بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
قلنا بأنَّ مفتاح البحث في خمس أرباح المكاسب في عصر الغيبة الكبرى وكيفية انسجام ذلك مع نصوص التحليل, يتوقف على أصلين أساسيين:
الأصل الأوّل: أن نقبل أن الخمس على نوعين, خمسٌ ثبت بمقتضى آية سورة الأنفال, وخمسٌ ثبت أو ضريبة أو حق وضعه الإمام لظروف خاصة في عصر الإمام الصادق وما بعد ذلك, هذا هو الأصل الأوّل.
الأصل الثاني: هو أن النصوص التي تكلمت عن التحليل هذه تشير إلى قضيةٍ مبتلى بها في ذلك الزمان, والقضية المبتلى بها في ذلك الزمان هو الخمس الثابت بمقتضى الآية الكريمة, وقد ثبت عند الجميع بلا استثناء من علماء الإمامية أن الخمس الثابت ولا أقل الذي أظهر وبُين على لسان النبي’ والأمير (عليه أفضل الصلاة والسلام) وباقي الأئمة إلى زمن الإمام الباقر كان مرتبطاً بغنائم دار الحرب والفتوحات ونحو ذلك. هذا كان هو المبتلى به.
والتحليل انصب على هذا الحق وعلى هذا الخمس, وحيث أن تحليل الأئمة المتوسطين والمتأخرين ليس تحليلاً وتأسيساً لتحليلٍ جديد, بل هو إمضاء لذلك التحليل السابق إذن بطبيعة الحال لا يمكن أن نقبل أن نصوص التحليل مطلقا سواءً كانت الواردة من الإمام أمير المؤمنين أو الواردة من الإمام الثاني عشر تشمل أرباح المكاسب, أساساً ليست داخلة أرباح المكاسب في نصوص التحليل حتّى نبحث عن طريقٍ لإخراج هذا الوجوب إما في عصر الحضور وإما في عصر الغيبة.
وقد قلنا أن الروايات الواردة في التحليل على أصناف ثلاثة طوائف ثلاث:
الطائفة الأولى واضحة أنها مرتبطة بالآية.
الطائفة الثانية واضحة أنها صدرت من الإمام أمير المؤمنين والأئمة الآخرين الذين أمضوا ذلك التحليل.
الطائفة الثالثة من الروايات وإن لم تكن فيها شواهد الطائفة الأولى أو الطائفة الثانية, ولكن حيث أن فيها أحللنا أبيح أباحوا ونحو ذلك إذن تتكلم عن نفس ذلك الموضوع السابق.
ولذا عندما نأتي إلى (وسائل الشيعة, ج9, ص544) وهي الرواية الثالثة وهي معتبرة >فقلت لا أدري, فقال: من قبل خمسنا أهل البيت إلاَّ لشيعتنا الأطيبين فإنه محللٌ لهم< لا يقول لنا قائل: أن الخمس هنا ما هو؟ مطلقٌ, لا لا أبداً, هذا أيضاً في سياق نصوص التحليل وارد.
هذا إن لم نقل وكما أشرنا بالأمس أن لفظ الخمس إنَّما ينصرف إلى ماذا؟ إلى الخمس الثابت بحسب النص القرآني. هذه الرواية وإن كانت عامة >أتدري من أين دخل على الناس الزنا, فقلت لا أدري, فقال من قبل خمسنا أهل البيت إلاَّ لشيعتنا< يقال بأنه هذا خمس وهو مطلق وأعم من أن يكون من غنائم دار الحرب أو من أرباح المكاسب. لا لا أبداً. السياق لا يساعد سياق نصوص التحليل لا سياق الرواية, ذكرنا أن نصوص التحليل تتكلم عن ماذا؟ عن موضوعٍ واحد أحفظوا هذه.
وهكذا الرواية الرابعة قال: >فهذا لشيعتنا حلالٌ الشاهد منهم والغائب والميت منهم والحي وما يولد منهم إلى يوم القيامة<. هذه أيضاً وإن كانت عامة ولكن تتكلم عن تلك؟ لماذا؟ لأنه توجد قرينة أخرى تقول إلى يوم القيامة, مع أنه لو كان التحليل مرتبط بأرباح المكاسب لابدَّ أن يكون إلى ماذا؟ إلى يوم الظهور, باعتبار أن بعد ذلك تكون الولاية للإمام لا إلى يوم القيامة.
إذن من هنا نستكشف إلى يوم القيامة يعني أنه ما أكلوه وما دخل في مناكحهم فهو محللٌ لا يؤثر على أولادهم ونكاحهم إلى يوم القيامة, هذه أيضاً قرينة تؤيد المعاني السابقة.
وهكذا الرواية الواردة الرواية الخامسة >قال: أن يقوم صاحب الخمس فيقول يا ربي خمسي وقد طيبنا ذلك لشيعتنا< أيضاً قلنا أن تعبير الخمس أولاً السياق العام, وثانياً: هذه اللفظة تشير إلى ذلك.
ولذا نجد هذه الطوائف الثلاث, نجد أن السيّد الشهيد+ في هذا الكتاب (محاضرات تأسيسية) هناك في مواضع متعددة يعني في (ص471, 472- 489- 490) هذه عباراته التفتوا جيداً, يقول: [ألا وإن شيعتنا من ذلك في حلٍ<] هذه ضمير ذلك لمن يعود هل يشمل كلّ أنواع الخمس حتّى ما هو أرباح المكاسب يقول: [إشارةٌ بحسب ظاهر الكلام إلى الحق الذي غصبه الناس لا إلى مطلق حقهم, فهذا الحديث خارجٌ عن المقصود] وإنما ماذا يدل هذا التحليل من أمير المؤمنين؟ التفتوا هذا أحفظوه لأننا ذكرنا للمرة العاشرة, أن التحليل المتأخر أيضاً منصبٌ على نفس هذا الموضوع لا أنه موضوعٌ آخر, قال: [فهذا الحديث خارجٌ عن المقصود وإنما يدل على ما هو المتعارف جيلاً بعد جيل وعصراً بعد عصر بين الشيعة من أنهم ابتلوا في المعاملات بالعامة وبالاختلاط بهم ووقوع قسمٍ من أموالهم] أموال العامة [في أيدي الشيعة مما لا يحترزون منه ولا يؤدي حق الإمام الثابت فيه في أيدي العامة] من الواضح أن الذي في أيدي العامة هو خمس الغنائم وإلا خمس أرباح المكاسب بعد لم يظهر إما لم يشرع وإما لم يظهر, [ولا يدل على أنه إذا تعلق الخمس بما في أيدي الشيعة لا يجب عليهم أداءه وغاية ما في الباب] التفتوا جيداً, هذا على فرض التنزل يقول حتّى لو تنزلنا فلا يمكن إدعاء أنه في مقام البيان من هذه الجهة فيكون الروايات مجملة لا يعلم أنها شاملة لأرباح المكاسب أو لا, وهذا القدر أيضاً كافٍ لأن نصرف روايات التحليل عن خمس أرباح المكاسب. هذا مورد.
المورد الآخر في (ص490) بعد أن ينتهي يقول, هذه عبارته: [هذا كله على ما عرفت من مسلكنا] لأنه بحث مفصل عنده طبعاً من (ص470 إلى ص490) يقول: [هذا كله على ما عرفت من مسلكنا من الإشكال في إطلاق هذه الروايات بما عرفت من القرائن] إذن الإشكال أين؟ في المقتضي أن نصوص التحليل شاملة لخمس أرباح المكاسب أو غير شاملة, أما أن يُدعى أنها ظاهرة في عدم الشمول للقرائن الموجودة, أو لا أقل ليست ظاهرة في الشمول بل مجملة من هذه الجهة, ومع الإجمال كيف يمكن أن نبحث أنها مطلقة إذن كيف نخرج خمس أرباح المكاسب منها.
ولذا يقول: [وأما بناءً على القول بإطلاقها جميعاً] وهذا هو الذي مشى عليه المشهور, وهو أنه فرض أن نصوص التحليل مطلقة, من هنا وقع في إشكال من جهتين: أولاً: كيف نجمع بين هذا الإطلاق وبين أن السيرة كانت قائمة على أخذ الخمس, وثانياً: كيف نثبت خمس أرباح المكاسب في عصر الغيبة, وقد حللوه لشيعتهم؟
الجواب: أنه لا يوجد هناك أي إطلاقٍ في نصوص التحليل.
تبقى عندنا حتّى أن البحث لا يبقى فيه أي نقطة غائمة, تبقى عندنا رواية واحدة قد يستند إليها لإثبات الحل مطلقا, وهي رواية صحيحة ومعتبرة من حيث السند, هذه الرواية واردة في (الوسائل, ج9, ص543, الباب الرابع من أبواب الأنفال الرواية 12676) الرواية: >قرأت لكتابٍ لأبي جعفر< الرواية عن علي بن مهزيار الرواية صحيحة معتبرة >قرأت في كتاب لأبي جعفر (عليه السلام) من رجلٍ يسأله< التفتوا جيداً >يسأله أن يجعله في حلٍ من مأكله ومشربه من الخمس< هذه الرواية فيها كم خصوصية:
أولاً: أنها ليست مختصة بالمناكح >لتطيب< ماذا؟ وإنما المأكل والمشرب, إذن تشمل أرباح المكاسب أيضاً, >يسأله أن يجعله في حلٍ من مأكله ومشربه من الخمس, فكتب بخطه (عليه أفضل الصلاة والسلام) من أعوزه شيءٌ من حقي فهو في حلٍ< هذه القضية صحيح أنها قضية شخصية ولكن الجواب ما هو؟ عام, ما يقول أنت في حلٍ, السائل يقول يجعله الشخص يسأل, والإمام ماذا يجيب؟ وأنتم تعلمون أن الجواب قد يخصص وأن الجواب قد يعمم, نحن لا ندور مدار السؤال خاص أو عام؟ إذا ذكر عاماً قد الجواب يأتي خاص, إذا ذكر خاصاً قد الجواب يأتي عام. وهنا وإن كان السؤال عن تحليلٍ شخصي ولكن الإمام أعطى تحليلاً عاماً.
الآن أنا ما أريد أن أدخل في مسألة الإعواز ما هو المراد من الإعواز؟ المراد الفقر, يعني: أن الذي يريد أن يدفع الخمس إذا كان فقير لا يدفع هكذا, ثمَّ من أعوزه الإعواز قد يكون أعم من الفقر, الآن قد يكون تاجر وعنده ولكن الآن لو يريد أن يدفع الخمس تتأثر تجارته يخسر ما عنده القدرة الآن يدفع, هو في حل الآن لأن الإعواز أعم من الفقر الشرعي, ثمَّ الرواية فيها عموم من جهة أخرى >من أعوزه شيء من حقي< طيب يشترط أن يكون من أتباع مدرسة أهل البيت يكون شيعي أو أعم من هذا, إلاَّ أن يقال الخطاب وقرائن الخطاب وروايات أخرى مختصة بمن؟ الآن ما نريد أن ندخل في هذا, نريد أن ندخل في قوله: >من حقي فهو في حلٍ<.
إذن, هذه الروايات فيها خصوصيتان:
الخصوصية الأولى: أنها أعم من المناكح, لأنه مأكل ومشرب.
الخصوصية الثانية: وهي التي أخطر ولعلها الأهم, أن الإمام عبّر حقي ما قال خمسي, وهذا الحق يشمل ايضاً ذاك الحق الثابت قرآنياً وذلك الحق الثابت ولائياً أيضاً حقه, إذن قد يستند إلى هذه الرواية لإثبات التحليل, والجهة الثالثة لا ننساها التي هي واضحة, أنها ليست مختصة بعصر الحضور, تشمل عصر الحضور وعصر الغيبة, الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول في قضية واضحة >من أعوزه< كلّ من أعوزه فهو في حل, أعم من أن يكون في عصر الحضور أو في عصر الغيبة, حياً أو ميتاً شاهداً أو غائباً.
قد يستند إلى هذه الرواية أعزائي لإثبات التحليل العام بما يشمل أرباح المكاسب أيضاً لا فقط في عصر الحضور حتّى في عصر الغيبة الكبرى.
طيب ماذا نقول في هذه الرواية؟
الرواية فيها صدر وفيها ذيل التفتوا جيداً, الإمام قال: >سأله من مأكله ومن مشربه من الخمس< إن قلنا: كما أشرنا سابقاً, أن السياق العام في النصوص عندما تقول الخمس المراد أي خمس؟ خمس الغنائم, إذا كان الأمر كذلك إذن تكون في سياق نفس الروايات شاملة لأرباح المكاسب أو غير شاملة؟ غير شاملة, وقوله: >من حقي< يعني من حقي من ماذا؟ من هذا الخمس, وهذا ما حاوله البعض قالوا أنه.
أما إذا لم نقبل هذا المعنى كما لم يقبل البعض باعتبار أن الخمس نوعٌ واحد, قالوا الحق أعم من الخمس الثابت قرآنياً ومن الخمس الذي يشمل أرباح المكاسب يعني الثابت ولائياً, جيد جداً, هذه الرواية واردة عن الإمام الجواد عن أبي جعفر (عليه أفضل الصلاة والسلام) طيب نفس الإمام الجواد في عصره قبل أن ننتقل إلى عصور اللاحقين الأئمة اللاحقين هو (عليه أفضل الصلاة والسلام) في مكانٍ آخر طلب منهم خفف في مكانٍ وطلب منهم نصف السدس في مكانٍ آخر.
إذن نستكشف من هذا أن القضية كانت قضية مقطعية أو عامة؟ لو كانت عامة لا معنى لأن يضع نصف السدس في مكانٍ آخر, هذه الرواية التي قراناها مراراً, تعالوا معنا إلى (الوسائل, ج9, ص500, الرواية المعروفة صحيحة مهزيار), >قال: أن مواليّ أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم, فعلمتُ ذلك< يظهر أن تلك السنة أو تلك السنوات التي كان يعيشها الإمام الجواد يظهر أنها فيها مشاكل كثيرة, لأن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) في هذه الرسالة المعتبرة الصحيحة الأعلائية, يعتب على من؟ يعتب على شيعته ومواليه, إلى أن يقول: >وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة ولم أوجب ذلك عليهم في متاعٍ ولا آنيةٍ ولا دواب ولا خدم ولا ربحٍ ربحه في تجارة تخفيفاً مني عن موليّ ومنّاً مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم, ولما ينوبهم في ذاتهم< واضح هنا الإمام (عليه السلام) جعل الشيعة هنا مطلقاً في حلٍ لا حتّى مع فرض عدم الإعواز, ولكن في آخر المطاف يقول: >وأما الذي أوجب من الضياع والغلاة في كلّ عامٍ فهو نصف السدس< طيب كيف ينسجم ذاك التحليل مع وجوب نصف السدس؟
إذن أولاً يمكن أن نقول: أن هذه الرواية أساساً في نفسها مبتلاة بفعل الإمام الجواد بمعارضٍ أنه في مكان آخر.
وثانياً: وهو الأهم, لو سلمنا أن الرواية فيها عموم, وإطلاق, يشمل أرباح المكاسب وصدر تحليلٌ من الإمام الجواد في ذلك, فإذا شككنا أنها تشمل كلّ زمان أو لا هل يمكن الاستصحاب أو لا يمكن؟
في الأبحاث السابقة الأعزة يتذكرون, ذكرنا بأنه الأحكام الولائية لا يصح الاستصحاب فيها, والغريب أعزائي, ان الأعلام الذين هم لم يقولوا أن خمس أرباح المكاسب حكم ولائي مع أنه هنا التزموا أنه لا يجوز الاستصحاب, قالوا لأنه حكمٌ ولائي والأحكام الولائية ماذا؟ لا تستصحب.
السيّد الشهيد في (محاضرات تأسيسية, ص480) هذه عبارته بعد أن ينقل الرواية, يقول: [وبعد تسليمه, لا يجري فيما نحن فيه لتعدد الموضوع وعدم اتحاد القضية المتيقنة مع القضية المشكوكة] فإنَّ المتيقنة الحكم الولائي الصادر من الإمام الجواد, والذي في زمان إمام آخر مشكوك تلك قضية أخرى تحتاج إلى حكمٍ ولائي آخر, [فكيف يمكن إثبات تحليل المالك المتأخر باستصحاب تحليل المالك المتقدم] وهذا هو الذي أشار إليه السيّد الحائري في (مباني فتاوى الأموال, ص245) بعد أن ينقل هذه الرواية يقول: [ولو شك في أن التحليل لحق الإمام هل هو خاص بزمن الإمام الجواد أو لا, فقد يقال باستصحاب التحليل إلى زماننا لأننا نقول أن استصحاب عدم النسخ بناءً على تسليمه في نفسه لا يجري في المقام لأن أصل الإباحة المجعولة جعلاً ولائياً لا ندري هل هي إباحة خاصة بذاك الزمان أو عامة لمطلق ما قبل الظهور, فلو كانت خاصة بذلك الزمان فثبوتها فيما بعد ذاك الزمان بحاجة إلى جعل آخر, وتصبح الإباحة الثانية عندئذٍ غير الأولى] يعني المتيقنة غير المشكوكة فلا تثبت الإباحة بالاستصحاب.
فإذن أولاً: نقول أن هذه الإباحة لا عموم فيها لأنها مرتبطة بظرفٍ خاص. ولو شككنا أن فيها عموم أو ليس فيها عموم, هل يمكن أن نستصحب أو لا يمكن؟ الجواب: لا يمكن الاستصحاب.
إذن هذه الرواية لا تكون نافعة لإثبات تحليل أرباح المكاسب في عصر الغيبة الكبرى.
النتيجة التي انتهينا إليها, التفتوا جيداً, بحثنا أين؟ في خمس أرباح المكاسب, إلى هنا صارت عندنا اتجاهات ثلاثة:
الاتجاه الأوّل: وهو الاتجاه المشهور قديماً وحديثاً, أن خمس أرباح المكاسب ثابتٌ بحسب النص القرآني فضلاً عن النصوص الأخرى بإطلاق الآية المباركة. وعلى هذا الأساس فمن يدعي أنها شاملة لعصر الغيبة الكبرى لابدَّ أن يجد مخرجاً من روايات التحليل, إما بالتخصيص إما بعدم الشمول, أي طريق كان, هذا هو الاتجاه الأوّل.
الاتجاه الثاني: قبل أن خمس أرباح المكاسب حكمٌ ولائي ولكن قال حكمٌ ولائي مستمرٌ إلى عصر الغيبة الكبرى لا أنه مختص بعصرهم, وهذا الذي استفدناه من بعض كلمات السيّد الحائري, قال: بأنه هذا الحكم الولائي صدر من الإمام الحجة الثاني عشر, ولم يثبت أنه أبطله أو رفعه, إذن هو مستمر على حاله. هذا الاتجاه الثاني.
الاتجاه الثالث: وهو الاتجاه الذي نحن نختاره, نحن نعتقد أن خمس أرباح المكاسب لا هو ثابتٌ قرآنياً, ولا هو ثابتٌ بنحو التشريع الثابت من قبل النبي والأئمة من خلال الأحكام المفوضة إليهم, ولا هو ثابت بحكم ولائي مستمر ما بعد الغيبة الصغرى يعني في الغيبة الكبرى, وإنما هو حكمٌ ولائي ثابت في عصر الحكم ذلك الولائي, وبعد انتهاء الغيبة الصغرى لا دليل عندنا على استمرار هذا الحكم الولائي.
ولذا بحسب هذا المبنى نحن لا نجد أي دليل لا بحكم ثابت ولا بحكم ولائي أن خمس أرباح المكاسب واجبٌ في عصر الغيبة الكبرى.
نعم, اللهم إلاَّ أن نبني على هذا المبني ونحن نبني عليه, وهو أن هذا الحكم الولائي أوكل إلى رواة الحديث في عصر الغيبة الكبرى, أوكل إلى من عرف حلالهم وحرامهم, أوكل إلى من اصطلح عليه القرآن {المتفقه في الدين} أوكل إلى من اصطلح عليه – كما في الفتاوى- المجتهد المطلق لا المتجزي, ومقصودي من المجتهد المطلق يعني: العارف بجميع المعارف الدينية لا خصوص الحلال والحرام, وإلا في نظرنا أن من اختص بخصوص الحلال والحرام فهو مجتهد متجزي لا مطلق, المطلق هو الذي يكون له إحاطة كاملة بجميع المعارف الدينية, هذه هي مقتضى النيابة للأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام). هذا أوكل إليه أمره فإنَّ وجد ضرورة أوجب الخمس أرباح المكاسب بل أوجب الربع في أرباح المكاسب, وإن لم يجد ضرورة لذلك قد يوجب السدس وقد يوجب نصف السدس كما فعل الإمام الجواد.
ما هي الثمرة المترتبة؟
الثمرة الأولى: وهو أنه هذه تابعة للحكم الولائي الصادر من المجتهد المطلق الحاكم الشرعي بحسب الاصطلاح.
ما هي شروط ذلك؟
إذا بنينا على المنهج الأوّل الاتجاه الأوّل, أو بنينا على الاتجاه الثاني, أو بنينا على الاتجاه الحكم الولائي المستمر, إذن لابدَّ أن نرجع في تفاصيل وجوب خمس أرباح المكاسب إلى ما فعله الأئمة, هم لابدَّ أن يعينوا لنا, لأنه كما في الصلاة, أحكام الصلاة من يعينها؟ يعينها النبي والإمام, أحكام الصوم من يعينها؟ في أدق التفاصيل من يعينها؟ هم يعينونها, أما إذا قلنا حكم ولائي مرتبط في كلّ زمان وأوكل هذا إلى المجتهد المطلق إلى الحاكم الشرعي, هذه شرائطها من يعينها؟ هو يعينها في كلّ زمان, هل تؤخذ, إذا جاءني مال من شخص شيعي وأعلم أنه لم يخمس أنا هذا الخمس يجب عليّ دفعه لا يجب عليّ؟ هذا تابعٌ للحكم الذي يضعه ولي الأمر يدفع أو لا يدفع.
ومن هنا بالنسبة إلينا مسألة خمس أرباح المكاسب من الأحكام الولائية بحسب كان التامة وكان الناقصة, أصل ثبوتها وقدر ثبوتها وحدود ثبوتها وعلى ماذا توضع. إذن في اعتقادنا كثير من الأبحاث التي تبحث في أرباح المكاسب لا غنائم الحرب لا المعدن لا الغوص ذاك له حديث آخر, نحن نتكلم في خمس أرباح المكاسب, أن كثير من تلك الأحكام لها موضوع بناء على المبنى المختار عندنا أو ليس لها موضوع؟ لا موضوع لها, هذا هو يعينها بحسب الحاجة والضرورة.
ولذا إن شاء الله تعالى, هذا خلاصة الكلام في المسألة, ولا يوجد عندنا شيء في خمس أرباح المكاسب, النظر النهائي أنا بينته للأعزة, تقسيمها موضوعها محمولها جواز التصرف عدم جواز التصرف كيفية الصرف, هذه كلها تابعة لمن؟ على مباني القوم, تابعة لابدَّ أن نرجع إلى النصوص لنرى ماذا تقول؟ على المبنى المختار لا يعينها الحكام الشرعي. تفاصيلها تأتي.
والحمد لله رب العالمين.