المحاضرة﴿367﴾
أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد
بمناسبة ما ذكرناه من كلمات السيد البروجردي قدس الله نفسه واعتقادي ووصية للأعزة أنهم يطالعوا هذه التجربة العلمية الكبيرة في مدرسة قم، لأنه أنا من الذين أعتقد بأنه في النتيجة أن الإنسان لابد أن يطالع هذه التجارب العلمية التي وقعت سواء على مستوى النجف أو مستوى قم أو على مستوى مشهد لأنه مشهد لديها مدرسة دينية معروفة بالمدرسة التفكيكية، التي لها أكابر معروفين من قبيل ميرزا مهدي الأصفهاني وشيخ مجتبى ومجموعة من الأعلام ولهم امتدادات أيضاً في قم وغير قم، طبعا هذا المدرسة ليس على مستوى البحث الفقهي وإنما على مستوى معارضة الفلسفة والعرفان، طبعا يكون في علم الأعزة المدرسة التفكيكية أيضاً ليست بصدد معارضة الفلسفة والعرفان وإنما هي بصدد معارضة إدخال الفلسفة والعرفان إلى المعارف الدينية، يقولون ذالك علم والمعارف الدينية علم آخر ولهذا تسمى المدرسة التفكيكية، لابد أن لا نخلط هذه المناهج الفلسفية والعرفانية بمنهج القرآني والروائي، على أي الأحوال مدرسة السيد الطباطبائي من المدارس المعروفة والقوية ولكن إلى الآن لم تأخذ مجالها الحيوي في حوزاتنا العلمية، وإن شاء الله تعالى لا نريد أن نقول أنها في قبال المدرسة في النجف ولكن لها أسسها ولابد من الوقوف عليها، من أهم المواقف السيد البروجردي قدس الله نفسه موقفه من الفلسفة، طبعا هذا البحث أعزّائي خارج بحثنا ولكن من باب الإشارة أشير إليه إجمالا وإلا البحث يستحق أن نقف عنده طويلا واقعا، لأنه كتب كثير من الأعلام في ذلك من قبيل الحر العاملي وغير الحر العاملي كتبوا كتب في رد الفلسفة والتصوف و… . بشكل عام أعزائي هناك موقف سلبي من الفلسفة عند الفقهاء والمحدثين، الآن ما هي أسباب هذا الموقف السلبي ولماذا ينظرون بعين الريبة والشك إلى الفلسفة العرفان له بحثه الخاص به؟ سأشير إجمالا إلى بعض الأسباب، المهم يوجد موقف سلبي بين الفقهاء والمحدثين من الفلاسفة أو من الفلسفة والعرفان، طبعا في المقال كرد الفعل هناك موقف سلبي من الفلاسفة والعرفاء إزاء الفقهاء ولذا تجدون ملا صدرا عندما يأتي في مقدمة كتابه الأسفار يقول نحن نريد أن نبحث هذه المسائل المرتبطة بالتوحيد والعقيدة بحثا علميا دقيقا لا كما يبحثه الفقهاء والعوام، فيضع الفقهاء بجنب العوام، هذا رد فعل ذاك الفعل الذي على أساسه أخرجوه من إصفهان واضطر إلى أن يبقى سنين طويلة في قرية كهك ومسجده معروف، له مكان هناك، فكان ينزل بين مدة ومدة لزيارة قم ويرجع ومتنكر أيضاً خادم في مسجد لأنه كان مغضوب عليه من المؤسسة الدينية ولكنه الله أعطى لعمله هذه البركة الذي الآن تجدون بأنه نظرية ملا صدرا داخلة في كل بيت وكل علم، على أي حال هذا الموقف السلبي من الفقهاء أدى بهم إلى أن لا يعرفوا ويعتبروا العلوم الفلسفية والحكمية والعرفانية جزء من العلوم الدينية ولا هي من مقدمات العلوم الدينية، يعني الآن أنت لو تدخل إلى البحث الحوزوي، نتيجة يقبلون أن النحو الصرف والبلاغة هذه العلوم، هم لم يقبلوا أن الفلسفة والعرفان التصوف وغيرها لا من العلوم الدينية ولا من مقدمات و مهيئات الدخول للعلوم الدينية، النتيجة أصبحت هذه الفتوى التي ذكرها السيد اليزدي قدس الله نفسه في العروة في هذا المجال، هذه المسألة موجودة في باب الزكاة من أصناف المستحقين، يقول لو اشتغل القادر على الكسب بطلب العلم المانع عنه يجوز له أخذ الزكاة، يعني لو أنه كان مشتغلا بالعلم الذي يمنعه من التكسب أما إذا اشتغل بالحوزة ولا يمنعه من التكسب فلا يجوز له أخذ الحقوق الشرعية، فليكن في علم الأعزة إذا اشتغل إشتغالا يمنعه من التكسب، أما إذا لم يمنعه من التكسب فلا يجوز له الأخذ، ولذا الآن جملة من الأعلام في النجف وقم يقولون الذين يعملون في الوظائف وعندهم ما كيفيهم لا يجوز لهم أخذ الحقوق الشرعية لأنه لا يصدق عليهم هذا إلا بعناوين أخرى، بعناوين التبليغ لا بعناوين الفقر، نحن نتكلم الآن بعنوان الفقير، يقول لو اشتغل القادر على الكسب بطلب العلم المانع عنه يعني الكسب يجوز له أخذ الزكاة إذا كان مما يجب تعلمه عينا أو كفاية، وكذا إذا كان مما يستحب تعلمه كالتفقه في الدين اجتهادا وتقليدا، أما وإن كان مما لا يجب ولا يستحب كالفلسفة، إذن أخرجت كاملا من العلوم الدينية، كالفلسفة والنجوم والرياضيات والعلوم الأدبية، لمن لا يريد التفقه في الدين، يريد بأن يريد أن يتفقه فيجوز، فلا يجوز أخذه. هذه أعزائي الفتوى التي ذكره السيد اليزدي، الآن في هذه الفتوى طبعا المفصلات التي أشارت إلى هذا جملة من الأعلام عندما جاءوا إلى هذه المسألة بعد لم يعلقوا عليها لا بسلب، لا برد ولا بنفي يعني أيدوا، وأعلام مثل النائيني مثل السيد هادي الميلاني مثل الاصطهباناتي مثل السيد الشاهرودي، الممقاني، السيد البروجردي، شيخ عبد الكريم الحائري إلى آخره كلهم تقريبا الآن القائمة أمامي حدود ثلاثين من الأعلام من ذكرها السيد اليزدي إلى يومنا هذا لم يعلقوا على هذا الدرس، ما هي الأسباب بنحو الأجمال:
من الأسباب الأساسية لذلك ما ذكره السيد البروجردي قدس الله نفسه أو ما ذكر عنه في حياة السيد الطائفة الذي قلنا بالأمس تأليف شيخ محمود درياب النجفي ص 223، موقفه من الفلسفة، يقول: لقد وجهت مجلة الحوزة للشيخ المنتظري السؤال التالي، اشتهر أن السيد البروجردي كان مخالفا للحكمة والفلسفة، باعتبار أنه من تلامذة الشيخ المنتظري، ولهذا قد أمر العلامة الطباطبايي أن يترك تدريسه للفلسفة، الرجاء وضحوا لنا موقف السيد هذا، يسألون الشيخ المنتظري عن موقف السيد البروجردي، والشيخ المنتظري يجيب عن المسألة أعزائي نقلا حسيا بلا واسطة، يقول وأجاب الشيخ المنتظري أن العلامة الطباطبايي كان يدرس كتاب الأسفار وأنا كنت أدرس كتاب المنظمة، الشيخ المنتظري تلميد السيد البروجردي، في يوم من الأيام جاء المرحوم الحاج فلان الاصفهاني وقال أن السيد البروجردي بلغوا الشيخ المنتظري أن يعطل تدريسه للمنظومة ويأتي إلى بيتي، كما حصل لنا نحن أيضاً كنا ندرس بداية في مدرسة السيد الكلبايكاني فخرجنا من الدرس قالوا اليوم تعطلون الدرس، باعتبار أن السيد الكلبايكاني أيضاً من هذه المدرسة، قلت لهم أعطونا مجال 4 أو 5 أيام نجد مكان، قالوا يوم واحد ليس لك حق تبقى في مدرسة السيد الكلبايكاني.
ذهبت إلى بيته (الشيخ المنتظري) قال لي إن السيد قال لي بلغ الشيخ المنتظري أن يكتب أسماء تلاميذ العلامة الطباطبائي لنقطع معاشاتهم، فأول أسلوب للوقوف أمامه أنه نحاربهم في أرزاقهم، الآن هذا منهج، هذا المنهج توافق لا توافق، المهم احد مراجع الطائفة هذا موقفهم، يقول الشيخ المنتظري تعجب من هذا القرار وقلت له هذا غير ممكن، ما هذا القرار؟
طبعا أنا في كتابي حياة الطباطبائي الذي وزعته على الأعزة، عندي كتاب 250 حق هذا الرجل ضائع في الحوزة العلمية، كتبت عن حياة الطباطبائي سيرته هناك رسالة قوية عندما أراد أن يقطع الرواتب السيد الطباطبائي وجهها إلى السيد البروجردي وأنا ناقل الرسالة هناك، أنه أنت إذا عندك مشكلة معي ما ذنب الطلاب، اقطع راتبي لا راتب الطلبة وأنت لا تتصور أني أرفع يدي عن الفلسفة، والله لو أغلقت على جميع المدارس وكل مكان سأجلس في أزقة وشوارع قم وأدرس فلسفة، الرسالة جد شديدة في ذلك، وهذه صارت من نقلنا توزع أيضاً أصبحت لنا مشكلة من المتابعين لبيت السيد البروجردي أنه لماذا السيد نشر هذه الرسالة،
قال الحاج محمد حسين أنا أيضاً توصلت إلى أن هذا القرار غير صحيح، يعني الذي نقل له الخبر، قلت إذن نذهب إلى السيد، ذهبنا له وقلت له بلهجة صريحة، سيدنا ما هذا القرار؟ إن الفلسفة علم تعتني بها الجامعات في العالم، وأن موضوع فقهنا وأصولنا موضوع اعتباري، الفلسفة علم حقيقي والفقه والأصول علم اعتباري، لماذا تغلقون ذلك الباب؟ قال السيد البروجردي؟ التفتوا إلى العبارة، ينقل الشيخ المنتظري عبارات السيد البروجردي بلا واسطة، قال السيد البروجردي: أنا أيضاً على هذا الرأي، أنا أيضاً معتقد أن الفلسفة أيضاً ضرورية ولكن لابد أن تقرأ في الحوزات العلمية، وهو من أهم تلاميذ جهانكير خان القشقائي المعروف بأستاذيته في الفلسفة في أصفهان، يعني السيد البروجردي ليس إنسان الذي لم يقرأ الفلسفة، ولذا السيد الطباطبائي في رسالته يقول له بالقدر الذي أنت قرأت فقه نحن إذا ليس أكثر لم نقرأ أقل، يقول هذا للسيد البروجردي لأنه السيد الطباطبائي من النجف وهو مجاز بالاجتهاد من أعلام وكبار النجف لا أنه فقط كان فيلسوف ومفسرا.
قال السيد البروجردي: أنا أيضاً على هذا الرأي أنا درست الفلسفة لكن ماذا أصنع، من ناحية أرى أن بعض الطلبة لا يستوعبون الأبحاث الفلسفية ولهذا ينحرون، أنا شاهدت في أصفهان شخصا كان حاملا لكتاب الأسفار ويقول أنا الرب، ومن ناحية ثانية قد اعترض كثير من العلماء وضغطوا علي حتى أخذت هذا القرار، إذن القرار كان قرار شخصي أو بتعبيرنا من الحواشي الضاغطة؟ لا أعبر تعبير آخر. هذه واحدة من الأسباب ولهذا موقف السيد البروجردي، أريد أن أبين للأعزة خصوصا أولئك الذين ينقلون رأي السيد البروجردي من غير المعرفة، السيد البروجردي لم يكن عنده مشكلة مع الفلسفة، كان عنده مشكلة أنه ليس كل أحد لابد أن يقرأ الفلسفة وهذه القضية واضحة لا تحتاج إلى دليل، وثانيا هذا يقول بأنه صار ضغط علي، وإلا أنا لست معتقدا بهذا، هذا وجه.
الوجه الثاني للموقف السلبي هو بعض الروايات التي نقلوها في ذم الفلسفة، الإخوة الذي يريدون أن يراجعون هذا البحث أعزّائي بشكل إجمالي ورد في مستدرك سفينة البحار، للعلامة الشيخ علي النمازي الشاهرودي، مؤسسة النشر الإسلامي المجلد الثامن، صفحة 298، في مادة فلسفة أو فلسف، ذم الفلسفة، قال مولانا الصادق في رواية توحيد المفضل فتبا وتعسا وخيبة لمنتحلي الفلسفة، واحدة من أهم أدلة القوم رواية توحيد المفضل التي فيها تبا وتعسا وخيبة لمنتحلي الفلسفة، ثم أضافوا إليها جملة أخرى قالوا الفلسفة بتعبير العراقيين تأتي بالفقر، الآن معروف، يعني تورث الفقر، لم يقولوا تورث الفقر لأنه نحن حرمنا أنهم يعطى لهم حقوق شرعية، قالوا تورث الفقر، هذا المعنى بشكل واضح موجود هنا، أنا أعزائي لا أدخل في التفاصيل ولكن فقط أشير إلى أمرين، ما ذكره السيد البروجردي من انه أنني رأيت شخصا يقرأ الفلسفة، هذا لازمه نقضا أن نقول إذا واحد قرأ الفقه وانحرف إذن لابد أن نغلق باب الفقه، ما علاقته؟ هذه ليست مشكلة الفقه بل مشكلة طالب الفقه الذي لم يفهم الفقه، هذه ليست مشكلة الفلسفة، بل هذه مشكلة إما الأستاذ وإما الطالب، وإلا ليس المشكلة في العلم، وإلا لو صار البناء أي علم إلى أدى إلى انحراف عشرة نغلق باب العلم بعد لا يبقى عندنا علم.
وثانيا أن هذه الرواية بغض النظر عن السند، وارد في البحار ص 75، في توحيد المفضل، الرواية هذه، انظروا كيف أنه عندما تقتطع الرواية من سياقها تؤدي إلى هذه النتائج، انظروا ماذا يقول الإمام، لست بصدد المناقضة وفقط أريد أن أبين النكتة، قال: فتبا وخيبة وتعسا لمنتحلي الفلسفة، كيف عميت قلوبهم عن هذه الخلقة العجيبة حتى أن أنكروا التدبير والعمد في التدبير، إذن الإمام سلام الله عليه، يذم الفلسفة أم يذم الملحدين والمنكرين للتوحيد، أي منهم؟ كيف عميت قلوبهم عن هذه الخلقة العجيبة حتى أنكروا التدبير أولا وأنكروا العمد في التدبير، العمد يعني أنه ليس من مختار، هؤلاء هم الدهرية، المعروفون بالدهرية وهو أنه ما يهلكنا إلا الدهر، الإمام يذم هؤلاء، أما إذا كانت الفلسفة لأجل إثبات ماذا؟ هذا لا علاقة له بكلام الإمام، لكن لأنهم قطعوها عن وضعها وهذا هنا يأتي البحث التاريخي وهو أنه الظروف التأريخية وأنه الفلسفة التي كانت معروفة في زمان الإمام الصادق أي فلسفة؟ التي تؤدي إلى التوحيد أو الفلسفة تؤدي إلى الإلحاد، هذا أيضاً ما يرتبط بهذا.
أما اعتقادي في الفلسفة، أنا معتقد أن الفلسفة ليست من العلوم التي تقرأ لذات الفلسفة. العلوم على أنحاء بعضها تقرأ لذاتها، طبعا أنا معتقد أن الفقه ليس من العلوم الذي يقرأ لذات الفقه، وإنما الفقه يقرأ لأجل العمل، حتى علم الكلام أنا لا أعتقد أن علم الكلام يقرأ لأجل أنه علم الكلام، يقرأ لأجل الاعتقاد والإيمان، ما هو دور الفلسفة؟ في جملة واحدة كما أن علماء الفقه وجدوا ضرورة لإنشاء علم أصول الفقه يعني لتنظيم القواعد لعملية الاستدلال الفقهي أنا معتقد في الأمور العقائديّة في القرآن والسنة نحتاج إلى علم أصول العقائد كيف هناك علم أصول الفقه، هنا علم أصول العقائد، والفلسفة والعرفان هما علم أصول العقائد، الآن من حقك أنت تقبل بعض مبانيها وترفض بعض مبانيها، يعني عندما يأتي أمير المؤمنين سلام الله عليه يقول واحد لا كالعدد، إذن وحدة الله عددية أو غير عددية؟ لأنه تعرفون الآن عموم علماء المسلمين، كثير من الفلاسفة القدامة يؤمنون بأن الله وحدته وحدة عددية، كما أن هذا الكتاب واحد الله واحد إلا أمير المؤمنين أسس لهذا قال واحد لا كالعدد، كيف يمكن أن يكون موجودا وهو غير الموجودات ولا تكون وحدته غير عددية؟ هنا جاء الفلاسفة وجاء ملا صدرا قالوا لابد أن نؤسس مجموعة من القواعد لتنتهي بنا لإثبات أن الوحدة غير عددية، ومن هنا جاءت قواعد بسيط الحقيقة كل الأشياء وليس بشيء منها، هذه القاعدة لأجل إثبات أن الله وحدته غير عددية، وإلا هو لم يؤسس هذه القاعدة حبا بها، والدليل على صحة ما أقول، يقين عندي أن الأعزة الحاضرين خصوصا في الحوزة الفارسية، الذي يحضرون عند الأعلام يجدون أنهم عندهم موقف سلبي من الفلسفة، لابد أن يسألوهم مثل هذه السؤال، انظروا إليهم عندما ينفون الفلسفة من جهة ولكن عندما يأتون عند التوحيد لا يقولون إلا ما قاله الفلاسفة، إذا كانت مباني الفلاسفة مباني الدهرية وباطلة ومذمومة لماذا تستندون إليها في تقرير مطالبكم؟ حتى أهم كتبهم التفكيكية مبنية على قواعد ملا صدرا وأمثال ملا صدرا، لا أقول على قواعد ابن عربي وإن كان بعض أساتذتنا بشكل رسمي يذم ابن عربي وبعد جملتين يأتي بمباني ابن عربي، يقول الواحدية هكذا والأحدية هكذا، مع أن الواحدية والأحدية اصطلاحات ابن عربي ولا يوجد عندنا لا في آية ولا في رواية التمييز بين الأحدية والواحدية بالمعنى الذي يقوله العرفاء، ولكنه هم يقولونها وهذه كلها ثقافة وأدبيات ابن عربي، إذن أنا معتقد بهذا الاعتقاد أن الفلسفة والعرفان من أهم العلوم باعتبارهما علم أصول العقائد الواردة في الكتاب والسنة.
عود على بدء، بالأمس قلنا بأن رأي المشهور الآن في حجية الإجماع هو أن الإجماع ليس هو دليل مستقل في عرض الكتاب والسنة وإنما هو كاشف عن دليل شرعي معتبر، من هنا وقع الكلام بينهم ما هو هذا الدليل الشرعي المعتبر، هذا الدليل الشرعي المعتبر الذي جاء في كلماتهم توجد فيه عدّة احتمالات، الاحتمال الأول وهو وجود رواية وصلت إليهم ولم تصل إلينا وهذا هو الذي قرأناه من السيد البروجردي ورتب على ذلك قدس الله نفسه الشهرة الفتوائية، قال إذا اشتهرت فتوى بين المتقدمين أيضاً تكشف على وجود دليل لم يصل إلينا، كتاب المنهج الرجالي الذي كتبه سيد محمد رضا الحسيني الجلالي في صفحة 287 يقول: فلو أفتى المشهور، طبعا هذا الكلام ينقله تلميذه الشيخ الصافي الكلبايكاني ينقله عن السيد البروجردي، يقول فلو أفتى المشهور في مسألة لم يكن للفقيه عدم الاعتناء بفتاواهم ولا الجرأة على مخالفتهم فإن اشتهار حكم المسألة عندهم كاشف عن وجود دليل معتبر عليه، وهذا أيضاً من أهم الفوارق بين مدرسة السيد البروجردي وبين السيد الخوئي في النجف الذي لا يوجد عنده أي قيمة للشهرة الفتوائية، طبعا ومما ترتب على هذا أن عمل المشهور برواية ضعيفة يجعلها حجة عند السيد البروجردي ولكن السيد الخوئي يقول لا يجعلها حجة، وأنه ترتب أن إعراض الفقهاء المتقدمين عن رواية يسقطها عن الاعتبار عند السيد البروجردي ولكنه عند السيد الخوئي لا يسقطها عن الاعتبار، هذه كلها نتائج هذا المبنى.
سؤال: هذا الاحتمال صحيح أو لا؟ تعالوا معنا إلى الجواب الكامل الشافي الذي ذكره المحقق الأصفهاني في حواشيه على الكفاية، هناك في المجلد 3 من هذه الطبعة التي هي مؤسسة آل البيت، المجلد الثالث في الإجماع المنقول، يقول لا يخفى عليك إن مدارك الحكم الشرعي منحصرة في الكتاب والسنة والإجماع والدليل العقلي، هؤلاء يقولون لابد استندوا إلى دليل، الدليل هو إما الكتاب وإما السنة وإما العقل وإما الإجماع، أما الإجماع فلا يمكن أن هذا الإجماع استند إلى دليل شرعي وهو الإجماع، يقول وحيث أن الكلام في نفس الإجماع فما يستند إليه المجمعون لا محال غير الإجماع من المدارك الثلاثة الأخرى . يقول وأما الكتاب فليس هو المدرك لهم وعلى فرض استظهارهم، طبعا ليس لهم مدرك لأنه لو كان مدركهم لظهروه لنا، قالوا استندنا إلى الإجماع لقوله، كما السنة فعلوا ذلك، هذا أولا وثانيا قد تقول قد استندوا إلى آية لم يذكروها، يقول لعله كانت ظاهرة بالنسبة إليهم ولا يوجد فيه هذا الظهور، يقول وعلى فرض استظهارهم من آية خفيت علينا جهة الدلالة لم يكن فهمهم حجة علينا، إذن افترضوا أنهم فهموا من هذه الآية حجية الإجماع، وكذا ليس مدركهم الدليل العقلي إذ لا يتصوّر قضية عقلية يتوصل بها إلى الحكم الشرعي كانت مستورة عنا فينحصر المدرك في السنة لا الإجماع ولا الكتاب ولا العقل، إذن ما هو؟ السنة، وحيث لا يقطع بل ولا يظن بسماعهم لقول الإمام، لا يمكن أن يقول أحد أن هؤلاء سمعوا من الإمام مباشرة، لأنهم عاشوا في القرن الرابع والخامس، الشيخ الطوسي وشيخ المفيد وشيخ الصدوق الرابع والخامس، ومن الواضح بأنه الغيبة الصغرى بدأت إلى أواسط القرن الثالث وبعد انقطع الاتصال بأئمة أهل البيت، إذن إذا كان مستندهم السنة فلابد أن تكون رواية لا سماع مباشرة من المعصوم، وحيث لا يقطع بل ولا يظن بسماعهم لقول الإمام أو برؤيتهم لفعله أو لتقريره بل ربما لا يحتمل ذلك في زمان الغيبة إلا من الأوحدي فلا محال ينحصر المدرك في الخبر الحاكي لقوله أو فعله أو تقريره. الآن تعالوا إلى الرواية التي هي مستند الإجماع وفيه المحذور من حيث السند ومن حيث الدلالة، لو فرضنا أن هؤلاء المجمعين أجمعوا على أساس رواية ولم يكن إجماعهم على أساس التقليد، مرة أنت تحسن الظن بهم تقول هؤلاء أجمعوا كل له دليله، مرة تسيء الظن، تقول هؤلاء المجمعين واحد منهم قال والباقي خلفه قلدوه وإلا لا تحقيق ولا إجماع إلى آخر، هذا الكلام يقوله الشهيد الثاني في دراية الحديث في رسالة الرعاية لحال البداية في علم الدراية، ويقول لما عمل الشيخ بمضمونه في كتبه الفقهية، إذا عمل الشيخ برواية جاء من بعده من الفقهاء واتبعه منهم عليها الأكثر تقليدا له، من يقول بأنه هؤلاء كلهم أهل تحقيق حتى نقول أجمعوا؟ لا ليس كذلك، رأس قال والباقي انساق خلفه، بعد هذا الإجماع ليس له قيمة، يقول وآخر المطاف والنفس لا تطمئن إلى مثل هذا الإجماع بل ولا يحصل الوثوق بها بل بل بل…
إن شاء الله نقرأه من صاحب الجواهر، أريد أبين مدرستين: مدرسة قم ومدرسة نجف، قال واتبعه منهم الأكثر تقليدا له إلا من شذ منهم، واقعا شذوذ نجد من الفقهاء من كان من المجتهدين وأصحاب الرأي وإلا عموما من المقلدين ولم يكن فيهم، هؤلاء الذين نحن نقول اجمعوا ولم يكن فيهم من يثبر الأحاديث وينقب عن الأدلة، قال الشيخ الطوسي، هو أنت تستطيع أن تخالف الشيخ الطوسي؟، في زماننا أيضاً عندنا نماذج من هذا القبيل، فلان قال هذا، وانتهت القضية، ولو تذهبون إلى الحوزات تجدون هذا، طبعا في الواقع السني أمرّ من هذا بمراتب، الصحابة قالوا هذا، خلاص بعد يقتل الناس بالمجان على فعل صدر من صحابي، ولم يكن فيهم من يثبر الأحاديث وينقب على الأدلة بنفسه سوى الشيخ المحقق إبن إدريس الحلي، بعد مائة سنة من عصر المقلدة انبرى لهم ابن إدريس، ويكون في علمكم أنه واقعا في الثقافة الشيعية دور ابن إدريس مغيب، لماذا مغيب لأنه مثلا بحذف المتعلق، واقعا لا أدري لماذا دور هذا الرجل مغيب؟، واحد من أكابر فقهاء الإمامية ومن مجددي فقهاء الإمامية ابن إدريس الحلي، وكتب مكتوبة عنه، ولكن في الثقافة الشيعية آرائه موجودة، إذا نقلت آراءه تنقل بعنوان الرأي الشاذ لا بعنوان الرأي المحقق، ولكن الشهيد الثاني يقول إلا من الشيخ المحقق ابن إدريس الحلي وقد كان لا يجيز العمل بخبر الواحد مطلقا، هذا أيضاً من الأصل لا يقبل خبر الواحد، حتى لو كان صحيح، فما بالك نحن نحمل المعتمدين على خبر الواحد، على أي الأحوال يقول وفيه المحذور من حيث السند والدلالة أما من حيث السند فبأن المجمعين لو كانوا مختلفي المشرب من حيث حجية الخبر الصحيح عند بعضهم والخبر الموثق عند بعضهم الآخر والخبر الحسن عند الآخرين، لدل اتفاقهم على أنه كذا، وأما من حيث الدلالة فإن الخبر المفروض… إذن هذا الخبر حتى لو وجدنا إجماعا نقول لو وصل إلينا الخبر إما رددناه سندا إما رددناه سندا ودلالة، وكم له من نظير، يقول وقد وجدنا المشهور من المتقدمين على استفادة النجاسة من أخبار البئر مع أن الأمر عند المتأخرين بالعكس فلعل الخبر إذا نقل إلينا لم يكن ظاهرا عندنا في شيء، إذن هذا الاحتمال ساقط عن الاعتبار. والحمد الله رب العالمين.