذكرون أن سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي+ ذهب إلى أن الروايات طائفة قالت بوجوب الخمس مطلقاً, وطائفة حللت الخمس مطلقا فنحتاج إلى شاهد جمعٍ بين الطائفتين.
فهل الأمر كذلك أم أنه لا يوجد هذا التضاد والتعارض والتنافي بين الروايات.
وهذا يستدعي أن نصف الروايات الواردة في هذا المجال.
وفي اعتقادي أننا إذا صنّفنا الروايات عند ذلك سيتضح لنا بأنه كثير مما قيل أنه فيه تعارض لا يوجد هناك تعارض. وهذا منهجٌ مهم عندما تأتي روايات متعارضة في مسألة معينة وفي باب معين أن تصنف الروايات لتتضح حدود الروايات المتعارضة. وتطبيقه كما هو كما يلي:
الطائفة الأولى من الروايات:
الطائفة الأولى من الروايات هذه الطائفة أعزائي تشير إلى أنّ الخمس واجبٌ, يعني: تشريع الخمس بغض النظر عن الآية أو الرواية, أن تشريع الخمس واجبٌ أنّ أصل الخمس واجبٌ فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يحق لأحدٍ أن يتصرف في هذا الخُمس إلاَّ بإذنٍ من صاحب ذلك الخمس, وهذا أصلٌ لا أتصور أنه يمكن أن يناقش فيه أحد. أنه إذا ثبت أن هناك خمس وأن هناك حق في المال, وثبت أن لذلك الحق صاحباً, صاحب الحق إما شخص أو جهة أو غير ذلك, طيب بطبيعة الحال هل يجوز التصرف في ذلك المال من غير إذن صاحب الحق أو لا يجوز؟ لا يجوز, كما لو ثبت أن هذا المال مالك الشخصي طيب بطبيعة الحال لا يجوز إلاَّ بإذن منك.
والروايات الواردة في هذا المجال والتشديد الوارد في هذا المجال كله يصب في هذه الدائرة وهو أنه لا يجوز التصرف في حق الغير إلاَّ بإذن صاحب الحق, وورد التشديد بأنه إذا تصرف من غير إذننا فهو ملعون فرسول الله خصيمه نحن خصمائه صاحب الخمس خصمائه ملعون عليه لعنة الله والملائكة إلى غير ذلك, وهذا كله صحيح كله لا إشكال في ذلك باعتبار أنه ليس مالك حتّى يجوز التصرف فيه.
والروايات في هذا المجال التي تطبيق أصل تشريع الخمس والتشديد على أنّه لا يجوز التصرف فيه إلاَّ بإذن صاحب ذلك الحق.
الروايات أنا أمر عليها مروراً سريعاً باعتبار أن جملة من هذه الروايات نحن قراناها في الأبحاث السابقة وأشرنا إليها ولكنه الآن بحسب هذا التصنيف الجديد.
الرواية الأولى: في (ج9, طبعة مؤسسة آل البيت, ص536, رقم الحديث 12662) الرواية: >قال: قلت له: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال: من أكل من مال اليتيم درهما< جيد. إلى هنا لا علاقة له ولكنه انظروا إلى هذه الروايات, هذه لها فوائد أخرى >ونحن اليتيم< الآن أي يتم هذا الذي تشير إليه الروايات, وليست رواية ولا روايتين في هذا المجال. جيد جداً بأنه صاحب الحق هو هذا له درهم فإذا أكله ولو درهماً واحد فيستحق به النار.
الرواية الثانية: وردت في (ص484 من نفس هذه الطبعة, رقم الرواية 12544) وهي رواية صحيحة السند معتبرة >عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) عن الباقر, قال: سمعته يقول: من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله اشترى ما لا يحله له< باعتبار أن خمسنا ثابت فيه حقنا ثابت في هذا الخمس فقد اشتراه بلا إذن منّا بطبيعة الحال معذور أو ليس بمعذور؟ ليس بمعذور.
الرواية الثالثة: وهي (ص484, رقم الرواية:12543) أيضاً معتبرة الرواية: >عن الباقر (عليه السلام) في حديثٍ قال: لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا حقنا< طيب بطبيعة الحال لما ثبت لكم الحق في الخمس طيب لا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلاَّ بعد إعطاء هذا الحق لصاحبه.
الرواية الرابعة: الواردة في (ص484- 485, رقم الرواية 12545) الرواية عن بصائر الدرجات عن موسى ابن جعفر >قال: قرأت عليه آية الخمس فقال: ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لنا, ثمَّ قال: والله لقد يسر الله على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم جعلوا لربهم واحداً وأكلوا أربعة أحلاء ثمَّ قال: هذا من حديثنا صعبٌ مستصعبٌ لا يعمل به ولا يصبر عليه إلاَّ ممتحنٌ قلبه للإيمان< طيب بطبيعة الحال أن الله سبحانه وتعالى إذا لم يعطي هذا الدرهم الواحد الباقي يكون حلالاً أو يكون حراماً؟ يكون حراماً, كأن الإمام (عليه السلام) ربط الحلية الأربعة الباقية بإعطاء هذا الدرهم الخامس, وهذا أمرٌ طبيعي جداً.
الرواية الأخرى: واردة في (ص540, الحديث 12670) الرواية طويلة الذيل, محل الشاهد فيها, قال : >وأمّا ما سألت< طبعاً هي من الروايات الصادرة من الناحية >وأما ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها وأداء الخراج منها وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية احتساباً للأجر وتقرباً إليكم فلا يحل لأحدٍ أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه, فكيف يحل ذلك في ماله< قاعدة عامة ولا شك في هذا الأصل وهو أنه هل يجوز التصرف في مال الغير من دون إذنه أو لا يجوز؟ لا يجوز إلاَّ بإذنه, إذا كان عموم الناس هكذا فما بالك بأموال الإمام (عليه السلام). >من فعل شيئاً من ذلك لغير أمرنا< من غير أمرنا >فقد استحل منّا ما حرُم عليه وما أكل من مالنا شيئاً< طبعاً أيضا من غير أمرنا >فإنما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيرا<.
رواية أخرى: في (ص542, رقم الرواية 12673) الرواية: >كلّ شيءٍ قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله’ فإنَّ له خمسنا ولا يحل لأحدٍ أن يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا نصيبنا<.
راوية أخرى: وهي الرواية التي بعدها, >قال: لا يُعذر عبدٌ اشترى من الخمس شيئاً أن يقول يا ربي اشتريته بمالي حتّى يأذن له أهل الخُمس<.
رواية أخرى: واردة أيضاً في (تفسير القمي, ج2, ص93) الرواية أيضاً فيها تشديدٌ كثير, الرواية: >وحدثني أبي عن خالد عن أبي عبد الله قال: ما من ذي مالٍ ذهب ولا فضةٍ يمنع زكاة ماله أو خمسه إلاَّ حبسه الله يوم القيامة< إلى غير ذلك كما في الروايات الواردة في هذا المجال.
ماذا تريد أن تقول هذه الروايات أعزائي في جملة واحدةٍ, في جملة واحدة تريد أن تقول هذه الروايات أنه لا يجوز لأحدٍ أن يتصرف في مال الغير إلاَّ بإذنه, الآن لماذا الأئمة أكدوا على هذه الحقيقة؟ أكدوا عليها باعتبار توهمٍ قد يتوهم أحدٌ وهو: أن الآخرين ظلموا الأئمة ولم يعطوهم حقوقهم أنا ما هي علاقتي حتّى أتحمل الثمن, الإمام يريد أن يقول لا, سواءً تداولت الأيدي على هذا المال, أو لم تتداول الأيدي على هذا المال فحقنا ثبت, وهذه موجودة الآن بعض الناس يقول هو سرق هذا المال أنا ما هي علاقتي, لا لا أبداً, إذا كان هذا المال مسروق أنت يحق لك أن تشتريه أو لا يحق لك؟ لا يحق, إذا كان منصوب يحق لك أن تشتري وتتصرف فيه تقول هو يتحمل الإثم لا لا أبداً, الإمام (عليه السلام) يريد أن يقول تداول الأيدي تقادم الزمان تبدل الأيدي هذا يسقط حقنا أو لا يسقط حقنا؟ لا يسقط حقنا, هذه نكتة مهمة, لأن البعض يتصور أنه فلانٌ غصب مال الإمام, فلانٌ لم يعطي حق الإمام هو ضامن أنا ماذا علاقتي؟ الإمام ماذا يقول له؟ في هذا الأصل يريد أن يؤصل الإمام هذا الأصل, يقول: أبداً سواء كان في مالك أو في مال غيرك سواء كنت أنت لم تدفع أو هو لم يدفع حقنا يسقط أو لا يسقط؟ لا يسقط من هذا المال, إلاَّ إذا أذنا لأحدٍ أن يتصرف في هذا المال.
إذا تم هذا, بينكم وبين الله إذا جاءت روايات أخرى قالت وقد أذنّا في التصرف في هذا المال إما كلاً أو بعضاً فهل يعارض هذه الروايات أو لا يعارض هذه الروايات؟ الجواب لا يعارض, لماذا؟ لأنه تلك الطائفة هذه تقول لا يجوز التصرف في مالنا في حقنا إلاَّ بإذننا والرواية التي أذنت رفعت الموضوع قالت فقد أذنّا لكم فتصرفوا.
إذن فهذه الطائفة من الروايات التي جعلت معارضة لروايات التحليل معارضة لها أو ليست معارضة؟ لا, ليست معارضة لها, وهذه نكتة مهمة التفتوا إليها, وهو أنه هذا اللسان من الروايات, رواية روايتين عشرة عشرين لا يهم, هذه الروايات من قبيل من قالت بأنه المال المغصوب لا يجوز التصرف فيه إلاَّ بإذن صاحب المال, طيب جاءت روايات صاحب المال قد أذنت لك, هذا يوجد تنافي بينهما؟ لا لا يوجد تنافي, لأن الطائفة الثانية رفعت موضوع الطائفة الأولى فلا تنافي بين الطائفة التي قالت يحرم لا يجوز التصرف إلاَّ بإذننا والروايات التي أذنت وأحلّت قالت أذنّا في التصرف.
نعم, يبقى بحثٌ أن الإذن في التصرف أن الإذن في التحليل أن الإذن في جواز كذا وكذا هذا مطلقٌ لكل أحدٍ ولكل حقوقهم أو مقيدٌ؟ هذا لابدَّ أن يبحث أين؟ في الطائفة الدالة على التحليل.
إذن الطائفة الأولى من الروايات التي هي في المقام تتعارض مع روايات الدالة على التحليل أو لا تتعارض معها؟ لا تتعارض, وإذا لم تتعارض معها لماذا؟ لأنه واحدة قالت: لا يجوز معلقاً على عدم الإذن, والطائفة الثانية قالت: يجوز مع الإذن, فمن الواضح أنه لا تعارض بينهما لأن الثانية تكون رافعة لموضوع الأولى.
الطائفة الثانية:
هذه الطائفة الثانية, وهي الطائفة التي فيها ذمٌ كثيرٌ لمن لم يوصل حقهم إليهم, فقد يقال أن هذه الطائفة من الروايات تكون معارضة لروايات الإذن في التصرف والتحليل. نريد من خلال هذا البحث نريد أن نحصر دائرة التعارض نريد أن نرى التعارض أين موجود بين التحليل وبين وجوب الخمس.
الطائفة الثانية من الروايات وهي روايات أيضاً كثيرة وهي الروايات التي فيها هذا المضمون, (الوسائل, ج9, ص537) طبعاً (أبواب الأنفال, الباب الثالث, رقم الرواية 12664).
الرواية: >عن أبي جعفر الثاني, إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم، فقال: يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حل، فاني قد أنفقتها، فقال له: أنت في حل< هذا ليس محل الشاهد, الآن هذا لماذا الآن يقول في حل بعد ذلك يقول لا, له بحثٌ آخر, >فلما خرج< يعني: ذلك المتولي, >فلما خرج صالح قال أبو جعفر (عليه السلام): أحدهم يثب على أموال آل محمد’ وأيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجيء فيقول: اجعلني في حل< هذه الطريقة التي افترضوا البعض أنه يُعطى له الحقوق الأخماس الحقوق الأخرى المالية, ولكنه الآن إما لضرورة أو لغير ضرورة يصرفها ويأتي إلى المرجع أو الفقيه أو الذي يقلد ويطلب منه الإذن, الآن لاعتباراتٍ الآن إما خجلاً إما خوفاً أي اعتبار آخر, يقول له ماذا؟ جعلتك في حلٍ, الإمام يقول: >فيقول: أجعلني في حلٍ أتراه ظن أني أقول: لا أفعل< الآن ما هي الاعتبارات التي الإمام لم يقل لا أفعل؟ >والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا<.
هذه افتحوا أعينكم أعزائي, هذه قضية اخرجوا لي عن هذه قضية ربع ونصف وثلث وكذا اطمأنوا أنه فيها حسابٌ عسير, هذه القضية التي الآن تعارف أصلاً صارت من المتعارفات, أصلاً يسألون كم يعطي إذا نأخذها, ذاك يقول إذا أعطوك نصف يقول طيب من هناك نذهب, هذا يقول لا, لا يعطون نصف يعطون ربع يقول لا هنا لا نذهب, لمرجعٍ واحد لا لمراجع متعددة, لمرجعٍ واحد ولكن هذا الوكيل يعطي ربع وذاك كم يعطي؟ نصف, انتهت القضية, >والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثا<.
انظروا التعبير جداً تعبير دقيق من الإمام (عليه السلام) يقول: >يثبت على أموالهم وأيتامهم ومساكينهم< يقول: يعني توجد أولويات شيعة آل محمد الآن أربعين بالمائة في بعض البلدان يعيشون دون خط الفقر وأنت تبني بيت بمليار يعني ماذا؟ ودخلتم هذه القضية البائسة المتخلفة وهي قضية الشأنية, شأنه ماذا؟ هو عنده بيت وأولاده كلهم عندهم بيوت وحتى يتخلص من الإشكال الشرعي عمامة على رأسه وفي اليوم أيضاً نصف ساعة يذهب إلى الدرس انتهت القضية, هي هذه الموازين؟ هذه روايات أهل البيت, إذا نحن وروايات أهل البيت هذه روايات أهل البيت, على أي الأحوال.
الإمام (عليه السلام) وجداً نكتة مهمة فيها وهي أن الإمام ظاهراً لاعتباراتٍ أجاز أو لم يجز؟ أجاز, ولكن بعد أن خرج ماذا قال؟ قال هذا الكلام, ولعل البعض أيضاً ممن تسأله الإجازة قد يجوز لاعتباراتٍ, أنا ما أريد أن أدخل في تلك الاعتبارات. هذه رواية.
الرواية الثانية: وهي رواية الواردة في (ص540, من الوسائل) الرواية أيضاً من هذا القبيل وهي مكاتبة وهي معتبرة أيضاً وسبب اعتبارها أنها واردة في إكمال الدين للشيخ الصدوق وقد نقل الرواية الصدوق عن أربعة من شيوخه, فبعيد جداً أنه الرواية تكون ضعيفة على أي الأحوال, الرواية: >الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان في جواب مسائلي إلى صاحب الدار, وأما ما سألت عنه< التفتوا >وأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا<.
إذن ليس هو الذي وجد الخمس في ماله بل أموال وصلت إلى يده يعني ماذا بتعبيرنا اليوم؟ وكيل يعني >وأما من يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا< يتصور هذه (عليه السلام) وكأنه اليوم عايشين معنا في الحوزات العلمية, يتصرف فيه كأنه أملاك شخصية – بتعبيرنا العراقي: مال أبيه- … أحسنتم, هذه الإمام (عليه السلام) يقول: >ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصمائه, فقد قال النبي’ المستحل من عترتي ما حرّم الله ملعون على لساني ولسان كلّ نبي مجاب فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا وكانت لعنة الله عليه لقول عزّ وجلّ: {ألا لعنة الله على الظالمين}<. جيد.
هذه الطائفة الثانية: تتعارض مع روايات الحل أو لا تتعارض؟ الجواب: أيضاً لا تعارض, لأن هذه الروايات تذم الذين خانوا الأمانة في أيديهم ما هي علاقتها بالبحث أصلاً, هذه الطائفة ما تتكلم بأنَّ الخمس الذي صار في مالك, أو المال الذي وصل إليك من الغير وفيه الخمس تدفع أو لا تدفع, تريد أن تتكلم أن بعض الناس خانوا الأمانة, طيب ما هي علاقتنا أنه أحل الخمس أو لم يحل الخمس؟
إذن هذه الطائفة من الروايات أيضاً لا تعارض بينها وبين الروايات الدالة على التحليل وعلى الإذن في التصرف جزءاً أو كلاً, هذه الطائفة أيضاً خرجت عن المعادلة.
الطائفة الثالثة: وهي الطائفة التي يمكن أن يقال هي التي تعارض روايات التحليل, وهي الطائفة التي وردت فيها أن الأئمة كانوا يؤكدون على وجوب الخمس, وأنه لابدَّ من دفع الخمس إليهم وأنهم نصبوا الوكلاء لذلك, وأنهم كانوا يقبضون الأخماس وأن الشيعة كانت ثقافتهم خصوصاً عندما تشكلت هذه الكتلة في زمن بعد زمن الإمام السجاد يعني زمن الباقر والصادق وبعد ذلك صار للشيعة كيانٌ يحسب له حساب, وإلا في بني أمية ما أعطوا هذا المجال لأن يتشكل هذا الكيان الذي يسمى الكيان الشيعي, أنتم تجدون الآن بعض البلدان الشيعة لهم كيان مستقل, بعض البلدان لا يسمحون لهم أن يتشكل للتشيع وللشيعة كيان.
الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بعد تشكل الكيان الشيعي وككونهم وجود موجود على الساحة السياسية والدينية والفكرية, نجد أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تصدوا لإدارة شؤون الشيعة ومن تلك الأمور التي وقفوا عندها كثيراً مسألة أخذ الأخماس وإرسال الوكلاء لقبض الأخماس, والروايات كثيرة جداً أنا أشير فقط إلى عناوينها وأقرأ سريعاً حتّى أنه الوقت يسعني.
الرواية الأولى: في (ص500, من هذه الطبعة التي أشرنا إليها وهي الرواية 12581 الرواية صحيحة السن وقراناها سابقاً) >قال لي أبو عبد الله ابن راشد, قلت له< الرواية عن علي بن مهزيار >أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك, فقال لي بعضهم: وأي شيء حقه, فلم أدري ما أجيبه, فقال: يجب عليهم الخمس, فقلت: ففي أي شيء, فقال: في أمتعتهم وصناعهم, قلت: والتاجر عليه والصانع بيده, فقال: إذا أمكنهم بعد مؤونتهم<.
الرواية الثانية: (12580, ص500) الرواية: >عن أبي الحسن الثالث, عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر ماذا يزكي, فأخذ منه العُشر عشرة أكرار, وذهب منه بسب عمارة الضيعة ثلاثون كراً وبقي في يده ستون ما الذي يجب عليك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شيء, فقال (عليه السلام): لي منه الخُمس مما يفضل من مؤونته< والرواية واضحة.
الرواية الثالثة: في (ج3, ص499, 12579) >كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليلٍ وكثيرٍ من جميع الضروب وعلى الصناع وكيف ذلك؟ فكتب بخطه: الخمس بعد المؤونة<.
رواية أخرى: في (503, رقم 12585 وهي صحيحة أيضاً) >كتبت جعلت فداك: تعلمني ما الفائدة وما حدّها؟ قال: رأيك أن تمن علي ببيان ذلك لكي لا أكون مقيما على حرام … قال: الفائدة ممّا يفيد إليك في تجارةٍ من ربحها، وحرث بعد الغرام، أو جائزة<.
وهكذا أعدد الروايات:
رواية (12582) أيضاً نفس هذا المعنى وهي صحيحة ومعتبرة, >أقرأني أقرأني على كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنه أوجب عليهم نصف السدس< الإمام بعد ذلك فكتب >عليه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله وبعد خراج السلطان<.
وهكذا رواية (12583).
وهكذا رواية (12587) وهي تامة السند أيضاً, >ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلة رحى أرض في قطيعة لي وفي ثمن سمك, فكتب: يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله.
وكذلك رواية (12588) أيضاً بهذا المضمون, وهكذا روايات أخرى إلى أن نصل إلى الروايات التي وردت في المكاتبة عن الإمام الثاني عشر, لا يتبادر فقط عن الأئمة الآخرين, عن الإمام الثاني عشر أيضاً في (ص189, من الغيبة) قال: [>وأما أموالكم فما نقبلها إلاَّ لتطهروا فمن شاء فليصل ومن شاء فيقطع فما آتانا الله خيرٌ مما آتاكم<] إذن الإمام الحجة أيضاً كان يستلم الحقوق.
وآخر رواية التي هي واضحة في هذا المجال وهي أيضاً كذلك في (ص538) روايتان واضحتا الدلالة في هذا المجال, وكلتاهما عن الإمام الرضا قال (عليه أفضل الصلاة والسلام): >إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى أموالنا…< إلى أن قال: >فإنَّ إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم والمسلم من يفي لله بما عهد عليه وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب<.
رواية أخرى: (12666) قال: >تمحضون المودة بألسنتكم وتزوون عنّا حقاً جعله الله لنا وجعلنا له لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحدٍ منكم في حلٍ<.
وآخر رواية التي واردة في المقام وهي: الرواية الواردة في (الخرائج والجرائح, للراوندي, ج1, ص474) الرواية طويلة الذيل يقول: >إذ طلع عليّ فارس تحته شهباء وهو متعمم بعمامة خز خضراء لا أدري منه إلاَّ عينيه فقال لي: يا حسين فلا هو أمرني ولا هو كنّاني فقال ماذا تريد< أمرني باعتبار كان أميراً الحسين, فيقول لم يقل لي الأمير حسين ولا قال أبو فلان, >فقلت: ما تريد, قال: لمَ تزري على الناحية< تزري يعني تنقص, >ولمَ تمنع أصحابي خمس مالك وكنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئاً فأرعدتُ منه وتهيبته, وقلت له: أفعل يا سيدي ما تأمر به, فقال: إذا مضيت إلى الموضع الذي أنت متوجه إليه فدخلت عليه عفواً وكسبت ما كسبته تحمل خمسه إلى مستحقه, فقلت: السمع والطاعة, فقال: امضي راشداً, ولوّا عنان دابته وانصرف فلم أدري أي طريق سلك وطلبته يميناً وشمالاً فخفيّ عليّ أمره< إلى أن بعث عليه أحد النواب الأربعة -في الغيبة الصغرى هذه- ثمَّ أخذ مني >بلغني ذلك العمري المسألة وأخذ مني الخمس<.
هنا أعزائي, يقع التعارض بين هذه الطائفة من الروايات التي جعلت الشيعة في حلٍ وبين هذه الطائفة التي كانت توجب الخُمس وتبعث الوكلاء وتأخذ.
من هنا لابدَّ من النظر إلى هاتين الطائفتين لنرى أن الحق ما قاله سيدنا الأستاذ السيّد الخوئي, أو أن الأمر شيءٌ آخر.
والحمد لله رب العالمين.