أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
كان الكلام في الوجه الذي اختاره جملة من أعلام الإمامية، سواء كانوا من المتكلمين، أو كانوا من الأصوليين، بل لعله هو المشهور في كلمات جملة من أعلام الفلاسفة أيضاً، وهو أنه لكي يتبين المراد من نظرية الأمر بين الأمرين، لابد من هذا البيان، التفتوا جيداً حتى عندما نأتي إلى الملاحظات يتضح بأنه هل ينسجم مع الدليل العقلي والنصوص الروائية، أو لا ينسجم؟
هذا الوجه الثالث أو هذا الوجه المشهور بين الأعلام، وخصوصاً أعلام الأصوليين كما أشرنا، يقول بأنه لكل فعل يصدر من الإنسان يوجد فاعلان لا فاعل واحد، هذا الأصل الأول، الأصل الثاني هو أنّ هذين الفاعلين أحدهما في طول الآخر، لا أحدهما في عرض الآخر، أنا فاعل وأنت فاعل ولكن أحدنا في عرض الآخر، لا أنا علة لك، ولا أنت علة لي، أما إذا كان أحدهما علة والآخر معلول، فيكون أحدهما في طول الآخر، إذاً الأصل الثاني أنّ هذين الفاعلين للفعل الإنساني، أحدهما في طول الآخر.
الأمر الثالث وهو أنّ الجهة التي يُنسب فيها الفعل إلى الفاعل الأول، غير الجهة التي ينسب إليها الفاعل الثاني، ليست من جهة واحدة، فإنه من جهتين، من حيثيتين، وهذا ما صرّح به جملة من الأعلام الذين قرأنا كلماتهم.
فيما يتذكر الأعزة السيد الخوئي قدس الله نفسه في المحاضرات، المجلد الثاني، صفحة (87) قال: إن أفعال العباد تتوقف على مقدمتين: المقدمة الأولى سموها كان التامة، يعني وجود الإنسان، إذا لم يكن الإنسان موجوداً هل يمكن أن يفعل فعلاً؟ الفعل فرع وجود الفاعل، إذاً الفاعل الله أوجده، الإنسان الله أوجده ومكّنه وأعطاه القدرة والأدوات والوجود والسمع والبصر والإرادة ونحو ذلك، الفاعل الثاني هو نفس الإنسان، بعد أن أوجده الله وأقدره ومكّنه هو يفعل فعله، ولهذا قال: والمقدمة الثانية تفيض من العباد عند فرض وجود المقدمة الأولى، وهذا معنى أنّ المقدمة الثانية هي في طول المقدمة الأولى، يعني عند وجود المقدمة الأولى، توجد المقدمة الثانية، وهذا معنى الطولية، يعني ما لم توجد الأولى لا توجد الثانية، وعلى هذا الأساس قلنا أن الفاعل الأول هو فاعل غير مباشر، فاعل بعيد، والفاعل الثاني الذي أوجد الفعل هو فاعل مباشر وفاعل قريب.
نفس هذا المعنى أشار إليه في أجود التقريرات حتى لا يقول قائل سيدنا هذه التقريرات لعل المقرر قال، لا، هذه حواشيه على أجود التقريرات للميرزا النائيني وقلمه مباشرة، لا أنه محاضرات ومنقولة عنه، في أجود التقريرات طبعة تحقيق ونشر مؤسسة صاحب الأمر، الجزء الأول صفحة (136)، رقم الحاشية (2) يقول: فإنّ وجود الفعل يتوقف على أنّ يُفيض الله تعالى الوجود والقدرة، يعني يُفيض الوجود والقدرة على زيد وزيد يوجد فعله، وغيرهما من مبادئ الفعل على العبد آناً فآناً، يعني لا كنظرية المعتزلة الذي يحتاج إليه المقدمة الأولى تحتاج إلى الله حدوثاً، لا تحتاج إلى الله حدوثاً وبقاءً، أما المقدمة الثانية وهو الفاعل القريب هو الذي يوجد فعله، على ما هو الصحيح من أن الممكن لا يستغني في بقاءه عن المؤثر، خلافاً لنظرية المعتزلة الذي قالوا يستغني عن البقاء للمؤثر.
نفس هذه النظرية يمكن للأعزة أن يراجعون تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر، الجزء الرابع صفحة (62و 64) للسيد محمد باقر الصدر، وكذلك يرجعون إلى تقريرات السيد محمود الهاشمي، الجزء الثاني صفحة (29): أن يكون لكل من الإنسان والله تعالى نصيب من الفاعلية، بمعنى كونهما فاعلين طوليين، أيّ أن الإنسان هو الفاعل المباشر للفعل، بما أوتي من قدرة وسلطان وعضلات وتمام القوى التي استطاع بها أن يُحرك لسانه ويديه ورجليه، والله هو الفاعل غير المباشر، بمعنى من باب أنّ هذه القوى مخلوقة له حدوثاً وبقاءً، في قبال المعتزلة الذين قالوا أنّ الله محتاج هذه محتاج إليه حدوثاً لا بقاءً، وهذا أحد الوجوه التي فسر بها الأمر بين الأمرين، وكذلك الأعزة الذين عندهم تقريرات السيد كاظم الحائري، الجزء الثاني من القسم الأول صفحة (60) نفس هذا البيان موجود.
كما يقال أنه هذه المسائل من خلال الأمثلة تقترب إلى الذهن أفضل، ولهذا السيد الخوئي قدس الله نفسه يضرب مثالاً من خلاله يبيّن ما هو الجبر، ما هو التفويض، ما هو الأمر بين الأمرين، هذا المثال موجود في أجود التقريرات المجلد الأول، صفحة (137) يقول: إذا فرضنا أنّ المولى أعطى لعبده سيفاً، مع علمه بأن العبد سيقتل أحداً بهذا السيف، فالقتل الذي يصدر باختياره هل نسنده إلى القاتل، أو نسنده إلى الله، أو نسنده إلى الله والقاتل، أيّ منهما؟ هذا فعل من؟ يعني عندما هذا العبد يقوم بقتل أحد، هذا الفعل فعل من؟ فعل الله؟ نقول الله قتل؟ أو نقول فعل زيد، زيد هو القاتل، أو نقول فعل الله وحده، ولا فعل زيد وحده، بل هو أمر بين أمرين، فالقتل إذا صدر منه باختياره، لا يكون مستنداً إلى المولى بوجه، فإنه حين صدوره يكون أجنبياً عنه بالكلية (عن المولى) غاية الأمر أنه هيأ بإعطائه السيف مقدمة إعدادية من مقدمات القتل.
يقول توجد ثلاث حالات: الحالة الأولى وهو إذا قلنا بأنّه أساساً الإنسان عندما قتل، أي دخل لا يوجد للمولى في القتل، أساساً لا علاقة له، هذا القاتل هو بقدرته وبفعله وبإرادته وباختياره، الله الذي هيئاً له السيف له مدخلية أو ليس له مدخلية؟ ليس له مدخلية، هذه نظرية المفوّضة، لهذا يقول وهذا هو واقع التفويض وحقيقته.
الآن تعالوا إلى مسألة الجبر: كما أنه إذا شدّ آلة الجرح بيد العبد، مع فرض ارتعاش اليد بغير اختيار العبد، وضع السيف بيد العبد، ويعلم أن هذا العبد يده ترتعش، يعني ترتعش باختياره أو لا باختياره؟ لا باختياره، فإذا وضعها بيد العبد ووقعت على أحد وقتلته، من الفاعل؟ الله الفاعل، لماذا؟ لأنه كان يعلم أنه إذا وضعه في يد العبد، العبد يستطيع أن يتصرف في يده أو لا يستطيع؟ لا يستطيع أن يتصرف، فالفاعل حقيقة هو الله وهذه نظرية الجبر، يقول فأصابت الآلة من جهة الارتعاش نفساً فجرحته، فالجرح لا يكون صادراً من العبد بإرادته واختياره بل هو مقهور عليه وهذا هو واقع الجبر وحقيقته.
بعبارة أخرى يد القاتل تكون فاعل للفعل، أو محلاً الفعل؟ تكون قابلاً للفعل ومحلاً الفعل.
أما الأمر الثالث وهو الأمر بين الأمرين، يقول: وإذا فرضنا أن يد العبد مشلولة، لا تستطيع أن تأخذ السيف بيدها لتضرب أحداً، ولكن لا يتمكن من تحريكها، إلا مع إيصالها بالقوة الكهربائية، يعني لو ربطناها بقوة كهربائية بالسلك، يستطيع هذا المشلول أن يحرك يده باختياره هو، ولكنّه قبل أن يوضع السلك في الكهرباء يستطيع أو لا يستطيع؟ لا يستطيع، يقول فأوصل المولى السلك بالكهرباء، الآن بدأت يده تتحرك، المولى يحركها أو هو يحركها؟ ليس المولى من يحركها، هو عنده اختيار أن يحرك يده، فأوصل المولى القوة إلى اليد بواسطة سلك يكون أحد طرفيه بيد المولى، فذهب العبد باختياره إلى قتل النفس، والمولى يعلم بذلك، فهذا فعل من؟ فعل المولى أو فعل العبد؟ يقول: هو فعل المولى وهو فعل العبد، أما فعل المولى؛ لأنه هو الذي أوصل السلك الكهربائي إلى يده، ويستطيع في كل آن أن يقطعه عنه، ولكن لم يقطعه عنه، هذا معناه حدوثاً وبقاءً، ولكن من رفع يده وضرب وقتل، المولى أو العبد؟ العبد، إذاً أمر بين أمرين، أمر منه بيد المولى، وأمر آخر بيد العبد، فلهذا يقول: فذهب العبد باختياره إلى قتل نفس، والمولى يعلم بذلك، فالفعل بما أنه صادر من العبد باختياره، فهو اختياري له، وليس بمقهور عليه، وبما أنّ السلك بيد المولى، وهو الذي يعطي القوة للعبد آناً فآناً، فالفعل مستند إلى المولى، وإلا لو لم يضع هذا السلك في القوة الكهربائية يستطيع أن يقتل أو لا يستطيع؟ فهو مستند إلى المولى، ومستند إلى العبد، وكل من الإسنادين حقيقي، من دون أن يكون هناك تكلّف أو عناية، وهذا هو واقع الأمر بين الأمرين، يعني الله أوجد الإنسان، وفي كل آن أفاض عليه الوجود والقوة والفعل والقدرة، والإنسان أوجد الفعل، فالأفعال الصادرة من المخلوقين، بما أنّها تصدر منهم بالإرادة والاختيار، فهم مختارون في أفعالهم، من دون أن يكون هناك شائبة قهر أو إجبار، وبما أن فيض الوجود والقدرة والشعور وغيرها من مبادئ الفعل، يجري عليهم من قبل الله آناً فآناً بحيث لو انقطع عنهم الفيض آناً لما تمكن العبد من فعل أبداً، فالأفعال الاختيارية بين الجبر والتفويض.
هذا هو المثال الذي ذكره سيدنا الأستاذ السيد الخوئي قدس الله نفسه لبيان الأمر بين الأمرين، الآن هذا المثال دقيق أو غير دقيق لا أريد أن أدخل فيه، كما تعلمون أن بعض الأحيان أن المثل يقرب من جهة ولكن يبعد من جهات أخرى، هنا الشيخ السبحاني يقول بأن هذا المثال غير دقيق أساساً ولا ينطبق على محل الكلام، الإخوة الذين يريدون أن يراجعون المصدر هو الإلهيات للشيخ السبحاني الجزء الأول صفحة (690) يقول هناك: الله فاعل بالتسبيب، والعبد فاعل بالمباشرة، فينقل المثال كاملة، والمثال الذي يبيّن حقيقة النظريات الثلاث ذكره المحقق الخوئي، إلى أن يقول: وهذا التمثيل مع كونه رفيع المنزلة في تبيين المقصود، إلا أنّ الفلاسفة الإلهيين لا يرضون بذلك، هذا لا ينطبق على ما يقوله الحكماء والفلاسفة والمتكلمون، يعني مثال ينطبق على الممثَّل أو لا ينطبق؟ لا ينطبق.
إذاً الوجه الثالث اتضحت خصوصياته، ما هي خصوصياته؟ أنه يوجد للفعل الصادر من الإنسان فاعل واحد أو فاعلان؟ فاعلان، ثانياً يوجد للفعل الواحد فاعلان عرضيان أو طوليان؟ طوليان، وهذان الطوليان كلاهما مباشر أو أحدهما مباشر والآخر غير مباشر؟ أحدهما مباشر والآخر غير مباشر.
هناك وجه رابع يشترك مع هذا الوجه، وهذا الذي يصر عليه جملة من الفلاسفة، قريب من هذا الوجه ولكن يختلف معه في جهة أخرى سأبينها، حتى عندما نجيب على الوجه الثالث والوجه الرابع معاً؛ لأنهما مشتركان.
الوجه الرابع يقول: نحن نسلم أن الفعل صدر من فاعل واحد أو من فاعلين؟ من فاعلين، وأحدهما أيضاً في طول الآخر، ولكن هناك الفاعل الأول من كان؟ الله، والفاعل الثاني من كان؟ العبد، فالفعل الصادر من العبد فعل مباشر للعبد أو فعل مباشر لله؟ الفعل الصادر فعل مباشر من العبد أما الله فاعل مباشر أو غير مباشر؟ هنا تنعكس القضية، يقول الفاعل الأول ليس الله العبد والله يفعل الفعل، فإرادة العبد فاعل غير مباشر والله فاعل مباشر، في الوجه الثالث ماذا كان؟ الله كان فاعل غير مباشر والإنسان فاعل مباشر، هنا كاملاً القضية تنعكس الإنسان فاعل غير مباشر والله فاعل مباشر كيف يعقل هذا الجواب قالوا أن الإنسان إذا أراد فعلاً من ما أنا الآن أردت فعلاً وهو رفع، أريد أن أرفع هذه الإرادة فعل من؟ فعل الإنسان ولكن هو يرفع هذه المسبحة أو الله يرفعها؟ الإنسان يقول لا الإنسان ما عنده قدرة أن يرفع شيئاً فقط عنده قدرة أن يهيأ الأرضية بإرادته والله يوجد الفعل وهذه هي نظرية أن الإرادة معد وأن الله فاعل، سؤال يوجد نضير لذلك في القرآن؟ نعم يوجد، من الذي يجعل هذه البذرة تكون شجرة مثمرة؟ يقول الله أنا جعلت البذرة شجرة مثمرة، إذاً ما هو فعل الفلاح؟ فقط يهيأ الأرضية أنه أرض صالحة للزراعة يعطيها ماء فقط وإلا الذي ينبت النبتة ويجعلها شجرة مثمرة من هو فلهذا القرآن يقول {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} يقول من قال أن الفلاح يزرع الفلاح يهيأ الأرضية حتى هذه البذرة عندما توضع تنبت، يعين يهيأ الأرضية وفي أفعال الإنسان الإرادة هي الأرضية وهذه هي المعبر عنها بالعلة المعدة يعني تهيأ الأرضية العلة الفاعلية التي توجد الفعل إذاً أيضاً هنا يوجد فاعل واحد أو فاعلان؟ الآن بعض يقول التعبير عن العلة المعدة بالفاعل هذا تعبير مسامحي لأن الفاعل إنما الذي يفعل الفعل وهذا لم يفعل الفعل وإنما هيأ الأرضية لإفاضة الفعل، لماذا؟ يقول كل هذا الكلام لأنه الله سبحانه وتعالى قال الله خالق كل شيء إذاً فعلي من خالقه الله، فإذا قلنا لا توجد لإرادة الإنسان مدخل أصبحت نظرية الجبرية، حتى يتخلصون من الجبر الأشعري ماذا قالوا؟ قالوا إرادة الإنسان هي المعد والمهيأ للأرضية لإفاضة الفعل ممن؟ من الله سبحانه وتعالى، ولذا السيد الطباطبائي رحمة الله تعالى عليه في نهاية الحكمة في صفحة (158) يعني الفصل الثاني من المرحلة الثامنة يقول وتنقسم إلى علل حقيقة وعلل معدة وشأن المعدات تقريب الشيء إلى إفاضة الفاعل هو الذي يفيض الفعل ولكن أنا ماذا أفعل؟ أهيأ الأرضية إذا لا أهيأ الأرضية من الذي يوجد الجنين في بطن أمه ويجعله جنيناً وبعد تسعة أشهر يكون طفلاً وإلى غير ذلك؟ الله أو الأبوين؟ بناءً على الوجه الثالث يقول الله أقدرني وأنا خلقت الجنين الله فاعل بعيد وأنا فاعل قريب بناءاً على الوجه الرابع يقول لا أنا كل الذي فعله الأب والأم أنهم نقلوا الحيامن المنوي من الرجل إلى المرأة أما الذي خلقه إنسان من هو؟ الله، {أفرأيت ما تمنون أأنتم تخلقون أم نحن الخالقون} مجانين أنتم تقدرون تخلون شيء الخالق من؟ الخالق هو الله، أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون إذاً ما هو دور الأبوين؟ دور الأبوين الإيجاد أو دور الأبوين الأعداد؟ فرق كبير بين الوجه الرابع والوجه الثالث، في الوجه الثالث الخالق من؟ الإنسان الأبوين الزارع، أما في الوجه الرابع الإنسان خالق أو ليس بخالق؟ موجد أو ليس بموجد؟ لا، ولذا في نهاية الحكمة الفصل الثامن من العلة والمعلول صفحة (177) في أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله فالعلل الفاعلية في الوجود معدات مقربة للمعاليل إلى فيض المبدأ الأول وفاعل الكل هو الله تعالى، إذاً هذا فعلي الآن رفعت هذا، هذا فاعله من؟ أنا أو الله؟ على الوجه الثالث فاعله من المباشر؟ أنا، على الوجه الرابع فاعله المباشر من؟ الله، تقول ما الفرق بين الجبرية وبين الأمر بين الأمرين؟ يقول لا الجبرية يقولون إرادة الإنسان ليس لها أي مدخلية هنا يقول لا إرادة الإنسان واختيار الإنسان للفعل هو الذي أوجب إفاضة الفعل.
إذاً الوجه الرابع له جهة اشتراك مع الوجه الثالث طبعا ًهذا الوجه الرابع نحن لم نذكره في الرسالة التي بأيديكم، قلت لكم في البحث السابق لا يتبادر إلى الذهن كل الذي نقوله هناك موجود في الرسالة هذا وجه لم نشر إليه هناك أبداً هذا الوجه الرابع غير الوجه الثالث، الوجه الثالث ذكرناه في الرسالة الإنسان بين الجبر والتفويض، أما هذا الوجه الرابع يشترك مع الوجه الثالث في نقطة ويفترق معه في نقطة أخرى يشترك معه في نقطة أيضاً يوجد عندنا ولو بنحو المسامحة فاعلان طوليان هذا مشترك في الثالث كان فاعلان وفي الرابع أيضاً يوجد فاعلان أما وجه الافتراق أنه هناك في الفاعل المباشر الإنسان هنا الفاعل المباشر من؟ هو الله.
سؤال: ما هو الموقف من هذين الوجهين اللذين يشتركان في بعض النقاط، وأنه حاول أن يصور الأمر بين الأمرين، من خلال تصوير فاعلين، أحدهما في طول الآخر، أحدهما مباشر والآخر غير مباشر، أحدهما قريب والآخر بعيد، مع الاختلاف في بعض الخصوصيت التي أشرنا إليها.
السؤال: نسأل أصحاب هذا الوجه حتى يتضح الجواب الحقيقي ما هو، وهو الوجه الخامس الذي سنشير إليه بعد ذلك، لو تسأل أصحاب هذين الوجهين الوجه الأول والثاني كان واضح البطلان للعلامة المجلسي وغيره، الكلام في هذين الوجهين التي عموم علماء الإمامية ذهبوا إلى هذين الوجهين التي ملا صدرا قال وذهبت طائفة أخرى وهم الحكماء وخواص أصحابنا الإمامية كلهم ذهبوا إلى ماذا؟ وهذا هو الوجه المشهور بين علماء الإمامية متكلمين فلاسفة أصوليين ولهذا هو أيضاً في الآخر الجزء السادس من الأسفار صفحة (372) يقول إن هذا المذهب أحسن من الأولين يعني أحسن من الجبر وأحسن من نظرية التفويض واقعاً أحسن منهم، ولكن لو نسأل هذا السؤال من أصحاب هذه النظرية أنه أنتم عندما جعلتم للفعل فاعلين قلتم أنه لكل فعل يصدر يوجد فاعل واحد أو فاعلان؟ يوجد فاعلان، هذا الفعل الذي يصدر من فاعلين من جهة واحدة يصدر من فاعلين أو من جهة يصدر من فاعل ومن جهة أخرى يصدر من الفاعل الثاني؟
انظروا ماذا يقول السيد الخوئي قدس نفسه، في أجود التقريرات الجزء الأول صفحة (137) يقول فالأفعال الاختيارية بين الجبر والتفويض ومنتسبة إلى المخلوقين من جهة وإلى الخالق من جهة أخرى، إذاً حيثية الانتساب واحدة أو متعددة؟ حيثية الانتساب متعددة سواء قلنا بالفاعل القريب والفاعل البعيد كما في الوجه الثالث أو قلنا بالمعد والفاعل الحقيقي كما في الوجه الرابع، هنا تأتي الملاحظة الأولى وهي أنه ماذا استفدنا من الروايات التي تقدم الكلام عنها في الفصل الثالث؟ يتذكر الأعزة ماذا قلنا؟ قلنا لابد من توفر كم أصل لكي نفسر الأمر بين الأمرين؟ الأصل الأول أن لا يلزم منه الشرك، الأصل الثاني أن لا يلزم منه الغنى والربوبية، الأصل الثالث أن نفس يكون أمراً بين الأمرين، وهنا استطاع الوجه الثالث والرابع أن يصور بين الأمرين في نفس الفعل أو لم يستطع؟ لم يستطع، لأنه جعل أحد الأمرين في جهة لأنه قال أمر بين أمرين جعل هذا الأمر من جهة مرتبط بفاعل ومن جهة أخرى مرتبطة بفاعل آخر إذاً هذا لا ينطبق عليه هذا ليس محل النزاع أنه من جهتين هل يتعدد الفاعل أو لا؟ نعم إذا تعددت الجهة تعدد الفاعل ما فيه شك هذا، إنما الكلام كل الكلام ماذا؟ تعالوا إلى كلمات المجبرة أو الجبرية والمفوضة تجدون أنهم يقولون هذا الفعل جبري المفوضة ماذا قالوا؟ قالوا هذا الفعل تفويضي الإمام ماذا يقول الأئمة ما يقولون عليهم أفضل الصلاة والسلام يقولون هذا الفعل أمر بين الأمرين ليس من جهة هذا ومن جهة ذاك نفس الفعل لابد أن يكون أمر بين أمرين؟ وصرح السيد الخوئي أنه استطاع أن يصور ذلك أو لم يستطع؟ قال منتسبة إلى المخلوقين من جهة وإلى الخالق من جهة أخرى إذاً لم يكن الفعل أمر بين أمرين، هذا الفعل في الوجه الثالث صار فعل العبد خالصاً نعم فاعله مخلوق لمن؟ لله، حدوثاً وبقاءً، في الوجه الرابع صار هذا الفعل فعل الله خالصاً نعم الإرادة ممن من العبد هذا ما جعل الفعل أمر بين أمرين، إذاً الملاحظة الأولى على هذين الوجهين الثالث والرابع أنهما لم يستطيعا أن يصورا الأمر بين الأمرين في نفس الفعل الصادر من الإنسان.
الملاحظة الثانية قرأتم في الأبحاث الفلسفة في البداية في النهاية، الإخوة الذين قرؤوا المنظومة والأسفار أن الموجودات أعم من أن تكون واجبة أو ممكنة على أربعة أقسام، وهذه الأقسام الأربعة معروفة في الكلمات، كل من قرأ ألف باء الفلسفة يعرفها، بل حتى في الأصول ذُكرت هذه، حتى في الكلام الذي قرأ التجريد أيضاً ذكرت هذه المسائل، وهي أن الوجود إما في نفسه لنفسه بنفسه هذا القسم الأول، والقسم الثاني الوجود في نفسه لنفسه بغيره، القسم الثالث الوجود في نفسه لغيره بغيره، القسم الرابع الوجود في غيره لغيره بغيره، ما هو المقصود من هذه الألفاظ؟ بنحو الإجمال المراد من بنفسه أو بغيره يعني الواجب أو الممكن، إذا كان الموجود لا يحتاج إلى علة توجده، كما في واجب الوجود، فهو موجود بواسطة غيره أو موجود بذاته؟ موجود بذاته، لا يحتاج إلى علة من غيره لكي يوجد ذلك الموجود، هذا نعبر عنه بنفسه، أما الموجود الذي يحتاج إلى علة من الخارج حتى يوجد الشيء، نعبر عنه بغيره، ولهذا وجدتم أنّ القسم الأول سوف يكون هو الواجب؛ لأنه فقط القسم الأوّل صار بنفسه، وإلا القسم الثاني والثالث والرابع كله بغيره، يعني كله يكون محتاج إلى موجد وخالق، الآن تعالوا إلى الممكن، هذه الموجودات الممكنة على ثلاث أقسام القسم الأول موجودان أحدهما منعزل عن الآخر وغير محتاج إليه لا هذا محتاج إلى هذا ولا هذا محتاج إلى هذا ولهذا لو علم هذا هذا موجود ولو علم هذا هذا موجود، هذا نسميه وجود جوهري يعني وجوده في نفسه ولنفسه ليس لغيره أما بغيره فهو واضح معلوم، في قبال وجود العرض لون هذا الكتاب بالنسبة إلى الكتاب اللون يمكن أن يكون موجوداً إلى عدم الكتاب أو يمكن أن يوجد؟ لا يمكن، لماذا؟ لأنه عرض ما معنى عرض يعني وجوده في الخارج متكأ على الغير ما دام الغير موجود هو أيضاً موجود إذاً إذا عدم الغير هو أيضاً يعدم، هذا نسميه الوجود الإمكاني العرضي، عندنا نوع ثالث من الموجودات الممكنة هذا أساساً طبعاً وجود العرض له وجود ولكنه متكأ إلى الغير له لنفسه ولكنه متكأ على الغير مثل اللون بالنسبة إلى الجسم على سبيل المثال، عندنا نوع ثالث من الموجودات نسميه الوجود الرابط أو الوجود غير المستقل، سمه ما تشاء، هذا الوجود ما هو؟ أساساً ليس له وجود في نفسه، إذا له وجود له وجود في نفسه أو في غيره؟ أضرب لكم مثال أقربه للأعزة، قرأتم في علم الأصول، ما الفرق بين المعنى الاسمي والمعنى الحرفي؟ المعنى الحرفي يكون له معنىً عند وجود المعنى الإسمي، وإلا إذا لم يوجد المعنى الأسمي أساساً الحرف له معنى أو ليس له معنى؟ هذا من قبيل ذاك، فوجوده في نفسه أو وجوده في غيره، طبعاً هذه المقدمة لبيان الملاحظة الثانية، ولم ندخل إلى الآن في الملاحظة الثالثة.
السؤال المطروح: هذا الفعل الذي يصدر منّي هل هو من القسم الثاني، أو من القسم الثالث؟ أو هو من القسم الرابع؟ يعني هل هو وجود جوهري، أو هو وجود عرضي، أو هو وجود رابط، أي منهم، هذا إن شاء الله تطالعوه حتى غدا نرى بأن هذا الجواب الذي ذكره السيد الخوئي ينسجم مع أي وجود من هذه الوجودات، وهل ينسجم مع المبنى الذي اختاره هو أو لا ينسجم؟
والحمد لله رب العالمين.
10 رجب المرجب 1435