بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
كان الكلام في المسألة المعروفة والمبتلى بها وهي: أنه لو انتقل مالٌ قد تعلق به الخمس إلى الشخص, فهل هو ضامن لذلك أم لا؟
هنا قلنا بأنَّ المشهور فصّل بين من انتقل عنه المال, غير معتقدٍ لوجوب الخمس, لأي سببٍ كان, فإنه غير ضامن لروايات التحليل, وأما إذا انتقل إليه ممن يعتقد الخمس كالشيعة ولكنهم عصوا ولم يدفعوا خمس أموالهم ثمَّ انتقلت إلى الشخص ببيع بمعاملة بهبةٍ ونحو ذلك, فإنه يكون ضامناً لذلك الخمس.
إلاَّ أن المشهور بين جملة من الأعلام المتأخرين والمعاصرين ومنهم السيّد الخوئي+ وتلامذة السيّد الخوئي, أنهم قالوا لا فرق في ذلك, فإنه من انتقل عنه لا فرق في أن يكون معتقداً للخمس ولم يدفع, أو لم يكن معتقداً للخمس, سواءٌ كان مكلفاً بالفروع كالمخالف أو غير مكلفٍ بالفروع على بعض المباني كالكافر.
وأشرنا إلى دليل القائلين بالتفصيل من كلمات السيّد الحكيم+ في (المستمسك) حيث قال: بأنَّ الأدلة منصرفة عن ذلك ولا أقل لغلبة الوجود, وقرأنا العبارة من المستمسك بالأمس.
أما أدلة القائلين بعدم التفصيل, يعني دليلهم الذي على أساسه بنو هذه الفتوى والذي عليها العمل.
لعله أوضح من ذكر ذلك هو السيّد الخوئي+ في (مستند العروة الوثقى, ص348) هذه عبارته, قال: [وإنما الكلام في أن ذلك هل يختص بما إذا كان المنتقل عنه ممن لا يعتقد بالخمس لا يعتقد الخمس بتاتاً كالمخالف أو الكافر, أو يعم مطلق من لم يخمس ولو عصياناً مع كونه معتقداً كالعاصين من الشيعة] يقول: [المذكور في كلمات الأصحاب هو الأوّل حيث قيدوا الحكم بما انتقل ممن لا يعتقد] لأي دليل؟ للذي أشرنا إليه في كلمات السيّد الحكيم في المستمسك [ولكنا لا نعرف وجهاً لهذا التقييد بعد أن كانت الروايتان المتقدمتان صحيحتا يونس بن يعقوب وسالم بن مُكرَم مطلقتين من هذه الجهة] يعني: سواء كان معتقداً أم لم يكن معتقداً فإنَّ من انتقل إليه لا يكون ضامناً. [وهما العُمدة في المسألة, فإنَّ المذكور فيهما وقع الأموال في الأيدي أو الشراء أو إصابة الإرث ويجمعها انتقال ما فيه الخمس من الغير سواء أكان ذلك الغير الممتنع عن دفع الخمس معتقداً فاسقاً أم مخالفاً منكرا]. هذا كلام السيّد الخوئي في المستند.
طبعاً أوضح ذلك, يعني فصل الكلام في هذا, أحد تلامذته وهو في (فقه الشيعة, السيّد الخلخالي, في كتابه (مدارك العروة الوثقى, كتاب الخمس, فقه الشيعة, ج2, ص753, 754) الإخوة يراجعون, يقول: [ولا ينبغي التأمل في إطلاق السؤال من ناحية من كان بيده الحق من تلك الأموال] السؤال مطلق, أنه كان معتقداً أم لم يكن معتقداً [سواء المخالف أو الموافق, والمراد من الحق ليس إلاَّ الخُمس] ثمَّ يشير إلى الروايتين اللتين أشار إليهما السيّد الخوئي, ثمَّ يؤيد المطلب, أنا ذكرت هذا التفصيل راجعوه هناك ويؤيده, يقول: [ويؤيد ذلك أن المستفاد من أخبار التحليل, هذا الدليل إضافي على الروايتين اللتين أشار إليهما السيّد الخوئي. [أن المستفاد من أخبار التحليل هو أن ملاكه الإرفاق بالشيعة والإمتنان عليهم من ناحية رفع ضمانهم للحقوق المنتقلة إليهم ممن لا يخمس] أصلاً هذا منٌ على الشيعة, لأنه لولا التحليل كان فيها كلفة الضمان لو تصرفوا فيها, وكلفة الاجتناب من كثير من الأموال التي يُعلم بتعلق الخمس بها لو امتنعوا من التصرف, ولا يخلو ذلك من نوعٍ من المشقة والحرج.
[وهذا لا يفرق فيه بين أن يكون المنتقل عنه مخالفاً لا يعتقد بالخمس, أو موافقاً لا يؤدي خمسه بل هو الأكثر معاشرةً] التفتوا جيداً, يقول في ذلك الزمان المعاشرة كانت أكثر بين الشيعة أنفسهم [ومقتضى الامتنان حلية ذلك مطلقا ويكون المكلف بالأداء من انتقل عنه سواء المخالف أو الموافق العاصي لذلك].
ولذا حاول البعض أن يتخلص عن ذلك, انظروا التكلفات التي وقعوا فيها الأعلام, قالوا أساساً في ذلك الزمان إنَّما لم يقل بالضمان على الشيعي إذا انتقل من الشيعي لأن الشيعة في ذلك الزمان كلهم أناس جيدون ولا يوجد أحد فيهم لا يخمس, فأساساً لا موضوع له حتّى الإمام يقول أنت ضامن, يعني كلهم في ذلك الزمان الشيعة كانوا ملائكة أبداً, ولا واحد منهم يتأخر ليلة واحدة عن الخمس.
طبعاً من الأعلام المعاصرين لا يتبادر إلى الذهن, لأنه في النتيجة في الروايات ما عندنا أن الأئمة كلفوا شيعياً قالوا له بأنه انظر ذاك الذي اشتريت منه شيعي أو ليس بشيعي يدفع خمس أو لا يدفع خمس, طيب إذا كان حقه متعلق وهو ممن يعتقد بالخمس آخر كيف يمكن أن نفترض ذلك.
يقول: [وكون بناء الشيعة على إخراج الخمس في تلك الأعصار] أصلاً كلّ الشيعة في ذاك الزمان كان بنائهم ماذا؟ فليس له موضوع لهذه المسألة, هذا كلام السيّد الحكيم في المستمسك.
ولذا أنا هذه القضية ذكرتها للأعزة والآن أيضاً أشير إليها الذي يريد أن يقرأ الكتب أو فقه السيّد الخوئي لابدَّ بجنبه يكون كتاب المستمسك لأنه في الأعم الأغلب نظر السيّد الخوئي إلى المستمسك لا يقول الكلام لمن, ولكنه عموماً كلامه ناظر إلى المستمسك, ولذا عبارته السيّد الخوئي في (ص348) يقول: [ودعوى أن الشيعة كانوا يخمسون أموالهم في زمانهم غير مسموعة إذ هي غير بينة ولا مبينة بل الظاهر أن الأزمنة متشابهة والقرون متقاربة ويتضمن كلّ عصر مع هداية السبيل شاكراً وكفورا فيؤدي الخمس طائفة ولا يؤديه طائفة أخرى كما هو المشاهد في العصر الحاضر] هذا رد على السيّد الحكيم في المستمسك.
ولذا أعزائي, المستمسك عميق جداً الحق والإنصاف وكتاب يستحق من الأعزة أن يطالعوه دورة بدقة وعمق وبجنبه كتابات السيّد الخوئي لانه في الأعم الأغلب توضيح لما ورد في المستمسك وفي موارد الإشكال أيضاً إشكال على صاحب المستمسك. جيد.
تعالوا معنا, طبعاً هذا الرأي الذي أشرنا إليه بعد من جاء بعد السيّد الخوئي في الأعم الأغلب اختاروا ما ذكره السيّد الخوئي بنفس الدليل لا بدليلٍ آخر. مثلاً على سبيل المثال الإخوة الذين يريدون أن يراجعون, بعض تلامذته المعاصرين من الأحياء, في كتابه (تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى, ص206) هذه عبارته هناك, بعد أن يقسم الروايات أربعة أقسام بالطريقة التي وردت في فقه الشيعة وبنفس العبارات الواردة في فقه الشيعة موجودة هنا, يقول المجموعة الأولى, المجموعة الثانية, المجموعة الثالثة .. في نفس كلامه في تعليقته على المسألة 19 من العروة الوثقى بعد ذلك [المجموعة الرابعة الروايات التي تنص على أن ما انتقل إلى الموالي من الخمس فهو حلالٌ لهم وعمدة هذه الروايات صحيحة أبي سلمة سالم بن مُكرَم] والرواية الثانية التي أشرنا إليها.
ثمَّ ينتهي في (ص209) يقول: [وأما المجموعة الرابعة فلا مانع من الأخذ بها إذ لا يوجد في شيء من الروايات ما يمنع ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين أن يكون الانتقال ممن لا يعتقد بالخمس أو يعتقد به ولكن لا يخمس خارجاً, ولا وجه لتخصيص ذلك بالأول كما فعله السيّد الحكيم في المستمسك والرأي الآخر] الإخوة يراجعون هذا البحث هناك.
وعلى هذا الأساس سار جملة من جاء السيّد الصدر كما قرأنا بالأمس, وكذلك جملة من تلامذة السيّد الشهيد الصدر منهم السيّد الحائري منهم السيّد الهاشمي, السيّد الهاشمي في (ج2, ص466) يقول في هذه المسألة: [وقد ذكرنا هناك أن مفاد أخبار التحليل لا يختص بما ينتقل إلى الشيعي من المخالف أو الكافر بل يشمل ما إذا انتقل إليه ممن لا يدفع الخمس عصيانا ولو كان شيعياً].
وكذلك السيّد الحائري في (مباني الفتاوى, ص242) أيضاً لأن هذا المتن هو كاتبه, يقول: [وقد حلل الشيعة في أيام الغيبة أمران: أحدهما الغنائم, وثانيهما الخمس المتعلق بمال من لا يخمس حينما ينتقل إلى الشيعي بغير الإرث] من لا يخمس أعم من أن يكون معتقداً أو منكراً.
ما هو الدليل؟ الدليل قلنا: روايتان أشار إليهما السيّد الخوئي وإذا نحن استطعنا أن نناقش هذا المبنى أو هذا الاتجاه بما ذكره السيّد الخوئي فيتضح الإشكال في كلّ ما ذكره من تبعه في هذه المسألة, ولا نحتاج أن كلمة كلمة من هؤلاء الأعلام نأخذ, لنرجع إلى ما قاله السيّد الخوئي.
السيّد الخوئي اعتمد على روايتين:
الرواية الأولى: الواردة في (وسائل الشيعة) وهي صحيحة السند قراناها سابقاً, وهي (ص544, ج9, رقم الرواية 12678) الرواية: >عن أبي عبد الله أبي سالم بن مُكرَم وهو أبو خديجة عن الصادق: قال رجل وأنا حاضر: حلل لي الفروج, ففزع أبو عبد الله الصادق, فقال له رجل< يعني من الجالسين يشرح كلام ذاك السائل >فقال له رجل: ليس يسألك أن يعترض الطريق إنَّما يسألك خادماً يشتريها< يعني خادمة بقرينة يشتريها >خادماً يشتريها أو امرأةً يتزوجها, أو ميراثاً يصيبه أو تجارةً أو شيئاً أعطي, فقال: هذا لشيعتنا حلال< هذا الضمير هذا لمن يعود؟ على سؤال السائل, >حلل لي الفروج< مع الشرح الذي ورد من قبل ذلك الرجل, فإذن هنا يقال كما قرأنا والآن أعيده مرةً أخرى يقال بأنه: أساساً عندما قال نعم بعضها مرتبطٌ بالنساء المسبيات والجواري الغنائم ولكن بعضها او تجارةً أو شيئاً أعطي, إذا السؤال مطلق والجواب عندما يأتي يأتي الجواب يكون مطلقاً.
هذه الرواية الأولى التي اعتمد عليها السيّد الخوئي لإثبات الأعم.
أعزائي, أنا الآن توجد حيثيتان في الرواية, التفتوا جيداً.
الحيثية الأولى: أن الذي تعلق به الخمس معتقد أو غير معتقد؟ هذه حيثية.
الحيثية الثانية: أنها مرتبة بالغنائم فقط أو يشمل أرباح المكاسب؟ الآن الأعلام ما يتكلمون عن الحيثية الثانية وإنما يتكلمون عن الحيثية الأولى قال: >هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والميت منهم والحي وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلالٌ…< إلى آخره.
إذن يقال >حلل لي ذلك< لا فقط هذه التجارة أعم من أن تكون وقعت بيدي ممن يعتقد بالخمس أو ممن لا يعتقد بالخمس, والإمام قال هذا حلالٌ لشيعتنا. ما أدري واضح هذا المعنى واضح طريقة الاستدلال, طريقة الاستدلال أو بيان الاستدلال تقريب الاستدلال كما أشار إليه في (فقه الشيعة) قال: [ثمَّ إن الرجل الآخر الذي كان حاضراً في المجلس عمم السؤال بالنسبة إلى سائر الأموال التي فيها الخمس قائلاً كذا, قال: >هذا لشيعتنا حلال< فإنه عمم السؤال بالنسبة إلى أموال أخر] وإن كان السائل يسأل عن ماذا؟ عن الفروج فقط [يكون فيها حق الإمام كالميراث والتجارة والعطية, مضافاً إلى الجواري والسبايا] الذي هو سؤال السائل [لوحدة الملاك في الكل فتنقل إلى الشيعة بأحد هذه الأسباب من المخالفين أو ممن لا يؤدي الخمس ولو كان شيعياً, فأجابه الإمام بحلية جميع ذلك].
إذن هذه الرواية بهذا البيان يشمل أرباح المكاسب وايضا يشمل الغنائم الثابت في القرآن وايضا يشمل الشيعي غير المخمس وأيضا يشمل من لا يعتقد الخمس.
إذا تم هذا, بيني وبين الله الحق والانصاف تكون الرواية عامة ومطلقة شاملة للتحليل فيكون ما افتى به السيّد الخوئي وتلامذة السيّد الخوئي وتلامذة تلامذته يكون على القاعدة, باعتبار أن روايات التحليل مطلقة وهذه الروايات أنه تقول ما دل على شخص الخمس المتولد في مال الشخص, أما إذا انتقل إليه فليس بضامن, فهو مسؤول عن الأداء وليس مسؤولاً عن الضمان. جيد
الجواب: هو أنه يوجد عندنا جوابان:
الجواب الأوّل: أن هناك قرينة محتملة في المقام, أولاً: دعوني أشير إلى الأصل الموضوعي.
قرأتم في محله لكي يمكن إجراء الإطلاق لابدَّ من توفر مقدمات الحكمة, المقدمات أولاً: أن يكون المولى في مقام البيان. ثانياً: أن لا تكون هناك قرينة متصلة الآن المنفصلة دعوها في محلها, الآن نتكلم في القرينة المتصلة.
الإشكال الأوّل: يقال: بأنه توجد هنا قرينة متصلة على التقييد, ما هي هذه القرينة المتصلة؟ القرينة المتصلة أن السائل يسال ماذا؟ عن الفروج, وأن الرجل الذي جالساً في المجلس صار بصدد تفسير هذا الموجود والإمام أيضاً أجاب على هذا, لا أقل احتمال القرينة موجود, ومع وجود احتمال القرينة هل يمكن التمسك بالإطلاق بمقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق أو لا أقل أن الرواية ماذا تكون؟ مجملة, ولهذا تجد, كلّ من عرض لهذه الرواية إما قال أن هذه قرينة على التقييد وإما احتمل القرينية وجعل الرواية مجملة, بلا استثناء, راجعوا الكلمات, في الأعم الأغلب, الآن حتّى لا نتكلم في المطلقات, في الأعم الأغلب من المحققين من وصل إلى هذه الرواية قال هذه الرواية مقيدة, مقيدة بماذا؟ بالسؤال والإمام أجاب قال هذا حلالٌ لشيعتنا, >هذا لشيعتنا حلال<.
تعالوا معنا إلى السيّد الصدر في (المحاضرات التأسيسية, ص495) هذه عبارته هناك, بعد أن ينقل الرواية يقول: [طوائف أخبار التحليل ضعيفة السند] هو يعتقد أن هذه الرواية ضعيفة, وقد تكلمنا مفصلاً وقلنا صحيحة, بعد أن ينقل الرواية يقول: [ما يمكن حمله على الحق الثابت في يد العامة الواقع بعد ذلك في يد الشيعة وهو خبر أبو خديجة] إذن يتكلم يقول ما فيها إطلاق حتّى يشمل المعتقد, إلى أن يقول: [فالخادم والمرأة …] إلى آخره, [فقال له يسأل.. هذا لشيعتنا حلال, فالخادم والمرأة والميراث والتجارة وشيءٌ أعطي لا يحتاج إلى إذن من الإمام حتّى يقول له أأذني] بيني وبين الله أنا ذاهب إلى السوق وعملت معاملة أأذني يعني ماذا؟ متى يقول له أأذني؟ إذا كان له حق ثابت فيه, وإلا إذا لم يكن له حق لا معنى, وحيث أن السؤال عن الفروج إذن الحق الثابت في السبايا المغنومة في دار الحرب.
يقول: [إلى إذن الإمام, فيكون المراد الإذن في هذه الأمور التي تقع في يده وهو يحتمل أو يظن] التفتوا أول يحتمل, لا أقل احتمال القرينة, أو يظن هذا قليلاً ترقى السيّد الشهيد بل أكثر [ويعلم بالعلم الإجمالي ثبوت حق الإمام فيها, فحال هذا الحديث حال ما مضى من صحيح الفضلاء وموثقة يونس وبعد التسليم بكون إطلاقه] إذن لا نسلم فيها إطلاق, إما لوجود القرينة وإما لاحتمال القرينة فيؤدي إلى الإجمال, طبعاً توجد عندنا قرينة أخرى إذا يتذكر الأعزة فيما سبق, قلنا أن التحليل فيها تحليلٌ واحد لموضوع واحد, والموضوع من زمن الإمام أمير المؤمنين مرتبط بالغنائم الثابتة بالكتاب لا مطلق الغنائم لا مطلق الخمس. هذه قرينة إضافية, هذا مورد.
المورد الثاني: وهو ما ورد, طبعاً هذا فيما يتعلق القرينة جاءت من كلمة >حلل لي الفروج< هذه القرينة, السيّد الحائري يذكر قرينة الحق والإنصاف أقوى من هذه القرينة في هذه الرواية الذي يقول: مختصةٌ ليست عامة وإنما هي خاصة وما فيها إطلاق, في (مباني الفتاوى, ص258) يقول: [فإنَّ غاية, واختصاصها بالغنيمة أو بخصوص الجواري السبايا من قبل العامة واضحٌ] من الواضحات في الرواية, بأي قرينة سيدنا؟ يقول: أولاً بقرينة >حلل لي الفروج< الذي أشرنا إليها, هذه القرينة الأولى.
القرينة الثانية: [وبقرينة >وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال< فإنَّ غاية ما يحتمل حليته من خمس أرباح المكاسب هو آخر الغيبة ولا يحتمل حليته إلى يوم القيامة] عندما يظهر الإمام هو الذي سوف يتصرف, إذن عندما قال [إلى يوم القيامة تحليل الجواري والسبايا والغنائم التي تكون عن طريق قتال العامة للكفار وإن كان ينقطع موضوعاً بظهور الحجة لكن هذه العبارة تعني أن التحليل الذي صدرناه للشيعة بالنسبة للغنائم والجواري يكون أثره ثابتاً إلى يوم القيامة فأولادهم إلى يوم القيامة أولاد حلال]. يقول هذه القرينة ثانية على أنه مختص بالجواري وغنائم دار الحرب ونحو ذلك. هذا أيضاً المورد الثاني.
المورد الثالث: أيضاً ما ذكره في (فقه الشيعة, ج2, ص683) الأعزة يراجعون الرواية هناك حتّى لا نأخذ من وقتهم كثيراً, بعد أن ينقل الرواية كاملةً يقول: [والسؤال عن تحليل الفروج, إنَّما هو باعتبار تعلق الخمس بها لكونها من الإماء المسبية في الغنائم الحربية وبضميمة توضيح الرجل الحاضر في المجلس تدل الرواية على حليّة الخمس في كلّ مال منتقل إلى شيعي إلى يوم القيامة وهذه الرواية واضحة الدلالة على حليّة الخمس المغصوب] والخمس المغصوب ما هو؟ الذي هو ثابت بمقتضى الآية المباركة.
وهذا في كتاب (الخمس, للمحقق الداماد, تقريرات شيخنا الأستاذ شيخ جوادي, ص189) يقول: [تقريب الاستدلال أن الظاهر من تفسير الرجل كلام المستحل] يعني طلب الحلية [وإن كان أعم مما قاله ذلك المستحل لاختصاص كلامه بالفروج, وقد ضم المفسر غيرها إليها ولكنّ التأمل التام يهدي إلى رجوع التفسير بجميع شعبه إليها] أي إلى حلية الفروج, ثمَّ يدخل في بحث تفصيلي لبيان القرائن أنها مختصة بالفروج.
فلهذا قلت كلّ من تكلم قال بأنه لا يوجد إطلاق, إما لقرينة الفروج وإذا أضيف إليها قرينة إلى يوم القيامة ونحن نضيف إليها قرينة أن موضوع التحليل ما هو؟ واحد, وموضوع التحليل ماذا كان؟ واضح قراناه فيما سبق مفصلاً. فإذا ضممت إلى هذه.
طبعاً أتصور بعد ذلك لا نحتاج إلى ما ذكره السيّد الحكيم في المستمسك الانصراف للغلبة حتّى يقال بأنَّ غلبة الوجود ليس منشأ للانصراف, ما أدري واضح إلى هنا.
إذن أولاً: الإشكال الأوّل الوارد على هذا هو: أنّه لا يمكن إجراء مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق في هذه الرواية أعم من أن يكون معتقداً أو غير معتقد.
الإشكال الثاني: لو تنزلّنا, الآن نحن أبرزنا قرينة على التقييد فلا معنى للإطلاق, الآن لو تنزلنا وقلنا شككنا, في النتيجة نشك أن هذه القرينة موجودة أو لا؟ وفرضنا التفتوا إلى البحث الفني, وفرضنا أن احتمال هذه القرينية لا يؤدي إلى الإجمال وإلا إذا أدى إلى الإجمال طيب انتهى, وفرضنا أنه لا يؤدي إلى الإجمال, فهل يمكن التمسك بمقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق؟ لأنه عبارة السيّد الخوئي+ عبارة ما أدعى العموم وإنما ادعى الإطلاق, قال: [صحيحتا يونس وسالم مطلقتين من هذه الجهة] فلو شككنا بأنه هذه الرواية مطلقة أو غير مطلقة, فهل يمكن التمسك بمقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق, لو تنزلّنا عن الأمر الأوّل وعن الأمر الثاني أو لا يمكن؟
هذا متوقف على معرفة تحرير موضوع مقدمات الحكمة, يعني: أساساً متى نحن يحق لنا نجري مقدمات الحكمة, ومتى لا يحق لنا أن نجري مقدمات الحكمة, ما هو الموضوع الذي نجري فيه مقدمات الحكمة, ما هو الشك الذي إذا شككنا بمقدمات الحكمة نثبت الإطلاق؟
هذا بحثٌ مقدار منه أصولي ولكن أنا بقدر المرتبط ببحثنا سأعرض له غداً, ليتضح أن المقام هل من الموارد التي يمكن الاستناد إلى مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق أو أن المقام ليس كذلك. وهذا هو الإشكال الثاني.
والحمد لله رب العالمين.