نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (237)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    قلنا من الأبحاث الأساسية في معرفة أحكام الخمس هو الوقوف على أن خمس أرباح المكاسب هل هو من نفس نوع الخمس الذي ثبت بحسب النص القرآني أو أنه نوعٌ آخر.

    نحن اخترنا أن هذا الخمس ليس نفس النوع الذي ثبت بحسب النص القرآني, ولكنه بالأمس أشرنا إلى أن السيد الحائري أشار إلى أنه هذا لا يفرق في المسألة شيئاً, سواء كان خمس أرباح المكاسب هو حكمٌ ولائي أو كان حكم ثابت إلهي فإنه في عصر الغيبة لا يغير من الموقف شيئاً. وذلك لنكتتين أو لأمرين, أشرنا إليهما بالأمس والآن نؤكدهما مرة أخرى.

    قال في كتابه (في مباني فتاوى في الأموال العامة, ص230) [أن هذه الشبهة] يعني شبهة تأخر ظهور خمس أرباح المكاسب لا أقول تشريع باعتبار أنه مورد الخلاف [أن هذه الشبهة لو لم يمكن حلها فهي لا تعني سقوط خمس أرباح المكاسب في زمن الغيبة إذ حتى لو افترضناه خمساً ولائياً فهو على أي حال أمرٌ وصلنا من قبل الأئمة المتوسط وأؤكد عليه من قبل الأئمة المتأخرين ولا زال الإمام موجوداً] التفتوا إلى النكتتين [يبقى هذا الخمس أو هذا الحكم الولائي لخمس أرباح المكاسب ولكنه ليس ثابتاً بأصل التشريع وإنما هو ثابت بحكم ولائي بنكتتين: النكتة الأولى لم يصلنا رفعه في زمن النواب الأربعة] هذا الأمر الأول, الأمر الثاني: [وأنه لم يبطل هذا الحكم عند تغيير النيابة من الخاصة التي كانت في عصر الغيبة الصغرى إلى العامة التي هي في عصر الغيبة الكبرى].

    إذن على هذا الاساس في جملة واحدة: لا ثمرة لهذا البحث أن خمس أرباح المكاسب هل هو حكمٌ ولائي متغير أو حكم إلهي ثابت وجزء من الشريعة.

    من هنا قلنا بأنه لابد أن نقف عند هذين الأمرين أو هاتين النكتتين لنرى هل أنهما تامة أو لا. فإن تمت فهو كما يقول بأنه لا يغير من الموقف شيئاً, أما إذا لم تتم كلتا هاتين النكتتين إذن لابد أن نبحث أن خمس أرباح المكاسب على فرض قبول أنه حكم ولائي وأنه كان في عصر الغيبة الصغرى موجوداً وثابتاً هل هو مستمرٌ أيضا في عصر الغيبة الكبرى أو أنه لا مجال لاستمراره في عصر الغيبة الكبرى بنفس الحكم الولائي الثابت من الإمام الثاني عشر.

    أما الأمر الأول: يقول بأنه: [لم يصلنا رفعه في زمن النواب الأربعة] جيد, الأعزة يتذكرون في بحث سابق وهذه الرواية معتبرة سنداً عندنا وعنده أيضاً السيد الحائري يقبل أن هذه الرواية من الروايات المعتبرة سنداً, يعني من التواقيع المعتبرة سنداً. هذا التوقيع قراناه من (الغيبة للشيخ الطوسي) قال الإمام في ذيل هذا التوقيع وأشرنا إلى أنه في أخريات عصر الغيبة الصغرى صدر هذا التوقيع يتذكر الأعزة فيما سبق عندما وقفنا عند تاريخ هذا التوقيع قلنا ليس في أوائل الغيبة الصغرى بل في أواخر الغيبة الكبرى, بعد الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يريد أن ينتقل من الغيبة الصغرى إلى الغيبة الكبرى, قال (عليه أفضل الصلاة والسلام): >وأما الخمس< التفتوا جيداً الخمس هنا من الواضح بأنه شامل لأرباح المكاسب أيضاً, طبعاً بحسب مباني القوم أن الخمس هو نوع واحد لا نوعان >وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجُعلوا منه في حلٍ إلى وقت ظهور أمرنا< أتصور واضح بأنه هذا نصٌ في أن الخمس قد أحل الشيعة منه في عصر الغيبة الكبرى, لأنه مقيد بزمان ظهور أمرنا, يعني ذاك الوقت الأمر إلينا أن نرجع هذا الحكم الولائي أو أن تستمر الإباحة قال: >في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث<.

    إذن قولكم بأنه لم يصلنا رفعه طيب هذا الرفع وصل, هذا الرفع موجود في ذيل هذا التوقيع لماذا لم يصلنا رفعه في زمن النواب الأربعة, لا, وصلنا رفعه في زمن النواب الأربعة رفعوا ذلك لنا.

    اللهم إلا أن يقال بأن هذا لا يشمل أرباح المكاسب وهذا ما حاوله السيد الحائري قال: [لو كان الأمر كذلك] نعم وصل الرفع ولكنه لم يصل ماذا لأن هذا الذي ورد في آخر التوقيع هذا مختص فقط بالمناكح في (ص257 من الكتاب) قال: [هذا تمام الكلام في هذه الرواية من حيث السند فإنها تامة] أي رواية؟ هذا التوقيع الذي قراناه. [وأما من حيث الدلالة, فمن الواضح عدم تمامية الدلالة على تحليل خمس أرباح المكاسب] لأنه إذا قبل إذن قوله أنه لم يرد في زمن النواب الأربعة لا قد يكون قد ورد, ولذا مضطر أن يقول أنه لا يشمل أرباح المكاسب, بأي قرينة لماذا لا يشمل أرباح المكاسب؟ التفتوا إلى النكتة, يقول: [باعتبار وجود قرينة في ذيل هذا المقطع لأن الإمام قال: لتطيب ولادتهم ولا تخبث<] إذن بهذه القرينة نقول أن هذه مرتبطة بالجواري وبغنائم دار الحرب والسبايا بقرينة أنها جعلها الإمام مختصة بالمناكح, لذا قال: [إن في نفس هذا الجواب قرينة على أن المسألة هي مسألة غنائم الحرب أو الجواري السبايا وهي قوله: لتطيب ولادتهم ولا تخبث, إذن لا يوجد في هذا المقطع تحليلٌ يشمل أرباح المكاسب أيضاً].

    الآن لنرى أن هذه القرينة التي أبرزها السيد الحائري هل هي تامة أو غير تامة؟ أعزائي التفتوا جيداً.

    يوجد عندنا بحثين:

    البحث الأول: لو كنّا نحن وهذا المقطع لا يوجد عندنا مقطع آخر, لو كنّا نحن وهذا المقطع هذه اللام >لتطيب ولادتهم ولا تخبث< إنما تدل على المقصود إذا كانت لام التعليل, يعني لهذا وليس لغيره, لأنكم تعلمون أن العلة كما أنها توسع أيضاً تضيق, فإذا قبلنا أن اللام هنا لام التعليل عند ذلك نقول هذا التحليل مرتبط بالمناكح وحيث أن المناكح مرتبط بالجواري السبايا ونحو ذلك وغنائم دار الحرب إذن لا إطلاق لهذا الكلام ليشمل أرباح المكاسب.

    ولكن السؤال هنا وهو أنه ما القرينة على أن هذه اللام لام التعليل؟ لعلها لام الحكمة بيان واحدة من فوائد ونتائج تحليل الخمس, لماذا ذكر هذا المورد؟ باعتبار أنه واقعاً أبرز الموارد أهم الموارد أوضح المصاديق الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) ذكرها.

    والذي هو شاهد على صدق ما نقول أن هذه اللام ليست لام التعليل لأنه بناء على ما ذكرنا هو يحتمل احتمال أيضاً نحن نحتمل احتمال فآخر الأمر تكون الرواية مجملة إذن لا يمكن الاستناد إليها, ولكن نحن نريد أن ندعي أكثر من الإجمال وهو أن الشواهد الأخرى الموجودة في الروايات السابقة تبين أن هذه اللام أن ما ذكر من المناكح لتطيب ولادتهم هذا من باب ذكر أوضح المصاديق من باب الحكمة أو إحدى الحكم لا أنها لام التعليل. بأي قرينة؟

    هناك نكتة عامة, وذكرناها سابقاً والآن أؤكدها من خلال القرائن, وهي: أن كل عبارات الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) في مسألة التحليل من أول ما صدرت من النبي الأكرم وأمير المؤمنين والزهراء وباقي الأئمة إلى الصادق إلى الرضا إلى الجواد كلها تتكلم بلغة أنها تتكلم عن تحليل واحد موضوع واحد تتكلم عنه لا موضوعات متعددة, ولذا ورد تعبير: >أبحنا, أباحوا, نبيحوا< وآخرها الإمام ماذا يقول لم يقل فقد أبحت ماذا يقول؟ >فقد أبيح< هذا يعني ماذا؟ يعني لا فقط أنا كل آبائي أباحوا هذا المعنى.

    الآن تعالوا معنا لنرى أن الذي أباحه آبائه (عليهم أفضل الصلاة والسلام) يكون قرينة على هذا, كان مختص واقعاً بطيب الولادة أو كان فيه إطلاق ثم ذكر عليه من مصاديقه طيب الولادة. ما أدري واضح أم لا.

    الآن الرواية هنا تقول: >وقت ظهور أمرنا لتطيب< فذكرت هذا المصداق.

    أما الروايات الواردة في هذا المجال.

    الروايات متعددة أنا أشير إلى بعض هذه الروايات, في (الوسائل, ص544, الطبعة الموجودة بأيدينا مؤسسة آل البيت, الرواية الثالثة وهي رواية معتبرة): >قال أبو عبد الله: أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري, فقال: من قبل خمسنا أهل البيت إلا لشيعتنا الأطيبين فإنه محللٌ لهم ولميلادهم< لا لأجل ميلادهم >محلل لهم ولميلادهم< إذن كل الخمس محلل لهم. إلا أن يقال بأنه من أين دخل الزنا, هذه قرينة وليس كذلك لماذا؟ لأنه هذا من مواردها, هذه رواية.

    رواية ثانية وهي صحيحة أيضاً, >قال له رجل ليس يسألك أن يعترض الطريق إنما يسألك خادماً يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثاً يصيبه أو تجارة أو شيئاً أعطيه, فقال: هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والميت منهم والحي وما يولد منهم إلى يوم القيامة< اللهم إلا أن يقولوا أيضاً ولهذا حاولوا كل المحاولات من هؤلاء الأعلام للقول بأن هذه مرتبطة بالمناكح, يقولون لأن الإمام قال: >حلل لي الفروج< يا أخي العزيز ليس بالضرورة إلا مرتبطة بالجواري, طيب أيضاً المال الحرام إذا تزوج به أيضاً مرتبطة, المهر الذي كذا .. إلى آخره, هذه أيضاً رواية ثانية.

    الرواية الثالثة: قال: >إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول يا ربي خمسي وقد طيبنا ذلك لشيعتنا< طيبنا ذلك ماذا؟ طيبنا الخمس, الآن لماذا؟ قال: >لتطيب ولادتهم< طيب هذه لا يمكن أن يقول بالضرورة فقط لأجل طيب الولادة, نحن طيبنا كل الخمس, ولكنه من باب ذكر الخاص بعد العام ذكر هذا المورد.

    رواية أخرى في (ص546 الرواية السابعة) الرواية: >سمعته يقول: الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا إلا أنا أحللنا شيعتنا من ذلك< هذه ما فيها طيب الولادة.

    رواية أخرى: (الرواية الثامنة) قال: >قلت له: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول} قال هي والله هي الإفادة يوماً بيوم إلا أن أبي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا< واضحة. وأنتم تقولون بأنه هذا غنمتم يشمل أرباح المكاسب, أنتم لم تقولوا بأنه أرباح المكاسب غير آية الغنيمة. هذه أيضاً رواية.

    رواية أخرى في (ص547 الرواية التاسعة) قال: >قلت له إن لنا أموالاً من غلاة وتجارات ونحو ذلك وقد علمت أن لك فيها حقاً قال فلم أحللنا إذن لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم وكل من والى آبائي فهو في حل مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب<. الآن نعم إلا لتطيب ولادتهم هذا فيه قيد, ولكن بعد ذلك ماذا يقول كل ما في أيديهم فليبلغ الشاهد الغائب.

    رواية أخرى (ص549, الحديث الرابع عشر) قال: >ولنا صفو المال وهما والله أول من ظلم حقنا في كتاب الله< وانتم تعلمون حقنا في كتاب الله يعني آية الغنيمة, وأنتم قلتم أن الغنيمة شاملة لأرباح المكاسب >أول من ظلمنا حقنا في كتاب الله ..< إلى أن قال: >اللهم إنا قد أحللنا ذلك لشيعتنا<. يعني الغنيمة الواردة في الكتاب التي تشمل أرباح المكاسب.

    ومنها في (ص552 الرواية التاسع عشر) قال: >فنحن أصحاب الخمس والفيء وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا<.

    ومنها أيضاً الرواية الواردة في (ص553, رقم الرواية 22) الرواية: >عن أبي عبد الله قال: أن أشد ما فيه الناس يوم القيامة إذا قام صاحب الخمس فقال يا رب خمسي وإن شيعتنا في ذلك في حل<.

    إذن حتى لو قبلنا هذا المعنى بأنه هذا النص الذي ورد في التوقيع مختص بالمناكح أو بالجواري السبايا حتى لو قبلنا ولم نقبل ذلك الإمام يشير إلى إباحة ثابتة من آبائه وعندما نرجع إلى تلك الإباحة خاصة أم عامة؟ نجدها عامة وليست خاصة.

    ولذا في كتاب (فقه الشيعة كما أشرنا للسيد مهدي الخلخالي, ج2, ص728) هذه عبارته, يقول: [هذه الروايات وإن اختص بعضها بجهةٍٍ خاصة كطيب الولادة] التفتوا [وإن اختص بعضها بجهة خاصة] يعني وبعضها عامة ليست مختصة بجهةٍ كما أشرنا إليها [إلا أنها] يقول: [قد بدأ به حسب ما في روايتها النبي الأعظم ثم أمير المؤمنين كما في رواية تفسير العسكري واستمر عليه الأئمة إلى أن انتهى التحليل إلى الحجة بن الحسن كما في التوقيع وفي بعض منها التحليل عن أمير المؤمنين وهكذا عن فاطمة باستدعاء ثم وصل دور التحليل إلى الأئمة بعد أمير المؤمنين كما في جملة منها حتى عبروا بقولهم أحللنا بصيغة الجمع الدالة على وحدة الموضوع والحكم من جميع الأئمة المعصومين على نسق واحد فيعلم من ذلك كله أن موضوع هذا التحليل هو هذا الخمس] لا أنه مرتبط بهذه الجهة [قد ابتلى به موالي أهل البيت من طريق غصب مخالفيهم حق أهل البيت وليس ذلك إلا الخمس المتعلق بالغنائم والأرباح وغيرهما من موارد الخمس التي في أيدي الغصبة] هذا أيضاً أنا أذكر بتعبير صاحب الجواهر [للخروج عن وحشة الانفراد] وإلا هذه الشواهد قراناها, ولكنه أريد أن أقول بأنه جملة من الأعلام أيضاً الروايات دلت على هذا المعنى.

    إذن الأمر الأول وهو أنه لم يرد تعبير السيد الحائري أنه لم يرد هذا التعبير الذي قرأناه في (ص 230) [أنه لم يصلنا رفعه] لا وصل رفعه.

    الأمر الثاني: وهو أنه لم يبطل مع تغير النيابة من الخاصة إلى العامة, هنا يأتي أعزائي ما أشرنا إليه بالأمس ما هو؟ قلنا: أن طبيعة الحكم الولائي طبيعة استمرارية أم طبيعة مرتبطة بالشروط والزمان والمكان, أي منهما؟ إذن لمن يريد أن يدعي الاستمرارية عليه الإثبات لا لمن يريد أن يدعي الاختصاص عليه, في القسم الأول من الأحكام التي هي الثابتة من يريد أن يدعي أنها مختصة بزمان لابد أن يقيم دليلاً لماذا؟ لأن طبيعة تلك الأحكام هي الإطلاق الأزماني شاملة لكل زمان ولكل فرد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, أما طبيعة الحكم الولائي ما هي؟

    والشاهد على ما نقول: أنك تجد في عصر الإمام الجواد نصف السدس وفي عصر الإمام الهادي الخمس, يعني ماذا؟ يعني أن الحكم الولائي في كل زمان يحتاج إلى جعلٍ من الولي الأمر في ذلك الزمان.

    أضرب مثال: لو صدر حكم ولائي من الإمام الجواد وجئنا إلى عصر الإمام الهادي وشككنا أن الحكم الولائي السابق ثابت أو ليس بثابت؟ يمكن استصحابه أو لا يمكن؟ (كلام أحد الحضور) لماذا لا يمكن؟ (كلام أحد الحضور) جزاكم الله خيراً أجبتم وهي أنه واحدة من أركان الاستصحاب وحدة الموضوع, ومع اختلاف الظروف يمكن أن نحرز وحدة الموضوع؟

    ولذا تجدون هذه النكتة نفس السيد الحائري في (ص245) أشار إليها, قال هناك, قال: [لأن أصل الإباحة المجعولة] من قبل الإمام الجواد [جعلاً ولائياً لا ندري هل هي إباحةٌ خاصةٌ بذاك الزمان أو عامة لمطلق ما قبل الظهور] الإمام جعلها نصف السدس في زمن الإمام الجواد في صحيحة علي بن مهزيار, بعد ذلك شككنا أن الإمام جعلها مطلقة تشمل حتى زمان الهادي والعسكري والإمام الزمان الثاني عشر أو مختصة بزمانه, يستصحب أو لا يستصحب؟ التفتوا ماذا يقول, يقول: [فلو كانت خاصة بذاك الزمان فثبوتها فيما بعد ذاك الزمان بحاجة إلى جعل آخر] لا يكفي الجعل الأول لماذا لا يكفي؟ لأن طبيعة الحكم الولائي هو مرتبط بزمان [وتصبح الإباحة الثانية] يعني في الزمان الثاني [عندئذ غير الأولى] التي ثبتت في الزمان الأول [فلا تثبت بالاستصحاب] ما أدري واضح, هذا الكلام على ماذا يدل؟ يدل إذا ثبت في عصر الغيبة الصغرى الإباحة في زمانه وشككنا أنه إذا انتقلنا بعد عصر الغيبة الصغرى إلى الغيبة الكبرى, هل يمكن أن نقول أنها مستمرة على مدي الاستمرار إقامة الدليل ولا دليل, بل الدليل على خلافها, لماذا الدليل على خلافها؟ أساساً نحن نعتقد أنه بتغير الغيبة وظروف الغيبة من الصغرى إلى الكبرى تبدلت كامل الظروف الموضوعية بشهادة أنه في الغيبة الصغرى لم يرجع إلى رواة حديثهم أما في الغيبة الكبرى أرجع إلى رواة حديثهم وأعطاها صلاحيات, طيب لم يتغير شيء يا ابن رسول الله لماذا تعطي؟ يقول: لا, الآن شيعتي بإمكانهم أن يرجعوا إليّ أو ليس بإمكانهم ولو بالواسطة؟ لا يمكنهم إذن تغيرت الظروف.

    وأساساً أعزائي التفتوا عند هذه النكتة, أساساً جعل الحكم الولائي الذي أشرنا إليه بالأمس وقبل أمس جعل الحكم الولائي لرواة الحديث وإعطائهم صلاحية >فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا< يريد أن يوكل الإمام مجموعة من صلاحياته لمن؟ طيب من صلاحياته كانت جعل هذا الحكم الولائي, فإذن أوكل لمن؟ أوكل إلى, وهذا ما أشار إليه صاحب الجواهر+ التفتوا إلى عبارته التي قراناها مراراً للأعزة, في (الجواهر, ج40, ص18) قال: [بل هو مقتضى قول صاحب الزمان >وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا<] طبعاً هذه من باب نكتة عقدية: كل الأئمة هو صاحب زمانه وإمام زمانه إلا الحجة فإنه إمام الزمان, هناك كله مقيد إلا إمامته فإنها مطلقة, الآن هذه تشير إلى أي نكتة؟ إن شاء الله في محل آخر, [وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< ضرورة كون المراد منه أنهم حجتي عليكم في جميع ما أنا فيه حجة الله عليكم] ومن صلاحياته ماذا كانت؟ جعل هذا الحكم الولائي, وعند غيبته الكبرى أوكلت فوضت هذه الصلاحية بحكم ولائي إلى من؟ إلى رواة الحديث.

    فرواة الحديث يقررون أن الظرف يقتضي خمس كما فعل الإمام الهادي وهو كان يأخذ في عصر الغيبة الصغرى أو يجعلها ماذا؟ حتى نتكلم بمنطق الروايات, أو يجعلها نصف السدس, لماذا؟ لأن الإمام الجواد أيضاً قال: >تخفيفاً مني لما ينتاب شيعتي من الظلم ..< إلى غير ذلك.

    هذه أوكلت لمن؟ أوكلت إلى رواة حديثهم >وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا<.

    وأساساً هذه هي حكمة جعل رواة الحديث هم المرجع في الحوادث في عصر الغيبة الكبرى, إذا لم يتغير شيء في الغيبة الكبرى عن الصغرى إذن كنا نحتاج إلى هذا أو لا نحتاج؟

    ولذا السيد الشهيد+ في كتابه (الإسلام يقود الحياة, ص43) وإن كان يتكلم عن البُعد الاقتصادي ولكنه القضية عامة ليست مختصة بالبُعد الاقتصادي يقول: [الإسلام ثابت والحياة متطورة وكثيراً ما يقول المشككون كيف يمكن أن تعالج مشاكل الحياة في نهاية القرن العشرين على أساس الإسلام مع ما طرأ على العلاقات الاجتماعية والاقتصادية و.. بعد قرابة أربعة عشر قرن من توسع وتعقيد وما يواجه إنسان اليوم من مشاكل نتيجة ذلك] ما هو الجواب؟ الجواب في جملة واحدة قال: [أن الإسلام فيه أحكام ثابتة وأعطي] هم عبروا ولي الأمر أنا أعبر رواة الحديث بنص التوقيع وأعطي لرواة حديثنا صلاحية أن يجعلوا أحكام ولائية ولكن ضمن الأطر الأساسية الموجودة للأحكام الثابتة, ولذا عبارته [والجواب: أن الإسلام قادر وذلك من خلال قسمين من الأحكام الأول العناصر الثابتة وهي المنصوصة, الثاني: المرنة المتحركة التي تستمد من المؤشرات الإسلامية العامة التي تدخل في نطاق العناصر الثابتة] من يضع هذه المتغيرات؟ هم يعبرون أولي الأمر أو يعبرون ولاة الأمر, لا لا ليس ولي الأمر أبداً, النصوص عبرت >أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا<.

    نعم, من المراد من رواة الحديث, الآن قد يقول البعض أن المراد رواة الحديث يعني من يعرف الفقه الأصغر من كتاب الطهارة إلى كتاب الديات, هذا الذي نحن نختلف مع المشهور نقول لا, المراد من رواة الحديث يعني العارف بجميع المنظومة الدينية كل المعارف الدينية, هذه أعطيت له صلاحية أن يضع حكماً ولائية, ما هي دائرة هذا الحكم الولائي؟ دائرة هذا الحكم الولائي دائرة من يرجع إلى ذلك الإنسان انتهت القضية. فإذا كانت الأمة كلها ترجع إليه فدائرة حكمه الولائي كل الأمة, إذا كان يرجعون إليه خمسة ملايين فدائرة ولايته خمس ملايين, إذا كان يرجعون إليه خمسة, فدائرة ولايته على ماذا؟ كما كان جدنا أمير المؤمنين في زمانه عندما غصبت منه الخلافة من كان يستمع لولايته؟ هؤلاء المجموعة الصغيرة التي لم تبلغ العشرة العشرين أربعين خمسين كما في الروايات.

    نعم, هذا الذي تضيق دائرته لسببٍ ما لا يمكنه أن يعطي أحكاماً ولائية تتنافى مع الأحكام الولائية العامة, يعني: الآن افترضوا في هذا الزمان الآن في الجمهورية الإسلامية هناك ولي الأمر في الأعم الأغلب الناس بالانتخاب أو بأي طريق آخر يقولون ولي الأمر فلان اكس من الناس ولكنه يوجد في هذا البلد من يعتقد لا, الولاية له, نعم هذا من حقه أن يعمل ولكنه لا يستطيع أن يعملها ويطبقها في الخارج, فإذا يريد أن يعطي ليس من حقه أن يقول بأنه أنا أعمل ولايتي أن لا تلتزموا بقوانين المرور, طيب ما يصير, لأنه هؤلاء الذين يلتزموا بقوانين المرور خمسين مليون سبعين مليون الآن مئتين نفر لا يريدون أن يلتزموا, طيب هذا يختل النظام فيه, وله بحث آخر.

    إذن, فتحصل مما تقدم في جملة واحدة: بأن ما ذكره السيد الحائري في هذا المجال من أن ذات الحكم الولائي باقٍ وأن كون أرباح المكاسب أحكام ولائية لا يتغير ولا يؤثر على الموقف شيء كلام غير تام من الناحية العلمية.

    تتمة الكلام تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 923

  • جديد المرئيات