نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (269)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    قلنا بأنه فيما يتعلق بحقيقة الملكية الفقهية المصطلح عليها في باب المعاملات, هناك أقوال متعددة في فهم حقيقة هذه الملكية.

    القول الأول: هو أن الملكية الفقهية أو بحسب الاصطلاح الفقهي تُعد من الأمور المتأصلة في الواقع الخارجي, كالجواهر والأعراض. نعم, وقع الاختلاف بأنها هل هي من مقولة الكيف أو الجدة أو الإضافة.

    هذا القول تقريباً مردودٌ بين المحققين من فقهاء الإمامية, يعني من تعرض منهم للمسألة وإلا في الأعم الأغلب لم يتعرضوا للمسألة.

    القول الثاني: هو أن الملكية الفقهية هي من الأمور الانتزاعية, وهي تختلف كاملاً عن الأمور الاعتبارية الذي هو القول الثالث والذي سنقف عنده لاحقاً إن شاء الله.

    ذكرنا في البحث السابق بأن الأمور الانتزاعية تنقسم إلى قسمين بلحاظ منشأ انتزاعها, وإلا من حيث حقيقة الأمر الانتزاعي واحدٌ. نعم, منشأ انتزاعها تارةً تكون أمور واقعية تكوينية وجودية كما أشرنا من قبيل السقف وانتزاع الفوقية منها, وأخرى: يكون منشأ الانتزاع من الأمور الاعتبارية التي وضعها ورفعها بيد المعتبر, ولعله يتضح هذا الثاني إن شاء الله عندما نعرض للقول الثالث.

    وخصوصية الأمور الانتزاعية أو أهم خصوصية في الأمور الانتزاعية أنه ليس لها ما بإزاء في الواقع الخارجي, الآن أنت جنابك عندما تقول زيدٌ عالمٌ في قبال زيد يوجد هذا الوجود الخارجي وفي قبال العلم يوجد أيضاً وصف من الأوصاف اتصف به زيد, إذن كلا الموضوع والمحمول لهما ما بإزاء في الواقع الخارجي, نعم أحدهما جوهر والآخر عرض, ولكن له ما بإزاء يعني يملأ شيئاً من الوجود الخارجي أعم من أن يكون جوهراً أو أن يكون عرضاً.

    ولكن أنت من هذين الوصفين قد تنتزع وصفاً ثالثاً, تقول العالمية, العالمية ليس لها ما بإزاء لأنها في الواقع الخارجي لا يوجد إلا زيد وعلمه أما هذا الوصف الثالث أين ما بإزائه؟ لا يوجد, لا يوجد ما بإزاء, الأمور الانتزاعية عموماً ليس لها ما بإزاء في الواقع الخارجي, نعم لها منشأ انتزاع في الواقع الخارجي.

    من هنا وقع الكلام أن منشأ انتزاع الملكية ما هو؟ على أي شيء استندنا وانتزعنا منه الملكية بحسب الاصطلاح الفقهي؟

    الأعزة يتذكرون بالأمس قلنا بأنه توجد هناك أقوال ثلاثة إما وإما وإما الأعزة يراجعونها, ولكنه المشهور كما ذكر الشيخ الأنصاري قال: أن المشهور أنه منتزع من الأحكام التكليفية. بمعنى: أنه أنتم لا يمكنكم أن تنتزعوا أي حكم وضعي إلا إذا كان في مورده يوجد حكمٌ تكليفي, يعني لابد أن يكون هناك وجوب لابد أن يكون هناك حرمة لابد أن يكون هناك إباحة لابد أن يكون هناك أي حكم من الأحكام التكليفية إذا وجدت في المورد يكون منشأ لانتزاع هذا الحكم الوضعي.

    وإلا إذا فرضنا في موردٍ وأمكن فرض هذه الحالة أنه لا يوجد حكم تكليفي بل لا يتصور الحكم التكليفي بل لا يعقل الحكم التكليفي إذن لا يوجد هناك حكم وضعي لماذا؟ لأن الحكم الوضعي المفروض أنه متفرع على الحكم التكليفي, منتزع عن الحكم التكليفي, ومع عدم وجود الحكم التكليفي أو مع عدم تصوره أو مع عدم تعقله إذن لا معنى لوجود حكمٍ وضعي.

    الشيخ قال: بأنه المشهور بين المحققين [بل الذي استقر عليه رأي المحققين] ماذا؟ أن الخطاب الوضعي مرجعه إلى الخطاب الشرعي, وأن كون الشيء سبباً لواجب ما هو؟ أنت تقول بأنه الدلوك سببٌ لوجوب الصلاة, طيب السببية حكم وضعي وليس حكماً تكليفياً, أن كون الشيء سبباً لواجب هو الحكم بوجوب ذلك الواجب عند حصول ذلك الشيء, أولاً لابد أن يكون شيء واجب, فأنت تنتزع منه السببية, فمعنى قولنا: [إتلاف الصبي سببٌ لضمانه, يكون ضامناً, أنه يجب عليه غرامة المثل] إذن هذه يجب غرامة المثل أو القيمة أو البدل عند البلوغ هذا الوجوب انتزع منه الضمان, وإلا لو لم يكن هذا الوجوب لما انتزاع الضمان.

    أنه [يجب عليه غرامة المثل أو القيمة إذا اجتمع فيه شرائط التكليف, فإذا خاطب الشارع البالغ العاقل الموسر بقوله أغرم ما أتلفته في حال صغرك انتزع من هذا الخطاب الضمان وسببية الضمان] وإلا لو لم يقل الشارع تجب الغرامة يوجد عندك حكم بالضمان أو لا يوجد؟ لا يوجد, [وكذا الكلام في غير السبب فإن شرطية الطهارة للصلاة ليست مجعولة بجعلٍ مغايرٍ لإنشاء وجوب الصلاة الواقعة حال الطهارة] الشارع قال تجب الصلاة على أي حال كنت متطهر أو غير متطهر أو مع الطهارة؟ قال لا >لا صلاة إلا بطهور< يقول من هذا الوجوب وجوب الصلاة مع الطهارة أنت تنتزع شرطية الطهارة للصلاة, فالشرطية لم تجعل من قبل الشارع الذي جعل من قبل الشارع مباشرة ماذا؟ وجوب الصلاة مع الطهارة, لا شرطية الطهارة للصلاة, لأن الشرطية متفرعة فما لم يكن منشأ انتزاعها أصلها موجوداً.

    من قبيل جنابك تقولون: أن المفاهيم أو الوجود الذهني منتزع من الوجود الخارجي, فما لم يكن للشيء وجود خارجي يمكن أن ينتزع منه وجود ذهني أو لا يمكن؟ لا يمكن, لماذا؟ لأن الوجود الذهني منتزع من الوجود الخارجي.

    قال: [وكذا مانعية النجاسة] عندما تقول النجاسة مانعة, المانعية من الأحكام الوضعية [ليست إلا منتزعة من المنع عن الصلاة في النجس] الشارع قال لا تجوز الصلاة في النجس, إذن حكم ماذا يوجد؟ لا تجوز, أنت انتزعت منه مانعية النجاسة, ثم يدخل في بحث إلى أن يصل كما أشرنا بالأمس قال: [وكذلك يقال في الملكية] يعني الملكية الفقهية بحسب الاصطلاح التي هي كل أبواب المعاملات تدور مدارها وعلى متفرعاتها [كما يقال: الملكية] ما هي؟ [كون الشيء بحيث يجوز الانتفاع به وبعوضه] إذا جاز لك أن تتصرف في شيء هذا الجواز حكم شرعي حكم تكليفي أنت تنتزع منه إذن أنت مالك. وإلا إذا هذا الجواز غير موجود لا يوجد, طبعاً على مبنى الشيخ, وهذا الذي يدعيه الشيخ بأنه هو المشهور بين الفقهاء.

    [وكذا النكاح للزوجية, والعتق للحرية وسببية الغسل للطهارة فهذه الأمور بنفسها ليست أحكاماً شرعية] يعني ماذا ليست أحكام شرعية؟ يعني ليست مجعولة من قبل الشارع, وإنما الشارع ماذا جعل؟ جعل منشأ انتزاعها وأنت ماذا فعلت؟ انتزعت منها هذه الأحكام الوضعية.

    هذا القول طبعاً, صاحب الكفاية عندما جاء إلى هذا المطلب قال: نوافق الشيخ أستاذه على هذه القضية ولكن بنحو الموجبة الجزئية لا مطلقا, يعني في بعض الموارد الحق معه وفي بعض الموارد ماذا؟ من هنا جاء القول بالتفصيل, في الأحكام الوضعية. حيث أنه ذهب المشهور إلى أنها منتزعة من الأحكام التكليفية, وذهب جملة من المحققين إلى التفصيل, قالوا أن بعض الأحكام الوضعية منتزعة وبعضها غير منتزعة؟ يعني ماذا غير منتزعة؟ يعني قال: هي مجعولة, كما أن الشارع اعتبر حكماً تكليفياً اعتبر علينا حكماً وضعياً.

    هذا المعنى إذا الأعزة يريدون أن يراجعوه, يراجعوه في (كفاية الأصول, في مباحث في بحث الأحكام الوضعية في أدلة حجية الاستصحاب) هناك يقول: [والتحقيق أن ما عُدّ من الوضع على أنحاء: منها ومنها ومنها] يقسمها إلى ثلاثة أقسام والمهم أنا عندي أن النحو الثالث يقول: [وأما النحو الثالث كالحجية والقضاوة والولاية والنيابة والحرية والرقية والزوجية والملكية] يقول النحو الثالث هذه مجعولة بنحو مستقل لا أنها منتزعة من أحكامٍ وضعية.

    طبعاً التفتوا مع عدم إمكان أن يكون كذلك, لا يقول محال, التفتوا, يوجد فرق, مرة واحد يقول هذه لابد أن تكون مستقلة بالجعل لا منتزعة, لأنه مستحيل أن تكون منتزعة ومرة يقول لا, ممكن أن تكون منتزعة, ولكنه الدليل ما دلّنا على أنها منتزعة وإنما الدليل دل على أنها مجعولة, كما قال تجب الصلاة قال شرطية الطهارة للصلاة, ولذا قال عبارته واضحة قال: [حيث أنها وإن كان من الممكن انتزاعها من الأحكام التكليفية ولكن الدليل لم يدل عليها].

    وأوضح من ذلك ما ذكره سيدنا الأستاذ السيد الخوئي في (مصباح الأصول, ج3, ص80 وما بعد) عنده بحث إلى أن يقول: [وأما القسم الثالث, فالأمر فيه كما ذكره صاحب الكفاية من أن الملكية وأمثالها مجعولة بالاستقلال لا أنها منتزعة من التكليف فإن انتزاعها من التكليف وإن كان ممكناً في مقام الثبوت إلا أنه خلاف ظاهر الأدلة] يعني: لا يوجد محذور عقلي. التفت جداً ينفعنا هذا, فإذا وجدنا في موضع يوجد محذور عقلي في أن يتصف بالحكم التكليفي, فيمكن أن يجعل هناك حكمٌ وضعي أو لا يمكن؟ لا يمكن.

    هذا البحث عرضنا له نحن في شرح الحلقة الثالثة بشكل تفصيلي في الجزء الأول من شرح الحلقة الثالثة, ص228 إلى آخر ص ومناقشة صاحب الكفاية وما قاله كله تفصيلاً ورد إلى ص241) طبعاً من باب أنه الفائدة, هذه الدورة التي نحن كتبناها في شرح الحلقة الثالثة, لعله في ذهني أوسع دورة أصولية كتبت إلى الآن, شرح الحلقة الثالثة تصير عندنا حدود أربعة عشر مجلد, بحمد الله تعالى إلى الآن ثلاثة أجزاء خرجت من القسم الأول خرج وإن شاء الله أيضاً الشيخ حيدر لا يتأخر هذا الرابع والخامس بسرعة يعطيه لنا حتى يذهب إلى الطبع, وبحمد الله تعالى القسم الثاني منه, الذي هو الأصول العملية يقع في ست مجلدات الذي الآن في الطبع بحمد الله تعالى الذي كتبه الشيخ علي العبادي, فلهذا مجموعة أتصور بين ثلاثة عشر أو أربعة عشر مجلد, ومجموع شرح الحلقات أيضاً يصير عشرين مجلد عندنا إن شاء الله تعالى الذي يطبع لعله أوسع دورة أصولية وأهم خصوصية في هذه المجموعة أو في هذه الموسوعة الأصولية أنه لا توجد بعد عندنا عبارة وقد يقال وقد قيل وقد ذكر البعض وقد يتوهم, إذا يوجد مطلب لأحد عبارته موجودة حتى أن الإنسان المحقق هو يرى العبارة هذا أولاً, وثانياً: أنه المصادر مذكورة أي كلمة منقولة المصدر منقول, لا أقل أنت تعرف هذا البحث أين ذاكريه, لأن المشكلة الموجودة في كتبنا الأصولية بحث مرتبط بتقسيم الأحكام ولكن جاء أين؟ في تنبيهات الاستصحاب, طيب الطالب كيف يبحثها وعناوين لا توجد, تقريباً نحن عموم المصادر الأصولية تقريباً لا يوجد أعم من القمية والنجفية, يعني لا فقط المدرسة النجفية, المدرسة القمية أيضاً يعني الشيخ عبد الكريم الحائري وتلامذة الشيخ عبد الكريم الحائري أيضاً نحن حاولنا بقدر ما يمكن أن نستوعب كلماتهم في هذا المجال, لذا إن شاء الله تعالى الأخوة لا أقل على مستوى الاستفادة من المصادر الواردة في هذا الكتاب مهم جداً.

    إذن بناء على هذا القول التفتوا جيداً, بناء على القول الأول والقول الثاني يعني القول الأول الذي قال أن الملكية من الأعراض المتأصلة, أو من الأمور الانتزاعية, التي أشرنا إليها, بناء على هذين القولين يُعقل أن يتصف الله بأنه مالك بنحو الملكية الفقهية أو لا يعقل؟ الجواب: لا يعقل محال, التفتوا, وعندما نقول محال مرادنا من المحال هنا المحال الوقوعي لا المحال الذاتي وكثيراً ما يقع الخلط بينهما في كلمات من ليس أهل الاختصاص, المحال الذاتي من قبيل اجتماع النقيضين أصلاً ذاتاً محال, المحال الوقوعي ذاتاً ليس محال ولكن إذا وقع يلزم منه محال. فالملزوم ليس محال ولكن لازمه ماذا؟ لازمه محال, فنستكشف من استحالة اللازم استحالة الملزوم. مثل ماذا؟ التفتوا: الله قادر على أن يظلم أو غير قادر؟ ماذا تقولون؟ قادر أو ليس بقادر؟ (كلام أحد الحضور) ليس بقادر, قادر؟ عجيب يعني الله ظالم؟! (كلام أحد الحضور) نعم, إذن الله قادر يعني الإمكان الذاتي موجود ولكن يقع منه الظلم أو لا يقع؟ لا يقع, لماذا لا يقع؟ مشتهي أو ماذا يعني؟ الجواب: لا, لأن النص كما تقرؤون في دعاء ليلة الجمعة >إنما يحتاج إلى الظلم الضعيف< والله ضعيف أم قوي؟ إذن ليس محتاج, أنت متى تظلم؟ عندما لم تستطع أن تأخذ حقك بالطرق الطبيعية, فتضطر ماذا تفعل؟ أما الله الذي هو غالب على أمره, قاهر على كل شيء إذن ما عنده ضعف, إذن لا يظلم لا لأنه غير قادر, إمكان ذاتي موجود ولكن يوجد استحالة وقوعية. ما أدري استطعت أن أوصل المطلب.

    هذا الذي جعل البعض خلط في أن الأئمة لا يعصون تصور ذهب إلى أن الأئمة مجبورين على هذا الخلط تصور بأنه الأئمة لا يعصون إذن لا يستطيعون أن يعصوا إذن مجبورين على الطاعة. هذه نظرية الجبر على الطاعة جاءت من أنه لا يعصون, ولم يلتفت هذا الإنسان أو من قال بهذا القول لأنه رأي بعض المعتزلة الذي مع الأسف سرى إلى بعض من هو غير أهل الاختصاص في أوساطنا الشيعية, قالوا بأن الأئمة لا يعصون يعني لا يستطيعون أن يعصوا أصلاً جبلوا على أن يطيعوا.

    وهذا الخلط هو الذي أيضاً أدى بالبعض إلى أن يقول أن الملائكة لا يستطيعون أن يعصوا, لا, الملائكة أيضاً يستطيعون أن يعصوا الملائكة أيضاً مخيرين الملائكة أيضاً عندهم القدرة على الطاعة وعلى المعصية وإلا إذا لم يكن وهو يستدل بقوله {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون} طيب هذه الآية تقول أنهم لا يعصون لا أنهم لا يستطيعون أن يعصوا, فرق بين أنهم لا يعصون ولا يستطيعون, كما أنت جنابك تستطيع الآن تقتل ابنك أو ما تستطيع؟ تستطيع أن تخرج عارياً إلى الشارع أو ما تستطيع؟ بلي كله تستطيع لا فقط لا تفعل حتى لا تفكر, ولذا نحن في كتاب العصمة قلنا بأن مسألة العصمة كل فردٍ كل إنسان له درجة من درجات العصمة, نعم الذي هو البحث فيه هي العصمة المطلقة هي ثابتة للأئمة أو ليست بثابتة, وإلا كل واحد من عندنا له درجة من درجات العصمة, من منكم يفكر أو أصلاً فكر في عمره أن يخرج عارياً إلى الشارع؟ من منكم, يفكر لا يخرج يفكر, ولذا نحن قلنا أن العصمة ليس معناها عدم المعصية العصمة عدم التفكير في المعصية. التفتوا جيداً.

    إذن لا تخلطوا بين الإمكان الذاتي وبين الإمكان أو الاستحالة الوقوعية.

    وفي المقام عندما نقول الله لا يتصف, واحد لا يقول لنا ما هو البرهان يلزم اجتماع النقيضين لا لا لا يلزم اجتماع النقيضين وإنما يلزم منه لو انتزع منه أو اتصف بحكمٍ انتزاعي لابد أن يوجد في حقه أحكامٌ تكليفية, طيب ما هو المحذور؟

    الجواب: بيني وبين الله الأحكام التكليفية إنما هي لمن يريد أن يخرج من نقصٍ إلى كمال, فمن هو الكمال المحض فيحتاج إلى حكم تكليفي او ما يحتاج؟ ما يحتاج.

    الأحكام التكليفية دائرتها للموجود الذي يريد أن يخرج من نقص إلى كمال, فإذا وضعتم يدكم على موجودٍ لا يخرج من نقص إلى كمال, إما لأنه الكمال المحض, كما الحق سبحانه وتعالى سالبة بانتفاء الموضوع, أصلاً لا معنى لتصور الأحكام التكليفية في حقه, أو لأن وجوده ابتداءً وانتهاء لا تكامل فيه أبداً, مثل ماذا؟ مثل الملائكة, الملائكة موجودات مختارة ولكن ليست موجودات تخرج من نقس إلى كمال, بدوها وحشرها ابتداء وجودها وانتهاء وجودها على درجة واحدة, يعني جبرائيل هذا مقامه الذي خلقه الله عليه لا يصعد درجة ولا ينزل درجة ابداً, >ما منا إلا وله مقام معلوم< الإنسان ماذا؟ لا, الإنسان يبدأ من أسفل السافلين ويصل إلى قاب قوسين أو أدنى هذا الإنسان بلي له القدرة أنت وحظك اقرأ وارقأ, {خلقناه أحسن تقويم ثم رددناه أسفل السافلين}.

    ولهذا البعض يصعد في الدرجات إلى أن يصل مقام قاب قوسين لا مقام قاب قوسين أو أدنى, ويتسافل البعض إلى أن يصل إلى الدرك الأسفل من النار, هذا الإنسان.

    ولذا الإنسان أهم خصوصية موجودة في هذا الإنسان هي هذه, التفتوا جيد, إذن الأحكام التكليفية لا معنى لها في الحق سبحانه وتعالى, لماذا؟ لأنه أساساً الحكم التكليفي للتكامل وهو فوق الكمال لا انه كمال, بل كما قاله بعضهم: هو الكمال كل الكمال وكله الكمال, هذه من أسماء الله سبحانه وتعالى ومن أوصافه الكمال, كله الكمال وكل الكمال إلى آخره, بل فوق ما لا يتناهى من الكمال إذا يوجد موجود كامل فهو فوق ذاك الكمال بما لا يتناهى.

    ولذا هذه الجملة الفلسفية المعروفة: >الله فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى< إذا فرضنا أنه يوجد موجود ممكن لا متناهي الله فوقه, أخاف يأتي في ذهنك فوقه بقدر محدود قال لا, فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى, هذا هو توحيد الفلاسفة توحيد العرفاء توحيد المحققين من الإمامية. أما توحيد الله سبحانه وتعالى موجود جالس على رأس السلسلة بيده هذه سلسلة العقول هكذا يفعل إذا يريد شيء في آخر السلسلة يحرك هكذا مثل الجرص ذاك في آخر السلسلة يفتهم, لا, هذا توحيد المجسمة هذا, هذا التوحيد الموجود في عقولنا.

    ولذا بتعبير شيخنا الأستاذ الشيخ حسن زادة كان يعبر يقول بأنه نحن عندما نسمع الله سبحانه وتعالى وعنده عرش وحافين به ملائكة هكذا نصوره هكذا عرش والله جالس على كرسي ودائر مداره هؤلاء الملائكة باعتبار كل واحد عمره سبعمائة ألف سنة ألف سنة شياب لحياهم كلهم هكذا وكلهم هكذا فاعلين وواقفين.. صحيح ما نقول بألسنتنا ولكن هذا تصورنا.

    التوحيد الحقيقي لا يعرف مخلوق مخلوقاً إلا بالله, يعني قبل أن تعرف نفسك لابد أن تعرف خالقك يحول بين المرء وقلبه, على أي الأحوال.

    إذن, بناء على القول الثاني الذي تعبير الشيخ الأعظم [مشهور المحققين] لا يتصور أن نقول {فأن لله} هذه اللام لام الملكية, عند ذلك أنت تعرف المسامحة في كلمات كل الأعلام من غير أن أذكر الأسماء لأنه أخاف تنتزع عناوين ثانوية أخرى, كل هذه الكلمات التي قرأناها من الأكابر من المعاصرين وغير معاصرين فإن الله ظاهرة في الملكية, مولانا ثبت العرش ثم انقش, هذا الظاهر إنما يصح المصير إليه إذا أمكن في حقه سبحانه وتعالى, وإلا إذا كان هذا الظاهر مصادم للتوحيد مصادم للمعرفة التوحيدية, تعمل بهذا الظاهر أو ما تعمل؟ لماذا أنت في قوله تعالى: {بل يداه مبسوطتان} لم تصور الله هكذا لماذا؟ لماذا لم تصوره؟ ماذا تجيب؟ تقول لي هذا الظهور لازمه التجسيم والتجسيم محال على الله إذن أنا مضطر أن هذه الآية أقول ما أدري هذه الآية ماذا تقول أقصاه أقول ما أدري, أصلاً لا أؤول لا اتصرف كل شيء ما أفعل ولكن لا أعلم ماذا تريد انتهت, لماذا تفعل هكذا؟ لماذا تقول بأنه {وجه ربك} كذا, لماذا تقول بأنه {يد الله فوق أيديهم} طيب لماذا لا تقول ما عنده يد لماذا؟ طيب أنت تقول: {ليس كمثله شيء} لا كثيراً أحلها لك كما حلها مجموع السلفية والوهابية كذا, قالوا نعم الآية قالت {ليس كمثله شيء} لكن لم تقل ما عنده يد نحن أيضاً نقول يد لا كالأيادي, نسلم معكم من قال لكم نحن لا نعمل بالقرآن, الآية أأتوني بآية في القرآن تقول الله ما عنده يد لا أنه تقول ما عنده يد مثل الأيدي, هذه الآية اصعد وانزل ماذا تثبت لكم؟ {ليس كمثله شيء} أما ما عنده يد؟ هذه من أين, ما عنده وجه؟ هذه من أين, ما عنده ساق؟ هذه من أين, ما عنده سمع؟ هذه من أين.

    ولذا صريحاً أحد كبار أعلامهم العلامة العثيمين يقول يقيناً عنده جسم ولكن متشكك عنده عظم ولحم أو ما عنده؟ بالنتيجة يقول إذا عنده فليس كعظامنا ولحومنا انتهت القضية, تقول له من أين؟ يقول الآية تقول بأنه الله سبحانه وتعالى, الروايات تقول صورة وجسم وكل شيء عنده, تقول له {ليس كمثله شيء} يقول هذه نفت المثلية في الجسم لا نفت أصل الجسمية, ونفي كان الناقصة لا يلازم نفي كان التامة, أنتم تقولون الله جسم ما عنده, والآية ماذا تقول؟ جسم ما عنده أو مثل جسمه لا يوجد جسم؟

    الآن تعرف بأنه نحن كم في علم الكلام متخلفين, لماذا؟ لأن هؤلاء جاؤوا إلى كتبنا قرؤوها رؤوا إشكالنا الأصلي عليهم هذا, استدلالنا الوحيد الآن ادخلوا إلى أي كتاب كلامي اقرؤوه يستدل بآية {ليس كمثله شيء} يوجد شيء آخر دلوهم بالقرآن, عندكم؟

    هذه الآية أيضاً فسروها ووقفوا عندها طويلاً قالوا أبداً هذه لا دلالة فيها على نفي أصل الجسم أصل الصورة أصل اليد أصل الرجل أصل الساق أصل كلها غير منفية, نعم المنفي ما هو؟ مثلية الجسم مثلية الصورة مثلية اليد مثلية الساق مثلية الرجل مثلية الأصابع مثلية .. إلى آخره.

    {يوم يكشف عن ساق} يقول الله قطعاً عنده ساق, تقول له طوله وعرضه, يقول ما أدري, لماذا؟ لأنه ساق لا كالسيقان, انتهت القضية.

    تتمة الكلام تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1057

  • جديد المرئيات