نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (388)

  • أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على  محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    مسألة ترتيب الكلمات في الآية الواحدة، وترتيب الآيات في السورة الواحدة، وترتيب السور في المصحف، ما هو الاتجاه العام بين علماء المسلمين؟ بنحو الإجمال أشير إلى المصادر والبحث طويل الذيل بين علماء المسلمين، خصوصاً في مصادر علوم القرآن عند أهل السنة، فإن المسألة مطروحة من القديم وفي كتبنا أيضاً مطروحة، ولكنه ليست بتلك السعة وبتلك الاستدلالات، والوجوه التي ذكرت في كلمات علماء أهل السنة والشواهد الموجودة في كلماتهم، الحق والإنصاف فوق حد الإحصاء، ولكنه مع الأسف الشديد لوجود هذه القطعية العلمية بين الحوزة السنية والحوزة الشيعية نتصور أنّ المسألة غائمة أو مبهمة أو لا توجد لها أدلة، توجد بعد مسألة تحريف القرآن وأنّ القرآن محرّف بالنقيصة أو غير محرّف، والثابت قطعياً أنّه ليس بمحرَّف بعد هذه المسألة توجد عندنا مسائل ثلاث أخرى وراء تلك المسألة، المسألة الأولى هي أنّ الآية الواحدة تنظيم كلماتها وترتيب جملها، هل هو توقيفي أو ليس بتوقيفي؟ ولعل من أوضح مصاديق ذلك هذه الآية المباركة من سورة الأحزاب: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) هل هذا موقعها من هذه الآية؛ لأنكم تعلمون أنها جزء من الآية، بعض الآية وليست هي آية مستقلة، هل أنّ هذا موضعها؟ أو لا أن الآخرين تلاعبوا بها ووضعوها ها هنا حتى يضيعوا مضمونها، كما يحاول البعض أن يقول ذلك، أن موضع هذا المقطع ليس في أزواج النبي ونساء النبي، وإنما آية مستقلة، ولكن عندما جُمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وقع تلاعب في تنظيم مقاطع الآيات، فوضعوا هذا المقطع هنا لتضييع مضمونها ولتمييعها بوحدة السياق، هذه هي المسألة الأولى.

    المسألة الثانية: ترتيب الآيات في السورة الواحدة، هل أنّ الترتيب افترضوا في سورة البقرة أو أي سورة أخرى من القرآن، هذا الترتيب الموجود بين الآيات، والتقطيع القائم بين الآيات، هل هو توقيفي من النبي صلى الله عليه وآله؟ أو لا، أيضاً هذه من صحابة رسول الله مما وقع بعد رسول الله، وإلّا في عهد رسول الله لم يكن بهذا الشكل، وإنما مجموعة من الآيات هنا ومجموعة من الآيات هناك، وبعد ذلك جُمع بهذه الطريقة الموجودة بأيدينا، هذه القضية الثانية.

    القضية الثالثة: هو ترتيب سور القرآن، نعم يبدأ الآن الترتيب كما تعلمون يبدأ من هنا، يعني بعبارة أخرى يبدأ من سورة الحمد وينتهي بسورة الناس، هل أنّ هذا الترتيب القائم في المصحف الذي بأيدينا ترتيب نبوي، أو أنّه أيضاً مما حدث بعد رسول الله، طبعاً لا إشكال بين القوم أنّ ترتيب نزول السور لم يكن بهذا النحو الموجود في هذا المصحف من الناحية التاريخية، قطعاً أن ترتيب السور الموجود في هذا المصحف لم يكن بحسب ترتيب النزول، وإنما كان بشكل آخر، إنّما الكلام هل أنّ النبي صلى الله عليه وآله هو الذي تصرّف؟ مع أنّ بعض السور متقدمة، بعض السور متأخرة، فجعل المتأخر متقدماً وبالعكس؟ أو لا، هذا من عمل الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، أي منهم؟ ولهذا تجدون الآن بعض المفسرين فسروا القرآن الكريم من أوله إلى آخره على ترتيب شأن نزول السور، لا على الترتيب الموجود، ومنهم هذا التفسير الذي أشرنا إليه بالأمس، وهو التفسير الحديث لمحمد عزت دروزة، يعني أنتم عندما تأتون إلى الجزء الأوّل من هذا تجدون يبدأ تفسير سورة الفاتح،ة ثم تفسير سورة العلق، ثم تفسير سورة القلم، ثم تفسير سورة المزمل، ثم تفسير سورة المسد، ثم تفسير التكوير، ثم تفسير الأعلى، ثم الليل، ثم الفجر، ثم الضحى، ثم الشرح، ثم العصر وهكذا هذا الجزء الأوّل، هذا لا علاقة له بهذا الترتيب الموجود في هذا المصحف المبارك، السؤال: هل هذا الموجود بأيدينا من الترتيب، هو ترتيب نبويٌ، قام به رسول الله، ولازم هذا أنّ هذا الذي بأيدينا هو الذي كان يُتلى بهذه الطريقة في عهد رسول الله، يعني هذا المصحف الذي الآن بأيدينا بنفس الترتيب الذي بين الكلمات والآيات والسور، هو الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله، ما هو الموقف هنا؟ هذه المسائل الثلاث التي وقع فيها الكلام.

    تقريباً لا يوجد خلاف محقّق بين أعلام المسلمين بين الأمر الأول والأمر الثاني، الكل تقريباً، المحققون منهم، يقولون أن ترتيب الكلمات والجمل في الآية الواحدة، وترتيب الآيات في السورة الواحدة، هذا نبوي بلا إشكال، إنما وقع الاختلاف فيما يرتبط بترتيب السور، هل أنّه كان على عهد رسول الله وإن كان على خلاف شأن النزول؟ أو لا هذا من ترتيب الصحابة، تراجعو هذا البحث، من أفضل الكتب في هذا المجال الزيادة والإحسان في علوم القرآن، الجزء الثاني، صفحة 6 يقول: فأمّا ترتيب الآيات، يعني ترتيب الآيات في السورة الواحدة، لأن ترتيب الكلمات في الآية الواحدة مما لم يقل به أحد من المحققين، أساساً لا يوجد خلاف في تلك المسألة، إنما الكلام في هذه المسألة، فأجمعوا على أنّه توقيفي، نقل الإجماع على ذلك الزركشي في البرهان، وأبو جعفر بن زبير في مناسباته، وعبارته ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين، والنصوص المفيدة لذلك كثيرة جداً، بإمكانكم أن تجمعوا هذه الشواهد، من قبيل الأحاديث التي أمرت بقراءة خواتيم رسول الله يأمر هذه خواتيم أو أوتيتم خواتيم سورة البقرة كذا، هذا معناه أن البقرة كانت مشخصة، وهكذا آل عمران وهكذا إلى آخره، فعشرات الروايات من الصحيحة المعتبرة عند أهل السنة ذكرت شواهد لهذا المطلب، وفي  صفحة 12 من هذا الجزء الثاني يقول: وأمّا ترتيب السور، فاختلفوا فيه، هل هو توقيفي؟ يعني أنّه يبدأ بالحمد وينتهي بالناس؟ أو باجتهاد، فذهب إلى الأوّل جمع، وإلى الثاني جمع، والأوّل أوجه، ثم يشير إلى مجموعة من الشواهد يقول: وأمّا ترتيب السور فالراجح من أقوال العلماء أنّه توقيفي وليس من اجتهاد الصحابة، إذن في المسألة الأولى لا يمكن لأحد أن يختلف، أمّا في المسألة الثانية والثالثة أمّا الثانية فإجماع وأمّا الثالثة فأيضاً الأوجه كذا، هذا على مستوى كلمات علماء أهل السنة.

    تعالوا معنا على مستوى كلمات علماء الشيعة: في مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي في مقدمته في الفن الخامس يقول: وهو الذي نصره المرتضى (يعني أنّ القرآن لا يوجد فيه أي تحريف بالنقصان) واستوفى الكلام في غاية الاستيفاء، وذكر في مواضع أنّ العلم… إلى أن يقول: وذكر أيضاً (يعني الطبرسي ينقل عن المرتضى) أنّ القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجموعاً مؤلفاً على ما هو عليه الآن، هذه إشارة إلى أنّ هذا المصحف الذي بأيدينا لا فقط ترتيب الآيات بل ترتيب السور أيضاً كان على عهد رسول الله، ولكن مع الأسف الشديد أنظر كلمات أعلامنا المتقدمين، وانظر إلى هذه السفاسف التي قاله جملة من متأخري الإمامية، أن هذا القرآن محرف، وأنّ الآيات مو في مواضعها، وأنّ السور متلاعب فيها، وأنّه أساساً لا أثر لمثل هذه الكلمات في كلمات ماذا؟ إلّا ما قاله في تفسير علي بن إبراهيم، والذي اتضح بأنه أساساً هذا لعلي ابن إبراهيم أو لإنسان لعله مدسوس، لعله مغرض لعله عدوٌ في مدرسة أهل البيت ووضع هذه الروايات في علي بن إبراهيم، واستدل على ذلك بأن القرآن كان يُدرَس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان، فإذا كان موزعاً على الجلود والعظام كيف يدرس كيف يحفظ كيف يختم؟ لا معنى إلى ذلك كله، مع أنّه كله وارد في عصر رسول الله، حيث عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنّه كان يُعرض على النبي ويتلى عليه، وان جماعة من الصحابة مثل عبد الله ابن مسعود وابي بن كعب وغيرهما، ختموا القرآن على النبي عدّة ختمات، موجودة روايات صحيحة إذا لم يكن مجموعاً في كتاب كيف يختمونه، طبعاً كان يقرؤونه على رسول الله حتى يمضي، نعم هذا هو القرآن المنزل عليه وعلى قلبه صلى الله عليه وآله، وكل ذلك يدل بأدنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتباً غير مبتورٍ ولا مبثوث، وذكر أنّ ما خالف في ذلك من الإمامية والحشوية، يعني بعض الاخباريين، اعم من يكون من هذا الطرف أو ذاك، لا يعتد بخلافهم فإن الخلاف في ذلك مضافٌ إلى قوم من أصحاب الحديث، نقلوا أخباراً ضعيفة، ضنوا صحتها، فلا يُرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته، هذا كلام السيد المرتضى في قرن الرابع والخامس.

    السيد الخوئي أيضاً كلامه نفس هذا الكلام الذي أشرنا إليه في صفحة 252 يقول : تعارض أحاديث الجمع مع الكتاب، يقول: وإنّ السور كانت منتشرة بين الناس… إلى أن يقول: ومعنى هذا أنّ سور القرآن كانت في متناول أيديهم، وكذلك من الذين وقفوا على هذه المسألة بشكل جيد الشيخ اللنكراني قدس الله نفسه، في مدخل التفسير من الكتب المفيدة والمهمة في هذا المجال، في صفحة 287 من الكتاب يدخل إلى البحث ثم ينقل عن البلخي (الذي هو من علماء الشيعة) على ما نقله عنه السيد ابن طاووس في محكي سعد السعود ما لفظه: وإني لأعجب من أن يقبل المؤمنون قول من زعم أنّ رسول الله ترك القرآن الذي هو حجة على أمّته، والذي تقوم به دعوته، والفرائض التي جاء بها من عند ربه، وبه يصحّ دينه الذي بعثه الله داعياً إليه، مفرّقاً في قطع الخرق ولم يجمعه ولم يحصنه ولم يحفظه ولم يحكم الأمر في قرائته، وما يجوز من الاختلاف فيها وما لا يجوز، وفي إعرابه ومقداره وتأليف سوره وآيه، وهذا أمر لا يتوهم على رجل من عامة المسلمين، فكيف برسول رب العالمين.

    واقعاً هذا الوجه يكفي، ومن أقوى الوجوه بيني وبين الله أيهما أهم الإمامة أم القرآن؟ بنص حديث الثقلين القرآن هو الثقل الأكبر والعترة الثقل الأصغر وغير الأكبر، بينك وبين الله رسول الله يهتمّ بأمر الإمامة ما قد عيناه بعشرات ومئات المواقف، ولكن القرآن يقول: اتركوه، بيني وبين الله هذا المنطق يقبله العاقل؟ ومما تقدم اتضح عدم تمامية ما شكك به السيد الطباطبائي في الميزان، فإنّ السيد الطباطبائي في الميزان لا أريد أن أقول خالف، ولكنه لا أقل شكّك وناقش في الأدلة الدالة على تنظيم آيات سورة واحدة، وكذلك على تنظيم السور في المصحف الواحد، في الميزان المجلد الثاني عشر صفحة 128 يقول: هذا ما يدلّ، لكن الجمهور اصروا على أنّ ترتيب الآيات توقيفيٌ، أصر الجمهور مع أن هذا ليس رأي الجمهور، هذا رأي الإمامية أيضاً، هذا رأي السيد المرتضى مو الجمهور أصر على أن ترتيب الآيات توقيفي، لا، هذا إصرار علماء المسلمين شيعةً وسنة، وأنت خبير بأن هذه الروايات تدفع هذه الدعوى دفعاً صريحاً لا هذا مما لا نوافق عليه السيد الطباطبائي، وكذلك ما ذكره في صفحة 126 وصفحة 127 أنّ ترتيب السور إنما هو من الصحابة، وقد ذهب كثيرٌ إلى أنّه توقيفي، وهو أنّه يختار من الصحابة، ومما يؤسف له أن الشيخ معرفة أيضاً تبع السيد الطباطبائي في مسألة ترتيب السور لا ترتيب الآيات، يعني الشيخ معرفة رحمة الله تعالى عليه في كتابه التمهيد أيضاً آمن بأن ترتيب الكلمات في الآية الواحدة توقيفي، وترتيب الآيات في السورة الواحدة توقيفي، أمّا ترتيب السور في المصحف هو من الصحابة، بإمكان الأعزة أن يرجعوا إلى هذا البحث في التمهيد أو التمهيد في علوم القرآن الجزء الأوّل صفحة 280 يقول: وأمّا جمع السور وترتيبها بصورة مصحف مؤلف بين الدفتين، فهذا قد حصل بعد وفاة النبي، ذاك الدليل الذي أشرنا إليه وهو أنّ حجة النبي على البشرية إلى قيام الساعة إنما هو القرآن، ولهذا لم يعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله، نعم أكد أن اكتبوا الحديث، ولكن لم يعهد أنه أصر على جمع الحديث أبداً، وإنما أصر على القرآن؛ لأن هذه حجته الخالدة، وبهذا تحدى الأولين والآخرين إلى قيام الساعة، فكيف يمكن أن يتركه لمن بعده، وهو يعلم علم اليقين أن المسيرة من بعده ستقع بأيد أمينة أو سوف تنحرف؟ فكيف يمكن أن يتركها، مرة أنّه يعتقد أو يعلم أنّ بعده أيضاً المسيرة والرسالة تقع بأيدي أمينة، بأيدي علي عليه أفضل الصلاة والسلام وأهل بيته من بعده، لا محذور، ومرة لا، هو يعلم وبيّن في عشرات المواضع أنكم تفعلون أو لا تفعلون؟ قال: أمّروا علياً ولستم بفاعلين، في مسند احمد موجودة الروايات الصحيحة والصريحة، أنّه قال: إن أمّرتموها علياً حملكم على الصراط المستقيم، ولن تفعلوا، بينك وبين الله هذا الذي يعلم من بعده ماذا سيحدث، هذا الذي يشير إلى أنّه أوّل من يغير سنتي رجل من بني أمية، وهو يعلم كل هذا، ثم بعد ذلك يترك حجته بأيدي هذه الأيادي غير الأمينة، أمن المنطق هذا؟ في تفسير الحديث وهذا البحث لعله لم نجد أفضل ممن بحث هذه المسألة في الجزء الأوّل الفصل الثاني من صفحة 67 إلى صفحة 140 حدوداً 73 صفحة نقل الأقوال والروايات والشواهد والكلمات والأدلة وانتهى إلى نتيجة قطعية كما هو قال في صفحة تعليقات على الرواية والأقوال وترجيح تدوين وترتيب القرآن في عهد النبي ومرجحات ذلك حدوداً 55 صفحة بحث في هذه المسألة بإمكان الأعزة أن يرجعوا إليها تفصيلاً.

    يبقى سؤال: إذن ما الذي حدث في العهد الأوّل والثاني والثالث، خصوصاً في عهد الثالث والذي سُمّي هذا المصحف المصحف العثماني، إذن من الذي قام به عثمان، إذا كان كل شيء قد تمّ في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، إذن ما الذي حدث في عصر عثمان حتى يُنسب هذا القرآن إليه؟ الواقع كلمات كبار علماء السنة في هذا المجال ولكن كما قلت هذه القطيعة المعرفية بيننا وبينهم لم نعلم ماذا يقولون، أنا أنقل كلمة من كلماتهم التي وردت في الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، المجلد الأوّل صفحة 214 يقول: هناك تحت عنوان النوع الثامن عشر في جمعه وترتيبه، قال الحارث المحاسبي: المشهور عند الناس أن جامع القرآن عثمان، وليس كذلك، عثمان ليس هو جامع القرآن، والقرآن كان مدوناً مجموعاً مرتباً منظماً بين الدفتين في عهد رسول الله، وليس كذلك، إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد، ألسنا قلنا يوجد قراءات في القرآن الكريم؟ فأهل العراق لهم قراءة، وأهل الشام لهم قراءة، وأهل المدينة، أخذت بعداً قبلياً عشائرياً مناطقياً، كل واحد صاحب القراءة من منطقته فيرجح تلك القراءة التي من أبناء منطقته، وعندها بدأ الاختلاف بين المسلمين، أنا لا اعتقد فقط هذا الوجه وجوه أخرى موجودة أسماء أخرى وهي الروايات التي كانت في ذيل هذه الآيات التي كانت على حواشي هذه المصاحف، يقول: حمل الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار، استشار المهاجرين والانصار، أفضل القراءات وأحسن القراءات أيّ قراءة؟ قالوا هذه القراءة التي الآن نحن نقرأها في المصحف، لمّا خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في القراءات، لمّا وجد بدأ يقع الاختلاف وهذه خطيرة جداً، فإما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي نزل بها القرآن، فأمّا السابق إلى الجمع إلى آخره….

    ولهذا كتبت خمس مصاحف ووزعت على المراكز الإسلامية في ذلك الزمان، هذا بنحو الإجمال هذا المسألة الخطيرة.

    تحصّل مما تقدم هذه أقولها بنحو الفتوى واعتقادي في القرآن الكريم: أقول ذلك بنحو الفتوى العقائديّة بنحو العقيدة التي اعتقدها في القرآن الكريم أوّلاً: أن هذا القرآن الذي بأيدينا هو قرآن لم تقع فيه أي زيادة على الإطلاق وهذا بإجماع المحققين والعلماء من المسلمين.

    وثانياً: أنّه لم تقع فيه نقيصة تؤدي إلى الإخلال بالقصد والهدف التي جاء من أجله القرآن الكريم، لأن القرآن الكريم ذكر مجموعة من المواصفات لنفسه، فلو نقص القرآن، هذه المواصفات تبقى على حالها أو يقع فيها الاختلال؟ مع أننا نجد أن القرآن مختل أو غير مختل؟ لأنه لو كان من عند غير الله لوجدوا فها اختلافا كثيراً، فإذا نقص منه ربعه نصفه ثلاثه أو كذا آية منه، يقيناً هذه الآية وما يقعه فيه الاختلال، إذن ثانياً أن هذا القرآن الذي بأيدينا لم يقع فيه أي اختلال يؤدي الى التأثير على معانيه وما خالف ذلك فيرمى به عرض الجدار كانوا من السنة أو من الشيعة هذا الأمر الثاني.

    الأمر الثالث: أنّ ترتيب الكلمات والجمل في الآية الواحدة، وخصوصاً تلك الآيات التي تتجاوز مضامينها هما الثلاثة أربعة خمسة عشرة تجدون بعض الآيات نصف صفحة بعض الآيات ربع صفة بعض الآيات ثلثين من الصفة هذه تتركب من عشرات الجمل ومجموعة من الجمل وعشرات الكلمات، هذا ترتيب توقيفي نبوي، لم يقع فيه أي اختلاف أبداً، ومن قال خلاف ذلك بيني وبين الله احمله من باب الحمل على الصحة على الجهل، وإلّا لم يكن جاهلاً فجزماً مغرض ويريد إسقاط أهمّ حجة بل الحجة الوحيدة بيننا وبين الله للنبي صلى الله عليه وآله هذا الأمر الثالث.

    الأمر الرابع: أنّ تنظيم وترتيب الآيات في السورة الواحدة أيضاً كان على عهد النبي، وانه توقيفي من النبي، أنا عندما أطالع القرآن الكريم أجد عشرات الآيات انك تجد أن الآية انتهت ومتعلقها موجود في الآية اللاحقة، وهذا خير شاهد على أنّه توقيفي، وإلّا لو لم يكن توقيفياً لجعلوها الصحابة آية واحدة، في عشرات الموارد تجدون بأن الآية اللاحقة مرتبطة تمام الارتباط، أساساً تجدها جار ومجرور متعلق الفعل الموجود في الآية السابقة، لماذا هذا الفصل، من هذا الذي فصل؟ إذا كان لعقول الصحابة ولترتيب الصحابة جعلوها في آية واحدة، تجدون أنّ الآية الواحدة في مواضع متعددة مرة تتقدم كلمة على كلمة، مرة يوجد فيها حرف إضافي ومرة لا يوجد، هذا لو كان لعقول الصحابة جعلوها شكلاً واحد، لماذا اختلفوا فيها؟ تجدون في السور القصار بعض الآيات كلمتين كما في سورة البينة، بعض الآيات سبعة أسطر، إذا كانت هذه من جمع الصحابة كلها جعلوها آيات قصار واحدة بجنب الآخر؛ لأنه كل آية أو آيتين نصف صفحة، ما هو الدليل؟ اطمئنوا لا دليل إلّا انه توقيفي.

    الأمر الأخير أن ترتب السور في هذا المصحف إنما هو توقيفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن هنا قلت وأقول وسأقول أبداً مراراً وتكراراً أنّه لا يمكن أن يعدل القرآن أيّ شيء آخر، من هنا رد واضح على المنهج الاخباري، ردٌ واضح على المنهج الأصولي الذي يجعل الرواية هي المحور، وإنّما المحور لابد أن يكون هو القرآن لهذه الخصوصيات، بينكم وبين الله عشر هذه الخصوصيات موجود في الروايات أو غير موجود؟ بالأمس في بحث الأصول قلنا ومن امتيازات القرآن أنّه منقول إلينا بلفظ رسول الله، لا إشكال أنّ هذه هي الألفاظ التي خرجت من فم سيد الأنبياء والمرسلين، وأيّ حديث نستطيع أن نطمئن إليه هذا الاطمئنان الذي يوجد عندنا في القرآن الكريم، هذا الآية المباركة ما ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى، هذا أوّل مصداق له هي الآيات القرآنية نعم الأحاديث في نسبة ضئيلة ما تتجاوز إلّا الواحد بالمئة هي ألفاظ رسول الله والفاظ الأئم،ة وإلّا الباقي منقولة بالمعنى إلينا، ليست منقولة بالفاظ النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام.

    والحمد لله رب العالمين

    • تاريخ النشر : 2013/12/01
    • مرات التنزيل : 4342

  • جديد المرئيات