بسم الله الرحمن الرحيم
مطارحات في العقيدة
مشروعية تعدد القراءات في مدرسة أهل البيت
القسم الثاني
المقدم: السلام عليكم وتحية لسماحة آية الله السيد كمال الحيدري.
سماحة السيد تتمة البحث الذي بدأتموه ليلة البارحة حول تعدد القراءات في مدرسة أهل البيت، وأثبتم من خلاله مشروعية تعدد القراءات والاجتهادات في هذه المدرسة؟
سماحة السيد:
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
بالأمس أتصور أن المشاهد الكريم وقف معي إلى أن تعدد الاجتهاد في مختلف الدوائر المعرفة الدينية في مدرسة أهل البيت تعد من أهم مميزات ومن أهم عناصر القوة في هذه المدرسة المباركة، ومن هنا أنا أعتقد بأنه إذا انتهينا إلى يوم عاشت الحوزات العلمية حالة من الانفراد في الرأي أو الاستبداد في الرأي أو سلطة السلف أو سلطة الرأي الواحد هذا معناه أن المدرسة أخذت في الأفول، وإلا قوام المدرسة وقوة المدرسة وأهم ما يميز مدرسة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام هو فتح باب الاجتهاد في كل المجالات المعرفية، على مستوى العقائد والفقه والتفسير والفلسفة وكل الأبعاد المعرفية فإن باب الاجتهاد مفتوح ولا يحق لأحد أن يغلق هذا الباب، لأن الذي فتحه هم أئمتنا عليهم أفضل الصلاة والسلام وفتحوا هذا الباب لتلامذتهم وهم أحياء حضور، فما بالك وهم الآن غائبون عنا، اقتضت الحكمة الإلهية أن يغيب عنا الإمام، فكيف يمكن أن يغلق هذا الباب الذي به قوة وقوام المذهب، ولكنه بقيت نقطة أو بعض النقاط لابد أن أشير إليها وأحاول أن أكمل البحث في هذه الليلة حتى بإذن الله تعالى إن وفقنا أن نكون معكم في الليالي القادمة أن نستمر في بحثنا الذي بدأناه من إسلام الحديث إلى إسلام القرآن طبعا هذا البحث أيضا لا ينفصل عن بحث إسلام الحديث وإسلام القرآن، ولكنه يصب في الصميم من هذا البحث، هناك معضلة أساسية ذكرها القدماء من علماء الإمامية وذكرها أكابر علماء أهل السنة، هذه المعضلة والعويصة الفكرية هي أنه أنتم أيها المسلمون هذا إشكال غير المسلمين على المسلمين، انتم أيها الشيعة هذا إشكال المسلمين غير الشيعة على الشيعة، أنتم عندما اعتقدتم بعصمة النبي أيها المسلمون أو اعتقدتم بعصمة الأئمة أيها الشيعة، لماذا اختلف أئمتكم فيما بينهم في الحديث؟ الاختلاف إذا كان من غير المعصوم من المنطقي ذلك، لأنه يجتهد قد يصيب وقد يخطئ، كما الآن بين علماءنا بين المراجع المحققين منهم في زماننا يختلفون كما قال أحد الإخوة في النتيجة رأي واحد هو الصحيح، ولكنه أيهم؟ إذن لماذا اختلفوا؟ يعني لا تصدقون إذا قلت لكم أنه في مسألة خمس أرباح المكاسب يوجد عند علماء الشيعة الإمامية 22 قول في المسألة والجميع يستند إلى الروايات، يعني إلى روايات صدرت من الأئمة يعني إلى إسلام الحديث، إذن أعزائي هذه العويصة من قبل غير المسلمين على المسلمين أشكلوها على الموروث النبوي قالوا أنتم تقولون أن نبيكم معصوم في أقواله وأفعاله وسكناته وحركاته إذن لماذا نجد أن تراثه والروايات الواردة عنه تتناقض فيما بينها، يكذب بعضها بعضا، فأنتم أقروا بأحد أمرين: إما أن تقبلوا أن هذه الروايات كلها مدسوسة، موضوعة، وإما أن تقبلوا أن ذلك الذي ادعيتم له العصمة ليس بمعصوم، طبعا لا يتبادر إلى الذهن بأنه هذه الإشكالية أنا أطرحها، لا بل هذه المعضلة والعويصة ذكرها كبار علماءنا المتقدمين، أنقل لكم بعض العبارات من الشيخ الطوسي يعني في القرن الخامس، يعني بعد الغيبة الكبرى بقرنين، انظروا في كتابه وهو تهذيب الأحكام في شرح المقنعة للشيخ الطائفة الطوسي المجلد الأول ص 2، انظروا يقول لماذا أنا كتبت هذا الكتاب، يقول: « ذاكرني بعض الأصدقاء ممن أوجب حقه علينا بأحاديث أصحابنا أيدهم الله ورحم السلف منهم وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافات والتضاد <، روايات أصحابنا، روايات الشيعة، لا علاقة لنا بروايات السنة، « حتى لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده < لا يوجد خبر سليم من المعارضة ومن التضاد، « ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه < شيخنا فليكن الأمر كذلك؟ يقول لا، « حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا < قالوا أنتم تقولون أئمتكم معصومين وإذا كانوا من المعصومين فلماذا اختلفوا؟ لا يمكن أن تقول كل الاختلاف منشأه الصحابة، لأنه هؤلاء أنتم تقولون ثقاة، تقولون من أهل الصدق، تقولون من أهل العلم لا يمكن كلهم هؤلاء لا قيمة لهم، وهذه مشكلة إسلام الحديث، > حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا وتطرقوا بذلك إلى إبطال معتقدنا < قالوا اعتقادكم بعصمة الأئمة باطل، « وذكروا أنه لم يزل شيوخكم < يقول لأنّه واحدة من إشكالات علماء الشيعة على علماء السنة كان يقولون أنتم لم تستندوا إلى معصوم بعد رسول الله فوقعتم في الاختلاف، جيد جدا، إذن لماذا أنتم اختلفتم؟ إذن أنتم أيضا استندتم إلى قول غير المعصوم، كما يقال نقضوا علينا، السنة نقضوا على الشيعة، علماء السنة يقولون لنا أيها الشيعة كنتم تقولون لنا لأنكم لم تستندوا إلى معصوم بعد رسول الله فوقعتم في تناقض وتضاد وتخالف و بعضكم يضرب بعضا وبعضكم يسقط بعضا، وبعضكم يمحو بعضا، نحن لم نستند إلى معصوم، أنتم استندتم إلى معصوم، كان ينبغي لا أقل أن تتوحدوا، « وذكروا أنه لم يزل شيوخكم السلف والخلف يطعنون على مخالفيهم يعني (علماء الشيعة يطعنون على آراء علماء أهل السنة) بالاختلاف الذي يدينون الله تعالى به ويشنعون عليهم بافتراق كلمتهم في الفروع ويذكرون أن هذا مما لا يجوز أن يتعبد به الحكيم ولا أن يبيح العمل به العليم وقد وجدناكم أشد اختلافا من مخالفيكم< هذه كتبكم، وبيني وبين الله ليس في ذلك الزمان، هذه علماءنا ومراجعنا المعاصرين مختلفين في الفتاوى الفقهية والعقائدية والمسائل العقائدية والتفسيرية، إذن أنتم تقولون استندنا إلى المعصوم كان ينبغي أن يعصمكم من الاختلاف، « وما عصمكم من الاختلاف < إذن أئمتكم ليسوا من المعصومين؟ قال: « وقد وجدناكم أشد اختلافا من مخالفيكم وأكثر تباينا من مباينيكم يعني الآخرين، ووجود هذا الاختلاف منكم مع اعتقادكم بطلان ذلك، دليل على فساد الأصل < يعني اعتقادكم بعصمة الأئمة، > حتى دخل على جماعة ممن ليس لهم قوة في العلم ولا بصيرة بوجوه النظر ومعاني الألفاظ شبهة < هذه ليس في ذلك الزمان فقط أيضا في هذا الزمان، « وكثير منهم رجع عن اعتقاد الحق <، يعني بدل إيمانه واعتقاده من مدرسة أهل البيت إلى المدارس الأخرى، « وكثير منهم رجع عن اعتقاد الحق لما اشتبه عليه الوجه في ذلك وعجز عن حل الشبهة في… سمعت شيخنا أبا عبد الله يذكر أن أبا الحسين الهاروني العلوي كان يعتقد الحق ويدون بالإمامة فرجع عنها لما التبس عليه الأمر في اختلاف الأحاديث وترك المذهب ودان بغيره لما لم يتبن له وهكذا < هذا من المتقدمين، إذن مسألة اختلاف الحديث وإسلام الحديث معضلة لابد أن تحل، لا تتصورون بأنه قابلة للحل بتعارض الأدلة في علم الأصول، لا عزيزي، فيها أبعاد كلامية عقائدية وليست مسألة فقهية حتى تحل فقهيا، لابد أن تبحث في علم الكلام والعقائد حتى تبحث عقائديا.
أما من المعاصرين علم من أعلامنا، سيدنا الشهيد الصدر قدس الله نفسه، في بحوث علم الأصول، تقريرات السيد الهاشمي، المجلد السابع، ص 28، يقول: > وقد ينطلق من ذلك للتشكيك يعني التعارض بين الروايات، ينطلق من ذلك للتشكيك في الأسس والأصول الموضوعية، التي يبتني عليها الفقه الجعفري، بل التراث الشيعي بكامله < هذا الاختلاف بين إسلام الحديث أصلا يضع علامة استفهام كبيرة لا على الفقه الشيعي بل على التفسير والعقائد والأخلاق، كل الموروث الشيعي يكون تحت السؤال، أنتم تتصورون أنا عندما طرحت هذا العنوان، عنوان من إسلام الحديث إلى إسلام القرآن جزافا طرحت هذا العنوان؟، لأنه هذه من أهم المعضلات المانعة واقعا من قبول مدرسة أهل البيت، لماذا هذا الاختلاف؟ قال « بل التراث الشيعي بكامله من الاعتقاد بعصمة الأئمة < يقول أول مسألة تذهب تحت السؤال عصمة الأئمة، « واعتبار أقوالهم < لأنه إذا لم تثبت لهم العصمة فهم من المجتهدين، إذن على أي أساس نقبل أقوالهم، « والنصوص الصادرة عنهم كالقرآن الكريم والسنة النبوية مصدرا للتشريع < يعني كيف نجعل النصوص الصادرة من الأئمة مصدرا للتشريع كما جعلنا القرآن السنة النبوية؟ إذا لم تثبت لنا عصمتهم؟ يرجع إليها في مجال التعرف على أحكام الشريعة؟ « فتجعل من ظاهرة التعارض والاختلاف الملحوظة بين النصوص الصادرة عنهم دليلا على الزعم القائل بأن الأئمة ليسوا إلا مجتهدين كسائر الفقهاء والمجتهدين وليست الأحاديث الصادرة عنهم إلا تعبيرا عن آرائهم الاجتهادية الخاصة فيكون من الطبيعي حينئذ وجود الاختلاف والتعارض فيما بينها < لأنها صدرت من مجتهدين، > وبهذا تفقد هذه الأحاديث الشريفة قيمتها التشريعية والمصدرية أن تكون مصدرا للتشريع < إذن مسألة إسلام الحديث والاعتماد عليه بمفرده مستقلا عن القرآن ومن غير إرجاعه إلى المصدر الأصيل وهو القرآن مبتلى بهذه الإشكالية، أنا أريد أستبق بعض الأبحاث حتى يتضح بأنه أنا لماذا أساسا جئت إلى هذا البعض، لأنه إلى الآن كثيرين يقولون شهر رمضان ما الذي أدخلك في هذا البحث، هذا من أهم أبحاث العقدية في مدرسة أهل البيت، وما لم تحل هذه المشكلة يبقى عندنا الأصل الموضوعي توجد عليه علامة استفهام كبيرة، لماذا وقع الاختلاف، ولذا يتذكر الأعزة في تصحيح اعتقاد الإمامية بالأمس قرأنا في ص 145، الشيخ المفيد قال وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم كانوا يلتجئون أن الأئمة يلتجئون إلى الرأي والظنون، يعني هم من المجتهدين، يقول هذا جماعة من علماء مدرسة قم كانوا يعتقدون بهذا، وهم شيعة، يعني قراءتهم عن المذهب اجتهادهم أوصلهم إلى هذا، لم يخرجهم هذا الاعتقاد عن التشيع، انظروا كيف أنه كان هناك تعددية واضحة، تقول سيدنا واقعا هذا الكلام؟ أقول نعم هذا موجود في كتبنا، أنا أقرأ لكم من كتب الشيعة، هذه لا كتب الوهابية ولا الأموية ولا البخاري ولا المسلم، ولا ابن تيمية وابن باز، هذه كتب الشيعة أعزائي والشاهد الآخر رجال السيد بحر العلوم، سيد الطائفة، السيد محمد مهدي بحر العلوم الذي ينسب إليه زورا أن شاهد الحجة، تقول ينسب إليه زورا؟، سيدنا لماذا هذه الدعوى؟ وإن كان خارج البحث، في رجال السيد بحر العلوم المعروف بالفوائد الرجاليه، السيد محمد المهدي بحر العلوم سيد الطائفة الذي ينسب إليه أنه شاهد الحجة، الآن إما في عزاء طويريج أو في مكان آخر، ينقل رسالة الإمام المعصوم يعني توقيع الإمام الحجة إلى الشيخ المفيد، معروفة الرسالة الذي قال فيها للأخ السديد والولي الرشيد الشيخ المفيد، ويجعلون ذلك أوفى مدح للشيخ المفيد، أن الإمام المعصوم يعبر عنه بأخ، يقول السيد بحر العلوم: « وقد يشكل أمر هذا التوقيع < يقول لا أشكك في الشيخ المفيد، >وقد يشكل أمر هذا التوقيع بوقوعه في الغيبة الكبرى <، ونحن في الغيبة الكبرى لا توجد عندنا رسائل، يقول: « مع جهالة حال المبلغ < هذا الذي أتى بالرسالة إلى الشيخ المفيد من هو؟ الشيخ المفيد لم يقل لنا حتى نعرفه صادق أم لا، « مع جهالة حال المبلغ ودعوى المبلغ المشاهدة < لأنه استلم الرسالة من الحجة، « ودعوى المبلغ المشاهدة المنفية بعد الغيبة الكبرى <، يقول هذا الذي أتى بالرسالة يدعي أنه شاهد الإمام وهي منفية وهذه كافية لتكذيبه، هذه الرسالة ليس لها واقعية، بينك وبين الله هذا الرجل العظيم يدعي أنا شاهدته، ثم أين قال هذا الرجل المسكين أنه شاهد الإمام المعصوم، إلا أنه خادمه بعد أن مات نقل عنه، لماذا في حياته لم ينقل عنه؟ على أي الأحوال، نرجع إلى البحث:
السيد بحر العلوم يقول: « وأما إسناد القول بالرأي إلى الأئمة عليهم السلام < أن الأئمة لهم رأي يعني مجتهدين « وأما إسناد القول بالرأي إلى الأئمة فلا يمتنع أن يكون كذلك في العصر المتقدم < نعم يقول جملة من أعلامنا المتقدمين كان يعتقدون بهذا، السيد بحر العلوم يقول أنا لا أعتقد ولكن في العصر المتقدم يعني في عصر الأئمة كان يوجد من شيعتنا من يعتقد بأنهم أصحاب رأي، من شيعتنا، كما ورد عن المفيد والآخرين.
سؤال: ما هو حل هذه الإشكالية؟ كيف تحل؟ يعني إذا لم نحل الإشكالية إذن تكون عندنا إشكالية في عصمة الأئمة، لأنه لا يمكن أن ننسب كل هذه الاختلافات إلى الأصحاب، إلى الرواة، من هنا واقعا عند المسلمين عموما حتى يحلوا الإشكالية في أحاديث النبي الأكرم وعند الشيعة خصوصا حتى يحلوا إشكالية الاختلاف في الروايات عندنا، وجدت عشرات الكتب إن لم أقل المئات لحل هذه المعضلة، واقعا معضلة أساسية وإلا كيف تستند إلى أقوالهم قد يقول قائل هذا خير دليل على عدم عصمتهم وإلا لماذا اختلفوا؟ لماذا اختلف رسول الله في حديثه؟ لماذا لم يختلف القرآن؟ { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } هذا صريح الآية المباركة، أنه إذا وجدتم اختلافا فهو من عند الله ومن عند غير الله؟ من عند غير الله سبحانه وتعالى، وهنا وجدنا الاختلاف إذن الحديث النبوي والموروث النبوي ليس من عند الله، الموروث العلوي والشيعي اختلفوا إذن ليس من عند الله، هذه نص الآية المباركة، إذن كيف حل الإشكالية؟ إن شاء الله تعالى في الليالي القادمة بإذن الله تعالى عندما يستمر هذا البحث سنبين أنه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) توقع ماذا يحدث بعده أو لم يتوقع؟ يعني هل علم ما سيحدث من بعده أو لا؟ وهل أعطى الوصف العملي لنا أو لم يعطنا؟ الوصف الذي أعطاه رسول الله لنا قال اعرضوا كلامنا على كتاب ربنا، سيأتي بعد ذلك لماذا ولكنه هذه الوصفة، وهذا هو الذي سار عليه كبار علماء الإمامية، بالأمس قرأنا لكم عبارة الشيخ المفيد، أريد أن أقرا لكم اليوم عبارة أخرى للشيخ المفيد في تصحيح اعتقاد الإمامية ص 149، قال > ومتى وجدنا حديثا يخالفه الكتاب ولا يصح وفاقه له على حال أطرحناه < لا قيمة له، طرحناه جانبا، صحيح السند، ضعيف السند، مشهور، مطمئن، متواتر، ورد في أصول الكافي ورد في صحيح البخاري، أعلامنا المتقدمون، والله لو اجتمع الإنس والجن وجاءوا برواية وخالفت القرآن اضرب بها عرض الجدار، تقول سيدنا إذن أين ذهب مبناكم فيما سبق إذا اجتمعت الأمة الرواية تقبل؟ الآن لابد أن تعرفوا الأصل الجديد في مشروعي، في الموروث الروائي، أنه إذا اجتمعت الأمة على رواية فلابد أن لا تكون مخالفة للقرآن وإلا لو اجتمعت الأمة على رواية وكانت مخالفة للقرآن فاضرب بها عرض الجدار، فهي زخرف لم نقله، فهو من قول الشيطان، تقول لماذا هذا الجزم؟ أقول الأئمة قالوا لنا، هو قال لي إذا وجدتموه مخالفا للقرآن فهو من قول الشيطان، أنا غير معتقد بنسبية المعرفة، أنا معتقد بأن المعرفة مطلقة ولكن فهمنا من المعرفة نسبي، فرق بين أن المعرفة نسبية الواقع نسبي وبين أن فهمنا نسبي، لا يستطيع أحد أن يقول أنا الحق المطلق ولا غير، نعم المعصوم يستطيع أن يقول أما أنا استطيع أن أقول هذا فهمي ، يعني أجزم أن هذا صحيح، تقول قد يكون مطابق ولكن اعتقادي أنه مطابق، قال > ومتى وجدنا حديثا يخالف الكتاب ولا يصح وفاقه له على حال أطرحناه لقضاء الكتاب بذلك < القرآن قال لنا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، المحق المطلق في القرآن، القرآن قال لنا { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } ولكن لا يوجد عندنا أن رسول الله ما قال أنا ذكرت لكم السنة وإني له لحافظون إلى يوم القيامة، بل وقع فيه دس ووضع وكذب واختلاق ونقل بالمعنى وتقطيع وضياع و… ولهذا كثير من الأحاديث ضاعت علينا، الله لم يتعهد بحفظ حديث رسول الله ، الله لم يتعهد بحفظ حديث الأئمة، ولكن القرآن تعهد لنا بحفظ القرآن، الأصالة للقرآن، المحورية للقرآن، أولا القرآن وآخرا القرآن، ولا يتصور البعض الجهلة والعوام وإن كان على رؤوسهم كذا وكذا، لا يتصوروا أنه عندما أقول القرآن يعني أقول مقولة حسبنا كتاب الله، تلك المقولة كانت تريد أن تقصي السنة، أنا لا أريد أن أقصي السنة أنا أريد أن أقيم السنة، أقول أي سنة صحيحة وأي سنة ماذا؟ أنا لا أقول السنة الواقعية وإنما السنة المنقولة إلينا، كان يسمع رسول الله، هذا مخالفة لأصل السنة، أنا أقول موافق ولذلك قلت الاتجاه الأول لا أقبله، على أي الأحوال قال: « لقضاء الكتاب بذلك وإجماع الأئمة عليه < إجماع الأئمة أن المحور هو القرآن، ولهذا قرأنا في الرواية صحيحة السند عن الإمام الرضا، « قال إذا خالف القرآن كذبتها < كذبها على الجزم الذي لا يخطئ، ولكن أنا أكذبها على الجزم الذي هو اجتهادي وقد أصيب وقد أخطئ ولكن حسب اجتهادي أنا معتقد أني مصيب. وإلا كيف أستطيع أن أفتي وأقول عقيدتي للناس إذا لم أكن جازما برأيي، إذن اتضحت لنا مسألة في غاية الخطورة وهي أنه ما هو المعيار لحل إشكال تعارض الموروث النبوي وتعارض الموروث الروائي عند مدرسة أهل البيت، واحدة من الحلول الناجعة والناجحة والدقيقة والعميقة هو أن تجعل القرآن هو المحور لتقريب الرواية فما وافق ولم يخالف يقبل وإلا يضرب به عرض الجدار.
المقدّم: نحن إلى الآن توصلنا إلى تعدد القراءات ما هي النتائج التي تترتب على هذه القضية؟
سماحة السيّد: أنتم تعلمون واحدة من أهم المسائل التي وقع الخلاف فيها بين الشيعة وعموم المسلمين بعد رسول الله أنه هل يوجد شخص معصوم بعد رسول الله أو لا يوجد؟ أتصور في الثقافة الشيعية هذه واضحة أنه الآن السائد في ثقافتنا أنهم يعتقدون أنه يوجد معصوم بعد رسول الله وهو علي وأولاده بل الذي لا يقل بذلك يخرج عن المذهب، وعموم المسلمين قالوا لا نقبل بوجود شخص المعصوم، لعله عندهم الإجماع معصوم ولعله عندهم الأمة معصومة ولكن شخص لا يقبلون العصمة له، المسألة التي أريد أن أطرحها في هذه الليلة واقعا هل أن الأئمة أمير المؤمنين والمعصومين من بعده هل كانوا يصرون ويشترطون على من يريد أن يتولى إمامتهم وولايتهم وقيادتهم وأخذ الدين منهم هل كانوا يشترطون عليه أن يعتقد بعصمتهم أولا أو لا؟ تقول سيدنا أنت تقول قضية خطيرة جدا، وتمس صلب المذهب، أقول نعم وسأنقل عبارات علماء الإمامية، هل أن الأئمة كانوا يطالبون شيعتهم حتى يكونوا موالين لهم ومن شيعتهم أن يعتقدوا بعصمة الأئمة أو لا؟ وللمرة الثالثة بعبارة أخرى هل طالبوهم بأن يعتقدوا أنهم أئمة مفترضو الطاعة فقط وأن الدين لابد أن يأخذ منهم أو بالإضافة إلى ذلك اشترطوا أن يعتقدوا بعصمتهم؟ تقول ما الفرق؟ الجواب لا يشترط إذا قلنا أنهم مفترضو الطاعة يعني أن يكونوا معصومين، الآن أنت أيها المقلد الشيعي تأخذ دينك من مرجع، واجب الطاعة عليك ولكنه ليس بمعصوم، ومع ذلك تقول مفترض الطاعة، إذن لا ملازمة بين افتراض الطاعة وبين العصمة، نعم قد يوجد أحد يعتقد بأنهم معصومون ومفترضو الطاعة، ولكن الكلام الأئمة ماذا طلبوا من شيعتهم؟ طالبوهم بالعصمة ثم افتراض الطاعة، أم طالبوهم بافتراض الطاعة؟ أنا الآن المشهور الآن في العقل الشيعي والثقافة الشيعية أنهم اشترطوا عليهم العصمة، وإذا صار معصوم يكون مفترض الطاعة، يعني من لوازم العصمة افتراض الطاعة، تعالوا معنا إلى القرون الثلاثة الأولى بعد رسول الله يعني إلى زمن الشيخ الصدوق والمفيد وما بعد ذلك، لنرى أن هذه الظاهرة كانت موجودة أو غير موجودة؟ سأنقل لكم بعض العبارتين:
تعالوا معنا إلى رسالة اسمها حقائق الإيمان للشهيد الثاني في كتاب اسمه مجموعة الرسائل مطبوع بالطبعة الحجرية، حقائق الإيمان للشهيد الثاني، في المقدمة لابد أن أقول للأعزة حاول بعض الكتاب المعاصرين أن يشكك أن هذه الرسالة للشهيد الثاني أو لا؟ والآن أنا لا أريد أن أدخل في هذا السجال، أنها للشهيد الثاني أو لا، لكن أقول أنها منسوبة إلى الشهيد الثاني وهو أحد الفقهاء العظام في مدرسة أهل البيت، في رسالته ص 79، يقول: « فهل يعتبر في تحقق الإيمان< مراده يعني أن يكون موالي لمدرسة أهل البيت، يعني أن يكون شيعيا، اصطلاح خاص في الإيمان لا أنه إنكار الإيمان عن الآخرين، مرارا ذكرت أن الإيمان له اصطلاح عام واصطلاح خاص، وإلا أنا أعتقد أن المسلمين كثير منهم أيضا من المؤمنين، نعم بعض المسلمين ليسوا بمؤمنين أنهم لم يؤمنوا وكما في صدر الإسلام لم يدخل الإيمان في قلوبهم، وإلا كثير من المسلمين أيضا دخل الإيمان، ولكن لم يؤمنوا بأهل البيت فيوجد عندنا إيمان عام وإيمان خاص، ص 59، « قال فهل يعتبر في تحقق الإيمان أن يكفي اعتقاد إمامتهم ووجوب طاعتهم في الجملة < هل يشترط الاعتقاد بعصمتهم حتى يكون شيعيا مواليا من مدرسة أهل البيت أو يكفي أن يؤمن بوجوب وافتراض طاعتهم وإن لم يؤمن بعصمتهم، يقول « فيه وجهان< منطق محكم، توسيع دائرة، منطق علمي، بحث علمي يطرحه الشهيد الثاني، يقول: « فيه الوجهان السابقان في النبوة < يقول كلا الوجهان موجودان في النبوة، الآن لا أريد أن أدخل في النبوة، قال: « ويمكن ترجيح الأول يعني اشتراط العصمة بأن الذي دل على ثبوت إمامتهم دل على جميع ما ذكر خصوصا العصمة لثبوتها بالعقل والنقل < هذا الاحتمال الأول، > وليس بعيدا الاكتفاء بالأخير < ليس من المستبعد أن نقبل الرأي الثاني أن نعتقد أن الأئمة مفترضو الطاعة وإن لم نعتقد عصمتهم ، « وليس بعيدا الاكتفاء بالأخير على ما يظهر من حال جل رواتهم ومعاصريهم من شيعتهم < كل رواة ومعاصريهم ما كانوا يعتقدون إلا أنهم مفترضو الطاعة، كل رواة الأئمة، هذا رأي علمي، لا أقول صحيح، لا يقول أحد أنه السيد الحيدري ينفي عصمة الأئمة، أنا كاتب كتاب في العصمة، أنا أنقل تعدد القراءة وتعدد الاجتهاد، قال: « على ما يظهر من حال جل رواتهم ومعاصريهم من شيعتهم في أحاديثهم فإن كثيرا منهم ما كانوا يعتقدون عصمتهم لخفائها عليهم بل كانوا يعتقدون أنهم علماء أبرار يعرف ذلك من تتبع سيرهم وأحاديثهم <، ارجع إلى أحاديثهم وسيرهم وتاريخهم تجد هذه الحقيقة ثابتة، إذن مسألة العصمة لا أريد أقول لم تكن مطروحة، ولكن لم تكن مطروحة كثقافة عامة في عصر الأئمة، يقول الشهيد الثاني لم تكن مطروحة، الآن قد يقول أحد لماذا تستدل بكتاب مشكوك أمره، استند إلى كتاب حجة صاحبه، سأستند بكتاب هذا الكتاب لا يستطيع أحد أن ينبس بكلمة، لا يشكك فيه أحد، وهو سيد الطائفة السيد بحر العلوم الذي أنتم الذين تقولون وصل إلى مقام أنه شاهد الإمام، هل يستطيع أحد أن يشكك في ولاء السيد بحر العلوم. رجال السيد بحر العلوم للسيد الطائفة آية العظمى السيد محمد مهدي بحر العلوم المجلد الثالث، منشورات مكتبة الصادق، طهران، إيران، ص 221، يقول: « وقد حكا جدي العلامة في كتاب الإيمان والكفر، نقل عن الشهيد الثاني < إذن كان يعتقد جده أن هذه الرسالة للشهيد الثاني، قال: « أنه احتمل الاكتفاء في الإيمان بالتصديق بإمامة الأئمة والاعتقاد بفرض طاعتهم وإن خلا عن التصديق بالعصمة عن الخطأ < قال لم يثبت عندي، أنا اعتقد أن ديني آخذه من باب مدينة علم رسول الله، من علي والحسن الحسين وذريتهم، يعني عقيدتي وفقهي كل شيء آخذه منهم، معصوم أو غير معصوم؟ يقول لا علاقة له، كما الآن أنت تأخذ دينك من العلماء ولا تعتقد بعصمتهم، وإلا عندما يقول لك هذا واجب وهذا حرام وافطر وأعطي وافعل ولا تفعل وجاهد واقتل ولا تقتل هذا دين أو لا؟ ولكنه ليس بمعصوم الذي يقوله مع ذلك أنت تدين له وتتقرب إلى الله بآرائه من ليس بمعصوم، بتقليده، يقول: « وادعى أن ذلك كذا < الآن اترك الشهيد وتعال إلى كلام السيّد بحر العلوم لنرى أنه يؤيد كلام الشهيد الثاني أو يقول كلام باطل، يقول « وكلامه رحمه الله وإن كان مطلقا < يقول يريد أن يقول في كل زمان لا يشترط الاعتقاد في العصمة، نقول له لا لا، نخالفك، في القرون الثلاثة الأولى لا يشترط الإيمان في العصمة، أما في زماننا لأن الأدلة وضحت يشترط العصمة، يعني أيده، إذن ثلاثة قرون كانوا شيعة ويدخلون الجنة ولا يعتقدون بالعصمة، ومن قال أن العصمة شرط في الدخول إلى الجنة، الإيمان بالعصمة شرط في دخول الجنة ينبغي قرون الثلاثة الأولى كل الشيعة يدخلون النار، وهناك اصطلاحات بائسة التي لا أصل لها العصمة التشريعية والعصمة التكوينية والعصمة الكبرى والصغرى كلها فارغة لا أصل لها، هذه كلها تلاعب، وحقك لا أصل لها ولا المتكلم يعرف معانيها، « وكلامه وإن كان مطلقا لكن يجب تنزيله على تلك الأعصار التي يحتمل فيها ذاك دون ما بعدها من الأزمنة فإن الأمر قد بلغ فيها حد الضرورة قطعا < يقول في زماننا الأدلة صارت واضحة، طبعا هذا رأي السيد بحر العلوم أما أنت كمجتهد قد تقول أتفق معه وقد ترفضه، وقد ترفض رأييهما وتقول بالعصمة من اليوم الأول.
النتيجة لو أن أي مسلم أو أي شيعي الآن دخل في تراثنا وفي الأدلة آيات وروايات وانتهى إلى أن الدين لابد أن يؤخذ من علي وأولاد علي لأنهم باب علم مدينة رسول الله، « أنا مدينة العلم وعلي بابها < إذن ديني ممن آخذه؟ تقول يا فلان تعتقد بعصمتهم؟، يقول بيني وبين الله لا تسألني عن هذا السؤال لأنه لا أستطيع لا أن أثبت ولا أنفي، كما رأيتم الشيخ المفيد قال: قبل إمامتهم نحن من المتوقفين، يعني الشيخ المفيد ليس شيعي؟ طبعا أستعمل هذه التعابير على مضض، أنا لا معتقد لا بشيخ الطائفة ولا بإمام الطائفة ولا بسيد الطائفة، هذه العناوين ما هي؟ أنا معتقد بأنه أنت وتراثك ماذا تقدم والآخرين يقولون أنت مَن، هذه التعابير ما هي؟ هذه تقيد حرية الحركة والفكر، إذا صار شيخ الطائفة بعد يمكن مخالفة شيخ الطائفة، إذا صار المشهور، { وأكثرهم للحق كارهون } ولكنه أنا أقول هذا لأنه العقل الشيعي قائم على هذه الاصطلاحات، فلو أن شخصا وصل إلى هذه النتيجة وقال بأنه أنا ديني آخذه من هؤلاء ولكن لا أعتقد بعصمتهم أو ساكت متوقف، هل هو شيعي أو لا؟ هل هو من أتباع مدرسة أهل البيت أو كما يقول بعض الجهلة أكبه الله على منخريه في النار؟ الجواب على رأي الذي يقول العصمة شرط في أصل التشيع إذن هذا ليس بشيعي والذي يقول ليس بشرط فهو شيعي، سؤال: سيدنا أنت ترفض العصمة؟ هذا بحث آخر.
المقدّم: وهذه الآراء لم ندخل في تحليل أسبابها،
سماحة السيّد: أبدا وإنما فتاوى واجتهادات وقراءات.
المقدّم: طيب هذا ما بينتموه فيما يتعلق بآراء المتقدمين وبعض المتأخرين ما هو رأي سماحتكم أنتم في هذه المسائل التي أشرتم إليها؟
سماحة السيّد: أنا إلى الآن طرحت عدة مسائل، طرحت مسألة عصمة الأئمة، ومسألة سهو النبي والأئمة، طرحت مسألة اجتهاد النبي والأئمة، ومسالة نوم النبي والأئمة ومسائل أخرى، السؤال: سيدنا أنتم ما هو رأيكم؟ ما هي قراءتكم؟ ما هو منهجكم؟ ما هي رؤيتكم؟ ما هو نظامكم المعرفي؟ الجواب أولا من حيث المنهج مرجعيتي لشيئين أساسيين:
أولا: القرآن، وثانيا: العقل. فيما يمكن للعقل أن يدركه فالمرجعية للعقل، طبعا لا العقل الفقهي ولا الأصولي والمحدثي والأخباري ولا العقل الكلامي ولا العقل الفلسفي، سيدنا أي عقل؟ هذا في محله إن شاء الله.
وفي الأمور التي لا يعرض لها العقل وعرض لها القرآن أرجعه للقرآن، وفي الأمور التي لا علاقة لا للقرآن ولا للعقل بها، قضايا تاريخية، أرجع للمسلمات التاريخية، الأصول الثابتة، وفي الأمور الطبيعية التي لم يتعرض لها القرآن ولا العقل ولا التاريخ نرجع إلى التجربة والعلوم الطبيعية القطعية لا الاحتمالية. هذا هو المنهج العام لي. وهذا ما ذكره كبار علماءنا أذكر لكم اثنين منهم:
الأول: الشيخ المفيد، تصحيح اعتقادات الإمامية، قال في ص 149، هذه عبارته، قال: > ومتى وجدنا حديثا يخالفه الكتاب ولا يصح أطرحناه وكذلك إن وجدنا حديثا يخالف أحكام العقول اطرحناه لقضية العقل بفساده < إذا حكم العقل بفساده فهو باطل، هذا الشيخ الطوسي.
تلميذه كما هو المشهور شيخ الطائفة العدة للشيخ الطوسي الجزء الأول ص 220، قال: « القرائن التي تدل على صحة متضمن الأخبار التي لا توجب العلم أربعة: أن تكون موافقة لأدلة العقل، الثاني أن يكون الخبر مطابقا لنص الكتاب إما خصوصه أو عمومه أو دليله أو فحواه <، إذن الحديث أعرضه على كتاب الله أو على العقل، إذن من حيث المنهج العقل والقرآن.
المقدّم: لماذا لا يكون القرآن والعقل؟
سماحة السيّد: بيني وبين الله هذه ليست طولية، لا أولا القرآن ثانيا العقل، ما أشار إليه القرآن فهو القرآن، ما أشار إليه العقل فهو العقل، لا أنه هذا أول ذاك ثاني، بل كل في دائرته الخاصة. هذا من حيث المنهج، من حيث الرؤية والفتاوى العقائدية فإني أعتقد بالتوحيد القرآني. ما هو التوحيد القرآني؟ في محله أذكر الآن فقط فتاوى. ولا أقبل التوحيد الذي يقول به المحدث سواء كان محدثا شيعيا أو محدثا سنيا، ولا ما يقوله المتكلم سواء كان معتزليا أو أشعريا أو إماميا، ولا أقول ما يقوله الفيلسوف سواء كان مشائيا أو إشراقيا أو حكمة متعالية، ولا أقول ما يقوله العارف بمختلف مشاربه، سيدنا يعني كل التوحيد؟ نعم التوحيد عند العرفاء بنحو عند الفلاسفة بنحو وعند المتكلمين بنحو وعند المحدثين بنحو. وأنا توحيدي توحيد قرآني، ولهذا بحمد الله تعالى إلى الآن صدر في تراثي سبعة أو ثمان مجلدات في التوحيد، وواقعا لعله لا أعرف أحد صدر له هذا القدر في التوحيد، مجلدان في التوحيد، ومجلدان في الإلهيات بالمعنى الأخص، ومجدان في معرفة الله، ومجلد واحد دروس في التوحيد، سبع مجلدات وكلها محورها القرآن. تقول سيدنا ذكرت الجميع، محدث، متكلم، فيلسوف، عارف، إذن أين الفقيه؟ الجواب: واقعا الفقهي لا علاقة له بالتوحيد، لأن الفقيه دائرة عمله الحلال والحرام أصلا ليس من اختصاصه أن يتكلم في التوحيد، هو لابدّ أن يتكلم في الشريعة، والفقه الأصغر، فإذا وجدتم فقيها يتكلم في الفقه الأكبر أسألوه أنّه عندك اختصاص أو لا، وإن لم يثبت أن متخصّص ففتاواه اضربوا بها عرض الجدار، فإذا وجدتم فتاوى صادرة من فقهاء ضد المتكلّمين ضد الفلاسفة أو العرفاء واقعا صادرة من جهل لا من علم، لأنّه الفقيه أصدرها من غير علم، إلّا إذا ثبت أنّه هو فقيه ومتكلم وفيلسوف أيضا، نعم من حقه يقول أنا كفقيه رأيي في المسألة الفلسفية كذا، ولكن إذا هو يحرم الفلسفة الكلام ويصدر الفتاوى إذن هو لا يعرف الفلسفة، كيف يصدر الفتاوى؟ ففتاوى لا أساس علميّة لها، مصدرها الجهل أو العجز.
ثلاثة: وأعتقد النبوة والإمامة بنظرية الإنسان الكامل القرآني ماذا يعني هذا؟ أنا معتقد أن هذا الكتاب الله لا يوجد كتاب أكمل منه و هو كتاب للعمل أو فقط للتنظير؟ للهداية حتّى يعمل به، يعني قابل للعمل والتطبيق في حياة الإنسان، الجواب لا قيمة له، سؤال: هذا القرآن من هو مصداقه الخارجي؟ فإنّ قلت لا يوجد، فمعناه أن القرآن مثالي غير قابل للتطبيق، وإن قلت يوجد فمن هو؟ الإنسان الكامل، من هو الإنسان الكامل؟ المعصوم، طبعا أتكلم عن النبي والأئمّة، تقول ماذا تقول في باقي الأنبياء؟ له حديث آخر، لأنّه الإنسان الكامل له مراتب، أنا أتكلم أعلى درجات الإنسان الكامل، ولذا أعتقد في الإنسان الكامل لا سهو ولا نسيان ولا نوم ولا اشتباه ولا…. لآن هذا كلّه ينافي كونه هو مصداق القرآن، هذا مضافا إلى مقتضى حديث الثقلين القطعي الذي قال وإنهما لن يفترقا. فإذا سها يفترق، وإذا نسي يفترق، فإذا لم يكن معصوما يفترق، وإذا اشتبه و… إذن أنا نقلت هذه الآراء لماذا طرحتها؟ أريد أن أقول سعة فكر الإمامية، قوة فكر الإمامية، هذه الشوشرة أريد أن أبين للأعزة وإلّا وحقكم كما قلت لكم في السنة الماضية أقسم بالله العظيم أستطيع أن أتكلم في الإنسان الكامل خمس سنوات، وإن شاء الله عندي محاضرات في الإنسان الكامل وإن شاء الله تعالى ستطرح إن شاء الله من قناة الكوثر 137 درسا، سأطرحها للأعزة، هذه نظريتي أنا، ولكن تقول هذه النظريات ما هي؟ لماذا أتيت بها؟ الجواب حتّى أبين كلم سعة الدائرة وتعدد القراءات في مدرسة أهل البيت.
وأمّا المعاد أيضا أؤمن به المعاد القرآني، لا المعاد الذي يقوله المحدث وهو هذا الجسم، ولا الذي يقوله الفيلسوف وهو المعاد الروحاني، ولا… وإنّما المعاد القرآني، إذن هذه أطروحتي وهذا مشروعي الفكري من حيث المنهج، اختصرته للأعزة ومن حيث الرؤية فالذي عنده ملاحظة وعنده بحث بيني وبين الله أستقبله بكل رحابة صدر، ولكن ضمن الموازين، سأقرب وجهة نظره على أفضل ما يكون، يعني تعالوا معنا إلى { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين }، واتركوا لغة التهديد والتسقيط بإصدار الفتاوى، وتهديد هذا وذاك، هذه لغة عفا عليها الزمن ولا تصدر إلّا من العجزة، أقولها صريحة لكم، إلّا ممن ضعفت عقولهم وإلّا إذا كانت عقولهم قوية بيني وبين الله هذا دليلنا، وبحمد الله تعالى إذا السيّد الحيدري أعطته مجالا أن يتكلم، بحمد الله تعالى كم فضائية شيعية موجودة في العراق؟، أكثر من ثلاثين فضائية، وهي إلى جنب آذانهم وأيديهم، فليخرج من يشاء من أعلام النجف أو غير النجف ويقول ما قاله، أصلا لا يذكر اسم، ما قيل يرد عليه أوّلاً وثانيا وثالثا، أمّا لغة التهديد وإقصاء وإصدار الفتاوى، ضال مضل خارج المذهب، بحمد الله تعالى أن المجتمع الشيعي وصل إلى مرحلة من الوعي وهي في عصر العولمة وعصر الاتصالات. وأختم حديثي بما قاله أحد الأئمّة المعاصرين وهو الإمام كاشف الغطاء الفردوس الأعلى سماحة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، تعليقات نفيسة بقلم السيّد محمد علي القاضي الطباطبائي، كتاب دار المحجة، ص 79، يقول: > وقد ذكرنا أن أحسن معيار للكشف عن صدق هذه الدعوى < يعني دعوى مقام المرجعية الدينيّة في الأمة ومدرسة أهل البيت > عن صدق هذه الدعوى وكذبها هو الإنتاج العلمي وكثرة المؤلفات النافعة < هذا هو المعيار، لا أهل الخبرة ولا الإعلام ولا المال ولا… لأنّه كلّ تلك قابلة للشراء، لا أتهم أحدا، ولكنّه العلم ليس قابلا للشراء. قال: > هو الإنتاج العلمي وكثرة المؤلفات النافعة وأن طريق الإماميّة من زمن الأئمة سلام الله عليهم إلى عصرنا القريب هو أنا المرجعية العامّة والزعامة الدينيّة تكون لمن انتشرت وكثرت مؤلفاته كالشيخ المفيد والسيّد المرتضى والشيخ الطوسي والشيخ الصدوق و… > وأمّا الرسالة العمليّة وإن تعدّدت فلا تدلّ على شيء وما أكثر ما يأخذه اللاحق من السابق وليس له فيها سوى تبديل الاسم أو تغيير بعض الكلمات وإليه تعالى نفزع في إصلاح هذه الطائفة وتسديد خطواتها إلى السداد ولله در القائل وما أفسد الناس إلّا الملوك وأحبار دين ورهبانها والحمد لله ربّ العالمين.
المقدّم: شكرا لمساحة آية الله السيّد كمال الحيدري.