محاضرة ﴿341﴾
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد
بقي بحث أخير في مضمون حديث العلماء أو الفقهاء أمناء الرسل، وهو ماذا يقول الأعلام في مضمون هذا الحديث بعد ما ذكرناه؟ في المسألة أعزائي أقوال ثلاثة:
القول الأول: وهو أن يكون المراد من الأمناء أو الفقهاء يعني الأمناء على الحلال والحرام، على الأحكام الشرعية وأنه هم الورثة في هذا المجال، هذا المعنى لعله يظهر من كلمات شيخ الأنصاري في كتاب المكاسب، الجزء الثالث أعزائي ص 551، في طبعته المعروفة وهي لجنة تحقيقات تراث الشيخ الأعظم في شروط المتعاقدين في ولاية الفقيه، بعد أن ينقل الروايات يقول أن العلماء أمناء الرسل. طبعا نحن لم نجد بهذه الصيغة رواية، الرواية الواردة كانت الفقهاء أمناء الرسل، نعم وردت في كتب القوم العلماء أمناء، الآن لعله الشيخ نقل ذلك بالمضمون وإلا لا توجد عندنا رواية بهذه الصيغة، وهي العلماء أمناء الرسل، نعم عندنا الفقهاء أمناء الرسل، بعد أن ينقل الرواية وروايات من هذا القبيل مثل رواية مجاري العقول بيد العلماء، من قبيل رواية علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل، يقول في صفحة 553: لكن الإنصاف يقتضى الجزم بأنها في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية، لعله والله العالم الذي أدى به إلى أن يفسر ذلك هو ما ورد في الأمس قرأنا للأعزة ما ورد في رواية تحف العقول وحيث قال: الرواية بغض النظر عن سندها باعتبار أن روايات تحف العقول عموما مرسلة لأنها لم يذكر الأسانيد فيها، قال مجاري الأمور والأحكام على أيد العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه، إذن هنا بعد المتعلق بين بشكل الواضح وهو الحلال والحرام.
هذا الوجه أعزائي جوابه واضح وهو في ذيل هذه الروايات المعتبرة من السنة والشيعة بينت فاحذورهم على دينكم، ولا أتصور أن أحدا يستطيع أن يقول أن الدين يتلخص في الأحكام الشرعية، إذن بغض النظر عن القرائن الداخلية والخارجية الأخرى وهي حذف المتعلق أو أمناء الرسل، توجد قرينة داخلية في الرواية، وهي فاحذروهم على دينكم، إذن ليس المراد خصوص الأحكام الشرعية اللهم إلا أن يكون مقصود الشيخ من الأحكام الشرعية يعني مجموعة المعارف الدينية ومن هنا نجد أن كل من جاء وعلق على كلام الشيخ أيضا ذكر هذه النقطة، منهم أعزائي ميرزا فتاح الشهيدي الذي هذه الحاشية، حاشية ميرزا فتاح الشهيدي من الحواشي التفصيلية في بيان نكات الألفاظ، أنتم عندما تراجعون حاشية المحقق الأصفهاني حاشية الإيرواني لا يهتم كثيرا بقضية المسائل اللفظية، ولكنه ميرزا فتاح الشهيدي يهتم بذلك كثيرا، في هذه الطبعة الجديدة المجلد الثالث أعزائي في ذيل هذا البحث يقول ص 188 رقم الحاشية 2734: تقريب الاستدلال بذلك وفيه ما مر إذ قوله فاحذروهم على دينكم يصلح قرينة على كون المراد من متعلق الأمانة هو خصوص الدين والأحكام الشريعة، لا أنه يختص بالأحكام الشرعية والحلال والحرام، هذا هو القول الأول في المسألة الذي يظهر من كلمات الشيخ الأنصاري.
القول الثاني: هو القول الذي يعتقد أنه كل الشؤون المرتبطة بالأمة فإنها أوكلت إلى الفقهاء إلّا ما يتعلق بإعمال الولاية بأنه لا يكون مشمولا، ومن هنا فأصحاب القول الثاني يقولون هذه الرواية لا تدل على ولاية الفقيه، لأن الولاية تتضمن التصرف وهذه تتضمن الحفظ والأمانة، والأمانة شيء والتصرف شيء آخر، ولذا أصحاب هذا القول يقولون أن المراد من أمناء الرسل كل ما يرتبط بشؤون الأمة، ولكن في الحفظ لا في التصرف وإعمال الولاية، هذا الكلام أعزائي من رواده الشيخ الأصفهاني قدس الله نفسه في حاشيته على المكاسب الجزء الثاني ص 386 يقول: وأما كونه أمينا على الرعية فما وردت به الروايات وكونه أمينا على الحلال والحرام مع أن مقتضى كونه أمينا عليهم من قبل الشارع رعاية ما فيه صلاحهم وهو غير الولاية على التصرف في أنفسهم وأموالهم على خلاف مقتضى أدلة الأحكام، إذن هؤلاء يقبلون بأنه الرواية دالة على أكثر من مسألة الأحكام الشرعية والمعارف الدينية بل تشمل الولاية والزعامة ولكن لا بمعنى الولاية في التصرف وإنما الولاية في الحفظ فقط، نعم هو مجد للولاية بالمعنى الثاني لا بالمعنى الأول الذي هو ولاية الفقيه، وهي السلطنة على جميع الأمور المهمة المتعلقة بحفظ نظام معاشهم ومعادهم مما هو شأن رئيس كل قوم، فإنه مقتضى كونه مسئولا عن رعيته، إذن هذه درجة أوسع من مقام الإفتاء وبيان معارف الدينية أيضا فقط، هذه المرتبة التي يبينها المحقق الأصفهاني أوسع بكثير، لا يقول قائل هذه ولاية الحسبة، لا أعزائي أساسا مرارا ذكرنا أن الأمور الحسبية الولاية التي أعزائي أعطيت من قبل الشارع لم يعطي الولاية، وإنما هي تعين من قبل المجتمع، العقلاء، ونحن نتكلم في الولاية المعطاة من قبل الشارع، الأمور الحسبية حتى لو تصدى لها الفقيه هذا ليس مجعولا من قبل الشارع، وهذا ما يصرح به سيد الإمام السيد الخوئي (قدس سره) بأنه هذه ليست الولاية المصطلح يعني التي هي محل النزاع. هذا القول الثاني.
القول الثالث: وهو القول الذي يقول بأن كل المناصب التي ثبتت للأنبياء وللمرسلين من الحفظ والولاية على التصرف في الأموال والأنفس وتنظيم الحياة وحفظ الأمة وإلى آخره، كلها أوكلت إلى الأئمة، وهذه ولاية الفقيه التي يقول بها أصحاب نظرية ولاية الفقيه المجعولة من قبل الشارع، من أولئك الذين صرحوا بهذا المعنى السيد الإمام قدس الله نفسه في كتابه البيع، المجلد الثاني صفحة 473 في الاستدلال على ثبوت الولاية للفقيه بنطاقها الواسع وكيف كان قوله أمناء الرسل، يفيد كونهم أمناء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في جميع الشؤون المتعلقة برسالته، وأوضحها زعامة الأمة وبسط العدالة الاجتماعية، من أوضح مصاديق الأمانة على الأمة، وما لها من المقدمات والأسباب واللوازم هذه كلها من وظيفة الفقهاء بالمعنى الذي ذكرناه للفقهاء، فأمين الرسول أمين في جميع شؤون الرسول، وليس شأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكر الأحكام فقط حتى يكون الفقيه أمينا فيه، هذه إشارة إلى القول الذي ذكره شيخ الأنصاري، بل المهم إجراء الأحكام والأمانة فيها أن يجريها على ما هي عليه، يعني ليس فقط البيان وإنما التنفيذ والتطبيق، ليس فقط أن الزكاة واجبة أن الصلاة واجبة أن الخمس واجب، أن الحدود واجبة بل يجب عليه إقامتها في الأمة، لأن واضح أن بيان الحكم الشرعي والمعارف شيء، وتنفيذها وتطبيقها في حياة الناس شيء آخر، سيد الإمام من أولئك الذي يصرح بهذا المعنى في مواضع ومنه هذا الموضع، ومن أولئك الذين أيضا صرحوا بهذا المعنى، السيد الكلبايكاني قدس الله نفسه، في رسالته المعروفة الهداية إلى من له الولاية ، بعد أن ينقل الرواية العلماء أمناء، يقول يحتمل أن يكون المراد أمناء في نقل الرواية و بيان وظائف الأمة من الأحكام الشرعية وهدايتهم، وغير ذلك، يعني ارشاد ومشورة لا أكثر من ذلك، لكن لا يبعد دعوى أن الظاهر منها إرجاع الغير إليهم في ما كان يرجع فيه إلى الإمام عليه السلام، كل الأمور التي كان المرجع فيها الإمام المعصوم في عصر الغيبة المرجع فيها الفقيه العالم بالشروط العلمية التي ذكرناها سابقا، وأنه يتصدون ما كان يتصدىه عليه السلام، ومن الواضح أن الإمام ما كان فقط يتصدي للمعارف الدينية وللإرشاد والتوجيه، لا بل أكثر من ذلك وهم المنصوبون لذلك من قبله، إذن هناك جعل للولاية وبهذا تمتاز هذه الولاية عن الولاية الحسبية لأن الولاية الحسبية ليس فيها جعل أساسا، وهم المنصوبون لذلك من قبله كما لو قال سلطان إن زيدا أميني أو أخبر ملك رعاياه بأن فلان أمين، يفهم العرف من كلامه أن الأمور التي كانت بيده ويرجع فيها إليه مفوضة إلى أمينه فهو المرجع فيها والمتصدي لها سيما لو أخبر من قبل أن فلانا وكيلي ثم أخبر أنه أميني، من أين أثبت أنه وكيلي؟ قال لأنه ورد أن العلماء ورثة الأنبياء، وورد أنهم كذا وورد أنهم كذا، وعلى هذا فاستفادة الولاية للعلماء في الأمور العامة من أمثال هذا الخبر غير بعيد. هذا كلام السيد الكلبايكاني.
أنا عندما أنقل بعض كلمات الفقهاء لأنه أريد أن أبين أن هذه النظرية كما ذكرت مرارا للأعزة يحاول البعض أن يقول أن السيد الخميني منفرد بهذه النظرية، الآن خوفا أو احتراما لا يريد أن يقول شذ عن الإمامية، يريد أن يقول هذا قول شاذ الإمامية قول الولاية، لا عزيزي ليس الأمر كذلك، هذا هو رأي موجود عند كبار العلماء بل أكثر من ذلك، في جملة من كبار أو أعلام تلامذة السيد الخوئي أيضا كذلك، وذكرنا للأعزة هذا مرارا في الأبحاث السابقة ومنهم السيد مهدي الموسوي الخلخالي، أن هذا من أعلام تلامذة السيد الخوئي بعبارة أخرى من مدرسة النجف لا من مدرسة قم، في كتابه الحاكمية في الإسلام في صفحة 581، بعد أن ينقل الرواية يقول: فتكون نتيجة البيان المذكور، يذكر بيانين، البيان الثاني هذا: فتكون نتيجة البيان المذكور هي أن جميع الولايات أو الولاية المطلقة ثابتة للفقهاء لأن كون أحد أمينا على أي واحد من الموضوعات يوجب نوعا من الولاية المتناسبة لذلك الموضوع، والتي هي في الحقيقة نوع من الولاية على حفظ ذلك الموضوع، نكتة جدا لطيفة، يقول الرواية قالت أمناء الرسل، تعالوا معنا إلى الموضوعات التي استأمن عليها الفقهاء والعلماء، يقول: الموضوع الأول: الأحكام، أمين عليها، فالأمين على الأحكام يساوي ولاية الفتوى، إذن مجعول، أعطيت له ولاية الفتوى، ثم النبي أمين على الأمة أو ليس أمين؟ إذن أعطيت له ولاية الزعامة، النبي أمين عندما يرفع عنده مرافعات وخصومات؟ فيعطى له ولاية القضاء، ثم الأمين على الموضوعات الصرفة، يعني هذا الموضوع يحتاج إلى حكم فيعطى له الأحكام الولائية، ولاية الأحكام الولائية، الأمين على الأموال العامة يعطى له الولاية على بيت المال، إذن في كل موضوع سوف عندما يكون أمينا أعطيت له الولاية على حفظ ذلك الموضوع، إذن أعزائي إلى هنا أتضح أن جملة من الأعلام أيضا صرحوا بهذا المعنى بلا ريب ولا شك.
سؤال: ما هي خلاصة المقام؟ إلى الآن ذكرنا اتجاهات ثلاثة، سؤال: ما هو رأينا؟ الجواب مما لا نشك فيه هو الاتجاه الثالث، لما ذكرناه مرارا وتكرارا أنه لا ينبغي أن نأخذ كل نص وارد في القرآن أو في السنة النبوية أو في روايات الأئمة منعزلا عن باقي النصوص، لأن هذه الكلمات الآيات القرآنية صادرة من متكلم واحد، الروايات الصادرة عن النبي، الروايات الصادرة عن الأئمة أيضا بحكم متكلم واحد، إذن لا معنى لأن نعزلها ونجعلها كالجذر المنفصل المستقلة بعضها عن بعض، فنقول دلالة هذه الرواية بغض النظر، لا لا أبدا بغض النظر لا يوجد عندنا، لابد أن تأخذ السياق جميعا، ولذا السياق الذي أنا أنصح الأعزة الذين يريدون أن يقدموا رسائل في الأبحاث الدينية بالخصوص، يأخذوا مقولة السياق، هذه مقولة السياق ليست فقط مقولة قرآنية بل مقولة قرآنية ومقولة روائية، مع الأسف الشديد نحن إلى الآن عندما نسمع السياق ذهننا يتبادر إلى ثلاث أربع كلمات قبل الآية، خمس كلمات بعد الآية، آية قبلها وبعدها، لا أعزائي، السياق له مصاديق متعددة، من أوضح مصاديقه هذا، هذا المعنى الذي نحن مرارا نقول للأعزة أنه واحدة من أهم الإشكالات التي يوردها مخالفو مدرسة أهل البيت على مدرسة أهل البيت في الاستدلال بالآيات القرآنية على إمامة أئمة أهل البيت يقولون أن الشيعة لا يراعون سياق الآيات. إلا أنه تأتي وتقول أساسا نحن لا نوافق أن الآيات القرآنية توقيفية، تنظيمها توقيفي، إذا تلتزم بهذا جيد، أنه هذه الآية مع انه روايات سنة وشيعة يقولون أن الآية عندما كانت تنزل رسول الله يقول ضعوها في كذا ضعوها في كذا، ولهذا نحن مرارا ذكرنا قلنا انظروا إلى هذه الآية المباركة في سورة المائدة الآية ﴿ يا أيها الذين أمنوا إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ﴾ هذه من أهم آيات التي استدل بها على إثبات الإمامة، أنا الآن أتكلم قرآنيا لا أتكلم ماذا ورد في الرواية وفي شأن من نزلت؟ لا بل قرآنيا يعني بمقتضى السياق، السياق قبلها ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ﴾ إلى أن يقول قبل الآية: ﴿ يا أيها الذين أمنوا إنما وليكم ﴾ ثم يقول ﴿ يا ايها الذين آمنوا ومن يتول الله ورسوله والذين فإن حزب الله ﴾ إذن الآية تتكلم عن أنه هل يجوز تولي الكفار أو لا يجوز؟ الآية قالت لا يجوز وإنما يجب تولي المؤمنين.
وأما آية التطهير الذي مرارا ذكرناها للأعزة وقلنا أن آية التطهير الإشكالية التي يوردها علينا الآخرين لا نحن نعتقد بالإشكالية لا بل نقول الإشكالية هذه إذا كانت السياق آيات قبلها ترتبط بشيء آخر، الآية في سورة الأحزاب ﴿وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة آتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله﴾ إنما يريد الله آية مستقلة، إذن يمكن أن تفصل في السياق أو لا يمكن في الآية الواحدة؟ آية واحدة لا آية قبلها وآية بعدها. إذن قضية السياق قضية خطيرة جدا، و لابد أن تكتب دراسات قيمة، ولذا نحن قلنا أنه هم قالوا في آية الأحزاب، هم قالوا أنها مرتبطة بنساء النبي، إصرار يوجد أنها مرتبطة بنساء النبي، قلنا إذن كان مقتضى السياق هو أن يقول إنما يريد الله ليذهب عنكن الرجس يا أهالي هذه البيوت، يعني المتقدمة، ويطهركن تطهيرا، لأن السياق السابق نون النسوة أولا وكذلك بيوتكن، في بيوتكن يعني حتى البيت ما نسبه إلى رسول الله، حتى ما شرفهن بنسبة بيوتهن إلى رسول الله، لماذا هنا قال أهل البيت؟ أفرد البيت؟ وذكّر الضمير؟ ما الذي حدث؟ حيلة العاجز يقول أن هذا المقطع من الآية زجت هنا صار تلاعب بها، لا لا عزيزي، أي تلاعب لا يوجد، وإلا إذا صار بناء أنه كلما لم نستطع أن نحل المشكلة نرجعها إلى أنه فلان وفلان تلاعب بوضعها هنا حتى يضيع مضمون الآية بعد لا يستقر حجر على حجر في القرآن، لأنه أنت كلما تستدل يقول أنه أنتم مبناكم وقع فيه الحذف والتلاعب والتقديم والتأخير في السور وفي الآيات بل وفي أجزاء القرآن، إذن لابد أن هذا الباب يغلق، من هنا قد تقول لي سيدنا إذا لم تكن مرتبطة بالنساء فلم جاءت هنا؟ نحن نقول أنها ما مرتبطة بالنساء جزما بقرينتين بقرينة تذكير الضمير وبقرينة أن النساء ليسوا أهل البيت في الآية، لأن النساء بيوتكن نسبهم إلى بيوتهم، إذن لماذا جاءت؟ الجواب واضح كالشمس، أساسا لو لم يأت هذا المقطع في هذا الموضع لكانت الآية ناقصة، لأن القرآن يتكلم عن بيوت النبي وبيت علي وفاطمة من بيوته أو ليس من بيوته؟ يقينا إن لم يكن أشرف بيوته فواحدة من بيوته، فإذا لم يذكر هذا كان مشمول لكل هذا العتب الموجود في الآية، لأنه الآية تقول: ﴿ يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن﴾، إذن بيت فاطمة أيضا كان مشمول لهذا ولذا القرآن مباشرة دخل على الجواب، دفع دخل مقدر، قال هذا الذي نقوله مرتبط بنسائه لا ببيت علي وفاطمة، مباشرة قسم أهل بيت النبي إلى قسمين قسم ورد فيهم ما ورد، وقسم إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس، هذا وجه.
وجه آخر: حتى تبين أنه لو لم يرد هذا المقطع واقعا كان هناك إشكال دفع دخل مقدر لا يجاب عليه إذن هذا العتاب الوارد في الآيات، شامل لبيت علي وفاطمة هذا وجه .
وجه آخر: يا نساء النبي نحن الذي نقول من يقنط منكن لله نؤتها أجرها مرتين، فلا تخضعن في القول، وقرن في بيوتكن، هذه الأحكام الخاصة لنساء النبي لماذا؟ ما هو وجهه؟ وجهه أنكن ارتبطن برجل هذا الرجل من بيت طهره الله تطهيرا، خصوصية توجد لهذا رجل وهي أنه من مثل هذا البيت، هذا البيت الذي قال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، لابد أن يأتي هنا وإن لم يأتي لكانت الآية فيها محل إشكال، ماذا يعني زجت الآية هنا كما يقول بعض العوام، تقول لي سيدنا لماذا تقول العوام؟ أقول بيني وبين الله هذا من قلة التدبر في الآيات القرآنية لأن الآية هنا محلها، ولا يمكن أصلا ما كانت تعطي هذا المعنى العالي والشرف الرفيع لأهل البيت إذا جاءت في مكان آخر، إنما أعطت هذا المعنى لأنها ميزت بين بيوت نسائه وبين بيت علي وفاطمة.
إذن التفتوا لي، السياق هذا أحد مصاديقه، من مصاديقه مجموع الآيات المحيطة، من مصاديق السياق نفس السورة، سياق السورة ما هو؟ وهذه قضية مهمة لابد أن تلتفتوا إليها، تجدون القرآن الكريم يبدأ بالإيمان وينتهي بالإيمان في سور، مثل سورة البقرة، الذين يؤمنون بالغيب، يقيمون الصلاة، إلى أن ينتهي في آخره في الآية أواخر سورة البقرة يقول ﴿أمن الرسول بما أنزل إليه من ربه﴾، كاملا عطف العجز على الصدر، هذا عبروا عنه سياق السورة وليس سياق الآيات، وهذه من أهم معارف القرآن أن تقف على سياق سورة، بناء على هذا إذن نحن عندما نأتي إلى سياق ما قاله النبي والأئمة في شأن الفقهاء في عصر الغيبة الكبرى، اجعلوا رواية الفقهاء أمناء الرسل في هذا السياق، سياق مجموع الروايات التي وردت في بيان شأن الفقهاء في عصر الغيبة، عند ذلك بعد لا يمكنك أن تفصل بعضها عن بعض. إن شاء الله هذه القضية وهي سياق روايات علماء عصر الغيبة هذه لابد أن تقف عندها، عند ذلك نجد اللوحة واضحة ما هي مسئوليات التي ألقيت على عاتقهم.
والحمد لله رب العالمين.