نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (245)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    جملة من الأعزة من أسئلتهم أتضح لي أن محل النزاع في المسألة لم يتضح, وأن ما هو الاتجاه المشهور وما نختلف فيه مع هذا الاتجاه أيضاً لم يتضح عند الأعزة من خلال الأسئلة التي وردت.

    أعزائي عنوني البحث بهذا العنوان حتّى يتضح بأننا أين نتكلم وأين المعركة وأين النزاع, وأين الأقوال ونحو ذلك.

    المسألة التي مراراً أشرنا إليها وهي محل الابتلاء والتي وقع فيها الكلام, هي: النسبة بين نصوص التحليل فهي لهم حلالٌ إلى يوم القيامة, وخمس أرباح المكاسب, المعركة على هذه, وإلا ما يرتبط بالجواري والنساء المسبيات وغنائم دار الحرب و.. ليس الكلام في هذا, نعم لعله في صدر الإسلام في عصر بعض الأئمة كان موجود, الآن محل الابتلاء هذه المسألة, وعموم الخمس الذي يصل إلى المؤسسات الدينية مرتبط بأرباح المكاسب لا علاقة له, نعم الآن قد يكون الغوص أيضاً داخل قد يكون المعدن داخل ولكنه بعنوان أرباح المكاسب لا بعنوان غوص أو معدن, يعني: أن الذي الآن يشتغل في المعادن آخر السنة عندما يحسب, يحسب بعنوان الأرباح التي وصلته, أرباح المكاسب, لا بعنوان المعدن وخمس المعدن.

    إذن البحث كله منصبٌ على مسألة أرباح المكاسب, هذا أولاً.

    وثانياً: أن نصوص التحليل ماذا تقول, هل أنه حللت ذلك, أم لا؟ إذن محل النزاع أو عنوان المسألة: نسبة أخبار التحليل إلى خمس أرباح المكاسب.

    أعزائي هنا اجمعت كلمة الإمامية – تقريباً- أجمعت من تعرض للمسألة, أن نصوص التحليل فيها إطلاق يشمل خمس أرباح المكاسب, يعني أن الأئمة كما حللوا الغنائم في القرآن حللوا خمس أرباح المكاسب, في عصر الحضور وفي عصر الغيبة الصغرى وفي عصر الغيبة الكبرى, ما أدري واضح هذا, لا يوجد هذه تراجعوها في الكلمات تجدوها واضحة إن شاء الله.

    ولكن المشهور استثنى من نصوص التحليل موردين:

    المورد الأوّل: ما كان في مال الشخص نفسه, قال: إذا وجد أرباح المكاسب في ماله الشخصي هذه تخرج من نصوص التحليل, بأي دليل؟ قالوا: بأدلة عندنا مخصصة, هذا المورد الأوّل.

    المورد الثاني: أنه إذا وصل إليك خمس أرباح المكاسب ممن لا يعتقد بالخمس, أيضاً أنت ماذا؟ لست بضامن, أما إذا وصلت إليك ممن يعتقد الخمس, لا, ايضاً أنت ضامن.

    إذن موردان أنت محلل فيها أو لست محللاً فيها؟ مورد محلل وهو: إذا وصلك الخمس الذي تعلق بمال الغير وصلك وهو لم يخرج وصلك ولكن لا يعتقد, هذا أنت محللٌ نصوص التحليل شاملة له, أما خمسك أرباح المكاسب عندك أنت كشيعي يجب إخراجها تقول أخبار التحليل كلّ ما في أيديهم حلالٌ, يقول لا, عندنا دليل على التخصيص, تقول له: إذا وصل لي مالٌ من شيعي عاصي تعلق الخمس في ماله ولم يدفع وجاء أخبرني حتّى القضية تصير واضحة, أخبرني أنه يا فلان أنا أعطيتك هذا المال أنا لم أخمسه, هنا المشهور قالوا: إذن يجب عليك هذا المال الذي وصل إليك يجب عليك أن تخمس.

    السيّد الخوئي, تبعاً لبعض الاحتمالات كابن إدريس وصاحب الروضة الشهيد وغيره, قال: لا, المستثنى ليس موردان وإنما مورد واحد, إذا تعلق في مالك نصوص التحليل لا تشملها, أما إذا وصل إليك من الغير أعم من أن يكون الغير معتقداً أو غير معتقد فأنت في حل, ما أدري واضح صار الآن محل النزاع أين والمعركة أين.

    إذن, على هذا الأساس واقعاً المسألة ابتلائية ومحل الابتلاء والجميع مبتلى بها, في النتيجة تعاملاتنا أنا في الأعم الأغلب, الآن واحد يعيش في بلدان غير شيعية طيب في الأعم الأغلب هؤلاء ليسوا بشيعية مخالفين ليسوا معتقدين بالخمس إذن ما عنده مشكلة.

    أما إذا عاش في هذه المجتمعات التي تعاملها تعامل الشيعي مع الشيعي, ووصلت إليه الأموال, على المشهور قالوا نصوص التحليل لا تشمل من اعتقد بوجوب الخمس, فإذن هو كما يجب عليه أداء خمس أرباح ماله يجب عليه ضمان خمس ما لم يؤده غيره ممن تعلق الخمس بماله, واضحة المسألة إلى هنا.

    الآن قد يقول قائل: سيدنا أنت بأي اتجاه؟

    أعزائي, نحن من الذين نقول: التفتوا حتّى تتضح الآراء, لأنه البعض قالوا سيدنا في النتيجة ما فهمنا أنت أين موافق أين مخالف أين مع المشهور أين مخالف مع المشهور, والحق معهم, لأنه عندما تتشابك المسائل طبيعي هكذا.

    الجواب: نحن من الأساس نقول نصوص التحليل ليست شاملة لأرباح المكاسب, حتّى نبحث عن ماذا؟ عن المخصص, طيب من حقك أن تسأل: إذا لم تكن شاملة نصوص التحليل يعني أنت تقول الخمس ضامنها وايضا ممن يعتقد وممن لا يعتقد يوجد خمس لا يوجد خمس؟ هذا بحثه يأتي بعد ذلك.

    المهم فقط أردت أن أبين اختلافي مع الاتجاه العام عند مدرسة أهل البيت.

    الاتجاه العام عند مدرسة أهل البيت: اعتقد أن روايات التحليل فيها إطلاق, تشمل خمس أرباح المكاسب, فإنَّ سألتهم: يعني ماذا؟ يعني أنا خمسي محلل, يقول لا, أنت في مالك خمسك ليس محلل لابدَّ أن تدفع الخمس مستثنى من نصوص التحليل تقيد نصوص التحليل, تقول: إذا جاءني من الغير؟ السيّد الخوئي يقول: إذا جاءك من الغير أنت محللٌ سواء ذلك الغير معتقد أو غير معتقد. المشهور قال لا, إذا جاءك من الغير غير المعتقد فمحلل أما إذا كان معتقد ففيه الخمس. واضح صار. نحن ماذا نقول؟ نقول أساساً نصوص التحليل ما فيها إطلاق لأرباح المكاسب.

    إذن ما هي النتيجة, يعني الآن على مبنانا أنا عندما آخذ مال أو اتعامل مع شيعي وأعلم تعلق الخمس بماله ووصل إليّ أنا ضامن أو ليست بضامن؟ يعني مع السيّد الخوئي أو مع المشهور أو شيء آخر؟ هذا بحثه بعد ذلك سيأتي, المهم الأقوال تتضح. واضح صار محل النزاع.

    أما الدليل:

    بالأمس الأعزة يتذكرون أنه نحن صرنا بصدد إقامة دليل لمبني السيّد الخوئي, لأن عموم الذين الآن كتبوا رسالة عملية لا أقل تلامذة السيّد الخوئي أو عموم تلامذة السيّد الخوئي وتلامذة تلامذة السيّد الخوئي كما قرانا, اختاروا مبنى السيّد الخوئي.

    السؤال: ما هو دليلهم على هذا؟ هذا الدليل الذي استندوا إليه لإثبات هذه الدعوى وهي: أن نصوص التحليل شاملة حتّى لخمس أرباح المكاسب المنتقل من الغير حتّى المعتقد, أصلاً أنا لست ضامناً تحليل يوجد, ما هو دليله؟ السيّد الخوئي استند في ذلك إلى روايتين: الرواية الأولى وهي التي قراناها بالأمس نقرأها مرة أخرى حتّى الإخوة يتضح لهم كيفية استدلال السيّد الخوئي, في (ص544, وهي رواية صحيحة) والسيد الخوئي أيضاً يعتقد أنها صحيحة, وإن كان السيّد الشهيد عرفتم أنه لا يعتقد بصحتها.

    >عن أبي سلمة, عن أبي عبد الله قال: قال رجلٌ وأنا حاضرٌ: حلل لي الفروج, ففزع أبو عبد الله الصادق, فقال للصادق رجلٌ جالس: ليس يسألك أن يعترض الطريق إنَّما يسألك خادماً يشتريها, امرأة يتزوجها< المهم هذه العبارة >أو تجارةً< تجارة تمام, >أو شيئاً أعطيه هبه, فقال: هذا لشيعتنا حلال< لشيعتنا حلال أعم ممن كانت بيده التجارة ممن يعتقد أو لا يعتقد؟ حلال.

    إذن السيّد الخوئي يستند إلى هذا النص لإثبات ماذا؟ لإثبات أن خمس أرباح المكاسب المنتقل من الغير إليه, أعم من أن يكون معتقداً أو غير معتقد فهو لهم حلال, تقول في مال نفسه, يقول لا, عندنا دليل أنه في مال نفسه لابدَّ أن يدفع خمسه ولو للسيرة القائمة من الأئمة, أنهم كما قالوا هذا, سيرتهم كانت أخذ الخمس من الشيعة أنفسهم.

    هذا الاستدلال تام أو غير تام؟ التفتوا. الاستدلال بإطلاق الرواية. يعني ماذا؟ يعني: يقول أن الإمام (عليه السلام) لم يقيد إلاَّ بخصوص الغنائم, وإنما الأعم من الغنائم وغير الغنائم. وقال هذا حلال.

    من هنا نحن وعدنا الأعزة قلنا: حتّى يتضح ان التمسك بمقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق في المقام يكون تاماً أو لا؟ لابدَّ أن نقف إجمالاً عند مقدمات الحكمة ومن كلمات السيّد الخوئي+ لا نذهب بعيداً, يعني نريد أن نتكلم على ما نقحه في كتبه الأصولية.

    تعالوا معنا إلى, تقريرات السيّد الخوئي في الأصول تعلمون متعددة, ولدوراتٍ مختلفة, ولكن من أدّقها الآن ما أريد أن أقول من أدّقها الدراسات, يكون في علم الأعزة من أدّقها وأكثرها اعتماداً وهذا ما سمعناه نحن من سيدنا الأستاذ السيّد الشهيد+ ومن أساتذة آخرين أنه أكثرها اعتماداً عند السيّد الخوئي كان (الدراسات في علم الأصول, التي كتبها السيّد علي الهاشمي الشاهرودي). هناك يذكر المقدمات. تعالوا معنا إلى (ج2, ص335) يقول: [وبالجملة إذا شك في الإطلاق والتقييد, فهل هناك قرينة عامة يستفاد منها الإطلاق أم لا] أحفظوها جيداً لأنه كثير من الأحيان نحن نختلف والسبب أن بعض المقدمات فلان يقول تامة, أنت تقول غير تامة, يقول: [المعروف هو الأوّل توجد قرينة ويعبر عن تلك القرينة بقرينة الحكمة لاختصاص قرينيتها بما إذا كان المتكلم حكيماً, أما إذا كان المتكلم سفيهاً لا يمكن تطبيق هذه المقدمات لإثبات أو لاستفادة الإطلاق من كلامه, ولا تنتج في المتكلم السفيه وما يلحق به وهذه القرينة مركبة من مقدمات] المعروفة بمقدمات الحكمة.

    المقدمة الأولى التفتوا جيداً.

    المقدمة الأولى: أن يكون هناك موضوعٌ واحدٌ فاردٌ معلوم الحدود سعةً وضيقاً وكل الأمور ولكن نشك أن هذا الموضوع قيد بالقيد ألف أو لم يقيد؟ يعني: العالم طيب تقول بيني وبين الله العالم في اللغة واضح, الفقيه افترضوا في حوزاتنا العلمية تقول واضحة, الهاشمي يقول واضح, ولكن نشك أنه عندما قال أكرم الهاشمي مراده الهاشمي العادل أو مطلق الهاشمي؟ وأنت عندما ترجع إلى اللغة لا فقط اللغة, إلى اللغة والتعريف وكذا.. الهاشمي معلوم, التفتوا جيداً, معلوم الحدود, الفقير معلوم الحدود, الآن ارجع إلى اللغة تقول ما هو الفقير؟ يقول كذا وكذا, ما هو المسكين؟ يقول كذا وكذا… إلى آخره. ما أدري واضح هذا إلى هنا.

    سؤال: إذن الشرط الأوّل في مقدمات الحكمة أن يكون الموضوع واضح المعالم.

    سيدنا الآن ماذا تريد من هذه المقدمة, المقدمة إذا في موردنا شككنا أن الموضوع ألف أو باء فلا معنى لجريان الحكمة, لأنه لم يحرز الموضوع حتّى نحرز أنه مقيد أو مطلق, إذا فرضنا شككنا في مورد أن الموضوع هو ألف الذي دائرته خمسة سانتيمترات على سبيل المثال, أو أن الموضوع هو باء الذي هو ليس مباينٌ للأول ولكن أوسع من الأوّل, هل تستطيع أنت بمقدمات الحكمة تثبت الأوسع في مقابل الأضيق؟

    الجواب: اتفقت الكلمة أنه لا يجوز, مقدمات الحكمة لا تعين الموضوع, مقدمات الحكمة تتكلم عن تقيد الموضوع وعدم تقيده, تعين الموضوع تعيين الموضوع مرتبط كان التامة, أما تقيده أو إطلاقه مرتبط بكان الناقصة, يعني: هذا فقير هذا ما في إشكال أن هذا فقير, ولكن المولى أراد مني إكرام إعطاء المال للفقير بقيد الولاية كما في باب الزكاة عندنا, أنه لابدَّ من إعطائها لمن؟ للفقراء, ولكن الفقراء حتّى غير الموالي حتّى المخالف يعني إطلاق أو بشرط الولاية, الموضوع واضح لا خلاف في الموضوع, ولكن إذا افترضنا أن الموضوع فيه سعة وضيق, مقدمات الحكمة ما تقوم لنا بأنه المراد تضيق أو المراد الواسع, أصلاً لا علاقة لها بذلك. أحفظ لي هذه المقدمة, وبعد ذلك لابدَّ أن نأتي نرى بأنه الوارد في رواية صحيحة سالم بن أبي مُكرَم هذه الموضوع محدد أو الموضوع فيه ماذا؟ فإذا ثبت أن الموضوع محدد عند ذلك تأتي مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق الذي ذكره السيّد الخوئي, أما إذا اتضح أن الموضوع ماذا فيه؟ فيه سعة وضيق, فهل يمكن التمسك بمقدمات الحكمة أو لا يمكن؟ كما يقول هو, ولذا يقول: [المقدمة الأولى: ورود الحكم على المقسم] يعني على الموضوع المحدد, [وتوضيح ذلك …] إلى آخره, ورود الحكم على المقسم يعني ماذا؟ يعني: أن الموضوع محدد.

    ولذا عبارة السيّد الشهيد في (تقريرات الهاشمي, ج3, ص427) يقول: [فإنَّ الإطلاق إنَّما يعني استكشاف عدم دخل القيد في المرام] ولكن المرام ما هو؟ واضح, ولكن لا نعلم أنه مقيد أو غير مقيد. لا أن المرام ما هو؟ رجراج واسع فيه وضيق فيه. هذه المقدمة الأولى.

    المقدمة الثانية: وهي ما أشار إليها في (ج2, ص336) قال: [المقدمة الثانية: كون المتكلم في مقام البيان] وهذه من أخطر المقدمات للتمسك بالإطلاق, ومن هنا وقع البحث بين الأعلام أن الآيات القرآنية هل أن المولى في مقام البيان أو في مقام أصل التشريع. مثاله الواضح الكل يعرفه: أنت بالطريق تمشي يصادفك طبيب يرى بأنه أنت منشول ولكن هكذا و.. إلى آخره, أليس هكذا, يقول لك لا تبقى هكذا لابدَّ أن تأخذ دواء, أنت تقول طيب الطبيب قال لي خذ دواء وأنا أيضاً أجري مقدمات الحكمة قال لي دواء, أذهب إلى البيت وتجد دواء تقول على أي أساس؟ تقول لأنه هو قال لي خذ دواء, قيد أو لم يقيد, لو قلت هذه الكلام يقبله منك عاقل؟! يقول قال لك تأخذ دواء يعني ما يصير تترك نفسك, أما أي دواء تأخذ؟ طيب ليس معناه أنه أنت تستفيد منه؟

    القرآن قال لك {أقيموا الصلاة} أما لا تقول لي طيب القرآن لم يقيد ونحن أيضاً حسبنا كتاب الله الصلاة أنا أيضاً إلى كتب اللغة ما الذي يحقق الصلاة أقول ماذا؟ تحقق المصداق, لأن الكلي يتحقق بمطلق الطبيعي وهذا مصداق من مصاديق الكلي, هكذا.

    من هنا لابدَّ نحن عرضنا هذه القضية في بحث الأصول, قلنا أنه: المستدل أو الفقيه لابدَّ أن يعرف أي آية في مقام البيان وأي آية في مقام عدم البيان, وهذه من أهم وأخطر مباحث مقدمات الحكمة هي هذا, وهي أن تحرز أن المولى في مقام البيان من الجهة التي تريد إثبات الإطلاق فيها. لماذا؟ لأنه قد الإمام (عليه السلام) جداً قضية معقدة, حتّى تعرفون أن البحث كم هو معقد عملية الاستنباط, لأن الإمام (عليه السلام) قد هو عندما يتكلم مع السائل بينه وبين السائل توجد جهة مفروغ عنها في مقام البيان ولكن هناك عدة جهات أخرى أصلاً ليست محل سؤال السائل حتّى نقول أن الإمام كان في مقام البيان.

    إذن أنت من خلال المحاورة والحديث والبحث لابدَّ أن تشخص أن المولى كان في مقام البيان من هذه الجهة, وهي جهة ألف, أما جهات تسعة أخرى موجودة الإمام لم يكن في مقام البيان, فيمكن إجراء مقدمات الحكمة أو لا يمكن؟ لا يمكن إجرائها. هذه المقدمة الثانية.

    المقدمة الثالثة: أن لا ينصب قرينة على التقييد, الآن دعونا نحن بالمنفصل لا أقل قدر متيقن أن لا توجد قرينة على التقييد بالقيد والقرينة المتصلة, لأنكم قرأتم في محله أن القرينة المتصلة تهدم الحجية أو تهدم أصل الظهور؟ قلنا: أن الفرق بين المتصلة والمنفصلة أن المنفصلة تهدم حجية الظهور, أما المتصلة تهدم أصل الظهور.

    ولذا عبارة السيّد الشهيد+ في (ج3, ص424) قال: [وبتعبير آخر مع وجود القرينة المتصلة لا مقتضي للإطلاق] أما بخلافه في القرينة المنفصلة فإنَّ المقتضي تام ولكن المانع غير مرتفع وإنما المانع موجود, قال: [لا لأن المقتضي موجود ولكن القرينة المتصلة تمنع عن تأثير ذلك, فعدم نصب القرينة المتصلة شرطٌ في تكون أصل مقتضي الإطلاق والنكتة ..] إلى آخره.

    وهذا الكلام نفسه ورد في تعبيرات السيّد الخوئي قال: [أن لا ينصب قرينة على التقييد لا متصلاً, لأنه يمنع عن تحقق الظهور في الإطلاق] أساساً يهدم أصل الظهور لا حجية الظهور. واضح هذه المقدمة الثالثة.

    المقدمة الرابعة: الآن سمها مقدمة سمها أي شئت أردت فسمها, وهي: الانصراف, هل الانصراف مانعٌ عن تحقق, افترض المقدمات تمت, يعني المقدمة الأولى والثانية, يعني أن المولى أساساً كان الموضوع محدد وأنه كان في مقام البيان وأنه أساساً لم ينصب قرينة ولكنه يتكلم في ظروف وجو وبيئة وزمان ومكان هذا المفهوم وإن كان لغةً واسع ولكنّه بحسب المتعارف ينصرف إلى ماذا؟ إلى مصاديق معينة, هذا الانصراف يمنع أو لا يمنع؟ كونوا على ثقة لو تبقون ستة أشهر تبحثون في هذه المسألة بدل تعريف علم الأصول لكان ضروري, لماذا؟ لأنه نحن كلّ النصوص التي وردت إلينا في القرآن وفي الرواية كلها وردت في الهواء المطلق أو وردت ضمن ظروف, ماذا؟ لا يشك أحد في هذا, وهذه الظروف كانت لها قرينية ولو لبيّة, هذه القرينة ليست لفظية قرينة لبيّة, هذه القرينية اللبية تمنع من انعقاد الإطلاق أو لا تمنع؟ مثال نضرب حتّى لا نذهب بعيداً.

    بسم الله الرحمن الرحيم, المنطق ماذا يقول الحيوان من؟ ما هو تعريف الحيوان؟ ماذا؟ جوهرٌ جسم نامٍ حساس متحرك بالإرادة, صحيح أو لا, من مصاديقه ماذا؟ من مصاديقه فقط الحمار, طيب من مصاديقه الإنسان الكامل, من مصاديقه ماذا؟ يصدق عليه أو لا يصدق, الإنسان الشريف, الآن بينك وبين الله لو أن المولى في جو قال أأتني بحيوان وأنت ذهبت وجئت بعالم البلد ماذا يفعلون بك؟ أصلاً يقيمون عليك الحد لأنه هذه إهانة, والله بالله حيوان هذه لغة استعمالاً هذه منطقاً, يقول أين ذهبت من الانصراف, أين ذهبت أنت؟

    ولذا تقريباً في هذا المورد الذي أنا أشرت إليه وموارد من هذا القبيل كلهم قالوا أن مثل هذا الانصراف يمنع من الإطلاق. تقول له مقدمات الحكمة تامة, يقول فلتكن تامة.

    حتّى لا أخرج عن البحث, أمامكم هذا السيّد الخوئي يقول: [وأما الانصراف وهو ما لو كان انصرافاً حقيقياً ثابتاً عند العرف كما في الماهيات التشكيكية التي يكون صدقها على بعض الأفراد أولى من صدقها على البعض الآخر…] إلى أن يقول: [وهذا النحو من الانصراف مانع عن الإطلاق جزماً, لمنعه عن تحقق أول مقدمة من مقدماته وهي ورود الحكم على المقسم لأن الموضوع] بطبيعيته بمقتضى القرينة اللبية ماذا صار؟ مطلق أو مقيد؟ هو تقيد فأنت لا تستطيع أن تستند. نعم, قالوا إذا كان الانصراف سببه غلبة الوجود هذا لا يكون مانعاً ماذا؟ لا يكون من الإطلاق.

    هذه القضية تحتاج إلى توضيح أكثر إن شاء الله تعالى في يوم السبت.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1762

  • جديد المرئيات