محاضرة {348}
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صلي على محمد وآل محمد
كان الكلام في هذا العنوان الذي طرح أخيرا وهو تاريخية السنة وقلنا أن البحث ليس في المباحث والمعارف القرآنية وإلّا هذه القاعدة أيضا قابلة للتطبيق على بعض المباحث القرآنية وإنّما الحديث في السنة وبيّنا بحمد الله تعالى في الأبحاث السابقة ما هو المراد من التاريخية، طبعا في المقدّمة لابدّ أن يعرف الأعزة الآن نتكلّم نحن في السنة القولية وأمّا السنة الفعلية والسنة التقريرية والسنة السيرتية ونحوها كما قسموها في محلها له حديث آخر لعلنا أيضا نشير إلى ذلك الآن حديثنا في السنة القولية يعني الروايات الواردة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأئمة أهل البيت عليهم السلام، هل أن هذه الروايات عندما أعطت حكما لموضوع من الموضوعات هل أخذت في بيان ذلك الحكم للموضوع، هل أخذت مجموعة الشروط التي تحيط الموضوع من المسائل الفكرية والثقافية والدينية والعادات والتقاليد والقضايا المرتبطة بثقافة الناس هل أخذ بعين الاعتبار ذلك أم لا؟ ويتذكر الأعزة نحن في البحث السابق قلنا بأنّ هذه القضيّة كانت منظورة لكثير من علماء الإمامية بل لكثير من علماء المسلمين الآن ليس حديثنا في كلمات علماء المسلمين بل في علماء الإمامية ولكنّه لم تؤخذ كقاعدة يؤسس عليها فهم السنة القولية، وإنّما هي شذرات هنا وهناك توجد في الكلمات ومن هنا صرنا بصدد بيان بعض النماذج في كلمات علماءنا حتّى لا يتبادر إلى ذهن أحد أنهم لم يلتفتوا إلى ذلك، التفتوا ولكنّه بنحو الخروج عن القاعدة بنحو الشذرات هنا وهناك وأشرنا إلى النموذج الأول وهو النموذج الرجل المأخوذ في بعض الروايات كما قرأنا في مسألة القاضي، انظروا إلى رجل منكم قلنا جملة من الأعلام كالشيخ الأنصاري والسيد الخوئي وغيرهم قالوا أخذ عنوان الرجل هنا لا من باب الموضوعية بل من باب أن الغالب كان ذلك ، وإلّا لا يمكن أن يستدل بهذه الروايات أنّه لا يجوز للمرأة أن تتصدى القضاء ولا يجوز للمرأة أن تتصدى الإفتاء ونحو ذلك.
النموذج الثاني وهو من النماذج الخطيرة والمهمة والتي هي محل الابتلاء وهو عنوان النصب والنواصب، أنتم تعلمون بأنّه في النصوص الموجودة هناك كثير من المسائل رتبت على عنوان النصب والنواصب، لا أقل من العناوين التي رتبت على ذلك حكم النجاسة حتّى قيل بأنّه لعلّه المجمع على نجاسة النواصب، سؤال: ما هو المراد من الناصبي في الروايات؟ التفتوا هذا المنهج التاريخي كيف يتميّز عن المنهج غير التاريخي، بعبارة أخرى المنهج الذي يأخذ ظروف صدور الرواية عن المنهج الذي يجرد الرواية عن ظروفها الصادرة فيه، المنهج المتعارف، القواعد المتعارفة في حوزاتنا أنّنا نجرد الرواية عن الظروف، نقول مطلقة زمانا مكانا أفرادا أحوالا ونحو ذلك وهو المصطلح عليه بالإطلاق الأفرادي الأزماني الاحوالي المكاني ونحو ذلك، في مقابل هذا المنهج، المنهج الآخر يقول أن الروايات التي تكلّمت عن أحكام النواصب، لا تريد من النواصب كموضوع لهذه الأحكام لا تريد من هذا العنوان كلّ من عادا أئمة أهل البيت، ليس المراد ذلك، ليس كلّ من عادا أهل البيت فهو ناصبي، الآن في ثقافتنا الشيعية أن كلّ من عادا أهل البيت تترتّب عليه أحكام النواصب، هذا الاتّجاه يقول لا، هذه الروايات تكلّمت عن النواصب كجماعة لها عنوان في ذلك الزمان، بعبارة أخرى هي قضيّة خارجيّة وليست قضيّة حقيقيّة، نرجع إلى اللغة والفهم والاشتقاق نقول نصب يعني عادا، فإذن كلم معادي فهو ناصبي، طبعا الآن لا نريد أن نقلل من شدة إجرام الذين يعادون أهل البيت وإنّما نتكلّم عن الموضوع للأحكام الشرعيّة، أنا لا أقول أن هؤلاء في باطنهم أخبث من الكلاب والخنازير ذاك له بحث آخر، نحن الآن نتكلّم في البحث الفقهي، ما هي الأحكام الفقهيّة؟ أنا الآن أقرأ بعض العبارات وبعد ذلك أشير إلى أن المتكلم من هو، لأنّه الكلمات ثقيلة يعني لو تصدر الآن من أي إنسان تقول هذا لا يعرف من المباني شيئا، يقول: وليس المراد منه ( من النواصب) المعنى الاشتقاقي الصادق على كلّ من نصب بأيّ عنوان كان، بأيّ سبب من الأسباب نصب العداء، يقول ليس المراد من الروايات التي رتبت هذه الأحكام هو العنوان الاشتقاقي،يقول: بل المراد هو الطائفة المعروفة، الذين في ذلك الزمان كانوا معروفين بالنصب، وهم النصاب الذي كانوا يتدينون بنصب العداء لأهل البيت، أساسا ليس مسألة عنده خلاف سياسي أو عنده خلاف عرقي أو قومي بل عنده المشكلة يعتقد أن الدين يأمر بنصب العداء لأهل البيت، بعبارة أخرى يتقرب إلى الله بنصب العداء لأهل البيت، جيّداً جدا، على هذا المنوال وأمّا سائر الطوائف من النصاب بل الخوارج فلا دليل على نجاستهم، لأنّ الدليل إنّما دلّ على نجاسة هذا العنوان بهذا القيود يعني الإشارة إلى قضيّة خارجيّة، وإن كانوا أشد عذاب من الكفار، ذاك بحث آخر، بحث كلاميّ، نحن الآن نتكلّم البحث افقهي، يقول: فلو خرج، انظروا النتيجة المترتّبة على ذلك، لا يتصوّر أحد البحث بحث فرضي بحث لو نذر، لا بل تترتّب عليه آثار، فلو خرج أحد على أمير المؤمنين، كما خرجوا في الجمل، وصفين ونهروان وغيرها، فلو خرج أحد على أمير المؤمنين لا بعنوان التدين لا بعنوان أنّه دين بل بعنوان طلب السلطة والدنيا، معارضة في السلطان، يريد أن يكون هو الخليفة والإمام والسلطة، لو تقول له ليس ثابت يقول نعم أدري ولكن لست أنا فقط، لا بعنوان التدين بل للمعارضة في الملك أو غرض آخر مثل عداوة قريش لبني هاشم، هذا عنده مشكلة ما قبل الإسلام أو أنّه يقاتل علي لأنّه قاتل أبيه، أو لأنّه منعه، لم يعطه، قال له أعطيني ولاية ولم يعطه، كما حدث بالسنة للزبير، طلحة وزبير المشكلة كانت أنّه قالوا نحن أيدناك حتّى نشاركك الأمر، الآن أعطينا حصتنا، أمير المؤمنين قال أنا لا أحتاجكم، فخرجوا عليه ليس تدينا، بأن يجب محاربته بل لأجل السلطان، وبتعبيره هو، هذه ليست عباراتي بل عبارات الكتاب الذي أقول لكم من هو، يقول: لا لأجل التدين بل لغرض آخر كعائشة والزبير وطلحة ومعاوية وأشباههم، فإن ذلك لا يوجب أي حكم من النجاسة يترتّب عليهم، هذا يقوله السيّد الإمام في كتاب الطهارة، لا يقوله شخص حداثوي حتّى نقول هؤلاء باعتبار لا يعرفون التاريخ، ولا التراث، وعمق الأبحاث العلميّة ليس بأيديهم متأثرين بهنا وهناك، يقوله إنسان هو في عمق ولاية مدرسة أهل البيت، إذا يشكّك في السيّد الإمام لا أدري بعد من يبقى، طبعا تقول لي سيدنا توافق أقول لا لا أبدا، أنا معتقد أن معاوية وكذا لهم حساب آخر، ولكن أنا أريد أن أبين أن هذه الآراء موجودة في كلمات علماءنا، لا تستغربون إذا جاء أحد من العلماء قال لم يثبت لي نفاق معاوية، واستشهد بعشرات أو ببعض كذا كما في نهج البلاغة إخواننا بغوا علينا، الآن تريد أن تقول منافق إذن أمير المؤمنين تبيّن أنّه إخوانه منافقين، تقبل هذا؟ إلّا أن تقول هذا كلّه تقية، بيني وبين الله هكذا أمير المؤمنين الذي كلّ كلامه تقية أنا هكذا أمير المؤمنين لا أقبله، فاطمة تقية، سياسية تقية، يأتي للحكم تقية، ينام تقية، ينهض تقية، بينك وبين الله، إذن أعزائي بغضّ النظر طبعا هو يقول بعد ذلك يقول لا يوجب ظاهرا شيء منها نجاسة ظاهريّة يعني النجاسة نجاسة باطنية، لا يوجد فيه إشكال، هذه المسألة مسألة كلاميّة، أنا أيضا عندي نجاسة باطنية، هذه مرتبطة بالروح وغير مرتبطة بالأحكام الفقهيّة، نحن نتكلّم في الحكم الفقهي، وإن كانوا أخبث من الكلاب والخنازير، ذاك بحث آخر، كما عندك أن الذي يقوم بكذا فهو كذا ولو كان شيعيا، هذه فقط مختصّة بطرف الآخر؟ لعدم دليل من إجماع أو أخبار عليه، سيدنا عنوان النواصب، إذا لم يكن محاربة علي دليلا على النصب، إذن ما الدليل على أنّه ناصبي؟ الجواب يقول لا، وهذا هو معنى تاريخيّة عنوان النصب والنواصب، يعني يشير إلى قضيّة خارجيّة. هذا كان في كتاب الطهارة المجلّد الثالث ص 337 حكم الخارج على الإمام لغرض دنيوي. من هنا أنت تستطيع أن تفهم، أنا لا أريد أن أوسع البحث، إذن بمجرّد أن أولئك الذين غصبوا الخلافة تقول هذا دليل على نصبهم أو لأمر دنيوي لعلّه، إذا أتى السيّد الخوئي وقال بأن نفس غصب الخلافة لا يدلّ، لا أنّه نحن نقول هذا ليس بمنافق، وإلّا هذا العنوان لا يكفي لإثبات النفاق، لعلّه لأجل أمر دنيوي، وخلافة دنيوية، وأمور دنيوية. هذه علماء الطائفة يتكلمون، محققين أعلام يتكلمون.
عنوان ثالث، نموذج ثالث، وهو من النماذج المهمّة والتي أنا عبرت عنها في كتاب أصول التفسير قلت أنّه واحدة من أهمّ الموانع التي منعت عن تقدّم التفسير وعلوم التفسير في الحوزات السنية عموما وفي الحوزات الشيعية خصوصا هي هذه الروايات التي واردة من طرق الفريقين والمدرستين وهي روايات من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار. وحيث أنّهم جعلوا الاجتهاد من مصاديق القول بالرأي ولذا تجدون أن بعض الإخباريين قالوا أنّه أساسا يجوز الاجتهاد حتّى في الفقه أو لا يجوز؟ لأنّه من مصاديق القول بالرأي فأغلقوا باب التفسير في القرآن والاجتهاد في القرآن وكتابة التفاسير ولذا تجدون هذا القرن ونصف أو القرنين التي كانت تحكم النظريّة الأخبارية الحوزات العلميّة والمؤسسة الدينيّة أنت لا تجد في هذين القرنين ولا كتابا واحدا في التفسير، كلّها مجاميع حديثية يعني في هذه الفترة هي التي صار عندنا مستدرك الوسائل ووسائل الشيعة وكلها جاءت في ماذا؟ وشروح لأن هؤلاء جعلوا القرآن على رف استنادا إلى ماذا؟ قالوا من اجتهد في فهم الآية فقد قال في القرآن برأية فليتبوأ مقعده من النار، الرواية طبعا واردة هنا يقول فيها ضعف وإن كانت الرواية واردة في مسند أحمد وأبي داوود وأبي يعلا والطحاوي والبغوي والنسائي والبيهقي والترمذي وعشرات المصادر واردة الرواية، هذه أنا أنقلها من مقدّمة التفسير الطبري، وكذلك هذه الرواية تفصيلا هي ومصادرها في سلسلة الأحاديث الضعيفة المجلّد الرابع ص 256، رقم الرواية 1738، أنا بودي أن الأعزة يراجعون الرواية هناك، وكذلك في سنن الترمذي طبعا الإمام الترمذي أو الحافظ الترمذي يعبّر عنها بأنّها رواية حسنة، الرواية في ص 200 قال وهذا حديث حسن، فليكن في علم الأعزة الحسن عند القدماء كالصحيح لا يفرق، هذه في الآونة الأخيرة بعد ذلك ميزوا بين الصحيح وبين الحسن، وكذلك أعزائي الروايات نقلتها في أصول التفسير ص 109، مجموعة الروايات الواردة في هذا المجال قال رسول الله من فسّر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب، من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار، من فسّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر وإن أخطأ خر أبعد من السماء، وعشرات الرواية الواردة، سؤال: ما المراد من الرأي في هذه الآية؟ ما هو المراد من تفسير القرآن بالرأي؟ لا أقل أنا في أصول التفسير ذكرت في بيان المراد من تفسير القرآن بالرأي، 7 أو 8 نظريات، ما ذكره الغزالي والطوسي وابن تيمية والآلوسي وابن عاشور التونسي والطباطبائي والخميني والصدر، قدّس الله أرواح من يستحقّ منهم، سؤال: ما هو المراد؟ أنا أنقل من السيّد الصدر، تقول سيدنا توافق أو لا؟ الآن لا بصدد أنّه نوافق أو لا، هذه الرواية واردة في كلماتهم في الرأي المجلّد الرابع من تقريرات السيّد الهاشمي ص 287، وكذلك واردة في مباحث الأصول، تقريرات السيّد الحائري، الجزء الثاني من القسم الثاني، ص 233. يقول: أن يراد بالرأي المدرسة الفقهيّة المعاصرة لعصر الصادقين عليهما السلام، يعني مدرسة التي كانت تبني على القياس والاستحسان والظنّ ومصالح المرسلة، التي تبني على الأمور الظنية والاستحسانية، وهو الاتّجاه الذي بنا على التخمينات والظنون الناشئة منها كالقياس والاستحسان والاستصلاح فإنّه كان قد بدأ انقسام خطير بين المسلمين إلى اتجاهين ومدرستين، مدرسة الرأي ومدرسة الحديث، وأهل البيت يمنعون عنها، هذا ما علاقته بالاجتهاد في القرآن، هذا الذي أرجع وأقول نصطلح عليه بالفهم التاريخي، يعني أنت لا تراجع كلمة الرأي في قواميس اللغة تراجع أن هذا الاصطلاح ماذا كان يراد به في ذلك الزمان، من قبيل الآن نحن بينكم وبين الله في ثقافتنا عموما بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عندما نقول الاستكبار، من أهمّ مصاديق الاستكبار أو مراد من الاستكبار يعني أمريكا، ليس المراد من الاستكبار المعنى الذي قاله القرآن ولا المعنى الذي يراد في اللغة ولا المعنى الذي يراد في الثقافة العامّة، أبدا، وإنّما يراد به من؟ الآن بعد 500 سنة عندما نأتي إلى خطابات سيدنا الإمام لنفهم من مراده من الاستكبار هل نقرأها قراءة لغويّة وثقافية أو قراءة خارجيّة في هذا الزمان؟ السيّد الصدر رحمه الله يقول هذا هو الاحتمال القوي إن لم يكن الأقوى أن هذه الروايات إنّما تكلّمت عن الرأي كمدرسة كانت قائمة، هذه لا علاقة لها بالاجتهاد في فهم القرآن وتفسير القرآن إلى غير ذلك، هذا النموذج الثالث.
النموذج الرابع: وهو الذي فيه بحث مفصّل بين علماء الإماميّة وهو النموذج المرتبط بمسألة زيارة الإمام الحسين، عليه السلام، أنا أتذكر هذا البحث لعلّه قبل 3 أو 4 سنوات بشكل تفصيليّ، فقط هنا أريد أن أشير إلى بعض المصادر، سؤال: زيارة الحسين واجبة أو مستحبة؟ يوجد قولان قول يقول واجب وقول يقول مستحب، راجعوا الروايات بعضها تقول فريضة واجبة، مسألة أخرى إذا لزم من الزيارة أن الإنسان يخاف على نفسه على ماله و… هل يستحب أو لا؟ بحث آخر: أيهما أفضل زيارة الإمام الحسين أو زيارة الإمام الرضا؟ لأنّه جملة من الروايات تقول زيارة الإمام الرضا أفضل وأفتى بعض المعاصرين بأنّه هذه الزيارة أفضل من زيارة الإمام الحسين، على المنهج غير التاريخي هذه الروايات تصبح متعارضة، لابدّ أن نجد وجها للجمع والتوفيق بينها، على المنهج التاريخي يقول لا أبدا، لا يوجد أي تعارض في هذه الرواية، بأيّ دليل؟ يقول لأن الروايات التي تكلّمت عن وجود الزيارة تكلّمت في ظروف خاصّة، لأنّه الظلمة وخلفاء بني العباس كان بناءهم على قطع هذه الارتباط بالإمام الحسين، من هنا أئمة أهل البيت أوجبوا هذه ولو كانت على أنفسكم، أمّا إذا لم يكن الأمر بتلك الظروف هو مستحب، كيف أن زيارة الرضا أفضل أو زيارة الإمام الحسين؟ يقول القضيّة مرتبطة بأنّه زيارة الإمام الرضا لأسباب معيّنة، أن الشيعة ما كان يزورون الإمام الرضا فأهل البيت أكدوا على زيارة ماذا؟ بعبارة أخرى قراءة هذه النصوص قراءة تاريخيّة، إذن لا تعارض، العلّامة المجلسي في المجلّد 102 ص 39، بعد أن ينقل الروايات وهي كثيرة يقول: بيان، أريد أبين لك أعلام مدرسة أهل البيت أن بعض الأحكام إنّما هي تابعة للموضوعات المرتبطة بزمان ومكان معيّن لا مطلقة، حتّى أنت تقول وقع التعارض، يقول: لعلّ هذا مختصّ بهذا الزمان، فإن الشيعة كانوا لا يرغبون في زيارة الإمام الرضا، إلّا الخواص الذين كانوا يعرفون فضل زيارته، من هنا الأئمة وجهوا الشيعة إلى زيارة الإمام الرضا، فعلى هذا التعليل يكون في كلّ زمان إمام من الأئمة أقل زائرا يكون ثواب زيارته أكثر، إذن القضيّة ليست مرتبطة بخصوصية يوجد، الأئمة إنّما وضعوا يدهم على زيارة الإمام الحسين لأنّهم وجدوا أن الظلمة يريدون قطع الناس عن الحسين، أمّا الآن الذي فقط يذهبون إليه مشيا عشرات الملايين، المظلوم هو الإمام الرضا؟ من الآن يصدق عليه غريب الغرباء؟ سامراء، إذن لابدّ أن نوجّه الشيعة نحو سامراء، وهذا هو دور المؤسسة الدينيّة مع الأسف الشديد، الذي أنا عبرت عنها غائبة، الآن لابدّ أن المؤسسة الدينيّة توجّه الناس إلى سامراء، وهذا هو كان ديدن فعل الأئمة عليهم السلام، وهذا أنا أنقله عن المجلسي لا عن إنسان حداثوي، أعيد العبارة: فعلى هذا التعليل يكون في كلّ زمان إمام من الأئمة أقل زائرا يكون ثواب زيارته أكثر، شيخنا هذه من أين؟ يقول انظر إلى كلماتهم هم عليهم السلام، الرواية قلت لأبي جعفر قد تحيرت بين زيارة قبر أبي عبد الله وبين قبر أبيك بطوس فما ترى؟ فقال لي مكانك ثمّ دخل ثمّ خرج ودموعه تسيل على خديه فقال زوار قبر أبي عبد الله كثيرون وزوار قبر أبي بطوس قليلون، يعني اذهب إلى الغريب، هذه روايات موجودة، ولذلك عندما نأتي ونقول لابدّ من قراءة بعض السنّة القولية قراءة تاريخية لا جزاف بل لوجود قرائن شواهد ظروف، لابدّ من قراءتها جيّداً، إذن هذه البحث هناك حاشية مفصلة على الأنوار النعمانية مطبعة شركت چاپ، تحت عنوان نور في موقف الناس في القيامة، هناك توجد حاشية مفصلة ويبيّن هناك بأنّه أساسا يقول لكن من ينعم النظر إلى هذا الحديث وتأمّل تأملا صادقا فيه مع لفت النظر إلى الأحاديث الأخرى يظهر له أن هذا الاستحباب ليس على إطلاقه بل في زمان قل فيه زائر الإمام ورغب عنه الناس لبعض العوارض الطارئة والعلل الحادثة وعلى هذا الأساس إذن لابدّ أن ننظر إلى الروايات إلى الظروف والأحوال وأوضاع الزمان وصروف الدهر ومن هنا أن هذا لا يختصّ بزيارة الرضا بل يعم زيارة كلّ إمام أخذ في زيارته ما تقتضيه الظروف وتستدعيه خصوصية الأزمان، فإن زيارته وقتئذ أفضل من زيارة من يفضل عليه في وقت آخر، إذن قاعدة هذه، وهذا هو المعنى الذي كاملا بنا عليه الشهيد المطهّري رحمه الله في مجموعة الآثار في مجلّد 21، ص 296، بعد أن ينقل الروايات بعضها واجبة بعضها مستحبة يقول: هذه الروايات غير متعارضة، واحدة تقول واجب، واحد يقول أفضل، يقول: هذه كلّ واحدة لها ظروف خاصّة، طبعا أنا ضربت هذه الأمثال حتى أنت تقيس عليها باقي الموضوعات الأخرى من قال لنا أن كلّ الموضوعات سلبت منها الشرائط المحيطة بها.
الحمد لله رب العالمين