نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (346)

  • دروس خارج، فقه {346}

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    قلنا بالأمس أنه هناك بحث يعد مفتاح من مفاتيح عملية الاستنباط بل يمكن أن يقال أنه يعد من أهم مفاتيح عملية الاستنباط، ولا أبالغ إذا قلت أنه يعد أهم مفاتيح عملية الاستنباط، لأن المفاتيح كالقواعد كالمسائل أهميتها على مراتب، هذا الذي أريد أن أشير إليه وإن كان لعله على خلاف المذاق العام في الحوزات العلمية، إلا أنه يعد من أساسيات كيفية تعاملنا مع النصوص الدينية، أنتم تعلمون بأن الدائرة التي نحن نعمل عليها هي النص الديني، ليس عندنا عمل آخر بل عملنا الأساسي علماء الطبيعة أو الطبيعيات مجال عملهم التجربة والمختبر، مجال عملنا نحن والدائرة التي نتحرك فيها ونتعامل معها هي النص ديني أعم من أن يكون نصا قرآنيا أو أن يكون نصا نبويا أو أن يكون نصا ولويا، صادرة من الأئمة بناء على مباني مدرسة أهل البيت، وإلا بناء على مباني مدرسة أهل السنة يقتصرون على النص القرآن والنص النبوي وإن كان يحاول البعض أن يوسع الدائرة لنص الصحابة أيضا ذلك بحث آخر، ولكن الدائرة العملية عندنا هي النصوص الوحيانية أعم من أن تكون وحيا إلهيا مباشرا كما هو النص القرآني أو وحيا إلهيا غير مباشر كما يقال في النص نبوي الصادر من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) إذا كان الأمر كذلك يوجد هنا بحثان:

    البحث الأول: هو أنا وأنت وكل من لم يكن معصوما، إذن المعصوم خارج من هذا البحث الأول، في البحث الأول نتكلم في العالم الديني غير المعصوم هل أننا عندما نتعامل مع أي نص ديني، بالمعنى الذي اشرنا إليه، هل أن العالم الديني يتأثر بموروثه الفكري والثقافي والاجتماع والظروف التي تحيط به فيقرأ ويفهم النص من خلال نظارة هذا الموروث أو أنه يستطيع أن يجرد نفسه ويفهم هذا الموروث؟ أنت تعيش في ظروف، في الجهمورية الإسلامية هنا، أو تعيش في القرن 20 وأواخره، يقينا أن الظروف الفكرية الثقافية الاجتماعية السياسية المكانية الزمانية كل هذه المجموعة موجودة وهي تختلف عن الموروث الذي كان قبل 5 قرون وهي تختلف عن الموروث الذي كان قبل 10 قرون والذي كان في صدر الإسلام، أنا عندما آتي وأحمل هذا الموروث وأتعامل مع النص الديني هل أن موروثي يؤثر في فهمي على النص أو لا يؤثر؟ له مدخلية أو لا؟ إذن البحث الأوّل مرتبط بي وبك، الآن جنابك حتى نقرب من أفضل الطرق للتعريف والتمثيل، الآن أنت تضع هذه النظارة على عينك، إذا كانت بيضاء ترى الأبيض أبيض أما إذا كانت هذه النظارة حمراء أو صفرا هل ترى الأبيض أبيض أو أحمر؟ محال، تقول الذي أراه أحمر أعلم أنه ليس بأحمر ولكن تراه أحمر، أعزّائي هل أن الموروث الفكري، الفلسفي العقائدي، الديني، الاجتماعي إلى آخر القائمة الطويلة، عندما تقرأ نصا تريد أن تفهم نصا دينيا، هل أن هذه النظّارة تؤثر على فهمك واستنباطك أو لا؟ لا يوجد أحد يحترم عقله يقوله أنا أستطيع أن اجرد نفسي عن كل شيء وأقرأ النص كما هو، هذا معناه يكون جاهلا، والجاهل أيضا له موروثه الاجتماعي والفكري والعادات والتقاليد وإلى غير ذلك، ولذا يوجد بحث وهذا ما يسمى بالقراءة التاريخية للعالم، يعني أن العالم يتأثر بموروثه الثقافي والاجتماعي عندما يفهم نصا دينيا، كل من التفت، من يلتفت إلى تصور المحمول والموضوع يصل إلى هذه النتيجة يقول لا يمكن أن لا يتأثر بذلك، أنقل لك عبارة جيدة من الشيخ المطهري في مجموعة آثاره في المجلد عشرين ص 181، هذه العبارة جدا مهمة، هناك تحت عنوان في أصل الاجتهاد في الإسلام وعنوانه بالفارسي: تأثير جهان بيني فقيه در فتواهايش، تأثير الرؤية الكونية على الفتاوى الفقهية، فقط الرؤية الكونية، الآن إذا دخلت العادات والتقاليد والزمان والمكان أيضا تؤثر، انظر إلى عبارته يقول: يقول: إذا قايس أحمد فتاوى الفقهاء واحدة مع بعض ونظر إلى الأحوال الشخصية لكل فقيه، هذا أين كان يعيش؟ في أي بلد، في بلد صحراوي أو في بلد يكثر فيها ماء ونخيل، يعيش في مكان فيه قلة الماء أو في مكان وفور المياه؟ ونظر إلى الأحوال الشخصية وطريقة تفكر أو فكر كل واحد منهم ونظر إلى السوابق الذهنية ووقف على كل المعلومات المرتبطة بالفقيه ينتهي إلى هذه النتيجة: يرى أن الفقيه العربي فتاواه تشم منها رائحة العروبة، وأن الفقيه الفارسي فتاواه تشم منها رائحة الفرس، ما علاقته؟ يقول محال يستطيع أن يتجرد من كل وضعه، فتوى العربي يشم منها رائحة العرب، وفتوى عجم يعطي رائحة العجم، إذن هذا العجمي إذا يعيش مع العرب يعطي فتاوى في عالم آخر. لا يمكن لأنه هو متربي في بيئة غير تلك البيئة، أصلا لا يعرف قواعدها تقاليدها آثارها أعرافها، ويقول: فتوى القروي يشم منها رائحة القرويين، لأنه هو أصلا متربي في بيئة غيره تلك البيئة، وفتوى الذي يعيش في المدينة فتواه ماذا؟ هذه القضية آخذ منها نتيجة، هذه قضية دعوى أن الإنسان لابد أن يأتي إلى النص الديني وهو مجرد هذه شعارات وإلا محال أن يكون مجرد عن كل خلفياته، ولذا أنتم تجدون أنت عندما تقرأ تفسير السيد الطباطبائي لو أنه ألف مرة ينظف تفسيره أنت تشم منه رائحة الفلسفة، لأنه خلفيته خلفية فلسفية، محيي الدين إذا أراد أن يكتب التفسير محال أنه يتجرد من مبانيه العرفانيه، الزمخشري إذا كتب تفسير لا يستطيع أن يتجوز مبانيه البلاغية، غير ممكن، تفسير الرازي تجد كل مباني الأشاعرة فيه، لأنه فهمه فهم قائم على هذا الموروث، الآن قد يستطيع عشرة بالمائة ينقح يدقق ولكنه في النتيجة، بناء على هذا ما معنى الشهرات والاجماعات؟ أبدا ليس لها قيمة، الشيخ طوسي كان في زمانه يفهم شيء، العلامة يفهم شيء، هذه القضية هناك مجموعة من الدراسات الأخيرة يعني في القرن الأخير في القرن 20 حاولت أن تعمم نظرية الموروث على الأنبياء أيضا، تقول الأنبياء صحيح يقولون أننا مرتبطين، النظريات الماركسية مثلا قالت النبوات والكتب أيضا هي نتيجة الواقع الذي وجدوا منه، فلا يصلح لواقع لآخر، ولذا تجدون بأنه كل مائة سنة أو 200 سنة النبوات تتغير، هذا معناه أنه تلك النبوة التي انطلقت من واقع معين الآن انتهى دورها، لابد أن يبدأ دور نبوة أخرى، وهذا هو الذي يصطلحون عليه بأن الدين له تاريخ مصرف معين، فبمجرد انتهاء تاريخه بعد لا ينتفع به، هذا يسموه تاريخية الدين، أن الدين أمر تاريخي، يرتبط بتاريخ معين وينتهي.

    يوجد دراسة مفصلة في هذا المجال حاولت أن تقرأ النبي الأكرم وقرآنه وسنته ثم قرأت القرن الأول الهجري ثم الأشاعرة ثم المعتزلة ثم الإمامية ثم الفلاسفة ثم العرفاء إلى نهاية عصر ابن سينا أرادت أن تقرأها قراءة تاريخية، كيف أن مقتضى تلك الظروف كانت تقتضي الأفكار؟ كتاب النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية، هذا واحد من كبار المفكرين الماركسيين، حسين مروة، هذا الكتاب الطبعة الرابعة 1981، الكتاب في ذلك الزمان مطبوع بمجلدين كبيرين بحدود 1700 ص، طبعة حجري، وفيه بحث تفصيلي لهذه القراءة المادية، هو في المقدمة يقول في الجزء الأول من كتابه: هذا الكتاب يقدم طريقة في التعامل مع التراث الفكري العربي الإسلامي، خصوصيته أن كل من قرأ التراث العربي الإسلامي قرآنا فلسفة فكرا كلاما عرفانا قرأه على أساس الميتافيزيقي، يعني أنه هذا فيه أصل إلهي نحن نريد أن نقرأه على أساس تاريخي، أن هذا نتاج الواقع التاريخي. إذا أضرب أمثلة تجد أنه فتوى جملة من الأعلام بدأ يأخذ هذا المنحى، قبل فتوى الحكيم بطهارة أهل الكتاب تقريبا يوجد إجماع على نجاستهم، الآن عموم الفقهاء الذي يعيشون هذا العصر يقول بطهارة أهل الكتاب، واطمئن بعد عشرين أو ثلاثين سنة يقولون بطهارة الإنسان، ما هو السبب أنه قبل هذا العصر يقولون هكذا؟، النصوص نفس النصوص، نفس الحالة التي وجدتهم بالنسبة إلى منزوحات البئر إلى زمن الحلي منزوحات واجبة بعد ذلك لا، ما هو السبب؟ ما الذي تغير؟ فهم الفقهاء تبدّل، باعتبار أنّه هذه الظروف المحيطة بدأت تؤثّر في فهم النصّ، هذا بحث ولذا تجدون في البحث الأوّل أنا قلت هذا الكلام إنّما يجري في غير المعصوم، طبعا على الرؤية الاعتقادية التي نحملها وإلّا على الرؤية غير الإلهيّة وغير الاعتقادية التي نحمله هذه الرؤية نطبّقها على من؟ على المعصوم أيضاً، هذا ليس محلّ حديثي الآن، لا يقول أحد السيّد الحيدري يريد أن يجعل الأنبياء كالبشر. هذا البحث الأوّل.

    البحث الثاني: وهو الذي أريد أن أقف عنده جيّداً، البحث الثاني هو أنّ الذي أوصل إلينا هذه المعارف، لا نتكلّم في تاريخيّة فهم العالم، بل في نفس السنّة في النصوص الدينيّة، هذه النصوص الدينيّة التي الآن بيّنها النبي الأكرم لنا، إمّا قولا إمّا فعلا إمّا تقريرا أو الأئمة بينوه قولا فعلا تقريرا، على المبنى الذي موجود عندنا هذا عندما بين حكما من الأحكام هل كان النبي عندما يعطي حكما لواقعة ينظر إلى الواقعة مجرّدة عن ظروفها المحيطة بها أو يعطي حكم الواقعة مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة به؟ أي منهما؟ الجواب أن فقه الإماميّة بل أساسا معارف الإماميّة قائمة على أنّه لم يكن ينظر إلى ماذا؟ هذه يسموها إطلاقات زمانيّة مكانيّة أفرادية إلى آخره، هل كان ينظر أو لا؟ فإن قلنا كان لا ينظر لأي لدليل، إمّا لقاعدة الاشتراك إمّا حلاله حلال إلى يوم القيامة، إذن نحن عندما نأتي إلى النصّ ننظر الظروف التي ورد فيها النصّ أو لا علاقة لنا بها؟ لا علاقة لنا بها، لأن هذا النصّ ما مرتبط بظروف معيّنة حتّى لو تبدلت الظروف وتغيرت فإن الحكم للواقع ثابت، أمّا إذا قلنا أنّنا هذا الحكم إنّما صدر لهذا الموضوع باعتبار الظروف المحيطة بها، إذن لكي تعرف الموضوع لا يكفي أن تجري فيه الإطلاق الزماني والمكاني والظروف، وإنّما لابدّ أن تتعرف على الظروف المحيطة به، أضرب مثال: علماءنا ذكروا هذا المثال: أنتم تعرفون أن النبي والأئمة ( عليهم السلام) وردت عنهم روايات مئات بل آلاف معروفة بالطب النبوي وطب الأئمة، الآن كم كتب مكتوبة في الطب النبوي وطب الأئمة؟ هذا كلام الشيخ الصدوق، الذي هو لا فلسفة ولا عرفان وإنّما هو محدث، تعالوا معنا إلى كتابه الاعتقادات، ص 115،باب الاعتقاد في الأخبار الواردة في الطب، أنا من خلال المثال أريد أن أنتقل إلى المعاملات إلى النكاح إلى الحجّ والعبادات، الآن هذا مثال، قال الشيخ أبو جعفر اعتقادنا في الأخبار الواردة في الطب أنّها على وجوه، منها ما قيل على هواء مكّة والمدينة فلا يجوز استعماله في سائر الأهوية، النبي قال كلوا الملح لأنّه كانت حارة افترض هذه يؤدّي إلى الرطوبة، أمّا أنت تعيش في مناطق باردة تأكل الملح أيضاً؟ الفقه المتعارف يقول استحباب الابتداء بالملح، يقول كنّا في مكّة في مدينة أو في القمر يستحب الملح، الآن موجود في الطب القديم كثير من هذا القبيل، تذهب إليه يقول كل هذا الشيء، كل هذا الشيء، هذه كل لظروف خاصّة لشروط خاصّة، الآن الطب يقول الذي عنده ضغط إذا أخذ ملح زائد يصبح سكتة قلبيّة، يقول الاستحباب يقول هذا، يقينا أهل البيت يدرون نحن لا ندري، يقول منها ما قيل على هواء مكّة والمدينة فلا يجوز استعماله في سائر الأهوية، مثال أضربه حتّى تعرفون، يقول وما روي في العسل أنّه شفاء من كلّ داء، هذا أصل قرآني، يقول فهو صحيح ومعناه شفاء من كلّ داء بارد لا مطلق الداء، الآن أنا لا أريد أن أناقش الصغرى هذه من أين أتى بها، أريد أن أقول أن الشيخ الصدوق كاملا متلفت إلى أن هذه الروايات مطلقة لكلّ زمان ومكان وظرف أو مربوطة بتاريخ معيّن وبزمان ومكان معيّن؟ وما ورد في الباذنجان من الشفاء فإنّه في وقت إدراك الرطب لمن يأكل الرطب دون غير من سائر الأوقات، ولذا يأتي الشيخ المفيد تعلمون في تصحيح الاعتقادات عندما يأتي الشيخ المفيد في تعليقه يقول في الطب قال أبو جعفر اعتقادنا في الأخبار الواردة في الطب ينقل الكلام، قال الشيخ المفيد: والأخبار الواردة في الطب قد ينجع في بعض أهل البلاد من الدواء من مرض يعرض لهم ما يهلك من استعمله لذلك المرض في غير تلك البلاد، هو نفسه هذا، هو الذي يكون دواء يمكن أن يكون داء، الإنسان حكم بمقتضى الإطلاق الزماني والمكاني والأفرادي والاستصحاب، يقول لا، لأن هذا الحكم هذا الدواء إنّما جاء منهم لظروف معيّنة، لا مطلقا، فإذن لكي ينفع هذا الدواء، لابدّ أن تتحقّق بعبارة أخرى ترتّب الحكم يتوقّف على وجود موضوعه والموضوع مطلق أو مقيّد؟ مقيّد بظروف معيّنة.

    الآن تعالوا معنا إلى جملة من الأحكام: أبدأ بالحج. يجوز التظليل بالحج أو لا؟ لا أقل يوجد اختلاف، قد يقول قائل بأن التظليل إنّما حرم لأنّه كانت طريقة الأثرياء وأهل الدعة في ذلك الزمان وإلّا المساكين عموما كانوا يركبون على البغال والحمير لم يكن عندهم قدرة على 4 أو 5 يظللوهم، من كان عنده قدرة على التظليل في ذلك الزمان؟ الثري، ومن هنا حرم حتّى يتساوى، أمّا الآن الذي تساوى الفقير والثري في قضيّة التظليل بعد لا معنى للتحريم، لأنّه هذا التحريم إنّما جاء مرتبطا بالثري.

    صنع التماثيل يجوز أو لا؟ كلّ الرسائل تقول لا يجوز، واحد يقرأها يقول باعتبار أن العرب كانوا يعبدون ماذا؟ حتّى يقطعون جذر ودابر الأصنام حرّم، أمّا الآن الذي مسالة تماثيل وعبادة التماثيل صارت كذا لا معنى للتحريم، لأنّه الحرمة جاءت لصنع التماثيل بما هي تماثيل أو لصنع التماثيل مقرونة بتلك الظروف؟ ولا أقل نشكّ.

    الربا حرام أوّلاً؟ الربا الذي كان في صدر الإسلام والذي مضى عليه لعلّه قرن أو قرنين أو ثلاث، كان عموما الناس يأخذون الربا لأجل أمور استهلاكية، مسكين مريض محتاج يريد يعالجه يذهب ماذا؟ الآن أيضاً عندما يأخذ مال لأنّه عنده حاجة، ليس لدية ثمنه، فيأخذ فيضطر أن يدفع الربا هذا يسموه الربا الاستهلاكي، أمّا الشخص غير محتاج أموال ولكن يريد أن يوسع دائرة تجارته وعمله، عنده مائة مليون، يريد أن يجعلها 500 مليون، يأخذ من البنك يستثمر فيربح أكثر، الذي يصطلح عليها بالربا الاستثماري وليس الربا الاستهلاكي، الروايات التي دلت على الحرمة أصلا ربا استثماري في ذلك الزمان ما كان موجود حتّى الروايات تقول حرام أو ليس بحرام، وأنتم قلتم في محلّه في الإطلاق، لكي يجري الإطلاق ومقدمات الحكمة لابدّ أن يكون المتكلم في مقام البيان من تلك الجهة، إذن القضيّة سالبة بانتفاء الموضوع كيف يكون في مقام؟، أصلا يتصوّر في ذلك الزمان الربا الاستهلاكي أو الربا الاستنتاجي أو الاستثماري حتّى نقول الربا حرام، للاستهلاك كان أو للاستثمار، من قال هذا؟ وهكذا فلندخل في باب المعاملات، واللطيف أنّه عندما راجعت الكلمات وجدت أنّه بعض الأعلام ملتفت إلى هذه القضيّة وأشار إليها ولكنّه بنحو الجزئيّة، هذا كتاب وسائل الشيعة، المجلّد 21، ص 258، يوجد مسألة وهي المسالة المعروفة سألت الصادق عن الرجل والمرأة يهلكان جميعا فيأتي ورثة المرأة فيدعون على ورثة الرجل الصداق، فقال وقد هلك وقسم الميراث، فقلت نعم، فقال ليس لهم شيء، قلت فإن كان المرأة حية فجاءت بعد موت زوجها تتدعي صداقها؟ فقال لا شيء لها، وقد أقامت معه مقرة حتّى هلك زوجها، فقلت فإن ماتت وهكذا، كلّ ما أتت وادعت الإمام يقول لا حق لها، سؤال: بيني وبين الله الآن الفتوى ليس بهذا الشكل، لأنّه الآن الفتوى أنّه بمجرّد تدعي لا حق لها، أو يقال إذا عندها بينه كذا وكذا، انظروا ماذا يقول المحدّث العاملي صاحب الوسائل، يقول وقد ذكر بعض علماءنا، ينسبه إلى المختلف، وقد ذكر بعض علماءنا أن العادة كانت جارية مستمرة في المدينة بقبض المهر كلّه قبل الدخول، أصلا في ذلك الزمان في المدينة العادة كانت أنّه لا يكون الدخول إلّا بعد استلام المهر، وإن هذا الحديث وأمثاله وردت في ذلك الزمان، فإن اتّفق وجود هذه العادة في بعض البلدان كان الحكم ما دلت عليه وإلّا فالحكم شيء آخر، هذا معناه أن هذه الروايات مأخوذة فيها قيد العادة الموجودة في ذلك الزمان، فإذا لم تكن العادة أن المرأة تأخذ مهرها قبل الدخول كما هو المتعارف الآن في زماننا، أصلا تطالب المرأة مهرها أو لا تطالب؟ إذن لماذا لا حق لها، إذن إذا وردت روايات قالت لها حق وروايات ليست لها حق، هذه غير متعارضة بل واحدة محمولة على عادة وواحدة على عادة أخرى، وبهذا تنحلّ عندنا ثمانين تسعين بالمائة من تعارض الروايات، هذا الذي قلت للأعزة إذا انفتح هذا الباب ينفتح منه ألف باب لأنّه باب التعارض سوف ينحلّ عندنا، هذه واحدة من الآثار.

    طبعا لا تتصوّر أن الطرف الآخر ليس عنده دليل أو ضعيف الاستدلال يعني القائل بلا تاريخيّة السنّة، يعني من الآن فلنصطلح على هذه النظريّة بتاريخية السنّة يعني أن بعض الأحكام والمعارف الواردة في السنّة مرتبطة بظروف معيّنة، أنا إنّما أقول تاريخيّة باعتبار الاصطلاحات الحديثة هذه، والنقطة التي يقابلها عدم تاريخيّة السنة، والذي هو فقهنا ومعارفنا الدينيّة الآن قائمة على التاريخيّة أو عدم التاريخيّة؟ ومن هنا لابدّ أن نبحث قبل الدخول إلى النصوص الدينيّة أن النصوص الدينيّة هل فيها تاريخيّة أو لا توجد لها تاريخيّة؟ إلى هنا كنّا نتكلّم عن السنّة، البعض قالوا لا فقط السنّة بل القرآن أيضاً فيه آيات تاريخيّة، يقول أنت تجد القرآن الكريم عندما يتكلّم مع الجاهلية يعدهم في الجنة، يقول مياه وأشجار وتجري من تحتها الأنهار، هذه تجتذب العرب الجاهلية، طبيعته مسكين لم يصدق أنّه يجد قطعة ماء ليشرب، إذا رسول الله نازل في بيئة مثل أوروبا يقول لهم كلّها أنهار ومياه يقولون له أعطينا شمس. الآن إذا تقول لهم الله يأتي بكم إلى مكان لا شمس لا زمهرير، يقول الآن نحن متورطين بهذا، نحن نريد مكان شمس وحرارة. ولهذا هذه تتم نظريّة أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم.

    الحمد لله رب العالمين

    • تاريخ النشر : 2013/07/31
    • مرات التنزيل : 994

  • جديد المرئيات