أعوذ بالله السميع العليم من شر الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
والصلاة والسلام على آله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
كان الكلام في استعراض كلمات اعلام التفسير في بيان المراد من الحكمة في القرآن الكريم وفي اعتقادي أن الحكمة في القرآن الكريم لها معنى كلي واحد وما ذكر من انه اعطي إبراهيم أو اعطي الخاتم أو اعطي الانبياء أو اعطي بعض من ليسوا من الانبياء هذه كلها بيان لمصاديق ذلك المفهوم العام من قبيل ما ذكرنا مراراً أن القرآن عندما يقول فأسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون عنوان اهل الذكر لا يختص بجماعة دون أخرى من كان من اهل الذكر يمكن أن يسأل كلٌ بحسب اذا كان من اهل الذكر والاختصاص في الفيزياء فيسأل في الفيزياء اذا كان من اهل الذكر والاختصاص في علوم الدين فيسأل اذا كان من اهل الذكر والاختصاص في علوم اهل الكتاب فيسأل وهكذا انا لا اتكلم عن الروايات قد تأتي الروايات وتخصص بعض المصاديق وتقول لا تشمل غيرها هذا بحسب الدليل الخارجي والا بحسب المفهوم القرآني ولا فرق مثلاً عندما يقول القرآن يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين نأتي الى القرآن الكريم من الصادق؟ عرفه القرآن من الصادق الذين صدقوا كذا الصادقين كذا أو كذا هذا يختص بأهل البيت أو لا يختص بأهل البيت؟ لا يختص بأهل البيت نعم اذا دل دليلٌ قطعي من الخارج من خارج القرآن قال بأن هذا مختصٌ بمن؟ وان كان المفهوم عاماً ولكن المصداق ما هو؟
هؤلاء بالخصوص نعم نلتزم هذا من قبيل ما قرأتم في الفلسفة أو في الالهيات بالمعنى الاخص قلنا هناك أن مفهوم واجب الوجود كلي أو جزئي؟ قلنا كليٌ يعني يمكن أن ينطبق على الواحد وعلى الاثنين وعلى العشرة وعلى المائة نعم جاء دليلٌ عقليٌ آخر يقول يستحيل أن يكون لهذا المفهوم اكثر من مصداق واحد والا نفس المفهوم ليس جزئياً ومختصاً بفرد واحد والا لما كنا نحتاج ونقيم على أن الله واحدٌ لا ثاني له لان المفهوم مختصٌ بواحد عندما نحن نستأنف الدليل لاثبات (بعد وجود الله) انه واحدٌ هذا معناه أن المفهوم عامٌ كليٌ أو جزئياً؟ لا، كليٌ نعم لكي نقول خاصٌ بفردٍ واحد نقيم برهاناً آخر مفهوم الحكمة في القرآن من هذا القبيل مفهوم عامٌ مطلقٌ سواءٌ اطلق على الله لان القرآن الكريم اطلق عليه حكيم وحكيم، اطلق على الانبياء انهم حكماء ليس بالمعنى الفلسفي بالمعنى القرآني حكيم وحكيم اطلق عليه ولقد آتينا لقمان الحكمة إبراهيم اوتي الحكمة الخاتم اوتي الحكمة سليمان كلهم صريح القرآن الكريم بل داوود اوتي بعضٌ آخرين اوتي هذا المعنى لابد أن نستكشفه ما هو؟
الان قبل استكشاف هذا المعنى صرنا بصدد استعراض كلمات (مراراً ذكرت انا منهج اريد ابينه لكم حتى عندما تأتون الى القرآن لا يبتلون بمشكلة المصاديق لانه كثير منا يأتي الى القرآن ويجد رواية أو روايتين تشير الى مصداق يتصور أن هذا تفسير الاية فاذا وردت عندنا مصاديق أخرى يقول هذا مخالف مع انه القرآن عادتاً لا يتعرض للمصاديق وانما يتعرض للمفاهيم الكلية حتى قلنا حتى عنوان اهل البيت انت اذا ترجع الى اللغة والى الاستعمال القرآني ليس مختص بهؤلاء الخمسة وبيّنا ليس مصدق عرفاً لغة استعمالاً فقهاً كلها عنوان اهل البيت ليس مختصة بهؤلاء الخمسة اصحاب الكساء ولكن الدليل القطعي الخارجي قال لنا أن المراد من عنوان اهل البيت هذا المصداق الخاص وهؤلاء الخمسة ولا غير، الان استعرضنا بعض الكلمات ومن اهم هذه الكلمات اشير الى ومنهم الشيخ محمد عبده ومنهم العلامة الالوسي هؤلاء الاعلام الثلاثة انظروا ماذا قالوا هؤلاء؟
تعالوا معنا الى الفخر الرازي في تفسيره، الفخر الرازي في المجلد السابع من تفسيره في ذيل الاية 269 من سورة البقرة يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد اوتي خيراً كثيرة هناك في صفحة 59 في ذيل هذه الاية يقول المراد من الحكمة إمّا العلم وإمّا فعل الصواب ثم يقول يروى عن مقاتل انه قال تفسير الحكمة بعد ذلك سيتضح أن هذا تفسير الحكمة أو هذا من مصاديق الحكمة هذا هو الخلط الذي عموم المفسرين ابتلوا به وهو الخلط بين التفسير وبين بيان المصداق ولهذا انت الان مباشرتاً كونوا مع الصادقين تقول فسرت في الروايات الصادقين اهل البيت مع انه هذا ليس تفسير هذا بيان المصداق وقد يشمل غيرهم اذا ثبت بدليل كما ورد في قوله يا ايها الذين آمنوا في كثير من الروايات قالت على رأس الذين آمنوا عليٌ امير المؤمنين سلام الله عليه هذا تفسير أو بيان مصداق؟ هذا ليس تفسير والتفسير يعني معنى كلمة الحكمة يعني معنى كلمة آمنوا يعني معنى كلمة الصادقين معناه لغة واستعمالاً وبيان المصداق ليس بيان المعنى وانما بيان ماذا؟ من قبيل اقول لك عرف الانسان؟ تقول زيدٌ، زيدٌ تعريف الانسان أو بيان مصداق من مصاديق الانسان أي منهما؟ ولهذا هذا الانسان يمكن أن يصدق على محمد وعلى علي ولا علاقة بينهم أمّا اذا قلت الانسان يعني زيدٌ فاذا اراد احدٌ أن يطبق الانسان على احد بعد خطأ أو لا؟ خطأ لان تفسير الانسان هو زيد مع أن الانسان هو حيوانٌ اذا قبلنا هذا التعريف الاورسطي حيوان ناطق هذا ينطبق على زيد وعمر وبكر والى ماشاء الله ومن كان ومن سيأتي الى يوم القيامة، الآن انظروا يقول عن مقاتل ابن سليمان (الي فيه كلام كثير ومطبوع كذلك) قال: تفسير الحكمة في القرآن على اربعة اوجه، الوجه الأول: مواعظ القرآن، الحكمة يعني مواعظ القرآن قال تعالى وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يعني المواعظ، الآن لماذا الحكمة مواعظ؟ قال: لانه قال يعضكم به.
اذن تبين مراده من الحكمة يعني ماذا؟ أن الحكمة فسرت بيعضكم به اذن هي ماذا؟ مجموعة المواعظ يعني مواعظ القرآن وفي النساء وما انزل عليكم من الكتاب والحكمة يعني المواعظ ومثلها فيها وثانيها الحكمة بمعنى الفهم والعلم ومنه قوله تعالى وآتيناه الحكم صبيا حكم من الحكمة يعني اتيناه العلم والفهم صبيا وفي لقمان ما هو معنى الحكمة فيه تتذكرون ماذا قلنا في الحكمة؟ قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ جيد جداً ولهذا قلت لكم بأنه عندما هؤلاء وصلوا الى سورة لقمان قال ولقد آتينا انشكر لله قالوا الحكمة يعني ماذا البعد النظر أو البعد العملي؟ العملي، بأي دليل؟ الله قال انشكرلي والشكر امر نظري أو امر عملي؟ امر عملي ومن يشكر وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ .
اذن تبين أن الحكمة فيها بعدٌ نظري أيضاً وهو عدم الشرك بالله هذا كله تفسير يفسر ولهذا تجد الان جملة من الاعلام يقول الحكمة ليس معناه الابحاث الفلسفية والعقلية لماذا؟ لان القرآن يقول لا تشرك بالله انشكر لله ونحو ذلك هو يقول وجميع هذه الوجوه عند التحقيق ذكر وجوه متعددة من خلال ما ذكره القرآن الحكمة ترجع الى العلم كلها علم وما فيها فرق الى أن يأتي في صفحة 60 يقول والسعادة الحاصلة يقول وذلك ينبأك عن فضيلة العلم والاستقصاء في هذا الباب الى أن يقول وأمّا الحكمة هو في المقدمة ماذا قال؟ قال الحكمة إمّا العلم الذي ارجع كل هذه الكلمات الى العلم أمّا الصواب قال وأما الفعل بالصواب يقول وأمّا الحكمة بمعنى فعل الصواب فقيل (أيضاً بمعنى يعني يفسر الحكمة بمعنى بشكل فعل صواب وبعد عملي) في احدها أن التخلق بأخلاق الله بقدر الطاقة البشرية الى أن يقول كمال الانسان في امرين، في العلم والعمل فاذن الحكمة هنا ماذا مقصودها؟ ليس العمل العلم والعمل العلم والعمل طبعاً هنا أيضاً عندما يقول العلم العلم عنده اصطلاحات مراده العلم الذي يؤدي من الايمان والا علم بلا ايمان له قيمة أو ليس له قيمة؟ لا، لانه الانسان قد يكون عالماً ولا يكون مؤمناً قد يكون انسان استاذ في جامعة يدرس ادلة إثبات وجود الله والتوحيد على احسن ما يكون يقول بينك وبين الله انت تؤمن؟ يقول لا انا لا اؤمن بوجود الله ممكن أو ليس ممكن؟ بلي ممكن ماذا الاشكال.
فاذن لا ملازمة بين العلم وبين الايمان ولذا تجدون القرآن الكريم ماذا يقول؟ وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم وهذا علم ولكنه هذا العلم ادى الى الايمان أو لم يؤدي الى الايمان؟ لا، قد يؤدي الى الايمان ولذا الايمان امرٌ اختياري أمّا العلم امرٌ ضروري الحصول عند الحصول في المقدمات انت اذا الان امامي انظر اليه صورته تنطبع في ذهني استطيع أن اقول لعين لا تنطع الصورة؟ لا ليس بدي وليس في اختياري مقصوده من العلم هنا ليس العلم من الايمان بعبارة أخرى شيخنا طبعاً يذكر مصاديق أخرى وما عندي الوقت أن اذكرها يقول فالمرجع من قوله ربي هبلي حكماً والحقني بالصالحين (الحكمة العملية) وقال موسى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا الحكمة نظرية فَاعْبُدْنِي حكمة عملية وقال عن عيسى اني عبد الله (حكمة نظرية) وقال اوصاني بالصلاة والزكاة (حكمة عملية) فقال في حق الخاتم فاعلم انه لا اله الا الله (حكمة نظرية) واستغفر لذنبك (حكمة عملية).
اذن خلاصة شيخنا ما هو المراد من الحكمة؟ الجواب الذين آمنوا وعملوا الصالحات هذا خلاصة ما يأتي.
تقدم هذا المعنى هنا بشكل واضح بإمكانكم أن تراجعوه وكذلك عرض لهذه المسألة في تفسيره المجلد الرابع صفحة 61 في ذيل الاية 129 من قوله تعالى ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ قال: أن الحكمة هي الاصابة في القول والعمل ولا يسمى حكيماً الا من اجتمع له الامران العلم والعمل يعني العلم المؤدي الى الايمان والعمل الصالح ولقائل أن يقول القرآن مملوء كم مكان فيه آمنوا وعملوا الصالحات؟ مئات المرات من الدليل على انه حكمة يعني الايمان والعمل الصالح جيد وتفسير جيد ولكن أن يراد من الحكمة الايمان والعمل الصالح هذا من أين بأي قرينة؟ نعم كل من قلته في الايات كلها تشير الى ضرورة الايمان والى ضرورة العمل الصالح الذين آمنوا وعملوا الصالحات هذا لا يوجد فيه اشكال.
سؤال من قال لك أن الحكمة يعني الايمان والعمل الصالح أو العلم وفعل الصواب هذا من أين؟ هذا فيما يتعلق بالفخر الرازي، ما قاله محمد عبده في تفسير المنار في المجلد الثالث في صحفة 67 في ذيل هذه الاية المباركة 269 فسر، المشكلة الاصلية عند هؤلاء جميعاً انه المعنى الذي يصل اليه يتصور انه هو التفسير تفسير الاية تفسير المصطلح مع انه ليس تفسير هذا بيان المصداق فسر الأستاذ الامام الحكمة هنا بالعلم الصحيح يكون صفة محكمة في النفس ثم قال الأستاذ الامام المراد بإيتاء الحكمة.
اذن الحكمة ما هي؟ العلم الصحيح الذي يوجه الارادة للعمل الصالح انذ مآله من قاله الرازي ما هي الحكمة؟ قال العلم الصحيح الذي توجه الارادة الى العمل الصائب لانه كثير من الاحيان أن الانسان عنده علمٌ ولكنه يوجههه الى عمل الصائب أو لا يوجهه؟ وبتعبير الامام امير المؤمنين كم من عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه، عجيب كم من عالمٍ قتله جهله ليس علمه والا اذا كان علماً نافعاً وكان مؤدياً الى الايمان كان يؤدي الى العمل الصالح ولكنه علمٌ بلا ايمان وبتعبير القرآن الكريم وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عجيب واذا كان عالمٍ لماذا ضالٌ؟ يقول لانه هذا العلم تحول الى ايمان أو لم يتحول؟ لم يتحول، من من الاعزة يستعملون السگائر لا يعلمون بمضائر السگائر يوجد احد لا يعلم بمضائر السجائر؟ الكل يعلم الآن البعض قليل والبعض كثير والا الكل يعلم ولكنه يقتلع عن هذه الافة أو لا يقتلع؟ هذا معناه أن العلم تحول الى ايمان أو لم يتحول؟ الدليل على انه لم يتحول انه لا اثر له خارجي ولكنه اناء من الماء امامك يقولون هذا سم قاتل اذا تشرب منه في ثلاثة دقائق يقضى عليك تشرب أو لم تشرب؟ لماذا؟ لانه هذا العلم متحول على اثره الخارجي ولهذا انتم تعلمون الان كثير من الايات نحن نقرأ من الاخرة ونار جهم بهذا الشكل ولا يعذبه عذابه احد على يوثق وثاقه احد بس نعتني أو لا نعتني؟
اذن العلم موجود ولكن الايمان غير موجود هنا يقول الحكمة هي العلم الصحيح الذي يوجه الارادة نحو العمل الصالح ما معنى ايتاء الحكمة؟ لان الاية قالت يؤتي الحكمة وليس الحكمة يؤتي وما معنى الايتاء؟ يقول ومعنى ايتاءها المراد من ايتاءه الحكمة اعطاءه آلة الحكمة وآلة الحكمة ماذا؟ يقول العقل، لانه الانسان بماذا يتميز العلم الصحيح حتى يورثه الايمان ثم يوجهه الى العمل الصائب بماذا؟ العقل، العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان ولهذا تجدون اذا فقد العقل اساساً فقد أي تكليف للانسان صار بحكم البهائم يقول مراد من الايتاء اعطاء الانسان آلة الحكمة التي هي العقل وفي النتيجة ماذا يصير؟ يؤتي الحكمة من يشاء يعني ماذا؟ يعني يؤتيه آلة الحكمة يعني يعطيه العقل ومن يؤتى الحكمة يعني ومن اوتي العقل فقد اوتي خيراً كثيراً والان يأتي اليك المنهج الحنبلي والمنهج الاخباري يقول اول شيء العقل له قيمة أو لا قيمة له؟ لا قيمة له اسقطوا عن الاعتبار وما اريد أن ادخل في التفاصيل اذن هذا المورد الثاني.
المورد الثالث: وهو الذي أشار اليه الالوسي في المجلد الثاني في ذيل هذه الاية المباركة صفحة 450 قال والحكمة ما يزيل من القلوب وهج حب الدنيا أو الفقه في الدين أو السنة المبينة للكتاب أو الكتاب نفسه ما هو المراد من الحكمة؟ يقول إمّا المراد من الحكمة يعني الحكمة يعني السنة هذا كما قاله الشافعي واما المراد من الحكمة يعني نفس الكتاب يعني يعلمهم الكتاب والحكمة يعني يعلمهم الكتاب والكتاب لماذا كرر؟ يقول للتأكيد يقول وكرر للتأكيد اعتناءاً بشأن الكتاب وقد يقال المراد بالحكمة حقائق الكتاب دقائق الكتاب سائر ما اودع في الكتاب ويكون تعليم الكتاب يعلمهم الكتاب والحكمة عبارة عن تفهيم الفاظه وتعليم الحكمة عبارة عما اودع في القرآن وفسرها بعضهم ببما تكمل به النفوس من المعارف والاحكام فتشمل الحكمة النظرية والحكمة العملية التي اصر عليها الفخر الرازي وكلمات آخرين لا اطيل اليكم، سؤال: هل هذا صحيح أو ليس بصحيح؟ الجواب: بيني وبين الله كل هذه المعاني التي ذكرت معانٍ صحيحة فإنه لا اشكال ولا شبهة الفهم مطلوب العلم مطلوب المعرفة مطلوبة فقه القرآن مطلوب العمل بالقرآن مطلوب الكمال مطلوب دقائق القرآن مطلوب كلها مطلوب وهذا ليس فيها شك في هذا لانه القرآن من اوله الى آخره مملوء بهذه الايات انما الكلام كل الكلام ما هو؟ من قال أن المراد من الحكمة هذه الامور من قاله أين القرينة واين الدليل؟
اذن ليس لدينا اشكال على أن الفهم مطلوب العلم مطلوب تفقه القرآن مطلوب التفقه في الدين مطلوب العمل الصالح مطلوب أن يكون الانسان صائباً على علمه وعمله هذه كله من اول القرآن الى آخر القرآن يوجد توصية في هذا الامور نحن نسأل هذا السؤال ما هو المراد من الحكمة انت تقول لي أن المراد من الحكمة هذه؟
الجواب: في كلمة واحدة كل ما ذكر لا يمكن أن يكون معنى الحكمة لماذا؟ لانه لم يقم أي دليل لا من القرآن ولا من غير القرآن يقول الحكمة هي فقه القرآن هي العمل بالقرآن هي العلم هي الفهم هي التفقه الى غير ذلك اذن ما هو المراد من الحكمة؟ في عقيدتي الشخصية أن الحكمة لها معناً واحد كلي ابدا لم يختلف سواءاً وصف الله به أو وصف النبي به أو وصف أي انسانٍ به عندما نقول هذا حكيم ما هو هذا المعنى؟
في جملة واحدة أو ما يقرب منها ما عندنا ومن خلال التطبيقات سيتضح في اعتقادي أن الحكمة هي وضع الشيء في موضعه المناسب له هذا الذي انت لو الان ترجع الى الاعلام جميعاً تجد انه يؤكدون عليها يقول (هذا الالوسي) الحكمة له وضع الأشياء مواضعها في جملة واحدة ولهذا عندما يطلق على الله انه حكيم يعني وضع كل شيء في موضعه المناسب له يعني ماذا؟ يعني اذا كان شريعتاً انزل شريعتاً في الوقت الذي توجد لتلك الشريعة والا لو انزل شريعتاً في غير موضعها المناسب يسمى عمله حكيماً أو لا يسمى؟ العلم مطلوب، الفهم مطلوب، ولكن العلم والفهم وكل شيء مطلوب ولكن كلٌ في موضعه المناسب له والا لو قطعته عن موضعه المناسب له لاعطاء ثماره الايجابي أو انقلب الى ضده؟ ليس فقط لا يؤثر اثاره الايجابي بل قد ينقلب الى اثار سلبية بعبارة أخرى هذا الذي قاله النبي والائمة وروايات كثيرة وهو امرنا أن نكلم الناس (هذه من مصاديق الحكمة) على قدر عقولهم فلهذا لو كلمت الناس على ما هو خلاف عقولهم بيني وبين الله عملٌ حكيم أو عملٌ سفهي؟ عمل حكيم وهذا ليس معنى الحكمة هذه من مصاديق الحكمة.
الان انا الذي اعتقده وبعد ذلك اذكر مصاديقه واذكر شواهده في كلمات المفسرين من القرآن الكريم ومن غيرها انا معتقد أن هذه الايات التي قالت أن الله اعطى للانبياء الحكمة انت من الخاتم الى إبراهيم الى عيسى الى موسى الى سليمان الى داوود الى لقمان كلهم اتاهم الحكمة ما معنى الحكمة كمصداق والا المفهوم وضع الشيء في محله، الله انزل هذا الكتاب هل يوجد شيءٌ يحتاج الانسان اليه علماً وعملاً وخلقاً لكماله وسعادته في الدنيا والاخرة لا يوجد في هذا الكتاب ام لا؟ هذا اعتقادنا لا اقل نحن اعتقادنا كل ما نحتاج اليه علماً وعملاً وخلقاً لسعادة الدنيا والاخرة موجودٌ في القرآن الكريم نور، تبيان، بيان، ضياء وهكذا وهكذا يخرجهم من الظلمات الى النور هذا اصله هذا الكتاب ولهذا يعلمهم الكتاب هذه الحكمة ماذا؟
الجواب: لكي الناس ما ينفعهم دنيا وآخرة وتجعلهم يعملون بما تعلموا لابد أن تقوم باسلوب يكون يؤدي الى أن يعتقد الناس والى أن يعملون والا اذا لم يكن الأسلوب مناسباً لعله تعلمه الف سنة يتعلم أو لا يتعلم؟ لا يتعلم، واذا تعلم يعمل أو لا يعمل؟ لا يعمل.
اذن عندنا حديثان وبحثان، البحث الأول هو البحث عن المعارف والمضامين والعلوم والفهم والفقه والى غير ذلك هذه كلها البحث الأول، البحث الثاني: كيف نستطيع أن نترجم ذلك في حياة الناس حتى يعتقد بها الناس ويعملونها في حياتهم الان مشكلة الامم جميعاً في البحث الأول أو في البحث الثاني؟ لا احد يستطيع أن يقول أن المشكلة في البحث الأول ليس كثير كلنا يعلم ما هي الفضيلة ما هي وما هي ولكن عندما تبينها انت للناس اذا كان اسلوبك اسلوباً يقع الناس علماً ويرغبهم عملا ًتعطي الثمار والنتيجة أمّا اذا كان الأسلوب لا يرغبهم في هذا العلم ولا يؤهيئهم الى العمل فاذن ينتج هذا العلم أو لا ينتج؟ لا ينتج، ابدا لا ينتج ولذا انا معتقد أن الحكمة هي الاساليب التي بها ينبغي على الحكيم وهذا الحكيم نبياً كان عالماً كان فقيهاً كان خطيباً كان متكلماً كان أي كان هي الاساليب التي ينبغي على الحكيم أن يتبعها لكي يقتنع الناس بتلك المعارف ويعمل بها خارجاً.
اذن الحكمة مرتبطة بالمضامين والمعارف أو مرتبطة بالمنهج والاسلوب أي منهن؟ الى الان كل كلمات المفسرين كانت تفسر الحكمة باتجاه الأول يعني العلم يعني الفهم يعني المعارف يعني فقه القرآن هذه كلها موجودة في الكتاب هذا لا يحتاج ويعلمهم الكتاب انما الكلام في المنهج الذي يعلمهم ويؤثر فيهم ما هو المنهج؟ مرتبط بالاسلوب بالطريقة ليس مرتبطٌ بالمضمون والمعارف.
ولهذا الان تعالوا معنا الى القرآن الكريم انظروا ماذا يقول القرآن؟ القرآن الكريم معارف التوحيد صحيحة أو باطلة؟ كل المعارف التي بينها القرآن صحيحة أو باطلة؟ ولكن ما هو الطريق لايصالها الى الناس حتى تؤثر اثرها المطلوب ولو كنت فضاً غليض القلب يعني معارف باطلة أو معارف صحيحة؟ كلها صحيحة ولكن الأسلوب ماذا؟ باطل هذا يجذب الناس أو يدفع الناس؟ يدفهم اذهبوا هذا رسول الله؟ يقول ليس رسول الله خلي عشرة رسول الله يصير لما كان فضا غليض القلب يجتمع الناس حوله أو لا يجتمعون؟ لا يجتمعون اذن القضية مرتبطة بالمضمون أو مرتبطة بالاسلوب؟ بالاسلوب في آل عمران 159 قال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ اذن الأسلوب لابد ماذا يكون؟ اسلوب لين واسلوب رحمة مع انه المضمون واحد أو متعدد؟ سواء انا قلت هذا المثال المعروف سواء قلت لك تفضل عزيز وقلت لك اجلس يوجد فرق أو لا يوجد فرق؟ الآن بيني وبين الله من حيث المضمون يوجد فرق أو لا يوجد فرق بينهما؟ لا يوجد.
اذن انظروا اسلوب منهج فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ، يسؤون لك يا رسول الله يقول ولو اساؤوا فاعفوا عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر هذا كله اسلوب والا بينك وبين الله رسول الله يحتاج يشاور احد العقل الكلي والصادر الأول يحتاج أن يشاور احد وهو يحتاج الى احد حتى كذا القرآن يقول عنه إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ اصلا هو الذي يعطي للجميع يأخذ من الجميع؟ وبهذا الأسلوب حتى يصوروا لهم القيمة والا لو بدلت هذه الاساليب صارت اساليب البغض واللعن والسب والشتيمة والابعاد بيني وبين الله يا رسول الله تنجح في مهمتك أو لا تنجح؟ يعني تستطيع ايصال المعارف والعمل بها أو لا تستطيع واطمئنوا بحسب استعمالاتنا العرفية نعبر عن هذا الشخص الذي يستعمل الأسلوب الصحيح في موضعه يقول فلان حكيم واذا ما يستعمل الأسلوب في محله ولو كان كلامه باطلاً ولكن اذا استعمل الأسلوب الصحيح الناس يلتفون حوله كما التفوا حول كثير من العقائد الباطلة الان الحضارة الغربية والمدنية الغربية التي تغزونا حتى في عقر دارنا تتصور بأنه يعني معارفهم احسن؟ لا، نحن ندعي بأنه معارفنا كثير احسن ولكنهم أيضاً عندهم اسلوب جيد بإيصال هذه المعارف و لا يوجد عندنا معرفة بإيصال تلك المعارف، انا معتقد أن القرآن عندما اصر على ايتاء الحكمة يقول ايها الناس طريق وصول الناس الى معرفة القرآن والعمل به لابد من استعمال الأسلوب المناسب السؤال: هذا الأسلوب المناسب واحدٌ أو متعدد في كل زمان؟ في كل زمان لابد أن يأخذ الاسلوب الخاص .
في الاية 44 من سورة طه قال تعالى: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى بيني وبين الله يدخل عليه موسى وهارون والله أيضاً قال لهم قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى اخذوهم سجنوهم وعدموهم قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ولكن عندما اتيتوا هذا طاغية فرعون يقول انا ربكم الاعلى أي الأسلوب تعتمدون بها؟ تقولون له لو تفعل لو نفعل معك كذا ماذا يفعل بكم؟ يقول عدموهم اذهبا فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً عجيب الله مدعي الشراكة معه انا ربكم الاعلى هذا الأسلوب لعله يلين قلبه فاذا لم يستعملوا هذا الأسلوب في هذا المقام فعملهم حكيم أو غير حكيم؟ غير حكيم.
فأختم حديثي بهذه القضية المعروفة ينقلوا أن شخصاً كان يحوك سجادة وهذه السجادة من الطراز الأول الحرير والى غير ذلك، ولكن كل ما يحوك هذه السجاد يقسم عليها (بالك واياك) ان يذهب رأسي فداءً لك (للسجادة)، فعندما انتهى من السجادة قالوا له هذه السجادة التي يقدر أن يعطي ثمنها الملك لانه هذه السجادة فيها ثمن كبير جداً فانت قدمها هدية للملك وثمنها هذا فقط يعطيك وأيضاً كان يتوسل اليه بالك واياك ان رأسي لا يكون ثمنك، فدخل على الملك فنظر إليها الملك وعجبته والحق والانصاف لا نظير لها ولكن في عقيدتك ان هذه السجادة أين أضعها؟ هذا المسكين فكر وانه لم يخطر في ذهنه شيء قال عندما تموت يجعلوها على تابوتك قال اضربوا عنقه هذا يتمنى موتي! وعندما كان يخرج يقول كثير توسلت يا لسان يا سجادة رأسي انظروا الأسلوب بيني وبين الله ما كان اشكال في السجادة قيمتها وثمنها، ولكن ما هو الإشكال؟ ولذا انا اعتقد أن الشريعة منهج واسلوب وليس علم ابدا، لو أن امير المؤمنين كل ما نعلمه عنه من المقامات لو لم يكن كما نعرفه من زهد وشجاعة واخلاق وتضحية وفداء كنت تتصور بأن امير المؤمنين هكذا في اذهاننا صريحاً (ولو كنت فضا غليض القلب) لا تتصور انه علمك ينفع أو لا ينفع؟ ابدا لا ينفع.
والحمد لله رب العالمين.
26 ربيع الأول 1436
