بسم الله الرحمن الرحيم
مطارحات في العقيدة
من إسلام الحديث إلى إسلام القرآن
القسم السابع
المقدم: السلام عليكم وتحية لسماحة آية الله لسيد كمال الحيدري.
هناك كثير من يتحدث ويتساءل لماذا طرح السيد مثل هذه المباحث على الملأ العام، أليس المكان الأنسب لها هو الحواضر العليمة والغرف المغلقة؟
سماحة السيد:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
لكي أجيب على هذا التساؤل أنا مضطر إلى أن أشير إلى بعض الأمور، من خلال متابعتي الدقيقة والرصد المستمر للساحة الفكرية والثقافية عموما في السنوات الأخيرة، وللساحة الدينية والفضائيات والقنوات والمنابر التي تعتني بأمور الدعوة وبيان المعارف الدينية سواء كان على مستوى أهل السنة أو على مستوى مدرسة أهل البيت رصدت ما يلي:
رأيت أن هناك محاولات حثيثة وجادة ومدروسة ومنظمة تحاول أن تسرق الخطاب الديني المعتدل الذي عهدناه من مدرسة الأزهر وما يناظر الأزهر من قبل الخطاب المتشنج والذي يقوم على التكفير والإقصاء والكراهية ودفع الآخر وبالخصوص الشيعة، يعني أنتم الآن عندما تراجعون كثير من الفضائيات تجدون أنها قائمة على إقصاء الشيعة وكأنهم ليسوا من المسلمين، ولهذا عندما يعرفون يقولون المسلمون الشيعة فكأنهم يجعلون الشيعة خارج الأمة الإسلامةي، طبعا هذه لها دوافعها لها أهدافها لها خططها وهذه جزء من ذلك الثالوث المشئوم الذي أشرت إليه سابقا وهو الإعلام والمال والسلطة الدينية أو المرجعية الدينية، عندما أقول المرجعية لا يتبادر إلى ذهن أحد مرادي المرجعية الدينية الشيعية بالخصوص بل مرادي من هو ذات مرجعيته الخاصة، الآن تجدون كثير من الأحزاب السياسية يقول نحن حزب سياسي ذات مرجعية دينية ومن هذا القبيل، مقصودي من المرجعية بالمعنى العام. وأخير وجدتم بشكل رسمي أن هذا الخطاب لا فقط أنه حاول أن يسرق الخطاب المعتدل الإسلامي من أهل السنة بل تحول إلى خطاب يدعو إلى القتل والذبح، ووجدنا على الفضائيات وسمع الجميع ذلك، هذه هي الظاهرة الأولى وأنا أتصور ولا أتصور أن أحدا يتابع الواقع الإعلامي والقنوات ولا يرصد هذه الظاهرة. وهذه الظاهرة بدأت مذ عقد من الزمن أو لعله أكثر من ذلك.
الأمر الثاني: أنه في قبال هذه الظاهرة والحالة التي لها مناشئ أموية لما قرأناه فيما سبق، أن المنهج الأموي ومعاوية قام جهازه الإعلامي على هذه الحقيقة، هذه الحالة أدت كرد فعل من بعض المنتسبين إلى الواقع الشيعي، فبدل أن يعالجوا هذه الظاهرة بالحكمة والموعظة الحسنة، { وجادلهم بالتي هي أحسن } وجعل هذه الظاهرة في الزاوية الحرجة بدئوا يغذونها، وهو أنه أوجدوا قنوات وفضائيات ومنابر وخطباء أيضا تقوم على نفس المنطق، منطق الكراهية والتكفير والإقصاء والعن والشتم والاحتقار والغريب أن هذه الفضائيات وهذه القنوات ذات مناشئ غربية، يعني لا تجد لها آثار في عالمنا الإسلامي، وعناصرها أيضاً واقعا ليس لهم أية أصول علمية، يعني لا هم من طلبة الحوزات العلمية ولا هم بشكل رسمي مؤيدين من مرجعية معينة، وإن كنت بحسب التحليل أعتقد أن هؤلاء أيضا يدعمون من جهات معينة ومعروفة ماليا وفكريا وثقافيا وطائيا، يغطى لهم، بدليل أنهم ينسبون أنفسهم إلى بعض المرجعيات ولا نجد أي تكذيب من تلك المرجعية، نجد أنهم يمدحون بعض المرجعيات ولا نجد أي كلام من تلك المرجعيات، في قبال هذا الرد الفعل، نشأت مجموعة من الفضائيات وإن كانت أقل عددا إلا أنها أيضا تمتهن نفس الصنعة وتحاول أن تقيم ردها على أساس رد الفعل بنفس الطريقة، مساوية له في كذا ومعاكسة له في الاتجاه.
إلى هنا قد يقول قائل طبيعي، لكل فعل رد فعل، إلا أنه الخطورة تبدأ من هنا وهو أنه هذا الخطاب المتشنج الذي يصدر من هذه الفضائيات ويغذي العقل الشيعي العام، يعني الملأ العام، حاولوا أن يسوقوه كأنه هو الخطاب الشيعي الرسمي، كما فعل الخطاب الأول السني، يعني السلفي أو الوهابي أو أتباع بني أمية أو الأمويين حاولوا أن يسوقوا أن هذا هو رأي أهل السنة، هؤلاء أيضا حاولوا بلطائف الحيل أن يقولوا كل علماء الشيعة هذا رأيهم ولكن لتقية أو لظروف خاصة لا يستطيعون أن يصرحوا بذلك والذين يعارضون هذا هم شذوذ، يعني حاولوا كما أن الاتجاه الأول أو الجماعة الأولى سرقت الخطاب المعتدل هؤلاء أيضا حاولت أن تصبغ الخطاب الشيعي بخطاب متشنج قائم على الكراهية واللعن والإقصاء والاتهام وغير ذلك.
هنا تأتي النقطة الثالثة والحصيلة وهو أنه في ظل غياب الموقف الرسمي من المؤسسة الدينية في النجف، هذه هي الخطورة هنا تكمن وهو أنه لو كانت المؤسسة الدينية متمثلة برموزها ومرجعياتها أن اتخذت موقفا رسميا وبينت أن الخطاب الشيعي، هذه أصوله، هذه قواعده، هذه رؤيته، هذا منهجه أنا لم أكن أرى أي خطر يهدد العقل الشيعي العام، ولكن حيث أنه غاب هذا الخطاب لأي سبب كان الآن أنا لا أريد أن أدخل واقعا في هذا السجال أنه تكليفه الشرعي أن يسكت، تكليفه الشرعي أن يتكلم، تكليفه الشرعي أن يفتح بابه للسياسيين أو يغلقه، تكليفه الشرعي أن يدخل في ترشيد الشعائر أو لا يدخل فيها؟ الله يعلم لا أريد أن أدخل في هذا السجال لأنه الآن في المواقف السياسية تجدون غياب كامل للمؤسسة الدينية في النجف، لا فقط الموقف السياسية بل الأمنية والخدمية كاملا يوجد غيبة، لأي سبب؟ هم أعرف، هناك غيبة كاملة وغياب كامل عن الموقف الديني، الآن أنتم تجدون فضائيات شيعية تتكلم بسم التشيع وهو أنه قائم على الكراهية ولن نجد أيضا أي موقف، وعلى مستوى الشعائر الدينية وبالخصوص الشعائر الحسينية أيضا لا نجد موقفا، وأنا واقعا بعض الأحيان أفكر مع نفسي هذا السؤال والتساؤل إذا ليس لكم موقف سياسي وليس لكم موقف ديني وليس لكم موقف الشعائر إذن ما هو دوركم؟ عرفوه لنا حتى لا نتوقع أكثر منكم، واقعا هذه قضية أساسية لابد أن نتعرف على دور المرجعية في عصر الغيبة الكبرى حتى الناس لا يتوقعون منهم غير ذلك الدور، في ظل غياب الموقف الرسمي من المؤسسة الدينية في النجف الاشرف، أنا أتصور هناك بدأ ينفذ هذا الخطاب المتشنج التكفيري القائم على التكفير والكراهية إلى العقل الشيعي العام، وهنا تكمن الخطورة، من هنا وجدت في ضمن هذه المعطيات ألتي أشرت إليها أن أقول كلمتي ولو للتاريخ، الآن تؤثر أو لا لها حديث آخر وإنما أردت أن أقف عند تلك الروايات والنصوص الروائية التي يستند إليها هذا الخطاب التشنجي والفتنوي والتكفيري والقائم على الكراهية لأرى أن هذه الروايات واقعا هل هي بقبول من الأئمة أو أنها مرفوضة من الأئمة؟ تقول سيدنا هذا كان بإمكانك أن تجعله في الحواضر، الجواب أولا أنا فعلت ذلك في الحواضر العلمية وأقول ذلك في دروسي الخاصة، ولكن لأن خطاب التشنج والفتنة كان على الملأ العام، فإذا كان الداء عاما وعلى الملأ العام لابد أن يكون الدواء على الملأ العام، لأنه ذاك الخطاب توجه إلى العقل الشيعي العام ولذا أنا اضطررت أن ادخل في هذا البحث ولكن بمنهج علمي، لا أشكك في نوايا أحد ولا أكفر أحد ولا أربط أحد بالعمالة لأحد ولا… وأرجوا أن الذي يريد أن يقف أما خطابي هذا أيضا يتكلم بنفس هذا المنطق العلمي، لنرى ن هذه الروايات التي يستند إليه هؤلاء في خطابهم التشنجي في خطابهم الفتنوي والقائم على التفكير وعدم قبول الآخر وإقصاء الآخر وإخراجه من الإسلام جملة وتفصيلا أن هذا هل هو خطاب يرتضيه القرآن أو لا؟ هل هو خطاب يرتضيه النبي وأئمة أهل البيت أو لا؟ ومن نصوص أئمة أهل البيت. هذا خلاصة الدليل أو الحجة التي دعتني وإلا أنتم تعلمون أنا أكثر من عشر سنوات أتكلم في الفضائيات ولم أتكلم في هذه الموضوعات ولكن عندما أحسست بخطر هذا الخطاب الفتنوي التكفيري من هذا الطرف أو ذاك الطرف وأنتم الآن تجدون أنا فقط عندما أتكلم عن الموروث الروائي لا أتكلم عن الموروث الروائي الشيعي، بل تلك الحالة أصبحت حالة عامة، وبدأت العقل الإسلامي بشكل عام يتجه إلى التشنج والتطرف. يعني من قبيل الحالة التي الآن تجدونها في الشعب الإسرائيلي يقولون أن مزاج الناخب الإسرائيلي تبدل إلى مزاج يميني أو يمين متطرف، الآن أحس على مستوى الفكر والعقيدة أنه بدأ هذا المزاج والرؤية والمنهجية تميل بالطرفين إلى اليمين واليمين المتطرف، وهذه نتيجته أعزائي كما هو واضح أمامكم، نتيجته مئات القتلى والشهداء والجرحى في العراق وسورية وأفريقيا ومن كلا الطرفين، لأنه بطبيعة الحال قد يكون العدد هنا أكثر وقد يكون العدد هنا أقل، ولكن كل فعل يشكل رد فعل، ومن هنا وجدت أن من مسئوليتي الشرعية والتاريخية، أن أرجع إلى مناشئ هذا التطرف وعندما راجعت وجدت بيني وبين الله أن منشأه إسلام الحديث وأي حديث هو إسلام الحديث الأموي، وليس إسلام الحديث المحمدي الأصيل النبوي، ولذا هنا أقولها صريحة واقعا كثير من هذا الإسلام الحديث هو حديث أموي، كما اصطلحت عليهم معالم الإسلام الأموي، الحديث أيضا هو حديث أموي ومن هنا أنا أقول أن إسلام الحديث الأموي لابد من عزله وتنقية إسلام الحديث النبوي من إسلام الحديث الأموي، وعند التحقيق سنجد أنه ما من تطرف وما من إقصاء وتكفير وبغض وكراهية إلا ومنشأه أعداء الإسلام والسنة والشيعة معا.
المقدّم: سماحة السيّد حقيقة يسجل على الإعلام الديني في الفترة الأخيرة أنه تحول من إعلام يدعوا إلى المحبة والسماحة والإيمان إلى إعلام سجالي اقصائي تكفيري ذبحي. يفتخر أن يذبح. يعرض صور الذبح والقتل ويفتخر بها.
سماحة السيّد: ويستند إلى روايات في هذا المجال.
المقدّم: ثم القضية المهمة التي انتم تعالجونها هي مسألة الوقوف أمام نسج العقائدي هناك حالة تكوين عقائدي، يعني لربما لو استمر هذا الوضع بعد عشرة أو عشرين سنة سوف تظهر عقائد جديدة لا أساس لها في الإسلام كما ظهرت في بني أمية.
نسأل عن موقف أئمة أهل البيت من الموروث الروائي الذي كان متداولا بين المسلمين عموما وبين أصحابهم ومواليهم خصوصا، هل قبلوا هذا الموروث أو لا؟
سماحة السيّد: هذه هي القضية الأصلية، بالأمس اتضح لنا بأنه بتصريحات أعلام الجرح والتعديل، أقل التقادير قالوا أن تسعة أعشار الحديث الموجود عندنا حديث موبوء، حديث مصاب بآفة، موضوع، مكذوب، طبعا كانت توجد أرقام أخرى ولكن قلت الرقم الأقل، هذا عند الموروث الروائي الرسمي، أعبر عنه رسمي باعتبار أن مدرسة أهل البيت كانت في المعارضة ولذا من الآن فصاعدا عندنا موروث روائي رسمي وموروث روائي للمعارضة، باعتبار أن الشيعة عموما في زمن الخلفاء وبني أمية وبني العباس وضعهم معلوم كان، إذن نريد أن نتعرف على الموروث الروائي عن المعارضة الشيعية أو عند مدرسة أهل البيت يعني أصحابهم تلامذتهم الذي ألفوا وصنفوا، هذه الموروثات قبلها الأئمة بقبول حسن ووضعوا عليه علامة الصحة أم لا؟ وإذا لم يقبلوها أي قدر قبلوا وأي قدر لم يقبلوا منها؟
في المقدمة قبل أن أشير إلى الموروث الروائي بودي أن أشير إلى أصل، قلنا من أهم الأحاديث التي اتفقت بل أجمعت عليها كلمة علماء المسلمين حديث الثقلين نعم وقع الاختلاف أن حديث الثقلين كان هو كتاب الله وعترتي أو كتاب الله وسنتي وفي المقام لا يؤثر كثيرا لأنه سواء كان وسنتي أو كان وعترتي فإنه ينتج نتيجة خطيرة جدا، وهو عندما يقول النبي (صلى الله عليه وآله) أو من عبر عنه القرآن { ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي } ومن الواضح أن هذا مرتبط بالشريعة هو الوحي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، هذا معناه ماذا؟ من أهم المعطيات المترتبة على مضمون حديث الثقلين هو هذا، وهو أن كل خصوصية أساسية ثبتت في القرآن، لابد أن تثبت لما هو عدل القرآن، فإذا ثبت للقرآن الصفة «أ< فلابد أن يثبت للسنة أو العترة ألصفة «أ< لأنه إذا لتم تتصف السنة أو العترة بالصفة «أ< إذن افترقت عن القرآن ولم تكن عدلا ولن يصدق كلام النبي « ولن يفترقا حتى يرد علي الحوض < تعالوا معنا إلى القرآن الكريم في سورة النساء الآية 82: { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً } يعني أيها الناس بأيديكم، إذا استطعتم أن تجدوا فيه الاختلاف والتضاد والتناقض فهو ليس من الله وحيث أنه من الله إذن لا اختلاف فيه، إذن أصل من أصول القرآن الكريم ووصف من أهم أوصاف القرآن الكريم مع أنه نزل في أكثر عقدين من الزمان ويشتمل على أكثر من 6 آلاف آية، وعلى مئات الموضوعات، من القصص والتاريخ والمعاد والتوحيد والغيب و… يقول أنه كتاب لا يأتيه الباطل، ولم يقع فيه الاختلاف، هذا وصف القرآن إذن لابد أن يكون وصف السنة والعترة أيضا لا اختلاف و لا تناقض ولا تضاد ولا تكاذب بين حديث السنة وحديث العترة، هذا متقضى أنهما لن يفترقا، ولذا أنتم تجدون بأنه في اختيار معرفة الرجال للشيخ الطوسي، في 241، رقم الفقرة 401، قال الإمام الرضا: « إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا وكلام أولنا مصادق لكلام آخرنا <، يبن رسول الله أنتم عددكم إثنى عشر إمام والنبي والزهراء يضافون إليكم، في مدة مائتين، يقول لا فرق لأننا كلنا نتكلم عن القرآن، قال: « فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة < السنة القطعية الصادرة لا السنة المحكية « موافقة السنة إنا عن الله وعن رسول الله نحدث < إذن بعد لا يقع التناقض في كلامهم، المصدر واحد، وإن كان المتحدث متعدد. والمرجعية واحدة إذن لا معنى للتناقض ووقوع التكاذب والاختلاف ونحو ذلك، هذا أصل أثبته القرآن وحديث الثقلين وكلام الإمام الرضا (ع) كما قرأنا، من هنا يبقى هذا التساؤل الذي طرحناه وهو في تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة الطوسي المجلد الأول، ص 2، قال: « وما وقع بأحاديث أصحابنا وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافات والتضاد حتى لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده ولا يسلم إلا وفي مقابلته ما ينافيه <. إذا كان الأئمة لا يتناقضون ولا يختلفون إذن من أين جاء الاختلاف؟ القرآن يقول لا يختلفون، حديث الثقلين يقول لا يختلفون، الإمام الرضا يقول كلام آخرنا مثل كلام أولنا، إذن من أين جاء الاختلاف؟ إذن لابد أن نقبل أنها عوامل أخرى، ما هي تلك العوامل؟ بعد ذلك يتضح أنه لماذا نقول المرجعية لابد أن تكون القرآن، وليس الحديث المنقول.
ذكرت هناك عوامل كثرة وألفت عشرات الكتب من آخرها كتاب أسباب اختلاف الحديث، محمد إحساني فر اللنكرودي، يذكر السبب الأول والثاني، الثالث، الرابع، الخامس، العاشر، الثلاثون، الأربعون، إلى أن يصل إلى السبب الثمانون، هذه آفات الحديث، أنا عندما أقول أن الحديث فيه آفات فيه أمراض ابتلي بآفات لابد من تنقيته حتى يمكن الاستناد إليه، هنا ذكر ثمانين آفة، الآن بعض لا نبالغ أربعين، لا أربعين عشرة، كثير من هذه الآفات بل أعظم وأغلبها موجودة في القرآن أو لا؟ يعني لا يوجد في القرآن الزيادة والنقيصة والكذب والتزوير والنقل بالمعنى والتقطيع في الرواية، حذف القرائن و… لأنه كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
سوف أقف عند الأسباب التي عرض لها أئمة أهل البيت، قالوا هي أسباب التفتوا إليها، يعني قال إذا تريدون أن تستندوا إلى رواية من رواياتنا، التفتوا إلى هذه العوامل، لا أتكلم عن الأسباب الأخرى بل عن التي شخصها لنا المعصوم وهو النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب والأئمة، الآن النبي في وقت آخر أبين أحاديثه، « ألا فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار < إذن النبي (صلى الله عليه وآله) نبه الأمة على أن ظاهرة الكذب سوف تقضي على حديثه، والعجيب بعد ذلك سأبين لا أقل مائة صحابي نقل هذه الرواية، يعني معنى ذلك أن النبي في مواضع متعددة حتى قال بعضهم لا توجد عندنا رواية بلغ رواته هذا العدد من الصحابة، النبي (صلى الله عليه وآله) قلنا مرارا وتكرارا أن النبي (صلى الله عليه وآله) المخاطر التي تهدد المسيرة وتهدد المشروع الديني كاملا كان يضع علامات الخطر عليه، ومنه الكذب.
أبدأ من أئمة أهل البيت، ما هي تلك العوامل؟
العامل الأول: قال العامل أعداء الدين، وعندما أقول أعداء الدين أعم من أن يكون أعداء رسول الله أو أعداء مدرسة أهل البيت، عامل العداء والبغض ويريد أن يدمر هذه الرؤية والمنهج، الآن سواء كان الإسلام كما نعتقد بالنسبة لبني أمية أو كان مدرسة أهل البيت كما أيضا نعتقد في المنهج الإقصائي لمعاوية والمنهج الأموي.
لننظر ماذا قال الأئمة في هذا:
الرواية الأولى: أصول الكافي، لثقة الإسلام الكليني، المجلد الأول، ص 157، الرواية منقولة عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، سأتكلم عن هذا الشخص وهو من أصحاب أمير المؤمنين وهو في القرن الأول وحوله كلام كثير، يقول: « قلت لأمير المؤمنين إني سمعت من سلمان ومقداد وأبي ذر شيئا من تفسير الحديث وأحاديث عن نبي الله غير ما في أيد الناس < إذن هذه ظاهرة الاختلاف في صدر المتألهين الإسلام، « ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم < يعني أنت تؤيد كلام سلمان ومقداد وأبي ذر لا ما في أيد الناس، « ورأيت في أيد الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله أنتم تخالفونهم فيها كمدرسة أهل البيت، وتزعمون أن ذلك كله باطل أفترى الناس يكذبون على رسول الله متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟ < الإمام قال: « ظاهرة الكذب ليست جديدة فإن رسول الله قام خطيبا فقال أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس، الأول: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله متعمدا فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ولكن قالوا هذا قد صحب رسول الله ورآه وسمع منه < هذه ليس فقط عندهم أيضا عندنا مدرسة أهل البيت قدسية من صحب الأئمة، يعني قدسية سلطة السلف، « هذا قد صحب رسول الله ورآه وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله < هذه الرواية التي ينقلها الكافي عن الإمام أمير المؤمنين. لا تحتاج إلى تعليق أنه توجد في رواياتنا عن الرسول ما هو كذب على رسول الله، سيدنا ماذا تقول في سند الرواية؟ بشكل إجمال أمر عليه، أما الإخباريون المتشددون فقالوا كل ما في الكافي والكتب الأربعة قطعية متواترة، لا إشكال فيها، إذن بالنسبة إليهم سند الرواية قطعي، وأما الإخباريون المعتدلون كالعلامة المجلسي فقال لا نقطع بالصدور ولكن نطمئن ما جاء في الكتاب الكافي فهو صحيح، وأما عند عموم مدرسة أهل البيت إلا جملة من الأعلام قالوا كل ما قاله الكافي في كتابه فهو صحيح معتبر، لأنه هو قال في مقدمة الكتاب أنه أنقل لكم الآثار الصحيحة عن الصادقين، ونقبل شهادة الكليني.
الرأي الرابع وهو جملة من الأعلام كالعلامة وبعض من تبعه والسيد الخوئي يقولون ليس كل ما في الكافي صحيح، لابد أن ننظر إلى سند الرواية، الآن نحن لا نتكلم على الأول والثاني والثالث، لأنهم يقولون الرواية صحيحة، تعالوا معنا إلى الرأي الرابع، وهو الرأي الذي يقف عند السند، هذه القضية مرتبطة بكتابي سليم بن قيس الهلالي، التابعي الكبير من أصحاب أمير المؤمنين والإمامين الحسنين والإمام زين العابدين والإمام الباقر المتوفى 76 من الهجرة، جدا مهم هذا الكتاب، يعني عاصر كل المرحلة التي مرت بعد رسول الله، ولهذا يقول كتاب حديثي تاريخي يعتبر أول مصنف وصل إلينا من القرن الأول، ولكنه الكلام كل الكلام في أن هذا الكتاب هل هو واقعا لسليم بن قيس أو هو من المدسوسات على سليم بن قيس؟ وقد وقع هناك جدل واسع بين علماء الشيعة، أن هذا الكتاب معتبر أو ليس بمعتبر، أنا أنقل لكم كلمة واحدة من الشيخ المفيد في تصحيح اعتقادات الإمامية ص 149، يقول: « وأما ما تعلق به أبو جعفر، ( يعني أبو جعفر الصدوق ) من حديث سليم يعني الذي استند فيه إلى كتاب سليم الذي رجع فيه الكتاب المضاف إليه، ( إلى سليم) برواية أبان بن أبي عياش، الذي نقلها الكافي من أبان بن أبي عياش، فالمعنى فيه صحيح غير أن هذا الكتاب غير موثوق به ولا يجوز العمل على أكثره <، تقول لماذا تقول أكثره؟، يقول لأنه قد توجد روايات أخرى صحيحة، « وقد حصل فيه تخليط وتدليس فينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكل ما فيه ولا يعول على جملته والتقليد لرواته <، لا أن يصعد المنبر ويقرأ رواية قال سليم، قال سليم ويقرأ المصيبة، سأقرأ السليم، قال: « والتقليد لرواته واليفزع إلى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه على الصحيح منها والفاسد < ليقول له هذه الرواية صحيحة هذه فاسدة، تقول هذه المقدمة لأي شيء؟ أكثر التفاصيل التي جاءت في قضية حرق بيت الزهراء وما جرى من التفاصيل لا أصل الظلامة، أصل الظلامة لا إشكال ولا ريب فيها سنة وشيعة، وإنما الكلام في التفاصيل وهو أن جمعوا الحطب وأنه أحرقوا الباب وأخرجوا عليا بهذه الطريقة وأن عليا أخذه بتلابيت فضربه الأرض وأنه تذكر وصية الرسول، هذا أمامكم كتاب سليم بن قيس هلالي، الجزء الثاني ص 584، فلما رأى علي عليه السلام خذلان الناس فقال عمر لأبي بكر، فقال أبو بكر من نرسل؟ فقال عمر نرسل قنفذا، فانطلقوا فاستأذنوا فقالت فاطمة اخرج عليهم أن لا تدخلوا علي، فرجعوا وثبت قنفذ الملعون فقالوا إن فاطمة قالت فتحرجنا فغضب عمر فقال ما لنا والنساء ثم أمر أناس حوله أن يحملوا الحطب وإلى آخر القصة < كلها مبنية على كتاب سليم، يعني تريد تنكر؟ أقول لا، بل أقول الخطيب المنبري الكتاب الذي يريد أن ينقل هذه الروايات لابد أن يتثبت إما أن يقول كتاب سليم صحيح السند ويمكن الاعتماد عليه فليقم دليله، وإما أن لا يثبت ويعتمد كلام الشيخ المفيد، الذي يقول أنه فيه كذب وتدليس وفاسد وينبغي للمتدين أن لا يعتمد عليه، إذن بعد لا فقط هذه الرواية تسقط بل كل الروايات التي نقلها الكليني والصدوق والطوسي وغيرهم الذي نقلوا من هذه الروايات تكون مشكوكة، الآن تعرفون بأنه إسلام الحديث ماذا يفعل بنا؟ فإن بنينا على إسلام الحديث لابد أن نتثبت أن هذا الكتاب الذي صدر المتألهين واقعا لسليم أو لأنه ينسجم مع إيدليوجيتنا وعواطفنا و توقعاتنا إذن كل ما يوجد فيه فهو صحيح، والكتاب يقع في مجلدين، ويعد من أهم مصادرنا، الآن يقين عندي في القنوات في المواقع في المنابر سوف تبدأ حملة شعواء ولكن بيني وبين الله أنا إلى الآن ما أعطيت رأي في كتاب سليم، ما قلت أنه كتاب مدسوس وساقط وإنما قرأت للأعزة وأريهم مرة أخرى من يريد حتى يطمئن يقول « غير موثوق به ولا يجوز العمل على أكثره حصل فيه تخليط وتدليس ينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بما فيه، لا يجوز التعويل عليه ويجب عليه أن يفزع في ما تضمنه من الأحاديث إلى المتخصصين < يعني المنبري والخطيب والمتكلم في القناة الفضائية عمامته كبيرة صغيرة إن لم يكن من المجتهدين وفي علم الرجال وعلم الجرح والتعديل ولم يكن من المتخصصين في المعارف الدينية لا يحق له أن يأخذ كتاب سليم بن قيس ويغذي العقل الشيعي بالكراهية، لأن الكتاب مشكوك، وهذه هي التي الآن نحن نجدها على فضائيات الفتنة، يقرءوا الرواية قال سليم قال سليم، قال فلان قال فلان، يا أخي ليثبت أن هذا حدث لسليم وأن سليم واقعا لم يقل شيء من عنده وكان ثقة ولم يكن وضاعا، ولم يكن كذابا، لا يقول لي قائل تريد أن تتهم سليم، أنا أريد أن أقول أولا تثبتوا وتحققوا وبعد ذلك اصعدوا على المنابر اقرءوا هذا الكتاب من أوله إلى آخره. إذن هذه الرواية المنقولة عن أمير المؤمنين صحيحة أو لا؟ الجواب إن كان كتاب سليم معتبرا فالحديث معتبر وإن لم يكن معتبر فهذه الرواية محل تأمل.
المقدم: نستمع إلى المداخلات:
عرفان من عمان: سلام عليكم… شاع في الأوساط الحوزوية أن كتب الأصول الأربعمائة، منقول فيها جميع روايات أهل البيت ومنها كتاب أصول الكافي للكليني الذي توفى قبل النائب الرابع، المعروف أن هذه الكتب قد تم مراجعتها من قبل الإمام الحجة وقد أيدها. هل هذا صحيح؟
عمار من العراق: سلام عليكم… هل هذه النظرية التصحيحية إلى القرون السابقة كما فعل ابن إدريس الحلي؟
أبو حيدر من الإمارات: سلام عليكم… سيدنا رغم الوضوح الذي تطرحه لكن هذا يجعلنا علامة استفهام عن بعض التطبيقات العملية في مجتمعنا، لأنه بعضها التي نحن نتمسك بها أتتنا عن الحديث ولما نقارنها بالقرآن نجدها خطأ، مثلا حد الرجم أو تحريم أكل السمك بدون فلس، كيف نحن ممكن أن نميز بين الصحة وبين الخطأ؟
أبو جعفر من العراق: سلام عليكم… سيدنا أنت قلت الروايات في الكافي والطوسي والكليني مشكوك بها، وأهل المنابر يروون لنا منها، ونحن كمسلمين شيعة كيف نتقبل هذه الأمور؟ عندما تأتي الرواية مستحيل أن نستطيع أن ندقق.
سماحة السيد: الأخ عرفان قال الكتب الأربعة مؤيدة من قبل الحجة أقولها صريحة واضحة مع الدليل العلمي لا يوجد أي كتاب عند الشيعة أمضاه الشيعة، كل الكتب فيها الصحيح والباطل، لا يوجد لا الأصول الأربعمائة ولا الكتب الأربعة كلّه هذا الكلام لا أصل له ولا يوجد عندنا أي كتاب من الموروث الموجود عرض على الحجّة وأيده وقال كلّ ما فيه صحيح، وأضرب لك شاهد من الأصول الأربعمائة الأصوليين ومنها كتاب سليم الذي يقول الشيخ المفيد فيه تدليس وفيه خلط، إذن أعزائي هذه المقولة باطلة، إلّا من بعض الإخباريين المتشددين الذين هؤلاء لما أسقطوا القرآن فلم يبقى لهم إلّا الحديث، يعني لم يبقى لهم ملجأ وكان طبيعي جدا عندما أسقطوا القرآن عن الاعتبار لابدّ أن يملئوا الفراغ بالحديث، وحيث أنّهم لو كانوا يقولون أن هذه أخبار آحاد وظنية والظنّ لا يغني من الحقّ شيئا فقالوا أخبار قطعيّة ومتواترة حتّى يمكن الاستناد إليها.
أوجه تشابه أطروحتي وما فعله ابن إدريس: التي قام بها ابن إدريس في مقابل الشيخ الطوسي بعد قرن تقريبا كانت حركة ليست حركة بهذه السعة التي أنا أقولها وإنّما مرتبطة بقبول الخبر وعدم قبول الخبر ضمن شروط خاصّة، أنا الذي أقوله يعني ابن إدريس لم يختلف مع الشيخ الطوسي في أن الحديث يمكن أن يكون مصدرا للمعارف وإنّما هل يقبل خبر واحد أو لا يقبل؟ هو كان يقول لابدّ أن يكون متواتر أو قطعي الطوسي كان يقول يكفي خبر الواحد. مشروعي شيء آخر يختلف جذريا عن الحركة التصحيحية التي قام بها الشيخ ابن إدريس الحلي.
أبو جعفر وأبو حيدر جواب سؤالهم واضح، قال وليفزع إلى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه على الصحيح منها والفاسد، هذه ليست من تخصّصات عموم الناس أنّه يقول الرواية الكذائية صحيحة أو لا؟ أو أنّه السمك الكذائي نأكل أو لا؟ هناك فقيه ومتخصص، ولكن ليس متخصصا في الحلال والحرام، هذا لا يحقّ له أن يعطي رأي ولا يجوز الرجوع إليه بل ليس بمجتهد، المجتهد هو الذي وقف على الفقه القرآني أوّلاً حتّى يستطيع أن يعرض الرواية على القرآن، تقول سيدنا ماذا نفعل لهؤلاء الخطباء؟ الجواب هؤلاء الخطباء وظيفتهم الأصليّة عندما يريدون أن ينقلوا رواية كيف أنّهم في المسائل الشرعيّة إذا سألتهم هذا رأي من؟ يقولون رأي المرجع الكذائي، وفي المسائل العقديّة تسألونهم هذا رأي من؟ يقول رأي المحقّق والعالم والفقيه والمفسر الكذائي، ليس من حقّ الخطباء وأهل المنبر وأصحاب القنوات الفضائية أن يتكلموا ويقرؤوا الرواية من الكتب لأن هذا خارج عن اختصاصهم.
المقدّم: شكرا لسماحة السيّد كمال الحيدري.