نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (321)

  • رقم المحاضرة ﴿321﴾

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللّهم صلي علي محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    اتضح لنا بأنه أساساً ما هو أو ما هي أقسام تلقي العلم وبتعبيرٍ أدق ما هي أنواع المقدمات الإعدادية لتحصيل العلم، ذكرنا بأنه تنقسم إلى قسمين، القسم الأوّل: المقدمات الإعدادية التي تستند إلى الطرق المتعارفة وهي القراءة والكتابة والدرس والأستاذ والسماع ونحو ذلك وهذا هو الذي يصطلح عليه في كلماتهم بالعلوم الكسبيّة لأنّها تُكتسب، طبعاً جميعاً تكتسب كلها مكتسبة ولكنه اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح، وأمّا النوع الثاني من المقدمات فهي المقدمات التي تقوم على أساس تطهير وتزكسة القلب والباطن عند ذلك تُتلقى العلوم من الأعلى، هذان نوعان من المقدمات وقلنا بأنه يصطلح على النوع الثاني بأنه علمٌ لدنّي، ولكنه من الأخطاء الشائعة يُتصور أن العلم اللدني يعني العلم المأخوذ من الله بلا واسطة وهذا توهمٌ خاطئ، العلم اللدنّي ليس بالضرورة مأخوذٌ من الله سبحانه وتعالى بلا واسطةٍ، من هنا دخل الأعلام في بحثٍ آخر وهو بحثٌ مهم وأساسي وجوهري في معارفنا القرآنية والروائية وهو أنّه ما هي أقسام العلم اللدنّي، ما هي أنحاء العلم اللدني، أنحاء العلم اللدني بحسب التقسيم القرآني ثلاث، يعني القرآن الكريم بشكل واضح وصريح أشار إلى أنّ تلقي العلم اللدني إنّما يكون بأحد هذه الطرق الثلاثة، تعالوا معنا إلى الآية 51 من سورة الشورى، قال تعالى: ﴿وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلّا﴾، بأحد هذه الطرق الثلاثة التي أشارت إليه الآية المباركة، إلّا ﴿وحياً﴾ (الأوّل) أو ﴿من وراء حجابٍ﴾ (الثاني) أو ﴿يرسل رسولاً﴾ (الثالث) وقد قرأتم في محله أن التقسيم قاطعٌ للشركة، عندما قالت أو وأو وأو يعني أقسام ثلاثة، الآن أنا أتكلم على مستوى فهم الآية بغض النظر عن الروايات، أنظروا الآية قالت أو وحياً أو يرسل رسولاً، سؤال: الذي يأتي به الرسول أيضاً هو وحيٌ؟ إذن بهذا يتضح أن الوحي الأوّل أو القسم الأوّل لا يكون من خلال إرسال الرسول وإلّا لو كان القسم الأوّل أيضاً من خلال إرسال رسولٍ لكان تكرار بلا معنى، أو وحياً أو يرسل رسولاً، الوحي أيضاً إرسال الرسول، إذن بهذا يتضح أن القسم الأوّل وهو الوحي بلا إرسال رسولٍ وهذا هو العلم اللدني بلا واسطة، يعني هذا الإنسان أو هذا الذي أخذ من الله أخذ يوجد بينه وبين الله واسطة أم لا؟ لا يوجد، إذن القسم الأوّل هو الذي يأخذ العلم اللدني من الله بلا واسطةٍ، القسم الثاني هو الذي يأخذ العلم اللدني من وراء حجاب، القسم الثالث هو الذي يأخذ العلم اللدني من خلال إرسال الرسول، الآن بعد أن اتضح مفاد الآية الروايات تعيّن المصاديق، من الذي يأخذ بلا واسطة؟ من الذي يأخذ من خلال إرسال الرسول؟ من الذي يأخذ من وراء حجاب؟ هذه أبحاث أخرى الآن ليس بحثنا، إذن العلم اللدني، أيّ علم؟ هو الذي ليست مقدماته متعارفة وإنّما مقدماته تطهير القلب، سؤال: الأئمة من أيّ قسم من هذه الأقسام؟ هل يأخذون بلا واسطة؟ يأخذون من خلال إرسال الرسول؟ يأخذون من وراء حجاب؟ هذا لابدّ أن نرجع إلى الروايات لأنهم هم أعرف لأنّه نحن لا نستطيع أن نتعرف، هم قالوا أن علمنا أعظم ممّا تتصورون من أفواه الرجال، جيد، سيدنا سلمنا أن علمكم ليس علماً متعارفاً، علمٌ لدني، أيّ نوع من أنواع العلم اللدني؟ الأوّل أم الثاني أم الثالث؟ هذا أولاً وأمّا الثاني: الرسول الأعظم كيف يأخذ؟ مع الواسطة أم بلا واسطة؟ هنا أيضاً لابدّ أن أشير لكم إلى قضية أن هذه الأقسام الثلاثة تشير إلى مانعة الخلو لا مانعة الجمع، بمعنى أنّه يمكن أن يجتمع في شخصٍ واحد يأخذ تارةً مع الواسطة وأخرى بلا واسطة، مرةً يأخذ من وراء حجاب ومرةً يأخذ من خلال إرسال الرسول، أنتم لو ترجعون إلى روايات المعراج تجدون إلى حدّ معين أن أمين الوحي جبرائيل كان واسطة في إيصال ماذا؟ إلى أن وصل إلى مقامٍ قال لو دنوت أنملةً… يعني توجد واسطة أم لا توجد؟ لا توجد واسطة، روايات المعراج طالعوها وهي موجودة في كتب الفريقين، يعني وصل إلى مرحلة بعدُ هل يمكن أن يتوسط أحدٌ بينه وبين الله أم لا يمكن؟ لا يمكن، ولكنه في الأعم… نزل به روح الأمين على قلبك، هذه واسطة الروح الأمين، إذن أعزائي هذه الآية بشكل واضح وصريح تبيّن هذه الحقيقة أن العلم اللدني على قسمٍ واحد أم على…؟ التفتوا لي جيداً، إذن الآية التي قرأناها من سورة الكهف وهي الآية 65: ﴿فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمةً من عندنا وعلّمنا من لدنا علما﴾ يعني علمٌ بلا واسطة أم مع الواسطة؟ الجواب بيني وبين الله الآية ساكتة عن هذا فلابد أن الروايات تعيّن أن هذا علمه كان مع الواسطة أم كان بلا واسطة، لا يقول لنا قائل سيدنا الآية قالت ماذا؟ من لدنا فعلمٌ لدني هذا؟ لا أبداً، العلم اللدني أعم من الواسطة وبلا واسطة، ولهذا الأعزة إنشاء الله تعالى بإمكانهم أن يرجعوا إليه في الألوسي في ذيل هذه الآية المباركة من سورة الشورى وهو الجزء 24 من هذه الطبعة التي عند وهي مؤسسة الرسالة وهي من أهم الطبعات وأدق الطبعات وأحسن الطبعات، وهو في صفحة 321، هذه الآية هناك بشكل واضح وصريح يقول بأنه كذا وكذا… إلّا وحياً… وقال بعض أن المراد… وقال بعض أن المراد… وهذا يدل على أن المراد من الأوّل الوحي من الله تعالى بلا واسطةٍ، الوحي الأوّل لأنّ إرسال الرسول جُعل فيه إيحاء ذلك الرسول إلى آخره، هذا البحث الأوّل والإخوة إنشاء الله يراجعوه، وكذلك السيد الطباطبائي في الميزان المجلد 18 صفحة 73 أيضاً أشار إلى هذا البحث بشكل تفصيليّ وبودي أن الأعزة يراجعون هذا البحث، قال ثم إن ظاهر الترديد في الآية بأو هو التقسيم أن الظاهر ظاهر الترديد على مغايرةٍ بين الأقسام، الأوّل… الثاني… الثالث… وكذلك في تفاسير العرفاء أيضاً هذه القضية من الأمور المتفق عليها كما هو في تفسير القرآن الكريم الذي هو معروف أو مكتوب على الكتب بعنوان محي الدين ابن عربي، أعزائي هذا التفسير ليس لمحيي الدين والمحقق مشتبه بل هذا التفسير لعبد الرزاق القاساني، لا لمحيي الدين ابن عربي وهو تفسير القرآن الكريم الذي هو من التفاسير الدقيقة حقيقاً والإخوة أنا بودي أنّه يكون عندهم دورة من هذا التفسير وهو ليس بكبير فبحسب الطبعة التي عندي هو مجلدان، يعني هو تفسير باطني وتفسير عرفاني صوفي من الأوّل إلى الآخر تجده في هذين المجلدين وهو مفيد جداً، يقول وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلّا وحياً إمّا بوصوله إلى مقام الوحدة والفناء بتعبيره، فيوحي إليه بلا واسطة كما قال تعالى: ﴿ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى﴾ أوحى إلى عبده ما أوحي، هذا الوحي بلا واسطة أو مع الواسطة؟ بلا واسطة، أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً من الملائكة فيوحي إليه، الآن يوحي إليه بأيّ طريق؟ بطرق متعددة، الآن قد يراه أو… ولهذا في رواياتنا أنّه نسمع الملك ولا نراه، أو من خلال النفس أو من خلال السماع أو من خلال النقر ونحو ذلك، هذه كلها في الروايات بشكل تفصيلي أئمة أهل البيت بيّنوا كيف يحصلون على علمهم ولكن مع الأسف الشديد نحن لم نذهب إلى بحثها وإلّا بدقائقها أئمة أهل البيت بيّنوها، هذا أيضاً المورد الثالث فلا نطيل، جيد، هذا البحث وهو بحث أقسام العلم وبيان خصوصيّات هذه العلوم بإمكان الأعزة أن يرجعوا إليه في جامع الأسرار ومنبع الأنوار للسيد حيدر الآملي عنده أبحاث مفصلة ودقيقة وبتعبير شيخنا الأستاذ الشيخ جوادي يقول إذا كان هناك حزب اللهي من الشيعة هو السيد حيدر الآملي، لأنه جداً متعصب لمدرسة أهل البيت، الآن هذا التعبير لعله غير صحيح ولكن مقصودي مدافع مستميت عن مباني مدرسة أهل البيت، ومقامات السيد حيدر الآملي يكفي للأعزة أن يراجعوا أعيان الشيعة، تراجعوا ترجمة هذا الرجل في أعيان الشيعة وترجمته في جنات الخونساري لتجدوا أن مقام هذا الرجل ما هو؟ مذكور بغض النظر عن صحتها وعدم صحتها مذكور جملة من مقاماته وواحدة من مقاماته أنه عندما وصل إلى حرم أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) وقف على الباب، الآن بعض الروايات تقول يوم وبعضها تقول يومين وبعضها وهو لا يدخل الحرم الشريف، ثلاثة أيام فسئل قال ما لم يأذن لي صاحب القبر فلا أدخل، يقال كثير من الناس في ذاك الزمان سمعوا نداء يقول الحقوا ولدي قبل أن يهلك، الآن هذه كانت نداء من السماء أو كان نداء من أمير المؤمنين، أيّاً كان أنا قلت لكم أنا في هذه المسائل ليست قريحتي واسعة النطاق فأصدق بسرعة، ولكن مقصودي أن هذه موجودة في ترجمة السيد حيدر، وراجعوا أيضاً في ترجمة الأعيان فتجدون أن المحقق ابن المحقق الشيخ الحسن، كانت هناك مراسلات لأنه معاصر له، مراسلات في وحدة من الرسائل يطلب من السيد حيدر الآملي أن يكون شفيعاً له، أن يعطي له قول من الآن ابن المحقق يكون السيد حيدر شفيع له يوم القيامة، هذا مقام الرجل، هذا البحث أعزائي وارد في القاعدة الثالثة وبودي أن الأعزة يراجعون هذه الأبحاث مع الأسف الشديد غائبة في حوزاتنا العلمية، وكان ينبغي أن تكون بغض النظر وهو يستند إلى الآيات والروايات، تحت عنوان في بيان الوحي والإلهام والكشف، يبحث في ثلاثة أمور، في بيان الوحي والإلهام والكشف، في بيان الفرق بين العلوم الكسبية والعلوم الإرثيّة، من هنا سوف ندخل على محل الكلام، في كيفية تحصيل العلوم الرسمية والعلوم الحقيقية، هذه اصطلاحات أحفظوها، قد يعبر عنها بأنها علومٌ ماذا؟ (هذا من النوع الثاني) علوم لدنية وقد يعبر عنها علومٌ إرثيّة، وقد يعبر عنها علومٌ حقيقيّة، الآن لماذا تسمى حقيقية؟ لماذا تسمى إرثية؟ لماذا تسمى لدنيّة؟ في المقابل لماذا بعد الوقت ليس لهذه الأبحاث وكذلك هذا الدرس، بدأ من صفحة 448 إلى صفحة 586، حدود 140 صفحة، طالعوا دورةً لهذه المعارف وانظروا أن الطرف الآخر ماذا يقول؟ أنا لا أقول لك أنه بالضرورة أن تقبل أنت ألا تقرأ الكتب الماركسية أو الكتب الليبرالية إذن اقرأ كتب هؤلاء وانظر ماذا يقولون، ليس بالضرورة أن تعتقد وتؤمن بما يقولون، هذا البحث مفصلاً موجود هناك، ثم عنده بحثٌ هناك في بيان الفرق بين الإسلام والإيمان والإيقان، ثم بعد ذلك يدخل إلى أبحاث وحدة الوجود والتي هي رسالة نقد النقود في معرفة الوجود وبيان وحدة الوجود الشخصية، وأنها تتنافى مع الكثرة أو لا تتنافى، بحثٌ قيم وجديد وهو من أهم كتبه جامع الأسرار ومنبع الأنوار للسيد حيدر الآملي وتفسيره المعروف الذي طالع منه إلى الآن أربع مجلدات لا أعلم بعدُ هل له تكملة أم لا وهو المحيط الأعظم، جيد، إلى هنا اتضح لنا ما هو المراد من أقسام العلم، الآن نرجع إلى محل الكلام، سؤال: عندما تقول الرواية الصحيحة الصريحة المجمع عليها الموافقة للقرآن، هذه الأمور الثلاثة الأربعة التي أشرنا إليها، قلنا إذا صارت الرواية صحيحة وصريحة ومجمع عليها وموافقة للقرآن تُعدّ من الصحيح الأعلائي عندنا، لا يمكن لأيّ روايةٍ أخرى أن تعارضها، لو عارضتها فأيّ روايةٍ تقدّم؟ تقدّم هذه، لأن فيها من الامتيازات ما لم توجد في غيرها، العلماء ورثة الأنبياء، ما هو المراد من العلماء؟ حاول البعض كما ذكرنا أن يقول أنّ المراد من العلماء يعني الأئمة، كما ورد عندنا رواية لعله خبر جميل ابن دراج قال: نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وباقي الناس غثاء، عندنا رواية، الجواب: نعم بلا إشكال، إذا قلنا العالم بلا قيدٍ فإنه يحمل على أفضل مصاديقه وأوضح مصاديقه ومن أوضح مصاديقه غير الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ولكنه كما قيل إثبات شيءٍ لا ينفي ما عداه، كما ذكرنا في أهل الذكر قلنا أن عنوان العلماء بعنوانٍ عام ولذا بعد ذلك وجدت أنه في رسالةٍ في هذا المجال وهي من الرسائل الجيدة، تحت هذا العنوان في كتاب عناوين الأصول لمير عبد الفتاح علي الحسيني المراغي، هناك في العنوان رقم 73، هذا الكتاب يشتمل على 94 أو 96 عنوان، هذه العناوين من قبيل المفاتيح من قبيل أصول القواعد أصولية فقهية ومنها هذا العنوان في ذكر الأولياء والمولّى عليهم إجمالاً وبيان مراتبهم في الولاية، هناك يقول ويمكن أن يُقال، إن الظاهر من الخبر العموم، يعني عموم العلماء ليس خصوص أئمة أهل البيت، ولا وجه لحمله على الأوصياء، لا معنى لحملها على خصوص أئمة أهل البيت، لماذا؟ يقول بل يمكن أن يقال أن الأوصياء يدخلوا في عموم العلماء، العلماء عنوانٌ عام، يشمل أعلى المصاديق وأقلّ المصاديق من قبيل: يا أيها الذين آمنوا، ليكون في علمكم أن القرآن الكريم لعله في بعض الأحيان استعمل يا أيها الذين آمنوا حتى بالنسبة إلى المنافقين، يعني خطاب شأن نزول الآية هم منافقين ولكن قال يا أيها الذين آمنوا، لماذا؟ له بحثٌ آخر، هذه واحدة من الموارد التي يستدل بها الآخر أنه أنتم إذا تقولون بعض الصحابة منافقين إذن لماذا يقول لهم يا أيها الذين آمنوا، الآن هذا له بحثٌ في محله، يقول: فلا يلزم مضافاً إلى أن ملاحظة صدر هذه الأخبار تقضي بإرادة الأعم، لأن صدرها ماذا؟ من سلك طريقاً يطلب فيها علما، قلنا هذه خير قرائن على أنه لا يمكن الاختصاص بالأوصياء بل يدل على إرادة غير الأوصياء من سائر العلماء، هذه قرينة على أن الأئمة داخلين أم لا؟ غير داخلين، الرواية لا تريد أن تتكلم عن الأئمة وإنّما عن غير الأئمة بقرينة سياق الحديث المبارك المتفق عليه بين السنة والشيعة، جيد، هذا الخبر العلماء ورثة الأنبياء، هذه أيّ وراثةٍ؟ الجواب: بيني وبين الله شاملة لكلا القسمين من العلم، الكسبي واللدني، لأنه أيّ قرينة لا توجد في الرواية أنه ترث أنت، ترثه بهذا الطريق أو ترثه بذاك الطريق، ترثه بهذا الطريق أو ترثه بذاك الطريق؟ أين يوجد في الرواية بأنه المراد من العلم الموروثي هنا هو العلم اللدني الموروث؟ بل يمكن أن يقال إذا قبلنا أن كثرة الوجود وكثرة الاستعمال وكثرة المصاديق يؤدي إلى الانصراف فالرواية منصرفة إلى الطريق المتعارف، وإدخال غير المتعارف يحتاج إلى دليل، الآن نحن لا نريد أن نتكلم في ذلك وإنّما نريد أن نقول أنه لا يوجد في الرواية ما يدل على أن المراد من الوراثة (وراثة العلم) طبعاً روايات كثيرة تقول بأنه العلم والمقام والجاه والخلافة و… هذه كلها قابلة للانتقال بل قابلة للنهب والسرقة هذه المقامات، تقول مقامات قابلة للسرقة؟ أقول نعم أمير المؤمنين (سلام الله عليه) في الخطبة المعروفة رقم3 قال أرى تراثيَ ماذا؟ يعني هل يعني دراهمه؟ لا بل مقامه ينهبوه، وهذه الخطبة من الخطب المعروفة أيضاً، إذن من قال بأنه غير قابلة للسرقة؟ بلى قابلة للسرقة والنهب والغصب وأيضاً قابلة للإرث، وقابلة للأخذ، بأيّ طريقٍ نأخذ علم أمير المؤمنين وعلم الرسول وعلم الأنبياء؟ أعزائي بينك وبين الله عندك طريقين، إما أن تذهب عن طريق الرسمي فتذهب إلى التدريس والعلم والعلماء و… هذا الطريق المتعارف، أو تذهب إلى الطريق الآخر وهو طريق التزكية و… وقلنا أنها غير مانعة للجمع وإنّما مانعة الخلو، إما هذا وإما هذا وقد يجتمعان، الإنسان متقي وأيضاً طالبٌ للعلم، كما كان بعض أصحاب النبي، كما كان بعض تلامذة الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) في أعلى درجات العلم، يعني تحصيل العلم الرسمي وفي أعلى درجات التقوى والإيمان، هذا ليس مانعاً، كم الآن والحمد لله رب العالمين في كثير من علماء الحوزة، أليسوا كذلك، في تحصيل العلم وأيضاً في التقوى والعمل الصالح، إذن أعزائي هذه الرواية بشكل واضح وصريح تشير إلى أن العلماء ورثة الأنبياء، الآن إما يرثونهم عن هذا وإما يرثونهم عن ذاك، كلاهما موجود، طبعاً بعض تلامذتهم وبعض أصحاب النبي وصحابة النبي وبعض أصحاب الأئمة سلكوا ذاك الطريق المخصوص فوصلوا إلى ما لم يصل إليه أحدٌ غيرهم، سلمان وصل إلى مقامات كثيرة، هذه المقامات التي وصل إليها سلمان كلها كانت لتحصيل الكسب، لا أبداً، أبوذر لمقامات كثيرة وصل، تلامذة الأئمة وصلوا إلى جملة… كميل اقرأ عن وضع كميل وصل إلى هذه المقامات الذي الإمام (سلام الله عليه) عندما يخرج إلى الصحراء ويريد أن ينفث ما في صدره يأخذ بيده ويخرجه معه، إذن أليس هذا من خواص الخواص، يعني تتصور كان يعطي علمه ويقول له أكتب، لا، يقيناً، كما فعل الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) بالنسبة إلى السيدة حوراء زينب (سلام الله عليها) مسح بيده على… هل تتصورون بأنه مستدله؟ لا بيني وبين الله هذه المقامات تحصل بهذا المسح التكويني الذي مسحه الإمام (سلام الله عليه) فاستطاعت أن تقوم بهذا الدور الذي أوكل إليها وهي دورٌ لا تنوء به الجبال، تتصورن أنه بسيطٌ هذا الدور الذي قامت به السيدة زينب؟ لأنه الإمام زين العابدين كان معذور لعدة أسباب أن يقوم بالدور أو يكون في واجهة الدور، هذه الواجهة ليس أمرٌ سهل وواقعاً إذا لم تصل إلى مقامات استثنائية في الولاية لا يمكنها أن تتحمل هذا الدور وهذه المسئولية، هل هذا بالتعليم؟ هذا الذي ورد أنها عالمة غير معلمة، إذا صحت هذه الروايات المراد ليس أنها غير معلَّمة يعني… وإلا أمير المؤمنين علمها والحسن علمها والحسين علمها، ماذا إذن غير معلمة؟ يعني غير معلمة من هذه الطرق المتعارفة عندكم، لها طريقها الخاص للتعلم، وإلا هل يستطيع أحد أن يقول بأنه أساساً علمها ذاتي وليس من الغير، لا ليس بهذا الشكل، إذن العلم الوراثي أعمّ من الطريق المتعارف ومن الطريق سموه غير متعارف، من الطريق الرسمي ومن الطريق اللدني، هذا هو الإرث أو الوراثة العلم بالمعنى أعم، لماذا بالمعنى الأعم؟ الجواب: لأن الأئمة ورثوا علم النبيين وعلم جدّهم وآبائهم بذاك الطريق المخصوص من هنا أطلق الإرث في جملة من الأحيان وأريد به بالمعنى الخاص لا بالمعنى الأعم، بل بالمعنى الأخص يعني العلم الحاصل عندهم بالطريق اللدنّي، ولذا تجد بأنه السيد حيدر الآملي يقول علوم إرثية وعلوم كسبية، يعني يجعل الإرثية في مقابل ماذا؟ مع أنه الإرثية… ومن هنا فالعلم الإرثي له اصطلاح بالمعنى الأعم وله اصطلاحٌ بالمعنى الأخص، لا تخلطون بينهما، لا يقول لي قائل بأنه سيدنا… يعني العلم الإرثي بالمعنى الأعم ينقسم إلى العلم الكسبي والعلم الإرثي بالمعنى الأخص، ومن هنا سمّيت في جملة من الكلمات عندما يأتون إلى هذين القسمين يقولون علوم الدراسة وعلوم الوراثة، هذه الوراثة بالمعنى الأخص، إذن أعزائي العالِم هو الذي يرث الأنبياء، نعم قد يقوم بمقتضى هذا العلم أو قد يخالف، فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة، ممكن هذا، ورثوه كما أنه جنابك قد ترث مالاً من قريبٍ لك وقد تقوم بمقتضى ذلك فتنفق وتعطي حقه، إذا مدين تعطي حقوقه إذا خمس أو إذا… وقد تلتزم أم لا تلتزم؟ الجواب: في الإرث العلمي أيضاً كذلك، قد تقوم بمقتضى مسئولية هذا العلم وقد تخالف، كلاهما ممكن، هذا ممكن وذاك ممكن، ذاك يصير تلميذٌ مطيع وهذا يصير تلميذ عاق، كلاهما ممكن، إذن العلماء ورثة الأنبياء وماذا ورث الأنبياء، الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما وإنّما ورثوا علماً فمن أخذ منه فقد أخذ بحظٍ وافر، السؤال الذي أنا أتصور أنه واضح ولكنه سيأتي غدا إنشاء الله: ماذا ورث الأنبياء من العلم، هل ورثوا علم الحلال والحرام فقط؟ أم ورثوا ما هو أوسع من علم الحلال والحرام؟ يوجد أحد يستطيع أن يدعي كل إرث الأنبياء وكل الرسالات السماوية والقرآن الكريم والنبي والأئمة فقط ورثوا لنا فروع الكافي؟ أيدعي أحد هذا؟ هذا الذي نحن بحثنا كان عنوانه شروط المرجع الديني العلمية، إذن لكي يكون عالم دين لابد أن يكون وارثاً للأنبياء ولكي يكون وارثاً للأنبياء لابد أن يكون عالماً بجميع المعارف الدينية، أما إذا لم يكن عالماً بجميع المعارف الدينية، أما إذا لم يكن عالماً بجميع المعارف الدينية فهو وارث الأنبياء أم ليس كذلك؟ ليس وارث الأنبياء، ولم تثبت له أيّ قيمة، قيمة احتجاجية مقصودي، يعني لا يجوز تقليده، لأنه نحن جواز التقليد إنما قلناه باعتبار هؤلاء ورثة الأنبياء، باب القضاء باعتبار أن هؤلاء… لأنه الآن (إنشاء الله سيأتي) ما هي وظائف الأنبياء؟ أنت التي تريد أن تصير وارث النبي النبي ما هو مسئولياته؟ بيان الدين، القضاء بين الناس، إقامة… هذه وظائفه، لكي تكون لك هذه المقامات لابد أن تكون ماذا؟ ما هو الحد الأوسط؟ أن تكون وارث علمهم فإذا لم تكن كذلك لك هذه الدرجات أم لا؟ ليست لك هذه الدرجات، من هنا اعزائي لابد من الوقوف عند أمرين، إنشاء الله يوم السبت بإذن الله سوف نقف عنده أولاً: ما هو العلم الذي ورثوه ليتضح لنا شروط المرجع الديني العلمية، هل هو التخصص في المعنى الحرفي والصحيح والأعم وكتاب الطهارة والنجاسة والصوم والحج، هذا يجعله وارث النبيين أم لا يجعله؟ هذا الأمر الأول والثاني أن المناصب الأخرى للأنبياء إن ثبتت لهم مناصب ومنها الولاية هل أيضاً ورثها العلماء أو لم يرثه، فإن ثبت أن العلماء يرثون جميع ما للأنبياء، إذن هذه الرواية الصحيحة الصريحة المجمع عليها واحدة من أهم أدلة الولاية الفقيه، لا يقول لنا قائل أنتم بقت عندكم ماذا؟ عندكم مقبولة وتوقيع وخمسين إشكال سندي، لا عزيزي هذه أيضاً عندنا، العلماء ورثة الأنبياء، إذن البحث القادم وإنشاء الله الإخوة سيطالعون سوف ينصب على النقطتين هاتين، النقطة الأولى ما هو العلم الموروث هل هو خصوص الحلال والحرام؟ يعني الفقه المصطلح في حوزاتنا العلمية الذي لعله الآن هو المشهور والمتداول؟ يعني إذا صار فقيهاً صار عالماً بالحلال والحرام؟ لا أبدا، هذا أولاً وثانياً أن مناصب النبيين الأخرى إن ثبتت هل هي أيضاً يمكن استفادتها من حديث العلماء ورثة الأنبياء أم لا؟ وأصل الإشكالية تنصب على هذه النقطة وهي أن مقدمات الحكمة عندما تجري هل تجري في الموضوع فقط أم تشمل المحمولة أيضاً، لأنه هنا الورثة موضوع أم محمول؟ محمول، العلماء ورثة الأنبياء، نجري الإطلاق ومقدمات الحكمة في العالم، هل يمكن أن نجريها في المحمول أيضاً وهو الورثة؟ هذا بحثٌ أصولي أيضاً سنشير إليه والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2013/07/29
    • مرات التنزيل : 1514

  • جديد المرئيات