نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (265)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في القول الأول المشهور بين فقهاء الإمامية حديثاً وقديماً وهو مختار المعاصرين أيضاً, وهو: أن الخمس الثابت قرآنياً وهو خمس الغنائم بغض النظر عن المراد من الغنائم هل هي مختصة بغنائم دار الحرب كما هو المشهور بين علماء السنة واختاره بعض علماء الشيعة أو أن المراد من الغنائم مطلق الغنيمة والفائدة الحاصلة للإنسان حتى ولو من خلال الكسب والتجارة, كما هو مختار مشهور فقهاء الإمامية وخصوصاً المعاصرين منهم, أو أن هناك حالة برزخية وسطى لا هي مختصة بغنائم دار الحرب ولا هي شاملة لأرباح المكاسب وإنما حالة وسطية وهي: أنها شاملة لغنائم دار الحرب وما يحصل عليه الإنسان بلا تعبٍ ومشقةٍ وجهد. وهذا هو الذي اخترناه في أبحاث سابقة بغض النظر عن هذا البحث قلنا: بأن القول الأول يقول: أن هذا الخمس إنما هو ملكٌ لأصناف أو لسهام ستة بعضها في عرض البعض الآخر والملكية اعتبارية, هذه هي الأركان الثلاثة للقول الأول.

    أما أدلة القول الأول.

    الأدلة ثلاثة:

    الدليل الأول: هو الإجماع الذي أدعي في كلمات بعضهم.

    الدليل الثاني: هو ظاهر الآية الكريمة بل صريحها كما عبر السيد الخوئي.

    الدليل الثالث: هو الروايات المستفيضة بل أدعي تواترها.

    هذه هي الوجوه الثلاثة التي استدل بها لإثبات القول المشهور بين فقهاء الإمامية وعليه العمل الآن في الرسائل العملية للمعاصرين العمل على هذا وهو أنه نصف للإمام ونصف للسادة وهذا ملك شخصي للإمام وذاك ملك شخصي لهذه الأصناف الثلاثة.

    أما الوجه الأول وهو الإجماع.

    الإجماع واضح أنه مدفوع ولا قيمة له في مثل هذه الأبحاث, وذلك لأنه: إما معلوم الاستناد وإما محتمل الاستناد, وفي كلتا الحالتين يسقط الإجماع كدليل مستقل عن الحجية. نعم, يكون مؤيد يكون شاهد يكون قرينة من خلاله نتعرف على آراء فقهاء الإمامية كله مفيد, أما أن يكون دليلاً مستقلاً فليس كذلك.

    نعم, في حالة واحدة يكون الإجماع عند الإمامية حجة, عند المحققين منهم, هذه الحالة هي: ما لو فرض أنهم أجمعوا بلا دليل, ولعله لا مورد له, ولكن لو فرضنا يوجد مثل هذا في بعض مسائل الإرث النادرة موجود مثل هذا الإجماع, أجمعوا على أمر ولعل النصوص على خلافها أيضاً ومع ذلك أجمعوا عليه, هذا الإجماع المصطلح عليه بالإجماع التعبدي يعني غير المعروف المستند والمدرك.

    جملة من المحققين قالوا بأن هذا الإجماع لابد أن يكون مستنداً إلى دليل وإلا لماذا أن فقهاء الإمامية أجمعوا خصوصاً عندما نقول إجماع ليس مرادنا إجماع يعني القرن العاشر أو القرن الرابع عشر أو القرن الثامن, مرادنا أقصاه إلى القرن الثالث أو الرابع, هذا المقصود من الإجماع لا يتبادر إلى ذهنكم إجماع إلى ما بعد القرن الثالث أو الرابع له قيمة مستقلة أبداً, وإنما الإجماع إلى زمان الشيخ الطوسي إلى المفيد إلى المرتضى إلى هذه الطبقة الذين هم يمكن أن يصطلح عليهم تسامحاً أنهم قريبون من عصر أصحاب الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وأيضا لا يوجد أي قرب, بينكم وبين الله الآن الذي نحن نعيش في القرن الرابع عشر أو الخامس عشر الذين كانوا يعيشون في القرن الثاني عشر بينكم وبين الله نحن قريبين منهم, طيب الأئمة أصحابهم انتهوا في أواخر الغيبة الصغرى ولا يوجد عندنا أحد إلا نادراً, ووفاة وارتحال الشيخ الطوسي سنة أواخر القرن الخامس 460 من الهجرة, ما هي علاقته بأنه هؤلاء كانوا قريبي العهد بعصر الأئمة ولكن هذا من باب ضيق الخناق الحبل هكذا نرتب تلك.

    إذن الإجماع لا قيمة له, وهذا ما صرحوا به, يعني هذا أنا ليس من عندي صرحوا به فقهائنا المعاصرين أن الإجماع ليس له قيمة في هذه المسألة إنما الكلام في الآية المباركة.

    الوجه الأول الحقيقي هو: الاستدلال بالآية المباركة قال تعالى في سورة الأنفال: {واعلموا إنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى} كل البحث أعزائي الذي لعلنا نقف عنده أيام عند اللام في قوله {لله} هذه اللام أي لام هذه؟

    المشهور أول ما جاؤوا مباشرة قالوا اللام للملكية والواو للتقسيم, وهذا التقسيم عرضيٌ, بمعنى: أنه هذه اللام الله مالكٌ لهذا الخمس سهم منه, من الستة, سهم منه على حد ملكية جنابك لبيتك مثلاً, وأنه له سهم من الستة, والسهم الثاني للرسول والسهم الثالث لذي القربى على فرض أن المراد من ذي القربى في الآية هو المعصوم على خلافٍ سيأتي البحث فيه, ثم الأصناف الثلاثة الباقية, هذا ما صرحوا به جملة من أعلامهم فقط أشير إليهم.

    في (الحدائق, ج12, ص370) قال: [حجة القول الأول] أهم دليل للقول الأول هو هذا, [ظاهر الآية المباركة] أهم دليل هو هذا [وهو قوله تعالى: {وأعلموا أنما غنمتم} قالوا] يعني فقهاء الإمامية [فإن اللام للملك] لا للمُلك, المُلك غير المِلك [فإن اللام للمِلك أو الاختصاص] وهذا لا يؤثر سواء كان ملكاً أو اختصاصاً لأن الاختصاص أيضاً نحوٌ من الملكية الضعيفة, من هنا ذكروا جملة من الأعلام بأن الخمر لا يملك إلا أنه فيه حق الاختصاص هذا أيضاً فيه آثار كثيرة [فإن اللام للملك أو الاختصاص والعطف بالواو يقتضي التشريك] الذي عبّرنا عنه التقسيم بنحو عرضي كما كنت تقول جنابك هذا البيت لزيد ولعمرٍ, ما معناه؟ يعني كلاهما شريك في ملكية هذا البيت, الآية المباركة أيضاً قالت: {لله وللرسول ولذي القربى} [والواو يقتضي التشريك فيجب صرفه في الأصناف الستة التي أشرنا إليها] هذا كلامه في الحدائق.

    الشيخ الأنصاري+ أيضاً أشار إلى هذه في كتابه (الخمس, ص286) عبارته قال: [أنه من دين الإمامية] لأي دليل [لظاهر قوله تعالى: {وأعلموا أنما غنمتم}.

    إذن الدليل الأصلي للقوم هو ظاهر الآية المباركة بالمعنى الذي أشرنا إليه اللام للملكية, طبعاً لا توجد لا آية ولا رواية قالت بأن اللام لام الملكية لا توجد, ولكن فقط استظهار الفقهاء أنه إذا جاءت اللام تفيد الملكية. هذا أيضاً المورد الثاني.

    المورد الثالث: سيدنا الأستاذ السيد الخوئي+ في (المستند, ص306) أصلاً ترقى السيد الخوئي+ قال: [وإلا فتكفينا الآية المباركة المصرّحه بالأسهم الستة] صعد درجة جديدة قال لا أنها ظاهرة بل فيها صراحة في التقسيم السداسي, الآن أيضاً لعل مراده الظهور في اللام.

    وخلاصة ذلك الأعزة يراجعون (فقه الشيعة, ج2, للسيد الخلخالي, الذي هو من أبرز تلامذة السيد الخوئي, ومن المعاصرين في مشهد) قال: [الدليل الأول: الإجماع لكنه إجماع منقول لا يعتمد عليه] هذا إشكال والإشكال الثاني حتى لو كان محصل فهو مدركيٌ لا اعتبار به [الثاني: ظاهر الآية الكريمة بتقريب أن اللام للملك أو الاختصاص والعطف بالواو يقتضي الشركة فتدل الآية الكريمة على أن ذوي السهام المذكورة مشتركون في الخمس شركةً عرضية لا طولية] لا ما كان لله فهو للرسول وما كان للرسول فهو بشكل طولي, وهذا الذي عبرنا عنه سابقاً أن الواو تفيد الترتيب, لا تفيد التشريك وتفيد التقسيم, [فتكيفينا الآية المباركة لإثبات المدعى] لماذا؟ [لصراحتها في التقسيم السداسي] ما تحتاج أصلاً نفس كلام السيد الخوئي أستاذه, وهو أن الآية صريحة في هذا المعنى الذي أشرنا إليه.

    هذا على مستوى نقل الأقوال.

    أما تحقيق المسألة: طبعاً أنا لم أجد في كلماتهم وكثيراً راجعت كلماتهم لأرى وجه الاستظهار وجه الصراحة من أين قالوا أن اللام للملكية من أين قالوا, فقط استظهار صريح مصرح مستظهر العرفي الوجدان وهذه الكلمات التي في الأعم الأغلب هي كليات أبو البقاء, كل واحد يدعي وصلاً بليلا هذا يقول ظاهر ذاك يقول مستظهر ذاك يقول مصرح, أما الضابطة ما هي؟ لم يوجد في كلمات الأعلام شيء فيما يرتبط بالآية المباركة إلا بهذا القدر الذي سطر وسطرين وثلاثة وأربعة.

    أما التحقيق:

    بحثٌ أول: وهو أن الملكية هل لها نوعٌ واحد أو لها أنواع متعددة؟ إذا كانت الملكية ليس لها إلا نوع واحد إذن قرآناً وروايةً كلما جاءت اللام تفيد هذا المعنى المنحصر ما فيه مجال باعتبار منحصر المورد والمعنى والمصداق, فلهذا لا معنى أن نبحث أنه معاني متعددة, أما إذا لا, ثبت أن الملكية المستعملة في القرآن في الرواية في كلمات الأصوليين فقهاء فلاسفة متكلمين عرفاء -أيضاً ليس محل كلامنا معهم- أن الملكية تصطلح على معانٍ أربعة, وهذا بتصريحهم لا أنه أريد أن أحمل كلماتهم, تصريحهم أن اللام أو الملك لله ملك السموات أو مُلك السموات والأرض {قل اللهم مالك المُلك تؤتي الملك من تشاء} أو تأتي المِلك من تشاء} إلى آخره, أن الملك له إما مراتب كما عبر البعض أو معانٍ كما عبر آخرون, لا فرق الآن هذا الاصطلاح.

    المعنى الأول: وهي المصطلح عليها بالملكية الحقيقية الوجودية التكوينية هذه بحسب تعابير القوم أنا أعبر حتى إذا وجدته أحد يقول تكويني وآخر يقول وجودي واحد يقول حقيقي المقصود معنىً واحد, أن الملكية تكون حقيقية وجودية تكوينية ذاتية, أما الحقيقية وجودية وتكوينية واضحة يعني ليست باعتبار المعتبر, هذا السقف فوق ليس باعتبار معتبر هو فوق حقيقةً, إذا نسب إلى هذا حقيقةً فوق, أنت موجود ليس باعتبار أنه هذا البيت لزيد وإنما لك وجود حقيقي تترتب عليك الآثار, أنا قبلت ذلك أو لم أقبل, هذه الملكية الحقيقية.

    الذاتية ما هو معناها؟ وهو أن هذه الملكية الواقعية ليست أعطيت من أحد جعلت من أحد حتى جعلاً تكوينياً يعني ليست حتى مخلوقة وإنما ذاتية من الأزل موجودة.

    الآن ما هي لوازم هذه الملكية ما هي معطياتها ما هي آثارها؟ آثارها أن المالك يكون محيطاً إحاطةً وجودية بالمملوك وأن المملوك يكون محاطاً ومتقوماً بالمالك, بنحوٍ لو انقطع عنه آن لصار عدماً, وهذه هي المعبر عنها بالملكية القيومية أيضاً {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} قيل بأن القيوم يعني القائم بذاته المقوم لغيره, المقوم يعني المقوم له وجوداً, وهذه هي المصطلح عليها في كلمات الفلاسفة بالإضافة الإشراقية, يعني أن العلاقة بين المالك والمملوك بنحو الإضافة الإشراقية لا بنحو الإضافة المقولية, الآن إذا صار وقت أبينها. واضح.

    هذه الملكية لمن ثابتة؟ لها مصداق أو لا؟

    الجواب: اتفقت كلمتهم أن ملكية الله سبحانه وتعالى لكل عالم الإمكان ولكل الموجودات ملكية من هذا القبيل, ملكية حقيقية وجودية تكوينية ذاتية و.. إلى آخره.

    منشأ هذه الملكية من أين جاءت الله سبحانه وتعالى اتصف بهذه المالكية ما هي منشأيتها من أين آخر؟ تقولون ما أعطيت له من أحد, طيب لابد لها من حيثية ما هي حيثيتها؟ قالوا: أن حيثيتها هي الخالقية, قالوا لأن الله سبحانه وتعالى حيث أنه هو الذي أعطي الوجود للأشياء بكمالاتها التامة والناقصة إذن يكون خالق الشيء مالكٌ لذلك الشيء.

    هذه أيضاً قضية وجدانية واحد لو قال ما هو الدليل؟ نقول له والله النار حارة ضع يدك يقول وضعت يدي وما احترقت نقول له وفقك الله, أما إذا وضعت يدك وحارة فلا تسألني من يقول حارة, حارة احترقت, هذه القضايا الوجدانية ليست قابلة للاستدلال ولذا يعبر عنها بمدركات العقل العملي هذه, ليست قابلة للاستدلال والبرهنة.

    ولذا الشيخ الرئيس قال: [آخر الدواء الكي] إذا جاء شخص وأنكر هذه فأنت إذا جاءك شخص وقال لك النار ليست محرقة احرقه ذاك الوقت إذا قام يصيح فقل له إذن تحرق وإذا سكت قل له بيني وبين الله ليست بحارة, انتهت القضية.

    هذه آخر الدواء الكي لمثل هذه الموارد.

    منشأها ماذا؟ منشأها الخالقية وحيث أن الله خالق كل شيء إذن فهو مالك كل شيء, وإذا صار مالكاً لكل شيء هنا العقل يدخل على الخط مباشرة يقول إذن تجب طاعة المالك, لا المالك الاعتباري, مالك الحقيقي.

    ومن هنا المحققين من فقهاء الإمامية الذين يعرفون المسائل جيداً قالوا وجوب الطاعة لله عقلاً ليس ملاكها شكر المنعم وجوب الطاعة عقلاً ملاكها الخالقية ثم المالكية, هذا الذي الآن في أول الرسائل أو في اول باب الاجتهاد والتقليد الذي يكتبون بأنه تجب طاعته شكر المنعم, هذه لأواسط الطريق وإلا التحقيق أن ملاك وجوب الطاعة يعني العقل لو سألته لماذا تقول تجب طاعة الله؟ يعني أنت الآن لماذا عقلك يدرك هذا؟ يقول يدرك ذلك لأن الله ملكني تقول بأي شيء بأي دليل؟ يقول لأنه خلقني.

    هذا هو المعنى الذي أشاروا إليه هؤلاء الأعلام في (مصباح الفقاهة, للسيد الخوئي+, ج2, ص23) هذه عبارته قال: [أن الملكية لها مراتب أربع: الملكية الحقيقية وهي مخصوصة بالله تعالى لأنه سبحانه مالك لجميع الموجودات بالإضافة الإشراقية ملكيةً تامة ومحيطٌ بها إحاطة قيومية] الآن أولئك الذين سؤال أسألوهم الذين يبعثون بورقة إلى الامتحانات يقولون بأنه نحن مرجعنا حرم أن نقرأ الفلسفة الآن هذه عندما يأتي إلى هذه العبارة ماذا يريد أن يفعل؟ ما هي الإضافة الإشراقية, افترض أنه يريد أن يقرأ, هذا كتاب فقه وليس فلسفة تمام, المفروض مرجعه حرم ماذا؟ الفلسفة فهذه الإضافة الإشراقية أين يفهمها, المالكية القيومية أين يفهمها؟ طيب لابد أن يقرأها بالفلسفة, إلا إذا يريد أن يسمي الفلسفة مرقة لا يهم.

    وإلا الإشراقية والإضافية موردها أين؟ موردها الفلسفة, أنت هناك لابد أن تميز أن الإضافية تقوم بطرفين بينهما واسطة والإشراقية تقوم بطرف ومضاف لا يوجد هناك طرف ثالث, هذا أين لابد أن تقرأه؟

    الآن هنا السيد الخوئي يقول: [وهذه المرتبة من الملكية هي عليا مراتب الملكية ولأجل ذلك لا تدخل .. ] إلى آخره, إذن منشأها ماذا؟ منشأها أن المالكية حقيقية إلى آخره.

    السيد الصدر& تبعاً لهذا المنهج في (تقريرات السيد الهاشمي, ج4, ص28) هذه عبارته قال: [المولوية الذاتية] التي قلنا بأنه لماذا تسمى ذاتية هذه المولوية التي يرى العقل وجوب الطاعة فيها ذاتية ليست مجعولة من أحد على حد كونه عالماً كون الله عالماً مجعول من أحد مخلوق من أحد أو في ذاته عالم؟ في ذاته عالم, قال: [وهذه مخصوصة بالله تعالى بحكم مالكيته لنا الثابتة بملاك خالقيته] إذن الله مولىً تجيب طاعته لماذا؟ الحد الأوسط ماذا؟ لأنه مالك, الله مالك لماذا؟ الحد الأوسط ماذا؟ خالق, [وهذا مطلبٌ ندركه بقطع النظر عن مسألة شكر المنعم, التي حاول الحكماء] لا سيدنا الجليل, ليس الحكماء بل المتكلمين جاؤونا بشكر المنعم وإلا الحكماء نظرهم المالكية والخالقية هذه للمتكلمين التي جاءت في كلمات الفقهاء والأصوليين, وإلا الفلاسفة يعني الشيخ لم يقل هذا, أما تقول المحقق الطوسي قائل, المحقق الطوسي بيني وبين الله لابد أن نميز بين المحقق الطوسي كمتكلم والمحقق الطوسي كحكيم, هذه ميزوا بينهما جيداً, لا تخلطون شخصيتين عنده المحقق الطوسي, شخصيته في شرح الإشارات وشخصيته في التجريد, هذه اثنين لا واحدة.

    ولذا هنا تكلم بلغة المتكلمين وهنا تكلم بلغة الحكماء, فإذا أردت أن تعرف شخصية المحقق الطوسي لا الشيخ الطوسي اذهب إلى شخصيته الفلسفية إلى شرح الإشارات ولهذا فروق كبيرة موجودة بين المبنيين, وأصل هذا الكلام في كلمات الحكماء والمفسرين من علماء الإمامية, أصلها عند السيد الطباطبائي.

    السيد الطباطبائي& في (الميزان, ج3, ص129, في ذيل الآية 26- 27, من سورة آل عمران يعني {قل اللهم مالك الملك}) يقول: [والله سبحانه مالكٌ كل شيء ملكاً مطلقا, أما أنه مالك لكل شيء على الإطلاق] الآن هذا تعبير على الإطلاق إن شاء الله في وقت إذا صار أبين أنه لماذا السيد العلامة دائماً يقيد ملكية الله للأشياء يقول ملكية مطلقة أما عندما يأتي إلى الآخرين يقول ملكية مقيدة, يقول لأن الله سبحانه وتعالى يفعل ما يريد ولا يسأل عما يفعل, تقول طيب هذه نظرية الأشاعرة, يقول طيب أفسرها لك بعد ذلك, أما أنا وأنت ليس من حقنا أن نتصرف فيما نملكه كما نريد ولذا الشارع قال لنا هذا يجوز وهذا لا يجوز, ولكن الله لا يوجد أحد يستطيع أن يقول له هذا يجوز وهذا لا يجوز.

    الآن ما يستطيع أن يقولون له لخوفهم منه أو لسببٍ آخر هذه قيد على الإطلاق ليس توضيحي احترازي, لماذا هذه الملكية المطلقة من أين جاءته؟ قال: [فلأن له الربوبية المطلقة والقيومية المطلقة على كل شيء] سيدنا من أين جاءت هذه الربوبية المطلقة والقيومية المطلقة والمولوية المطلقة والمالكية المطلقة هذه كلها منشأها ماذا؟ قال: [فلأنه خالق كل شيء] إذن واضح التسلسل المنطقي, المولوية الحد الأوسط لها المالكية والمالكية الحد الأوسط لها الخالقية.

    هذا هو النوع الأول من الملكية.

    النوع الثاني: هذه إجمال يعني مقدمة البحث بتعبير الإيرانيين (در آمد) هذه مقدمة البحث.

    الملكية الثانية: الملكية الحقيقية الوجودية التكوينية المجعولة, إذن اتضح ما هو الفرق بين هذه وبين القسم الأول, القسم الأول ماذا كانت؟ ذاتية, القسم الثاني مجعولة, ما معنى مجعولة لا جعلاً اعتبارياً جعلاً خلقياً وجودياً, كما أنت جنابك مالك لقواك هذه عينك إذا لم تأمرها أنت بالنظر يستطيع أحد أن ينظر بها شيء؟ تابعة لمن؟ تابعة لك, أنت إذا أمرت أنت إذا أجزت لها النظر تنظر إذا لم تجز لا تنظر, أبدا, ملكك لنفسك >الناس مسلطون على أنفسهم< هذا التسليط تكويني هذا, ملكه لقواه ملكه لأعضائه ولجوارحه ملكه هذه ليست ملكية اعتبارية, ملكه لشؤونه ملكه لمتعلقاته الوجودية ولكن من جعله مالكاً هو بذاته مالك, أو الله جعله مالكاً؟ يملكها الذي ملّككها قبل أن يملّكك, ولذا بإمكانه إذا أراد أن يفصل بينك وبين قواك كان قادراً أو غير قادر, نعم قادر, أنت تأمر والعين تستجيب أو لا تستجيب؟ لا تستجيب, لماذا؟ لأن الله يحول بين المرء وقلبه, الله سبحانه وتعالى لا أنه جالس بينك وبين قواك جالسك بينك وبين نفسك, يعني قبل أن تفكر نفسك بشيء لابد من أي فلتر يمر؟ الله, ما يصير أصلاً. هذه الملكية.

    هذه الملكية المعروفة بملكية القوى وهذه ملكية تكوينية, طبعاً كما قلت لا يتبادر إلى الذهن أن الأعزة إذا يريدون أن يراجعوا هذا البحث بنحو الإجمال أشار إليه السيد الخوئي في المصباح (مصباح الفقاهة, ج2, ص24) هذه عبارته هناك قال: [مالكية الإنسان لنفسه وأعضائه وأفعاله فإن هذه الأمور المملوكة له بالإضافة الذاتية الأولية] لا يصير عندكم خلط ليس مراده من الذاتية هنا يعني ماذا؟ الذاتية التي قلناها في القسم الأول, مراده من الذاتية يعني ليست مجعولة جعلاً اعتبارياً وإنما هي مجعولة جعلاً تكوينياً وجودياً.

    من قبيل يقول يستدل بهذه الآية {إني لا أملك إلا نفسي} على لسان موسى, [ولا شبهة أن هذه المرتبة من الملكية أيضا غير داخلة في الملكيات الاعتبارية] أصلاً لا علاقة لها. هذا أيضاً القسم الثاني من الملكية وهي الملكية الحقيقية المجعولة حتى نميزها عن القسم الأول.

    القسم الثالث: هي الملكية بحسب الاصطلاح الفلسفي, عندما يقولون ملكية مرادهم من الملكية يعني مقولة الجدة, تعلمون قرأتم في المنطق الأرسطي يقولون الممكن إما جوهر وإما عرض, والجوهر إما نفس وإما عقل وإما مادة وإما صورة وإما جسم, والعرض إما أين وإما متى وإما كيف وإما وإما أن يفعل وأن ينفعل ومن المقولات العرضية الأرسطية المعروفة مقولة الجدة, ولذا الحكيم السبزواري في (شرح المنظومة, لشيخنا الأستاذ شيخ حسن زادة, ج2, ق1, ص491) عبارته هذه يقول: [ومنها الجده, هيأت تحصل لأجل ما يحيط فيكون إضافة الهيئة لأدنى مناسبة ويمكن كونها مصدرية أوضح] الأخوة الذين يريدون أن يراجعون تفصيلها يقيناً هذه النهاية موجودة بيد الجميع, (ص134) هذه عبارته في النهاية يقول: [في الجدة وتسمى أيضاً الملك] الآن ما هو تعريفها ما هو المهم هذا لا يهمنا كثيراً, المهم قد تطلق الملكية ويراد بها مقولة الجده, الفلسفية لا يصير عندك خلق, الآن لماذا أنا هذه قدمتها؟ لأنه أنا ما أدري مقتضى القاعدة يحملون المقرر المسكين, الخوانساري في تقريراته (منية الطالب) لشيخه الميرزا النائيني, هناك عبر عنها عن الملكية الاعتبارية القسم الرابع عبر عنها جدة وعبر عنها اعتبارية, مع أن الجدة مقولة فلسفية لا علاقة لها بالملكية الاعتبارية التي هي القسم الرابع.

    إذن القسم الرابع هي الملكية, تعالوا من الآن نصطلح عليها الملكية الحقوقية الملكية الفقهية الملكية الاجتماعية التي هي متداولة فيما بيننا في حياتنا الاجتماعية في حياتنا الفقهية في حياتنا القانونية التي نقول مالك مالك .. ما أتصور أحد يذهب ذهنه إلى القسم الأول القسم الثاني القسم الثالث, وإنما عموماً بحسب متعارفنا الاجتماعي مرادنا من الملكية؟ هذه التي نرتب عليها الآثار هذه التي عليها المعركة هذه التي عليها التنازع في الدنيا لأجل هذه الملكيات الاعتبارية.

    إذا اتضحت هذه الأمور الأربعة إجمالاً نقف عليها إن شاء الله غد, سؤال: القرآن عندما قال: {فأن لله خمسه} هذه أي لام هذه؟ اللام الأولى الملكية الأولى, الملكية الثانية, الملكية الثالثة أو الملكية الرابعة؟

    ولكن, دعوا لكن إلى بكرة.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1273

  • جديد المرئيات