بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قلنا من الأمور التي لابدَّ من الوقوف عندها جيداً معرفة أصناف وأقسام الأحكام الولائية الصادرة عن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
من مسلمات فقه الإمامية أن الأئمة كانت لهم أحكام ولائية, هذه الأحكام الولائية ما لم يلتفت إلى أقسامها وإلى أصنافها وإلى خصوصيات هذه الأقسام والأصناف, عند ذلك يتوهم في كثير من الأحيان أن هناك تعارضاً في روايات الأئمة, مع أن واقع الحال ليس كذلك, لأنّه هذا حكمٌ ولائيٌ صدر من الإمام الأوّل وهناك حكمٌ ولائيٌ آخر صدر من الإمام العاشر, ولا تنافي بين الحكمين الولائيين أحدهما يقول واجب والآخر يقول ليس بواجب. أحدهما يقول حرام والآخر يقول ليس بحرام.
فإذا حملنا هذه الأحكام الولائية على أنها أحكام ثابتة عند ذلك ينفتح لنا باب التعارض وفي واقع الحال لا يوجد أي تعارض لأن الحكم الولائي الأوّل مرتبط بظروف وزمان ومكان غير الحكم الولائي الثاني الذي يرتبط بظروفٍ أخرى.
من هنا قلنا أعزائي لابدَّ من معرفة هذه الأقسام والأصناف, انتهينا من القسم الأوّل ومن الصنف الأوّل, وهي: الأحكام الولائية الصادرة من الأئمة بالنسبة إلى عصر الغيبة الكبرى, وضعوا لنا أحكام هذه الأحكام قائمة إلى أن يظهر الإمام الثاني عشر (عليه أفضل الصلاة والسلام).
وأشرنا إلى مثالين لذلك: المثال الأوّل: ما يرتبط بمبنى ونظرية ولاية الفقيه, نحن نعتقد بنظرية ولاية الفقيه على تفصيلٍ في حدودها ودائرتها ولكنها لا بعنوان أنها جزءٌ من الشريعة وجزءٌ من الدين, بل هي حكمٌ ولائي صدر من الإمام الثاني عشر لغيبته (عليه أفضل الصلاة والسلام) وإذا حضر تبطل هذه الولاية التي أعطيت إلاَّ بالحدود التي سوف يعينها الإمام عند ظهوره (عليه أفضل الصلاة والسلام) وهكذا فيما يتعلق بالمثال الثاني وهو القضاء بين المتخاصمين >فإني قد جعلته عليكم حاكما< هذه >جعلته< الجعل جعل من الإمام ولكنه لعصر الغيبة الكبرى وقد يشمل أيضاً عصر الحضور أيضاً.
القسم الثاني: من الولاية أو الأحكام الولائية, هي الأحكام الولائية الخاصة بزمانٍ معينٍ من أزمنة الصدور, يعني: أن هناك حكم صدر من الإمام ولكنه من الواضح أنه مختص بزمان معين وليس فيه إطلاق حتّى لزمان الحضور فضلاً عن عصر الغيبة الكبرى.
والأمثلة على ذلك كثيرة والإخوة لا بأس بتتبع هذه الأمثلة, أنا أشير إلى مثالين في هذا المجال.
المثال الأوّل: ما ورد في (الوسائل, ج9, ص77) والرواية صحيحة السند ومعروفة عند الأعزة وقراناها مراراً وهي: >عن محمد بن مسلم وزرارة عنهما جميعاً قالا: وضع أمير المؤمنين (عليه السلام) على الخيل العتاق الراعية في كل فرس في كل عام دينارين، وجعل على البرازين دينارا< من الواضح وضع الزكاة على الخيول والبرازين, طيب أين هذا من وضع الزكاة على الأمور التسعة؟
الجواب: أولاً: هذا يؤكد لنا ما أشرنا إليه من أن ما ذكر من الأمور التسعة ليس هو وضعٌ تعييني من الرسول الأعظم, وإنما هو وضع مصداقي كما أوضحناه في أبحاث التعارض, يعني يعين المصداق في زمانه هذا, في زمانه هذا, المهم هذا حكم ولائي وهذا حكم ولائي آخر الوجوب, أما بعد ذلك لا, الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لم يضعوا الزكاة على الفرس وعلى البرازين ونحو ذلك. هذا هو المثال الأوّل.
المثال الثاني: وهو ما ورد في (أصول الكافي, ج12, ص216, بحسب طبعة مركز بحوث دار الحديث) الرواية طويلة وبودي أن الأعزة يرجعون إليها (كتاب الأطعمة بابٌ جامع في الدواب التي لا تؤكل لحمها).
الرواية: >أنه سئل ما قولك في هذا السمك الذي يزعم إخواننا من أهل الكوفة أنه حرام؟ فقال أبو سعيد: سمعت رسول الله’ يقول: الكوفة جمجمة العرب ورمح الله تبارك وتعالى وكنز الإيمان فخذ عنهم أخبرك أن رسول الله’ مكث بمكة يوماً وليلة يطوى< يطوي يعني: جائع >ثم خرج وخرجت معه فمررنا برفقة جلوس يتغذون فقالوا: يا رسول الله الغذاء فقال لهم: نعم أفرجوا لنبيكم فجلس بين رجلين وجلست وتناول رغيفاً< يظهر بأنَّ ذاك الزمان واحد يجلس في الشارع ويأكل مع الناس ليس مخالف للشأنية >فصدع بنصفه ثم نظر إلى أدمهم< ما يأتدمون به >فقال: ما أدمكم هذا؟ فقالوا: الجريث يا رسول الله فرمى بالكسرة من الخبر من يده وقام<.
إذن النبي’ كان يريد أن يأكل, وجد أنهم يأكلون جري – بتعبيرنا- فلم يأكل, ثمَّ الرواية طويلة الذيل إلى أن نصل إلى هنا, يقول: >ثم تبعت رسول الله’ حتى لحقته فمررنا بأصل الصفا وبها قدور تغلي فقالوا: يا رسول الله لو عرجت علينا حتى تدرك قدورنا فقال لهم: وما في قدوركم؟ فقالوا: حمرٌ لنا كنا نركبها فقامت< عجزت لا نستطيع أن نستفيد منها >فذبحناها فدنا رسول الله’ من القدور فأكفأها برجله, ثم انطلق جواداً وتخلفت بعده فقال بعضهم: حرم رسول الله’ لحم الحمير وقال بعضهم: كلا إنما أفرغ قدوركم حتى لا تعودوا فتذبحوا دوابكم< اختلفوا أن هذا حكم شرعي أو أنه شيء آخر >قال أبو سعيد: فبعث رسول الله’ إلي فلما جئته قال: يا أبا سعيد ادع لي بلالاً فلما جئته ببلال قال: يا بلال اصعد أبا قبيس فناد عليه أن رسول الله حرم الجري والضب والحمير الأهلية ألا فاتقوا الله عزّ وجلّ ولا تأكلوا…< إلى آخر الرواية. واضح أن النبي’ هنا حرم ماذا؟ الحمير يعني: أكل لحم الحمير الأهلية. هذه الرواية أين موجودة؟ موجودة في أصول الكافي.
تعالوا معنا إلى روايةٍ أخرى من الوسائل لنعرف أن هذا التحريم الذي صدر من رسول الله صدر بعنوان أنه حكمٌ ثابت وجزء من الدين أو أن الإمام يقول لا, هذا لم يكن حكماً ثابتاً وإنما كان حكماً ولائياً اقتضته ظروف تلك المرحلة, الرواية في (الوسائل, ج24, ص123) الرواية: >عن الباقر: أنه سئل عن سباع الطير والوحش، حتى ذكر له القنافذ والوطواط والحمير والبغال والخيل، فقال: ليس الحرام الا ما حرم الله في كتابه< إذن هذه الأمور المذكورة محرمة أو غير محرمة؟ غير محرمة, لماذا؟ لأنها لم تذكر في الكتاب. الإمام كأنه دفع دخل مقدر, فإنَّ قلت: أن رسول الله حرّم الحمير كما أنه في روايات كثيرة لا فقط في هذه الرواية, >قال: وقد نهى رسول الله’ يوم خيبر عنها وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوه وليس الحمر بحرام< إذن كانت هناك ظروف تقتضي أنه لو صار هذا مورد للأكل عند ذلك تفنى هذه لا يبقى لها ما يحتاجون إليه, والنبي’ ماذا؟ وقف أمامها.
سؤال: هذا الحكم الذي صدر من النبي حكم ولائي, حكم ولائي شامل لكل عصر الحضور؟ لا أبداً, واضح أن الإمام الصادق يقول لا, فما بالك بعصر الغيبة الكبرى.
إذن عندنا أحكام ولائية صدرت من النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) مرتبطة بعصرهم بزمانهم بظرفٍ خاصٍ من أزمنة ذلك. هذا هو القسم الثاني.
القسم الثالث: وهي الأحكام الولائية الصادرة عن الأئمة والتي يشك في أمرها هل هي عامة مطلقة من قبيل القسم الأوّل, أو خاصة مختصة من قبيل القسم الثاني, فماذا نفعل في مثل هذه الحالة, ولعله من أوضح أمثلة ذلك خمس أرباح المكاسب, نحن انتهينا بحسب القرائن والشواهد والأدلة والروايات, أن خمس أرباح المكاسب كان حكماً ولائياً صدر من الإمام الصادق وما بعد ذلك, فهل هو مختص بزمانهم أو شاملهم لما بعد زمانهم؟ التفتوا جيداً إلى هذه القضية مهمة جداً والتي هي محل الكلام.
في هذا القسم الثالث توجد عندنا صورتان:
الصورة الأولى: أن يوجد حكمٌ ولائي من إمامٍ سابقٍ ثمَّ يأتي حكمٌ ولائي من إمام لاحق, طيب من الواضح لا يمكن أن يقال أن الحكم الولائي السابق نافذ, لماذا؟ لأنه جاء الإمام اللاحق وغيّر ذلك الحكم الولائي, فما عندنا مشكلة. أين مثاله؟ مثاله واضح: وهو ما قراناه للأعزة في (وسائل الشيعة) عن الإمام الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام) في (ج9, ص501- 502) الرواية: >قال الإمام الجواد: فعلمت ذلك, فأحببت أن أطهرهم وأزكيهم بما فعلتُ في عامي هذا< إذن الخمس هذا الذي فعله من أمر الخمس مرتبط بعامه ذاك, ماذا فعل بعامه ذاك, قال: لأنه أعلم بأنه >تخفيفاً مني عن مواليّ ومنّاً مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم< وضعهم الاقتصادي ليس بجيد, الوضع السوق الأسهم ليس بجيد, وضع التجارة ليس بجيد, حصار اقتصادي يوجد, التجار خسروا لا يستطيعون أن يتعاملون إلى آخره, طيب يأتي إلى إمام عصره يقول يا ابن رسول الله وضعنا في هذه السنة بهذا الشكل, ماذا نفعل؟ قال: >فأما الذي أوجب من الضياع والغلاة فهو نصف السدس< هذه السنة عليكم كم؟ خمس؟ الجواب: كلا, عليكم نصف السدس, يعني واحد من اثنا عشر, جيد, هذا أين في زمن من؟ في زمن الإمام الجواد, جيد هذا الحكم مستمر أو ليس بمستمر؟
الجواب: تعالوا مباشرة إلى الرواية (ص500) يعني (12582) الرواية أيضاً صحيحة السند معتبرة عن علي بن مهزيار كما الأولى عن علي بن مهزيار, >قال: أقرأني عليٌ كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنّه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة< التجار في زمن الإمام الهادي, فعندما جاء علي بن مهزيار الذي كان من وكلائهم ليأخذ الخمس, قالوا له الإمام الجواد جعلها كم؟ واحد اثنا عشر, فالآن أيضاً ندفع واحد اثنا عشر أو ندفع أكثر أو ندفع أقل ماذا نفعل؟ وهذا يكشف لك عن أنهم كانوا يعلمون أن هذه القضية مرتبطة بالإمام. >أوجب وأنه ليس على من لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك, فاختلف مَن قِبلنا في ذلك, فقال: يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة ..< إلى آخره, بعضٌ يقول لا, لابدَّ أن تدفعون الخمس, وبعض يقولون واحد من اثنا عشر, >قال: فكتب× قال: فكتب وقرأه علي بن مهزيار< يعني خط الإمام >عليه الخمس< إذن الحكم الولائي الذي صدر من الإمام الجواد ماذا؟
الجواب: ذاك في ظرفه والإمام الهادي في ظرفه, انتهت القضية. لا يقول لي تعارض, لا, لي تعارض لأن الحكم الأوّل بعضٌ قال تعارض, لا لا يوجد تعارض, لأن الحكم الأوّل الذي قال نصف السدس حكمٌ ولائي لظروف, وما قاله الإمام الهادي حكمٌ ولائي آخر لعله خمس سنوات عشر سنوات سنتين بعد .. إلى آخره. واضح هذا المعنى.
وهذا هو الذي جعلنا أعزائي أن نقول بشكل واضح وصريح أن خمس أرباح المكاسب خمس ما هو؟ حكمٌ ولائي وليس حكماً ثابتاً, وإلا لا معنى سنتين خمس يصير أربع سنوات يصير نصف السدس ونحو ذلك. هذه الصورة الأولى.
إذن الصورة الأولى هي أنه أن يوجد إمام سابق ويحكم بحكم ولائي ثم يوجد إمام لاحق ويحكم بحكم ولائي ثانٍ المدار على اللاحق لا على السابق, هذه الصورة الأولى.
الصورة الثانية: أن هذا الحكم الولائي صادر من الإمام الثاني عشر والمشكلة هنا المعضلة, أنه إذا صدر حكم لا يوجد من بعده إمام آخر حتى يصدر حكم ولائي آخر.
السؤال المطروح هنا وهو محل كلامنا: وهو أن هذا الحكم, ولا إشكال أن الإمام الحجة (عليه أفضل الصلاة والسلام) في عصر غيبته الصغرى كان هذا الحكم الولائي ثابت بدليل أنه نصب الوكلاء ونصب نواب لقبض الأخماس من الشيعة, إذن الحكم الولائي كان موجود أو منسوخ؟ مرفوع ما أريد أن أقول منسوخ, لأن تعبير النسخ خطأ, كان مرفوع أو موجود؟ موجود هذا الحكم, بدليل أنه عملاً كان يأخذ الخمس بل أساساً العبارات الواردة عنه (عليه أفضل الصلاة والسلام) كما في التوقيع والذي قلنا أنه في أواخر غيبة الصغرى, قال: >وأما أمالكم فما نقبلها إلا لتطهروا فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع فما آتانا الله خير مما آتاكم< إذن كان يأخذ أموال الخمس من الشيعة في عصر الغيبة بل في أخريات الغيبة الصغرى.
السؤال: هذا الحكم الولائي بعد غيبته (عليه أفضل الصلاة والسلام) الكبرى بقي على حاله أو لم يبق على حاله؟ ما أدري واضح الآن محل النزاع أين, ما نتكلم في أخبار التحليل, أنه حلل أو لم يحلل لا لا, أساساً مقتضٍ لهذا الحكم الولائي موجود أو غير موجود؟ واضح الكلام.
هنا حاول جملة من الأعلام منهم السيد الحائري في (مباني الفتاوى, ص230) هذه عبارته هناك, يقول: [وصلنا هذا الخمس من قبل الأئمة المتوسطين وأكد عليه من قبل الأئمة المتأخرين ولازال الإمام عجل الله فرجه موجوداً] يعني هذا الحكم الولائي كان صادراً منه [ولم يصلنا رفعه في زمن النواب الأربعة, إذن الأمر الأول الذي يدعيه هو ماذا؟ أنه لا يوجد عندنا أي دليل على أن الإمام رفع هذا الحكم الولائي, ثانياً: [ولا إبطاله] يعني ولم يصلنا إبطاله [حينما أريد تغيير شكل النيابة من النيابة الخاصة التي كانت في الغيبة الصغرى إلى النيابة العامة التي حصلت في الغيبة الكبرى لكل الفقهاء الجامعين للشرائط]. ما أدري واضح.
إذن على هذا الأساس ادعى هذه الدعوى قال: [سواء كان الحكم] يعني خمس أرباح المكاسب [سواء كان حكماً إلهي ثابت على مقتضى ما ثبت في الحكام او كان حكماً ولائياً متغيراً فهذا لا يؤثر علينا في عصر الغيبة الكبرى].
بعبارة واضحة: يريد أن يقول ذاك النزاع له ثمرة عملية في عصر الغيبة الكبرى أو لا ثمرة له؟ لا ثمرة له, دعوى جيدة علمية منظمة.
طبعاً هذا الكلام موجود في كلمات الأعلام الآخرين الذين احتملوا نفس هذا الاحتمال بشكل واضح وصريح بل لعله بنفس العبارات, كما أشرنا في (كتاب الخمس لبعض الأعلام المعاصرين, ص395) فإنه بعد أن قال: [فعلى هذا يكون هذا الخمس حكماً موسميا ويكون إثباته في عصرنا مشكلاً جدا] قال: [اللهم إلا أن يقال] ماذا يقال [إن كونه حكم ولائي من قبل الأئمة المتأخرين لا يلازم كونه محدوداً بزمانٍ خاص, وإطلاق الجعل] يعني هذا الجعل الولائي الذي صدر من الإمام الثاني عشر, [وإطلاق الجعل محكم ما لم يثبت تحديده بزمانه, أو رفعه عند غيبته الكبرى] نفس الذي الآن قرأناه عن السيد الحائري. هذا هو الإدعاء.
إذن الكلام في هذه النقطة, قلت لكم أعيد مرة أخرى, البحث ليس في أخبار التحليل الآن, أفترض أصلا أخبار التحليل لا توجد عندنا, الآن البحث بناء على نظرية أن خمس أرباح المكاسب هو نوع آخر من الخمس وهو حكم ولائي أساساً فيه اقتضاء الشمول لعصر الغيبة الكبرى أو لا يوجد فيه اقتضاء؟ لأن القضية جدا خطيرة تصير, لأنه إذا لم يثبت الاقتضاء يعني قابلية الاستمرار والشمول لما بعد الغيبة الصغرى يعني الغيبة الكبرى هذا معناه حتى لو لم تتم عندنا أخبار التحليل قلنا مهجورة متضاربة مضطربة كلها, أساساً قد يقال عدم وجود المقتضي لمثل هذا النوع من الخمس. فلهذا الأعزة جداً لابد أن يفتحون أعينهم عندما يريدون أن يأخذوا الخمس من الناس, لأنه يصير من دوران الأمر بين المحذورين لأنه إما واجب يأخذه وإما أنه يتصرف في مال الغير حرام يتصرف فيه, هذا لابد أن تنحل. خصوصاً مرتبطة بحقوق ماذا؟ الآن نحن كثيراً في مسألة حقوق الله نتساهل نقول إن شاء الله هناك الله كريم أرحم الراحمين, بشكل قد يحل المشكلة معنا, أما هذه الحقوق لمن؟ حقوق الناس هذه. افتحوا أعينكم والأمر إليكم وأنا هذه القضية أطرحها كبحث علمي الآن وإن كان مختاري سأبينه أنا لا أخشى أن أبين نظري في هذه المسألة.
إذن السيد الحائري واجد أن المشكلة مشكلة عويصة ولذا دخل لها أي مدخل؟ لا ذهب إلى أخبار التحليل ولا إلى .. أبداً, دخل إلى أن هذه المسألة لا تؤثر عملياً على عصر الغيبة الكبرى. ولذا عبارته [ولا يخفى أن هذه الشبهة] أي شبهة؟ شبهة أن هذا الحكم ليس حكما إلهياً ثابتا بل هو حكم ولائي [ولا يخفى أن هذه الشبهة لو لم يمكن حلّها فهي لا تعني سقوط خمس أرباح المكاسب في زمن الغيبة] لماذا؟ [إذ حتى لو افترضناه خمساً] يعني حكماً [حكماً ولائياً فهو على أي حال أمر وصلنا من الأئمة] إلى الإمام الثاني والإمام الثاني عشر لم يأتي دليل لا على رفعه ولا تحديده ولا إبطاله. ما أدري واضح هذا الكلام إلى هنا.
السؤال: إذن حديثنا سوف ينصب على هذه النقطة, مناقشتنا خصوصاً لهذين العلمين, وهو أنه أساساً كذلك أو لا.
أعزائي, تعالوا في المقدمة, لم يبق لي وقت كثير إن شاء الله غداً سأكمل البحث بشكل دقيق وعلمي واسع, عزيزي, في المقدمة لابد أن نتعرف على طبيعة وحقيقة وهوية الحكم الولائي, ما هي طبيعة الحكم الولائي؟
الجواب: من أهم ما يمتاز أو ما يميز الحكم الولائي عن الحكم الثابت الذي هو القسم الأول أن الحكم الثابت الأصل فيه هو الشمول الأزماني, نحن لا نحتاج, طبعاً يكون في علمكم فيه كلام كثير أيضاً ذاك ولكنه نحن نفترضه أصل مسلم, وإلا حتى في ذاك يوجد كلام, بناء على نظرية الزمان والمكان, وما أريد أن أدخل حتى لا أشوش أذهان الأعزة, الحكم الثابت هو فيه إطلاق ماذا, يعني عندما قال رسول الله أو عندما جاء القرآن الكريم قال أقيموا الصلاة فلا نحتاج أن نسأل هذا أقيموا الصلاة في القرن الأول أو القرن الثاني أو إلى القرن العاشر لا لا, عندما قال هذه شريعة خاتمة إذن ماذا؟ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. هذه من أهم خصوصيات الحكم الثابت, ما هو من أهم خصوصيات الحكم الولائي؟ من أهم خصوصياته أنه مرتبط بزمان بظروف, هذه طبيعته هو هذا, طبيعة الحكم الولائي أنه مقيد بزمانه ومكانه وظروفه وشروطه يعني مناسبات الحكم والموضوع فيه, بأي برهان, وبأي دليل نقول هذا الكلام؟ ببرهان أن الشارع لم يجعله حكماً ثابتاً, وإلا لو كان بطبيعته شامل لكل زمان كان ولائياً أو كان ثابتاً؟ كان ثابتاً, لماذا صار ولائياً؟ حتى أن المسؤول أن الإمام أن القائم مقام الإمام ينظر إل الظروف وعلى أساسها يقر أننا نحتاج هذا أو لا نحتاج.
إذن, تعالوا في المقدمة نثبت أو نقبل أن طبيعة الحكم الولائي حكمة تشريع هذا المجال التشريعي إنما هو للظروف المتغيرة, يعني لو سأل سائل لماذا أن الشارع أعطى صلاحية الآن لا نقول فقط للإمام باعتبار أنه لا يوجد فقيه في عصر الغيبة لا يعتقد بالحكم الولائي, يكون في علمكم, لا تتصورون هذه مرتبطة بولاية الفقيه لا لا أبداً, طبعاً هي من مصاديق ولاية الفقيه, ولكن ما من فقيه حتى من ينكر نظرية ولاية الفقيه المطلقة أو غيرها يؤمن بالأحكام الولائية بأي بيان؟ إما بإطلاق الأدلة وإما من باب الحسبة, السيد الخوئي لا يؤمن بنظرية ولاية الفقيه ولكن يؤمن بأنه عنده أحكام ولائية, على أي أساس؟ يقول: باعتبار أنه إدارة المجتمع الحياة كلها تقتضي هناك مجموعة من الأحكام الولائية.
لو سأل سائل ما هي فلسفة وحكمة أن الشارع أعطى للإمام المعصوم أو من يقوم مقامة في الغيبة الكبرى صلاحية الحكم الولائي أصلاً أو حسبةً ما هي حكمة ذلك؟ حكمته لأن هذا أمر متغير, متبدل.
إذن إذا قبلنا هذا الأصل عند ذلك لابد أن نأتي إلى هذا الحكم الولائي الذي صدر من الإمام الثاني عشر, لنرى أنه فيه قابلية الاستمرار أو ليس فيه قابلية الاستمرار.
وهذا سيأتي إن شاء الله.
والحمد لله رب العالمين.