نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (242)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    انتهينا إلى أن خمس أرباح المكاسب واجبٌ في عصر الغيبة الكبرى. والدليل على ذلك لا هو الآية المباركة في القرآن الكريم, ولا هو تشريعٌ نبوي أو ولوي ثابت لأنكم تعلمون نحن نقسم الأحكام إلى أنواع:

    النوع الأوّل: ما ثبت بتشريع الله.

    النوع الثاني: ما ثبت بتشريع من الرسول أو أحد الأئمة. وكلا هذين التشريعين من أجزاء الشريعة, خمس أرباح المكاسب لا هو من النوع الأوّل ولا هو من النوع الثاني.

    وهناك نوع ثالث من الأحكام الشرعية وهي: الأحكام الولائية الصادرة من النبي والأئمة, وهذا متفق عليه بين جميع علماء الإمامية وإن اختلفوا في المصاديق, أن هناك مجموعة من الأحكام الولائية الصادرة عن النبي وعن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وهي كثيرة جداً.

    نعم, وقد الاختلاف في بعض مصاديقها هل أن قاعدة >لا ضرر ولا ضرار< هل هو حكمٌ ثابت أو أنه حكمٌ ولائي متغير؟ بعض يرى هذا وبعض يرى ذاك.

    خمس أرباح المكاسب في اعتقادنا ليس حتّى من النوع الثالث, يعني ليس حال خمس أرباح المكاسب حال القضاء في عصر الغيبة الكبرى, أو حال جواز الإفتاء للمجتهد المطلق في عصر الغيبة الكبرى, باعتبار أننا نعتقد أن جواز الإفتاء وجواز القضاء وأمثال ذلك, في عصر الغيبة الكبرى إنَّما هو حكم ولائي صادر من الأئمة في عصر الغيبة الكبرى.

    ومن هنا بمجرد أن يظهر أمرهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فإما أن يمضى هذا الحكم وإما أن يرفع هذا الحكم, كما وجدنا في خمس أرباح المكاسب في عصر الحضور, أن الإمام السابق عندما جعل حكماً ولائياً فهذا الحكم الولائي عندما يأتي الإمام اللاحق إما أن يمضيه وإما أن يرفعه, وذكرنا مثال ذلك: في خمس, الحق الذي وضعه الإمام الجواد, وضعه نصف السدس عندما جاء الإمام الهادي تجدون مباشرة سُئل أنه نصف السدس الذي وضعه الإمام الجواد أو خمس؟ الإمام لم يمضي ما وضعه الإمام الجواد, يعني لم يمضي ما وضعه الوالد الأب ولكنه ماذا فعل؟ أرجعه إلى الخمس.

    فهل أن خمس أرباح المكاسب من النوع الثالث؟

    الجواب: في اعتقادنا لا, وإنما وجوب خمس أرباح المكاسب في عصر الغيبة الكبرى إنَّما هو حكمٌ ولائيٌ يصدره المجتهد المطلق لا المتجزي على اصطلاحنا, المجتهد المطلق, لأننا نعتقد أن المتجزي لا يحق له أن يصدر أحكاماً ولائيةً في أي ظرفٍ من الظروف, نعم من آثار الاجتهاد المتجزي بحسب تعريفنا له – كما في الفتاوى- أنه يحق له أن يستند إلى آراء نفسه, يحق له أن يبين آراءه ونحو ذلك, أما هل يجوز له التصدي للإفتاء والمرجعية له بحث آخر, لمسألة القضاء, لمسألة الولاية ومسائل أخرى فوارق مهمة موجودة بين النوعين من الاجتهاد.

    إذن, نحن من حيث النتيجة لا نختلف عن المشهور أو المتفق عليه بين علماء الإمامية في وجوب خمس أرباح المكاسب ولكنه نختلف معهم في الدليل على ذلك في عصر الغيبة الكبرى.

    ولكن أعزائي, هنا قد يوجد إشكال هذا الإشكال ليس مختص بالمقام, بل هو إشكالٌ سيّال في أمثال المقام, وفي الأعم الأغلب أولئك الذين يريدون أن ينقضوا على مسألة إعطاء هذه الصلاحية للمجتهد المطلق في عصر الغيبة الكبرى يستندون إلى هذا الإشكال, يقولون: بأنه هذا الإشكال لا يمكن دفعه بل قياس مع الفارق كما سنبين. كيف؟

    يقولون: نحن نسلم معكم أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أعطوا صلاحية إصدار الأحكام الولائية, وهذا مما لا إشكال فيه, ولكن التوقيع الصادر من الناحية بأنه >فرجعوا فيها إلى رواة حديثنا< هذا لا يمكن أن تكون شاملاً حتّى لصدور الأحكام الولائية من رواة الحديث وحملة الحلال والحرام ويعرفون حلالنا وحرامنا يعني المجتهد المطلق, لماذا؟ باعتبار أنه أين تشخيص الفقيه الجامع للشرائط من تشخيص الإمام المعصوم؟ الإمام المعصوم باعتبار أنه محيطٌ بالمصالح والمفاسد واقف على كلّ الأمور, عندما يعطي صلاحية إصدار حكم ولائي, طيب بطبيعة الحال في مورده وفي محله صدر من أهله ووقع في محله, أما بخلاف المجتهد الجامع للشرائط, فإنه بلغ ما بلغ من الدقّة والعمق والاستشارة و… إلى آخر القائمة, مع ذلك قد يصيب وقد يخطأ, قد يكون تقديره للموقف صحيحاً وقد يكون تقديره للموقف غير صحيح, إذن لا معنى لإسراء هذه الصلاحية من الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) إلى من؟ إلى الفقيه في عصر الغيبة.

    من هنا لابدَّ أن نغلق هذا الباب, باب أن الفقيه له حق إصدار الأحكام الولائية, طبعاً قلت لكم هذه ليست مرتبطة ببحثنا هنا, ولكنه إذا تم هذا الإشكال فيغلق الباب على إصدار حكم ولائي في وجوب خمس أرباح المكاسب. يعني: حتّى لو قال قائل لنا: سلمنا معكم سيدنا أن وجوب خمس أرباح المكاسب هو حكمٌ ولائي صدر من الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    فإما أن تلتزموا أن نفس ذلك الحكم الولائي مستمرٌ في عصر الغيبة الكبرى إما هذا, وإما إن لم تجدوا دليلاً للاستمرار إذن إثبات مثل هذا الوجوب للخمس في أرباح المكاسب في عصر الغيبة الكبرى يبقى بلا دليل.

    الجواب: التفتوا جيداً, نقضاً وحلاً, هذه قلت لكم هذه ليست مرتبطة ببحثنا ولكن مصاديقها بحثنا. أعزائي لو تم هذا الإشكال كما يقال, لتم أولاً في باب الإفتاء, لأن الإمام (عليه السلام) عندما يُسأل ويجيب إجاباته مطابقة للواقع أو قد تصيب وقد تخطأ؟ لا إشكال أن كلّ ما يذكره من الأحكام كلها مطابقة للواقع, ولكن الفقيه ماذا في عصر الغيبة؟ قد يصيب وقد يخطأ, فإذا كانت الإحاطة هي المجوزة للإفتاء فهي منتفية في الفقيه الجامع للشرائط, إذن لابدَّ أن لا يجوز للفقيه في عصر الغيبة الكبرى الإفتاء أيضاً.

    مع أنه بإجماع مدرسة أهل البيت – إجماع الأصوليين طبعاً- بإجماع علماء مدرسة أهل البيت يقولون بأنه ماذا؟ يجوز له أن يتصدى للإفتاء حتّى مع فرض مخالفة الواقع, طيب إذا جاز هناك, حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد, لماذا يجوز في الإفتاء ولا يجوز في إصدار الأحكام الولائية, هذا النقض الأوّل.

    النقض الثاني في باب القضاء, أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) عندما كانوا يقضون قضائهم كقضائنا أو قضائهم أدق وأصلح وأفضل من قضائنا؟ طيب لا قياس بين ما نقضي به وما, أن يكون القاضي هو الإمام أمير المؤمنين وأن يكون القاضي – بتعبيرنا في هذه الأيام مجتهد متجزي من الدرجة التاسعة- الآن أكثر القضاة الموجودين في المحاكم على أفضل التقادير – وفي الأعم الأغلب ليسوا كذلك- على أفضل التقادير مجتهد متجزي في باب القضاء كما يصطلحون, وهذا حتّى بعضهم أيضاً لم يشترط قال فقط يحتاج التفويض من المجتهد المطلق حتّى لو لم يكن, فقط يكون عارفاً بطريقة تطبيق الأحكام.

    طيب بينك وبين الله إذا قست هذا القضاء دكة القضاء لأمير المؤمنين مع هذا القضاء الفارق ما بين السماء والأرض. فإذا كان الجائز ذاك القضاء إذن لابدَّ أن نمنع هذا القضاء في عصر الغيبة مع أنه هم قالوا >فقد جعلته عليكم حاكما< مع علمهم أن هذا قد يصيب وقد يخطأ. هذا النقض الثاني.

    النقض الثالث: أنتم قرأتم في محله أن الفقيه له فتوى وله حكم, طيب هذه الأحكام لا الفتاوى, انتهينا من الفتوى, هذا نقض ثالث, هذه الاحكام التي يصدرها الولي أو يصدرها المجتهد المطلق هذه بالضرورة مطابقة للواقع أو قد تصيب وقد تخطأ؟ من الواضح بأنه قد تصيب وقد تخطأ هذه الأحكام يعني يقدر على سبيل المثال. يقدر الأحكام أعزائي, دعوني هكذا جملة معترضة اعبر عليها.

    الأحكام على قسمين التي يصدرها المجتهد المطلق: مرة يوجد في نفس الشيء الذي أصدر فيه الحكم يوجد فيها إلزام ولكن هو يريد أن يؤكد هذا الإلزام, مثل ماذا؟ يعني: أنه ثبت هلال شهر شوال, طيب الناس يجب عليهم غداً يجوز لهم أن يصوموا؟ لابدَّ أن يفطروا هذا حكم شرعي هذا ليس مرتبط, سواء صدر حكمٌ من الحاكم أو لم يصدر, ولكن مع ذلك يقول حكمت بأنه في غد أول شوال. هذا الحكم الذي يصدر من الفقيه غير الفتوى, هذا الحكم الذي يصدر من الفقيه في قضية خارجية هذا أوجد إلزاماً لم يكن أو كان هناك إلزام وأراد أن يؤكده ويشدده أي منهما؟ من الواضح أن الإلزام كان موجود أنه لا يجوز أن تصوموا غداً من رمضان, لأنه شوال.

    ومرة أخرى لا, التفتوا جيداً وهذه من أخطر الأحكام الولائية, مرة لا, قبل الإلزام قبل الحكم لا يوجد إلزامٌ, في الحكم يتحقق الإلزام, مثاله: هذا الذي نقوله الآن وهو خمس أرباح المكاسب, نحن بينا بأنه لا يوجد عندنا دليل لا النوع الاول ولا النوع الثاني ولا النوع الثالث, فإذا لم يصدر الفقيه حكماً ولائياً يوجد إلزام بدفع خمس أرباح المكاسب أو لا يوجد؟ فإذن هو يوجد ينشأ إلزاماً لا أنه هناك إلزامٌ ويؤكد ويشدد ذلك الإلزام, واضحة القضية.

    أعزائي فقهاء كثيرين قالوا بأنَّ هذا الحكم الثاني هذا النوع الثاني من الأحكام الولائية أيضاً ملزم.

    السيّد الحائري في كتابه (أساس الحكومة الإسلامية, ص191, الطبعة الحديثة, الطبعة الثانية) يقول: [أن يرى الحاكم مصلحةً ملزمةً في نفس تحديد الموقف] يعني الموقف من القضية لا الموقف يعني في عرفات وكذا الموقف يعني القضية [توحيداً للكلمة ورصاً للصفوف] يعني: لو لم يصدر الحكم كان بالإمكان هذا يعمل بهذا وذاك يعمل بذاك وذاك أيضاً بتكليفه, ولكنه قد يرى الحاكم أنه يجب أن يكون الموقف موقفاً موحدا فيصدر حكماً ولائياً وهذا ممكن أن يحصل الآن في إيران في الجمهورية الإسلامية, ممكن أن الناس يختلفون في ماذا؟ في هلال شهر رمضان, ممكن أو ليس بممكن؟ نعم, واقع أصلاً في الأعم الأغلب هو كذلك, ولكنه لحفظ وحدة المجتمع ولعدم تمزقه وللآثار السلبية الذي تضعه, واحد يعيد السبت والآخر الأحد والآخر الاثنين وإلى الآن لم يصيروا أربعة ما أدري صار أربعة أو لا, ثلاثة أيام صارت عندنا إلى الآن مراراً وتكراراً, حتّى يحفظ وحدة المجتمع أو أفضل من هذا أضرب مثال حتّى نخرج عنها: مسألة الوقوف في عرفة, وهذه مسألة ابتلائية, التفتوا, افترضوا أن عرفات وموقف عرفات ومزدلفة وأعمال الحج, صارت بأيدي الشيعة وفرض المحال ليس بمحال, صارت بأيدي الشيعة, طيب بينك وبين الله أنّه بالنسبة, الآن الصيام ما يؤثر هناك ماذا نفعل؟ نجعل عرفات أربعة أيام هناك, ثلاثة أيام نجعل مزدلفة وكذا الرمي نجعلها تسعة أيام لأنه كلّ واحد يحتاط يومين يقوم قبل ويوم بعد, هكذا نفعل؟ كما الآن عندما تذهبون إلى الحج تجدون البعض ماذا؟ يقوم بمثل هذه الأعمال, لو أن الإمام المعصوم أو ولي الأمر وجد أن هذه الصورة صورة واقعاً بغض النظر عن هذا التمزق الذي يبين أن فيه آثار اجتماعية خطيرة لأنه هذا يسقط هذا وهذا يسقط هذا وهذا يقول مرجعك ما يعرف, وذاك يقول مرجعك ما يلتفت, آثار خطيرة فماذا يفعل؟ لو كنّا نحن والموقف الأصلي طيب هذا يذهب يوم عرفة يوم الأحد وذاك يذهب يوم الاثنين ذاك يذهب بعد عشرة أيام, ولكنه هذه فيه آثار ماذا يفعل؟

    يقول: [توحيداً للكلمة ورصاً للصفوف فيختار موقفاً معيناً يحكم به ويلزم به المجتمع] طبعاً إذا كان مبسوط اليد [حتّى لو فرض أن هذا الموقف لم يكن في حد ذاته بدرجة الإلزام قبل الحكم, ولذا لم يكن واجباً على المجتمع قبل حكم الحاكم] التفتوا جيداً, [يقول فإذا حكموا] طيب أنت جنابك الذي تعيش في هذا المجتمع تستطيع أن تقلد مقلدك في المسألة أو لا حق لك؟ يقول: لا أنه ليس له حق شرعاً – ليس البحث في القانون- شرعاً, بل يستطيع أن يلزمك على الخلاف حتّى لو علمت بالخلاف, هذه هي صلاحية الفقيه في عصر الغيبة.

    الآن قد شخص يقول: أنه أنا جئت وسألت ولي الأمر قلت له على أي أساس أنت قلت هذا؟ يقول: أنا قلت للمصلحة الكذائية, وأنا كنت مشخص أن تقديره للموقف وللمصلحة كان خطأ,كما أنه في مسألة الهلال لو قال حكمت لأنه ثبتت عندي بالشهادة وأنا كنت أعلم بخطأ الشهادة والبينة, فهل يجوز لي مع العلم بخطأ تقديره للمصلحة المخالفة؟ الجواب: حتّى في هذا المورد لا يجوز.

    إذن أعزائي, التفتوا جيداً. الآن أما الإمام الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام) عندما يشخص المصلحة هل يحتمل فيه أنه تقديره للتشخيص يكون مخالف للواقع؟ ولكن مع ذلك أعطي لمن؟ للفقيه في عصر الغيبة ذلك. هذا نقضاً.

    أما حلاً:

    وهذه قضية كلامية مهمة, اذهبوا وابحثوا اقسم عليكم بالله بمن تعتقدون هذه المباحث اعطوها قدر من الأهمية في حياتكم, لأننا الآن داخلين في معركة على أوسع الأبواب, لا يتبادر المعركة فقط مع السلفيين والوهابيين وخط بني أمية وخط ابن تيمية أبداً أبدا, حتّى مع المتنورين ومع الحداثويين داخل البيت الشيعي تطرح مثل هذه التساؤلات, إذا ما تتسلحون, طيب من يدافع عن المذهب إذن؟

    الجواب: هذه القضية الحلية, وهو: لم يثبت بأي دليل أن الأئمة عندما كانوا يحكمون في القضاء أو يشخصون المواقف في الأحكام الولائية أنهم كانوا يستعينون بعلم العصمة, أبداً أي دليل لا يوجد عندنا.

    ولذا رواية صريحة نقلها الخاصة والعامة >إنَّما أقضي بينكم بالبينات والأيمان فإذا حكمت لأحدكم حقاً لأخيه فقد حكمت له بقطعة من النار< يا رسول الله طيب أنت معصوم؟ يقول: بلي أنا معصوم إذا أريد أن أعمل علم العصمة استطيع, ولكنه هذه من مختصات عصر من؟ عصر الحضور, أما في زمن الرسول والأئمة, لا بحسب الأدلة يحكمون.

    وقد تكون هذه الأحكام التي يحكمونها مخالفة للواقع, ولذا النبي’ >فقد حكمت له بقطعة من النار< لماذا؟ لأنه أنت خدعتني وأنت تتحمل, ولكنه من سبب هذا الحكم المخالف للواقع؟ أنت, من يتحمل؟ أنت تتحمل.

    في تقدير المواقف والمصالح أيضاً كثيرة منها كانت كذلك, ما عندنا دليل أنه بالضرورة أن هذه المواقف كانت مواقف معصومة.

    إلاَّ إذا ثبت أنه صدرت من مقام العصمة, نعم نلتزم بها, كما نعتقد في مسألة الإفتاء والقضاء و… إلى غير ذلك.

    ولذا يصرّح جملة من الفقهاء أمثال السيّد الإمام وهذه الطبقة, يصرحون بأنَّ هذا الحكم الولائي يستطيع أن يصدره الفقيه حتّى لو لم يكن له سابقة في عصر الأئمة.

    إذن, التفتوا جيداً, إذن هذا الإشكال لا مقبول لا نقضاً ولا حلاً. إذن للفقيه الجامع للشرائط, طبعاً بشرطها وشروطها, أنا عندي شروط كثيرة للذي يريد أن يتصدى لهذا الموقع. مسألة الإفتاء بالنسبة لي لعله أسهل بكثير من مسألة المرجعية في الأمة, الإفتاء كتابة رسالة عملية ما أسهل ذلك في هذه الأزمنة. وبتعبير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء العلامة الإمام محمد حسين كاشف الغطاء ما أسلها لأنه ينقل اللاحق من السابق. اقرؤوا في (الفردوس الأعلى) وانظروا مشكلته في ذلك الزمان ما هي؟ ويظهر أن هذه المشكلة دائمية ليست جديدة قبل 70, 80 [ينقل اللاحق من السابق] بل عنده عبارات أشد من هذا لا أريد أنقلها في الدرس.

    ولهذا يقول بشكل واضح وصريح [أن الرسالة العملية لا تؤشر على أي مستوىً علمي لكاتبه] ما فيها أي دلالة, إنَّما الكلام أين؟ في المرجعية العامة للأئمة التي هي إدارة الأمة لابدَّ >العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس< والعارف بالزمان, هذه الكلمة واقعاً لو وقفنا عندها كذا وكذا لما كفى.

    إذن أعزائي هذه المسألة بالنسبة لي واقعاً واضحة, إذا أردنا لمدرسة أهل البيت أن تبقى لها حركية ودينامية وحياة واستمرارية وبقاء وقدرة على مسايرة تطورات الحياة لابدَّ أن تعطى لمن يقوم بهذا الدور هذه الصلاحيات وإلا القاه في اليوم مكتوفاً وقال له: إياك إياك أن تبتل بالماء, أنت لابدَّ أن تدير الأمور وترفع من مستوى الأمة وتقف أمام كلّ الهجمات وأيضاً أي صلاحية ما عندك؟ طيب بينك وبين الله هذا ممكن, يا ابن رسول الله أنت ماذا استطعت أن تدير الوضع من غير صلاحية, أنت أيضاً أعطيت صلاحيات, نعم هناك أمور مختصة بالإمام المعصوم وقد ثبتت في محلها هذه لا يمكن أن نتجاوز بها إلى غيره (عليه أفضل الصلاة والسلام).

    إذن بالنسبة لي واقعاً, هذه القراءة التي أفهمها من المذهب أن هذا المذهب هو الذي لابدَّ أن يحكم البشر, هذه المدرسة هل التي لابدَّ أن تكون قادرة على الاستجابة لكل متطلبات الحياة لمن يريد أن يتصدى لمقام المرجعية والإمامة فيها, هذا لابدَّ أن تكون له أولاً: تلك الشروط المعقّدة, ولذا أنا لا أصطلح على كلّ إنسان حاكم شرعي, ليس كلّ مجتهد حاكم شرع, وإنما الذي حاكم الشرع ويصدر الأحكام الولائية له حسابات خاصة فهماً ودراسة وتحقيقاً واستشارةً .. إلى غير ذلك.

    وأذكر, كنت أتصور أن الوقت يسعني, أذكر شاهداً واحداً إن شاء الله أقف عنده في الأسبوع القادم, يعني في الدرس القادم إن شاء الله تعالى, هو أنه: نجد من أخطر الأحكام في مدرسة أهل البيت هي مسألة الجهاد الابتدائي, الجهاد الدفاعي ما في مشكلة ما يحتاج دليل أصلاً, أمر فطري أمر عقلائي الآن في أي مكان انظروا إلى دساتير العالم وحقوق الإنسان في العالم الدفاع عن النفس ما هو؟ أمر فطري لا يحتاج إلى دليل, وإنما الكلام في الجهاد الابتدائي.

    الجهاد الابتدائي, وصلت أهميته وكانت أدلّته من القوة بمكان حتّى مثل السيّد الخوئي الذي لم يؤمن بولاية الفقيه ماذا قال؟ أن الجهاد الابتدائي جائزٌ بل واجبٌ في عصر الغيبة الكبرى, مولانا هذا الجهاد الابتدائي قد أن الفقيه الجامع للشرائط يقدر موقف الحرب والهجوم على الآخر وتقديراته غير مطابقة للواقع قد يؤدي إلى تدمير أمّة كيف أجيز ذلك؟ قال: نعم أعطيت له هذه الصلاحيات, أيوجد أخطر من الجهاد الابتدائي؟ ومع ذلك أعطي ذلك.

    هذا (منهاج الصالحين, للسيد الخوئي+, ج1, ص363) العبارة يقول: [إن الجهاد مع الكفار من أحد أركان الدين الإسلامي, وقد تقوّا وانتشر أمره في العالم بالجهاد مع الدعوة إلى التوحيد في ظل راية النبي ومن هنا قد اهتم القرآن في ضمن نصوصه التشريعية حيث قد ورد في الآيات وجوب القتال والجهاد على المسلمين] وجوب لا جواز [وجوب القتال والجهاد على المسلمين مع الكفار والمشركين حتّى يسلموا أو يقتلوا, ومع أهل الكتاب حتّى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون, ومن الطبيعي أن تخصيص هذا الحكم بزمان مؤقت وهو زمان الحضور لا ينسجم مع اهتمام القرآن وأمره به من دون توقيت في ضمن نصوصه الكثيرة] ثمَّ يقول: [وقد استدل على اذن الإمام أولاً بالإجماع, والجواب: المشهور استدلوا بالإجماع, والإجماع أولاً: لم يثبت, الوجه الثاني: استدلوا بالروايات, والروايات, فقد تحصل من ذلك: أن الظاهر عدم سقوط وجوب الجهاد في عصر الغيبة وثبوته في كافة الأعصار] وجوب الجهاد, يعني الدولة الإسلامية بلغت مرحلة تعلن حرب على ماذا؟ قل معي؟ على من؟ تعلن حرب على الولاية المتحدة, تقول نحن, نقول بلي أصلاً هذه وظيفتنا لابدَّ أن نسعى بذاك الاتجاه, نعلن الحرب على الصين, بلي, تقول احتمال أنه نتدمر, نقول هذا طبيعي قد ننتصر وقد, طيب الإمام (عليه السلام) ما كان يعلم أن الفقيه الجامع للشرائط قد يخطأ التقدير, ومع ذلك أعطي هذه الصلاحية وهذا ما يصرح به أعلام كبار من قبيل (صاحب الجواهر, ج21, ص14) يقول: [لكن إن تم الإجماع المزبور فذاك وإلا أمكن المناقشة فيه] في الإجماع [بعموم ولاية الفقيه في زمن الغيبة الشاملة لذلك المعتضدة بعموم أدلة الجهاد] قائل أنه ولاية الفقيه شاملة لهذا.

    إذن, قضية أن الفقيه, إلاَّ أن تقول لا, أساساً المذهب, التفتوا جيداً, مع كلّ احترامي للآراء الأخرى إلاَّ أن تقولوا أن المذهب بدخول الإمام في الغيبة الكبرى لابدَّ المذهب يدخل في السبات, واجدين بعض الحيوانات ماذا؟ لعله ثلاثة أشهر ستة أشهر سنة تبقى في السبات, هؤلاء هذه النظرية التي تعتقد أنه لا توجد صلاحيات إلاَّ فتوى وسؤال وانتهت, هذا معناه سبات المذهب إلى أن يظهر صاحبه, هذه قراءة أيضاً محترمة ولكن بالنسبة لنا لا قيمة لها.

    نحن نعتقد أن القراءة الحقيقية للمذهب أن المذهب حيٌ ولابد أن يبقى حي ولابد على كلّ واحدٍ منّا مسؤولية إبقائه حياً مستمراً إلى أن نسلم هذه الأمانة لصاحبها إن شاء الله تعالى.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1438

  • جديد المرئيات