نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية ولاية الفقيه (04)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    في الواقع نزولاً عند رغبة الأخوة أنا دخلت هذا البحث ووقفت فيه أكثر مما ينبغي وإلا بطبيعة الحال بحثنا في الخمس، ولكن الأعزاء طلبوا مراراً من خلال الدرس والاتصالات أنه سيدنا بمقدار حتى تتضح هذه الرؤية، أن أصل هذه القضية أين؟ ومحل النزاع أين؟ ومن هو القائل بهذه النظرية؟ ومن هو الرافض لهذه النظرية؟

    ذكرنا في البحث السابق بأنه من الأعلام الكبار الذين قالوا بهذه النظرية هو صاحب الجواهر+، والعبارة التي نقلناها عن صاحب الجواهر في هذا المجال فيها عموم وفيها إطلاق، طبعاً إلا إذا دل دليل على تقييد هذا العموم والإطلاق كما أشرنا في (الجواهر، ج40، ص18) قال: (ويمكن بناء ذلك بل لعله الظاهر على إرادة النصب العام في كل شيء) التفتوا جيداً توجد عبارة (في كل شيء) وأكثر من ذلك (على وجه يكون له ما للإمام عليه السلام).

    قد يقول قائل: بأن ذاك العموم لابد أن يفهم بحسبه ولا معنى لأن يكون له إطلاق يشمل كل ما للإمام ولذا أكد صاحب الجواهر هذا المعنى وقال: (على وجه) هذا العموم (يكون له ما للإمام عليه أفضل الصلاة والسلام).

    ما هو دليله بحث آخر وأنه تام أو غير تام، هذا بحث آخر قد نناقش في الدليل ولكن مقصودي أن الفتوى وأن النظرية عند صاحب الجواهر أن للفقيه في عصر الغيبة كل ما للإمام في عصر الظهور عليه السلام.

    ودليل: يشير إلى دليلين: الدليل الأول: (جعلته حاكماً، أي ولياً متصرفاً في القضاء وغيره من الولايات وغيرها) هذه في القضاء وغيره من الولايات وغيرها يعني حتى الموضوعات التي يقولون فيها حكم الحاكم، المراد من حكم الحاكم إنما هو في الموضوعات لا في الأحكام، وإلا لا معنى لأن الفقيه يحكم في الأحكام وإنما يحكم في الموضوعات، (بل هو مقتضى قول صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه: فأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فأنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله) التفتوا إلى البيان (ضرورة كون المراد منه أنهم) يعني الفقهاء أو رواة الحديث (حجتي عليكم في جميع ما أنا فيه حجة الله عليكم). أنا لا  أتصور في عبارات حتى السيد الإمام توجد مثل هذه  الإطلاقات بهذا النحو.

    (في جميع ما أنا فيه حجة الله عليكم إلا ما خرج) ومن هنا لابد أن نعرف بأنه الاستثناءات التي يقول بها صاحب الجواهر إلى أي حد. هذا المعنى بشكل واضح وصريح أيضاً جاء في كلمات ا لسيد السبزواري أيضاً بنفس هذا البيان في (مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام، ج16، ص364 و 365) بعد أن يقول: (لا ريب في أن للفقيه الجامع للشرائط منصب الفتوى فيما يحتاج إليه العامي ومنصب فصل الخصومة) يعني القضاء، يقول: (وهل يثبت للفقيه الجامع للشرائط ما ثبت للمعصوم عليه السلام من الولاية على المسلمين في جميع ما له دخل في شؤونهم) نفس المقام الثابت للمعصوم عليه السلام ثابت للفقيه أم لا؟ (إلا قولان والظاهر أن هذا النزاع على طوله وتفصيله صغروي) وإلا الكبرى يقول لم يقع فيها خلاف بين أحد، هذه دعوى السيد السبزواري. (كما يظهر من أدلة الطرفين والنقض والإبرام الوارد لأن الفقيه وبعبارة أخرى إذا تحقق ما تقدم من الصفات فالإمام كأنه الإمام … وبعبارة أخرى لو تحقق ما تقدم من الصفات في شخص) يعني الفقيه الجامع للشرائط (يصير كأنه الإمام عليه السالم).

    إذن القضية ليست قضية أنها نظرية بعد الوقوع السيد الإمام قال بها، لا لا، جملة من الفقهاء الذين لم تكن أياديهم مبسوطة ذهبوا إلى هذه النظرية أيضاً (بعد استقرار إمامته الظاهرية).

    إذن، أعزائي هذه القضية من القضايا الواضحة عند جملة من كبار الفقهاء فقهاء الإمامية.

    ولكنه في المقابل قد يقال بأنه أيضاً يوجد تصريح من كبار أو بعض كبار أعلام الفقهاء الذين نفوا ذلك، قالوا لم يثبت، ونقلنا عن السيد الخوئي هذا المعنى، ولكنه قد ينسب ذلك أيضاً إلى الشيخ الأنصاري الشيخ الأعظم. من أين ينسب إليه هذا؟ في كتاب (المكاسب، ج3، ص553) الطبعة المعروفة الجديدة، لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم، قال: (وبالجملة فإقامة الدليل على وجوب طاعة الفقيه كالإمام عليه السلام إلا ما خرج بالدليل دونه خرط القتاد) لا يمكن إثبات مثل هذا المقام للفقيه في عصر الغيبة.

    وهكذا نفس هذا الكلام ذكره في (ص558) من الجزء الثالث أيضاً، قال: (وقد تقدم أن إثبات عموم نيابة الفقيه عنه عليه السلام في هذا النحو من الولاية على الناس ليقتصر في الخروج عنه على ما خرج بالدليل دونه خرط القتاد).

    طبعاً هنا أنا في قناعتي أنه في المقدمة في الأعم الأغلب عندما دخل الأعلام هذه المسألة بنحو واضح لم يحرر فيه محل النزاع، ولذا أنا مضطر أن أحرر محل النزاع أولاً ليتضح أن كلمات الفقهاء أين وفي ماذا يتنازعون، وما هو مورد الخلاف بين فقهاء الإمامية في هذا المجال.

    طبعاً كما قلت هذا إجمال البحث وإلا هذا البحث الحق والإنصاف طويل الذيل، يعني إن لم يكن أطول من بحث كتاب الخمس فليس أقل من بحث كتاب الخمس.

    ومنه إن شاء الله تعالى سيتضح أن الشيخ الأنصاري قائل بولاية الفقيه في زمن الغيبة أو لا. وهل يوافق صاحب الجواهر في هذا المجال أم يختلف معه؟ وإذا كان يختلف فهل هو مبناه هو الذي ذكره السيد الخوئي أو مبناه شيء آخر؟

    في المقدمة أعزائي لابد أن نشخص أساساً ما هي الولاية التي أعطيت للإمام المعصوم، لأنه كلام صاحب الجواهر قال: (كل ما ثبت للإمام فهو ثابت للفقيه الجامع للشرائط)، ما هو الثابت للإمام عليه السلام حتى نقول أن هذا أيضاً ثابت للفقيه الجامع للشرائط؟

    في المقدمة أيضاً لابد أن تعرفوا أن الأصل في الولاية عدم ثبوتها لأحد إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا مما لا مجال فيه للكلام من أحد وهذا ما صرح به الجميع، أي نحو من أنحاء الولاية حتى ولاية الإنسان على نفسه وعلى أمواله أيضاً موجودة للإنسان أو غير موجودة؟ الأصل أنها غير موجودة. بأي برهان؟ ذاك محله في محله. ولكن الأصل هو هذا، ولذا الشيخ الأنصاري في (المكاسب، ج3، ص) يقول: (إذا عرفت هذا فنقول مقتضى الأصل عدم ثبوت الولاية لأحد بشيء من الوجوب) أبداً، لا فقط ولايتي على الآخرين، ولايتي على نفسي، لم تثبت الولاية في الأصل للنبي والأئمة فما بالك بغير النبي والأئمة، إذن عندما نأتي إلى ولاية أهل البيت لابد أن نرى مقدار الدليل ما هو. أي حد ثبت من الولاية لأهل البيت أو للنبي صلى الله عليه وآله ثم من بعده لأهل البيت عليهم السلام.

    ومنه عند ذلك ننتقل إلى الفقيه الجامع للشرائط لنرى ما هي دائرة الولاية التي أعطيت للفقيه في زمن الغيبة.

    وهذا الذي لم يتحرر بشكل واضح في كلمات علماء الإمامية، نعم بشكل متناثر موجود في الكلمات، بحث منه في الفلسفة وبحث منه في العرفان وبحث منه في الأصول وبحث منه … ولكنه في مكان معين أن نأتي إلى أبحاث الإمامة كما نبحث أن الإمام خليفة أول أو خليفة رابع نعنون عنوان ما هي الولايات التي أعطيت للإمام إذا وجد الأخوة في كتاب فليدلونا عليه.

    وهذه القضية الأساسية ولذا أنا مراراً قلت أن خط ومدرسة الخلفاء والصحابة وأهل السنة واقعاً استطاعوا أن يجرونا إلى مواقع لم يكن ينبغي الدخول إليها، ألف سنة نحن نبحث معهم أن الإمام علي أول أو أنه رابع. مع أنه هناك عشرات المسائل الأساسية في بحث الإمامة يوجد لها أثر في كتبنا أو لا يوجد؟ واحدة منها هذا البحث.

    هنا أيضاً يتداخل البحث القرآني مع البحث الكلامي مع البحث الفلسفي مع البحث العقدي إلى غير ذلك.

    أعزائي الولاية ثابت لله سبحانه وتعالى بمقتضى الأدلة القرآنية والعقلية يمكن تقسيمها على قسمين:

    عبروا عنها الولاية التكوينية والولاية التشريعية، وبعبارة أخرى عبروا عنها بولاية التكوين وبولاية التشريع.

    طبعاً أنا اصطلح على الأولى بالولاية الوجودية لا التكوينية، سأبين لماذا.

    إذن في المقدمة … ومن يريد مراجعة هذا البحث تعرض له السيد الطباطبائي في (الميزان، ج6، في ذيل قوله تعالى: {إنما وليكم الله}قال: (فهذا ما ذكره الله تعالى من ولاية نفسه في كلامه، ويرجع محصلها إلى ولاية التكوين وولاية  التشريع وإن شئت سميتموها بالولاية الحقيقية والولاية الاعتبارية).

    إذن الولاية الثابتة لله الولاية الحقيقية أو التكوينية أو الوجودية والنوع الثاني الولاية في عالم التشريع.

    السؤال الأول المطروح: وهو أنه كلتا الولايتين أعطيت للنبي وأئمة أهل البيت أو إحداهما دون الأخرى؟

    هذه أول مسألة لابد أن تطرح وهي إذا أعطيت ولاية للنبي {إنما وليكم الله ورسوله}هذه الولاية التي أعطيت للرسول أي ولاية، خصوص الولاية التشريعية أو الأعم منها ومن الوجودية والتكوينية، أي منهما؟

    يكون في علم الأخوة أن هناك خلاف بين مدرسة أهل البيت، طبعاً لا أتكلم عن المدارس الأخرى العرفاء ماذا يعتقدون الصوفية ماذا يعتقدون في النبي في الإنسان الكامل في القطب عندهم في كل زمان تلك أبحاث أخرى، أنا أتكلم على مستوى مدرسة أهل البيت عليهم السلام.

    الاتجاه الأول: يقول أن النبي والأئمة لم يعطوا لا ولاية التكوين ولا ولاية التشريع بالمعنى الذي سأشير له، وإنما هو إنما على الرسول البلاغ، مبين لأحكام الله تعالى ليس إلا، تقول: هذه المعاجز. يقول: نعم هذه المعاجز والكرامات التي صدرت إنما هي فعل الله عند دعاء النبي أو الإمام وليست هي فعل النبي أو الإمام، يعني إذا وجدنا كرامة من الإمام أو معجزة من النبي الأكرم هذا ليس فعله بإذن الله بل فعل الله بدعاء النبي أو الإمام لمصلحة وحكمة.

    هذا الاتجاه الأول.

    الاتجاه الثاني: يعتقد أن النبي والأئمة لهم ولاية التكوين أو الولاية الحقيقية. أعزائي هذه ولاية التكوين اصطلاحاً دائر بين الناس ولعله بين الخواص أيضاً عندما يسمع ولاية التكوين يذهب ذهنه إلى إحياء الموتى، يعني إلى ا لتصرف في نظام التكوين، ولكن علماء الإمامية الذي قالوا بولاية التكوين للنبي والإمام لا يريدون هذا المعنى من ولاية التكوين بل يريدون معنى أوسع. ما هو؟ وهو أن النبي والأئمة هم وسائط الفيض الإلهي، ما معنى وسائط الفيض الإلهي؟ يعني أنهم يقعون في رتبة علل موجودات عالم الإمكان، وهذا غير التصرف التكويني، لأن التصرف التكويني كان حتى عند عفريت من الجن قال: {أنا اتيك به قبل أن تقوم من مكانك} هذا عفريت من الجن ليس واسطة فيض وليس في مرتبة علل الموجودات ولكن عنده قدرة على التصرف في التكويينات.

    بعبارة أخرى: القائلون من المحققين من الإمامية أن النبي والأئمة لهم ولاية حقيقية أو تكوينية ليس مرادهم ذاك المعنى الذي ذكر لعفريت من الجن أو ذلك للذي عنده علم من الكتاب، لا، وإنما مرادهم أن كل شيء لا يصل إلى هذا العالم إلا بتوسطهم، وكل شيء لا يصعد عن هذا العالم إليه إلا بتوسطه. وهذا معنى أنهم العلل الفاعلية لهذا العالم، وهذا معنى أنهم العلل الغائية لهذا العالم، برهانه أين؟ ذاك بحث آخر، أنا أشير إلى الفتاوى، فقط أقرأ لكم رواية، هذه الرواية ورادة في (البحار، ج15، ص8) العبارة طويلة، الرواية هي: (عن أبي ذر الغفاري عن النبي: فما أنزل من الله فإليكم) أنزل ماذا؟ كان التامة أو كان الناقصة، يعني أصل الوجود وكمالات الوجود. (وما صعد إلى الله فمن عندكم) هذا الذي تقرؤونه دائماً في الزيارة الجامعة: بكم فتح ا لله وبكم يختم. هذه أوسع كثيراً من قضية أنه عنده ولاية أن العصى يجعلها حية تسعى أو يحيي الموتى، لا ليست هذه، هذه كما قلت موجودة لعفريت من الجن، هذا الذي نؤكده لأهل البيت، طبعاً أنا من القائلين بالاتجاه الثاني ومن أوسع أبوابها، من يريد أن يعتبر هذا غلو أنا أعتبر ذاك الطرف فيه قصور، من يقول لي أنك مغالي أقول له أنت مقصر. أو يسكت ويقول هذا رأيي أنا أقول هذا رأيي. أما عندما يبدأ الاتهام أنا أقول ذاك.

    أدلة ذاك أين؟ أدلة ذلك فوق الإحصاء قرآنياً لا في الروايات، ماذا تفهم من قوله تعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر}؟ أصلاً كل أمر حياة وموت وصحة ورزق … في ليلة القدر لابد أن ينزل على صاحب الأمر وعلى إمام ذلك الزمان، فلذا من أراد أن يتم بحث الإمامة فعليه بسورة  القدر، وإذا أراد أن يتم سورة التوحيد فعليه بسورة التوحيد.

    على أي حال هذا البحث لا أدخل فيه فقط أنا ذكرت الفتاوى والمباني في المسألة.

    ولذا أنا قلت أنا لا أعبر عنها ولاية تكوينية لأن الذهن عموماً ينصرف إلى الولاية التكوينية بأي معنى؟ بالمعنى الثاني يعني عفريت من الجن، لا لا، أنا عبرت عنها ولاية وجودية يعني التصرف في نظام الوجود (يا جابر أول ما خلق نور نبيكم ثم خلق منه كل خير) الله خالق كل شيء، ولكن الواسطة ما هي؟ (ثم خلق منه) واسطة وهذه وساطة الفيض الإلهي، ولهذا وردت الروايات المتواترة عندنا (لولاهم لساخت الأرض بأهلها) ما علاقة هذه بعالم التشريع؟! لا علاقة لها، بل في رواية أخرى (لبقاء العالم على صلاحه) قال ما هي الحاجة إلى النبي أو الإمام قال: (لبقاء العالم على صلاحه) أصلاً يفسد العالم إذا لم يكن النبي أو الإمام.

    هذا النحو ا لأول من الولاية أو عبروا عنها الولاية الوجودية أو الحقيقية.

    سؤال: النحو الأول أو النوع الأول من الولاية وهي وساطة الفيض أو النوع الثاني من الولاية وهي الولاية ا لتكوينية يعني إحياء الموتى أو {أنا آتيك به} هل مرتبطة بالبحث أو غير مرتبطة؟

    الجواب: هذه خارجة عن محل الكلام، محل النزاع ليس في هذين النوعي من الولاية. يعني عندما يقول صاحب الجواهر: (ثبت له كل ما للإمام إلا ما خرج بالدليل) لا يريد أن يخرج هذا لأن هذا خارج تخصصاً لا أنه خارج تخصيصاً، خارج موضوعاً، فلا يتبادر الذهن أنه إلا ما خرج بالدليل نريد أن نخرج … لماذا؟ لأن هذه أمور وجودية وليست اعتبارية حتى تكون قابلة للنقل والانتقال بالدليل. لأن الفقهاء يقولون: ثبت له كل ما ثبت بدليل. هذه لا تحتاج إلى دليل لفظي لأنها أمور وجودية لا ثبوتها بالدليل ولا استثنائها أيضاً بالدليل.

    ولذا نحن هذه الجملة نكررها والبعض لعله لا يفقه منها ما نريد، نقول: الولاية التي نعتقدها لعلي وأهل بيته لا نصبت في الغدير ولا غصبت في السقيفة. هذه أي ولاية؟ هذا النوع من الولاية، هذا لا علاقة لها بأنها ثبتت لأمير المؤمنين لأنها كانت ثابتة قبل ذلك ولا تحتاج أيضاً إلى نصب وإلى إبلاغ.

    ما هي النسبة بين هذين النحوين من الولاية وبين الولي الفقيه؟ الجواب: بينهما عموم من وجه، قد تكون له الولاية وليس بفقيه كما قد ينسب إلى بعض مرتاضي الهند وقد ينسب إلى بعض السحرة، لا أريد أن آتي بأسماء علماء شيعة، هذا التصرف التكويني ينسب إلى البعض، طي الأرض ولاية تكوينية أو ليست ولاية تكوينية؟ بلي، ثابتة للبعض وأنا واحد أمامكم إن كنتم تقبلون شهادتي أنا رأيت في كربلاء من يملك طي الأرض، سيد كان يأتينا من مشهد ولا أذكر اسمه توفي رحمة الله تعالى عليه، ظاهره الخبل، في وقتها واحد من الذين كانوا يعرفونه قال هذا عنده طي الأرض، أنا تابعت القضية حتى أعرف عنده أو لا، في ليلة من الليالي كنت إلى جانبه … كان جالس فاتصلنا بمن يعرفه في مشهد فقال نعم رأيناه في مشهد، فهي موجودة، البحث الصغروي ذاك بحث آخر أنا قلت لك لا أريد الدخول في التفاصيل.

    أما القضايا المنقول عن سيد عبد الكريم الكشميري رحمة الله تعالى عليه، واقعاً كثيرة، ومن الثقات أيضاً، ولا أريد أن أدخل في التفاصيل، وإذا وسع الوقت سأشير إلى بعضها التي أثق بها وإلا هناك كلام كثير في الكتب.

    إذن قد يكون له الولاية الوجودية وليس بفقيه، وقد يكون فقيهاً وليست له الولاية الوجودية، وقد يجتمعان في شخص، وهذا ليس هو محل الكلام، هذا البحث خارج عن محل الكلام.

    النوع الثاني من الولاية أعزائي، ولاية إبلاغ المعارف الدينية، يعني أنت عندما تأتي الى النبي سواء كان على مستوى الأحاديث التي يقولها بيّن لنا معارف، على مستوى الألفاظ لا بشيء آخر (ما على الرسول إلا البلاغ) منذر مبشر ونحو ذلك. هذه عبروا عنها ولاية الإبلاغ.

    السؤال الأول المطروح – من هنا سندخل في بحثنا الأصلي وهو بحث الصلاحيات المعطاة للفقهاء في عصر الغيبة- هو هل الفقيه في عصر الغيبة أعطي ولاية الإفتاء أو لم يعطَ؟ لقائل أن يقول: أنه لم يعطَ ولاية الإفتاء أبداً، ومن هنا أنتم تجدون في أول بحث الاجتهاد والتقليد يحاول الأعلام بكل دليل أن يثبتوا أن الفقيه أعطي صلاحية وولاية الإفتاء وأمر الناس بالتقليد، وفي المقابل – نتكلم في مدرسة أهل البيت- المنهج الإخباري لم يوافق على ذلك. نعم، كل ما أعطي لرواة حديثهم أن ينقلوا لشيعتهم هذه الروايات، أبداً، أما هذه الاستدلالات وهذه الاجتهادات وغيرها هذا لم يعطَ.

    لماذا جاءت الإشكالية؟ الإشكالية جاءت من أن الفقيه قد يصيب وقد يخطأ، فلا معنى لأن يعطى ولاية الإفتاء في زمن الغيبة لأنه قد يخطأ ولا معنى لأن الشارع يأمرنا بإطاعة الخطأ. في النتيجة يخطأ الفقيه فهو غير معصوم، فعلى أي أساس نؤمر بإطاعته، قد نؤمر بالحرام تجب طاعته أو لا تجب؟ لا تجب طاعته. ولذا تجدون بأنه صاحب الجواهر وكل الأعلام أول ما جاءوا قالوا أحدهما مناصب ثلاثة للفقيه أحدها الإفتاء فيما يحتاج إليه العامي. بأي دليل؟ قال: (ولا إشكال ولا خلاف في ثبوت هذا المنصب للفقيه) طبعاً يكون في علمكم أن الإخباري أيضاً يقول أن هذا المنصب ثابت للراوي – كما يعبر عنه- ولكن لا يوافق الأصولي على هذا المنهج في فهم الحكم الشرعي. هذه (الفوائد المدنية، ص305) للاسترآبادي وهو مؤسس هذا المذهب، يقول: (الأحاديث الناطقة بأمرهم عليهم السلام بالرجوع في الفتوى إلى رواة أحاديثهم) يؤكد على مسألة رواة الأحاديث لا الفقهاء (وأحاكمهم متواترة معنى، وتلك الأحاديث صريحة في وجوب إتباع الرواة فيما يروونه عنهم) لا في وجوب الإتباع فيما يجتهده الأصوليون ويقولوه للناس، لا أبداً، بل ذاك منهي عنه. (في وجوب إتباع الرواة فيما يروونه عنهم من الأحكام النظرية) باعتبار أن البديهيات والمسلمات لا تحتاج (وليست فيها دلالة أصلاً على جواز إتباع ظنونهم الحاصلة من ظواهر كتاب الله أو أصل أو استصحاب أو غير هذا) هذا كله باطل. ولذا يأتي في (ص180- 192 أو 200) هذه عبارته( في إبطال التمسك بالاستنباطات الظنية في نفس أحكامه تعالى) في (ص192) يقول: (الخطب والوصايا المنقولة عن أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين الصريحة في أن كل طريق يؤدي إلى اختلاف الفتاوى غير مقبول عند الله سبحانه) وهذا الاجتهاد الذي عندنا يؤدي إلى اختلاف الفتاوى، إذن هو مرفوض، من حيث أنه يؤدي إلى الاختلاف (ومن المعلوم أن هذا المعنى كما يشمل القياس والاستحسان والاستصحاب وأشباهها يشمل الاستنباطات الظنية من كلام الله وكلام رسوله) وكل اجتهادات الأصوليين ظنية أو قطيعة. نعم، يقول إذا كانت قطعية لا مشكلة عندنا فيها، ولكن كم من استنباطات الأصوليين قطعية …

    إذن كأصولي أنت أو لست بأصولي تريد أن تعطي حكماً شرعياً للناس على المنهج الأصولي ثبت العرش ثم انقش ثبت مشروعية هذا المنهج ثم أفتي الناس، وإلا يوم القيامة أنت مجتهد أم مقلد فأفتيت الناس بلا دليل، بعنوان أي شيء أنت أتبعت هذا المنهج الموجود عند الأصوليين، في المقابل يوجد منهج آخر وهم المنهج الإخباري لماذا لم تذهب إلى ذلك المنهج.

    إذن أعزائي، أقول إذا قلت أن هذه فتاوى أقولها للأعزاء وإلا كل واحدة منها تحتاج إلى بحث مستقل، الآن نحن نأخذها كفتوى مسلمة مفروغ عنها أن الفقيه في زمن الغيبة أعطي ولاية الإفتاء مع أنه قد يخطأ النتائج ولكن الشارع أجاز له، هذا إنما أنا ذكرته للأعزاء لأن بعض الحضار في الدرس مباشرة عندما تقول له الولاية العامة للفقيه يقول كيف يمكن هذا فالإمام معصوم وهذا ليس بمعصوم. الكلام الكلام في الإفتاء يأتي في ولاية الفقيه، في مسألة الإفتاء ذاك موجود للمعصوم لأنه لا يخطأ كيف يعطى لغير المعصوم وهو يخطأ، هذا النقض مشترك الورود على الإفتاء وعلى القائل بولاية الفقيه، ولعله أهم دليل لمنكري ولاية الفقيه هو هذا الدليل وهو أنه إنما أعطيت الولاية المطلقة للإمام لأنه معصوم لا يخطأ، ولكن لا تعطى للفقيه لأنه قد يخطأ.

    الجواب: في الإفتاء كذلك. هذه مرتبة.

    المرتبة الثانية أو الولاية التي أعطيت للمعصوم، هي ولاية التشريع وهي غير ولاية الإبلاغ، هذا الذي عبرنا عنه النوع الثاني من الأحكام يعني فرض ربكم وسنة نبيكم، هذا أعطي للنبي وأعطي للإمام.

    السؤال: هل ينتقل إلى الفقيه الجامع للشرائط أن يشرع تشريعاً ثابتاً في زمن الغيبة؟ الجواب: كلا وألف كلا، لماذا؟ لأن الدليل الذي دل على إثبات هذه الولاية للمعصوم صريح في أنه مختصة بالنبي والأئمة، هذا الذي يقول هؤلاء الفقهاء إلا ما خرج بالدليل، هذه واحدة من الموارد التي خرجت بالدليل.

    إذن ولاية التشريع يعني أن يشرع تشريعاً ويجعله جزءاً ثابتاً من الشريعة هذا من اختصاص وامتيازات النبي والأئمة عليهم السلام، لا يوجد عند غيرهم، إذن هذا خارج عن صلاحيات الفقيه الجامع للشرائط في زمان الغيبة.

    النحو الثالث أو عبروا الرابع لا فرق لأنّا تكلمنا وقلنا وجودية وقلنا تشريعية، وجودية خارجة عن محل الكلام والتشريعية ذكرنا الإبلاغ والتشريع، وبقي ولاية القضاء، لا إشكال ولا شبهة أن ولاية القضاء ثابتة للنبي {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} مطلقة، (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم).

    السؤال: هل أن هذه الولاية ولاية القضاء ورفع الخصومة بين الناس في زمن الغيبة ثابتة للفقيه الجامع للشرائط أم لا؟

    ونفس الإشكالية لماذا نقول ثابت هنا، باعتبار أن القاضي قد يشتبه وقد يخطأ وقد ينسى فيحكم بالباطل، فعلى أي أساس تعطى له هذه الولاية، ما تقولونه هنا نقوله في ولاية الفقيه. هل ولاية القضاء ثابتة للفقيه الجامع للشرائط؟ إن شاء الله في يوم غد.

    والحمد لله رب العالمين.

    19 جمادى الأولى 1432

    • تاريخ النشر : 2015/11/15
    • مرات التنزيل : 1445

  • جديد المرئيات