نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (238)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    اتضح مما سبق بأنه لو قبلنا أن وجوب الخمس في أرباح المكاسب أن هذا الحكم هو حكمٌ ولائي فلابدَّ أن نقبل أيضاً أن الحكم الولائي بطبيعته لا يقتضي الإطلاق الأزماني, يعني بمجرد ثبوت كون حكمٍ أنّه ولائيٌ هذا لا يفيد الاستمرارية الزمانية.

    وهذا أصلٌ مهم في الأحكام الولائية.

    ومن هنا على الفقيه أولاً: أن يشخص أن هذا الحكم الذي صدر من النبي أو الإمام المعصوم هل هو حكمٌ ثابتٌ وجزءٌ من الشريعة, أو أنه حكمٌ ولائيٌ صدر منهم لمقتضى ظروفٍ معينة, وأهم ثمرة تترتب على ذلك, أنه إذا ثبت أن الحكم من القسم الأوّل بنص في الأوّل فبطبيعته يكون مستمراً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. أما إذا لم يثبت أنه من القسم الأوّل وإنما هو من القسم الثاني يعني حكمٌ ولائي, إذن لكي نثبت إطلاقه نحتاج إلى دليل آخر, لا أريد أن أقول, التفتوا, لا أريد أن أقول بأنَّ الحكم الولائي بشرط لا من الإطلاق الأزماني, يعني لا يمكن أن يكون مطلقاً زمانياً وإنما أريد أن أقول هو لا بشرط من حيث الإطلاق الأزماني, لا أنه بشرط شيء من حيث الإطلاق الأزماني, إذن في كلمةٍ فنية وفي إصطلاحٍ فني, إذا كان الحكم من القسم الأوّل يعني من الأحكام الثابتة التي هي جزء الشريعة بمجرد أن ثبت كذلك فهو بشرط شيء من حيث الإطلاق الأزماني إلاَّ إذا قام دليل على خلاف ذلك.

    يعني إذا ثبت عندنا أن صلاة الجمعة هي جزء من الشريعة كما هي كذلك, هذه بنفسه كافي أن يكون واجد في عصر الحضور وفي عصر الغيبة, إلاَّ إذا دلّ دليلٌ من الخارج يقول لا, أن صلاة الجمعة مشروطة بحضور الإمام المعصوم, وإلا إذا لم يدل دليل من هذا القبيل, أساساً نفس أدلة وجوب صلاة الجمعة كافية للاستمرار.

    طبعاً افتح قوس (هناك بحثٌ مهم وتقريباً الكثير لم يبحثوه وهو: أن صلاة الجمعة في عصر الحضور هل كانت واجبة تعييناً أو كانت واجبة تخييراً, لأن الكثير يتصور أنه وجوبها وجوبٌ, وجوبها التعييني مسلم في عصر الحضور, عند ذلك يبحث عن الدليل كيف يجعلها تخييرية في عصر الغيبة, ولكنّه هذه ليست من الواضحات في عصر الحضور أن صلاة الجمعة هي واجبة تعييناً في عصر الحضور. فإذا استطعنا أن نثبت تخييريتها في عصر الحضور فمن الواضح أنها تبقى على حالها ولا نحتاج إلى كلّ هذه التكلفات التي بحثت في الكتب التي كتبت في صلاة الجمعة, لأن الأصل فيها أنها هي ماذا؟ هي تخييرية وليست تعيينية حتّى من يريد إثبات تخييريتها يحتاج إلى مؤونة جيدة, هذا بحث آخر إنشاء الله في محله).

    ولذا نحن اخترنا في عصر الغيبة أنه تخييرية لأننا نعتقد أنها في عصر الحضور أصلها كذلك, على أي الأحوال ذاك بحث آخر.

    إذن أعزائي, التفتوا, هو أنّه أساساً الحكم الولائي لا بشرط مطلقٌ أم مقيدٌ؟ مختصٌ بزمان صدوره أو أعم من ذلك؟ الجواب: في نفسه لا يدل لا على الإطلاق ولا على التقييد, بل نستطيع أن نترقى ونقول: الأصل فيه التقييد بظروفه, لأن مقتضى الحكم الولائي صدر لظروف معينة, فمن يريد إدعاء الإطلاق عليه أن يقيم الدليل.

    وحيث أننا أثبتنا في الأبحاث السابقة أو لا أقل رجحنا في الأبحاث السابقة أن خمس أرباح المكاسب هو حكمٌ ولائي وليس حكماً ثابتاً إلهياً في الشريعة, إذن إثبات استمراريته يحتاج إلى دليل. ولا يكفي أن يقول قائلٌ كما قالوا: أنه صدر من الإمام الثاني عشر (عليه السلام) وكونه صادر من الإمام الثاني عشر ولم يبطل أو لم يدل دليل على أنه تغير بعد أن تبدلت الغيبة؟ الجواب: لا, نفس تبدل الغيبة وظروف الغيبة من الصغرى إلى الكبرى, هو خير شاهدٍ على أن الموضوع غير محفوظ.

    إذن فما ذكره بعض الأعلام المعاصرين من أنّه أساساً بنفس ما ثبت من الإمام الثاني عشر كافي لاستمرار هذا الحكم الولائي في عصر الغيبة الكبرى, هذا كلامٌ غير تام.

    وإثبات, على هذا الأساس التفتوا جيداً, وعلى هذا الأساس إذا قبلنا أن هذا الخمس حكمٌ ولائي بمجرد أن ثبت أنه حكم ولائي فإثباته في عصر الغيبة الكبرى مشكلٌ جداً.

    اللهم إلاَّ أن يقال, اللهم إلاَّ أن يدعي مدعٍ وهذا الإدعاء إدعاه البحث أيضاً, وهو: أن يقال: بأنكم لماذا تفرضون أن هذا الحكم الولائي من القسم الثالث, ألسنا قلنا أن الأحكام الولائية على ثلاثة أقسام:

    القسم الأوّل: ما كان مطلقاً من حيث الزمان, كما قلنا في مسألة ولاية الفقيه, كما قلنا في مسألة >فإني قد جعلته عليكم حاكماً من عرف حلالنا وحرامنا< لا إشكال ولا شبهة أننا عندنا هذه أحكام ولائية ولكن شاملة عصر الغيبة الكبرى أيضاً. فلماذا تقولون بأنَّ هذا الحكم الولائي أساساً مختص بزمانه الخاص, بل لعله هو من القسم الأوّل.

    فإذا كان, والشواهد طبعاً كثيرة في هذا المعنى, الشواهد الموجودة التي أثارت إلى هذا كثيرة, ومنها هذا النص الذي قراناه من الغيبة في التوقيع الأخير الصادر حيث قال: >فقد أبيح لشيعتنا إلى يوم ظهور أمرنا< الإمام (عليه السلام) وعنده هذه الولاية لا أنه ما عنده هذه الولاية, الإمام عنده هذه الولاية أو لا؟ نعم, عنده, بدليل قال: >وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا< إذن عنده صلاحية أن يجعل حكماً ولائياً لمصالح يعرفها ويشخصها أن يجعل حكماً ولائياً إلى يوم ظهوره, كما اعتقدنا في مسألة ولاية الفقيه, كما لا أقل الآن ليس ولاية الفقيه, كما اعتقدنا في مسألة الإرجاع إلى رواة الحديث >فإنهم حجتي عليكم< ذكرنا عن الشيخ الأعظم الأنصاري أنه قال أن هذا حكم ولائي جعل من قبل أنفسهم, ولكنه مختصٌ بزمانه أو يشمل الغيبة الكبرى؟ لا, يشمل الغيبة الكبرى, فليكن الأمر كذلك في هذا التحليل الوارد.

    وهذا ما ادعاه جملة من الأعلام, من أنه حتّى لو سلمنا بأنَّ الحكم ولائيٌ فإنه مطلقٌ شاملٌ, والشاهد على ذلك: نفس الروايات التي قراناها, لسانها الإخوة ما أحتاج أن أؤكد عليها مرة أخرى, نحن عندما نرجع إلى الروايات الواردة في ألسنة التحليل قال: >هذا لشيعتنا حلال, الشاهد منهم والغائب, والميت منهم والحي, وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلالٌ< واضحة القضية, أصلاً لا فقط إلى يوم ظهور أمرنا, هذا التحليل ثابت حتّى بعد الظهور فضلاً عن عصر الحضور.

    ومجموعة من ألسنة التحليل فيها إطلاق, فيها عموم, أو من قبيل بأنه هذه الروايات التي عبرت >شيعتنا, شيعتنا< يعني لا يمكن أن نقول شيعتنا شيعتنا يعني خصوص عصر الحضور, يعني الذين في عصر الغيبة ليس بشيعتهم؟ لا, أيضاً شيعتهم بنحو القضية الحقيقية, فهذا التحليل شاملٌ لهم, من قبيل >إنا أحللنا شيعتنا< من قبيل: >أبي جعل شيعتنا في حل< من قبيل: >فهو حل مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب< وعشرات الألسنة التي من هذا القبيل, >وكل ما كان في أيدي شيعتنا فهم فيه محللون< إلى غيره.

    إذن الدعوى التي قد يدعيها البعض أنه سيدنا: لماذا تفترضون بأنَّ هذا التحليل تحليل مشكوكٌ أمره يعني من القسم الثالث بل اجعلوه من القسم الأوّل, فإذا كان الأمر كذلك, إذن التحليل يكون شاملاً لعصر الغيبة وإن كان حكماً ولائياً.

    عند ذلك تتمشكل المسألة مرة أخرى لماذا؟ لأنه أساساً الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لا فقط لا يوجد عندنا دليل على وجوب الخمس في ارباح المكاسب, لا عدم الدليل على وجوب الخمس في أرباح المكاسب في عصر الغيبة الكبرى, بل لوجود الدليل على عدمه وأننا حللنا من ذلك في عصر الغيبة الكبرى, يعني بناءً على الشك التفتوا جيداً, بناء على الشك وأن التحليل, وأن هذا الحكم الولائي من القسم الثالث؟ يقول: لم يقم دليل عندنا على أن خمس أرباح المكاسب ثابتٌ في عصر الغيبة الكبرى لعدم الدليل, أما بناءً على هذا, يعني أنه إطلاقٌ يوجد, إذن لا, يوجد دليلٌ على التحليل في عصر الغيبة الكبرى, >وأما شيعتنا< والنص واضح من الإمام (عليه السلام) في (ص190 من الغيبة) قال: >وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حلٍ إلى وقت ظهور أمرنا<.

    ولذا تجدون بالأمس أن السيّد الحائري ما استطاع أن يناقش في مضمون الحلية وإنما قال فقط مختصة بالمناكح, لأن النص واضح جداً فيه تحليل, ليس قابل للمناقشة. فإذا قبلوا التفتوا جيداً.

    فإذا قبلوا وهو المشهور كذلك, أن الخمس نوع واحد وأن قوله >وأما الخمس< لابدَّ أن يقبلوا أنه يشمل أرباح المكاسب أيضاً.

    اللهم إلاَّ أن يقولوا كما أشرنا إلى ذلك وأجبنا في محله, اللهم إلاَّ أن يقولوا: أن هذه الألف واللام الموجودة في الخمس لا نعلم أن السؤال ماذا كان حتّى قال الإمام >وأما الخمس< لا نعلم أن السؤال كان عن أرباح المكاسب أو لم يكن؟ وهذا ما أشاروا إليه, قالوا بأنه إذا كان المراد به أرباح المكاسب فالرواية مطلقة, >وأما الخمس< وأما حيث لا نعلم, إذن لا نعلم أنه الإمام ماذا؟ أباح خمس أرباح المكاسب في عصر الغيبة الكبرى.

    سؤال: جيد جداً لا تعلم ولكن يوجد احتمال أنه يشمل أو لا يوجد احتمال؟ طيب, يرجع إليكم دوران الأمر بين المحذورين, لأنه الإمام (عليه السلام) احتمال يوجد ماذا؟ احتمال أنه يجب أخذ خمس أرباح المكاسب وإما يحرم أخذ خمس أرباح المكاسب لأنه تصرف في مال الغير والإمام قد أباح لهم في عصر الغيبة الكبرى, فتتمشكل المسألة من جديد.

    إذن ما هو الحل؟

    في الواقع هذه المسألة لابدَّ أن نرجع إلى أخبار التحليل لنحللها جيداً, لنتدبر في مضامينها.

    المشهور في كلمات فقهائنا من غير أن أذكر الأسماء وخصوصاً المعاصرين, فهموا من هذه الروايات إطلاق التحليل, يعني: الأئمة عندما قالوا >أحللنا< >أحللنا< >أحللنا< قالوا: كلّ ما كان خمس أعم من أن يكون خمس أرباح المكاسب أو خمس غنائم الحرب أو أي نوع آخر, لماذا قالوا؟ باعتبار أن الخمس عندهم ما هو؟ نوعٌ واحد, وباعتبار أنهم قبلوا أن الآية فيها إطلاق يشمل أرباح المكاسب أيضاً.

    ولذا عندما وجدوا في كلمات الأئمة قالوا: هذا التحليل شاملٌ لكل الأنواع ومنها أرباح المكاسب.

    نحن ندعي أنّ روايات التحليل في نفسها لا إطلاق لها لأرباح المكاسب, لا أنه يوجد فيها إطلاقٌ ولابد من تقييد هذا الإطلاق كما قلناه في الموقف السادس, في الموقف السادس ماذا قال؟ قال: أخبار التحليل مطلقة, وأخبار أخذ الخمس مقيدة, إذن نقيد إطلاق أخبار التحليل بماذا؟ بهذا, أليس كذلك.

    ولذا الإخوة يتذكرون عندما وقفنا مفصلاً في (فقه الشيعة, ج2, ص737) قال: [نعم, تكون الطائفة الرابعة معارضة للطائفة الثانية الدالة على التحليل المطلق الشامل بإطلاقها لخمس نفس الشيعة ومقتضى الصناعة هو تقييد الثانية بالرابعة] يعني تقييد إطلاق أخبار التحليل بالروايات التي قالت أن الأئمة كانوا يأخذون الخمس من شيعتهم, يعني ماذا؟ يعني سلموا أن أخبار التحليل فيها إطلاقٌ يشمل حتّى أرباح المكاسب في نفس مال الشيعة.

    نحن ادعائنا ما هو؟ إدعائنا أن أخبار التحليل لا يوجد فيها إطلاق, يشمل أرباح المكاسب, ما هي الشواهد على ذلك؟

    شواهد كثيرة ولكنه أنا أحاول بقدر ما يسمح له الوقت أن أشير إلى البعض منها.

    الشاهد الأوّل: هذا أصلٌ مسلم في كلماتهم أن موضوع التحليل من زمن النبي الأكرم إلى زمن الإمام الثاني عشر موضوع التحليل ما هو؟ واحدٌ, لا أن موضوع التحليل في زمن أمير المؤمنين شيء وموضوع التحليل في زمن الإمام الصادق شيء آخر؟ الموضوع ما هو؟ واحد لا متعدد.

    ولذا انظروا إلى هذه الكلمات, هذا الكلام في (فقه الشيعة) وليس كلامه, أنا فقط أذكر مصدر حتّى الأعزة يعرفون أنه هذا ليس أدعيه عليهم. قال: [وهذه الروايات, وهذا التحليل قد بدأ بحسب ما في رواياتها بدأ به النبي الأعظم ثمَّ أمير المؤمنين واستمر عليه الأئمة إلى أن انتهى التحليل إلى الحجة بن الحسن العسكري كما في التوقيع] إلى أن يقول في (ص730) يقول: [وهذه حيث عبروا بقولهم >أحللنا< صيغة الجمع الدالة على وحدة الموضوع والحكم من جميع الأئمة المعصومين على نسق واحدٍ إلى أن انتهى الأمر إلى صاحب الأمر فإنه أيضاً قد مشا على طريقة آبائه الكرام حيث أباح الخمس المذكور لشيعته حتّى أنه عبر بصيغة الفعل الماضي المجهول >فقد أبيح< إشعاراً بالإباحة السابقة عن آبائه الكرام].

    إذن الإمام الحجة يبيح شيئاً غير الشيء الذي أباحه أمير المؤمنين أو نفس ما أباحه أمير المؤمنين؟

    بناءً على هذا الأصل, والتعبيرات واضحة أنتم لو تراجعوها كلها بصيغة >أحللنا< >أحللنا< أكثر الصيغ الواردة ليست أحلوا وإنما >أحللنا<.

    مضافاً إلى هذه الصيغة الأخيرة من الإمام الثاني عشر (عليه أفضل الصلاة والسلام), جيد. إذا كان الأمر كذلك تعالوا معنا لنرى أن خمس أرباح المكاسب أساساً كان في زمن الإمام أمير المؤمنين في زمن الرسول الأعظم في زمن الإمام السجاد في زمن الإمام الباقر أو ما كان موجود؟

    اتفقت كلمة العلماء على أن خمس أرباح المكاسب إنَّما ظهر في زمن من؟ فأي إباحةٍ؟! إذن لابدَّ أن نرجع إلى ما أباحه أمير المؤمنين الذي الإمام الحجة أيضاً يبيح ما أباحه ذاك, ويقيناً أن ما أباحه أمير المؤمنين شامل لأرباح المكاسب أو غير شامل؟ غير شامل, لماذا؟ من باب السالبة بانتفاء الموضوع أساساً لم يوجد أرباح المكاسب حتّى الشيعة يبتلون به والإمام (عليه السلام) يحلله.

    إذن الشاهد الأوّل على ذلك: أن هذا الخمس أن التحليل انصب على موضوعٍ هذا الموضوع شامل لأرباح المكاسب أو غير شاملٍ؟ غير شامل, إلاَّ أن تدعي جنابك لا, أن التحليل الذي صدر من الإمام الصادق وما بعد موضوعه يختلف عن التحليل الذي صدر قبل الإمام الصادق وهذا خلاف الروايات الموجودة بأيدينا.

    إذن وحدة موضوع التحليل تبين لنا أنه لا يشمل أرباح المكاسب.

    الشاهد الثاني: في الشاهد الثاني الذي هو مهم جداً, هو أننا عندما ننظر إلى أخبار التحليل التي قراناها قبل قليل, يقول, أنا أقرأ رواية روايتين باعتبار أنها واضحة قال: >هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب< يعني ماذا؟ يعني أن التحليل مختصٌ بما بعد ذلك أو يشمل عصر الحضور أيضاً؟ ماذا تقول الروايات, >الشاهد منهم والغائب والميت منهم والحي< إذن تصريحٌ في الروايات أن التحليل كان بما بعد عصرهم يعني بعد الغيبة الصغرى أم شامل لعصر الحضور أيضاً؟ واضحة الرواية شامل >فليبلغ الشاهد الغائب<.

    سؤال: وصلنا إلى عصر الإمام الصادق وبدأ الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بعد أن جعلوا هذا الحكم الولائي وهو خمس أرباح المكاسب باتفاق الكلمة أنه في هذا الزمان صدر ثمَّ بعث بوكلائهم لقبض الحقوق الشرعية يعني لقبض خمس أرباح المكاسب خمس أنفسهم خمس الشيعة, وأكدوا عليها لا فقط أكدوا بل قالوا بأنه من تلبس بمالنا درهماً واحداً كما الإمام >أما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئاً فأكله فإنما يأكلوا النيران< هكذا تأكيد من من؟ من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    سؤال: لماذا لا يوجد عندنا ولا مورد واحد لا من خواص الشيعة علماء الشيعة فقهاء الشيعة, خصوصاً في عصر الإمام الصادق الذي أمثال زرارة ومحمد بن مسلم ويونس بن عبد الرحمن وعلي بن مهزيار وغيره وغيره.. هؤلاء كانوا يعلمون بروايات التحليل أو لا يعلمون؟ هم نقلوها إلينا كيف لا يعلمون بها, هم نقلوا إلينا روايات التحليل, وهم كانوا وكلاء في قبض الحقوق الشرعية, لماذا لم يأتي واحد منهم يسأل الإمام يقول له يا ابن رسول الله أنتم من جهة تقولون أن رسول الله وأمير المؤمنين والزهراء وكلهم حللونا من الخمس وأنتم تقولون من أكل درهما منها فقد أكل النيران؟ لو كانت أخبار التحليل شاملة لخمس الشيعة وفي أرباح المكاسب لوقع هذا التنافي ولكن يظهر أن الشيعة كان واضحاً عندهم أن التحليل مرتبطٌ بموضوع آخر لا بهم.

    الآن افترض عوام الناس لا يلتفتون لكن قلنا بأنه الذي ينقل الروايات علي بن مهزيار هو الذي وكل عن الأئمة في قبض الأموال هو الذي ينقل لنا روايات التحليل؟ ماذا نستكشف من ذلك؟

    يوجد حالتان بتعبير سيدنا الشهيد+ في هذه المسائل كان يحلل هذه المسائل على نظرية الاحتمال.

    الاحتمال الأوّل: أن هؤلاء جميعاً منذ عصر الإمام الصادق إلى عصر الإمام الثاني عشر والغيبة الكبرى غفلوا عن التنافي احتمال وارد أو غير وارد؟ غير وارد قطعاً.

    الاحتمال الثاني: أنهم التفتوا إلى التنافي لكن قال لك الآن نحن ما هي علاقتنا بأن نسأل؟ وهذا خلاف تدين هؤلاء, خلاف علم هؤلاء خلاف احتياط هؤلاء, خلاف ….

    الاحتمال الثالث: أنهم وجدوا تنافي أو لم يجدوا تنافي؟ لم يجدوا التنافي لأن التحليل كان مربوط بموضوع وما قبضوا فيه الخمس كان مرتبط ماذا؟ وهذا هو الذي ندعيه, أن أخبار التحليل لا إطلاق لها, ما أدري استطعت أن أوصل المطلب للأعزة, هذا هو الشاهد الثاني.

    طبعاً ما أريد أن أطيل لأنه إذا أردت أن أقرأ العبارات تصبح كثيراً, أريد الوقت بدأ يداركنا.

    الشاهد الثالث: هذا التوقيع يكفيني أنا هذا التوقيع اللطيف, الإمام يقول >وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئاً فأكله فإنما يأكل النيران وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا< طيب يا ابن رسول الله طيب أنت تقول بأنه أبيح إذن لماذا الذي يأكل درهم يأكل النيران, السطر الأوّل والسطر الثاني فقط, هذا يكشف عن ماذا؟ طبعاً كلّ من قرأ ذلك ووصل إليه هذه الرسالة لم يقل يا ابن رسول الله آخر لماذا هكذا؟ الجواب: لأنه كان عنده واضح أن الإمام ماذا يحلل وماذا يحرم؟ وهذا الذي نحن ندعيه أنه أساساً أن الذي حللوه شيء وان الذي حرموا التصرف فيه شيء آخر. ما هو؟ نحن نعتقد أن الذي حللوه في جملة واحدة, أن الذي حللوه هو حقهم من الخمس الثابت في الكتاب, والذي حرموه هو الخمس الذي وضعوه على شيعتهم, طبعاً كثير من الأعلام التفتوا إلى ذلك, لا يتبادر إلى ذهنك, ولكن حلوا المشكلة بطريق آخر, لا تتصورون بأنه فقهائنا ما التفتوا, لا, التفتوا بأنه أساساً لا يمكن أن يكون لهذه الروايات إطلاق, ولكن فسّروا أو قرؤوا الروايات قالوا لا إطلاق لها من خلال المال الذي وصل إليهم من الغير, لا أنه لا إطلاق لها من خلال أرباح المكاسب.

    هذه عبارة (فقه الشيعة, ص739) يقول: [هذا كله مع إمكان المناقشة في أصل إطلاق روايات التحليل بالنسبة إلى خمس نفس الشيعة] قال بأنه أساساً لا إطلاق إلى خمس, يعني قبلوا أنه روايات التحليل لا يمكن أن تكون مطلقة ولكن فسروا عدم الإطلاق ماذا؟ قالوا إذا جاء من الغير فلا خمس فيها وإذا متولد من نفسه ففيه الخمس, ولكن يوجد احتمال آخر وهو ماذا؟ أن الخمس إذا كان ثابتاً في الكتاب فهو محلل إذا كان ثابتاً بالحكم الولائي فليس فيه تحليل.

    الشاهد الرابع: وهذا إن شاء الله موكول إلى الدرس اللاحق, وهو استعراض الروايات لنرى أنها هي بلسانها تشمل أرباح المكاسب أو مختصة بمورد خاص؟ هذا الذي أنا أدعيه.

    قد يقول لي قائل سيدنا: هم يقولون التفصيل بين ألف وباء وأنت تقول التفصيل بين جيم ودال, طيب ما المرجح لتفصيلك على تفصيلهم؟

    الجواب: أقرأ لك رواية واحدة وإن شاء الله تعالى تفصيله موكول إلى الأسبوع القادم أو الدرس اللاحق, في (وسائل الشيعة, ص525) قال: >فقال تبارك وتعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول} فقال: نحن أصحاب الخمس< ألف ولام أي خمس هذا؟ خمس الكتاب >والفيء وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا< إذن التحريم على ماذا والتحليل على ماذا؟ واضح ما ثبت بالكتاب.

    أو هذه الرواية >أنه قال لرسول الله عن أمير المؤمنين: قد علمت يا رسول الله أنه سيكون بعدك ملكٌ عضوض, وجبرٌ فيستولى على خمسي من الغنائم ويبيعونه فلا يحل لمشتريه لأن نصيبي فيه فقد وهبت نصيبي منه لكل من ملك شيئاً من ذلك من شيعتي لتحل لهم منافعهم من مأكلٍ ومشربٍ ولتطيب مواليدهم< إذن ليست القضية فقط مناكح القضية مرتبط بهذا الخمس الثابت, هذا استعراض لكل الروايات يثبت هذا التفصيل الذي نحن نقوله.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 948

  • جديد المرئيات