نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (277)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    بالأمس اتضحت لنا قضية منهجية مهمة وأساسية في مجموعة المعارف عموماً, وهي: أننا عندما نريد أن ندخل أي دائرة معرفية وأي علم من العلوم لابد أن نميز في الرتبة السابقة أن القضايا أو المسائل المطروحة فيها هل هي من القضايا الحقيقية أو من القضايا الاعتبارية. وبالأمس بينّا خصوصيات القضية الحقيقية وخصوصيات القضية الاعتبارية, طبعاً الأعزة يعلمون ما هو مرادنا من الاعتبار؟ مرادنا من الاعتبار ما أشرنا إليه سابقاً بنحوٍ تفصيلي وبإجمال نقول أن القضايا تنقسم إلى قسمين: قسمٌ يكون الموضوع سبباً لحمل المحمول عليه بلا حاجة إلى أي عامل آخر. نفس الموضوع تصوره كافٍ لحمل المحمول عليه. من قبيل الأربعة فإنها كافية لحمل الزوجية عليها, سواء كان هناك عالم أم لم يكن كان هناك واجب أم لم يكن كان إنسان أم لم يكن, قضية واقعية نفس أمرية لا تتوقف على أي شيء. اجتماع النقيضين بمجرد أن تتصور اجتماع النقيضين المحمول ضروري الثبوت له, ودائمي الثبوت له, وكلي الثبوت له وعبّر ما شئت, هذا هو القسم الأول من القضايا وهي القضايا التي يكفي الموضوع فيها لحمل المحمول عليه, هذه هي التي نصطلح عليها بالقضايا الحقيقية.

    القسم الثاني من القضايا هي القضايا التي لا يكفي تصور الموضوع لحمل المحمول عليه, خبر الثقة حجة أو ليس بحجة؟ لا لا يقتضي بذاته لا الحجية ولا عدم الحجية إن قام دليل على الحجية نقول خبر الثقة حجة, إن لم يقم دليل على ذلك نقول خبر الثقة ليس بحجة, الصلاة واجبة او لا؟ الجواب الصلاة إن أمر الله بها فهي واجبة إن لم يأمر الله فهي ليست بواجبة, الكذب حرام أو ليس بحرام؟ الجواب: إن دل دليل فهو حرام وإلا فليس كذلك, هذا معناه ماذا؟ معناه أن حمل المحمول على الموضوع يحتاج إلى جاعل وإلا إذا لم يكن هناك جاعل فالقضية لا تثبت لموضوعها.

    وهذه قسمناها إلى قسمين: قلنا: أن القضايا الاعتبارية هذه قضية اعتبارية, تنقسم إلى قسمين: قسم منها حمل المحمول على الموضوع, إنما يكون ناشئاً من مصالح ومفاسد, يعني الشارع لا يقول جزافاً الصلاة واجبة والكذب حرام, الشارع لا يقول جزافاً خبر الثقة حجة والقياس ليس بحجة وإنما هناك نكات واقعية أدّت إلى ذلك.

    وقسم ثانٍ من المحمولات لا, أساساً لا هي ذاتية ولا هي من الصنف الأول من القسم الثاني, يعني مصالح ومفاسد وإنما لنكتة من النكات ولسببٍ من الأسباب حملوا المحمول على الموضوع, قالوا الفاعل مرفوع, لماذا الفاعل مرفوع؟ لأن مقتضى الفاعلية أن يكون مرفوعاً؟ لا, لأنه هناك مصالح واقعية اقتضت أن يكون الفاعل مرفوع؟ لا, لماذا؟ لا نعلم, أصلاً واضع اللغة العربية من اليوم الأول قال الفاعل مرفوع, لو قال أن الفاعل مجرور الآن أيضاً لقلنا الفاعل مجرور.

    كلا هذين الأخيرين يعني ما يتعلق بالصنف الثاني بالقسم الثاني بكلا صنفيه قضايا اعتبارية.

    السؤال: هل الأحكام الجارية فيهما واحدة؟ بالأمس أجبنا قلنا: لا يمكن أن نطبق قواعد القضايا الحقيقية على القضايا الاعتبارية, أنا إذا أردت أن أثبت أن خبر الثقة حجة ما أذهب إلى دليل عقلي؟ إذا أردت أن أثبت أن الفاعل مرفوع لا أذهب إلى الفلسفة أذهب إلى اللغويين والنحويين, إذا أردت أن أثبت الله موجود لا أذهب إلى خبر الثقة, الآن لو جاء خبر الثقة وقال الله موجود حجة أو لا؟ أبداً كل قيمة ما له.

    إذن بينّا بالأمس أن أحكام وقواعد الاستنتاج والاستنباط في القضايا الحقيقية تختلف عن أحكام وقواعد الاستنتاج والاستنباط في القضايا الاعتبارية.

    وهذا ما صرّح به جملة من الأعلام, منهم السيد الطباطبائي+ في (أصول الفلسفة) الذي قلنا أن أصل النظرية للسيد الطباطبائي (ج1, ص524) قال يعني في المتن قال التي هي ترجمة سيد عمار أبو رغيف قال: [وبلغة المنطق لا يمكن إثبات قناعة شعرية بالبرهان] البرهان له مجاله والشعر له مجاله, وفي هذا الضوء لا تصدق بعض تقسيمات المعاني الحقيقية بشأن هذه المعاني التي هي اعتبارية التفتوا جيداً, يعني ماذا؟ يقول هذا التقسيم المشهور أنها بديهية نظرية ضرورية ممكنة محالة هذه للمفاهيم الحقيقية ولا علاقة لها بالمفاهيم الاعتبارية, المفاهيم الاعتبارية لا بديهية ولا نظرية, ولا ضرورية ولا ممكنة ولا ممتنعة, هذا الموجود إما واجب إما ممكن إما ممتنع, لا الأمور الاعتبارية.

    بعد, [على أي حالٍ لا خلاف في هذا المجال] هذا مورد أشار إليه.

    المورد الثاني: ما أشار إليه (في الأسفار, ج1) أنا فقط أشير للمصادر لأنه تعلمون اليوم لعله اليوم الأخير من درس هذه السنة, هناك بعد أن ذكر مجموعة من القواعد في حاشية عنده على الأسفار (ج1, ص30- 31- 32) يقول: [وإنما تجري هذه الأحكام في العلوم الحقيقية, وأما العلوم الاعتبارية التي موضوعاتها أمور اعتبارية فلا دليل على جريان شيء من هذه الأحكام فيها, لأن الاعتبار تابع للمعتبر, إذن الأحكام الجارية فيها تابعة للأحكام التي يضعها المعتبر لا الأحكام المرتبطة بالأمور الحقيقية.

    ومن هنا ذكر الشيخ المطهري في أصول الفلسفة في شرحه في الجزء الأول, ص530) قال: [وعلى هذا الأساس لا يمكننا عبر دليل مؤلف من قضايا حقيقية أن نثبت قضية اعتبارية, كما لا يمكننا أن نثبت بدليل مؤلف من قضايا اعتبارية حقيقة من حقائق هذا العالم]. جيد.

    السؤال المطروح هنا: إذن النتيجة التي ننتهي إليها ما هي؟ وهي أنه أنت أي علم تريد أن تدخل تريد أن تدخل إلى الفلسفة تريد أن تدخل إلى العرفان تريد أن تدخل إلى التفسير تريد أن تدخل إلى الفقه إلى الأصول إلى النحو إلى الصرف إلى البيان إلى علم الكلام أي علم من هذه العلوم المتعارفة في حوزاتنا, أولاً: لابد مقتضى البحث الفني أولاً تقول أن هذا العلم نسبة المحمول فيه إلى الموضوع ما هو؟ من القضايا الحقيقية أو القضايا الاعتبارية. فإن كانت القضية حقيقية فلها أحكامها, وإن كانت اعتبارية فلها أحكامها.

    ولذا نحن بشكل واضح وصريح بشكل مفصل الأخوة الذين يريدون أن يراجعون (شرح الحلقة الأولى, ج1, ص195) قلنا: أول مسؤولية عن العالم, المحقق, وإلا العالم تحت خمسة خطوط هذا ما أدري كيف نسميه عالم, قلنا من أهم النتائج التي تترتب على انقسام العلوم إلى حقيقية واعتبارية أن القواعد المتبعة في تحقيق مسائل العلوم الحقيقية تختلف عن تلك التي لابد من اتباعها في مسائل العلوم الاعتبارية, هذه قواعد وهذه قواعد أخرى, لا معنى لأن تدخل في علم الأصول وتطبق عليها قاعدة من القواعد الشعر العربي, له معنى هذا؟ أبداً لأن علم الأصول له قواعده, ولا معنى لأن تدخل في علم العروض وتطبق قواعد الترجيح بلا مرجح, ما هي علاقتها؟ ذاك علم له بابه, وهكذا عندما تأتي إلى العلوم التجريبية, العلوم التجريبية لا معنى, أقول لك هذا العنصر بسيط أم مركب؟ تقول والله عندنا خبر الثقة يقول مركب, ما هي علاقته؟ هذا لابد التجريبي يقول مركب أو بسيط, الآن لو عندك ألف خبر ثقة ماذا أفعل بها؟

    إذن, هذا الأصل أحفظوه أنه أي علم لا يجوز الدخول فيه إلا بعد معرفة أنه من القضايا الحقيقية أو من القضايا الاعتبارية.

    سؤال: الآن كنّا نتكلم في الكبرى تعالوا نتكلم في الصغرى, المحمولات الموجودة في الفقه وفي الأصول نسبتها إلى موضوعاتها حقيقية أم اعتبارية؟ واقعاً أنا ما أريد أن أستبق البحث أنها حقيقية لا لا, اعتبارية لا لا, لا ليس هكذا, على العالم قبل أن يدخل في بحث علم الفقه لابد أن يقول المحمولات نسبتها إلى الموضوع حقيقية, إذن أطبق عليها قواعد العلم الحقيقي, أو بعضها حقيقية وبعضها اعتبارية أو كلها اعتبارية لا مشكلة, أنا ما أريد أن أقول إلا أن تقول اعتبارية مثل فلان يعتقد لا لا أبداً, في المهم, أنت إذا لم تدخل إلى البحث من هذا المدخل أنا مقدمةً يسألني هذا عالم؟ أقول لا هذا جاهل. تقول عمامته كبيرة أقول فلتكن, لحيته طويلة, فليكن, شهدوا له أهل الخبرة فليكن, أهل الخبرة أيضاً مثله, انتهت القضية, لا فرق, لماذا؟ لأن المدخل يتضح أنه حدث العاقل بما لا يُعقل فإن صدق فلا عقل له, حدث العالم بأمر لا يُصدق فإن صدق فلا علم له.

    أنا الآن فقط أريد أن أشير إلى كلام واحد, لأنه اليوم قلت لكم آخر ما عندي وقت أفصل, هذه أمامكم سيدنا الأستاذ السيد الخوئي في (المحاضرات, ج1 للشيخ إسحاق فياض, ص18) يقول: [أن المحمولات التي تترتب على مسائل علم الفقه بأجمعها] يعني عندما تدخل إلى اول مسألة من الجواهر إلى آخر مسألة من الجواهر حدود ألف مسألة في الجواهر هذه كلها المحمول ما هو؟ التفت جيداً [وعدّة من محمولات مسائل علم الأصول] الآن لماذا يقول وعده؟ باعتبار أنه يوجد في علم الأصول القطع حجة, هذه الحجية ليست اعتبارية وإنما حقيقية, توجد مسائل عقلية في علم الأصول محمولاتها ليست اعتبارية فما هي؟ قال: [من الأمور الاعتبارية التي لا واقع لها عدى اعتبار من بيده الاعتبار] طيب بينك وبين الله تريد تصريح أكثر من هذا؟ إذن لابد ماذا نطبق عليها؟ نطبق قواعد علم الاعتبار, أما قواعد العلوم الحقيقية نطبقها أو لا نطبق؟ يلزم الخلط لأن العلوم الحقيقية لها قواعد.

    دعني أشير إلى بعض القواعد المرتبطة بالعلوم الحقيقية حتى تعرفون المشكلة أين.

    من أهم القواعد المعروفة والمتداولة على الألسن في القضايا الحقيقية تقدم الشيء على نفسه محال, الترجيح أو الترجح بلا مرجح محال, تقدم المعلول على علته محال, التسلسل والدور في العلل محال, توارد العلل المتعددة على المعلول الواحد محال, صدور المعلولات المتعددة من العلة الواحدة محال, وجود العرض بلا موضوع محال, اجتماع المتضادين على موضوع واحد محال, التقدم الزماني المشروط على شرطه محال, انتفاء الكلي بانتفاء جزء منه محال, وهكذا عشرات القواعد, هذه قواعد العلم الحقيقية يمكن تطبيقها في الاعتبارية أو لا يمكن؟

    الجواب: محال أساساً تطبيقها في غير محلها على غير موضوعها, من قبيل طبق قواعد التجربة على علم العروض.

    سؤال: علماء الفقه عندنا علماء الأصول ماذا يطبقون؟ هذه القواعد كل الأصول من أول إلى آخره ماذا تقرأ أنت؟ تقدم المعلول, مثال واضح عندكم, أول ما تدخل إلى الكفاية في التعريف لإثبات موضوع واحد, يقول لابد أن يكون الموضوع واحد لأن الغاية واحدة والواحد لا يصدر منه إلا واحد, يا شيخنا يا مولانا يا محقق الشيخ صاحب الكفاية هذه القواعد الواحد لا يصدر منه إلا واحد هذا في التوحيد لا علاقة له بالتعريف في الأمور الاعتبارية, ولهذا كل الذين يعرفون الحقائق وأهل التحقيق عندما جاؤوا هنا قالوا هذا خلط بين الأمور الحقيقية وبين الأمور الاعتبارية.

    نعم, من حقك أن تقول أنا ما معتقد أن قضاياه اعتبارية وإنما حقيقية من حقك هذا, أنت عالم محقق تثبت أن نسبة المحمول إلى الموضوع في قولنا الصلاة واجبة كنسبة الزوجية إلى الأربعة ما في مشكلة, أي مشكلة لا توجد.

    أما إذا أنت تصرح أنها اعتبارية يا السيد الخوئي ثم بعد ذلك تطبق ماذا؟ أنت والنتيجة يعني فوضى علمية ما عندي تعبير آخر, إلا أن ترجع قلت لكم كعالم يستطيع في المقدمة يقول نحن لا نوافق أن قواعد وأحكام القضايا الحقيقية تختلف عن قواعد وأحكام القضايا الاعتبارية ولكن ثبته في المقدمة, يعني في مقدمة علم الأصول, قل: أولاً لا نميز وإذا ميزنا فالقواعد واحدة ما عندنا مشكلة, ولكن أن تدخل هكذا بلا تحقيق هاتين المسألتين هذه النتيجة تصير هذه الفوضى التي نحن نعيشها, وطبعاً هذه الفوضى في كل أغلب العلوم يوجد ابتلاء بها, لا تتصور فقط فقه وأصول, علم الكلام أيضاً كذلك, جملة من المباحث المرتبطة بعلم الكلام التي هي علم حقيقي الذي يطبقون عليها أحكام الاعتبارية, إذا علم حقيقي لابد أنت تستند إلى قواعد عقلية لا تقول لي خبر الثقة هكذا قال, هذا ليس علم كلام هذا صار علم نقلي هذا.

    في الفلسفة أيضاً كذلك, إذا دخلت إلى كتاب فلسفي ورأيت مرة يستدل بدليل عقلي ومرة يستدل ببيت من الشعر ومرة يستدل برواية وأخرى بآية أيضاً اعرف أن هذا لا يعرف المنهج, لأن البحث الفلسفي قواعده لابد أن تكون عقلية محضة, لا مجال.

    ولذا أنتم انظروا أهل التحقيق هذا, (البداية والنهاية) الذين قرؤوها جيداً لم يجدوا مورداً واحداً مستدل بآية أو رواية, أبداً, ولذا تفهم أنه لماذا السيد الطباطبائي في الميزان عندما عنده بحث يقول تفسير عندما عنده بحث فلسفة يقول بحث فلسفي, ما يدخله في التفسير لأن البحث الفلسفي له قواعده والبحث التفسيري له قواعده, وعندما يريد أن يتكلم في الروايات يقول بحث روائي, لأن الروايات لها قانونها وأحكامها وعندما عنده اجتماع يقول بحث اجتماعي, لأنه كل واحد له قواعده.

    أما نحن عندما نأتي ونجد بعض التفاسير مع احترامنا لكل التفاسير وكتابها عرفت كيف تجد البحث العقلي طابعه على البحث التفسيري والتفسيري على الروائي وأنت لا تدري في النتيجة هذه النتيجة التي انتهيت إليها في النتيجة دليلها عقلي نقلي شعري ما هو دليلها لا تعرفها.

    ولذا لا يتبادر إلى ذهن أحد أن هذا الخلط فقط اين موجود؟ لا فقط موجود في الأبحاث الفقهية أو الأصولية كل من لم يكن من أهل التحقيق يبتلي بهذا المحذور.

    ولذا الشيخ المطهري& في عبارة عنده مجموعة في (ص532) وهذه كلها مأخوذة من أستاذه السيد العلامة+ يقول: [ومن هنا تتضح السلبية والخطورة البالغة للخلط بين الاعتباريات والحقائق ويتضح أيضا أن الأدلة المستعملة والتي ترتكب هذا الخلط تفتقر إلى القيمة المنطقية] ليس لها قيمة منطقية, هذا الذي يأخذ مقدمات حقيقية لإثبات قضية اعتبارية أو يأخذ مقدمات اعتبارية لإثبات قضية حقيقية, لا ذاك صحيح ولا هذا, صحيح, [سواء ارتكن الباحث إلى الأمور الاعتبارية كما هو الحال في أغلب أدلة المتكلمين] يقول أغلب أدلة المتكلمين يستندون إلى أدلة اعتبارية لإثبات حقائق وجودية أصلاً لا قيمة لها, [وكما وكما .. أو ارتكن الباحث] محل الشاهد [لإثبات الأمور الاعتبارية] التي بتصريح السيد الخوئي أحد أعلام علم الأصول, السيد الخوئي كان يقول أنا ثمان سنوات من عمري لا قرأت لا درّس لا درست إلا علم الأصول, ومع ذلك كان يقول ما أستطيع أن أذهب أدرس بلا تحضير إلا ليوم واحد, أكثر ما أكدر.

    انظروا الإنسان عند ذلك يربي علماء, ثمان سنوات يدرّس ودارس أصول فقط محضاً ولكن بلا تحضير يستطيع أن يأتي للدرس أو ما يستطيع؟ لا ما يصير إذا تحترم أنت طلابك.

    قال: [أن ارتكن الباحث لإثبات الأمور الاعتبارية إلى القواعد والأصول الخاصة بالأمور الحقيقية وقد تقدمت أمثلتها نظير] محل الشاهد [نظير معظم الأدلة التي تستخدم عادةً في أبحاث علم أصول الفقه] في الأعم الأغلب استدلالات لا معنى للبحث عن الدليل العقلي لإثبات مسائل اعتبارية, لأن الأمور الاعتبارية مرتبطة بيد من؟ بيد الجاعل, الجاعل هكذا يضعها أو هكذا, لا معنى للاستناد إلى الترجيح بلا مرجح أنه لا يمكن جريان الأصول لأنه يلزم الترجيح بلا مرجح, أبداً هذا الترجيح بلا مرجح مرتبط بالخلق والإيجاد يعني أن الماهية تساوت طرفها أليس هكذا تقول أن الماهية متساوية النسبة إلى الوجود والعدم, هذه خروجها عن حد الاستواء إلى أحد الطرفين يحتاج إلى مخرج هذا الذي يسموه الترجيح بلا مرجح محال, هذا ما هو علاقته أن أجري الأصل في هذا الطرف أو بذاك الطرف.

    لا معنى أن تقول أن الصلاة مركبة من عشرة أجزاء فإذا سقط جزء منها والمركب ينتفي بانتفاء جزء منه, أصلاً لا معنى لتطبيق القاعدة.

    كنّا نحضر عند أحد أساتذتنا وذكرته مراراً, كونوا على ثقة أربعة أشهر نحن كنّا واقفين على مسألة >لا تعاد< أنه كيف تنسجم >لا تعاد< مع قاعدة أن المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه, لأن الصلاة فيها عشرة اجزاء قاعدة لا تعاد ماذا تقول؟ تقول فقط هذه الخمسة إذا اختلت تسقط الصلاة, أما الباقي إذا اختلت تبقى صلاة, طيب هذه كيف تنسجم مع قاعدة أن المركب ينتفي بانتفاء جزء منه؟ والطالب يبقى ستة أشهر يصعد ينزل ما يدري بأن هذه المسألة فيها خلط بين الأمور الاعتبارية والأمور الحقيقية.

    وهكذ, الآن لو تدخل, الآن أنا ذكرت للأعزة الآن يوجد كتاب أخيراً خرج الأدلة العقلية المستند إليها في الأبحاث الأصولية وحقك لو تخرجها لم يبقى من علم الأصول إلا عشرين بالمائة, أصلاً هذا التضخم هذا التورم, أما مراراً ذكرت للأعزة, أن السيد الصدر& في تقريرات بحثه كما نحن كتبنا منه وموجودة أيضاً في عبارات جملة من الأعلام كان يقول أن علم الأصول بدأ يطغى ثم يطغى ثم يطغى ثم اني أخشى على أن يطغي على علم الفقه, وواقعاً أيضا يقضي الآن اهتمام الطلبة في الحوزة العلمية بالأصول أكثر ماذا؟ مع أن الأصول علم مقدمي أو علم ذي مقدمي؟ علم مقدمي لأجل الاستنباط ولكن يقضي عمره أربعين سنة, دورة أصولية كان بعض الأعلام يقول, حضرنا دورة أصولية عند أحد الأعلام ثمانية عشر سنة, فبدأ دورة أصولية ثانية, فقال الذين حضروا الدورة الأولى لا يتصور أنه يكتفون لابد أن يحضروا الدورة الثانية الأولى التي حضروا لا يتصورون أنهم يكتفون بها عن الثانية لأن بينهما عموم من وجه لابد أن يأتي أربعين سنة يبقى في علم الأصول. هذا الواقع, النتيجة ماذا؟ النتيجة يبقى حافي القدمين في التفسير وفي العقائد وفي الأخلاق وفي العلوم التي يحتاجها المجتمع وفي التبليغ كلها ماذا يصير في الحوزة؟ يصير فارغ المحتوى يذهب إلى التبليغ يعرف بيني وبين الله ست سنوات جالس مقدمة الواجب ماذا يعرف غيرها؟ وما يستطيع كل واحد عنده تلك الشجاعة العلمية والشهامة الدينية حتى يقول لا أعلم, فيبدأ كل ما يسألوه يجيب, عند ذلك تصير هذه الفوضى التي عندنا الآن على المنابر وعلى الفضائيات وعلى .. إلى آخره.

    ولذا أعزائي أنتم مسؤولية عندكم أنا مسؤولية أن أقولها وهذا ليس الآن أقوله منذ عشرين عام أقول هذا مذ خمس وعشرين عام لو ترجعون إلى دروسي تجدون بأنه واحدة من أهم الاعتراضات على السيد الحيدري أنه سيدنا ما يصير تدرّس وما تحجي على أحد, قلت له هذا والله ماذا أفعل, وأنا ما أتكلم على أحد أنا أتكلم عن المنهج القائم في الحوزات العلمية, وسأبقى أنبه على أخطاء المنهج العلمي في الحوزات العلمية, وسأبقى أشير إلى أخطار هذا المنهج الحاكم والذي يؤدي إلى القضاء على المذهب إن لم نلتفت إليه, لأنك تعلم بأنه أنت في معركة الآن مذ وجد أهل البيت وإلى يومنا هذا هناك معركة على من؟ على أهل البيت, فأنت إذا لم تهيأ السلاح الكافي لكل زمان تخسر المعركة أو لا؟ نعم تخسر ولا يقول لي أحد يعني ماذا يفعلون؟ يعني بيني وبين الله مصر الفاطمية ومصر التابعة لأهل البيت تكون هذا الذي نراه, مصر كانت شيعية كانت فاطمية بدليل أكبر جامع بني فيها الأزهر, وأنتم الآن تجدون عشرة إلى خمسة عشر مليون متصوف يوجد في مصر ويحبون أهل البيت هو من ذاك الوقت, أساساً الآن لا أقل الإحصاءات التي عندي اثنان مليون إلى ثلاث ملايين يوجد ناس يسموهم الجعافرة في مصر, هؤلاء جعفرية كانوا ولكن ما يدرون لماذا سموا جعافرة.

    اتصل بي أحد الأعزة من الموصل من عائلة معروفة قال سيدنا نحن كلنا هنا سنة والآن الذي رجعنا إلى تاريخنا رأينا بأنه في زمن العثمانيين سمونا وإلا قبلها نحن شيعة, نفس الوقت الذي صار الضغط في إيران على تغيير مذهب من التسنن إلى التشيع بحد السيف جعلوهم شيعة نفس الوقت العثمانيين ماذا كانوا يفعلون؟ وهذه كانت ردت فعل العثمانيين, لا يتبادر إلى ذهنك ما يمكن, لا ممكن أمامك الآن البقيع الآن خمسين سنة مائة سنة سبعين سنة هذا وضعه ماذا فعلنا نحن؟ غير نلطم على الحسين فعلوا شيء؟ طيب إذا فعلوا لنا كربلاء ماذا نفعل؟ تقول لا, أقول إذا تصدق هذا البقيع افعل شيء.

    الآن هذه العسكريين ماذا فعلنا؟ غير أربع بيانيات صدرنا بائسة للإدانة فعلنا شيء آخر قل لي, وعندنا دولتين شيعية, والله لو مسجد لو ما أدري إمام زادة في مكان ما كان قد هدموا تواليته كان صار أكثر من هذا, ولكنه تجد, إذن لا يخطر إلى ذهن أحد منكم بأنه لا, ما يأتي ذلك اليوم جاء, ارجعوا إلى تاريخ الوهابية ومحمد عبد الوهاب سنة 1801 انظروا عندما هجموا على النجف وهجموا على كربلاء ماذا فعلوا بالعتبتين اقرؤوا التاريخ إذا كنتم صادقين, ماذا صار؟ كل شيء ما صار, افتحوا أعينكم معركة وحقك معركة لا رحمة فيها لأحد, لابد أنه أنتم تتهيؤون, على أي الأحوال.

    وقتي انتهى أعزائي, جملة واحدة أقولها أخيراً مع الاعتذار للأعزة جميعاً, إذن إذا كانت القواعد العقلية وقواعد العلوم الحقيقية لا تستعمل في الأمور الاعتبارية ما هي أهم القواعد المستعملة في العلوم الاعتبارية؟

    الجواب: أهم قاعدة أن هذا الاعتبار لابد أن لا يلزم منه نقض الغرض للهدف الذي وضع لأجله, أنت عندما تضع اعتبار من الاعتبارات ماذا تريد أن تفعل؟ ذكرنا في الأبحاث السابقة تريد أن تنقل الإنسان من النقص إلى الكمال, فلابد أن لا يلزم نقض الغرض هذا فقط, ولهذا عبروا عنه بقاعدة اللغوية أن لا يلزم من الجعل الاعتبار اللغوية.

    هذا البحث فقط أنا أشير إلى مصادره قال: [وعلى أي حال لا خلاف في أن كل فرد وكل جماعة تستهدف غايةً وهدفاً في اعتبارها وتتخذ من الوصول إلى ذلك الهدف مقصداً لها, وحينما تعتبر أمراً بغية هدفٍ خاص لا يمكن أن تعتبر عين تلك القوة أمراً آخر تبعد المعتبر عن بلوغ ذلك الهدف الخاص, إذن المقياس الوحيد الذي يحكم منهج حركة الفكر في الاعتباريات هو اللغوية وعدم لغوية الاعتبار] إذا لزم من الاعتبار لغوية فإذن هذا باطل, إذا لم يلزم منه اللغوية فهو صحيح, هذا معنى أشار إليه.

    وهكذا أشار إليه في (حاشيته على الكفاية, السيد الطباطبائي, ص15) يراجعون البحث, قال: […] كذا يرجعون إليه.

    وكذلك أشار إليه في (نهاية الحكمة, ص259) هذه عبارته, يعني في (الفصل العاشر من المرحلة الحادي عشر) قال: [ويظهر أيضا أن القانون هو اللغو وعدم اللغوية].

    وهكذا في (أصول الفلسفة للمطهري, ج1, ص533).

    هذا تمام الكلام في الاعتباريات, وبهذا تلخص لنا أن الأقوال في الملكية الفقهية ثلاثة:

    القول الأول: أنها من الأمور المتأصلة.

    القول الثاني: أنها من الأمور الانتزاعية.

    الأمر الثالث: أنها من الأمور الاعتبارية.

    وهذه جميعاً لا تصلح أن بهذا البيان, لا تصلح أن يتصف الحق بها سبحانه.

    إذن قوله تعالى: {فأن الله} بناء على هذه المباني لا يمكن أن تكون اللام لام الملكية الاعتبارية أو الانتزاعية أو المتأصلة يعني الملكية الفقهية, وعليه بقرينة وحدة السياق {فأن لله خمسه وللرسول} هذه أيضاً اللام لا تكون لام الملكية {ولذي القربى} أيضاً لا تكون لام الملكية, إذن أي لام هذا؟ هذه إن شاء الله تعالى إلى السنة القادمة.

    والحمد لله رب العالمين.

    واستميح الأعزة عذراً أنه إذا صدر مني شيء لا يناسب الأعزة فأستميحهم عذراً ولا ينسوني من الدعاء كما لا أنساهم من الدعاء.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1072

  • جديد المرئيات