المحاضرة﴿370﴾
أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد
إلى هنا اتضح لنا بأن الإجماع كما ذكرنا يمكن أن يكون مستندا ودليلا للكشف عن الدليل الشرعي بأحد وجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أن يكون اجماع المتقدمين كاشفا عن وجود دليل لفظي وقلنا هذا الوجه غير تام كما أشرنا إليه مفصلا.
الوجه الثاني: أن يكون الإجماع كاشفا عن أصل وقاعدة لعلهم استندوا إليها وبيّنا أيضاً أنه لو كان الأمر كذلك لأشاروا إليه ولكنه لم نجد في كلماتهم شيء يشير إلى ذلك، الوجه الثالث ولعله أدق من الوجهين السابقين وهو أنه أساساً أن مستند المجمعين ليس هو الدليل اللفظي ولا هو الأصل والقاعدة، وإنما مستندهم هو الارتكاز الذي تلقوه يدا بيد إلى أن وصل إلى هذه الطبقة من فقهاءنا القدماء.
هذا الوجه أيضاً أشرنا إليه مفصلا في البحث السابق واتضح بأنه لا يمكن أن يكون مستندا وإذا كان مستندا فهو مستند حدسيّ اجتهادي من قبل فقهاءنا المتقدمين، ومن هنا نحن نعتقد بأن الإجماع المحصّل لا يمكن أن يكون حجة، أما المنقول فواضح حسابه له حسابه الخاص وإنما الكلام في الإجماع المحصل، الذي هو أيضاً لا يمكن أن يكون دليلا شرعياً يمكن أن نثبت به حكماً شرعي، طبعا الآن أنا لا أريد أن أدخل في مسألة أخرى وهو أنه حتى على فرض تمامية مثل هذا الإجماع فإنه كيف يمكن أن نبني مسألة بهذه الأهمية على دليل الإجماع؟ بغض النظر على هذا الإشكال المهم الإجماع المحصل لا يكشف لنا عن دليل شرعيّ معتبر عندنا، نعم لعله كان هناك دليل شرعي معتبر عندهم ولكنه لا دليل أنه كلما هو معتبر عندهم بالضرورة أنه لابد أن يكون معتبرا عندنا ولهذا أكتفي بكلام لصاحب الجواهر (قدس الله نفسه) في جواهر الكلام المجلد 33 في ص 190، يقول: ولكن مع ذلك وكونه أحوط في ذيل المسألة السادسة من كتاب الظهار في الكفارات، يقول: لعل الاستحباب أشبه، هذه عبارة المتن، لعل الاستحباب أشبه (يعلق صاحب الجواهر) بأصول المذهب وقواعده التي من مقتضاها عدم حجية المرسل المذكور، وإن كان الذي ارسله إمامياً من أصحاب الإجماع هذه من الموارد التي وقع الخلاف فيها، أن أصحاب الإجماع إذا أرسلوا رواية فهل هي حجة أو ليست بحجة؟ هذه من الموارد التي يؤكد عليها السيد البروجردي أنه مثل هذا المرسل يكون حجة، ولكنه صاحب الجواهر بشكل واضح وصريح يقول ليس بحجة، أما وإجماع السيدين كغيره من اجماعات القدماء، المهم عندي هذه الجملة، كغيره من اجماعات القدماء لا يمكن وثوق بالمراد منها، نحن لا يمكننا أن نثق بمثل هذه الاجماعات الصادرة من القدماء لإثبات الأحكام الشرعية، لعلنا نتساهل في المستحبات والمكروهات ولكنه لا نستطيع أن نعتمد على الاجماعات لإثبات الوجوب والحرمة، ولهذا يقول: من اجماعات العلماء لا وثوق بالمراد منها على وجه تستريح النفس في الفتوى بها بالوجوب والحرمة، ونحن الآن في قاعدة الاشتراك نريد أن نثبت استحبابات الأحكام غير الإلزامية من المستحبات والمكروهات لو نريد أن نثبت الأحكام الإلزامية من الواجبات والمحرمات؟ يقول نحن لا نستطيع أن نثق بإجماعات القدماء، لعله هم وثقوا بها ويكشف لهم عن حكم شرعي إلا أنه ليس بالضرورة أنه نثق بمثل هذه الإجماعات، قال على وجه تستريح النفس في الفتوى بها بالوجوب والحرمة وإن قلنا بحجية الإجماع المنقول إلى آخره… . المحصل ذاك والمنقول له حساب آخر.
إذن أعزّائي في كلمة واحدة لا يمكن أن نثبت قاعدة الإشتراك وأن الأحكام مشتركة بين جميع الأفراد والأحوال والأزمان، لا يمكن أن نستند إلى دليل الإجماع، لأن الإجماع ليس بحجة مطلقا، من هنا أعزّائي واقعا يأتي هذا التساؤل وهو أنه إذن ما هو مراد المتقدمين أنهم دائماً يدعون الإجماعات؟ السيد المرتضى يدعي الإجماع، الشيخ الطوسي يدعي الاجماع، ابن عقيل يدعي الاجماع، صدوق يدعي الإجماع، ما هو المراد من هذه الاجماعات؟ طبعا هذا الذي أقوله يحتاج إلى استقراء كامل وأنا لم أستقرء ولكنه في ذهني لعله هذا هو مراد القدماء من الاجماعات، مراد القدماء من الإجماعات هو هذا: تارة نحن نسأل عن أن الإجماع هل هو دليل لإثبات حكم شرعي أو يستكشف به الدليل لإثبات الحكم الشرعي أو لا؟ الجواب كلا، لا هو دليل على الحكم الشرعي بخبر الثقة مثلا ولا هو طريق لاستكشاف دليل على الحكم الشرعي، إذن ما هو؟ الإجماع في كلمات المتقدمين في اعتقادي أنه حالة توصيفية يعني أن الشيخ الطوسي عندما يقول رأيا يفتي بفتوى يبين حكما يقولوا للآخر؟ من الأخر؟ يعني أهل الخلاف، يعني أهل السنة، يقول لا يتبادر إلى ذهنكم أن هذه المسألة أنا أقولها وعلماء الإمامية يقولون شيئا آخر، لا بل هذه فيما بيننا نحن تسالمنا عليها لا أن التسالم دليلنا بل أن التسالم… واحد دليله آية من القرآن وواحد دليله رواية وواحد دليله أصل وواحد دليله قاعدة ولكن الجميع إنتهينا إلى هذا الوجوب إلى هذه الحرمة. مثل الآن أضرب لكم مثالا: الآن لو جئنا إلى مسألة ولاية الفقيه في عصرنا، القائل فبالولاية الفقيه في عصرنا لا يستطيع أن يدعي أن هذا هو رأي علماء الإمامية، لأنه ليس هو رأي علماء الإمامية أما في المقابل لا أقل في زماننا من المعاصرين كثير منهم يقول بعدم ولاية أنه الفقيه لا توجد له الولاية خصوصا الولاية السياسية، يقول وأكثر علماءنا يقول، هذا عندما يقول وأكثر علماءنا ليس يعني أن الدليل هو الشهرة، هذا ليس دليله، واحد لعدم فلان دليل واحد لعدم فلان دليل ولكن الجميع أو الأكثرية انتهوا إلى عدم ولاية الفقيه، فهي توصيف لا أنها دليل على الحكم الشرعي، وأنا أتصور عندما تراجعون كتاب الخلاف للشيخ الطوسي في الأعم الأغلب يقول دليلنا الإجماع والأخبار، إذا كانت الأخبار موجودة بعد ما هي الحاجة إلى الإجماع، ما معنى دليلنا الإجماع والأخبار؟ يعني أن مستندنا لهذا الوجوب أو الحرمة هي هذه الأدلة الموجودة، الآن إما الأخبار إما الآيات القرآنية ولا يتبادر إلى ذهنك أيها المخالف أو أي شخص آخر، لا يتبادر إلى ذهنك أن هذا فهمي من الآيات والروايات بل كل علماء الإمامية فهموا هذا، إذن أعزّائي أنا معتقد أن الذي أدّى بالمتأخرين أو ما بعد المتقدمين سواء كانوا متأخرين أو متقدمين، أدى بهم إلى جعل الإجماع حجة، هو أنهم تصوروا أن المتقدمين أو قدماء علماءنا يريدون أن يذكروا الإجماع كدليل، مع أنهم لم يكونوا بصدد بيان الدليل بل كانوا بصدد التوصيف يعني أن هذه المسألة مختلف فيها أو لا؟ غير مختلف فيها، لا أن عدم الإختلاف فيها دليلنا على الحكم الشرعي، بل أنه هذه هي مسألتنا، على سبيل المثال الآن بينكم وبين الله إذا جئنا إلى مسألة عصمة الأئمة في زماننا على مختلف المدارس من حديثية من كلامية من فلسفية من عرفانية: الجميع يقول بأن الأئمة معصومين، لا يوجد خلاف في هذه المسألة، الآن قد يكون خلاف في درجة العصمة في مساحة العصمة في دائرة العصمة أما أصل العصمة لا يوجد فيها خلاف بين علماء الشيعة بمختلف اتجاهاتهم فلو أن شخصا من هؤلاء قال فقد اجمعت الشيعة يعني على عصمة الأئمة، هل هذا معناه أنه يريد أن يقول أن دليلنا على العصمة هو الإجماع؟ ومتى يكون الإجماع حجة في المسائل العقائديّة، إذا كان الإجماع حجة فهو في المسائل الفقهية وفي المسائل الفرعية لا في المسائل العقائديّة، إذن لماذا يقول والإجماع على هذا… هذا يريد أن يوصف يقول أنه لم يختلف أحد من علماء الإمامية في هذه المسألة. أما عندما تأتي إلى مسألة الولاية التكوينية، عندما تأتي إلى مسألة الوساطة في الفيض، أو مسألة العلم بالغيب ونحو ذلك هذا بعد لا يستطيع أن يدعيها، وعلماء الإمامية كلهم يقولون، لا، بعضهم يقولون وبعضهم لا يقولون، هذا لا يريد أن يجعل من عدم الإجماع يعني أنه ليس بحجة، لا، بل يريد أن يوصف حالة بين علماء الإسلامية أنهم تسالموا أم لم يتسالموا؟
إذن أنا أقول أن هذه الإجماعات من القدماء هي ليس اجماعا دليلا بل هو اجماع وصفي. وصف لحالة علماء الإمامية في عصر الغيبة الصغرى وما بُعَيدها، يوصف الشيخ الطوسي عندما يقول خبر الواحد حجة بالإجماع لا يريد أن يستند إلى الإجماع لإثبات حجية خبر الثقة أو خبر الواحد، وعندما السيد المرتضى يقول الإجماع على عدم حجية خبر الواحد، لا يريد أن يجعل من الإجماع دليلا على عدم الحجية، وإنما يريد أن يقول العلماء الإمامية هذا مبناهم، الآن لماذا خبر الثقة حجة أو ليس بحجة؟ كل بحسب دليله، هذا يثبت خبر ثقة حجة بهذا الدليل والآخر يثبته بدليل ثان، والثالث يثبته بدليل ثالث، ولكن الجميع ينتهون إلى نتيجةمحصلة إلى نتيجة واحدة، وعلى هذا الأساس فلا علاقة للإجماع، لا منقوله ولا محصله، لا محصله فضلا عن منقوله، لا علاقة له بعالم الدليلية والأدلة، لا بعنوان دليل مستقل ولا بعنوان كاشف عن دليل شرعي، وإنما هو توصيف لما هو رأي العلماء في ذلك الزمان، خلاص، من قبيل مسألة طهارة أهل الكتاب، أنتم تعلمون إلى قبل خمسين، مائة سنة مسألة طهارة أهل الكتاب أو نجاستهم من كان يقول بالنجاسة فتقول له لماذا؟ يقول دليلي أولا ثانيا ثالثا، هذا مضافا أن المسألة كل علماء الإمامية يقولون بالنجاسة، قول كل علماء الإمامية بالنجاسة ليس دليل مستقل وإنما يوصف الحالة، ولعل القائل الأول بالنجاسة استدل بالقرآن والثاني استدل بالروايات والثالث استدل بالاحتياط، ليس الإجماع أو التسالم هو الدليل بل هو توصيف حالة معينة ولذا بالنسبة إلينا لا قيمة للإجماعات في عالم الدليلية، نعم عندما نأتي إلى التوصيف لنعرف آراء العلماء في ذلك الزمان جيد جدا أنا أريد أن أعرف في ذلك الزمان علماء الإمامية ماذا كانوا يقولون، كما أننا نريد أن نعرف افترض في حوزة النجف ماذا كانوا يقولون في ولاية الفقيه؟ فنسقرأ الآراء، هذه الآراء لا بعنوان أن نقول إجماع على الحجية أو عدم الإجماع، فقط نريد أن نعرف آراء الفقهاء، نأتي إلى قم إلى مشهد أو أي حوزة علمية أخرى هذه استقراء الآراء تعطيك آراء تلك المجموعة في ذلك الظرف الزماني.
الآن لو تنزلنا وبنينا على مباني القوم، يعني إما على مباني السيد البروجردي، إما على مباني الطرف الثاني إما على مباني الاتجاه الثالث وهو الذي اختاره السيد الشهيد قدس الله نفسه وهو أن الإجماع المحصل وإن لم يكن دليلا شريعا بنفسه إلا أنه كاشف عن دليل شرعي. ما هي شروط حجية مثل هذا الإجماع؟ هل كل إجماع حجة أو إجماع إذا توفرت فيه الشروط الكذائية هو حجة؟ الحج واجب مطلقا أو إذا توفرت شروط وجوب الحج التي منها الاستطاعة؟ إلى هنا بنحو القضية المهملة قلنا لو تنزلنا وبنينا إما على الاتجاه الأول أو الاتجاه الثاني أو الاتجاه الثالث قلنا تام صحيح، نستكشف به الدليل الشرعي فما هي شروط حجية مثل هذا الإجماع؟ من قبيل أنكم في حجية خبر الواحد أولا تثبتون حجية خبر الواحد وبعد ذلك تذهبون لبيان شروط حجية خبر الواحد، أن يكون عدلا إماميا هذه من شروط أن يكون ثقة ولا يكفي أن يكون كذا، إذن أعزّائي هذه شروط حجية الإجماع، هذه الشروط نحن أشرنا إليها الإخوة يراجعون في كتاب الظن، بعد لا نرجعهم إلى مصادر أخرى، هناك في صفحة 412 من كتاب الظن، قلنا وفي ضوء ذلك فإن هناك مجموعة من الشرائط التي ينبغي تحققها لإثبات حجية الإجماع المحصل، الشرط الأول، أن يكون الإجماع من قبل المتقدمين، لا أي إجماع يكون حجة، لأنه في النتيجة أولئك الذين كانوا قريبين من عصر الغيبة الصغرى فلعله وصلت إليهم رواية لم تصل إلينا، لعله تلقوا ذلك من الارتكاز ولعله …. أما الذين تأخروا بعد ذلك وصاروا في القرن السادس والسابع وثامن تاسع وعاشر إلى زماننا هذا بعد لا قيمة لإجماعاتهم، وعلى هذا الأساس بعد حتى على مباني القائلين بحجية الإجماع لا قيمة لإجماعات العلامة والمحقق، بعد لا يقول أحد علامة مدعي الإجماع، فليدعي الإجماع، هذا نظره واجتهاده الشخصي، فضلا عما بعد العلامة، افترض في كلمات علامة المجلسي، واضح بأنه هذه الإجماعات لها قيمة؟ حتى القائلين بحجية الإجماع لا قيمة لها، أقول من فقهاء عصر الغيبة الذين يتصل عهدهم بعهد الرواة، وحملة الحديث والمتشرعين المعاصرين للمعصومين، لأنه هؤلاء هم الذين يمكن أن يكشفوا عن وجود رواية أو ارتكاز لدى المتشرعين.
الشرط الثاني: أن لا يكون لدى المجمعين أو بعض المجمعين دليلا استندوا إليه، وإلا لو ذكر بعض هؤلاء المجمعين الأدلة القرآنية الروائية الأصول العملية وغيرها بعد لا قيمة لمثل هذا الإجماع، لعلهم استندوا إلى هذه الأدلة ومن هنا جاءت قضية أن الإجماع إنما يكون حجة إذا لم يكن محتمل المدركية، إذا كان إجماعا تعبديا، أما إذا احتمل أن له مدرك، فضلا عن أنه علم أن له مدرك، حجة أو ليس بحجة؟ ليس بحجة، إذن كل هذه التي يقولها الشيخ في الخلاف وغير الخلاف دلينا الإجماع والأخبار بعد هذا الإجماع ليس له قيمة، لأنه محتمل المدركية لأنه عندما قال والأخبار لعلهم استندوا إلى هذه الأدلة، إذن لابد أن نحاكم تلك الأدلة التي وصلت إلينا، بأن لا يكون هناك مستند معين من المحتمل استناد المجمعين إليه، يكفي الاحتمال، يعني احتمال الاستناد يبطل حجية الإجماع، لا يشترط أن يقول نحن أجمعنا لكذا، حتى تقول لا لم يقل أحد منهم لكذا، ولذا قالوا أن الإجماع المحتمل الاستناد، المحتمل المدركية ساقط عن الاعتبار، وإلا لو كان المهم تقييم ذلك المستند نعم في هذه الحالة قد يشكل استناد المجمعين إلى دليل معين قوة فيه، يعني عمل الأصحاب فإذا صار مبناك أن الأصحاب برواية جابر لضعفها نعم تستطيع أن تقول أن الرواية وإن كانت ضعيفة ولكنه المتقدمون عملوا بالرواية فيكن عملهم جابر لضعفها، أما إذا لم تقبل هذا المبنى فهذا الاستناد أيضاً ليس له قيمة.
الشرط الثالث: أن لا توجد قرائن عكسية على خلاف الإجماع، ألسنا قلنا أن مستند المجمعين إما رواية وإما ارتكاز وإما قاعدة وأصل، إذا راجعنا الارتكازات، فإذا وجدنا أن الارتكازات على خلاف ما ادعوه من الإجماع في ذلك الزمان وليس في زماننا، يعني استقرأنا الوضع فوجدنا الارتكاز مخالف، عند ذلك يبقى حجية للإجماع أو لا يبقى؟
إذن أصل كلي قاعدة كلية على مباني الحجية، على مبنانا لا حجية له، على مبانيهم إذا وجدت قرائن معاكسة، الآن هذه القرائن إما قرائن لفظية إذا كان احتمال مستند المجمعين دليل لفظي، أو قرائن ارتكازية إذا كان مستند المجمعين الارتكاز المتشرع كما قاله السيد الشهيد، فوجدنا قرائن معاكسة بعد يبقى للإجماع حجة أو لا؟ أو لا اقل تضعف قيمة الإجماع وحجية الإجماع.
مثال: من المسائل المعروفة بينهم الإجماع على نجاسة أهل الكتاب، هذه ادعيت اجماعات كثيرة، السيد المرتضى في الانتصار الطبعة القديمة منشورات الشريف الرضي، في صفحة 10 قال: ومما انفردت به الإمامية القول بنجاسة سؤر اليهودي والنصراني وكل كافر وخالف جميع الفقهاء في ذلك، يعني فقهاء العامة، مما انفردت به الإمامية، يعني إجماع الإمامية على نجاسة سؤر اليهود والنصراني وكل كافر، هناك هذه يدعيها السيد المرتضى وكذلك الشيخ الطوسي في التهذيب المجلد الأول ص 223 في ذيل المسألة 637 قال: يدل على ذلك قوله فحكم عليهم بالنجاسة بظاهر اللفظ وأيضاً أجمع المسلمون على نجاسة المشركين والكفار إطلاقا وذالك يوجب نجاسة أسؤرهم ويدل أيضاً كذا وكذا، إذن ادعيت اجماعات فضلا عن العلامة وفضلا عن ابن إدريس الحلي وفضلا … كل هؤلاء ادعوا الإجماع على النجاسة؟ سؤال: لو فرضنا أن مبنانا هو مبنى الارتكاز، يعني مبنى السيد الشهيد، أن الإجماع كاشف عن وجود ارتكاز الآن تعالوا معنا لنذهب إلى زمن أصحاب الأئمة، لأنه السيد الصدر قال أن فقهاء عصر الغيبة تلقوا الارتكاز من أصحاب الأئمة، الآن تعالوا معنا إلى ارتكاز أصحاب الأئمة لنرى أن ارتكازهم كان قائم على النجاسة أو لا؟ فإذا وجدنا قرائن تدل على عدم وجود مثل هذا الارتكاز بعد هذا الإجماع يكشف عن وجود ارتكاز أو لا يكشف؟ لا أقل يكون مشكوكا فيه، السيد الصدر رحمة الله تعالى عليه في كتابه بحوث في شرح عروة الوثقى، عندما يأتي إلى هذا المطلب، في المجلد الثالث من هذه الطبعة، بحث النجاسات الكافر: يقول: إذن إذا رجعنا إلى عصر أقدم من عصور الفقه الإمامي، يعني إلى ما قبل الطوسي والمفيد والمرتضى والصدوق، رجعنا إلى الرواة الذين هم نقلوا الرواية، نجد أن قضية نجاسة الكفار، لم تكن أمرا مركوزا في أذهان الرواة إلى زمان الغيبة، بأي دليل؟ يقول: لأن أكثر الأسئلة التي وردت إلى الأئمة سألوهم أنه نحن نتعامل مع أهل الكتاب ونعلم أنهم يشربون الخمر، ونعلم أنهم لا يتجنبون النجاسات ونعلم أنهم يأكلون لحم الخنزير، ونعلم … إذا كانت نجاستهم ذاتية، لا يحتاج أنهم يشربون الخمر أو لا يشربون، إذن السائل يسأل عن النجاسة الذاتية أو العرضية؟ ليس في ذهنه أنه هؤلاء محكومون بالنجاسة الذاتية وإلا لا يسأل عن الكلب أنه يأكل القاذورة لأن الكلب نجاسته ذاتية، لا يحتاج أنه يأكل القاذورة، حتى لو يأكل ويشرب أكثر الأشياء طهارة لا يطهر، يقول أن قضية نجاسة الكفار لم تكن أمرا مركوزا في أذهان الرواة إلى زمان الغيبة ولهذا كثر السؤال عن ذلك بين حين وحين وفرض في بعض تلك الأسئلة أنهم يأكلون الميتة ولا يغتسلون من الجنابة كما في رواية فلان وفلان، عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة، ولا يغتسلون من الجنابة وينسجون لنا ثيابا فهل تجوز الصلاة فيها قبل أن تغسل أو لا تجوز؟ فلو كان المركوز في أذهان المتشرعة النجاسة الذاتية لا معنى بالتعليل بالنجاسة العرضية، ولهذا عبارته: وحيث أن الإجماع على مبناه هو قدس الله نفسه، وحيث أن الإجماع إنما يكون حجة باعتبار كشفه عن التلقي الارتكازي من عصر الرواة فيكون ما ذكرناه نقطة ضعف في كاشفية مثل هذا الإجماع، هذا على مبنى من يرى أن الوسيط بين المعصوم وبين المجمعين هو الارتكاز، الآن إذا كان الوسيط هو دليل لفظي فإذن وجدنا الروايات على خلاف الإجماع، أيضاً هذه تشكل نقطة ضعف بالنسبة… إلا أن يقول السيد البروجردي مع وجود هذه الروايات إعراضهم كاسر، ذاك مبنى آخر، الآن أنا أتكلم بالإجماع بما هو إجماع. إذن الشرط الثالث أن لا توجد هناك قرائن عكسية تضعف من حجية الإجماع.
الشرط الرابع وهو الشرط الأخير: أن تكون المسألة من المسائل التي لا مجال لتلقي حكمها عادة إلا من قبل الشارع، هذه المسألة من المسائل المهمة والضرورية التي لابد أن تعرف، وهو أن المسائل التي طرحت في كلمات علماءنا المتقدمين على نحوين، مسائل عرض لها الأئمة، إما من خلال الأسئلة إما ابتداء إما جوابا، هذه وردت في الروايات، ومسائل إن شاء الله تعالى غدا سآتيكم بكتاب المبسوط، ومسائل لم يعرض لهاالأئمة ولم يسأل احد عن الأئمة عنها، ولكن اتهم الإمامية أنه أنتم لستم أصحاب اجتهاد وأصحاب فروع ومن هناك يقول أن أنا كتبت المبسوط حتى أثبت لهم أنه عندنا اجتهاد وعندنا فروع، على أساس تلك المسائل التي طرحت في الروايات اجتهد فقهاء الإمامية فاستنبطوا أحكام هذه المسائل، وعلى هذه الأساس فالمسائل التي موجودة في كتب المتقدمين، مسائل متلقات من الأئمة ومسائل مستنبطة من تلك المسائل، الجواب: اشترط هؤلاء القائلون بحجية الإجماع قالوا لابد أن تكون المسالة من المسائل المتلّقاة عن الأئمة أما إذا كانت من المسائل الاجتهادية من الفقهاء فإجماعهم لا حجية لها. ولهذا قلنا أن تكون المسألة من المسائل التي لا مجال لتلقي حكمها عادة إلا من قبل الشارع، وأما إذا كان بالإمكان تلقيه من قاعدة عقلية مثلا أو كانت مسألة تفريعية قد يستفاد حكمها من عموم دليل أو إطلاق فلا يتم الاكتشاف المذكور يعني الإجماع يكشف عن الدليل أو لا؟ لا يكشف.
الآن بناء على ما تقدم، بناء على التنزل حتى لو تنزلنا وقلنا بحجية الإجماع المحصل، هذه الشروط متوفرة في هذا الإجماع أو غير متوفرة؟ وقد قرأتم أن المشروط عدم عند عدم شرطه ،أما الشرط الثاني فلا إشكال أنه غير متوفر لأنه اشترطنا في الشرط الثاني أن لا يكون احتمال المدركية وهنا يوجد احتمال المدركية في المقام أو لا يوجد؟ نعم قرأنا الإطلاق والاستصحاب وسيأتي بعد ذلك الأدلة اللفظية حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، إذن لعله هذا الإجماع كان مستنده هذه الأدلة التي كانت بأيديهم، إذن الشرط الثاني غير متوفر، أما الشرط الثالث وهو أنه لا توجد قرائن عكسية متوفر أو غير متوفر؟ واقعا هنا قد يقول قائل لا متوفر لأنه توجد قرائن مؤيدة وهي الروايات.
الشرط الرابع: يكفينا في عدم مثل هذا الإجماع هو أن يقال في حقه أنه محتمل المدركية والإجماع الذي يكون حجة لابد أن يكون إجماعا تعبديا لا إجماعا يحتمل المدركية.
والحمد لله رب العالمين.