أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
كان الكلام في المفاهيم الاعتبارية قلنا: إن هذه المفاهيم تنقسم إلى اعتباريات ما قبل الاجتماع واعتباريات ما بعد الاجتماع طبعاً كلّ قسم من هذين أحكام خاصة وأحكام مشتركة ولكن ليس بحثنا الآن في الاعتباريات وإن كان هذا البحث ستحق درساً خاصاً في الحوزات العلمية لعظم وخطورة الآثار المترتبة على التمييز بين المفاهيم الحقيقية والمفاهيم الاعتبارية.
وتبين وأشرنا إلى أن الملكية بحسب الاصطلاح الفقهي إنما من الاعتباريات ما بعد الاجتماع ما تشكل المجمع الإنساني وإلا قبل ذلك أساساً لا موضوع للملكية الفقهية ولا موضوع لباب المعاملات ولا موضوع للأحكام المترتبة على ذلك البحث الذي أريد أن أشير إليه – اجمالاً لأنها على مشارف انتهاء هذه السنة الدرسية فإذا أردنا أن نفصل لا ننتهي وأنا أريد أن أنهي البحث- الاعتبار كما ذكرنا في بحث الملكية قلنا: إن الملكية لها اصطلاحات متعددة: الملكية المتعددة الحقيقية التكوينية الذاتية وهي المختصة بالله سبحانه وتعالى، الملكية الحقيقية التكوينية المجعولة وهي التي توجد في الإنسان كمالكيته لقواه وشؤونه ونفسه ونحو ذلك والملكية بحسب الاصطلاح الفلسفي التي عبر عنها بمقولة الجدة. الاعتبار له اصطلاحات أيضاً وإذا لم يتضح محل البحث أيضاً نقع في الخلط العلمي والفساد العلمي لأنه نعطي أحكام بعضها للبعض الآخر كما في الملكية فان الملكية من النوع الأوّل ثابتة لله ولكن خلطنا بينها وبين الملكية الفقهية فأيضاً أثبنا الملكية الفقهية لله، فالاعتبار أيضاً كذلك.
الاعتبار له اصطلاحات متعددة، بنحو الإجمال يمكن أن أشير إلى أربع أو خمس من هذه الاصطلاحات.
الاعتبار بحسب الاصطلاح المنطقي، والاعتبار بحسب الاصطلاح الفلسفي، والاعتبار بحسب الاصطلاح الأخلاقي في باب الأخلاق في باب الحسن والقبح ، والاعتبار بحسب المسألة المعروفة في الفلسفة: أصالة الوجود واعتبارية الماهية ، والاعتبار بحسب الاصطلاح الاجتماعي، ونحن حديثنا في هذا القسم الخمس، وما لم نميّز بين هذه الاصطلاحات وبين هذه الأقسام والأنواع من الاعتبار نقع في الخلط الذي وقع البعض به أنه لم يميز بين أنواع الملكية تصور أن الملكية كلها على حقيقة واحدة ، لا ليس الأمر كذلك ، الاعتبار أيضاً ليس على حقيق واحدة فإنَّ المنطقي عندما يقول: المعقولات الثانية، أو المعقولات المنطقية اعتباريات لا يتبادر إلى ذهنك مثل ما يقول الفقهاء أن الملكية اعتبارية، هذا اعتبار وذاك اعتبار آخر. إذا قال صاحب المعارف الأخلاقية أن الحسن والقبح من الأمور الاعتبارية فلا يتبادر إلى ذهنك أنه يريد أن يقول أنها مثل الملكية من الأمور الاعتبارية. وهذا هو الذي وقع لان السيّد الطباطبائي قائل أن الحسن والقبح من الأمور الاعتبارية تصوروا مراده الاعتبار الفقهي فحملوا عليه حملة إلى يومنا هذا لا تنتهي ، كيف تقول أنها أمور اعتبارية، بل أمور حقيقية، لا، فهو عنده اصطلاح وعلماء الأخلاق عندهم اصطلاح في الاعتبار، ولكنه لأنه أنت لا تميّز الاصطلاح تتصور أنه قال كذا، طبعاً المحقق الأصفهاني قال كذلك فلهم اصطلاحهم الخاص.
إذا قلت: كيف نضع هذه الأربع ونأتي للخامس.
نعم أنا أيضاً أقول هكذا ولكن ماذا أفعل فإذا أردنا أن نشرح يكون خروجاً عن البحث الذي نحن بصدده ، وإذا أردنا أن نتجاوزهن تبقى هذه الأمور مبهمة غائمة ضبابية غير واضحة فلذا أنا مضطر بين هؤلاء وهؤلاء أشير أولاً إليها إجمالاً ثمَّ أشير إلى المصادر والأعزاء هم عليهم المراجعة.
هذا البحث إذا أردتم مراجعته على نحو الإجمال في تعليقات الشيخ مصباح يزدي رقم التعليقة عشرة في الفصل الثاني من المرحلة الأولى يأتي إلى البحث يقول: الأصالة – تحت عنوان الاصالة – يشير إلى هذه الأمور الاعتبارات التي أشرنا إليها الاعتبار بالاصطلاح المنطقي هي مجموع المعقولات المنطقية، المعقولات المنطقية أهم خصوصية فيها أنها أمورٌ ذهنية ليس لها في الواقع الخارجي ما بإزاء فأنت عندما تقول: الإنسان كلّيٌ، هذه الكلية أين هي موجودة؟ موجودة في الخارج؟ لا، الموجود في الخارج أفراد الإنسان ، أو عندما تقول نوعٌ ، أو عندما تقول جنس، أو عندما تقول عرضٌ هذه كلّ المفاهيم ، ولذا اصطلح عليها بأنَّ عروضها واتصافها كلاهما في الذهن يعني أن الموضوع يتصف بالمحمول في الذهن وأن المحمول يعرض على الموضوع في الذهن ولذا يقال: عروضها من طرف المحمول على الموضوع، اتصافها من قبل الموضوع بالمحمول كلاهما في الذهن، أما عندما تقول: زيدٌ قائمٌ ، زيدٌ جالسٌ هذه كلاهما في الخارج ؛ لأنه زيد في الخارج وجلوسه أيضاً في الخارج ، أما عندما تقول: الإنسان كليّ ، الإنسان في الذهن والكلية أيضاً في الذهن إذن اصطلاح المناطقة من الاعتبار ما كان العروض والاتصاف كلاهما في الذهن.
اما في الاصطلاح الفلسفي: العروض في الذهن ولكن الاتصاف في الخارج ، فإذا قلت: زيدٌ ممكنٌ، سؤال: زيد موجود في الخارج أما إمكانه أين؟ هل يوجد شيء ملتصق به نسميه ممكن فإذا قلنا: زيدٌ عالم فيوجد بإزاء مفهوم زيد يوجد شخص وبإزاء مفهوم العالم يوجد العرض الكيف النفساني أو زيد قائم أو زيد آكل أو زيد ضارب هذه كلا المفهومين له ما بإزاء لكن عندما تقول زيد ممكن، فما بإزاء الإمكان أين ؟ ولذا قالوا: أن الاتصاف في الخارج يعني زيد واقعاً متصف بالإمكان ولكن عروض الإمكان على زيد والاثنينية في عالم الذهن لا في علام الخارج ولذا اصطلح عليه بأنَّ العروض في الذهن والاتصاف في الخارج، الآن هذا الكلام صحيح أو غير صحيح ، معقول أو غير معقول هذا بحث موكول إلى محله. تعرضنا له مفصلاً في الأسفار الجزء الأوّل وقلنا هذا التعريف للمعقولات الثانية الفلسفية تعريف غير صحيح، والتعريف الصحيح له في محله والآن فقط لتبيين المطلب. فهذه المفاهيم الفلسفية التي يعبر عنها بالمعقولات الفلسفية التي عروضها في الذهن واتصافها في الخارج.
المفاهيم الأخلاقية: وهي المعبّر عنها بالحسن والقبح فأنت عندما تقول: الصدق حسنٌ والكذبُ قبيحٌ ، هذه حسنٌ وقبيحٌ هل هي من قبيل زيدٌ قائمٌ يعني الحسن والقبح وصفان كالقيام والجلوس لزيد، وصفان كالإمكان والوجوب للممكن والواجب أو لا هذا ولا ذاك أي منهما؟ هذه معركة أعزائي في أبحاث الحسن والقبح العقلي أنه هذه القضايا ما هو حقيقتها وجوهرها وكل علم الأخلاق قائم على فهم هذا المفهوم على فهم الحسن والقبح، لأنه إذا كان الحسن والقبح من قبيل الإمكان والوجوب فهي ثابتة أزلاً وأبداً هل يعقل الشيء الممكن يوماً واجباً مثلاً؟ هل يعقل الشيء الواجب يوماً يكون ممكناً ، هذا معناه أن القواعد الأخلاقية ثابتة أزلاً أبداً لا تتغير في أي حالة من الأحوال، أو أنها أمور نسبية، فأي منهما؟
القائلون بأنها أمور ثابتة وجدوا أن عليهم نقوض وهو أنه بعض الصدق لا يكون حسناً إذا أدى إلى قتل الإنسان، فهذا معناه أنه ليست القضية مطلقة فأجابوا قالوا: أنتم خلطتم بين الحسن والقبح وبين المصلحة والمفسدة، الذي تقولونه مصلحة ومفسدة و الذي نقوله ، يوجد أبحاث مفصلة نحن وقفنا عندها أرجو الله أن يطبع في بحث العدل الإلهي، مع الأسف الآن في مكتبتنا الشيعة غير موجود كتب قيمة وأساسية إلاَّ واحد أو اثنين كتاب العدل الإلهي للشيخ مطهري، وإلا صار توفيق وطبع ما طرحته يكون خمس مجلدات في العدل الإلهي كلّ هذه الأبحاث بشكل تفصيلي مطروحة هناك، المهم أشير، فالحسن والقبح إذا لم يكن من القسم الأوّل، ولم يكن من القسم الثاني ، فهو من القسم الثالث ، فما هو معنى القسم الثالث؟
الرابع: الاعتبار بحسب المسألة المعروفة وهي أن الوجود أصيل والماهية اعتبارية ما معنى أن الوجود أصيل والماهية اعتبارية الذي قرأتموه في البداية والنهاية أن معنى أن الوجود أصيل يعني هو منشأ الآثار وأن الماهية اعتبارية يعني ليست منشأ للآثار ، مثلاً هذا الماء الذي أمامك له وجود وهو وجود الماء وله حقيقة الماهية ما يقال في جواب ما هو هذا الأثر وهو ربع العطش أو الاختناق إذا أحد غرق في الماء هذا آثار ماذا؟ هذا مفهوم الوجود ، مصداق مفهوم الوجود أو مصداق مفهوم الماهية ؟ فهذا وجودٌ وأيضاً ماءٌ إذن تحمل على هذه الحقيقة وصف واحد أو وصفان مفهومان تقول وجودٌ ماهيٌ وبه تميز عن الوجود الكتابي وإلا الوجود كله وجود، هذا وجود هذا وجود فالتميّز بماذا؟ التميّز بالمختص وهو ماءٌ سماءٌ أرضٌ بحرٌ ملكٌ إلى آخر.
سؤال: لكل هذه الحقائق آثار هذا يحرق هذا يبرد هذا يرفع العطش هذا يفعل كذا، هذا الأثر لمَن؟ هل هو أثر مصداق الوجود؟ أو أثر مصداق الماهية؟ يعني الإنسان أو الماء؟ أي واحد منهما؟ أيضاً معركة على الأقل عمرها خمسمائة سنة يعني أول من وضع أسس هذه المعركة هو صدر المتأهلين في مبانيه الحكمية وقال أنا كنت في الظلمات عشرون أو ثلاثين سنة من عمري إلى أن الله سبحانه وتعالى هداني فانتقلت من أصالة الماهية إلى أصالة الوجود ويتهم أستاذه المحقق الداماد أنه بعده في الظلمات باعتبار قائل باصالة الماهية ويتهم شيخ الاشراق ويتهم إلى آخره.
الذي يريد أن يراجع هذا البحث تفصيلاً وأن هذه المعركة واقعية أو معركة اصطناعية اصطنعها ملاّ صدرا يراجعون إلى شرح الأسفار عندنا الجزء الثاني نحن بيّنا هناك أن هذه معركة اصطنعها ملاّ صدرا لا واقعية لها، راجعوا هناك جلد كامل عن أصالة الوجود. وهذا المعنى الرابع ولا ندخل في التفاصيل.
المعنى الخامس: الاعتبار بحسب اصطلاحنا أو ما نصطلح عليه في الاعتبار الاجتماعي ما هي حقيقته؟ هناك أصل في نظرية المعرفة نأخذه كأصل موضوعي ، وهو هل أن الإنسان زوّد بقدرة يستطيع أن يبدع أو لا يستطيع ، وهذا من أهم الأبحاث المعرفية عند الفلاسفة الإسلاميين، ما هو معنى الإبداع ، ليس مرادنا بالإبداع الذي يقولوه بالقنوات الفضائية ، مرادنا بالإبداع: الإبداع الكلامي، يعني أن يوجد شيئاً من غير مثال سابق، أصلاً لا ناظر لا مأخذ صورة ، لم يأخذ استنساخ هو أنشأها هل يستطيع أو لا؟ في محله قالوا: ان الله سبحانه وتعالى هذه من اختصاصاته لم يزود أحد من خلقه بهذه الخاصية. كل الذي عنده مأخوذ استنساخ ولكن هذا الاستنساخ مرة استنساخ بسيط ومرة استنساخ تركيبي ، يعني يرى حصاناً ويرى طيراً فيأتي ويأخذ الحصان يركب على رأسه بدل رأس الحصان رأس الإنسان وبدل كذا يضع كذا فيصير كذا فيصير حصان مجنح هذا إبداع أو غير إبداع هذا تركيب يعني عنده صورة عن الإنسان وعنده صورة عن الحصان وعنده صورة عن كذا وكذا فهذه يحللهن ويفصلّهن ثم يركبهن من جديد إلا هو سبحانه وتعالى فإنه خلق الأشياء لا عن مثال سابق أبداً ، هذه من اختصاصته هذه لم يعطها لأحد أبداً، هذه مثل الاختصاصات التي أعطاها الله لرسوله ولم يزودها لأحد، هذه مختصات الله سبحانه وتعالى، ولهذا عندما يأتون إلى الإبداع يقولون الله من أسمائه البديع ، يعني خل الأشياء لا على مثال سابق ، أما أنا وأنت وكل الموجودات أخذت هذه الحقيقة كل الحقائق، وإلا أنتم تعالوا إلى الرادارات تجدون أنهم أخذوها من الذباب ، درسوا الذباب فرأوا أن هذا الحيوان كم يدك سريعة قبل ما توصل يدك يطير، كيف طار؟ هذا الرادار الذي عنده ما هو؟ ذهبوا وحلّلوا الذباب فعرفوا الرادار الذي فيه فعملوا رادار على شاكلته ، المهندسون هكذا وهكذا وهكذا… ولذا أهم خصوصية عند الإنسان هي أنه لم يزوّد إلا بشيء واحد وهو أنه قادرٌ على التحليل والتركيب أو أخذ صورة خارجية من الشيء ثم يرسمها، كما ترون الفنانين من يرسم لوحة فهم يرسمون على شكلين إما طبيعية ، طبيعة ويرسمها فهذه استنساخ من الطبيعة أو تحليلة وتركيبية.
سؤال: – إذا اتضحت هذه المقدمة – ما هي علاقتنا بهذه المقدمة؟
الجواب: إن الاعتبار هكذا، الاعتبار الاجتماعي أو الاعتبارات الاجتماعية أو مجموع الاعتبارات هي أنها مأخوذة استنساخ من الحقائق التكوينية ، يعني الملكية، الإنسان بالوجدان يحس أنه مالك لقواه ولشؤونه، هذا أمرٌ تكويني الله سبحانه وتعالى خلقه على هذه الصيغة أوجده بهذا النحو ، هو جاء وأخذ هذا المفهوم التكويني وعمل منه مفهوم اعتباري قال: أنا أيضاً مالك لهذا الكتاب ولكن ملكيته لهذا الكتاب ليس كملكيته لشؤون نفسه وأعضائه وقواه وإنما ملكية اعتبارية ، ولذا تلك لا يمكن التصرف والنقل والانتقال والإرث فيها، أما هذه فيجوز فيها لأن هذه فيها أحكام غير تلك الأحكام فقط أخذ استنساخ منها في أمر آخر .
مثال أوضح: الرئيس والمرؤوس ، أصلاً بعض الأحيان وضع الألفاظ على الأمور التي أخذ منها هذه المفاهيم، ما معنى رئيس؟ يعني الشخص الذي يدبر مجتمع أسرة عائلة، عالَم صغير أو كبير، مَن أين أخذ هذا، أخذها من نسبة الرأس إلى البدن، لأن نسبة الرأس إلى البدن هو أن الرأس الذي فيه العقل يدبر البدن وكل قوى البدن وكل شؤونه وهو الآن قال أن هذا الشخص بالنسبة إلى المجتمع كمنزلة الرأس بنسبة إلى البدن فسماه رئيس ، سماه عنده رئاسة وسمى أولك مرؤوسين ولكن تلك حقيقة تكوينية العلاقة بين الرأس والجسد لأنها مرتبطة بالنوع الثاني من الملكية ولكن هذا الذي وضعه مرتبط بأمر اعتباري ولهذا تدبير العقل والرأس للبدن أمرٌ غير قابل للانفكاك ، فلا تستطيع رفع الرأس ووضعه على بدن آخر يدبره ، تقول الآن الطب تقدّم! لا، ذاك بعد غير بدن زيد يصبح بدن ذاك بحث فقهي آخر الآن لا أريد الدخول فيه ، لأن البعض يتصور أنه إذا قطعوا يدي ووضعوها على فلان يقولن هذه يد سيد كمال، لا ، لا، هذه تسمى يد سيد كمال بعلاقة ما كان مجازاً وإلا عندما التحقت ببدن زيد فهي يد زيد لأنها دخلت تحت تدبيره وهذا العين ، وهذه المسألة تدخل في أخطر مسائل الفقه وهي أنه نقلوا عين خنزير نجس العين ووضعوه جزء من بدني فهل يبقى نجس عين أو لا يبقى وعشرات المسائل في الطب الآن مرتبطة بهذا ، وهذه ما لم تتحقق حقيقتها وهي أن حقيقة الإنسان بالبدن أو بالروح هذه القضية غير قابلة للحل ولذا تجد فوضى في الفتاوى الفقهية ، حقيقة الإنسان بروحه وليس بأجزاء بدنه هذه الأجزاء قد تتبدل من آن إلى آن ليست هي زيد ، زيد مَن؟ تلك الروح، مَن يدخل تحت لوائها يصبح زيداً، تقول قبل ساعة كان فلان، نعم هذا لا يهم المدار على ما صار.
إذن أعزائي على هذا الأساس ما تعريف الاعتبار في جملة واحدة؟ أخذ حد أمر تكويني وإعطائه لأمر غير تكويني، رحم الله السيد الطباطبائي في حاشيته على الكفاية صفحة إحدى عشر جملة واحدة عرف الاعتبار – الاعتبار الاجتماعي – قال: الاعتبار هو إعطاء حد شيء لآخر انتهى. وهذا الشيء هو الأمر التكويني ، وإعطائه لأمر غير تكويني .
إذن إلى هنا انتهينا إلى عدة نقاط، أنا أعطيك خصوصيات والأمر التي يمتاز بها الاعتبار الاجتماعي عن باقي الاعتبارات .
الخصوصية الأولى: هو أنه يعطى حد شيء مرتبط لشيء آخر.
الخصوصية الثانية: أن الاعتبار ليس له ما بإزاء ولا منشأ انتزاع، إلا إذا قلت أنه أخذه من الآخر منشأ انتزاعه ، هنا لا يوجد مشكلة.
الخصوصية الثالثة: أنه ما من أمر اعتباري إلا وله ما يوازيه كحقيقة من حقائق نظام هذا العالم، الآن اعتبار الزوجية ، اعتبار الاجتماع ، اعتبار الرئاسة ، اعتبار الملك، فأي وحدة منهن تأخذها لها حقيقة وأنت أخذت منها صورة ونسجت منها مفهوم اعتباري.
إذا قلت: ما فائدة هذا البحث؟
الجواب: إذا قبلنا هذه المقدمات في كلمة واحدة إذن أنت لكي تعرف خصوصيات أي مفهوم اعتباري أنت اذهب إلى الحقيقة التي انتزع منها تتعرف على خصوصيات هذا الأمر الاعتباري ، لتعرف ما هي خصوصياته، ما هي أحكامه، ما هو واقعه، ذاك الوقت من حق الشارع أن يزيد عليها قضية جديدة أو ينقص ولكن أصلها حقيقتها مأخوذة من هناك، فإذا تعرفت على تلك تعرفت على هذه، الوقت انتهى وبقيت أسئلة، أشير إلى الأسئلة وان شاء الله غداً أجيب عليها:
السؤال الأول: أن هذه الأمور الاعتبارية ثابتة أو متغيرة؟
السؤال الثاني: أنها متطورة أو غير متطورة.
السؤال الثالث: لماذا احتاج الإنسان للاعتبار، فإذا كان يعيش مع الحقائق الوجودية فماذا يفعل بالأمور الاعتبارية ، بعد ذلك سيتضح لكم أن كل المفاهيم الفقهية من تكليفية ووضعية هي مفاهيم اعتبارية بإجماع فقهاء الإمامية ، فلا يوجد خلاف في هذه المسألة ، فإذا كنا نعرف الحقائق ونتعامل مع الحقائق فما هي الضرورة أن الشارع يأتي وضع لنا مفاهيم إما اعتبارية تأسيسية وإما اعتبارية امضائية فما هي الضرورة والحاجة لها .
السؤال الرابع: ما هي الأدوات التي من خلالها وما هو المنهج الذي نتبعه في تحقيق المسائل الاعتبارية ، فهل نأتي بمنطق ارسطو وانطبق عليها أو يوجد منطق آخر أو يوجد أدوات أخرى ، فأنت في الأمور التجريبة الطبيعية تطبق قاعدة عقلية أو تطبق التجربة، يعني القمر يؤخذ منه قطعة أو لا يؤخذ منه قطعة أجلس هنا وأقول الفلسفة هكذا تقول أو أبعث إنسان إلى القمر ونرى هل يستطيع أن يأتي بقطعة أو لا يستطيع ، ابن سينا جلس بفلسفته وقال بأن القمر لا يمكن أخذ قطعة منه في طبيعيات ابن سينا الآن الفيزيائيين والطبيعيين ماذا قالوا له؟ قالوا: لا والله ذهبنا وجئنا بكمية من الأحجار. يعني المنهج ما هو المتبع في المسائل الاعتبارية وهذا يترتب عليه أمرٌ والله يقلب الفقه والأصول على عقبه أنه أساساً هل تطبق عليه أحكام المنطق الارسطي أو فيه أحكام خاصة؟
وهذا يحتاج إلى بيان يأتي والحمد لله رب العالمين.