نصوص ومقالات مختارة

  • القرآن الكريم في حديث رسول الله(ص) ق (4)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    مطارحات في العقيدة

    القرآن في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)

    القسم الرابع

    المقدم: السلام عليكم وتحية موصولة لسماحة آية السيد كمال الحيدري.

    سماحة السيد دور القرآن في الحشر الأكبر كان حديث البارحة، استمرار هذا الموضوع.

    سماحة السيد:

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل وفرجهم

    في الواقع بأنه هذا المبحث وهو دور القرآن في الحشر الأكبر بحث مستقل ويحتاج إلى عدّة حلقات للوقوف عنده ولكنه كما يقال ما لا يدرك كله لا يترك جله أو كله، وإنما نأتي بقدر المستطاع، خصوصا نحن وعدنا المشاهدين أننا إن شاء لله تعالى من الحلقة القادمة سنبدأ بحثنا الجديد وهو من إسلام الحديث إلى إسلام القرآن ومرادنا من الحديث يعني الرواية، وليس مرادنا من الحديث يعني في قبال القديم، بل مرادنا من الحديث يعني الأحاديث الإسلام الذي بينته لنا السنة الواردة عن النبي والأئمة عليهم السلام. سوف أقف عند دور أو دورين للقرآن الكريم في يوم الحشر الأكبر:

    الدور الأول الذي يقوم به القرآن الكريم هو دور الشفاعة، ونحن نعلم بأن للشفاعة دورا أساسيا في الحشر الأكبر، أساسا الشفاعة المصطلحة إنما دورها هناك يوم القيامة، يوم الحشر الأكبر، الشفاعة المصطلحة لا هي موجودة في الدنيا ولا هي في عالم البرزخ، وإنّما أساسا الشفاعة إنما تكون في يوم القيامة وعند احتياج الإنسان وقد قرأنا في روايات سابقة لا أقل من الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت أنه ما من أحد إلا ويحتاج إلى الشفاعة يوم القيامة لا يمكن لأحد بعمله هو إلا إذا كان من الأنبياء والأوصياء والأولياء، والروايات التي تكلمت عن هذه الحقيقة واقعا بلسان واحد وبلفظ واحد، أريد هنا أن أبين قضية عندما نجد أنه طرق متعددة ومن طرق ومصادر أهل السنة ومن مصادر الشيعة هناك لفظ واحد يرد، هذا يكشف عن أنه جميعا سمعوا هذا اللفظ من رسول الله، يعني عندما مثلا نأتي إلى حديث: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» نجد كل المصادر، كل الصحابة، كل الطرق تشير إلى هذا اللفظ الواحد، هذا يكشف عن أنه هذا ليس نقل بالمعنى وإنما هي ألفاظ جاءت من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وإلا بحسب نظرية الاحتمال كيف اجتمع هؤلاء جميعا ينقلون لفظا واحدا، إذا كانت القضية منقولة إلينا بالمعنى لتعددت الألفاظ، ولهذا الآن مثال آخر أضربه للأعزة وبودي أن يلتفتوا وهذه من المسائل التي إن شاء الله سنقف عليها عند إسلام الحديث، أنتم تعلمون أن حديث الغدير من الأحاديث المتواترة والمقطوعة التي نقلت في جميع المصادر، لم يناقش أحد في سند ولفظ حديث الغدير، نعم إنما كان الاختلاف في فهم وتفسير حديث الغدير، هل يدل على الخلافة أو لا؟ وإلا أصل الحديث لا يدل، انظروا إلى حديث الغدير تجدون أن هناك بعض المقاطع أيضا متفق عليها، >من كنت مولاه فهذا علي مولاه»، هذا متفق، ولكنه عندما نأتي إلى التفاصيل لا تصدقون إذا قلت لكم أنه يتجاوز من 230 اختلاف يوجد في ألفاظ حديث الغدير. هذا يكشف عن أن هؤلاء الذين نقلوا نقلوه بالمعنى ولم ينقلوه بالنص من رسول الله وإلا لو كان بالنص لما اختلفوا، إذن اختلافهم يكشف أن أنه إذن بعض المقاطع متفق عليها والمقاطع الأخرى هي منقولة بفهم السامع وبالمعنى، وهذه مشكلة أساسية في مسألة إسلام الحديث، أن هذه الأحاديث الموجودة بأيدينا لم يعلم أنها هي ألفاظ النبي الأكرم أو ألفاظ أئمة أهل البيت، وبهذا يمتاز القرآن عن الحديث، {نزل به الروح الأمين} بألفاظه، بحروفه، بكلماته، بما هو على قلب الخاتم هذا الذي موجود بأيدينا بحمد الله تعالى. إذا اتضحت هذه الحقيقة الآن تعالوا معنا إلى هذه المسالة وهي شفاعة القرآن يوم القيامة، تعالوا معنا إلى المصادر وأنا سأعددها وستجدون أن اللفظ واحد، أعزّائي صحيح ابن حبان، المجلد الأول تحقيق شعيب الأرنئوط مؤسسة الرسالة، > عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله) حدثنا عبد الله ابن الأجلح عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: القرآن مشفع<، يعني تقبل شفاعته يوم القيامة، « وماحل مصدق< الآن هناك اختلاف ما هو المراد من الماحل؟ هر المراد منه يعني المدافع أو يعني الذي يسعى بصاحبه إلى السلطان، الذي ينقل التقارير حتى يقول هذا فعل كذا وكذا، « وماحل مصدق مَن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار<، إذن القرآن الكريم بيني وبين الله إما قائد وإما سائق، فإن جعلته أمامك فهو قائد لك إلى الجنة وإن جعلته خلفك فهو يسوقك إلى النار، هو القرآن يسوقك، القرآن يسوق؟ نعم نعم نعم{ولا يزيد الظالمين إلا خسارا}، نفس القرآن، القرآن من جعله أمامه أخذ بيده إلى الجنة ومن جعله خلفه دفع به إلى النار، وهذه قضية أساسية إذن القرآن قائد وسائق، قائد إلى الجنة وسائق إلى النار. لأنه من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه، ما معنى جعله خلفه؟ يعني لم يعتني به، لم ينظم لا عقيدته ولا سلوكه ولا أخلاقه ولا تعامله من الآخرين على أساس القرآن وعلى أساس المعارف والقواعد القرآنية، وإنما وضعها على أسس أخرى.

    المقدم: وقد يكون فيه معنى آخر سماحة السيد أنه وظف القرآن لعقيدته.

    سماحة السيد: نعم هذا أيضا يمكن ولكن المهم الرواية تقول خلف ظهره. طبعا في الرواية كما قلنا هو يوجد في سندها عبد الله الأجلح وهو كما ذكرنا في الأبحاث السابقة أنه شيعي، انظروا في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للهيثمي المصري تحقيق محمد عبد القادر أحمد عطا، رقم الرواية 900، قال: « ورجاله موثقون، واختلف في الأجلح الكندي، والأكثر على توثيقه<، إذا دعوى ابن تيمية بأنه الراوي إذا كان شيعيا لا يقبل كلام باطل، « والأكثر على توثيقه<.

    المورد الثالث: ما ورد في المستدرك على الصحيحين، رقم الرواية 2133، « من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به إلى آخره …. قال: وما فيه فإنه شافع مشفع، وماحل مصدق< إذن نفس النص، وهذا الذي قلنا بأنه أساسا واضح بأنه هذا النص هو المنقول عن لسان خاتم الأنبياء والمرسلين.

    المورد الرابع: ورد في المجمع الكبير للطبراني بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، المعجم الكبير للطبراني المجلد الثامن ص 2618، رقم الحديث 10450، قال: « القرآن شافع مشفع وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار< نص العبارات التي أشرنا إليها.

    المورد الآخر: المصنف لبن أبي شيبة تحقيق محمد عوامة، شركة دار القبلة، رقم الحديث 30676، قال: « يجيء القرآن يوم القيامة فيشفع لصاحبه فيكون له قائدا إلى الجنة، أو يشهد على صاحبه فيكون سائقا له إلى النار<. والرواية الثانية عن زبيد قال: « قال عبدالله: القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق، فمن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره قاده إلى النار<.

    ونفس هذه الرواية لعله بقريب منها ورد في كتاب فضائل القرآن للإمام العلامة الهروي المتوفى 224، تحقيق مروان العطية، دار ابن كثير دمشق، في صفحة 82، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): « القرآن شافع مشفع وماحل مصدق، من شفع له القرآن يوم القيامة نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله في النار على وجهه< يقول: الماحل: الساعي، وقد يكون المراد من الماحل المدافع.

    وأخيرا: ما ورد في سلسلة الأحاديث الصحيحة للعلامة الألباني المجلد الخامس صفحة 31، الرواية واضحة وصريحة، رقم الرواية 2019: « القرآن شافع مشفع وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار<.

    سؤال: في مصادر أهل البيت وردت الرواية أم لا؟ الجواب نعم وردت بنفس اللفظ أو بألفاظ أخرى؟ سنقرأ حتى يتضح، وهذا يعطي قوة إضافية لمثل هذه الأحاديث لأنه كيف اجتمع عليها مع أنه هؤلاء مجموعة من الرواة لا علاقة لهم بهؤلاء وأولئك لا علاقة لهم بهؤلاء وبطرق متعدّدة؟ لماذا اجتمعوا على لفظ واحد؟ هذا يكشف بحسب نظرية الاحتمال التي أسسها سيدنا الشهيد الصدر قدس الله نفسه أنه القضية احتمال صدوره يكون قويا جدا. تعالوا معنا إلى نهج البلاغة هذا الذي قال ابن تيمية أكثر خطبه مكذوبة.

    ومن خطبة له عليه السلام في الموعظة وبيان فضل القرآن ونهيه عن البدعة رقم 175،بحسب ترقيم محمد عبده، قال: « واعلموا أنه شافع مشفع< الضمير يعود على الفقرة التي قبلها، « واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن….. واعلموا أنه شافع مشفع وقائل مصدق< هناك كان ماحل وهنا صار قائل، « وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة< أيضا جاء الماحل، ولذا في الحاشية يقول محل به مثلث كاده بتبيين سيئاته عند السلطان كناية إلى آخره، يعني وشى به، إذن ماحل إما بمعنى مدافع أو بمعنى وشى به وساعي. « ومحل به القرآن يوم القيامة صدق عليه< شهادته لا ترد، أنا لا أعلم أي نحو من أنحاء الشهادة هذه التي غير قابلة للرد، قال: « ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه< واقعا الشهادة يوم القيامة ليست قابلة للتشكيك والارتياب، « ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه فإنه ينادي مناد يوم القيامة، التفتوا إلى هذا النداء المهم والذي من لم يلتفت إليه في هذا العالم سوف يكون عليه هذا القرآن حسرة يوم القيامة، من الحقائق الثابتة الواردة أن الدنيا مزرعة الآخرة، يعني ما تزرع هنا تحصده هناك، اليوم عمل يعني زرع ولا حساب، الحصاد في الآخرة، طبعا الحصاد هنا موجود ولكن الأصلي في الآخرة، وغدا حساب ولا عمل، يعني فقط يوم القيامة حصاد العمل موجود، لا يمكن لأحد أن يبدل شيئا، فقط النتائج هناك، يعني أنت إذا هنا زرعت بذرة التفاح أو الورد أو الحنطة هناك تجنيه، وإذا زرعت بذرة الشوك والحنظل تجني هناك رؤوس الشياطين، ولذا يوم القيامة {هذا ما كنزتم لأنفسكم} هذا الذي أنتم زرعتموه ليس نحن، {فذوقوا ما كنتم تكنزون} واقعا ذوقوا، هذا عملكم، أعمالكم ردت إليكم، ولذا يوم القيامة ليس الله يحاسب العبد، عملك يحاسبك، هذه نتيجة أعمالك التي تظهر لك يوم القيامة، بعبارة أخرى بناء على الحقيقة التي أشرنا إليها بالأمس وهي أنه لكل عمل ظاهر وباطن، يعني تجسم،قلنا أن القرآن الآن صامت ولكن يوم القيامة ناطقا يكون، الأرض الآن جماد ولكنها تتحدث، الجلود يوم القيامة تشهد، الأعمال لها ظاهر وهو هذا الصوم والصلاة والحج والصدقة والخيرات والزكاة وغير ذلك ولها باطن هي الأعمال التي سوف تظهر لنا يوم القيامة ولذا قال القرآن {يوم تبلى السرائر} يوم تبلى سرائر اعتقاداتكم وتبلى سرائر أعمالكم، وتبلى سرائر أخلاقكم، وباطنها يظهر، أفكاركم وتخيلاتكم، ماذا فعلتم باطنها سوف يظهر. {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} الذي يأكل مال اليتيم ظاهره في هذه الدنيا لذيذ ولكن القرآن يقول: {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا} أين النار؟ يقول هذا ظاهره طعام أو مال أو سكن أو أي شيء ولكن باطنه النار، إذن سوف يوم القيامة لا يدخلونك النار، بل أنت الآن في النار ولكنه لا تعلم، {فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد} التفتوا إلى الآية: {لقد كنت في غفلة من هذا} يعني هذه النار كانت معك، كنت أنت لا تشعر بها، غافل عنها {لقد كنت في غفلة من هذا} جدا قريب منك كان، {فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد}.

    إذن هذه المقدمة قدمتها انظروا أمير المؤمنين سلام الله عليه ماذا يريد أن يقول لنا؟، هذه القاعدة التي في الروايات التي قرأناها من كتب أهل السنة غير واردة ولكن في كلمات أمير المؤمنين واردة، قال: « فإنه ينادي منادي يوم القيامة ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه، وعاقبة عمله غير حرثة القرآن<، فمن حرثوا وبذروا بذرة القرآن أولئك هم واقعا لا مبتلى في حرثه ولا مبتلى بعاقبة علمه، أما إذا حرثوا غير القرآن وبذروا غير القرآن في المعارف في الحقائق في الأخلاق في السلوك فهو مبتلى في حرثه وعاقبة عمله، « فكونوا من حرثته وأتباعه< البعض يتصوّر أننا عندما نقول القرآن القرآن يعني قراءة القرآن، يعني في شهر رمضان اختموا القرآن عشر مرات، جيد نعم قراءة القرآن ختم القرآن قراءة الآيات والسور فيه ثواب ولكن هذه الأحاديث مرتبطة بالبعد العملي، ببعد الإتباع، ببعد التمسك، > ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا<، > فكونوا من حرثته وأتباعه واستدلوه على ربكم<، اجعلوه الدليل الذي يوصلكم إلى الله سبحانه وتعالى، القرآن هو الدليل إلى الله، > واستدلوه على ربكم واستنصحوه على أنفسكم<، خير ناصح لكم القرآن، الناصح الذي لا يغش والمحدث الذي لا يكذب، « واتهموا عليه آراءكم< عجيب، إذن لا يقول قائل قالت الرواية، لا أبدا أبدا، الرواية إذا كانت موافقة للقرآن فلها قيمة أما إذا كانت مخالفة فاتهموا المنقول إليكم لا اتهم الرواية، الناقل، أنا لا أقول بأنه كذاب وضاع، بل أقول اشتبه نسي غفل سهى نقل بالمعنى قطّع الرواية تصور اشتباها ليس بمعصوم، قال: > واتهموا عليه آراءكم< إذن دائما اعرضوا آراءكم على القرآن، هو المعيار هو الميزان « واتهموا عليه آراءكم واستغشوا فيه أهواءكم< واقعا إذا وجدتم أهواءكم تقول شيء والقرآن يقول شيء آخر فهواءكم يغشكم، مغشوش، أنا أتصور بأنه كلمات أمير المؤمنين واضحة وجلية، وهذا هو أصل القرآن الكريم.

    طبعا الرواية أيضا واردة في أصول الكافي، ليس فقط في نهج البلاغة، أصول الكافي ، تحقيق إحياء التراث، المجلد الرابع ص 594، الرواية واضحة الدلالة في هذا المجال، رقم الرواية 3474، قال: « فقام المقداد ابن الأسود فقال يا رسول الله وما دار الهدنة؟< لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: « أيها الناس إنكم في دار هدنة وأنتم على ظهر سفر، والسير بكم سريع وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويأتيان بكل موعود، فأعدوا الجهاز لبعد المجاز. فقام المقداد ابن الأسود فقال يا رسول الله وما دار الهدنة؟ قال: دار بلاغ وانقطاع، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن< الآن من أصول الكافي نقرأ والرواية غير مرتبطة بأي راوي من رواة الكتب الأخرى التي وردت في مصادر أهل السنة ولكن الكلام واحد، قال: > فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو الدليل يدل على خير سبيل …< إذن النصوص واحدة لا اختلاف فيها وهذا يكشف عن أنه يقينا أن هذا المقطع صادر عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله).

    فقط أنا أذكر بعض المصادر: هذا البحث شفاعة القرآن، متى تكون شفاعة القرآن في الحشر الأكبر؟ وهل هي أول شفاعة؟ أو بعد شفاعة النبي؟ أو قبل شفاعة النبي؟ بعد شفاعة الأئمة أو قبلها؟ أبحاث عرضت لها تفصيلا في كتابي الشفاعة بحوث في حقيقتها وأقسامها ومعطياتها دار فراقد ص 335.

    وكذلك عرضت لهذا البحث تفصيلا في كتاب المعاد، رؤية قرآنية، بقلم الشيخ خليل رزق، الجزء الثاني، ص220.

    وكذلك ورد في كتاب الشفاعة لأبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي دار الآثار صنعاء ص 222 هناك أورد كل الروايات الواردة التي تثبت شفاعة القرآن.

    هذا إجمال الدور الذي يقوم به القرآن يوم القيامة.

    المقدم: طيب، فهمنا أن القرآن إما شافع مشفع أو ماحل مصدق، في الشفاعة يوم القيامة ما الذي يقوله القرآن لرب العزة والجلالة؟ بأي شيء يشفع؟

    سماحة السيد: بعبارة أخرى ما هي لائحة الدفاع، كيف يدافع؟ واقعا لابد أن يتهيأ الإنسان لأنه القرآن يريد أن يدافع عن الإنسان، إذن المعلومات الإنسان لابد أن يقدمها ليوفر أرضيّة الدفاع، حتى يكون شافع مشفع أو يكون ماحل مصدق.

    من هنا بشكل واضح وصريح أقول لكم أي موقف إيجابي مع القرآن في تعاملك مع القرآن على مستوى العقيدة وعلى مستوى الأخلاق والسلوك سوف يهيئ الأرضية للشفاعة هناك، يعني أن يكون قائد لك إلى الجنة، وأي موقف سلبي هنا إزاء القرآن وبتعبير الرواية جعلوه خلف ظهورهم سوف يكون سببا في أن تقدم لائحة الدفاع من النائب العام القرآني، أن هذا الإنسان فعل كذا وكذا وكذا وفعل بي كذا وفعل بي كذا والقرآن هو يتكلم، هو يقول هذا في عقيدته هكذا خالفني وفي عمله هكذا خالفني وفي أخلاقه، وكان يعلم بها، {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} قرأني وحفظني وتلاني ولكن لم يعمل بي، بل استهزء بي، كان يعلم، نعم إذا لم يكن يعلم ذاك يكون قاصر جاهل وله حسابه. وهذه هي النص الروايات الواردة عن كتب السنة والشيعة، نصها نصها. قد يقول قائل نريد حديث رسول الله لا نريد شرح، كلامهم نور لا يحتاج أن نعلق على كلماتهم.

    تعالوا إلى المصنف لبن أبي شيبة المجلد الخامس عشر تحقيق محمد عوامة، صفحة 472، قال: « سمعت رسول الله يقول: يمثل القرآن يوم القيامة رجلا فيؤتى بالرجل قد حمله< يعني حمل القرآن « فخالف في أمره< خالف أوامر القرآن، فيتمثل خصما له، بعد يكون شافعا أو ماحلا؟ خصما يكون، « فيتمثل خصما له، فيقول: يا رب حملته إياي، فشر حامل، تعدى حدودي وضيع فرائضي وركب معصيتي وترك طاعتي فما يزال يقذف عليه بالحجج،< بيني وبين الله إذا كان خصيم الإنسان هو القرآن بعد توجد هناك حجة وبرهان أقوى من حجة القرآن، كلام الله يعني كلام الله خصيمك يوم القيامة، وبعبارة أخرى الله خصيمك، لأنه كلامه هو صادر منه، قال: « فمازال يقذف عليه بالحجج حتى يقال: فشأنك به، فيأخذه بيده فما يرسله حتى يكبه على صخرة في النار< ساقه إلى النار، « ويؤتى برجل صالح عن كان حمله وحفظ أمره فيتمثل خصما دونه، مدافعا عنه، فيقول يا رب حملته إياي فخير حامل، حفظ حدودي وعمل بفرائضي واجتنب معصيتي واتبع طاعتي فما زال يقذف له بالحجج حتى يقال له شأنك به، فيأخذ بيده فما يرسله حتى يلبسه حلة الإستبرق ويعقد عليه تاج الملك ويسقيه كأس الخمر<.

    ورواية أخرى بنفس المضمون، رقم الرواية 30668 يقول: « إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب يقول له هل تعرفني فيقول ما أعرفك، فيقول له أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك وإن كل تاجر من وراء تجارته< نفس المضمون ولكن بكلمات أخرى، « وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة، فيعطي الملك بيمينه والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلتين (لأنّه علموه القرآن) لا يقوم لهما أهل والدينا، فيقولان بما كسينا هذا؟ فيقال لهما بأخذ ولدكما القرآن<. وبعد ذلك مثل هذا الإنسان سيكون شافعا للآخرين.

    هذه الرواية أيضاً وردت في مسند الإمام أحمد بن حنبل، المجلد 38، ص 42، نفس الرواية.

    وكذلك وردت الرواية في سلسلة الأحاديث الصحيحة للعلامة الألباني، وكذلك في سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد السادس القسم الثاني، ص 792 رقم الحديث 2829. « يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب….<

    وكذلك في المعجم الأوسط للطبراني، طبعة دار الكتب العلمية، المجلد الرابع، ص 216، رقم الرواية 5764.

    وكذلك في الأصول للكافي جزء الرابع، ص 589، رقم الرواية 3473.

    إذن من حيث المضمون والألفاظ الرواية مجمع عليها بين علماء السنة والشيعة.

    المقدم: نستمع إلى مداخلاتكم.

    أبو باقر من العراق: سلام عليكم… أسأل عن الحديث المروي بعد واقعة الصفين عن ابن عباس قال الإمام علي عليه السلام القرآن حمال ذو وجوه.

    سماحة السيد: واضح بحثه سيأتي وهو أنه كيف نجعل القرآن له المرجعية الأولى وأمير المؤمنين قال عن القرآن حمال ذو وجوه، عزيزي أولا هذا الحديث له معنى خاص وثانيا أنا قرأت لكم عشرات الخطب من أمير المؤمنين، الآن أنتم ليس في ذهنكم إلا حمال ذو وجوه ومع ذلك سيأتي في محله.

    أبو محمد من العراق: سيدنا بناء على ما قدمت نرجو تبيان دور أئمة أهل البيت في تفسير القرآن والعمل به وتصحيح المفاهيم المتوارثة عند أتباع أهل البيت في خلافة أمير المؤمنين ومَن هم أتباع القرآن ومن هم رعاته الحقيقيين؟

    سماحة السيد: إن شاء لله عندما ندخل في بحثنا الأصلي بقدر ما نستطيع سوف أشير إلى هذه الأمور.

    أبو جعفر من العراق: سلام عليكم… سيدنا سؤالي كفتوى، هل يمكن تعطيل وعدم العمل ببعض آيات القرآن من أجل مصلحة الأمة كما رأوه الآخرون ويشفع له القرآن أو لا؟

    سماحة السيد: لا عزيزي أساسا لا يمكن لأحد أن يعطل آية من القرآن الكريم.

    أبو جعفر: سلام عليكم… سيدنا أريد منك تعليق على آية {أو لم يكفيهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون}.

    أبو سجاد من العراق: سلام عليكم… سيدنا مع اختلاف التفاسير الموجودة لدى المسلمين وهذا البرنامج يطرح مسألة أن القرآن يكون هو الأوّل، هل هناك قواعد أساسيّة لنفرض لو قبل الطرف الآخر هذا الطرح هل لدى السيّد الحيدري قواعد أساسيّة عامّة للمسلمين؟

    سماحة السيد: بلي نعم بيني وبين الله لعلي إلى الآن وفقت أن أكتب في هذا المجال دراسات متعدّدة أنا أشير إلى عناوينها فقط بإمكان الأعزة أن يراجعوها ووضعت ضوابط وقواعد لعملية فهم القرآن الكريم:

    الكتاب الأوّل: منطق فهم القرآن في مجلّدات ثلاث.

    الكتاب الثاني: أصول التفسير.

    الكتاب الثالث: مفاتيح فهم القرآن.

    الكتاب الرابع: مدخل إلى النظام المعرفي لآلية فهم القرآن الكريم؟

    أنا المهمّ عندي في القرآن الكريم أن المرجعية سوف تكون واحدة، يعني نحن عندما نذهب إلى الحديث نجد أن المرجعية متعدّدة يعني مرجعية كلّ فرقة وكلّ مذهب وكلّ جماعة لهم مرجعية في الحديث والرواية تختلف، كلّ له قواعده وكتبه الحديثة ومرجعياته الخاصّة به إلى آخره ولكن عندما نأتي إلى القرآن بعد لا يوجد اختلاف في المرجعية، الجميع متّفق أن القرآن هو المرجع في جميع المعارف الدينيّة وهذه هي النقطة المركزية.

    المقدّم: يقلل الاختلاف ولا ينفي.

    سماحة السيد: نعم نعم يقلل، أصلا ليس من الحكمة نفي الاختلاف، من قال أنّه أساسا نفي الاختلاف فيه المصلحة، بل المصلحة قائمة في الاختلاف ولكنّه لابدّ أن ننتهي إلى مرجعية واحدة، نعم فلنضع هناك قواعد وعلى أساسها لنفهم القرآن الكريم ونستنبط المعارف الدينيّة.

    المقدّم: في قضيّة استنطاق القرآن أيضاً تظهر لدينا مشكلة العصمة والإمامة وما شابه ذلك؟

    سماحة السيد: بيني وبين الله أن الأئمة عليهم السلام مع أنّنا نعتقد بعصمتهم ولكن هم قالوا لنا نحن كلّ شيء ذكرناه لكم اسألونا أين في كتاب الله، نحن نبين لكم الدليل في كتاب الله، إذا قال الإمام الصادق هذا دليلي من كتاب الله إذن بعد الدليل معه وبرهانه معه، بعد ليس استنادنا لأنّه معصوم بل استنادنا إلى أنّه من القرآن وهذا دليله ولذا تجدون الأئمة قالوا أي شيء نحن بينّاه لكم اسألونا أين في كتاب الله؟ واقعا المنهج الذي قالوه أهل البيت سلام الله عليهم ولذا هم في موارد متعدّدة كانوا يعلمون تلامذتهم عندما يسأله عن مسألة معيّنة يقول هذا وأمثاله أو هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله ويقرأ له الآية، القاعدة العامّة، إذن الأئمة سلام الله عليهم علمونا كيف نستنطق القرآن يعني كيف أنّه في علم أصول الفقه توجد قواعد للاستنباط الفقهي في الحلال والحرام، أهل البيت أعطونا قواعد لكيفية استنباط المعارف من القرآن الكريم فلهذا نحن نحتاج إلى علم أصول التفسير كما احتجنا إلى علم أصول الفقه كما نحتاج إلى علم أصول التاريخ، أنت عندما تريد أن تبحث الحوادث التاريخيّة تحتاج إلى قواعد، هذه القواعد كثير منها تستطيع أن تقف عندها كعلم عند ابن خلدون في نظريته في علم الاجتماع، في مقدّمته وضع هذه القواعد.

    شكرا لسماحة آية الله السيّد كمال الحيدري.

    • تاريخ النشر : 2013/07/15
    • مرات التنزيل : 5830

  • جديد المرئيات