نصوص ومقالات مختارة

  • القرآن الكريم في حديث رسول الله(ص) ق (5)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    مطارحات في العقيدة

    القرآن في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)

    القسم الخامس

    المقدم: السلام عليكم وتحية موصولة لسماحة آية السيد كمال الحيدري.

    سماحة السيد تحدثتم في الحلقات السابقة عن موضوع الشفاعة بالنسبة للقرآن الكريم يوم الحشر الأكبر، هل للقرآن أثر غير الشفاعة في يوم الحشر الأكبر؟

    سماحة السيد:

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل وفرجهم

    في المقدمة أن أذكر المشاهد الكريم بأننا في حلقات سابقة وقفنا عند حديث الثقلين في الأطروحة المهدوية وهناك اتضح لنا من خلال حديث الثقلين أن القرآن الكريم يبقى مع الإنسان في جميع النشئات، وهذه حقيقة في غاية الأهمية، يعني نحن عندما نرجع إلى حديث الثقلين نجد أن الحديث كما ورد في مسند الإمام أحمد، تحقيق شعيب الأرنئوط، المجلد السابع عشر، في صفحة 170، رواية عن أبي سيعد قال: « قال رسول الله إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض <، إذن الآن أنا محل حديثي في القرآن وليس حديثي في العترة ودور العترة وفي الثقل الآخر بل أتكلم في الثقل الأكبر وهو القرآن الكريم. إذن القرآن الكريم يبقى مع الإنسان في هذه النشأة ويبقى مع الإنسان في عالم البرزخ، ويبقى مع الإنسان في الحشر الأكبر إلى أن يرد على النبي (صلى الله عليه وآله) الحوض، هذه حقيقة بعد لا يستطيع أحد أن يناقش في هذه الحقيقة الثابتة بإجماع المسلمين، لأن الاختلاف في حديث الثقلين إنما هو في الثقل الآخر أنه العترة أو أنه السنة، أما في الثقل الأول لا يوجد هناك اختلاف بين المسلمين، لا إشكال ولا شبهة أن المراد من الثقل الأول هو القرآن الكريم، ولذا هذا الحديث ورد هنا وورد أيضا في سنن الترمذي المجلد السادس تحقيق شعيب الأرنئوط، رقم الحديث 4122 قال: « وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، حديث صحيح من حديث زيد بن أرقم إلى آخره.

    وورد أيضا في البداية والنهاية لبن كثير تحقيق الدكتور التركي الجزء السابع، دار عالم الكتب بعد أن ينقل الحديث فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض< وقال: « وهذا حديث صحيح<.

    وورد أيضا في المستدرك على الصحيحين، المجلد الرابع، دار المعرفة ص 72، رقم الحديث 4633: « فإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض<.

    إذا كان الأمر كذلك القرآن مع الإنسان في هذه النشأة ومع الإنسان في نشأة البرزخ ومع الإنسان في الحشر الأكبر، في جميع مواقف القيامة إلى أن يردا على الحوض. لأنه في يوم القيامة ليس موقف أو موقفين أو عشرة بعضها قالت خمسين موقف وبعضها قالت سبعين موقف ولعل آخر المواقف موقف الصراط والحوض. إذن القرآن في جميع هذه المراحل يلازم الإنسان ولكن هنا القضية الأساسية وهو أنه في كل نشأة من هذه النشئات القرآن يظهر بصورة خاصة به، يعني ظهر في عالمنا بصورة ألفاظ وكلمات هو صامت، لابد أن يستنطق، يعني هو صامت اجعلوه ينطق معكم، أما عندما يأتي إلى الحشر الأكبر صامت أو ناطق؟ هناك نحن الصامتون وهو الناطق، وهو المتكلم، نحن المحكومون وهو الحاكم، في هذه النشأة كلما كان يدعونا إلى الخير وينهينا عن الشر كان كثير منا لا يستمع، أما هناك الأمر سوف يختلف، رغم أنوف البشر لابد أن يستمعوا إلى نداء القرآن وصوت القرآن وإلى ما يقوله القرآن، إذن أتصور الآن أن الصورة صارت واضحة أن هذا القرآن الذي نزل وهو بتعبير الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه: « تجلى الله لخلقه في كتابه ولكن لا يبصرون <، يقول الله سبحانه وتعالى تجلى لكم ظهر لكم، لا أنه الظهور المادي الجسماني، يعني إذا أردتم أن تتعرفوا على علم الله وقدرة الله وحكمة الله وجميع أسمائه وصفاته فعليكم بالقرآن، فعليكم بالقرآن، لأن هذا القرآن الذي نزل هو واقعا لا فقط أنه يشتمل مصدقا لما بين يديه بل ومهيمنا على كل شيء، وبعد ذلك سوف يتضح لنا لماذا نحن نقول أنه لابد أن نرجع إلى إسلام القرآن، لا إسلام الحديث، لا الإسلام الأموي، لا الإسلام الفقهي والعقل الفقهي، عندما أقول فقه مرادي الفقه بسحب اصطلاح حوزاتنا العلمية، إسلام الفقه شيء وإسلام القرآن شيء آخر، تقول هذا الفقه يأخذ من القرآن؟ أقول يا ليت يأخذ من القرآن، أخذ أحكامه وفتاواه من الحديث لا من القرآن، ولذا تجدون القرآن غائب في عملية الاستدلال الفقهي في كثير من الأحيان، لذا أعزّائي هذه الاصطلاحات سأقف عندها، فقط هذه عناوين، الإسلام القرآني إسلام القرآن، إسلام الحديث، إسلام الفقه والعقل الفقهي بحسب المصطلح عندنا في حوزاتنا الشيعية، طبعا في الحوزات السنية أيضا عندما يقولون فقه مرادهم الحلال والحرام والواجب وغير ذلك، ليس المراد من إسلام القرآن إسلام الفقه أو إسلام الحديث، وإنما إسلام آخر، تقول سيدنا أنتم بدأتم تؤكدون على هذه الحقيقة في النتيجة ما الفرق بينهما، أقول انتظروا حتى أولا نعرف موقع القرآن من منظومة المعارف الدينية، أعزّائي أقولها لكم صريحة وواضحة وأصرخ لكم فيها في إذن التاريخ، وهو أن إسلام الحديث وأن إسلام الفقه غيب إسلام القرآن، غاب إسلام القرآن عنا، بسبب إسلام الحديث، تقول الحديث ما فيه مشكلة؟ أقول إسلام الحديث سيأتي ما هو آفاته وما هو التلاعب الذي وقع في إسلام الحديث، وما هو التلاعب الذي وقع في إسلام الفقه، ولكن لم يستطع أحد أن يتلاعب بالقرآن، { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } ، لا يأتيه الباطل من بين يديه، أبدا، واقعا صمام الأمان للأمة إنما هو في القرآن، ولذا قال: > إذا التبست عليكم الفتن كالليل المظلم عليكم بكتاب الله <، لم يقل عليكم بسنة رسول الله، تقول يعني لا يوجد دور للسنة؟ أقول نعم ولكن يوجد دور للسنة في ضوء القرآن، في حاشية القرآن، في ظل القرآن، لا أن يكون القرآن في ظل السنة كما هو الآن، أنا الآن أتكلم عن أنفسنا وأنتم تعلمون أن هذه الأبحاث وقلتها والآن اكررها، هذه الأبحاث صبغتها في هذا الشهر المبارك سوف تكون هي النقد الذاتي لحوزاتنا العلمية، أقولها صرحية ولا أستثني منها أحدا، أنتم تجدون الآن حوزاتنا العلمية كل شيء فيها إلا القرآن، دروس الفقه قائمة ودروس الأصول قائمة، ودورس النحو والصرف موجود، وعلم الرجال موجود، والجرح والتعديل موجود والمنطق موجود و… ولكنه عندما تدخل إلى هذه الحوزات نادرا، لا تتصور أنه عندما أقول هذا يعني حوزات السنة مملوءة بالقرآن، لا بل تلك أيضا الذي حاضر عندهم ألفاظ القرآن لا مفاهيم القرآن، ألفاظ ليس أكثر، لا أريد أن أعبر عنها قشور، باعتبار أنه أنا ابن هذه الحوزات ومسئول في هذه الحوزات، أما تلك الحوزات لهم مرجعياتها الأخرى لا علاقة لنا بها، نحن علينا بأنفسنا، نحن لابد أن نتكلم عن أنفسنا، الآن أنا أتصور أن كثير من طلاب وفضلاء النجف الآن يستمعون إلي، فليذهبوا إلى حوزة النجف ليروا كم درس يوجد للقرآن في حوزة النجف؟ كم درس يوجد للتفسير وعلوم القرآن و التدبر و كم درس من علماء الأعلام من المراجع العظام كم درس يوجد؟ أين تراثهم في علوم القرآن؟ أين تراث علماء الشيعة المعاصرين؟ الآن معاصرين موجودين، الآن أمامكم، كم فقيه لدينا وكم مفسر؟ تقول سيدنا لماذا تقول النجف؟ أقول باعتبار حوزة أساسية وتعتبر من أهم حواضرنا العلمية، وإلا حوزة قم أيضا مقدار أفضل، وإلا ألف درس لعله يوجد للفقه والأصول وعند ذلك تجد في الحواشي درس أو درسين لعلم التفسير أو علوم القرآن أو معارف، هذا الذي أنا أريد في هذا الشهر الفضيل بقدر ما أستطيع، أرجع إلى السؤال.

    إذن القرآن صار بناءه أن يشفع للإنسان، ماذا يشفع للإنسان؟ يعني يعطى الإنسان بيد القرآن يقول تولى أمره، سؤال: تولى أمره يعني ماذا يفعل؟ نحن عندما نرجع إلى القرآن الكريم نجد أن القرآن بشكل واضح وصريح عندما يأتي إلى الجنة يقول أن الجنة ليست لها درجة واحدة وإنما لها درجات، ولم يعين مقدارها، الآن هذه الدرجات عشرة مائة ألف واقعا القرآن لم يشر، وإنما أشار من خلال آيات متعددة، كما في الآية 132 من سورة الأنعام، أنظروا قال تعالى: { ولكل درجات مما عملوا } إذن لكل إنسان ليس له درجة بل له درجات، { وما ربك بغافل عما يعملون }. هذه آية، آية أخرى وهي الآية أربعة من سورة الأنفال، { أولئك هم المؤمنون حقا، لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم }.

    وكذلك الآية 74 و 75 من سورة طه قال: { إنه من يأتي ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيي ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى } إذن الجنة لها درجات بصريح القرآن، النار أيضا لها دركات، نزول، تسافل، حتى يصل إلى الدرك الأسفل، لذا تجدون الآية المباركة صريحة في سورة النساء، الآية 145، قال: { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا } إذن النار لها دركات، هناك أسفل وأعلى النار وأوسط، ولم يحدد أيضا النار، إذا اتضحت هذه المقدمة الآن قلنا القرآن يتولى أمر الإنسان يوم القيامة، إذا كان المؤمن عاملا بالقرآن يعطى يده بيد القرآن فيقوده إلى الجنة ولكن أين يقوده؟ إلى الدرجة الأولى؟ الثانية؟ الثالثة؟ الرابعة؟ العاشرة؟ بعبارة أخرى خمسة نجوم، سبعة، ستة، ثلاثة، أين يقوده؟ وهكذا في النار، عندما يسوقه، لأنه قلنا إذا جعله أمامه كان قائدا إلى الجنة، وإن جعله خلف ظهره كان سائقا إلى النار، يسوقه إلى النار، يذهب به إلى الدرك الأسفل؟ أو إلى المتوسّط؟ أو أخف الدركات في النار؟ أين؟ أنا لا أجيب انظروا أن رسول الله ماذا أجاب عن هذا السؤال. تعالوا معنا سنن الترمذي، تحقيق شعيب الأرنئوط، المجلد الخامس، ص 179رقم الرواية 3141، الرواية كما يقول إسناده حسن، يقول: « عن عبد الله بن عمر، عن النبي، قال: يقال لصاحب القرآن< كونوا على ثقة والله لا يقال لصاحب الفقه والنجاسة والحلال والحرام، لا علاقة له أبدا، بعد ذلك يأتي الجواب أنه لماذا لا يقال لصاحب الفقه؟ وأنه لماذا في كل هذه الروايات لا يوجد أين فقهاء الحلال والحرام، ولكن يوم القيامة يسأل عن أهل القرآن وأصحاب القرآن، « يقال لصاحب القرآن اقرأ وارقى <، القرآن يقول له أنت كنت تعلم كم آية موجودة في القرآن، يقول 6000، يقول: كم آية عملت بها في الدنيا؟ هناك أيضا يوم تبلى السرائر، لا يمكن لأحد أن يكذب، تشهد عليهم جلودهم أرجلهم، هناك كل شيء على واضح، تبلى السرائر، فإذا كان قد علم بآية واحدة من القرآن فيعطى درجة واحدة له، فإذا كان عاملا بآيتين وعندما عمل، ليس مقصودي العمل الجوارحي بل الأعم من الاعتقاد ومن العمل ومن الأخلاق، يعني هذه المنظومة، منظومة العقدية والأخلاقية والسلوكية، كل هذه المنظومة هذه يقال له « اقرأ وارقى <. هذا الرواية الأولى الترمذي قال حديث حسن صحيح.

    المورد الثاني وهو من المتشددين النسائي، السنن الكبرى للنسائي، تحقيق الدكتور التركي المجلد السابع ص 272، رقم الرواية 8002، قال: « أخرجه فلان وفلان…. قال رسول الله يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتقي ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها <. أنت ونصيبك من القرآن في هذه النشأة، الدنيا مزرعة الآخرة، كم آية زرعت في هذه الدنيا، زرعت آية آيتين ثلاث خمسة عشرة مائة، عندما نقول اقرأ ليس القراءة الدنيوية لأن القراءة الدنيوي ألفاظ، هناك القراءة شيء آخر بحسب تلك النشأة، لأننا ذكرنا القرآن في كل نشأة له وجود الخاص به. هذا المورد الثاني.

    المورد الثالث: في سنن أبوي داوود تحقيق شعيب الأرنئوط، المجلد الثاني، ص 592، الرواية 1464، « يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتقي فإن منزلك عند آخر آية تقرأها <، لماذا يقول تقرأها؟ لأنه إذا لم يعمل بها في الدنيا عند أول ضغطة في القبر وسكرات الموت ينسى حتى اسمه، لا أنه فقط ينسى القرآن. أنظروا إلى الآية المباركة: { إليه يصعد الكلم الطيب} والعمل الصالح يرفعه وإلا إذا لا يوجد عمل صالح لا يصعد ولا يبقى، ولذا تجد القرآن الكريم أيضاً بيّن هذه الحقيقة بشكل واضح، قال أن بعض الناس معارفهم علومهم اعتقاداتهم مستقر، وبعضهم مستودع، وديعة وتأخذ منهم، ولذا أنتم تجدون الآن الإخوة الأعزة يعرفون الآن الميت يلقن عندما يوضع في القبر، يقال: اعلم يا فلان بن فلان بن فلانة، بينك وبين الله هو لا يعلم من هو؟ وفي بعض النصوص أن بعض الناس يعذبوا في البرزخ ثلاثمائة عام حتى يتذكر اسمه.

    إذن لا يتبادر إلى الذهن من القراءة يعني القراءة التي نقرأها بل هي التي ثبتها العمل، ولذا تجدون القرآن الكريم يقول: { من جاء بالحسنة } لا من عمل بالحسنة، لأنه أنت قد تعمل الحسنة ولكن بعد ساعة تحرقها، من بقيت معه في البرزخ وفي الحشر الأكبر وفي سكرات الموت وجاء بها عند الميزان، { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها }، من يأتي بهذا العمل إلى يوم القيامة، لا أنه يحرقه في وسط الطريق، ولذا قراءة القرآن يعني من جاء بقراءة القرآن وكيف يستطيع أن يأتي بقراءة القرآن، عندما يعمل بالقرآن.

    وكذلك صحيح ابن حبان، المجلد الثالث، تحقيق شعيب الأرنئوط، ص 43، نفس الرواية قال: « فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها <.

    وكذلك في مسند أحمد المجلد الحادي عشر ص 404، قال فإن منزلتك عند أخر آية تقرأها <. التفتوا إلى ما ورد في ذيل شرح هذا النص، كتاب معالم السنن شرح سنن أبي داوود، تأليف الإمام الخطابي البستي المتوفى 388 من الهجرة، تحقيق محمد صبحي بن حسن حلاق، الجزء الأول، يقول في ذيل الحديث الذي قرأناه: « قلت: جاء في الأثر، إن عدد آي القرآن على قدر درج الجنة <، الآن نفهم معنى اقرأ وارقى، يعني هذه الدرجات لا تستطيع أن ترقاها إلا بعد العمل بها، « إن عدد آي القرآن على قدر درج الجنة، يقال للقارئ ارقى في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن <، فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة، في الفردوس الأعلى، عند مليك مقتدر، ومن قرأ جزءا منها كان رقيه في الدرج على قدر ذلك فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة < وأنا أتصور بعد الآن واضح، { بل الإنسان على نفسه بصيرا }. لنرجع الآن في هذه الليلة، حاسبوها قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وهذه من أهم وظائف العبد المؤمن، المراقبة، هذا بحث عرفاني وتكلمت عنه مفصّلاً في كتابي التربية الروحية ومراتب السير والسلوك إلى الله، حاسبوها قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا، النتيجة إذا حاسبتموها قبل أن تحاسبوا ووزنتموها قبل أن توزنوا إذن يوم القيامة تذهب بعد لا يوجد عندك حساب، أنت حاسبتك نفسك إذن يدخلون الجنة بغير حساب. فمن لا يريد أن يتأخر في مواقف القيامة 50 ألف عام لا يعلم من سني الدنيا أو من سني الآخرة، > قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا الصراط المستقيم كم مدة يحتاج الإنسان لكي يقطعها؟ قال بعض يقطعها على قدر صلاة مكتوبة < لأنه هذا الإنسان حاسب نفسه قبل أن يحاسب ووزنها قبل أن توزن، هذا هو القرآن، والذي مثلنا جاء بها مبعثرة هو سوف يقوم خطوة ويقع عشر خطوات، سوف يتقدم مترا ويتراجع مائة متر وهكذا.

    المقدم: سماحة السيد هذا البحث الذي تفضلتم على مدى هذه الليالي، ما هي أهم النتائج التي تترتب عليها؟

    سماحة السيد: نحن عندما نرجع إلى العلوم الدينية والمعارف الدينية يمكن أن نقسمها إلى قسمين، المعارف الدينيّة، معارف الفقه، معارف التفسير، معارف المنطق، النحو، الصرف، المقدمات كل ما ندرسه في حوزاتنا العلمية، هذه العلوم والمعارف والدوائر المعرفية، يمكن تقسيمها إلى صنفين: الصنف الأول من هذه المعارف والعلوم هو دائرة علماء وتأثيرها ودورها ينتهي في هذه الدنيا، يعني عندما ننتقل أو نضع الخطوة الأولى في سكرات الموت إلى عالم البرزخ بعد لا يوجد دور لتلك العلوم، كعلم لا يوجد، من قبيل بعض العلوم الطبيعية، يعني الآن نحن في هذا العالم يوجد عندنا بدن وجسد ومرض إذن نحتاج إلى علم الطب، يوجد بناء وسكن ونحتاج إلى الهندسة والفلك وعلم الزراعة و… ولكن عندما ننتقل إلى عالم البرزخ، هل نحتاج إلى الأطباء والمهندسين والفلكيين وغيرهم؟ الجواب لا، لأنه تلك النشأة لا حاجة فيها لا للطبيب ولا إلى غيره، لأنه عندما ننتقل إلى الحشر الأكبر لا يوجد لا مرض ولا بناء ولا زراعة ولا إنتاج لأن كل شيء إنما هو كن فيكون. إذن إذا وضعنا يدنا على العلوم الطبيعية، هذه العلوم دورها تأثيرها أهميتها مرتبطة بأين؟ حتى سكرات الموت ما بعد سكرات الموت تترك كل شيء حتى هذا البدن سوف يكون ترابا، أصلا هذا البدن لا يبقى، يكون ترابا، هذا نوع من العلوم.

    نوع آخر من العلوم، يلازم الإنسان، يلازم الإنسان في هذه الدنيا وفي البرزخ وفي الحشر الأكبر بل وحتى في الجنة. الآن تعالوا إلى العلوم الدينية، كما تعرفون يوجد الآن عندنا علم الفقه الأصغر يعني علم الحلال والحرام يعني علم الرسالة العملية يعني علم كتاب الصلاة والطهارة والنجاسات والحيض والنفاس والزكاة والصوم و… هذا علم الذي الآن الطالب يبقى في الحوزات العلمية ثلاثين عام أربعين عام خسمين سبعين عام، هذا علم وعندنا علم آخر وهو علم التوحيد والإمامة والمعاد ومعارف القرآن التي أشار إليها القرآن الكريم، سؤال: هل أن كلا العلمين يبقيان مع الإنسان في جميع النشئات أو الذي يبقى مع الإنسان في جميع النشئات هو القرآن؟ أما علم الفقه فلا دور له إلا في هذه الدنيا ولا قيمة له بعد هذه الدنيا كأي علم طبيعي آخر. ولذا جملة من الأعلام والعلماء عندما جاءوا إلى علم الفقه قالوا أن علم الفقه من علوم الدنيا، البعض تصوّر أنه يذم علم الفقه، لا عزيزي، أنا عندما أقول علم الطب مرتبط بعلم الدنيا هذا توصيف وليس تقييم، أنا لا أريد أن أقول لأنه علم مذموم إذن هو علم الدنيا، أريد أن أبين دور هذا العلم، من قبيل في الشتاء تحتاج إلى ملابس شتائية إذا جاء الصيف وجعلت الملابس الشتائية على جانب يعني تريد أن تذم الملابس الشتائية؟ لا بل انتهى دورها، دور الملابس الشتائية انتهى، عندما ينتهي هذا العالم دور علم الفقه، دور الحلال والحرام، دور الصوم والصلاة، دور الزكاة والخمس، دور الفقهاء وعلم الفقهاء والتقديسات ينتهي، ليس لهم دور بعد ذلك، ومن هنا سمي علم الفقه بأنه من علوم الدنيا، وسموا فقهاء الفقه الأصغر بعلماء الدنيا، هذا ليس ذم هذا توصيف لهم، سيدنا من قال هذا الكلام؟، أمامكم كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، لا الغزّالي، بل الغزالي، المتوفى 505 من الهجرة، في صفحة 30 و 31 قال: « أحدهما يتعلق بمصالح الدنيا ويحويه كتب الفقه والمتكفل به الفقهاء وهم علماء الدنيا < هذا ليس ذم بل توصيف، مثل ما أقول هذه ملابس الشتاء، أنتم رأيتم هؤلاء الذين يذهبون إلى الكواكب الأخرى يلبسون ملابس أخرى، تنسجم مع تلك وعندما يرجع إلى الدنيا بعد لا يحتاجها، ولهذا يقول: « فإن قلت لم ألحقت الفقه بعلم الدنيا والحقت الفقهاء بعلماء الدنيا؟ < يقول باعتبار أن الفقه لأجل العمل وعندما يقطع الإنسان بمجرد أن يضع قدمه في أول مرحلة من مراحل البرزخ بعد لا يوجد عمل ويوجد الحساب، إذن كل العلوم المرتبطة بعالم العمل سوف ينتهى دورها، أنا قلت هذا الكلام باعتبار أن الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء، في تهذيب الإحياء تصور أن الغزالي يذم علم الفقة، فحمل عليه حملة مؤدلجة قال هذا فقهكم السني هو فقه الدنيا أما فقهنا فهو فقه الآخرة، لا يا فيض كاشاني، هذا لا يذم علم الفقه السني حتى تقول له هذا فقهكم بهذا الشكل، يقول هذا العلم دوره إلى هنا، أما تعالوا معنا إلى القرآن، ثبت إلى هنا أنه لا ينتهي دوره في الدنيا، اتضح أن القرآن معنا، اقرأ وارقى، الآن تقول سيدنا دعوى هذه يعني لا نقرأ الفقه، لا بل اقرؤوا الفقه ولكن بقدر ما تحتاجون إليه في الدنيا، لا تقرؤون الفقه كغثاء، كرياضيات كفرضيات ما أنزل الله بها من سلطان، الآن كثير من المسائل الموجودة في العروة وفي الرسائل العملية والله ما حدثت من زمن آدم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، هي فروض افترضها العقل التخيلي للفقهاء، لا عقل الواقع للناس، ولذا تجدون الرسائل العملية واقعا 90 في المائة منها لا حاجة للناس إليها، ودائما يستفتون الفقيه لأنه لا يجدون حاجتهم في الرسالة العملية، اقرؤوا الفقه بقدر هذه النشأة واقرؤوا القرآن وتعلموا القرآن وخذوا من معارف القرآن بقدر حياتكم الأبدية، الفقه أنت تحتاج إليه لمدة عشرين عام، ثلاثين عام، أربعين، خمسين، وبالنهاية تصبح مرجع الأعلى الأكبر الأصغر والمتوسط، والله ما فهمنا، مرة أعلى مرة كبير مرة أصغر مرة متوسّط، لا ندري هذه الاصطلاحات من أين أتت؟ افترض صرت مرجع الأعلى الأعلى الأعلى بعد لا تجد أعلى من هذا، ولكنّه لا يتجاوز عمره عشرة أو عشرين سنة وتنتهي المرجعية، واللطيف تأتي المرجعية بعد أن وصل إلى عمر السبعين والثمانين، يعني هو لا يستفيد منها شيئا بل الذي يستفيد هو من؟ لا أعلق والأمر إليكم. إذن أقرؤوا الفقه بقدر ما تحتاج الأمة إلى الفقه وبقدر ما يرتبط بعالمكم هذا، اقرؤوا الفقه بهذا القدر لا أكثر من ذلك، ولكن اقرؤوا القرآن وتعلموا القرآن واتلوا القرآن وتدبروا القرآن وخذوا معارف القرآن بقدر حياتكم الأبدية، حياتكم الأبدية ما هي قيمتها؟ بقدر تلك الحياة اقرؤوا القرآن، إذن أنتهي إلى هذه الحقيقة الواضحة والصريحة، أنه الفقه الأصغر يعني فقه الحلال والحرام فقه الرسالة العملية، الفقه المصطلح الآن في الحواضر العلمية لا فرق، الحواضر السنية أو الشيعية، وهذا هو جزء من إسلام الحديث، إسلام الحديث هو الذي أعطى المركزية والمحورية للفقه الأصغر وغيب فقه القرآن ومعارف القرآن، البعض يقول سيدنا في النتيجة لم نفهم ما مقصودك من إسلام الحديث وإسلام القرآن؟ هذا واحد من المميزات، أن إسلام القرآن بيني وبين الله عندما تدخل إلى القرآن تجد أن الآيات التي تتكلم عن الأحكام الشرعية لم تتجاوز عشر الآيات القرآنية، بعضهم يقول 500 آية، 600 آية، في النتيجة لا يشكل إلا عشر الآيات القرآنية، يعني إذا كنت تريد أن تضع وقتا للحوزات العلمية عشر سنوات سنة للفقه الأصغر وتسع سنوات لعلوم القرآن، والآن في الحوزات العملية عشر سنوات للحلال والحرام وشهر أيضاً لا يوجد للقرآن، إذن الآن إسلام الحديث يقول لك كل عمرك أضعه في الفقه، واللطيف أن بعضهم عندما يسأل يقول أريد أن أكون عالم دين، هل أحتاج إلى أن أكون مفسّراً؟ يقول لا، لا مدخلية للقرآن في الاجتهاد، هذا الذي أقوله عن إسلام الحديث، والإسلام الفقهي والعقل الفقهي، وهو غير إسلام القرآن، وغير معارف القرآن.

    المقدم: نستمع إلى المداخلات:

    سامي من الكويت: سلام عليكم… أنا اليوم قرأت كتابك وهو صيانة القرآن عن التحريف، سيد هل أنت عندك موسوعة في تفسير القرآن أو إن شاء الله ستألف تفسير؟

    فوزي من ليبيا: سلام عليكم… أنا أقول ما دمنا نحن في الثقل الأكبر، الثقل الأكبر قال الثقل الأصغر معصومون مثلا آية التطهير، نحن ابتعدنا عن أوامر الثقل الأكبر واتجهنا إلى الصحابة وجعلناهم حتى أفضل من رسول الله، فمثلا خليفة الثاني كان يمر في الشارع ويهرب الشيطان، بينما كان الشيطان يأتي إلى رسول الله وهو في المسجد وينفخ في وجهه.

    المقدم: هل تعتقد أن هذا هو من إسلام الحديث؟

    فوزي: مائة في المائة، ساقط بالمليون، الإمامة مذكورة في القرآن وتم تفسيره بينما المسيح الدجال غير مذكور ونؤمن به، انظر إلى المفارقة الآن وشكرا.

    علي من العراق: سلام عليكم… هنالك بعض الآيات القرآنية التي نزلت على الرسول الأكرم وهي وقتيه مثل آية تبديل القبلة من القدس إلى مكة، فهما هو السيد الكريم يقول القرآن في كل زمن وفي كل مكان؟

    المقدم: نحن هنا لا نفسر القرآن، بل عندنا طرح أنه يوجد إسلام قرآني وإسلام حديثي.

    بن علي من الجزائر… إذا كان الحديث لا نفهمه إلا بالقرآن فيكف نفهم القرآن؟

    نصير من العراق: سلام عليكم… ما هي الأسباب التي جعلت حوزاتنا العلمية تبتعد عن المعارف القرآنية؟

    سماحة السيد: سامي من الكويت عزيزي إلى الآن 11 عشر كتاب خرج لنا في المعارف القرآنية، أعدها بسرعة الذي يريدون أن يكتبوا حتى يراجعون الموقع:

    منطق فهم القرآن ثلاثة مجلدات، أصول التفسير مجلد، اللباب مجلد، مفاتيح فهم القرآن مجلد، آية الكرسي مجلد، الرمزية والمثل في النص القرآني مجلد، مدخل إلى النظام المعرفي لآلية فهم القرآن، وهنا أنصح أبو علي من الجزائر الذي يقول كيف نفهم القرآن يقرأ كتاب مدخل إلى النظام المعرفي لآلية فهم القرآن، كتاب في 450 صفحة، تكلمت كيف نفهم القرآن، كتاب تأويل القرآن، صيانة القرآن من التحريف.

    المقدم: أعزّائي سماحة السيد يعطي آلية الفهم في كتبه.

    سماحة السيد: أحسنتم، أنا المهم عندي منطق فهم القرآن، المنهج. يعني المهم عندي في هذه الكتب لا أن أكتب دورة تفسيرية مائة مجلد، هذا جيد ومفيد ولكن أريد أن أعطي المنهج والروية، والنظام المعرفي، لأنكم تعلمون في العلوم الحديثة عندما يقول نظام معرفي، النظام المعرفي يتقوم بركنين: المنهج والرؤية التي يعطيها، أنا أحاول أن أعطي نظام معرفي لآلية فهم القرآن.

    أما سؤال أبو علي: أجيبه من كلمات أمير المؤمنين، في الخطبة 132، محمد عبده، قال: « كتاب الله تبصرون به وتنطقون به وتسمعون به وينطق بعضه ببعض <، أصلا هو الناطق على نفسه لا يحتاج، لأنه هو نور والنور هو الظاهر بنفسه والمظهر لغيره، لا يحتاج إلى غيره، > وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض <.

    أما فوزي من ليبيا واقعا هذه الأمثلة التي أشرت إليها وهو أنهم يؤمنون بالدجال الذي لم يرد اسمه في القرآن ولكن وردت آيات متعددة في الإمامة ولكن لا يؤمنون بها، هذا هو إسلام الحديث، يعني الآن أنت تجد لو أنكرت الدجال تقوم الدنيا ولا تقعد ولكنه لو أنكرت الإمامة يقول أصلا لا يوجد دليل على الإمامة، مع أنه آيات متعددة توجد في الإمامة، { وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا }، الإمامة مخفية أو مغيبة عن الثقافة لأنه في الحديث غيبت، في حديث السلطة غيبت.

    أما سؤال أخ نصير من العراق: واقعا كلمة واحدة، السبب هو الاعتناء بإسلام الحديث، وتغييب إسلام القرآن. الآن أنت تجد واقعا في بيوتنا إصرار لابد يوجد، طبعا السنة لابد يوجد البخاري ومسلم ومسند أحمد وعند الشيعة لابد يوجد البحار والتهذيب والاستبصار والكافي ولكن تفسير لا يوجد، ولكن ضروري أن توجد كتب الحديث لأن العناية عناية بإسلام الحديث، هو المحور وليس القرآن هو المحور، ومن هنا هذه تراكمت كما تفضلتم. أنا لا أريد أن أصطلح ولكن هذا هو الإسلام التاريخي يعني هذه التراكمات شكلت ثقافة للأمة أعطت للإسلام محتوى أساسا لا من قريب ولا من بعيد مرتبط بالقرآن الكريم ولكنه من أين جاءت؟ جاءت من خلال هذه الثقافات والتراكمات، أضرب مثال جدا واضح الإخوة الشيعة الآن والمتصوفة وغيرهم عندهم مجموعة من العادات والشعائر، الشيعة عندهم شعائر في يوم العاشر من محرم، أنت إذا تذهب إلى كثير من هذه الشعائر لا تجد لها أصلا قرآنيا ولا أصلا حديثيا وإنما أصله تاريخي فقط، يعني أن التراكم التاريخي أوجده وجعله ثقافة في الأمة، ومع الأسف الشديد أنه على علماء الدين أن يقفوا أمام مثل هذه الظواهر التي لا أساس لها، قرآني ولا حديثي ولكنهم بيني وبين الله ساكتون.

    المقدم: شكرا لسماحة السيد كمال الحيدري.

    • تاريخ النشر : 2013/07/17
    • مرات التنزيل : 1751

  • جديد المرئيات