رقم المحاضرة ﴿313﴾
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللّهم صلي علي محمد وآل محمد وعجل فرجهم
كان الكلام في هذه الآية المباركة من سورة التوبة وهي قوله تعالى:﴿ليتفقهوا في الدين﴾. قلنا أن هذه الآية المباركة هي التي تؤسس لشروط المرجع الديني العلمية، وذلك باعتبار أنّها تبيّن أنّه أساساً ما هي وظيفة الأمة بنحو الواجب الكفائي، حيث قالت ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفة﴾، وهذا طبيعي جداً باعتبار أن الدين يحتاج إلى بيان وإلى تبيين وإلى تبليغ وإلى توضيح وتفسير، طبعاً فيما يتعلق بهذه الوظائف القرآن الكريم بيّنها ولعلنا إنشاء الله تعالى سنقف على الآية اللاحقة من هذا البحث في سورة المائدة، الآية 44، قال: ﴿إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا﴾، ثم وظيفة من؟ قال ﴿والربانيون والأحبار﴾، واتفقت كلمة علماء المسلمين أن المراد من الأحبار هم العلماء، نعم وقع الاختلاف في أن الربانيين من هم؟ وسيأتي بحثه إنشاء الله أنّ الأحبار لهم دور في الحكم بأيّ معنى أخذنا الحكم، وهذه أيضاً أشارت الآية المباركة إلى أنّه أولاً يجب على كل فرقة، فلو لا نفر من كل فرقة طائفة، هذا أولاً، وثانياً ليتفقهوا في الدين، هذا المقطع من الآية المباركة يوجد في أبحاث ثلاث، البحث الأوّل الذي أشرنا إليه إجمالاً في البحث السابق في الدرس السابق وهو المراد من الدين ولكنه قبل الدخول في البحث المتعلق وهو التفقه في الدين، كما تعلمون أنّه أيّ أمرٍ يأتي له متعلّق، ما هو متعلقنا؟ المتعلق هو الدين من قبيل تجب، ماذا تجب؟ تجب الصوم والصلاة، هذا هو المتعلق، على من؟ الموضوع ما هو؟ الموضوع هو نفر، فلولا نفر من كل فرقة، هذا هو الموضوع، طبعاً من الواضح أنّه نفر أيضاً من الواضح أنّه هذه واحدة من أدلتنا لعدم الفرق في المجال العلمي بين الرجل والمرأة، لأنّ الآية لم تقل فلولا نفر رجال من كل فرقة، بل قالت: فلولا نفر من كل فرقة، رجالاً كانوا أو نساءً، ولذا نحن في الفتوى لم نميز بين الرجل وبين المرأة إذا توفرت شروط العلمية اللازمة، المهم أن هذا المقطع من الآية المباركة يمكن أن نقف عنده في الأبحاث التالية، البحث الأوّل هو: ما هو المراد من المادة يعني الفقه لأنّ الآية قالت ليتفقهوا، ما هو المراد من الفقه؟ بطبيعة الحال أن الفقه له معنىً لغوي، له معنىً قرآني، له معنىً اصطلاحي، له معنىً شرعي، له معنىً متعارف في أوساطنا وحوزاتنا العلمية، فما هو المراد من الفقه كمادة؟ وبعد ذلك تأتي مشتقاتها: الفقه والتفقه ويتفقهوا و… كلها مشتقات هذه المادة، فاء قاف هاء، هذه المادة، المسألة الثانية هي مسألة الصيغة: ليتفقهوا، هذه مرتبط بالصيغة وليس مرتبط بالمادة، أنا مهم عندي الآن هو المادة، وإلّا الصيغة لا يوجد فيها بحث كثير، إنّما المراد ما هو المراد من المادة، انتهينا إلى هذا البحث الذي أساساً يقطع غائلة النزاع وغائلة الاختلاف في المسألة، الروايات الواردة أعزائي كثيرة جداً في هذا المجال، وأنا أتصور أنكم لو ترجعون إلى أيّ معجمٍ تجدون أن الروايات في هذا المجال كثيرة، منها هذه الروايات الواردة في أصول الكافي الجزء الأوّل صفحة 57 بعبارةٍ أخرى في كتاب فضل العلم باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه، والروايات في ذلك: قال رسول الله: طلب العلم فريضة على كل مسلم ألا إن الله يحب بغاة العلم… ولكن الآن ليس بحثنا هذا ولكن بعد ذلك سيتضح ما هو المراد من العلم أيضاً. محل الشاهد هذه الرواية: قال عن مفضّل بن عمر، لا يقول قائل سيدنا راجعنا الرواية سند الروايات فوجدناها مجهولة وضعيفة، هذا على المسلك والمبنى وهو أنّه واردة في أصول الكافي في الكتب المعتبرة وهناك شواهد قرآنية وروائية كثيرة تؤيد مضمون هذه النصوص على المنهج الذي انتخبنا، سمعت أبا عبد الله الصادق يقول: عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكون أعراباً فإنّه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزكي له عملا، إذن القضية بيني وبين الله جداً خطيرة وهو أنّه إذا أراد الإنسان أن ينظر إليه الحق سبحانه وتعالى يوم القيامة وأن يزكي له عمل فلابد أن يتفقه في الدين، هذه الرواية الأولى والثانية: عن الصادق (عليه السلام): لوددت أن أصحابي ضُربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا، ومجموعة من الروايات الواردة بهذا المضمون، سؤال: ما هو المراد؟ من الواضح أنّه بمجرد أن نحن نقرأ هذه الروايات الذهن يذهب إلى الحلال والحرام، إلى الطهارة والنجاسة، إلى أبواب الفقه المتعارفة في الحوزات العلمية، إلّا أنّه تعالوا معنا إلى المعلّقين على هذه الروايات: الأوّل: العلامة المجلسي في مرآة العقول الجزء الأوّل صفحة 100 في ذيل هذه الروايات، هذه عبارته: يقول: تفقهوا في الدين حمله الأكثر على تعلّم فروع الدين إمّا بالاجتهاد أو بالتقليد، إذن نظركم ما هو؟ يقول: ويمكن حمله على الأعمّ من الأصول والفروع بتحصيل اليقين فيما يمكن تحصيله فيه وبالظنّ الشرعي في غيره، يعني في ما لا يمكن تحصيل اليقين، إذا انسدّ باب العلم في ذلك، إذن العلامة المجلسي طبعاً لا يذكر دليل القائلين بأنه حمله على الحلال والحرام فقط مع أنّه هناك قرائن كثيرة تبيّن أن المراد من التفقه ليس خصوص ماذا؟ نحن نتكلم في المادة ولا نتكلم في الدين، هذه قرينة أخرى، الدين قرينة ثانية، أنا أتكلم في مادة التفقه ولا أتكلم في الدين، الدين يبيّن لنا أن المتعلق… وسنبين ما هو المراد من المادة أيضاً، لا الآن نريد أن نضع يدنا على نفس المادة وهي التفقه، قال: ويمكن حمله على الأعم من الأصول والفروع، هذا مورد أعزائي، المورد الثاني ما جاء في كلمات العلامة المازندراني في شرح الكافي المجلد الثاني صفحة 16: قال: المراد بالتفقه (في ذيل هذه الرواية) المراد بالتفقه فيه طلب العلوم النافعة في الآخرة الجالبة للقلب إلى حضرة القدس دائماً بحيث يُعدّ الطالب عرفاً من جملة طلبتها ومشتغلاً بها وتلك العلوم هي المعدّة لسلوك سبيل الحق والوصول إلى الغاية من الكمال، جيّد، هذا هو الهدف، ما هي هذه العلوم؟ قال كالعلوم الإلهية والأحكام النبوية وعلم الأخلاق وأحوال المعاد ومقدّماتها، هذه هي العلوم التي أُمرنا بالتفقه فيها، أعيده أعزائي: العلوم الإلهية والأحكام النبوية وعلم الأخلاق وأحوال المعاد ومقدّماتها، ولذا هو عندما يأتي إلى طلب العلم، طلب العلم الفريضة، يقول بإن المراد من طلب العلم هو ما يتعلق بالمبدء وما يتعلق بأحوال المعاد وما يتعلق بأفعال المكلّفين وما يتبعها من تقويم الظواهر بالسياسات وما يتعلق بأحوال القلب وما… هذا هو العلم الذي يوصل الإنسان إلى أن يُزكّى عمله وإلى أن ينظر الله إليه يوم القيامة، هذا كلام العلامة المازندراني، أنا بعدُ لم أأتي بكلمات الملا صدرا حتى تقول كلامه طبيعيّ فأولئك يتكلمون… لا، أتكلم من هؤلاء الذين هم أميل إلى الأبحاث الدينية والكلامية منهم إلى الأبحاث الفلسفية، تعالوا معنا إلى العلامة الفيض الكاشاني في المحجة الجزء الأوّل صفحة 83، هذه عبارته بعد أن ينقل عباراته الغزالي، يقول: أقول (في إحياء العلوم، التفت إلى العبارات جيداً) إن اسم الفقه (المادة ولا الصيغة) إن اسم الفقه لم يكن متناولاً للفتاوى في الأحكام الظاهرة، أساساً لو نرجع إلى الاستعمال أساساً عندما يقال نزلت الآيات وبعد ذلك قرون لم يكن الفقه شاملاً للفروع أصلاً، لم يكن متناولاً للفتاوى في الأحكام الظاهرة ولكن كان بطريق العموم والشمول أو بطريق الاستتباع، يعني أنّه المطلوب الأصلي من التفقه العلوم المطلوبة كانت ماذا؟ لم تكن أساساً علم الفروع، أساساً لا علاقة لها بذلك، إلّا إذا توسّعنا وقلنا أنّه بعنوان العموم والشمول شامل لعلم الفروع، أو بعنوان المقدّمات لهذه العلوم، أو بالاستتباع، إذن ماذا كان يراد من الفقه؟ هذا الاصطلاح وهذه المادة؟ قال: وكان إطلاقهم له على علم الآخرة وأحكام القلب، عندما كان يقال تفقّه يراد منه هذا البحث، على علم الآخرة وأحكام القلب، أكثر، فثار من هذا التخصيص تلبيس بعض الناس على التجرد له والإعراض عن علم الآخرة وأحكام القلب، الآن ما هي الأسباب التي أدت إلى أن هذا اللفظ ينقلب من علم الآخرة إلى علم الفروع؟ هو يذكر نكتة، الآن هذه النكتة توافق أم تخالف غير مهم والمهم هو فيض الكاشاني يشير، يقول: ووجدوا على ذلك معيناً من الطبع، ما هو الطبع؟ يقول فإنّ علم الباطن غامضٌ والعمل به عسيرٌ والتوصّل به إلى طلب الولاية والقضاء والجاه والمال متعذّرٌ، الذي يذهب بذاك الاتجاه يحصّل شيء أم لا؟ لا يحصّل شيء، هذا ليس كلامي حتى أحدٌ يقول يريد أن يطعن بالفقهاء، لا والله هذا ليس طعن، هذا بيان ما ذكره الأعلام، هؤلاء يقولون أنّه أبحاث الآخرة وأبحاث أساساً تزكية النفس هذه واقعاً لا تأتي للإنسان لا بجاهٍ ولا بمقامٍ ولا بمالٍ ولا بعنوانٍ ولا… وأنا أتصور والعرف ببابك في الحوزات العلمية، أنظر إلى حال المفسّرين وأنظر إلى حال الفقهاء، بينكم وبين الله الإمكانات لمن؟ للفقهاء بالمعنى الحوزوي لا للمفسّرين، أنظر إلى العناوين، المرجعية والعناوين والتقليد وغيرها… لهؤلاء أم لأولئك؟ من الواضح أمامك، ولذا أعيد، يقول: فإن علم الباطن غامضٌ والعمل به عسيرٌ والتوصل به إلى طلب الولاية والقضاء والجاه والمال متعذّرٌ، فوجد (أيضاً أقول هذه ليست عباراتي وإنّما عبارات الفيض الكاشاني ولا عبارات الغزالي أيضاً حتى تقول أنت تستند إلى كلمات الإمام الغزالي، لا أبداً لأنّه أولاً نقل عبارات الغزّالي ثم بعد ذلك قال أقول كما تعرفون هذه أقول مطالبه المرتبطة به) فوجد الشيطان مجالاً لتحسين ذلك في القلوب، تحسين أيّ علم؟ علم الفروع وقال هذا هو الأصل أصلاً دين يعني كتاب الطهارة وكتاب الصوم وانتهت القضية، لتحسين ذلك في القلوب بواسطة تخصيص اسم الفقه الذي هو اسمٌ محمودٌ في الشرع، يقول هذه من أحاويل الشيطان بأنه يحاول أنه يستعمل لك بعض الألفاظ التي هذه الألفاظ محمودة أم مذمومة؟محمودة ولكن يغيّر فماذا يفعل؟ زيّن لهم الشيطان أعمالهم، هذا التزيين يعني الظاهر جميل والباطن مذموم، هذه أيضاً عبارة الفيض الكاشاني، الآن تعالوا معنا إلى صاحب الإحياء، طبعاً صاحب الإحياء عنده ذمٌّ شديدٌ للفقه والفقهاء، ذمٌّ ما بعده ذم، ولذا نجد أن فيض الكاشاني يقول هذا الذم الذي تقوله للفقهاء هذا للفقهاء العامة ولا لفقهاء الخاصّة، أنا فقط أشير للأعزة لأنّه ليس لديّ وقت لكي أراجع، يقول: قول أبي حامد في أنّ الفقه من علوم الدنيا، أيّ فقه؟ لا علم الآخرة وعلم التزكية والباطن، بل علم الحلال والفروع والولاية والقضاء التي يأتي بالجاه والمال… هذا المعنى إذا الإخوة لديهم الإحياء فليراجعوه وإذا ليس لديهم إحياء فليراجعوا المحجة صفحة 54 من الجزء الأوّل، بودي أن الأعزة يراجعوا هذه الأبحاث، قال أبو حامد: فلمَ ألحقتَ علم الفقه بعلم الدنيا وألحقت الفقهاء بعلماء الدنيا فاعلم ان الله عزوجل… يبدأ يبيّن ويظهر منه أن يبيّن الفقهاء بنحو القضية في الخارجيّة الذين في ذلك الزمان كانوا عموماً من خدام السلاطين وعلى أساسهم كانوا يقتلون الأنبياء وأولاد الأنبياء، أنتم جيداً تعرفون أن الإمام الحسين وباقي الأئمة قتلوا بسيف هؤلاء الفقهاء الذين كانوا في خدمة السلاطين، ثم هو بعد ذلك يأتي في صفحة 59 يقول: ما ذكره أبو حامد من وليس معنى ما زعمه فلان بل هو علمٌ شريفٌ إلهيٌّ نبويٌّ مستفادٌ من الوحي ليساق به فلان وهذا الذي قاله ينطبق على فقهاءه يعني فقهاء العامة ولا ينطبق على فقهاء الخاصّة، الحق بيني وبين الله بنحو القضية الخارجيّة نعم، لأنّه عموم فقهاء العامة في خدمة من كانوا؟ وإلى زماننا هذا في خدمة السلاطين، في خدمة الحكّام، إذا وجدتم العلماء على أبواب الحكّام فبئس العلماء وبئس الحكّام وإذا وجدتم الحكّام على أبواب العلماء… ولذا نحن ذكرنا مراراً قلنا بينك وبين الله الضابطة كلّية، فإذا وجدتم من علماء الشيعة أيضاً على أبواب الحكّام أيضاً فبئس العلماء وفبئس الحكّام، الضابطة عامة، نعم بنحو القضية الحقيقيّة عامة، نعم ولكن بنحو القضية الخارجيّة تنطبق بالأعمّ الأغلب أين؟ تنطبق هناك ولا تنطبق علينا، المهم، الذين لديهم إحياء العلوم في الجزء الأوّل هذه الطبعة التي عندي هي دار المعرفة، صفحة 31 وما بعد تحت عنوان: اعلم أن منشأ التباس العلوم المذمومة بالعلوم الشرعية ما هو؟ يقول: تحريف الأسامي الممدوحة وتبديلها ونقلها بالأغراض الفاسدة إلى معانٍ غير ما أراده السلف الصالح والقرن الأوّل، ما هي هذه الألفاظ؟ يشير إلى خمسة مصاديق: اللفظ الأوّل: الفقه، الثاني: العلم، الثالث: التوحيد، الرابع: التذكير، الخامس: الحكمة، الذي أيضاً يحمل على الفلاسفة لأنهم حوّلوها من معناها الديني إلى معنىً آخر، فلهذا السيد العلامة وغيره كتبوا بداية الحكمة ونهاية الحكمة وقالوا عن الفلاسفة أنهم حكماء، ذاك بحثٌ آخر مع أنهم هذه لفظة حكماء واردة عن النبي وعن باقي الأئمة، ثم يقول: أمّا الأوّل (الفقه) فقد تصرّفوا فيه بالتخصيص لا بالنقل والتحويل إذ خصصوه بمعرفة الفروع الغريبة في الفتاوى والوقوف على دقائق عللها واستكثار الكلام فيها وحفظ المقالات المتعلّقة بها فمن كان أشدّ تعمّقاً فيها وأكثر اشتغالاً بها، قيل هو الأفقه، سبحان الله وكأنّ الأمس هو اليوم واليوم كأنه هو الأمس، إذن كلما عنده قدرة على التفريع يكون هو الأفقه وبالنتيجة يكون هو ماذا؟ هو الأعلم، إذن لا علاقة بهذا البحث أساساً لا بعلم التوحيد ولا بمعارف الدين ولا بمعارف الآخرة ولا بمعارف الأخلاق… ولقد كان اسم الفقه في العصر الأوّل مطلقا، يعني يطلق، فمطلقا لا مطلقاً في قبال التقييد، مطلقاً يعني يطلق، على علم طريق الآخرة ومعرفة دقائق أفات النفوس ومفسدات الأعمال وقوّة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة ويدلّك على ذلك قوله تعالى: ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم، يقول والإنذار مرتبطٌ بماذا؟ مرتبطٌ بعذاب الآخرة، وما يحصل به الإنذار والتخويف هو هذا الفقه دون تفريعات الطلاق والعتاق واللعان والسلم والإجارة، فذلك لا يحصل به إنذار ولا تخويف، ما هو علاقته الآن بيني وبين الله أنت قد تأتي بها أيضاً وهذه المسألة طرحت في باب الاجتهاد والتقليد فليكون في علمكم، قالوا لو أن شخصاً ليس من المسلمين أصلاً ليس بمسلم ولا ليس بشيعي، وجاء وتخصّص في علم الفقه الأصغر وعلم الفروع بنحوٍ صار أعلم من الآخرين وكان ثقةً في الاستنباط، يجوز تقليده أم لا؟ اذهب وارجعوا وانظروا بأنهم قال نعم يجوز وما المحذور، لماذا؟ لأنّه هذا تخصص كما أنّه أنت في باب الطب وباب الفيزياء والكيمياء والأمراض والجروح ألا ترجع إلى المتخصص، تبحث عن دينه أم لا؟ تبحث عن مذهبه أم لا؟ هذا يكشف لك أنّه له ارتباط بالإنذار والتخويف أم لا علاقة له؟ لا علاقة له على الإطلاق، قال: بل التجرّد له على الدوام (هذه عبارات الغزالي وليست عباراتي والعرف الحوزوي ببابك) بل التجرد له (يعني لعلم الفروع) على الدوام يُقسي القلب، فلهذا أستاذنا الشهيد (قدس الله نفسه) قال كثير منا، أنا لا أريد أن أقول من الطلبة، كثيرٌ منا قبل أن يدخل إلى الحوزة العلمية يصلي صلاة الليل و بعد مدة يترك صلاة الليل، وبتعبيره هو (قدس الله نفسه) كان يقول أن الحوزات تملأ العقول وتفرّغ القلوب، يعني بعد الخشية وبعد التقوى، ومن قال… أنا لا أعلم هذه المقولة لمن؟ كان يقول إذا استغابني العامي فأنا وهبت له أمّا إذا استغابنا العالم فلا أهب له يوم القيامة، قالوا له ما الفرق؟ قال العامي يستغيبني فإذا قال له هذا غيبة يقول استغفر الله، أمّا العالم إذا استغابني وقالوا له غيبة يقول لا، أولاً يفسقني حتى يقول لا غيبة لفاسق، ولا يقول أنا اشتبهت، ولذا أيضاً صارت هذه المقولة من المقولات المشهورة، ما ضاع على فقيهٍ مسلك، وإن كان البعض يأخذها ببعدها الإيجابي باعتبار أنه يستطيع… ولهذا … كُتبت عندنا الكتب الكذائية، ليس عندنا فقط وإنّما كل مكان… كُتبت الحيل الشرعية، يعني التحايل… نعم فيه مخرج ولكن ليس الهدف هو علم الآخرة والنجاة في الآخرة، إلى أن يقول: وقال تعالى لهم وأنه… فانظروا إلى آخره، جيد الروايات ماذا تقول، الروايات أعزائي ابحثوا وأنا ما صار عندي وقت لأنّه في هذا الصباح أنا هيّأت هذه الأبحاث فما صار عندي وقت لكي أراجع روايات العامة ولكنه وجدت بعض الروايات القيمة في هذا المجال، منها هذه الرواية التي واردة في جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البِر أو البَر، المتوفى 463 من الهجرة تحقيق الزهيري دار ابن الجوزي الجزء الثاني، صفحة 24، رقم الحديث 1510، الرواية: عن علي بن أبي طالب أن رسول الله قال: ألا أنبّئكم بالفقيه كلّ الفقيه، من هو الفقيه حقيقتاً بالحمل الشائع؟، قالوا بلى، قال من لم يُقنط الناس من رحمة الله ولم ييئسهم من روح الله ولم يؤمّنهم من مكر الله ولا يدع القرآن رغبةً عنه إلى ما سواه ألا لا خير في عبادةٍ ليس فيها تفقه، أيّ تفقه؟ لا علم الفروع وإنّما هذا التفقه الذي بيّنه رسول الله، ألا لا خير في عبادةٍ ليس فيها تفقّه ولا علم ليس فيه تفهّم ولا قراءة ليس فيها تدبّر، قالوا أبو عمر (يعني ابن عبد البر) لا يأتي هذا الحديث مرفوعاً إلّا من هذا الوجه وأكثرهم يوقفونه على عليٍّ (عليه أفضل الصلاة والسلام) الحديث الموقوف عندهم هو الذي ينقل من الصحابي (اجعل ذهنك واحفظ الاصطلاح) هو الذي ينقل من الصحابي ولا يُسندُه إلى من؟ إلى رسول الله، ولكنه كلّ القرائن دالّة على أنّه هذا الحديث ليس من حديث، من قبيل ما نقوله نحن في المضمر، أنّه قال زرارة، هل زرارة حجة علينا؟ ليس حجة علينا، ولكن يقولون أن زرارة عندما يقول أجلّ من أن يقول شيء من عنده، هذه ينقلها عن الإمام ولعل السبب في ذلك هو التقطيع، أنّه الرواية قطّعت فزرارة لم يقل قال الباقر، قال الصادق، صدر الرواية كان بها قال الباقر، قال الصادق، ولكن في الآخر كثيراً ما كان يقول قال قال قال، فقطّعت هذه وصار قال الزرارة وإلّا هذه قال الباقر، هذه الرواية أعزائي فيها بحثٌ مفصلٌ، أنّها صحيحة السند، أنّها معتبرة، أنّها ضعيفة، الإخوة الذين يريدون أن يراجعوا وإذا صار وقت أنا سأشير إليه، أن الرواية واردة في سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني رقم الحديث 734، ألا أنبّئكم بالفقيه… آخر المطاف يقول: أنّ الرواية فيها طريقان: الطريق الأوّل ضعيف، والآخر فيه عقبة ابن نافع، فإنّه مجهول أورده ابن أبي حاتم برواية ابن وهب فقط ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، تتمة الكلام تأتي والحمد لله رب العالمين.