نصوص ومقالات مختارة

  • تعارض الأدلة (68)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في هذه النقطة وهي أنّه: ما هي الخطوات التي ينبغي أن نسير عليها لنستنبط الحكم الشرعي, طبعاً إنما أقيد كلام بالحكم الشرعي باعتبار أن كلمات الأعلام في تعارض الأدلة مرتبط بالحكم الشرعي, يعني: هذه من نواقص أبحاثنا الأصولية بشكلٍ عام, هذه النقطة أحفظوها جيداً واذهبوا وابحثوا واسألوا أهل العلم والمتخصصين أيضاً, انظروا ما هو جوابهم.

    وهو: أن علم الأصول بشكل عام, وأن أبحاث التعارض بشكل خاص, إنما كتب لأجل استنباط الفقه الأصغر (الحلال والحرام) ولذا لا أبالغ إذا قلت أن خمسة وتسعين بالمائة من علم الأصول لا ينفع في غير الفقه الأصغر.

    أضرب لكم مثالين ثلاثة:

    المثال الأول: حجية خبر الواحد, من أهم أبحاث علم الأصول حجية خبر الواحد.

    سؤال: خبر الثقة لا خبر الواحد الآن, خبر الثقة حجة في العقائد أو ليس بحجة في العقائد؟ ماذا تقولون؟ الكل قالوا أنه ليس بحجة, إذن هذا البحث ينفعنا في البحث العقائدي أو لا ينفع؟ لا ينفع.

    ماذا نفعل إذن, ما هو الحجة في باب العقائد؟ هذا في هذا الأصول الموجود بأيدينا غير مكتوب لابد أن نبحث عن علم عن باب آخر نبحث فيه ما هو ملاك الحجية في باب العقائد؟ ما هو ملاك الحجية في باب التاريخ؟ يصرحون الأعلام يقولون أن الأدلة دلت على حجية خبر الواحد أو الثقة في باب الحلال والحرام, أما في باب التاريخ لا يوجد عندنا هكذا دليل أبداً.

    في باب التفسير الروايات روايات التفسير, ما هو الملاك في حجية الأخبار المفسرة؟ أيضاً خبر الثقة؟ يقولون لا, لا علاقة لهذه بتلك, إذن هذا الأصول الموجود بأيدينا في باب حجية خبر الواحد الذي يشكل ركناً أساسياً في علم الأصول المعاصر نافع في غير الفقه أو غير نافع؟ غير نافع, ما الذي ينفع؟ له باب آخر لم يبحثه علمائنا.

    مثال أوضح من هذا: الباب الثاني في علم الأصول الظهور, يعني لعله قوام علم الأصول بخبر الواحد وحجية الظهور.

    سؤال: أن الظهور يفيد الاطمئنان واليقين أو يفيد الظن؟ ماذا تقول؟ طيب يصرحون أن الظهور لا يفيد إلا ظنا, إذن الآيات القرآنية التي هي ظاهرة فيما يتعلق بالفقه الأصغر هذا ظن خاص دل الدليل على حجيته, طيب إذا دل الظهور القرآني في باب العقائد, طيب لا ينفع لأن الظن لا يغني من الحق شيئا, في باب التاريخ لا ينفع, في باب الأخلاق لا ينفع, في باب العقيدة لا ينفع, كله لا ينفع.

    إذن حجية الظهور الأصولي ينفع أين فقط؟ في أن الماء طاهر أو غير طاهر, في أنه يفطر أو لا يفطر, في أنه يحج أو لا يحج, فقط هذه وإلا تلك لا ينفع.

    تعالوا معنا إلى باب التعارض, أنتم الآن تدخلون يقولون بأنه باب التعارض أولاً ننظر بين الروايتين هل يوجد جمع عرفي أو لا يوجد جمع عرفي؟ طيب إذا وقع التعارض بين روايتين في التوحيد هل نعمل ونجعل جمع عرفي واحد نحمله على الاستحباب والآخر على الكراهة ماذا نفعل بها هذه الروايات المتعارضة, فيها جمع عرفي أو لا؟

    يقول عام وخاص, روايتان في باب الإمامة واحدة تقول يعلم الغيب وواحدة تقول لا يعلم الغيب, نسوي عام وخاص, جمع عرفي, حاكم ومحكوم, وارد ومورود ماذا نفعل لهذه؟ إذن كثير من أبواب التعارض إنما بنيت لأجل البحث الفقهي فقط, لا لأجل البحث في عموم المعارف الدينية.

    إذن هذه الدعوى التي توجد على ألسنة البعض وأظنها أنها ناشئة من عدم التدبر, لا أقول شيء آخر, أن من اجتهد في علم الأصول فهو مجتهد في جميع المعارف الدينية هذا دون إثباتها خرط القتاد, فليجيبنا على هذه التساؤلات.

    هذا الأصول الموجود غير قادر على الإجابة على كل تساؤلات المعارف الدينية, نعم من اجتهد في هذا العلم علم الأصول صار قادراً على استنباط الحكم الشرعي. أما قادر على الاستنباط في الروايات التفسيرية؟ الجواب: كلا, قادر على الاستنباط في المعارف العقدية؟ الجواب: كلا, قادر على الاستنباط في المعارف التاريخية؟ الجواب: كلا, قادر على الاستنباط في المعارف الأخلاقية؟ الجواب: كلا, لأنه له باب آخر لا علاقة له بهذا البحث.

    من هنا لعل الأعزة سمعوا مذ سنين لعله مذ عقدين, قلت: كما أسسنا علم أصول الفقه, نحتاج إلى علم أصول التفسير, وإلى علم أصول التاريخ, وإلى علم أصول العقائد, وإلى علم أصول …, وهكذا, لأنه لكل باب معرفي قواعده الخاصة به.

    ولذا نحن كتبنا أصول التفسير والتأويل, هذه أصول التفسير مبنية على هذا الأصل.

    إذن, الآن نحن حديثنا أين؟ نتكلم في الفقه الأصغر, إذا تعارضت الروايات, وإن كان أنا مبناي أنه لابد أن نوسع الدائرة, ولكن نحن نتكلم في مباني القوم, سيدنا السيد الخوئي, إذا أردنا أن نستنبط حكماً شرعياً ماذا نفعل؟ قال تعال إلى السند, هذا الذي أشرنا إليه في الأسبوع الماضي, السند فإن كان السند صحيحاً مباشرة اعمل به, وإن كان السند ضعيفاً ارمي به عرض الجدار.

    وهذه الصحة والضعف مبنية على أي مبنى؟ مبنية على أنه رجال السند ثقات أو ليسوا بثقات, الذي الأعزة يتذكرون قبل دقائق قرأنا من المحقق الهمداني, قال: لو سلكنا هذا المسلك نستطيع أن نثبت رواية واحدة أو لا نستطيع؟ هذه الجملة جد خطيرة من محقق كالهمداني, العبارة قراناها قال: [ليس المدار عندنا في جواز العمل بالرواية على اتصافها بالصحة المطلوبة] يعني أنه رواة السند صحاح أو ليسوا بصحاح [وإلا فلا يكاد يوجد خبر يمكننا إثبات عدالة رواته على سبيل التحقيق لولا البناء على المسامحة في طريقه] نعم تريد أن تتسامح تغض النظر حتى تقول ماذا؟ وهذا هو الحاصل واقعاً. وهو أن الذي بنوا على مبنى السيد الخوئي واقعاً هم مضطرون إلى أن يقبلوا شهادات وهي شهادات اجتهادية وليست شهادات حسية, والشهادات الاجتهادية حجة أو ليست بحجة؟ ليست بحجة, لأنه هذا تابع لاجتهاده قد يصيب وقد يخطأ, يعني عندما يقول فلان ثقة ثقة ثقة, هذا اجتهد, أنت عندما تذهب تحقق يثبت عندك ماذا؟ ضعيف ضعيف ضعيف والعكس بالعكس, هو قال عنه ضعيف أنت يثبت لك أنه ثقة ثقة أعلائي أصلاً, كما نحن قلنا في محمد بن سنان هم ضعفوه ونحو قلنا: من أجل رواة الإمامية من هو؟ محمد بن سنان, لأن مشكلته كانت عقائدية ينقل روايات ما تنسجم مع مذاق بعض الفقهاء, هذه مشكلته كانت.

    وهكذا يزيد الجعفي, هم ضعفوه ونحن نجعله جابر بن يزيد الجعفي من أجلة رواة الإمامة, وهكذا.., ما أريد أن أأتي بالأسماء, ولكن السيد الخوئي اضطر أن يقبل توثيقات من؟ وإلا إذا لم يقبل توثيقاتهم على من يستند أن فلان ثقة أو غير ثقة على من يستند؟ تقول هو يحقق؟ طريقه مغلوق لأن هذه قضايا شخصية تعلم الرجال ليست قضية رواية حتى يذهب ويقرأها لابد أن يعرف سيرته سلوكه أصحابه أصدقائه مبانيه, طيب هذا لم يكتب في علم التراجم عنهم شيئاً. إذن أراحوا أنفسهم قالوا من قال الطوسي صحيح نحن أيضاً توكلنا على الله هو صحيح, ولذا يعبر المحقق الهمداني يقول: [إلا على المسامحة] وإلا إذا على التحقيق والتدقيق لا, لا مجال لتوثيق أحد بالمعنى المصطلح, [لولا البناء على المسامحة في طريقها والعمل بظنونٍ غير ثابتة الحجية] هذه عبارات من؟ عبارات المحقق الهمداني الذي هو من أكابر فقهاء الإمامية, الحق والإنصاف, يكفيكم أن تعرفوا, الأعزة الذين عندهم وقت وأعمارهم إن شاء الله يجعل فيها البركة يذهبون يقايسون كتاب الطهارة للمحقق الهمداني, وكتاب الطهارة للشيخ الأنصاري ليعرفوا الفارق الشاسع بينهما, يرون الهمداني أين والأنصاري أين؟ ولذا في الأوساط العلمية ما عرف الشيخ الأنصاري بكتاب الطهارة عرف أو لم يعرف؟ لم يعرف, لعله البعض لا يعلم أن كتاب الطهارة عنده, أو كتاب الصلاة, خصوصاً كتاب الطهارة أقوله بالخصوص, نعم عرف بكتاب الشيخ الأعظم بماذا؟ هذا كتاب المكاسب أيضاً من باب الفائدة العلمية حتى تطلعوا عليها, هذا كتاب المكاسب هذه تقريرات, طبعاً هذا لا يقلل من شأن الشيخ الأعظم شيئاً, ولكنه دقائق المكاسب لشريف العلماء في كربلاء, شريف العلماء توفي قبل الأربعين من عمره وكان يحضر في مجلس درسه يقولون لا أقل مئات المجتهدين ومنهم الشيخ الأعظم, وهو في كم مكان أيضاً يشير إليه الشيخ الأعظم, يشير إلى شريف العلماء, شريف العلماء من الناس الذين لا يوجد عنده كتب ما عنده, كل الذي عنده دروسه, فالذي استطاع أن يأخذه منه حظه الأوفى مثل الشيخ الأنصاري كتب ماذا, وإلا لو تقايسون المكاسب وكتاب الطهارة والصلاة للشيخ الأنصاري فالفارق شاسع بين عمق المكاسب وبين الطهارة والصلاة للشيخ الأنصاري, فلو كان الكاتب شخص واحد لما امتاز هذا عن ذاك بهذا العمق. ارجعوا هذه من الأبحاث المهمة ارجعوا وهذا مذكور في التاريخ لمن يريد أن يعرف هذا المعنى.

    أنتم اقرؤوا كتاب الطهارة للشيخ المحقق الهمداني تعرفوا, المهم أنا أشير حتى أبين لكم عظمة من؟ عظمة المحقق الهمداني أريد أن أبين لك أنه من الطبقة الأولى بلا إشكال بحسب الاصطلاح المتعارف من فقهاء الإمامية. هذا هو الذي يقول بأنه أساساً على سبيل التحقيق لو بنينا على الاصطلاح المتعارف لما أمكن تصحيح رواية واحدة, ولست أنا القائل, ولكنه الآن حوزاتنا العلمية قائمة على أي مبنى؟ لا أقل جملة من الأعلام على مبنى من؟ مبنى السيد الخوئي, وهذا هو الذي يدعني أن أقف عند مباني السيد الخوئي, البعض يقول سيدنا أنت لماذا واضع دأبك مع السيد الخوئي؟ لا والله, السيد الخوئي علم, والآن يوجد خلفه قطار من العلماء يتبنوه مبانيه, فلابد أن تتضح حقيقة هذه المباني.

    إذن ما هو مبناك أيها المحقق الهمداني, إذا أنت ما قبلت مبنى السيد الخوئي الذي هو مبنى ابن طاووس والعلامة وما بعد ذلك؟

    يقول: [بل المدار على وثاقة الراوي أو الوثوق بصدور الرواية] لا علاقة لنا أن الراوي قيل عنه ثقة او لم يقل, مجموعة القرائن تقول أن هذه الرواية صادرة أو ليست صادرة, وهذا الذي قلنا ليس المدار على الحجية وعدمها, وإنما المدار على الصدور وعدمه, هذا هو مبنى المحققين من علماء الإمامية وليس مبنى مختص بي هذا. طيب هذا الوثوق من أين تأتي به شيخنا؟ قال: [وإن كان بواسطة القرائن الخارجية التي عمدتها كونها مدونة في الكتب الأربعة, أو مأخوذة من الأصول المعتبرة مع اعتناء الأصحاب بها وعدم إعراضهم عنها].. إلى أن يقول: [ولأجل ما تقدمت الإشارة إليه جرت سيرتي على ترك الفحص عن حال الرواة] علم الرجال احتاجه أو لا أحتاجه أنا؟ ما أحتاجه. لأن شهادة الأكابر وهذا الذي أشرنا إليه مراراً قلنا: إذا قبلتم شهادة الشيخ الطوسي أن زرارة ثقة لماذا لا تقبل شهادة الشيخ الطوسي أن هذه الرواية بالقرائن ثبتت صحتها؟ إما أن لا تقبل الشهادتين معاً, وإما أن تقبلهما معاً, أما في الرجال تقبلها يا سيدنا وفي الروايات وصحتها وأنها مقطوعة الصدور ترفضها؟ تلك قسمة ضيزا, على أي أساس؟ إذا تقول هذا اجتهاد فذاك اجتهاد, إذا تقول ذاك حس فهذا أيضاً حس, الشيخ الطوسي واحد أو اثنين؟ واحد وعاش في القرن الخامس من الهجرة.

    ولذا تجد هذا من أقوى الشواهد. أن السيد المرتضى الذي قال بالإجماع على عدم حجية خبر الواحد, ماذا ادعى؟ الإجماع على عدم الحجية, إذن في أي روايات كان يشتغل, فهذه كل هذه الروايات آحاد, يقول لا مشتبه هذه كل الروايات التي بأيدينا التي في زماننا آحاد أو مقطوعة؟ السيد المرتضى يدعي أنها كلها مقطوعة وإلا على مبناه لابد ولا رواية من الكتب الأربعة ماذا تصير؟ لأن كلها أخبار آحاد.

    وهذه معضلة علمية لابد أن تحلون موقفكم منها قبل الدخول في عملية الاستنباط. وإلا إذا أنت كأهل العلم كطلبة تريد أن تحقق هذه المعضلة ما تحلها كن على ثقة تدخل على عمىً لا أنه تدخل على بصيرة إلى عملية الاستنباط. أو يصير موقفك الصحة وعدمها مبني على السند. والسند فيه هذه الإشكالات, الذي محقق مثل الهمداني ماذا يقول؟ يقول: لو بنينا لا نستطيع أن نثبت رواية واحدة. أو تقبل المبنى الآخر.

    المهم السيد الخوئي ماذا قال؟ في جملة قال: ندخل إلى الوسائل أول ما نرى رواية نرى بأنه نأخذ الشيخ الطوسي في الرجال نرى ماذا يقول عن السند؟ قال ثقة ثقة, حسن حسن.., عدل عدل.., إذن خذ الرواية واعمل بها ولكن بإضافة علم الأصول, أكثر من هذا ما تحتاج, اقرأ علم الأصول يعني اقرأ دورة أصولية عند السيد الخوئي, واقرأ علم الرجال عند السيد الخوئي, فأنت ماذا تصير؟ مرجع. تقول سيدنا معقول هذا؟ أقول والله لم أقل أنا هو من قال, تعالوا معنا إلى (التنقيح, ج1, ص24) يقول: [مبادئ الاجتهاد] يعني كيف تكون مجتهداً, [يتوقف الاجتهاد على معرفة اللغة] طيب اللغة العربية لا أنه يتوقف باعتبار أنه أساساً إذا لم يعرف اللغة العربية فسالبة بانتفاء الموضوع كيف يستطيع, طيب, يقول: [وأما غيره أما علم المنطق فلا توقف للاجتهاد عليه أصلا] لماذا؟ يقول: [لأنه يعرفه كل عاقل حتى الصبيان] فإذن تبين أن هذا ابن سينا ماذا كان؟ مولانا هذه إهانة, لا بيني وبين الله هذه عبارات مستعملة, يقول علم منطق نحن لا نحتاج, تقول: إذن هذا ابن سينا و(خبص نفسه) وبأنه أول من أسس للمنطق وكتب أربع مجلدات للشفاء وكذا, يقول عاطل باطل, نحن ماذا نفعل له إذا هو عاطل. لأنه المنطق أيضاً يعرفه حتى الصبيان.

    دعني أقرأ لك العبارة, يقول: [مما يعرفه كل عاقل حتى الصبيان لأنك إذا عرفت على أي عاقل قولك هذا حيوان وبعض الحيوان موذٍ لم يتردد في أنه لا ينتج أن هذا الحيوان موذي وعلى الجملة المنطق إنما يحتوي على مجرد اصطلاحات علمية لا تمسها حاجة المجتهد بوجه إذ ليس العلم به مما له دخل في الاجتهاد البتة] هذا ارمه وانتهى. إذن ماذا نحتاج؟ يقول: [والذي يوقفك على هذا ملاحظة أحوال الرواة] انظروا استدلال السيد الخوئي علم من أعلام مدرسة أهل البيت, أنظروا إلى الاستدلال. يقول: ما الدليل على أنه لا نحتاج إلى المنطق, يقول: [الذي يوقفك على هذا أننا لا حاجة عندنا إلى المنطق, ملاحظة أحوال الرواة وأصحاب الأئمة لأنهم كانوا يستنبطوا الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة من غير أن يتعلموا علم المنطق ويطلعوا على مصطلحاته الحديثة] أنا ما أدري هؤلاء كانوا قد قرؤوا علم الأصول عند السيد الخوئي أو كانوا يستنبطون من غير علم الأصول أيضاً؟ إذا أنت تريد أن تستدل بحال الرواة, جزاك الله خيراً فأرحتنا من أصولك ومن رجالك أيضاً, وإذا تقول لا, ذاك الزمان شيء وهذا الزمان شيء, إذن لماذا في المنطق ليس هكذا. والله عجيب الإنسان واقعاً يستغرب. يستدل بحال الرواة أنهم ما كانوا يحتاجون إلى المنطق, طيب سؤال: ثبت أن واحد من الرواة كان يقرأ علم الأصول؟ يعني ثبت أن زرارة كان قد قرأ دورة أصولية ثمانية عشرة سنة؟ طيب الآن باعتبار أن الدورة الأصولية في حوزاتنا كم عمرها؟ البعض يقول ثمانية عشر سنة, والبعض يقول عشرين سنة, والبعض يقول خمسة وثلاثين سنة لابد أن تقرأ أصول, يعني إذا متت بالبرزخ أيضاً لابد أن تقرأ علم الأصول…, طيب سيدنا إذا كان حال الرواة هو الملاك إذن من أين تقول [والعمدة فيما يتوقف عليه الاجتهاد علمان: علم الأصول] من أين؟ هذا واحد.

    اثنين [والثاني علم الرجال] بينك وبين الله عُهد من أحد من الرواة كان يقرأ علم الرجال؟ طيب ماذا بعد يحتاج تفسير يحتاج؟ يقول أبداً, عقائد يحتاج؟ يقول أبدا, تاريخ يحتاج يقول أبدا, اقرأ أصول ورجال عندي تصير مجتهد, طيب تعال هذه (ص25), الآن تعال إلى (ص26) [والمتحصل أن علم الرجال من أهم ما يتوقف عليه رحى الاستنباط والاجتهاد] ولكن عند الإمامية أو عندك؟ ماذا اتضح مما تقدم؟ عندك, وإلا المحقق الهمداني ماذا قال؟ قال: [فقد استرحنا من علم الرجال] ولذا هو أيضاً عبارته صريحة قال: [ومن قال بمبنى المحقق الهمداني فقد استراح من علم الرجال لعدم مساس الحاجة إلى معرفة أحوال الرواة] إذن بينك وبين الله أنت الآن بحمد الله تعالى مراهق للاجتهاد وضعت قدمك في باب الاجتهاد تريد أن تجتهد تحتاج إلى علم الرجال أو لا؟ لابد أن تعين المبنى مبناك هذا أو ذاك؟ أما مباشرة تغمض وأدخل ما يصير.

    إذن المبنى الذي يقوله السيد الخوئي مختصر في جملتين: كل الذي تحتاج إليه من مبادئ الاجتهاد لأن تكون مجتهداً في استنباط الأحكام الشرعية, قلنا لأنه هم ما زاد عن ذلك ليس بحثهم أصلاً, ماذا تحتاج إلى علم الأصول بالمعنى الذي هو يقولوه وإلى علم الرجال بالمعنى الذي هو يقوله.

    نحن ماذا قلنا؟ الأعزة يتذكرون في الثلاثاء الماضي ماذا قلنا؟ قلنا: أساساً لا نوافق على هذا المنهج أصلا, وإنما أول خطوة لابد أن نأتي إلى المضمون لا إلى السند. هذا المضمون صحيح أو ليس بصحيح, هذا المضمون صادر أو ليس بصادر؟ كيف نثبت من صدوره وعدم صدوره, هذا بحث لابد أن نبحثه إن شاء الله في الأبحاث القادمة.

    إذن, الفارق الأول بيننا وبين هذا المنهج, الآن ما أريد أن أقول منهج مشهور الأصوليين لأنه أنا معتقد أن الشيخ الطوسي وغيره كان منهجه ما أقوله أنا, وهو أنه: أولاً: التثبت من أن هذا المضمون صادر أو ليس بصادر. لا النظر إلى السند أنه صحيح أو ليس بصحيح؟

    بعبارة واضحة: أن الفارق المنهجي بيننا وبين لا أقل منهج السيد الخوئي ومن يتبع هذا العلم من أعلام الإمامية, أؤكد على الشخص حتى لا يقولون أنه يريد أن يهين الأشخاص. أنا ما أتكلم عن الأشخاص, أتكلم عن منهج.

    الفارق المنهجي بيني وبين المنهج الذي انتخبه سيدنا الأستاذ السيد الخوئي وبعض تلامذته أنهم يبدؤون من السند وأنا أبدأ من المضمون والمتن.

    تقول ما هو الطريق؟

    الجواب: بيني وبين الله أئمة أهل البيت أعطوا ضوابط واضحة لصدور السند وعدم صدور السند. وإن شاء الله نقرأ لكم الروايات, قالوا: >اعرضوه على كتاب ربنا فإن وجدتم عليه شاهد أو شاهدان فقلناه وإلا فلم نقله<. يعني: أن تجد له شواهد في كتاب الله, يا ابن رسول الله لم نجد له شواهد في الكتاب, ماذا نفعل؟ يقول: >فإن وجدتم له شاهداً في كلام رسول الله< عجيب يعني نذهب نستقرأ كل كلمات رسول الله؟ يقول: نعم, طيب كلمات رسول الله في أوساطنا قليلة؟ يقول: لا تراثنا بحمد الله المسلمين مملوء بتراث رسول الله, ونحن قلنا بأنه أساساً نحن لا ندور مدار السند حتى تقول الرجال هناك ضعاف, وإنما ننظر إلى المتن, أنظر بأنه هذه المتون والمضامين موجودة, خصوصاً إذا تلك المضامين كانت موجودة عندنا أيضاً, هذه قرائن تجمع يشد بعضها بعضا ويقوي بعضها بعضا ويؤكد بعضها بعضا. أنظروا العملية تختلف كاملاً الميزان ما هو؟ يختلف.

    إذن, وأنت هذا لابد في الرتبة الأولى تحلها, في الرتبة الأولى قبل أن تدخل في عملية الاستنباط لابد أن تعرف أن منهجك سندي أو منهجك مضموني, لا أنه تغمض عينيك وتدخل إلى العملية, مرة تذهب للسند ومرة تذهب إلى المضمون, لأنه واحدة من الإشكالات الواردة على العلامة المجلسي يقولون جاء إلى الكافي بأصوله وفروعه تعامل مع الروايات تعاملاً سندياً, أنظروا الكتاب ضعيف, ضعيف, أين ما تذهب بروايات الكافي أخذ محور الضعف هكذا اضرب برأس الروايات, وأنت أنظر الفضائيات أي روايات تنقلها من الكافي ماذا يقولون لك؟ مباشرة يقول علامتك المجلسي يقول مجهولة, وما تعلمون الخطر الذي وجهه هذا المنهج إلى تراثنا ما هو؟

    ولكنه في المقابل على الفرض يأتي إلى زيارة الجامعة وغير زيارة الجامعة يقول وهذه من أهم الزيارات, يقول لأن مضامينها عالية, عجيب, أنت منهجك سندي أو مضموني أي منهما؟ ماذا [مضامينها عالية] ثم ماذا, طيب تبين واحد فيلسوف عارف يستطيع أن ينشأ لك هذه الرواية ثم ماذا؟ نعم تعال قل لي بأن المنهج منهج ماذا؟

    ولهذا أنت على هذا الأساس -وإن كان الوقت تجاوزنا- على هذا الأساس تجدون أن نهج البلاغة هجر في حوزاتنا العلمية, أهم نص من كلمات مطمئنة صادرة من فم إمام الكلام أمير المؤمنين, ولكن لأن المنهج منهج سندي ماذا صار نهج البلاغة عندنا؟ تعلمون أين نقرأه؟ عند الموتة عندما نصعد واحد ميت نقرأ له خطبت الموت صح وإلا لا؟ يوجد بينك وبين الله وجدت أحداً, هذا التنقيح أمامكم وغير التنقيح وغيرها, أنظر أحد يستدل بكلمة من كلمات أمير المؤمنين في نهج البلاغة أو لا يستدل؟

    وكذلك انتهت عندنا زبور آل محمد انتهت الصحيفة السجادية, لماذا انتهت الصحيفة السجادية, لماذا لا توجد في ثقافتنا, بينكم وبين الله أنتم الآن طلبة فضلاء لا يقل بعضهم عشرين سنة خمسة وعشرين سنة في الحوزات بينكم وبين الله كم صفحة إلى الآن من الصحيفة السجادية إلا دعاء مكارم الأخلاق لابد قرأتموه في مفاتيح الجنان وإلا لا علاقة لكم به, مع أن التركيز الوارد في كتبنا على الصحيفة السجادية لا يعادله شيء, لماذا صار مهجوراً في حوزاتنا, مهجوراً علمياً, لماذا صار مهجوراً ما هو السبب؟ هذا المنهج السندي الذي أسس له على غفلة من فكر الإمامية.

    طبعاً يكون في علم الأعزة أنا لست ضد المنهج السندي ولكن أقول ليس هو الملاك والعلة التامة للقبول والرفض. أجعل السند واحدة من القرائن والأمارات للقبول وعدم القبول, لا أنه هو الملاك التام في القبول وعدم القبول لا أبداً.

    وهكذا روايات التاريخ ذهبت أدراج الرياح عندنا, وروايات الأخلاق وروايات السيرة وروايات التفسير وروايات القصص وروايات المواعظ كلها صارت في سلة إمام الحوزات العلمية, سببه ما هو؟ سببه هذا المنهج السندي الذي في اعتقادي أسس على غير أساس علمي دقيق يمكن الدفاع عنه.

    الآن النقاط المنهجية الأخرى التي اختلف فيها مع المشهور ستأتي في الغد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2013/04/23
    • مرات التنزيل : 1364

  • جديد المرئيات