محاضرة ﴿343﴾
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد
كان الكلام في بعض الأبحاث المرتبطة بمسألة ولاية الفقيه، هذه المسألة أعزائي لها أهمية خاصة في فكر مدرسة أهل البيت، خصوصا إذا علمنا أن هناك من يعتقد أن مسألة ولاية الفقيه هي من المسائل الكلامية وليست من المسائل الفقهية، فإذا قبلنا هذا التصور وهو أن هذه المسألة هي من المسائل الكلامية وليست من المسائل الفقهية عند ذلك تأخذ مسألة ولاية الفقيه بعدا عقديا وبعدا اعتقاديا، تكون من المسائل المرتبطة بولاية الأئمة ومن الواضح أن الإمامة في مدرسة أهل البيت ليس من المسائل الفقهية وإنما هي من المسائل الكلامية، هذا هو الفارق بين مدرسة أهل البيت وبين مدرسة أهل السنة، حيث ذهبوا إلى أن الإمامة هي من الفروع ولكن مدرسة أهل البيت ذهبت إلى أن الإمامة هي من المسائل العقدية، إذن أعزائي هذه المسألة بالإضافة إلى أبعادها العملية والابتلائية وأنها داخلة في عمق الأمور المعاشة للإنسان المؤمن في عصر الغيبة الكبرى لها أبعاد كلامية أيضا على بعض المباني لعلنا سنشير إلى ذلك.
يتذكر الأعزة في البحث السابق قلنا بأنه الفارق الأساس بين المنهج الذي نتبعه وبين المنهج الذي بنا عليه السيد الخوئي من تبعه من تلامذته هو أن المنهج الذي نتبعه في هذه المسألة وما يناظرها هي المنهج الموضوعي وهو أن نأخذ مجموعة من الروايات الواردة في هذه المسألة ولا ننظر إلى الروايات نظرة تجزيئية كما هو الحال في التفسير التجزيئي والتفسير الموضوعي من هنا تختلف الرؤية في هذا المنهج عن الرؤية في ذلك المنهج، هذا المنهج عند ذلك ينظر إلى هذه المجموعة كوحدة واحدة ولكن ذلك المنهج ينظر إلى هذه المجموعة كجذر مستقلة بعضها عن بعض كما يتذكر الأعزة هذا البحث طرحناه في بحث الخمس في روايات التحليل، السيد الخوئي قال والعمدة فيها روايتان فقط، لأن المنهج منهج تجزيئي لم يتم عنده من حيث السند إلا رواية أو روايتين أو ثلاث ولكن عندما ننظر إلى روايات التحليل ننظر أنها تتجاوز 20 أو 30 رواية، إذن أعزائي النظر إلى مجموع ثلاثين رواية تختلف عن النظر إلى روايتين، لأنه كثير من القضايا سوف تغيب في هاتين الروايتين، بخلاف ما لو نظرنا إلى المجموع بما هو مجموع، وهذا منهج واقعا قلنا مرارا لا هو نافع في الأمور الفقهية ولا هو نافع في الأمور العقائدية ولا هو نافع في الأمور التفسيرية فضلا عن باقي المسائل، إذن أعزائي في الرتبة السابقة قبل الدخول إلى عملية الاستنباط في أي دائرة معرفية عين المنهج، منهجك تجزيئي أو منهجك موضوعي؟ فإن كان تجزيئي له قوانينه وإن كان موضوعي له قوانينه الأخرى، هذه القضية الأولى.
القضية الثانية التي أشرنا إليها تحرير محل النزاع في ولاية الفقيه، أشرنا بأنه من الأخطاء الشائعة التي تدل على جهل قائليها أنهم يتصورون أن الولاية الحسبية هي الولاية التي يقول بها أصحاب نظرية ولاية الفقيه، وهذا لا أقل يدل على جهل هؤلاء بعدم فهمهم لولاية الفقيه، لأن ولاية الفقيه المبحوث عنها هي ولاية شرعية مجعولة من قبل الشارع كالولاية الشرعية المجعولة من قبل الله للنبي، كالولاية الشرعية المجعولة من قبل الله للأئمة، هذه الولاية أيضا مجعولة إما من قبل الله على توجه وإما من الإمام المعصوم بحكم ولائي كما نحن اخترنا، ولكنه مجعول شرعي، وهذا بخلافه في الولاية الحسبية الذي قلنا عنه أساسا ولاية مدنية وليست ولاية شرعية، يعني بعبارة أخرى الآن يوجد بعض العلماء يقولون إذا ذهبتم إلى بلد وتوجد فيه قوانين يجب مراعاة قوانين ذلك البلد ولكن هذا الوجوب ليس هو الوجوب الشرعي وإنما هو الوجوب النظامي لتنظيم الحياة وهذا غير الوجوب الشرعي الذي مخالفته يؤدي إلى العقوبة الأخروية، ولذا ميزنا بين الولاية الشرعية، قلنا والراد عليهم كالراد على الله وأنهم حجة ونحو ذلك وهذا بخلافه في الولاية الحسبية، ولهذا نفس السيد الخوئي والسيد الإمام وغيرهما قالوا بأنها ليست ولاية شرعية. المسألة الأخرى التي ترتبط بتحرير بمحل النزاع وهو أنه من الواضح ذكرنا أن الولاية المبحوث هنا عنها هي الولاية الاعتبارية التي هي قابلة للجعل الاعتباري والعزل الاعتباري، المقصود هنا، وهذا بخلافة في الولاية التكوينية، فإن الولاية التكوينية لا هي مجعولة بجعل شرعي ولا هي قابلة للسلب الاعتباري، الذي عنده الولاية التكوينية لا يمكن لأحد لا أن يعطيها إياه إلا بإعطاء تكويني وجعل تكويني ولا يمكنه أن يسلبها عنها إلا بسلب تكويني، الآن جنابك عندك ولاية تكوينية ولكن ولايتك التكوينية في محوطة وجودك في النفس، النفس لها ولاية على الأعضاء، إذن النفس لا تأمر هذه اليد أن ارفع كذا، لو ألف قانون يصدر من الآخرين وهو لا يريد أن يرفع لا يرفع، لا يستطيع أحد بالجعل التشريعي أن يوجد ولاية تكوينية ولا يمكنك بالسلب التشريعي أن تسلب الولاية التكوينية، إذن محل البحث ليس في الولاية التكوينية التي لا هي قابلة للجعل التشريعي ولا هي قابلة للسلب التشريعي، ولذا نحن ذكرنا مرارا أننا نعتقد بسنخ من الولاية لعلي وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام لا هي جعلت في الغدير ولا هي سلبت في السقيفة، الذي جعل في الغدير هي الولاية الشرعية، والذي غصب في السقيفة هي الولاية الشرعية وإلا ذيك الولاية التكوينية لا هناك جعلت، لأنها كانت موجودة قبل ذلك، تحصيل للحاصل، ولا أيضا استطاعوا في السقيفة كالعلم، فإنه العلم لا قابل للجعل التشريعي ولا للسلب التشريعي، وهذا أيضا واضح، ولذا طبعا كل الأعلام أشاروا إلى هذا يعني الإخوة يتذكرون الميرزا النائيني قدس الله نفسه في كتابه المكاسب والبيع، تقريرات الآملي، الجزء الثاني ص 332، يقول: الولاية التكوينية وهذه المرتبة من الولاية مختصة بهم وليست قابلة للإعطاء، المراد قابلة للإعطاء يعني ليست قابلة للإعطاء التشريعي، لا ليس قابلة للإعطاء التكويني وإلا قابلة للإعطاء التكويني، يعني الإمام يستطيع بولايته التكوينية أن يعطيني ولاية تكوينية، لا يمكن أن تعطى يعني لا يمكن أن تعطى بالجعل التشريعي ولا يمكن أن تسلب، طبعا غير موجود لغيرهم هذا التعبير مسامحي ذكرنا مرارا أن هذه العبارات صدرت من الميرزا وفيها تسامحات كثيرة وإلا كل واحد من عندنا يملك ولاية تكوينية، نعم دائرة الولاية قد تضيق وقد تتسع، أصلا لا يمكن لموجود يوجد إلا وعنده ولاية حتى النمل، حتى البقر حتى الغنم كله عنده ولاية تكوينية، لأنه هو يتصرف في قواه، وهذا كن فيكون، الولاية التكوينية هي أن يقول كن فيكون، الآن أنت تقول لعينك انظر وهو لا يمكن أن يتخلف، طبعا يكون في علمكم أن هذه القوى في الآخرة تسلب على الإنسان، يعني لا تأتمر بالنفس وتكون مستقلة، ولهذا يعترض الإنسان على قواه وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا، إذن هذه الشهادة لم تكن بإذنه هذا معناه أن القوى سوف تكون لها وجود مستقل وهذا بحث مهم وهو أنه كيف يكون العرض هناك مستقلا وجوهرا له بحث في المعاد وليس هنا.
نفس هذا المعنى أشار إليه السيد الإمام قدس الله نفسه في كتاب البيع المجلد الثاني صفحة 483، قال وقد مر أنه ليس المراد بالولاية هي الكلية الإلهية التي دارت في لسان العرفاء وبعض أهل الفلسفة بل المراد هي الولاية الجعلية الإعتبارية كالسلطنة العرفية وسائر المناصب العقلائية إلى آخره.
المسالة الثانية في تحرير محل النزاع، لأنه إلى الآن نحن بينا بعض الخصوصيات ولكنه باعتبار أنه في آخر هذه الأبحاث نريد أن يتضح المعركة أين؟ بين المثبتين وبين النفي؟ القضية الثانية أن الولاية التشريعية قد تطلق ويراد بها أحد أمرين: أو يراد بها إما الولاية على التشريع وإما الولاية في الأمور التشريعية؟ ميزوا بينهم بنحو على وبنحو في، إما الولاية على التشريع وإما الولاية في الأمور التشريعية، أما القسم الأول وهي الولاية على التشريع لا إشكال ولا شبهة أنه أولا وبالذات الولاية على التشريع إنما هي لله سبحانه وتعالى هو له حق التشريع، لا يحق لأحد أن يشرع إلا ما شرعه الله، هنا وقع البحث إذا تتذكرون، أن حق التشريع أعطي للنبي والأئمة أو لم يعطى؟ يتذكر الأعزة في أبحاث سابقة نحن من أولئك الذين قلنا نعم أن النبي له حق تشريع التشريعات الثابتة على حد التشريعات الإلهية ولا يمكن لأحد لا أن يزيد عليها ولا أن ينقص منها، يعني النبي (صلى الله عليه آله) زاد في الثنائيات في الظهر والعصر والعشاء ركعتين، فصارت رباعية كما صريح الروايات الصحيحة، هذه تشريع ولاية على التشريع، عنده ولاية يستطيع أن يشرع، وإذا شرع يجب على الجميع ومخالفته على حد مخالفة التشريعات الإلهية، لا أتكلم عن التشريعات الولائية التي هي متغيرة من زمان إلى آخر، لا بل التشريعات الثابتة التي هي جزء من الشريعة، من الأحكام الثابتة، هذا الحكم وهذا القدر أيضا قلنا ثابت للأئمة وهي الولاية في التشريع، ولاية الفقيه تشمل الولاية على التشريع؟ الجواب كلا وألف كلا، ليس للفقيه ولاية على التشريع أبدا، نعم إذا أعطي الولاية فله ولاية في الأحكام الولائية التي هي ليست جزء من الشريعة وإنما هي تابعة لظروفها الزمانية والمكانية وشروطها، لا يمكن لفقيه بلغ ما بلغ، لا شيخ الأنصاري ولا الشيخ الطوسي ألف واحد منهم بعضهم على بعض لا يحق لهم أن يزيد في حلاله (صلى الله عليه آله) شيء و أن ينقص من حلاله وحرامه شيء، لأن هذه الولاية إنما ثبتت وهي الولاية على التشريع إنما ثبتت لله أولا وبالذات وأعطيت بأدلة خاصة للنبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام على خلاف حتى بالنسبة إلى الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام.
النحو الثاني من الولاية الذي نصطلح عليها بالولاية في التشريع لا الولاية على التشريع، أعزائي هذه هي الولاية التي هي محل النزاع، وهي أن الفقيه أعطي الولاية في عصر الغيبة أم لم يعطى الولاية؟ ولكن هذه الولاية أيضا علي نوعين، احفظوا هذه المسائل لأنهم أنتم عندما تراجعون كلمات الفقهاء الذي أثبتوا ونفوا وناقشوا وعارضوا واقعا في الأعم الأغلب تجد أن محل النزاع لم يحرر جيدا، محل النزاع الآن أبينه للأعزة.
النوع الأول: وهو ولاية الفقيه على أمور المولّى عليه العاجز في نفسه من تشخيص مصالحه المادية والمعنوية، هو لا يستطيع أن يشخص، مثل السفيه، الصغير، المجنون، المعتوه، الميت، عشرات الموارد، هل الفقيه له ولاية على أمور هؤلاء أو لا؟ وعندما ننظر إلى هذا المجموع وهو السفيه والصغير والمجنون والميت والمفلس والمحجر إلى آخره نجد أن كل هؤلاء يشتركون في خصوصية وهو أنه هم لهم القدرة على التشخيص أو ليست لهم القدرة على التشخيص؟ ليس لهم القدرة، يعني أن الولي هو ولي على مولّى عليه عاجز في نفسه. ولهذا أنتم تجدون أن العلماء الذين قالوا بالولاية كثير منهم قائل بالولاية على هذا القدر لا أكثر.
النوع الثاني هو الولاية على أناس لهم قدرة على تشخيص مصالحهم، هم عقلاء أصلا، عاقل بالغ رشيد يستطيع أن يشخص مصالحه الفردية والعائلية و… ولكن الفقيه مع ذلك ولي عليه، من هنا تجد أن جملة من أولئك الذين أنكروا ولاية الفقيه اختلط عليهم أمر هذين الولايتين، قالوا هذه الولاية الثابتة في الشارع ثابت لمن هو عاجز، أما إذا كان هو بالغا عاقلا رشيدا لا معنى لأن يعطى الولاية إليه، لا معنى لأن يعطى لشخص بالغ عاقل رشيد، ولهذا اضطروا هؤلاء أن يقولوا أن مرجعية الولاية ولاية الفقيه إلى الوكالة، قالوا أنه الفقيه الوكيل والموكل متى ما يريد يعزل وكليه، منشأ الشبهة تصوروا أن الولاية الثابتة للشارع أو الثابتة من الشارع في هذا النوع الثاني هي على من هو عاجز أما على من كان عاقلا رشيدا بالغا يعتبر نفسه عقل الكل، لا معنى لأن يكون عليه وكيل، أو يكون عليه ولي، هذا هو النوع الثاني من أنواع الولاية. ولذا تجدون الشيخ الأعظم قدس الله نفسه في كتاب القضاء والشهادات يشير إلى أمرين في صفحة 48 و 49، يقول: ومنه يظهر كون الفقيه مرجعا في مثل الموقوفات وأموال اليتامى والمجانين والغيب، هذه إشارة إلى النوع الأول من الولاية في التشريع، أما يأتي إلى النوع الثاني يقول ثم إن الظاهر نفوذ حكم الفقيه في الأمور التي هي من قبيل قول السلطان لأهل بلده جعلت فلان حاكم عليكم، لا يتبادر إلى ذهنك هذه ذيك، ولذا جملة من فقهاء الإمامية اقتصروا على النوع الأول وتصور أصحاب النوع الثاني أن أولئك قائلين بولاية الفقيه، مع أنهم ليسوا قائلين بولاية الفقيه بالنوع الثاني، ولهذا الآن تجدون أن البعض يشكل لماذا تقولون أن الإمامية قائلين بولاية الفقيه هؤلاء خلطوا بين القسم الأول والقسم الثاني، النوع الأول والنوع الثاني، قد يكون فقيه قائل بالولاية في النوع الأول من الولاية في التشريع لا الولاية على التشريع، وقد يكون قائل بالنوع الأول والثاني ومحل النزاع في النوع الثاني لا في النوع الأول، طبعا بعض واقعا ليس فقط وقعوا على اليمين، صاروا أقصى يمين اليمين مثل السيد الخوئي، أنكروا الولاية فيهما معا، قالوا لا في النوع الأول ولا في النوع الثاني، وهذا نادر بل شاذ في مدرسة أهل البيت، ولهذا يقول لم تثبت له الولاية على الإطلاق، إلا الإفتاء فقط، تقول إذن أمور الغُيب والمساكين ومن لا ولي له و… إلى آخره يقول هذه كلها أمور حسبية، ونحن بينا أن الولاية الحسبية ليست ولاية شرعية، وما يتعلق بالنوع الأول من الولاية في التشريع يعني على الغيب والمجانين والسفهاء والمعتوهين و… هذه تقريبا إجماع علماء الإمامية، قديما وحديثاً، لا يوجد أحدٌ يخالف فيها، نعم فيما يتعلق بالنوع الثاني من الولاية في التشريع التي هي الولاية على المجتمع، التي هي زعامة الأمة، التي هي إدارة الأمة، هنا واقعاً فقهاء الإمامية بعضهم قالوا بهذه الولاية وبعضهم لم يقولوا، والقائلون بهذه الولاية بعضهم وسعوا دائرتها وبعضهم ضيقوا دائرتها، فمن الموسعين أمثال صاحب العوائد والميرزا النائيني والسيد الإمام و… ومن المضيقين السيد محمد باقر الصدر الذي يقول أن الولاية في منطقة الفراغ وليس أكثر من ذلك، واضح في الولاية الآن أن محل النزاع أين؟ إذن أعزائي إلى هنا اتضح أن محل الإشكال والنقض والإبرام أين، وكل هذه الآيات التي تتلزمت عن ولاية النبي والأئمة لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ أنها تتكلم عن النوع الأول من الولاية في التشريع، النبي أولى بالمؤمنين، لا أولى بالغُيّب والمجانين والمعتوهين، ليس بهذا الشكل، بل بجميع المؤمنين، وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله أن يكون لهم الخيرة، هذه مرتبطة بهذا النوع الثاني، إنما وليكم الله، هذا مرتبط بالنوع الثاني، من كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه، هذا مرتبط بالنوع الثاني، من كنت أنا وليه فهذا عليٌّ وليه، مرتبط بالنوع الثاني، أنت ولي كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ بعدي، هذا مرتبط بماذا؟ وهذا هو البحث فيه في ولاية الفقيه ونحن بحثناه هنا ووقفنا عنده تفصيلاً أنه أعطيت هذه الولاية أم لا؟ نعم يبقى هنا سؤال وهو أنه فيما يتعلق بالعاجز والسفيه والمجنون والغائب يعطى الولاية حتى يراعي مصالح ذلك الإنسان، إذن فيما يرتبط بالعاقل وفيما يرتبط بالرشيد البالغ لماذا يعطى الولاية عليه؟ ما الضرورة لإعطاء الولاية عليه؟ الجواب: (التفتوا لي جيداً) لأمرين: الأمر الأول: أنه في النوع الأول أن هؤلاء المولّى عليهم لهم دور أم ليس لهم دور؟ الغائب له دور في إعمال الولاية أم لا؟ ليس له دور، أصلاً ليس بموجود، الميت له دور أم لا؟ ليس له دور، المجنون له دور أم لا؟ ليس له دور أبداً، فإذا أردنا أن نعبر فلسفياً عبروا عنه أنه المولّى عليه في النوع الأول هو محل إعمال الولاية، أما في النوع الثاني ليس هو محل إعمال الولاية بل هو مصدر إعمال الولاية، يعني ماذا؟ يعني يريد أن يوجه هذا المجموع إلى الكمال المراد للمجتمع الإسلامي، كيف؟ (وهذا هو الأمر الثاني) يعني أن هذا الشخص بما هو فردٌ يستطيع بما هو عاقلٌ بالغٌ رشيدٌ يحفظ مصالحه الفردية فقط أم المصالح الاجتماعية يأخذها بعين الاعتبار أم لا؟ جزماً لا يأخذها، يقول والله الآن أنا عندي أموال تسع مئات آلاف بل مليارات عندي، وفقراء يموتون جوع، يقول ما عليّ، أنا الذي عليّ أن الحقوق الشرعية أعطيها فما زاد أنا مسئول أم لا؟ لا لست مسئول، هذا النظر إلى البعد الفردي، أنا الآن أحتكر وهذا الاحتكار من حقي، الناس مسلطون على أموالهم، الآن الآخرون يتضررون… فليتضرروا، ما هو علاقتي بضررهم، أنا لم أفعل شيئاً حراماً فالشارع قال الناس مسلطون على أموالهم، سؤال: عندما تتزاحم هذه المصالح الفردية مع المصالح الاجتماعية من المسئول عن تقديم بعضها على بعض؟ لا يمكن أن نقول لنفس الأفراد أنت ضع قدمك على مصالحك الفردية، هذا لا يمكن، إلا إذا كانوا ملائكة الذين لا يعصون الله في أمر. إذن هنا يدخل دور الحاكم، دور الزعيم، دور الإمام، دور السلطان، وهذا الذي تجدوه، وهذه قضية عقلائية، الآن أنت عندما تذهب إلى أيّ مجتمعٍ حتى لو لم يؤمن بوجود الله ولا يؤمنوا بتشريعاته وإن كان حكمهم حكماً مدنياً، ولكن تجد أن الحاكم والسلطان والرئيس والملك والأمير وغيره، سمه ما شئت، يقوم بماذا؟ لا أنه يقول له أنت لا تشخص مصالحك الفردية، يقول له أنت تعيش في ضمن مجتمعٍ لابد أن تراعي المصالح الاجتماعية، من قوانين المرور إلى قوانين الجنسية إلى قوانين الأمن إلى قوانين الاقتصاد إلى قوانين البنوك… هذه كلها ينظر فيها النظر الفردية أم الاجتماعية؟ ينظر إليها انظر الاجتماعية. من المسئول عن تشخيصها أولاً وتنفيذها في حياة الناس ثانياً؟ هذه هنا تأتي نظرية الولاية، هنا يأتي الحاكم، الإمام المعصوم أو النبي، ماذا يقول؟ يقول الآن الظروف تقتضي الحرب، خلاص، مولانا الحرب فيها دماء وفيها تدمير وفيها قتل الأنفس وهتك الأعراض وهدر الأموال و… يقول مصلحتكم أنتم أن تحاربوا الآن، وقد يشخص العكس، يقول ماذا؟ مصلحتكم أنتم الآن أن تدخلوا في السلم، ولهذا تجدون رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان هو المسئول عن تشخيص الحرب والسلم، لا أنه يقول والله أنا مشخص أنه لابد أن تصالحوا والأمر إليكم، لا ليس الأمر إليكم، رغم أنفكم لابد أن تصالحوا، أنا مشخص أنه لابد أن تحاربوا والأمر إليكم، أنا فقط أعطي فتوى بأنه الآن المصلحة أن تحاربوا، تقول لا، بيني وبين الله نذهب ونتفق مع الصهاينة ونخلّص أنفسها، لا، ليس فتوى وإنما إعمال الولاية، لا أدري هل استطعت أن أوصل المطلب إلى الأعزة أن محل النزاع في ولاية الفقيه أين؟ محل النزاع ينحصر في هذا النوع الثاني، لا في الولاية الحسبية أولاً، لا في الولاية التكوينية ثانياً، لا في الولاية على التشريع ثالثاً،: لا في الولاية في التشريع على المولّى عليه العاجز رابعاً ، وإنما في الولاية في التشريع في النوع الثاني.
إذن أعزائي إذا اتضح الآن محل النزاع في ولاية الفقيه الآن عندما تدخل أنت إلى الأدلة لابد أنه بعدُ تصنف الأدلة، أنظر هذا الدليل يدل على أيّ نوعٍ من أنواع الولاية؟ إذا يدل على الولاية على التشريع: لا هذا مختصٌّ للنبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) إذا يدل على الولاية في التشريع من النوع الأول: هذا موجودٌ وكل فقهاء الإمامية يقولون هذا ومن لم يقل به بحسب الدليل الشرعي اضطر أن يقول به في الولاية الحسبية كالسيد الخوئي، لأنه أساساً إقامة مجتمع بلا ولاية أصلاً ممتنع عقلاً، ليس بممكن، ولذا السيد الخوئي وإن أغلق الباب على نفسه من خلال الدليل الشرعي ولكن فتح الباب على نفسه من خلال الولاية الحسبية، لأنه لا طريق له غير ذلك، لأنه لا يمكن المجتمع أن يعيش بلا قضاء، محالٌ هذا، ولذا هو قال ليس عندي دليل على ولاية القضاء شرعياً ولكن أؤمن بها أن المجتمع لا يمكن أن يعيش بلا قضاء لأن المنازعات قائمة فيه، إذن أنا أؤمن بولاية القضاء لا من باب الولاية الشرعية بل من باب الولاية الحسبية، وهكذا في الغُيّب، بل أكثر من ذلك، السيد الخوئي أنا أتصور هذه القضايا وصل إليها في أواخر حياته يعني عندما مر بتجارب وخرج عن دائرة فقط الأدلة، عندما أتى إلى الواقع قال حتى بالجهاد الابتدائي بالولاية الحسبية، ومن الواضح أن الجهاد الابتدائي هو من النوع الثاني من الولاية في التشريع لا من النوع الأول، قال بها ولكن قال الدليل الشرعي لم يدل ولكن لا يمكن لمجتمعٍ أن نحرمه عن الجهاد الابتدائي فضلاً عن الجهاد الدفاعي، إذن أعزائي إلى هنا أتصور أن القضية اتضح فيها محل النزاع جيداً، تبقى عندنا مسألتين أو ثلاثة إن شاء الله في هذه اليومين والثلاثة ننتهي منها حتى إن شاء الله بعد التعطيلات نبدأ بإذن الله تعالى بحثٌ آخر، وهو أن مسألة ولاية الفقيه بهذه الأهمية والعظمة التي أشرنا إليها التي تعادل كل كتاب الصلاة وكل كتاب الصوم وكل كتاب الحج وكل كتاب الزكاة وكل كتاب الخمس وكل الفروع، بدليل الروايات أنه، وما نودي بشيءٍ كما نودي على الولاية، لأنها المفتاح عليهن، وهذه ليست… إلا أن يقول واحد أنها في زمان حضور الإمام الناس والمجتمع يحتاج إلى إمام أما في زمن الغيبة الأمة لا تحتاج إلى إمام وهذا لا يقولوه إلا (بيني وبين الله) من يوجد خللٌ في عقله، وإلا كيف يمكن أن نقول أن المجتمع في تلك العصور البدائية كان يحتاج إلى إمام ولكن في هذه الظروف المعقّدة لا يحتاج إلى إمام، ولذا قلت لك أن السيد الخوئي الذي أنكر، ولم أجد أحدٌ أنكر الولاية في التشريع بكلا معنييه إلا من؟ وإذا وجدتم أحد دلوني عليه، أنا أتحدى الأعزة القائمين الذين يدافعون عن منهج السيد الخوئي، فليذهبوا وليأتوا وليقولوا سيدنا هذا أيضاً شخصٌ لا يقبل، نعم إلا بعض أواسط تلامذته كما قلت مراراً، وإلا أعلام تلامذته أيضاً لم يوافقوه، ولهذا السيد الخوئي الذي أنكر بالدليل اضطرّ أن يقبل بالولاية الحسبية لأنه لا يمكن إقامة المجتمع بلا إمامةٍ وبلا حاكمية و سلطان، المسألة الأخرى التي سأبحثها للأعزة وهي أن هذه المسألة (مسألة ولاية الفقيه) هل هي مسألة كلامية أم أنها مسألة فقهية؟ إلى غد والحمد لله رب العالمين.