أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
قلنا بأنه الطوائف الموجودة في المقام متعددة وقد استعرضناها بشكل تفصيلي بالأبحاث السابقة هذا هو البحث العاشر من هذا البحث الذي عنوانه فرع في دور الولاية في قبول الأعمال بتعبير كتاب جامع أحاديث الشيعة اشتراط قبول الأعمال بالولاية والإمامة. قلنا ما هو المراد من ذلك؟ أشرنا إلى الطوائف الواردة وبينا وجه الجمع، قلنا توجد عندنا على الأقل روايتان تبين وجه الجمع: الرواية الأولى من أصول الكافي وقد تقدم الكلام عنها أنّه من قام وحقق الشرط والمشروط معاً فهو مستحقٌ بالوعد الإلهي، أمّا من لم يحقق الشرط والمشروط إذا كان معانداً فيكون مؤاخذاً أمّا إذا لم يكن معانداً ومقصراً بل كان قاصراً جاهلاً ونحو ذلك فهذا يكون مشمولاً للفضل الإلهي وينجو يدخل إلى الجنة.
الرواية الثانية: وهذه الرواية واردة في الخصال للشيخ الصدوق وكذلك واردة في حديث الأربعمائة لعله يعد الحديث العاشر من باب الحديث الأربعمائة وكذلك وارد في تحف العقول ص119 في وصايا أمير المؤمنين على الصلاة والسلام، وكذلك وارد في ترتيب الأمالي الذي هو الترتيب الموضوعي لأمالي المشايخ الثلاث الصدوق والمفيد والطوسي وهو في رقم الحديث 1340 وكذلك بعض مقاطع من هذا الحديث وارد في ميزان الاعتدال للذهبي في ذيل الترجمة 3179 سفيان بن الليل الكوفي، ما هو نص الرواية؟ الرواية تفصيلاً واردة في خصال الصدوق ج2 ص629 قال: من أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه وقاتل معنا أعدائنا بيده فهو معنا في الجنة في درجتنا. إذن المرتبة العليا المحبة بالقلب والإعانة باللسان والقتال معهم لأعدائهم أيضاً هذا من الشواهد على أنّه لم يؤخذ فيه لا مسألة العصمة ولا مسألة… إلى آخره. وإنما كما ذكرنا في الأبحاث السابقة أنهم مفترضوا الطاعة. المرتبة الثانية من أتباعهم ومن أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه ولم يقاتل معنا أعدائنا، فهو أسفل من ذلك يعني ماذا فهو في الجنة ولكن أسفل من ذلك بدرجتين. المهم القسم الثالث قال: ومن أحبنا بقلبه ولم يعنا بلسانه ولا بيده فهو في الجنة. إذن الإمام جعل التشيع ثلاث مراتب: أعلاه فهو معنا في الجنة في درجتنا، بعده بدرجتين، بعده في الجنة، أمّا في الطرف المقابل، قال: ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ويده فهو مع عدونا في النار، إذن الملاك عدم الإيمان أو الملاك البغض؟ الملاك والضابط للدخول إلى النار واستحقاق النار عدم الإيمان؟ لا… الملاك ما هو؟ البغض كما أشرنا إليه تفصيلاً، بعد: ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه فهو في النار، أمّا من أبغضنا بقلبه ولم يعن علينا بلسانه ولا بيده فهو في النار. إذن واضح أنّه الإمام سلام الله عليه يميز درجات الجحيم. قد يقول قائل إذا كان الأمر كذلك على ماذا نجاهد بلسان وباليد؟ قال: لأهل الجنة لينظرون إلى منازل شيعتهم. تبين أن الجنة مختص بالشيعة أم لا؟ إذا كان مختص فلا معنى أن أهل الجنة ينظرون إلى منازل شيعتهم لأنّ الجنة لا يوجد فيها إلا الشيعة. إذن في الجنة يوجد غير الشيعة كما أشارت إليها رواية الخصال وهي في ص407 الحديث 6 قال: إن للجنة ثمانية أبواب وبابٌ يدخل منه سائر المسلمين ممن شهد أن لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرةٍ من بغضنا أهل البيت. قال أن أهل الجنة لينظرون إلى منازل شعيتنا كما ينظر الإنسان إلى الكواكب في السماء لأنّ هؤلاء حققوا الشرط مع المشروط، هذا الذي قالته الروايات التي قرأناها من تفسير العياشي قال: إن هؤلاء الذين لا يستطيعوا حيلةً إلى النصب فينصبون ولا يهتدون سبيلاً إلى الحق فيدخلون ففي هؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة وباجتناب المحارم التي نهى الله عنها ولا ينالون منازل الأبرار. المشروط مع الشرط. ولكن نظرية النجاة ليست مختصة بمن والاهم وآمن بهم وأقر بولايتهم وإمامتهم أبداً هذه كلها نصوص أمامنا وكثير منها بسحب اصطلاح السندي صحيحة السند. إذن الرواية الثانية أيضاً واضحة وصريحة في هذا المجال.
الآن أريد أختم البحث في هذا اليوم، إلى هنا قرأنا مجموعة الروايات ما هو آراء علماء الإمامية، سيدنا هذا رأيٌ مختص بك أم أن جملة من أعلام الإمامية يذهبون إلى ذلك. أولهم صاحب البحار الذي قرأنا عبارته سابقاً، المجلد الثامن ص363 قال: وأما غير الشيعة الإمامية من المخالفين وسائر فرق الشيعة ممن لم ينكر شيئاً من ضروريات دين الإسلام فهم فرقتان إحداهما المتعصبون المعاندون ممن قد تمت عليه الحجة فهم في النار. هذا ما في شك لأننا قلنا العناد والجحود فرع تمامية الحجة. والأخرى المستضعفون وهم الضعفاء العقول مثل النساء والبله وأمثالهم ومن لم يتم عليه الحجة أو كان في موضع لم يأتي إليه خبر الحجة فيرجى لهم النجاة من النار الذي عبرة عنه الرواية بفضل الله ورحمته لا بوعده الذي وعده كما قرأنا في مرآة العقول في المجلد 7 ص178، هذا المورد الأوّل.
المورد الثاني: ما قاله المازندراني شارح الأصول والفروع في ذيل الروايات التي قال فيها: إن الله عزّ وجلّ نصب علياً علماً بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمناً ومن أنكره… قلنا إن الإنكار فرع المعرفة ولهذا في روايات أخرى قال: بابٌ فتحه الله من دخله كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً. الخروج لا يكون إلا بعد تمامية الحجة، ومن خرج منه كان كذا… إلى أن يقول: ومن جهله كان ضالاً. إذن لا يمكن أن نجعل كل من لم يأتم بإمامة أهل البيت هم من الكفار هذه نظرية خاطئة لا أساس لها في كلمات أهل البيت من لم يأتم بهم على صنفين من تمت عليه الحجة ولم يقبل. نعم، كافر، لماذا؟ يعني إذا تمت عليه الحجة الله ورسوله نصبه وهو لا يقبل بما دل عليه الدليل القرآني والدليل الروائي هذا كافرٌ بلا إشكال. قال: ومن جهله كان ضالاً، وهو يقول في الحاشية (المازندراني في شرحه) قال: فهم بمنزلة من لم يسلك طريق الحق ولا طريق الباطل بل هو متحريٌ بينهما، هذا أيضاً حكمه كما أشرت، ولذا العلامة الشعراني في ذيل هذه الروايات بعد ما ينقل العلامة المازندارني يقول في الخبر: ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال الله تبارك…تدل على أوسع ممّا ذكره الشارع، حتى أوسع ممّا ذكره المازندراني وهو رجاء النجاة فيمن لم يعرض عنه، من أعرض عن الإمام لا يرجى له النجاة، أمّا من لم يعرض عنه وإن لم يدخل في ولايته ويؤيده العقل مع ضعف الأسباب وعدم التقصير أمّا إذا كان مقصر كان عليه أن يذهب ويسأل، الآن افترض أحداً سأل هو احتمل الحق في مدرسة أهل البيت وذهب وحقق وسأل… ولكن لم يصل إلى أنّه هم الحق، هذا معذور لأنّه بحث، كما أنت الآن الأعلم فلان وبحثت عنه وتصورت واعتقدت أن فلان الأعلم ذهبت يوم القيامة وتبين أنّه غير مجتهد أصلاً، أنت معذور أم لا؟ نعم، معذور. لأنّه الذي أنا الذي كان علي فعلت ولكن اشتبه علي. كذلك بالنسبة للآخرين هذا كلام المازندارني والشعراني.
وآخر كلمة أنقلها، ما ذكره العلامة سيد هاشم الحسيني الطهراني في شرحه على تجريد الاعتقاد للطوسي، في المجلد 8 ص777 المسألة التاسعة في قول المصنف ومخالفوه فسقة، هذا كلام المحقق الطوسي، ومخالفوه، مخالفوا الإمامة فسقة، يقول سيد هاشم الطهراني: الذي يدل عليه أخبارٌ عن الأئمة أنهم فسقة يعامل معهم معاملة المسلمين في الدنيا وأما في الآخرة (طبعاً الكلام السابق لا أوافق عليه إن شاء الله تفصيله يأتي) وأما في الآخر فمن خالف منهم مع العلم بالحق وكتمان ما أنزل الله من البينات والهدى يكون مع الكفار في النار، والمستضعفون منهم الذين عندهم مودة في القربى يرجى لهم النجاة برحمة الله تعالى وفضله. هؤلاء ملتفتون كاملاً إلا أنّه لابد أنّه ميت بين الاستحقاق بالوعد الإلهي وبين الدخول بحسب الرحمة الإلهية، برحمة الله وفضله وكذا من قال في أحد من الأئمة والسلام على من اتبع الهدى.
وخلاصة البحث: أصل من بحث هذه القضية بشكل تفصيلي وبالإمكان أن يرجعوا إليه هو السيد الطباطبائي في تفسير الميزان، هذا الكلام ذكره في ذيل الآيات 95ـ100 من سورة النساء المجلد الخامس ص51 تحت عنوان كلامٌ في المستضعف يقول: يتبين بالآية أن الجهل، يقول الآية المباركة وإن تكلمت عن بعض المصاديق ولكن تعليها عام لأنّ الآية ماذا قالت: { إلا المستعضفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلا فأولائك أن يعفو الله عنهم كان الله عفواً غفوراً} يقول أن الجهل بمعارف الدين إذا كان عن قصور وضعفٍ ليس فيه صنع للإنسان الجاهل كان عذراً عند الله، مرةً أن هذا الجهل منشئه منه هو نفس الجاهل وقصر هو لم يذهب ليتعلم هذا الجهل منشئه الجاهل، الآن الذي يعيش في قم أو النجف أو مشهد يعني يعيش في حاضرة علمية، تقول له كيف عندما تريد السفر كيف تفطر في بيتك وأنت مازلت لم تسافر. يقول بعد ساعة أسافر؟ إذا كان بعيداً عن أجواء العلم حقه فهو جاهل قاصر، أمّا إذا كان بين العلماء والعلم فهو جاهل مقصر وليس له عذر في جهله. إذن إذا كان الجهل بمعارف الدين عن قصور وضعفٍ ليس فيه صنع للإنسان الجاهل كان عذراً عند الله سبحانه، فعلى هذا الأساس بارتفاع الوسع إلى أن يقول فالجاهل بالدين جملةً أو بشيء من معارفه الحقة إذا استند جهله إذا ما قصر فيه وأساء الاختيار استند إليه الترك وكان معصية، أمّا إذا كان جهله غير مستند إلى تقصيره فيه أو في شيء من مقدماته بل إلى عوامل خارجه عن اختياره من تلك العوامل: أنّه سأل أهل الخبرة فأجابوه خطأ. هذا معذور وعمله مقبول ويترقى به إلى الله ولكن أنت ماذا؟ أنت مقصر مؤاخذ مسؤول قال: بل إلى عوامل خارجة عن اختياره أوجب له الجهل أو الغفلة أو ترك العمل لم يستند الترك إلى اختياره ولم يعد فاعلاً للمعصية متعمداً في المخالفة مستكبراً عن الحق جاداً له فله ما كسب وعليه ما اكتسب وإذا لم يكسب فلا له ولا عليه، ومن هنا يظهر أن المستضعف صفر الكف لا شيء له ولا عليه لعدم كسبه أمراً بل امره إلى ربه فأولائك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً وآخرون مرجون لأمر الله إمّا معذبهم وإما يتوب عليهم ورحمته سبقت غضبه، إذن ماذا سوف يتوب عليهم، هذا تمام الكلام في هذه المسألة، تتمة أبحاثنا تأتي إن شاء الله، نرجع إلى الأبحاث التي وهي هل يجوز التقليد للمجتهد أن في الأصول في العقائد في التفسير لكي يكون مجتهداً في الفقه أو لا؟ والحمد لله رب العالمين