نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (355)

  • محاضرة ﴿355﴾

    أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على آله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد

    انتهينا إلى أن القرائن المتصلة غير اللفظية في حالة الشك في وجودها وعدم وجودها لا يمكن التمسك بعدم القرينة لنفي وجودها وذلك لنكتتين لأنه في القرائن المتصلة اللفظية قلنا مع الشك فيها نتمسك بأصالة عدم القرينة المتصلة هل يمكن أن نجري أصالة عدم القرينة المتصلة في حالة الشك في القرائن المتصلة غير اللفظية أو لا؟ الجواب لا يمكن لنكتتين:

    النكتة الأولى: أننا ذكرنا أن أصالة عدم القرينة المتصلة إنما تجري في مورد نحتمل الغفلة فننفي الغفلة بعدم الغفلة وهذا معناه أننا نفترض الراوي في الأعم الأغلب متلفت إلى القرائن التي يقولها المتكلم ولكن في القرائن المتصلة غير اللفظية غير ملتفت إليها حتى ننفيها بعدم الغفلة، لو كانت ملتفت إليها كنا نقول بأنه إذن ننفيها بعدم الغفلة ولكنه في الأعم الأغلب مثل هذه القرائن غير ملتفت إليها، هذا أولا.

    والنكتة الثانية على فرض الالتفات إليها لا يوجد هناك أي مسئولية وتعهد من الراوي أنه لابد أن ينقل القرائن المتصلة غير اللفظية، أساسا مثل هذه القرائن غير قابلة للتعبير عنها لأنها قرائن ارتكازية، قرائن لبية، وجدانية، وليست قرائن لفظية حتى تكون قابلة للنقل، لأننا ذكرنا في محله و يوجد في علم الرجال أن الراوي أن السامع إنما مسئوليته أن ينقل ما يسمع من المتكلم، من المشرع، وهنا لم يسمع شيئا من المشرع حتى ننقله إلينا، حتى نقول بأنه هو مسئول عن نقل مثل هذه القرائن، المتصلة غير اللفظية، وعلى هذا الأساس لا يوجد أي أصل عقلائي يدل على أنه في حالة الشك في القرائن المتصلة اللبية الارتكازية غير اللفظية لا يمكن في حالة الشك أن نتمسك بأصالة عد القرينة حتى ننفي القرينة المتصلة غير اللفظية.

    وهذا المعنى أشار إليه إجمالا سيدنا الشهيد قدس الله نفسه وتفصيلا أوضحناه في كتاب الظن، السيد الشهيد في تقريرات السيد الهاشمي المجلد الرابع، صفحة 270، يقول: نعم لو احتملنا قرينة متصلة لا يكون للراوي نظر إليها في مقام النقل، يعني غير ملتفت إليها، بل نحن أضفنا قلنا حتى لو ملتفت إليها فلا توجد هناك أي مسئولية على الراوي و السامع أن ينقل تلك القرائن وثالثا أساساً القرائن المتصلة قرائن وجدانية، ارتكازية، ليست قرائن قابلة للنقل، من قبيل الحب والبعض والخوف، هذه الأمور أمور مدركة وجدانا، القرائن المتصلة اللبية عموما قرائن وجدانية، قال: لا يكون للراوي نظر إليها في مقام النقل فلا يمكن نفيها بشهادته كما هو الحال في القرائن اللبية المرتكزة في الأذهان بنحو تكون كالمتصل فإن الراوي ليس في مقام طبعا السامع هنا، فإن الراوي ليس في مقام نقل المرتكزات العامة المعايشة في عصره والتي لا يلتفت إليها تفصيلا غالبا كما هو واضح، وهذه أيضاً من الواضحات التي لا تحتاج إلى دليل، وكذلك السيد الشهيد عرض لهذه المسألة في تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر الجزء التاسع صفحة 320، هذه عبارته هناك بشكل واضح، نعم لو احتملنا قرينة متصلة لا يكون للراوي نظر إليها فلا يمكن نفيها حينئذ كما هو الحال فيما لو احتملنا قرينة لبية كالمتصلة فإنها غير حاضرة وإنما ينقل كلام الإمام، لا ينقل الارتكازات العرفية والعقلائية والموجودة في زمانه.

    الآن بعد هذه المقدمة تعالوا معنا إلى الظروف والشروط الزمانية والمكانية المحيطة بزمان صدور النص، هذه الظروف والشروط من الزمان والمكان الثقافة والاجتماع والمال والعادات التقاليد هل هي قرائن لفظية أو قرائن غير لفظية؟ من الواضح أنها ليست قرائن لفظية وإنما هي قرائن غير لفظية، فهنا على المحقق على المجتهد على الباحث مرة يحصل له قطع بعدم وجود هذه القرائن، ها لا إشكال ولا شبهة يستند إلى قطعه ويتم هذه المقدمة وهي عدم وجود القرينة المتصلة، لأنه قاطع بعد وجوده وأخرى يقطع بوجود هذه القرينة المتصلة غير اللفظية، إذن لا يتم الإطلاق، لوجود قرينة، لأنه من مقدمات الحكمة عدم نصب القرينة المتصلة، فمع وجودها قطعا إذن لا يتم الإطلاق لعدم تمامية مقدمات الحكمة طبعا كلا هذين الفرضين قليل لا أقول نادر، وهو القطع بعدم وجودها والقطع بوجودها، القطع بعدم القرينة المتصلة غير اللفظية والقطع بوجود القرينة المتصلة اللفظية، في الأعم الأغلب يقع شك في الوجود وعدم الوجود. سؤال: إذا شككنا في وجود مثل هذه القرائن المتصلة اللبية فما هو التكليف الشرعي؟ ما هو مقتضى البحث العلمي؟ أقل ما يقال أن مقدمات الحكمة غير تامة، فالدليل أقل ما يقال في حقه أنه مجمل، لأنه لا نعلم أنه يوجد فيه إطلاق أو لا يوجد، أقل ما يقال في مثل هذه الحالة بعد لا يمكن التمسك بأصالة عدم القرينة المتصلة، إذن المآل إلى الإجمال وعدم البيان، وإذا صار إجمال وعدم البيان أيضاً يعطينا النتيجة المطلوبة، لأنه في الإجمال نقتصر على القدر المتيقن، أيضاً النتيجة نفس النتيجة ولكن الأعلام بشكل واضح ودقيق هم قالوا لنا وصرحوا لنا بأن ظروف صدور النص يقينا تختلف عن ظروف وصول النص، خصوصا إذا كانت الفاصلة قرن وقرنين وثلاثة قرون وعشرة قرون ولعله 15 قرن، الآن بعد 14 قرن ودخلنا في 15، ولعله بعد عشرين قرن وثلاثين قرن، هم جاءوا وطرحوا هذا السؤال: قالوا أن الذي هو حجة علينا هل هو ظهور عصر الصدور أم ظهور عصر الوصول؟ هذا يكشف عن أنهم أقروا عمليا أن الظهور متعدد، وإلا لو كان الظهور واحد لماذا يطرحون مثل هذه المسألة، طرحهم لمسألة أن الحجية الثابتة للظهور أي ظهور؟ قالوا عندنا ظهوران: ظهور عصر الوصول الذي نحن نعيش فيه، وصل إلينا، وظهور عصر الصدور الذي هو قبل 10 و12 قرن. ومن قال أن الظهور يتبدل؟ هنا كل الأعلام والمحققين وكل من كتب في فقه اللغة وفلسفة اللغة قالوا بشكل واضح وصريح أعزّائي أن اللغة ظاهرة من الظواهر الاجتماعية، فكما أن أي ظاهرة تتبدل وتتغير بتغير الزمان والمكان والظروف، اللغة أيضاً تتبدل وتتغير؟ نعم تغير اللغة عادة بطيء يعني لا يحصل لجيل أو جيلين أو ثلاثة، فعادة الإنسان في عمره خمسين ستين سبعين لا يحس بالتغير ولكن على مدى قرنين وثلاثة وأربعة يقينا أن هناك تغيرات أساسية جذرية جوهرية في هذا المجال، ونحن هذه القضية بحثناها مفصلا في أوائل المعنى الحرفي، هناك أن المعنى الحرفي والمعنى الاسمي ما هو في علم الأصول والعلماء أيضاً طرحوها هناك بأن الظهورات تتبدل، المفردات اللغوية تتبدل، حتى في المنطق أليس عندنا بحث النقل في بحث النقل، اللفظ واحد ولكن معناه أو مصاديق المعنى تتبدل من زمان إلى زمان آخر، ومن هنا جاءت عندنا الحقيقة الشرعية وجاءت عندنا الحقيقة المتشرعية، هذه كلها تحت إطار تغير اللغة، لهذا هذا البحث في كتاب الظن ص 344، قلنا تغير الظهور الموضوعي بتغير الزمان، لا شك أن اللغة هي إحدى أهم الظواهر الاجتماعية، من هنا الأصوليون، طبعا السيد الشهيد طرح هذه المسألة أيضاً في المجلد الرابع من تقريرات السيد الهاشمي ص 293، قال: ثم إن هنا سؤالا آخر أن الظهور الموضوعي الحجة، ألستم تقولون الظهور حجة، هذا أي ظهور؟ هل هو المعاصر لزمن صدور الكلام أو هو المعاصر لزمن وصول الكلام؟ إذا فرض تعدد الزمان، وهذه المسألة ليس فقط السيد الشهيد طرحها، كل علماء الأصول طرحوا هذه المسألة، قالوا في زماننا قد نفهم من النص الواصل إلينا شيء ولعله يكون هذا النص في زمان الصدور له معنى آخر، ماذا فعلوا حتى يتخلصوا من هذه العويصة والمشكلة التي تهدم كل الظهورات الموجودة بأيدينا؟ لأنه نحن عندما نضع يدنا على أي ظهور قرآنيا كان أو روائيا، أيهما حجة؟ الذي نحن نفهمه أو أولئك؟ وله آثار عظمية، من آثاره أن العلماء القريبين من عصر النص فهمهم حجة علينا، أليس الآن يقولون إجماعهم حجة، منشأ هذا جاء من أن فهمهم للنصوص أقرب من عصر الصدور، أما وأنت فهمنا أقرب إلى عصر الوصول، ولهذا أقوالهم حجة علينا، ومن هنا جاءت نظرية الإجماع حجة والشهرات حجة وفهم الأصحاب حجة وفهم الصحابة حجة إلى آخره، الآن واحدة من أهم مفاتيح النظرية السلفية هي هذه، أنتم تتصورون بأن السلفيين عندما يتكلمون ليس عندهم مباني؟ لا والله، هذا نتيجة أنه أنتم غير مطلعين على مبانيهم، السلفية الدعوية تقول، لأن السلفية عندهم أربعة أقسام، السلفية الدعوية يعني لفهم الدين، يقولون لا إشكال ولا شبهة أن هذا القرآن والروايات التي بأيدينا ما فهمه أصحاب رسول الله هو الحجة علينا، تقول أنت تفهم شيء آخر؟ يقول ليس له قيمة، أولئك كانوا معاصرين وقريبين من رسول الله، فإذن ما فهموه هو الصحيح، لا ما نفهمه نحن، وهذا معنى الرجوع إلى السلف، ليس معناه أن تصلي خلفه، بل فهم الصحابة، ومن هنا جاءت مقولات سنة الصحابي، هل الصحابي معصوم؟ يقول لا أنا ما أتكلم عن عصمته أتكلم عن فهمه وما أخذه من النبي الأكرم، ثم توسعوا إلى التابعين قالوا أيضاً التابعين كانوا يعاصرون صحابة رسول الله، أيضاً فهموا من الصحابة فهم أقرب فهما ولذا عندما يأتون لفهم نص ديني قرآنا كان أو سنة يقولون أولا فهم الصحابة، فإن لم نجد ننتقل إلى فهم التابعين فإن لم نجد ننتقل إلى فهم تابع التابعين وهكذا، ونفس هذا الكلام موجود في مدرسة أهل البيت وهو أنه زرارة إذا فهم شيئا تقول فهمي حجة أو فهمي زرارة؟ تجرأ أن تقول أنا أكثر فهما من زرارة؟ تقول زرارة كان معاصرا للإمام، كل يوم يتغدى ويقوم ويقعد معه، هو يفهم أكثر مما تفهم أنت، رب حامل فقه إلى من هو أفقه، يقول لا لا هؤلاء معاصرين وفهمهم، ومن هنا جاء فهم السيرة المتشرعية المعاصرة للأئمة، هذه كلها منشأها هنا، فإذن القضية جد خطيرة وأساسية، ومن هنا علماء الأصول قالوا بيني وبين الله نحن أيدينا منقطعة عن ماذا يفهم من الظهور في ذلك الزمان، بعض العلماء كما اشرنا من مثل المحقق القمي صاحب القوانين، قال انسداد باب العلم والعلمي، نحن ليس عندنا طريق لفهم النصوص، نغلق الباب، علماء الأصول قالوا لا، نحلها بطريقة أخرى وهو أنه نأتي إلى زماننا وهو الذي نعيش فيه وهو عصر الوصول، لا عصر الصدور، وضمن القواعد الموجودة والارتكازات والزمان والمكان والظروف والبيئة كلها نفهم النص، ثم بتعبيري أنها نلصق بها قاعدة وهي قاعدة تشابه الأزمان، الآن هذا الأصل من أين أتى وكيف صار؟ الجواب من باب ضيق الخناق، المحقق العراقي رحمة الله تعالى عليه، في نهاية الأفكار الجزء الأول ص 6، يقول ومع هذا الاحتمال فإن من المحتمل حينئذ كون المعنى المتبادر من اللفظ حين صدوره في ذلك الزمان شيئا آخر غير ما هو المتبادر عندنا الآن، فلهذا هذه القضية ليست قضية يتبادر إلى الذهن محمد باقر الصدر يطرحها، لا بل كل علماء الأصول قالوا هذا الظهور غير ذلك الظهور، فبدل من أن يذهبوا إلى الطريق الأصعب سلكوا الطريق الأسهل، قالوا ما علاقتنا بذلك الظهور، يقول ومع هذا الاحتمال لا يكاد يجدي هذا التبادر في مقام الاستنباط أصلا، لا تقول بأن التبادر علامة الحقيقة، الآن كثير من المطالب نحن نبنيها على أساس ؟ يقول التبادر والتبادر علامة الحقيقة، تبادر زماننا أو تبادر زمان الصدور؟ لا إشكال ولا شبهة الحجة هو تبادر زمان الصدور وليس الوصول، لا يكاد يجدي هذا التبادر في مقام الاستنباط أصلا إلا إذا انضم إليه أمر آخر وهو أصالة عدم النقل المعبر عنها بأصالة تشابه الأزمان، إن شاء الله قربة إلى الله زماننا يشبه زمانهم. والحكم عندك؟ هذه أصالة تشابه الأزمان من أين أتت؟ ما حجيتها؟ أين الآية الدالة عليها والرواية؟ أين السيرة العقلائية الممضاة من قبل الأئمة؟ أين السيرة المتشرعية؟ أين الدليل العقلي؟ ولهذا صار الأصوليين في حيص بيص لبيان الدليل على أصالة عدم النقل وأصالة تشابه الأزمان؟ هذا الأصل ماذا نفعل به؟ كي يثبت بها كون المتبادر في سابق الزمان هو المعنى المتبادر عندنا، ولهذا أتت تعابير أربعة: مرة عبروا عنها بأصالة عدم النقل، ومرة عبروا عنها بأصالة تشابه الأزمان، ومرة عبروا عنها بالاستصحاب القهقرائي، هذا تعبير الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول المجلد الثالث في ص 54، واعلم أنه قد يوجد ويحكم لأنه وقد يسمى ذلك بالاستصحاب القهقرائي أو القهقري، لماذا استصحاب القهقهري؟ ذكرنا لأنه في الاستصحاب عندك يقين سابق وشك لاحق في هذا الاستصحاب عندك معكوسة، عندك يقين لاحق وشك سابق، لأنه أنت يقين من هذا الظهور وتشك أن هذا الظهور هو ذاك الظهور أو لا، فبالمعكوس الزماني ترجع إلى الوراء، هذا الذي أقول مضى على أصولي المسلك، واقعا تلصيق، ولهذا كلهم ناقشوا، قالوا أولا أدلة حجية الاستصحاب لا تشمل المقام لأنه أدلة حجية الاستصحاب، يقين سابق وشك لاحق، أما المعكوس لا يوجد عندنا. وثانيا نحن إنما نجري قاعدة الاستصحاب مع اليقين والشك ونحن عندنا يقين بأنه صار تغير بعد لا يجري الاستصحاب، إنما هو يجري في مورد الشك، لا في مورد اليقين، أنت عندك يقين أن اللغة ماذا صارت؟ وإلا إذا لم يكن عندك يقين لماذا طرحت هذا البحث؟ ولهذا السيد محمد باقر الصدر هذه كلها، أصالة عدم النقل أشكلوا عليها بعدة إشكالات، أولا: أن أصالة عدم النقل مرتبطة بالألفاظ لا مرتبطة بالقرائن اللبية ومقامنا قرائن لفظية أو غير لفظية؟ إذن لا يجري فيها أصالة عدم النقل، ثانيا أنه حتى لو كان لفظيا مرتبط بالمفردات لا بالتراكيب وما يتبادر منها، فرق بين المفردة أنا أشك من نقل أقول أصالة ماذا؟ والآن البحث ليس في المفردات بل في معاني الجمل التصديقية، ولذا السيد الصدر اضطر أن يضع أصالة عدم النقل على جانب وأن يذهب إلى أصل آخر يسميه أصالة الثبات في اللغة، سؤال: هذه أصالة الثبات واقعية أو غير واقعية؟ يعني اللغة ثابتة طوال 1400 سنة؟ اللطيف السيد محمد باقر الصدر، السيد أبو جعفر في علم الأصول هو في الحلقة الثالثة ص 206 يقول نحن نحل المشكلة بأصالة الثبات وهذا الأصل وإن كان خادعا، نعلم كذب ولكن ليس عندنا طريق ماذا نفعل؟ يقول: فإن الثبات النسبي والتطور البطيء للغلة يوحي للأفراد الاعتياديين بفكرة عدم تغيرها وتطابق ظواهرها، هي هذه نظرية تشابه الأزمان للعراقي السيد الشهيد أستاذ في هذه القضايا، قليلا يبدل العبارة حتى لا تلتفت، وتطابق ظواهرها على مر الزمن، وهذا الإيحاء، يقول لأنه في جيل وجيل أنت ترى اللغة ثابتة، تتصور على مدى عشرين جيل أيضاً ثابتة، وهذا الإيحاء وإن كان خادعا ولكنه على أي حال، ليس عندنا چاره، ماذا نفعل؟ إذن أنت عندما ترى الطرف الآخر يبدي يتكلم بلغة عنيفة ضد علمنا الأصول أو ضد علم الفقه لنا، لا تتصور بأنه هؤلاء ناس مغرضين وعلمانيين أتوا من الخارج وعلماء الغرب.

    من هنا جاءت هذه الأبحاث المفصلة وهو أنه لا إشكال عند القوم أنه الظواهر ثابتة أو متغيرة؟ سؤال: الآن أي ظهور حجة؟ ذاك الظهور أو هذا الظهور؟ في اعتقادي الشخصي أن القوم بيني وبين الله ما ذكروه من أن الظواهر متغيرة أمر ثابت لا ريب فيه، أصابوا في هذا ولكنهم أخطئوا في قضية أخرى، من قال لكم أن تلك الظواهر فقط حجة؟ نحن نبني أن الظواهر حجة على كل من ثبت عنده ذلك الضابط، فإذن في زماننا الذي حجة علي ما أفهمه أنا، أولئك أيضاً الظاهرة التي يفهمونها هم حجة عليهم، وهذا هو الذي اصطلح عليه بتعدد القراءات، لم يقل أي دليل على أنه ذلك الظهور حجة حتى نحرزه، القرآن لم ينزل إلى أولئك، بل نزل لهم ولنا، القرآن فقط أولئك الذين كانوا في عصر رسول الله، هذا رجوع على أن القرآن حجة على من خوطب به وأنتم لا توافقون، تقولون أن القرآن حجة على الجميع، إذن إلى هنا حتى أنهي هذا البحث اتضح لنا بأن الظهور وأن الظروف الموضوعية لزمن صدور النص تختلف، ومن هنا لابد من البحث في كل موضوع موضوع من موضوعات الأحكام الشرعية لنرى أنه مقيد بهذه الظروف أو لا؟ فإن ثبت مقيد بعد لا نستطيع أن نجري فيه الإطلاق، وإن لم يثبت أنه مقيد نجري مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق، بعد لا توجد عندنا قاعدة الاشتراك كقاعدة، أبدا لا يوجد شيء باسم هذا بمقتضى دليل الإطلاق وإلا قد توجد أدلة أخرى نبحثها في محلها.

    ألخص الكلام: الإطلاق قلنا يقوم على أساس مقدمتين:

    الأولى: أن يكون المتكلم المشرع في مقام البيان.

    الثانية: أن لا توجد هناك قرينة على التقييد. قرينة التعيين ونحن كشبهة مصداقية نحتمل أن الظروف هي المقيدة، إذن انهارت المقدمة الثانية من مقدمات الحكمة. إن شاء الله في غد سنبحث المقدمة الأولى أن المقدمة الأولى وهي أن المشرع في مقام البيان هل هي تامة؟ تنفع أو لا تنفع؟

    والحمد لله رب العالمين

    • تاريخ النشر : 2013/07/31
    • مرات التنزيل : 1044

  • جديد المرئيات