نصوص ومقالات مختارة

  • تعارض الأدلة (170)

  • أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    طبعاً هذا الذي ذكرناه بالأمس، وهو مسألة النقل بالمعنى، موضعه كان متأخراً، يعني نحن بعد أن نذكر منهج الأخباريين ونذكر منهج الأصوليين، قد يقول قائل: في النتيجة سيدنا من تختار؟ تختار المنهج الأصولي في الروايات أو المنهج الاخباري في الروايات؟ أنا أردت استبق الأبحاث أقول لا المنهج الأصولي في الرواية صحيح، ولا المنهج الاخباري في الروايات صحيح؛ لأن المنهج الأصولي في الروايات هو الاعتماد على السند، والمنهج الأخباري في الروايات هو المفروغ عن السند، وإلّا لا يوجد فرق أساسي إلّا في بعض النكات الأخرى التي ذكرها الاصوليون، وإلّا الفرق الذي ذكره الآن واحدة من أهم أعمدة المنهج الأصولي هو هذا التقسيم الرباعي للحديث، وهو الصحيح والحسن والموثق والضعيف، الذي بدأ من القرن السادس أو الثامن إلى يومنا هذا، هنا أنا أريد أبيّن الإشكالية العامة التي أصيب بها الحديث، واتضح لنا لماذا نجعل المحورية للقرآن الكريم ولن نعطي المحورية للحديث، ولذا ذكرنا مراراً وتكراراً نحن لسنا بصدد إنكار دور الحديث في فهم المعارف الدينية، نحن بصدد إنكار ورفض وعدم قبول محورية الحديث في فهم المعارف الدينية المحورية، لابد أن تكون للقرآن الكريم، ومن هنا التعبير الأدق لعله لهذا الذي طرحناه في شهر رمضان من إسلام الحديث إلى إسلام القرآن أن نقول: من محورية إسلام الحديث إلى محورية إسلام القرآن، لما اشرنا في درس الفقه وهو القرآن الذي بأيدينا هذا الكتاب الذي بأيدينا فيه من الامتيازات ما لا يوجد في أي كتاب حديثي، حتى ما يسمونه صحيح البخاري وصحيح مسلم، فضلاً عن الكافي والكتب الأخرى، فضلاً عن كتب المتأخرين، من يستطيع أن يدعي أن هذا الكتاب الحديثي هو على حد القرآن الكريم، يعني أنّ رسول الله أو أنّ أحد الأئمة هو الذي أشرف على تدوينه وعلى جمعه وعلى قبوله وعلى ترتيبه وعلى نظمه بالنحو الذي بأيدينا، هل يمكن أي كتاب حديثي أن يدعى هذا الادعاء؟ إذن بهذا امتاز القرآن امتيازاً لا نظير ولا شبيه له عن كتب الحديث، الامتياز الآخر، الامتياز الذي أشرنا إليه بالأمس، وهو أنّ الحديث المنقول إلينا (لا يتبادر إلى الذهن أنا عندي مشكلة شخصية أو مشكلة كذائية مع الحديث، لا هذه مشكلة موضوعية، هذه المعطيات الموضوعية للحديث بإقرار كبار علماء المسلمين من الشيعة والسنة لهذه المعطيات هم أقروا عليها) أيّ حديث سنياً كان أو شيعياً لا يخلو عندما ينقل إلينا من حالات ثلاث:

    الحالة الأولى أن نحرز أنّ هذا الحديث الذي نقله الراوي إلينا هي الألفاظ التي صدرت من النبي أو الإمام المعصوم كما نعتقد هؤلاء الذين قالوا عن أنفسهم أوتينا جوامع الكلم، بطبيعة الحال إذا أحرزنا ـ وطبعاً كيف نحرز؟ هذا بحث صغروي، ما هو الطريق للإحراز؟ إمّا بإجماع المسلمين وإمّا بقرائن أخرى وإمّا بتعدد الرواة واللفظ واحد وإمّا إلى آخره بعد هناك طرق متعددة لإحراز ذلك، وإمّا واقعاً لا يستطيع أحد أن يأتي بكلمات شبيهة بكلمات رسول الله صلى الله عليه وآله واقعاً لا يستطيع أحد، ولذا انتم الآن قايسوا بين الروايات الواردة عن الأئمة وبين بعض خطب نهج البلاغة، تجدون الفارق واضح بين كلمات إمام المتقين أمير المؤمنين وبين كلمات الأئمة المعصومين أيضاً، وهم أيضاً عندما يتكلمون في كثير من الأحيان يقتبسون جمل الإمام أمير المؤمنين، وهذا يكشف أن كلامهم فوق كلمات الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام، كيف نحرز؟ مرة نحرز بنحو القضية الحقيقية، نحرز أنّ هذه الألفاظ ألفاظ النبي، ألفاظ أمير المؤمنين، ألفاظ الإمام الرضا، ألفاظ الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام، إذا كان الأمر كذلك، من حقكم أن تدخلوا في هذه الأحاديث فتتعمقوا فيها وتخرج النكات والقواعد والأسس؛ لأنه كأنك سمعته من فم المعصوم عليه أفضل الصلاة والسلام، لا يقول لنا قائل عليك بالعرف، عليك بفهم أبداً علي بهذا الكلام كما هو في القرآن، يعني أتعامل مع النص النبوي أو النص الولوي المحرز أنّه منه، كما أتعامل مع النص القرآني، كيف أتعامل مع النص القرآني؟ أقول إذا الإمام يريد كذا لقال كذا، ولو أراد كذا لقال كذا، لما قال هنا واو مقصوده كذا، لما قال هنا فاء مقصوده كذا، لما قدم الجملة الخبرية مقصوده كذا، ألسنا نفعل ذلك في القرآن، نفعل ذلك في هذه النصوص التي نحرز أنها ألفاظ رسول الله أو ألفاظ الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام، ولكن كم رواية عندنا نحرز أنها من ألفاظ رسول الله ومن ألفاظ الأئمة، واقعاً أنا ما أريد أدخل في لغة الأرقام حتى يبدأ الإشكال، لكن يقيناً المساحة كبيرة لو صغيرة؟ المساحة صغيرة جداً، ما يمكن أن تقاس بمئات آلاف الروايات الواردة عن طرق السنة والشيعة، النسبة جداً قليلة، ولذا أنا مراراً ذكرت عندما نأتي إلى حديث الغدير، عندما نأتي إلى حديث المنزلة، عندما نأتي إلى حديث الثقلين، عندما نأتي إلى هذه الأحاديث، تجدون بأنّ هناك مجموعة من الألفاظ والجمل لا إشكال أنها صادرة من النبي، وأمّا الزيادات منها فهي مختلف فيها، لا نعلم أنها صادرة منه أو ليست صادرة منه، طبعاً لا نعلم أنّها صادرة منه باللفظ، وإلّا بالمعنى، نعم لعل الراوي، بأي دليل؟ بدليل أنهم جميعاً كانوا في مجلس واحد؛ لأنه حادثة الغدير متعددة أو واحدة، هسا حديث الثقلين متعددة المجالس في موارد متعددة النبي صلى الله عليه وآله قال، أمّا حديث الغدير مجلس واحد وواقعة واحدة، ومع ذلك تجد عشرات الصحابة كل واحد ينقلها بشكل، سؤال: هل يمكن أن نقبل أن رسول الله في مجلس واحد تكلم بعدة ألفاظ، أيعقل هذا الكلام؟ إذن هذا الذي يختلف فيها الصحابة في النقل هذا نقل الألفاظ لو نقل المعاني؟ طبعاً رواياتهم صريحة في هذا المجال، في كتاب الكفاية في معرفة أصول علم الرواية للخطيب البغدادي، قال عن أبي سعيد قال: كنا نجلس إلى النبي عسى أن نكون عشرة نفرٍ نسمع الحديث، فما منا اثنان يؤديانه على حرفٍ، غير أن المعنى واحدٌ، كلهم ينقلون بالمعنى، وإلّا إذا كان باللفظ ينبغي أن لا يختلفوا، فدليلنا على أنّ النقل بالمعنى هو اختلافهم، مع أن الواقع واحدة وليست متعددة، ومن هنا لا يمكن الاطمئنان كثيراً ولا يمكن ادعاء التواتر في كل ألفاظ حديث الغدير، الآن ارجعوا إلى كتاب العلامة الاميني قدس الله نفسه في الغدير تجدون بأن حديث الغدير له صيغ كثيرة، صيغ واسعة صيغ كثيرة صيغ متوسطة، لماذا؟ مع أن الحادثة واحدة؟ الدليل أن كثيراً من هؤلاء المساحة واسعة بل الأوسع نقلت الحديث بالمعنى، أمّا عندما تأتي إلى حديث السلسلة الذهبية الرواية تقول أن الآلاف كانت بأياديهم دوات وقلم للكتابة، ولذا تجدون الحديث: كلمة لا اله إلّا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي، لم يختلف عليها لا سني ولا شيعي، ولا موافق ولا مخالف؛ لأنه كتبت الألفاظ لم يختلف عليه، نعم البعض حاول أن يقطع منها بعض مقاطعها (وأنا من شروطها) ذاك بحث آخر هذا تقطيع مو نقل بالمعنى بل هو نقل للألفاظ، هذه الحالة الأولى وهي حالة قليلة جداً، حتى قال بعضهم : إذا حدثكم أحد قال إني أحدثكم بلفظ فاعلموا أنّه غير صادق، كلهم يعلمون لماذا؟ لأن التدوين والكتابة كان معهوداً على عهد رسول الله أو لم يكن معهوداً؟ لم يكن معهوداً، فلهذا يقول إذا حدثتكم وقلت لكم هذا كما قال رسول الله فلا تصدقوني، هذه هي الحالة الأولى.

    الحالة الثانية: أن نحرز أنّ المنقول إلينا ليست هي الألفاظ النبوية أو الولوية، وإنما المنقول إلينا بالمعنى، سؤال: كيف نحرز؟ الجواب: أيضاً من خلال القرائن كما أشرنا إليها قبل قليل، يعني عندما وجدنا حادثة واحدة اختلف فيها الرواة، إذن منقول إلينا باللفظ لو بالمعنى؟ بالمعنى، إذن هنا نحرز أنّ المنقول إلينا بالمعنى، السؤال: هل أنّ هذا المنقول إلينا بالمعنى حجة أو ليس بحجة؟ لأنّ الأدلة التي دلت عندنا الأصل أنّه ما هو الحجة؟ قول المعصوم، هل هذا قول المعصوم؟ مصداقاً هذا قوله أو ليس بقوله؟ ليس بقوله، هذا فهم الراوي.

    الذي ثبت هو آيات القرآن، الآن لو واحد يأتي ويقول: وكما أفهم من القرآن يعني المترجم، حجة كلامه أو ليس حجة كلامه؟ ليس بحجة، لعله أخطأ، لعله لم يفهم جيداً، لعله هذا قدر فهمه، أنزل من السماء فسالت أودية بقدرها، هذا قدره من فهم الآية، هذا حجة عليّ؟ ولهذا قالوا في المصاحف المترجمة لها حجية أو ليس لها حجية؟ ليس لها حجية، لأنه فهم المترجم، الذي ينقل بالمعنى أيضاً كذلك، من هنا طرحت مسألتان:

    أوّلاً: هل يجوز النقل بالمعنى أو لا يجوز؟ ذهب جمع من أعلام المحققين لا يجوز، وإذا نقل فلا قيمة له، وساقط عن الاعتبار، وهذا ما ذكره جملة منهم، هذا مقباس الهداية في علم الدراية، للعلامة الممقاني في صفحة 227 يقول: إنّه لا يجوز وهذا ما أكده أيضاً ما أكده الخطيب البغدادي: قال كثيرٌ من السلف وأهل التحري في الحديث لا تجوز الرواية على المعنى، بل يجب مثل تأدية اللفظ بعينه، من غير تقديم ولا تأخير، ولا زيادة ولا حذف أبداً، هذا هو الحجة لأن الأدلة دلت على حجية قوله، وهذا ليس بقوله، دلت على أن هذه الألفاظ حجة وليست غيرها، وهذا أيضاً ما أكده بشكل واضح العلامة المجلسي، العلامة المجلسي في المجلد الثاني كما قلنا يقول: وجوّز بعضهم في غيرها، إذن القول الأوّل يقول لا يجوز مطلقاً، نبياً كان أو غير نبي، ولكن الاتجاه الآخر يقول لا يجوز النقل بالمعنى، بأي دليل؟ الأصل جواز لو عدم الجواز؟ الأصل حجية قوله لو المنقول إلينا بالمعنى، أيّ منهما؟ لذاك من هنا وقع أعلام الشيعة والسنة في حيرة كيف يجوزوا النقل بالمعنى، فتارةً استندوا إلى السيرة العقلائية، وأخرى استندوا إلى مجموعة من الروايات السنية، ونادراً رواية أو روايتين شيعية، وأنا في اعتقادي من باب علامة الاستفهام، أنّ هذه الروايات موضوعة في الأعم الأغلب؛ لأنه إذا كانوا يريدون يحدثون لا يستطيعون أن يحدثوا بالألفاظ حتى يفتحوا الطريق بأنفسهم فوضعوا روايات في جواز النقل بالمعنى، ولذا انتم عندما ترجعون إلى الكفاية للخطيب البغدادي عندما ينقل الرواية قال: قلنا لرسول الله بأبينا وأنت أمنا يا رسول الله، إنا لنسمع الحديث فلا نقدر على تأديته كما سمعنا، قال: إذا لم تحلوا حراماً ولا تحرّموا حلالاً فلا بأس، ثم في الحاشية يقول: حديث باطل لا أصل له، أساساً ما معلوم هذا لفظ رسول الله لو أيضاً منقول بالمعنى، أصلاً هو لازمه أنّه من قال هذا حديث رسول الله إلّا إذا ثبت على مستوى حديث الغدير، على مستوى حديث الثقلين، على مستوى حديث المنزلة، وهو ثابت أو ليس بثابت؟ أساساً لم تثبت صحة هذه الأحاديث، فما بالك بتواترها اللفظي، الآن نريد أن نتنزل تقولون سيدنا نغلق باب الحديث، واطمئنوا أولئك الذين يريدون يفتحون باب الحديث أيضاً جاؤوا بهذه.

    الاتجاه الثاني ماذا فعل قال: نحن لا نقول أنّ كل أحد يستطيع أن ينقل الحديث بالمعنى، وإنما لابد من توفر شروطٍ، فإذا توفرت تلك الشروط يمكن الاستناد إلى حديث، بعد الإحراز انه نقل بالمعنى، ما هي الشروط؟ جملة من أعلام السنة والشيعة قالوا في حديث رسول الله لا يجوز أبداً، ضرورة غير ضرورة، الذي هو الحجة هو المنقول باللفظ، المنقول بالمعنى حتى من العالم أيضاً لا يجوز، نعم في حديث غيره يجوز النقل بالمعنى، يقول: وأمّا إذا كان عالماً بذلك، فقد قال طائفة من العلماء لا يجوز إلّا باللفظ أيضاً، حتى لو كان عالماً، وجوّز بعضهم في غير حديث النبي فقط، أمّا في حديث النبي يجوز أو لا يجوز؟ لا يجوز حتى لو كان من العلماء، عارفاً بحقائق الألفاظ، مجازاتها، منطوقها، مفهومها، يعني كل واحد من هؤلاء ينقولون الرواية لابد خمسة سنوات دارس علم الأصول، أنت لكي تقف على المنطوق والمفهوم والمجاز والحقيقة والكناية وغير ذلك، ولهذا انتووا تجدون أن بعض الرواة نسب إليهم بعض الاضطراب في كلماتهم لأنه لم يكنوا عُرباً، لماذا؟ كان جاي من الفارس كان جاي من افغانستان كان جاي من هندوستان كان جاي من كذا؛ لأنه هو ما يعرف اللغة العربية إذن لا يفهم الكلام هل مقدار يفهمه.

    إذن يقول حتى لو كان عالماً يجوز له في رسول الله أو لا يجوز؟ لماذا؟ لان رسول الله قال أوتيت جوامع الكلم، يعني أداء أدق وأفضل وأحسن وأوسع المعاني بأقل الألفاظ، هذا معناه، هذا واحد من معاني جوامع الكلم، الكلمة الجامعة يعني أدق وأعمق وأوسع وأحسن وأفضل، وهذا الذي تجدوها في كلمات القصار لإمام المتقين أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وهو تلميذ رسول الله، قال: لأنه افصح من نطق بالضاد، وفيه تراكيبه أسرار ودقائق، لا يوقف عليها إلّا بها (أي بالالفاظ) لأن لكل تركيب معناً بحسب الوصل والفصل والتقديم والتأخير وغير ذلك، لو لم يراعا ذلك لذهبت مقاصدها، بل لكل كلمة مع صاحبتها خاصية مستقلة كالتخصيص والاهتمام وغيرها، وكذا الألفاظ المشتركة والمترادفة، ولو وضع كلٌ موضع الآخر لفات المعنى المقصود، ومن ثم قال النبي: نظر الله عبداً سمع مقالتي وحفظها ووعاها وأداها، نحن الآن نلتزم بهذا الشروط أو لا نلتزم؟ نفس هذا الكلام يقوله الخطيب البغدادي أيضاً لا يقول مطلقاً وإنما يقول هذا، إذن في الحالة الثانية إذا أحرزنا أنّ المنقول إلينا بالمعنى لابد أن يكون الراوي والناقل من هو؟ قال النجاشي ثقة، بنيكم وبين الله هذا ميزان للثقة؟ بيني وبين الله العامي الذي رأس الشارع الذي يبيع البقالية لعله من حيث الوثاقة والإيمان والتقوى أفضل من كثير من الآخرين ماكو مشكلة ما أريد اصلي خلفه ما أريد ابحث عن العدالة أنا ابحث عن فهمه كيف نقل لي ذلك بالمعنى، ومن هنا أنت تريد أن تطمئن لشخص وتنقل عنه، بالإضافة إلى وثاقته وصدقه لابد أن تبحث هل أنّه عندما كان يقول النبي أو الإمام يكتب أو لا يكتب؟ هل كان من أهل الدقة والعمق أو لم يكن؟ هل كان من العلماء أم لم يكن؟ وهذه موجودة في كتبنا الرجالية؟ فهل يمكن الاعتماد على المنهج السندي أو لا يمكن؟ يسقط هذا المنهج بكامله، إذن الاحتمال الثاني أو الحالة الثانية أن نحرز أنّ المنقول إلينا بالمعنى لا باللفظ فهنا إذا قلنا بالجواز جواز النقل بالمعنى نقول ذلك ضمن مجموعة شروط وإلّا فلا قيمة للحديث.

    الحالة الثالثة وهي اخطر الحالة وهي انه لو شككنا أن هذا هو لفظ النبي أو الإمام أو منقول إلينا بالمعنى فما هو التكليف؟ يعني الآن تدخل أنت إلى كتاب الصلاة تدخل إلى كتاب الطهارة تدخل إلى كتاب النكاح تدخل إلى باب الطلاق إلى باب المعاملات وهذه الأحاديث الموجودة عموماً الأحاديث أحاديث الآحاد مو فقط ليست متواترة بل ليس كثير منها صحيحاً حتى وإنما هي مشهور مرسل وإلى غير ذلك، سؤال: فلو شككنا أن هذه الجملة هذا المقطع من كلامه هل هو منقول باللفظ حتى نتعامل كما تعاملنا مع الحالة الأولى أو منقول بالمعنى حتى يشترط في الراوي شروط فإن توفرت يقبل وان لم تتوفر لا يقبل ما هو الأصل في هذه الحالة؟ الاقايون أراحوا أنفسهم قالوا الأصل منقول باللفظ ومن هنا تجدهم على المنبر وعلى مجلس الدرس يأخذ اللفظ المنقول من زيد الثقة ويتعامل معه كما يتعامل مع النص القرآني وكأنه سمعه من فم الإمام الصادق مع انه كما يقال ثبت العرش ثم انقش أوّلاً ثبت أن هذا كلامه حتى تقول لماذا أن الإمام قدم هذه الكلمة ولم يؤخرها هذا إنما يتم في القرآن لماذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين ولم يقل نعبد إياك ونستعينه؟ تقول لنكتة ألف باء جيم دال إلى عشرات الوجود أليس كذلك؟ أمّا هذا الذي لم يحرز وكان موضع الشك وهي المساحة الواسعة الواسعة من الروايات لان إحراز اللفظ نادرٌ جداً إحراز المعنى أيضاً قد انه لا نحصل لأنه لم ينقل إلينا متعدداً وإنما شخصٌ واحد نقل الرواية الموجودة لا نعلم أنه نقل إلينا باللفظ أو نقل إلينا بالمعنى قالوا: أصل الوثاقة والأمانة يقتضي انه نقل إلينا إمّا باللفظ وإمّا بمعنى يرادف الألفاظ فلا يغير من المقصود شيئاً، شنو دليله؟ السيرة. إذا شفته راح للسيرة اعرفه عنده دليل أو ما عنده دليل؟ يريد يغطيها إليك. اطمئن أينما راح إلى المتشرعة وإلى السيرة اعرف انه لا يوجد دليل، فهنا اعتمدوا على السيرة وفي اعتقادي لا أنه لا توجد سيرة بل توجد قرينة لبية متصلة قطعية على خلاف هذه السيرة ما هي؟ تصريح العلماء، قالوا العلامة المجلسي قال: عادة بل يستحيل النقل باللفظ مع الوجود هذه الاستحالة الوجودية أو العادية كيف يمكن العمل بالسيرة هذا مضافاً إلى تصريحات أكثر علماء أو الرواة الذين نقلوا الرواية.

    خطيب البغدادي في صفحة 441 وكذلك في صفحة 449 قال سمعة سفيان الثوري يقول: لو أردنا أن نحدثكم بالحديث كما سمعناه أو كما سمعناه ما حدثناكم بحديث واحد فقط نقتصر على النقل باللفظ لان نقلنا الحديث أو لا ننقل؟ لان كل المنقول إلينا بالمعنى منقول لا بالرواية.

    الرواية الثانية: قال حدثنا زيد بن الحباب قال: سمعت سفيان يقول: أن قلت لكم إني أحدثكم كما سمعت فلا تصدقوني؛ لأنه لا يوجد كتابة للحديث في ذلك الزمان.

    رواية ثالثة: سمعت فلان قيل له حدثنا كما سمعت، فقال: لا والله ما إليه سبيل وما هو إلّا المعنى، وهكذا كل كلمات جملة من الصحابة وأكثر التابعين، ولهذا قال العلامة المجلسي قدس الله نفسه قال: لان المعلوم أن الصحابة وأصحاب الأئمة لم يكونوا يكتبون الأحاديث عند سماعها، ويبعد بل يستحيل عادة حفظهم جميع الألفاظ على ما هي عليه، وقد سمعوها مرة واحدة، خصوصاً في الأحاديث الطويلة، مع تطاول الأزمنة، ولهذا كثيراً ما يروى عنهم المعنى الواحد بألفاظ مختلفة، ولم يُنكر ذلك عليهم، ولا يبقى لمن تتبع الأخبار في هذا شبهة، أن المنقول إلينا منقول بالمعنى، إذن لا يقول لي قائل الأصل اللفظي أو كذا لا أبداً.

    فتاواي الحديثية: أوّلاً لا قيمة للحديث المروي سنة وشيعة وان كان صحيح السند، إلّا إذا كان قد احرز أن المنقول إلينا هو لفظ النبي صلى الله عليه وآله، أو احد الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام، وما لم يحرز لا قيمة له.

    ثانياً: فإذا لم يحرز اللفظ فلابد من إحراز أنّ الراوي كان من أولئك الذين يمكن الاطمئنان إليهم من جهات عديدة، حتى يمكن قبول نقلهم بالمعنى، من العلم واللغة والدقة والعمق ونحو ذلك، وإلّا إذا لم نحرز ذلك في الراوي فهل أن لحديثه المنقول  إلينا له قيمة أو ليست له قيمة؟ طبعاً هنا قد يقول قائل نرميه على الجدار؟ لا، لابد من وجوده العرض على القرآن، لابد من وجود قرائن أخرى، لا يكفي صحة السند، لا يكفي أنّه في كتاب معتمد، لابد من عرضه على القوائد العقلية.

    وثالثاً: أن مساحة واسعة جداً من الأحاديث الواردة في كتب المسلمين من السنة والشيعة لا يمكن الاعتماد عليها بمفردها، حتى لا يقول لنا قائل نسقطه؟ أقول له لا، هذا يبقى في حيز الإمكان، لعدم تحقق الشرطين المتقدمين، الإحراز، النقل باللفظ أو النقل بالمعنى مع الشرائط، وعلى هذا الأساس يتضح الإطار الفكري الذي اعتقده في الأحاديث، وهو أن الحديث بما هو حديث لا يمكن أن يكون منشأ بمفرده لاستنباط المعارف الدينية، وإنما لابد من توفر قرائن أخرى للتثبت منه.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2013/12/02
    • مرات التنزيل : 1565

  • جديد المرئيات