أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
في المقدمة بودي أنّ الأعزة يدقّقوا معنا في هذا البحث؛ لأنه بحث عقلي ونقلي دقيق وعميق للغاية، ولذا أرجوا الله أن أوفّق لبيان النكات الموجودة في هذه الحقيقة، وهي مسألة الأمر بين الأمرين، وأنتم تجدون بأنّه لو لم تكن المسألة دقيقة وعميقة، لما وقع هذا الاختلاف في تفسير الأمر بين الأمرين، وإلا لماذا نحتاج أن نفسّر ذلك إلى وجوه أشرنا إليها فيما سبق، كان الكلام في الوجه الثالث، وهو المشهور بين حكماء الإمامية من المتكلمين وغير المتكلمين، من الأصوليين وغير الأصوليين، وهو يبتني على أنّ الله سبحانه وتعالى ليس هو الفاعل المباشر لأي فعل يصدر من الإنسان، نعم من باب أنه فاعل الفاعل فاعل يسند إليه أنه فاعل وإلا هو فاعل أو ليس بفاعل؟ ليس بفاعل، الفاعل هو الإنسان، وبعبارة أوضح الله أجنبي عن فعل الإنسان، هذا الفعل فعل من؟ فعل الإنسان حقيقة نعم نفس هذا الإنسان الفاعل هو فعل الله سبحانه وتعالى، وإلا فعل الإنسان هو فعل الله أو ليس فعل الله؟ ليس فعله، وقد قرأتم في محلّه في علم الأصول من علامات المجاز ما هي؟ صحة السلب أعزّائي فعلي هل هو فعل الله؟ الجواب لا، ليس فعلاً لله سبحانه وتعالى، ليس الفاعل هو الله، وإلا صح السلب جاءت علامة المجاز لا علامة الحقيقة، ومن هنا فهو ليس فاعلاً لفعلي، نعم هو أوجدني، فاعل لي، أوجدني أنا، أما أنا فاعل لفعلي، وهذا أنه معناه فاعل قريب وفاعل بعيد.
قلنا هذا الكلام توجد عليه ملاحظتان: الملاحظة الأولى أشرنا إليها بالأمس الملاحظة، الثانية تحتاج إلى بيان مجموعة من الأصول والقواعد العقلية التي تنفعكم في كثير من الأحيان، في الأصول، في علم الكلام، في علم الفقه، في علم العقائد، هذه الأصول تحتاجون إليها، إن لم تقفوا عليها عند ذلك تقعون في الخلط والاشتباه، والغلط من حيث لا تشعرون، الأمر الأول الذي أشرنا إليه قلنا أنّ الموجودات تنقسم إلى أقسام أربعة، الإخوة بالأمس طالعوا أنّ الموجودات أعم من الواجب والممكن تنقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول الوجود في نفسه لنفسه بنفسه، وقلنا هذا مختص بالواجب سبحانه وتعالى.
القسم الثاني الوجود في نفسه لنفسه بغيره، قلنا هذا الوجود الممكن الجوهري، الجواب قرأتم في محله ما هو تعريف الجوهر ماهية إذا وجدت في الخارج وجدت لا في موضوع، يعني تحتاج إلى غيرها أو لا تحتاج إلى غيرها؟ لا، غنية عن الغير.
القسم الثالث في نفسه لغيره بغيره، وهذا وجود العرض ولهذا عرف العرض وماهية إذا وجدت في الخارج وجدت في موضوع، يعني متكأة على الغير.
القسم الرابع هو الوجود في غيره، يعني له نفسية واستقلالية؟ لا استقلالية الجوهر، ولا استقلالية العرض، إذاً هو له استقلالية في نفسه أو ليس له؟ لا توجد له، نفسيته في نفسه أو في غيره؟ في غيره، وقلنا مثاله الواضح ما هو المعنى الحرفي، فإن المعنى الحرفي حقيقته أنه يتقوم بذاته بالمعنى الاسمي، وإلا إذا لا يوجد معنى اسمي يوجد هناك معنى حرفي أو لا يوجد؟ لا يوجد، ولهذا أنتم لا تستطيعون أن تتصوروا المعنى الحرفي لا من خلال المعنى الاسمي أما بخلاف الموجود في نفسه يمكن تصوره من غير علته وهذا هو الفارق بين الوجود في نفسه الإمكاني والوجود في غيره الإمكاني يعني الممكن في نفسه يمكن تصوره من غير موجده أما الممكن في غيره لا يمكن تصوره إلا من خلال ذلك الغير ومن خلال تلك العلة إذاً الفرق الأول أحفظوا هذا الفرق، الفرق الأول بين الوجود في نفسه وبين الوجود في غيره أن الوجود في نفسه يمكن تصوره من غير تصور موجده وعلته أما الوجود في غيره يمكن تصوره من غير علته أو لا يمكن لا لأنه متقوم به من قبيل إنسان والناطقية هل يمكن أن تتصور إنسان بلا ناطقية لماذا؟ لأن الناطقية مقومة لأي شيء؟ للإنسانية فلا يمكن تصور إنسان ولا ناطقية فيه المعنى الحرفي أو الوجود في غيره قوامه أنه قائم بالغير هذا هو الأمر الأول أو الفرق الأول، الفرق الثاني وهو أنه إذا صار المعنى الحرفي متقوماً بالمعنى الاسمي يعني الوجود في غيره متقوماً في خالقه وموجده هذا خالقه وموجده بعد يمكن أن يكون فاعلاً بعيداً أو لابد أن يكون فاعلاً قريباً؟ إذا صار بعيداً بعد يكون مقوماً أو لا يكون مقوماً؟ لا يكون مقوماً، هذا أصل فلسفي. إذاً كلما كان الوجود بنحو الوجود في نفسه ففاعله بالنسبة إليه قريب أو بعيد؟ إذاً إذا كان الوجود في غيره لا يمكن أن موجده بعيداً عنه؛ لأن إذا صار بعيداً عنه إذاً مقوم أو ليس بمقوم وقد فرضناه مقوم، إذاً كلما كان الموجود في غيره فموجده قريب أو بعيد؟ قريب، يعني توجد بينه وبين الفاعل واسطة أو لا توجد واسطة؟ لا توجد واسطة، هذا هو الأمر الثاني أو الفارق الثاني.
تعالوا إلى بحث آخر، ماذا يقول المشاؤون، وماذا يقول أصحاب الحكمة المتعالية، أصحاب الحكمة المشائية يعني أرسطو في العصر اليوناني، وابن سينا في العصر الإسلامي، ومن تبع ابن سينا من الفلاسفة الذين نعبر عنهم بالمشائيين، ماذا يقولون؟ لو سألت المدرسة المشائية الممكنات كم قسم، يقولون الممكنات على ثلاثة أقسام، وجود في نفسه لنفسه بغيره، وجود في نفسه لغيره بغيره، وجود في غيره لغيره بغيره، إذاً كم قسم عندنا؟ ثلاثة، لو سألنا أصحاب نظرية الحكمة المتعالية، يعني افترضوا ملا صدرا ومن تبع ملا صدرا، تقول له الممكنات كم قسم؟ الجواب كلمة واحدة، يقول كل الممكنات وجودها في غيرها لغيرها بغيرها، كلها وجودات بنحو المعنى الحرفي، ما عندنا وجودات، الوجود إمكاني وله وجود في نفسه، أبداً، كل الوجودات الإمكانية وجودات بنحو المعنى الحرفي لا بنحو المعنى الاسمي، أما المشائيين ماذا يقولون؟ يقولون قسم من الممكنات بمعنى النحو الحرفي، وأقسام أخرى يعني وجود الجوهر ووجود العرض فهي بنحو المعنى الاسمي. هذا الأمر الثاني.
الأمر الثالث السيد الخوئي قدس الله نفسه والسيد الصدر الذي الآن اختاروا أن الله فاعل بعيد، وأن الإنسان فاعل قريب، سؤال: ماذا اختاروا من الناحية الفلسفية؟ اختاروا نظرية المشائيين أو نظرية الحكمة المتعالية؟
الجواب: تعالوا معنا إلى السيد الخوئي في المجلد الثاني من المحاضرات للشيخ إسحاق فياض صفحة (80) هذه عبارته قال إن منشأ حاجة الأشياء إلى المبدأ هو إمكانها الوجودي وفقرها الذاتي، هذا في قبال نظرية المشائيين الذين يقولون الإمكان الماهوي، لا الإمكان الوجودي، يعني أن الفقر عينها لا أن الفقر خارج عنها، يعني أنها متقومة بمن؟ بالغني؛ لأن الله هو الغني وباقي الموجودات هي الفقيرة، في صفحة (87) لعل العبارة أوضح قال: فإن الممكن حاجته كامنة في صميم ذاته، ووجوده يعني الحاجة متقوم بها أو ليس متقوم؟ يعني معنى حرفي أو معنى اسمي؟ معنى حرفي.
وكذلك في صفحة (90) من نفس الكتاب وصفحة (91) العبارة واضحة يقول: إن الوجود الممكن بشتى ألوانه وأشكاله وجود تعلقي ارتباطي، يعني معنى حرفي أو معنى اسمي؟ أعزّائي فالتعلق والارتباط مقوم لوجوده لا أنه شيء له الارتباط، المشائيين يقولون هذا الموجود ممكن من خلقه؟ يقولون الله خلقه كيف مرتبط به يقولون مرتبط بحبل إلى الله هذا موجود، والله موجود ومرتبط بالله ليست حقيقته مرتبطة بالله، يعني وجود واحد أو وجودان؟ وجودان، كلاهما في نفسه، ولكن واحد خالق والآخر مخلوق، ولكن كلاهما وجود في نفسه، ولكن أحدهما مخلوق بالأرض، بعبارة واضحة الإضافة فيما بينهما إضافة مقولية، يعني طرفان، الطرف الأول الخالق، الطرف الثاني المخلوق، وبينهما ارتباط الخالقية، فيوجد طرفان هذا نسميه إضافة مقولية يعني متقومه بطرف أو بطرفين؟ أما في المعنى الحرفي يوجد طرفان أو طرف واحد؟ يوجد مقوم ويوجد متقوم لا أنه يوجد خالق ومخلوق وواسطة بينهما، في الإضافة المقولية كم طرف يوجد؟ ثلاثة أطراف، خالق مخلوق وعلاقة الخالقية، أما هنا ماذا يوجد ثلاثة أو اثنين؟ اثنين، وهو الله المقوم، والممكن المتقوم، هذا الذي يقولون له بالإضافة الاشراقية، إذاً ما الفرق بين المقولية والاشراقية؟ في الإشراقية طرفين في المقولية كم طرف؟ ثلاث.
على هذا الأساس هذه كلمات السيد الخوئي تعالوا إلى السيد الصدر قدس الله نفسه في فلسفتنا الذي هو مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر هناك في صفحة (351) هذه عبارته يقول فسوف نقتصر على نظرية الإمكان الوجودي أي الرأي الصحيح في الاختلاف الفلسفي الأعمق الذي أشرنا إليه فهو يعتقد بنظرية أصالة الوجود ونظرية الإمكان الوجودي هي هكذا أن الوجود المعلول يعني كل الممكنات ليس له حقيقة إلا نفس الارتباط والتعلق بالعلة اصلاً حقيقته ما هي؟ يعني بعبارة واضحة الممكن شيء له الربط أو هو عين الربط؟ المشائيين يقولون الممكن شيء له ربط بخالقه أما الحكمة المتعالية تقول شيء له الحاجة أو هو عين الحاجة؟، إذاً السيد محمد باقر الصدر تبعاً لأستاذه السيد الخوئي كلهما يعتقد أن الممكنات على مباني الحكمة المشائية أو على مباني الحكمة المتعالية؟ على مباني الحكمة المتعالية، إذا كان الأمر كذلك وهو أنهم يبنون على أن الممكن هو عين الربط بعلته، سؤال الفعل الذي أنا أقوم به ممكن أو واجب؟ إذا كنت أنا ممكن فما بالك، ممكن، فإذا صار ممكناً يكون شيء له الربط أو يكون عين الربط بالله؟ عين الربط، وإذا صار عين الربط يمكن أن يكون الله فاعل بعيد أو لا يمكن؟
إذاً دعوى السيد الخوئي مع أننا نعتقد بمباني الحكمة المتعالية فالفاعل فاعل قريب أو فاعل بعيد؟ يعني مبناه حكمة متعالية ولكنه نظريته حكمة مشائية وهذا تناقض السيد الخوئي والسيد الصدر إما أن يختاروا المبنى المشائي فمن حقهم أن يقولوا فاعل قريب وفاعل بعيد أما إذا اختاروا مبنى الحكمة المتعالية فهل من حقهم أن يقولون فاعل قريب أو فاعل بعيد أو ليس من حقهم ذلك؟ ليس من حقهم، وهذه هي الملاحظة الثانية الواردة على السيد الشهيد وعلى السيد الخوئي وهو أنه كيف أنكما تقبلان بنظرية الحكمة المتعالية ومع ذلك تنتخبون أن الله فاعل قريب، ولذا الذي يريد أن يراجعه موجود في الأبحاث الفلسفية يراجعوا من هذا الكتاب من صفحة (140 تفسير نظرية الأمر بين الأمرين القراءة الأولى إلى صفحة 165) ولهذا قلت هنا يلحظ أن هناك ضرباً من عدم الانسجام عند السيد الخوئي بين الأساس المعرفي يعني نظرية الحكمة المتعالية وبين النتيجة والتصوير الذي قدمه للأمر بين الأمرين يعني فاعل قريب وفاعل بعيد فبينما نهى في البعد المعرفي منحاً يقوم على أساس الحكمة المتعالية عاد في النتيجة المستخلصة ليلزم موقف الفلسفة المشائية وهذان يجتمعان أو يتناقضان؟ متناقضان، قال وهذه الملاحظة تمتد لتشمل السيد الصدر إذا كان الملاك في موقفه المعرفي هو ما ذكره في كتاب فلسفتنا الآن لماذا قلت إذا كان مبناه، لأنه السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه في الأسس المنطقية رفع يده عن جملة من مباني الحكمة المتعالية أنا أتكلم على كتاب فلسفتنا ولهذا التعبير دقيق أنه إذا كان الملاك في موقفه هو ما ذكره في كتاب فلسفتنا في تحقيق الكتاب في صفحة (352) المنقول عن السيد المؤلف أنه انتهى في تطور فكره الفلسفي إلى الاعتقاد بأن الاختلاف المطروح بين القائلين بأصالة الماهية والقائلين بأصالة الوجود لا يعدوا أن يكون اختلافاً لفظياً ليس اختلاف معنوي حقيقي.
تعالوا معنا إلى الروايات توحيد الصدوق باب التوحيد ونفي التشبيه، هذه الرواية الثالثة بناءاً على مباني المشائيين أنت بائن عن الله أو لست بائناً؟ توجد بينك وبينه بينونه أو لا توجد؟ نعم، لأنه أنت وجود في نفسه، وهو وجود في نفسك، أنت مخلوق وهو خالق، ولكن كلاكما وجودان في نفسه، أحدهما بائن عن الآخر، نعم هذا مع هذا بينونة ولكن ليس أحدهما علة للآخر، أما أنا والله بائن، على المبنى المشائي ولكن أحدهما علة والآخر معلول احدهما خالق والآخر مخلوق.
انظروا ماذا يقول الإمام الرضا في هذا المجال، يقول فلم يحلل فيها فيقال هو فيها كائن ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن إذاً نظرية المشائيين صحيحة أو غير صحيحة؟
بناءاً على هذا الكلام للإمام الرضا نظرية المشائيين صحيحة أو غير صحيحة؛ لأن نظرية المشائيين تقول أنّ المخلوق بائن عن خالقه، والإمام ماذا يقول؟ بائن أو ليس ببائن؟ ليس ببائن، هذا المورد الأول.
المورد الثاني في نهج البلاغة الخطبة مئة وخمسة وثمانين في التوحيد، وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة بحسب محمد عبده، يقول: ما وحّده من كيّفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه عنا من شبّهه، ولا صمده من أشار إليه وتوهمه، كل معروف بنفسه مخلوق، الله يمكن يعرف بنفسه أو بخلقه؟ لا يمكن أن يعرف بنفسه، تقول ماذا نفعل بالروايات التي تقول يا من دل على ذاته بذاته ذلك بحث آخر؟ كل معروف بنفسه مصنوع، كيف يعرف الإمام المعلول وكيف قائم في سواه معلول فإذاً الموجودات الممكنة موجودات في نفسها أو موجودات في غيرها؟ في غيرها، وكل قائم في سواه معلول كل الموجودات المعلولة فهي قائمة في نفسها أو في سواها من هو ذلك السوى لابد أن يكون ذلك السوى ليس مثلي وإلا حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد لابد أن يكون ذلك قائماً في سواه أيضاً أو قائم في نفسه يعني يكون غنياً يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد، طبعاً فقط الناس فقراء؟ يعني السماوات والأرض ليسوا فقراء إلى الله؟ كل المخلوقات لماذا قال يا أيها الناس باعتبار هذا من أوضح المصاديق الحديث معنا هذا المورد الثاني.
المورد الثالث وهو الذي ورد في الاحتجاج في خطب نهج البلاغة، الجزء الأول، صفحة (475) رقم المقطع 115، قال عليه السلام في التوحيد: دليله آياته ووجوده إثباته، ومعرفته توحيده، يعني أصل المعرفة في التوحيد، ولهذا تجدونه سلام الله عليه واقعاً عندما يبدأ في أول خطبة من نهج البلاغة قال: أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكما التصديق به توحيده، إذاً إذا أردت أن تصل إلى كمال الإيمان لابد أن تكون موحداً، ولهذا لم يجعلوا من أصول الدين إثبات وجود الله، قالوا من أصول الدين التوحيد؛ لأن إثبات وجود الله مفروض على الفطرة، (أفي الله شك فاطر السماوات والأرض)، (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله).
تعالوا إلى الجملة اللاحقة، يا أمير المؤمنين أنت أوصلتنا إلى أنّ أصل المعرفة هي التوحيد، طبعاً هذا في كلمات كل أبناءه والعترة الطاهرة أشاروا إلى هذه الحقيقة بشكل واضح وصريح، قالوا ولا ديانة إلا بعد المعرفة، ولا معرفة إلا بالتوحيد، التوحيد أصل الديانة المعرفة، وأصل المعرفة التوحيد.
جملة واحدة وأختم حديثي، قال: وجوده إثباته ومعرفته توحيده، وتوحيده تمييزه من خلقه، إذا أردت أن تكون موحداً تقول الخالق هو عين المخلوق والمخلوق عين الخالق، ميّز الخالق عن المخلوق.
قال: وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة، لا تقول وجودان متباينان؛ لأنه يصبح بينونة معزولة أحدهما عن الآخر، وهذا هو الذي الآن عموم فكرنا الأصولي والكلامي والفقهي كله قائم على أن البينونة بينوة عزلة، يعني أحدهما معزول عن الآخر، كلاهما وجود في نفسه، ولكن أحدهما خالق والآخر مخلوق، الإمام يقول لا، وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة، الإمام الرضا قال: هو عنها بائن أو ليس عنها بائن؟ ليس عنها بائن، يعني ليس معزولاً عنها، وهذا هو المعنى الحرفي، وهذا هو معنى التعلق والارتباط، عين الارتباط بالله.
ومن هنا ادخلوا إلى الروايات الواردة عن الأئمة داخل في الأشياء لا بممازجة وخارج عنها لا بمزايلة، لا أنه أحدهما غير الآخر داخل في الأشياء لا كدخول شيء في شيء خارج عنها لا كخروج شيء عن شيء، إذا خرج عنها كخروج شيء عن شيء ما هو لازمه؟ يوجد في أفعاله له مثله؛ لأنه هذه ليست هكذا، إذاً هذه النظرية وهي نظرية أن البينونة بين الخالق والمخلوق ليست هي بينونة العزلة.
كونوا على ثقة أن العرفاء لم يقولوا هذا إلا في الوحدة الشخصية، ولكن المشكلة في أولئك الذين افتوا عن جهل وعدم علم، بما يقول العرفاء، قالوا بأن العلاقة بين الله وبين خلقه ليست علاقة بينونة عزلة، يعني أنكروا الخالق لا كيف ننكر المخلوق، كيف ننكر السماوات والأرضين والأنبياء والجنة والنار، ولكن العلاقة بينها وبين خالقها بينونة عزلة أو بينونة صفة؟ بينونة صفة لا بينونة عزلة.
هذا تمام الكلام في بطلان الكلام الرابع بقي عندنا الوجه الخامس حتى ننتهي وندخل إلى العلامة المجلسي هل يقول بتحريف القرآن أو لا يقول.
والحمد لله رب العالمين.
11 رجب المرجب 1435