نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية ولاية الفقيه (40)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صلي علي محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    أعزائي كما أشرت في مقدّمة هذه الأبحاث، هذه الأبحاث تعد من الأسس المهمة في عملية الاجتهاد، يعني أن المجتهد قبل أن يتدخل في عملية الاجتهاد واستنباط المعارف الدينية لابدّ أن يقرر في الرتبة السابقة أن الدين له أبعاد اجتماعية أم ليس له، قد ينتهي الشخص كما كثير من فقهاءنا وعلماءنا أن الدين لا علاقة له إلّا بالأبعاد الفردية، هذا من حق الإنسان، ولكنه لابدّ أن يقرر في الرتبة السابقة أن الدين له أبعاد اجتماعية أو ليس له تلك الأبعاد وعلى أساس ذلك يدخل عملية استنباط المعارف الدينية، من قبيل في علم الأصول لابدّ في الرتبة السابقة ننتهي إلى أن الظواهر حجة أم ليست حجة؟ أن خبر الثقة حجة أم ليس بحجة؟ أن باب العلم والعلمي مفتوح أم مسدود ومغلق كما يقول الانسدادي وهكذا. هذا أيضاً باب من أبواب عملية الاجتهاد مفتاح من مفاتيح عملية الاجتهاد وهو تشخيص أن المعارف الدينية هل هي بصدد بيان المعارف وتنظيم الحياة الفردية للأشخاص والأبعاد الاجتماعية بالمجاز وبالعرض وليس لها أيّ دور أم أن الأبعاد الاجتماعية للمعارف الدينية أيضاً مأخوذ بعين الاعتبار، مثال آخر: أن الزمان والمكان مأخوذ أم ليس بمأخوذ؟ من حقك أن تقول ليس بمأخوذ ولكنه في الرتبة السابقة لابدّ أن تنتهي من هذه العملية. مثال آخر في الفرق في عملية الفهم في مسألة أن الأبعاد الاجتماعية لها دور أم ليس لها دور؟ يتذكر الأعزة هناك بحثٌ مفصل في قاعدة لا ضرر، قالوا لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، هذه هي القاعدة، سواء قلنا أنّها حكم ولائي أو أنّها ليست كذلك هذا بحث آخر، هذه القاعدة مسلمة لم يختلف عليها أحد أن هذه القاعدة صدرت من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) السؤال المطروح: إذا كان لا ضرر ولا ضرار في الإسلام… أكثر أحكام الإسلام ضررية، باب الجهاد ضرري أم ليست بضرري؟ يعني الإنسان يذهب ويجاهد بنفسه إمّا تقطع أعضاءه إمّا أن يجرح إمّا يقتل… هذا ضرر أم ليس بضرر؟ نعم في العرف الاجتماعي هذا ضرر. الجهاد بالمال، دفع الخمس دفع الزكاة دفع الحقوق الواجبة… هذه كلها من الضرر. وهكذا أنت عندما تضع يدك على كثير من… الصوم ضرر أم ليس بضرر؟ نعم الإنسان بيني وبين الله يعيش حالة من العطش والجوع والألم و… من هنا صار البحث عند الأعلام… إذن كيف نوفق بين قاعدة لا ضرر ولا ضرار وبين أن الإسلام هو بنفسه شرّع أحكام ضررية؟ هنا ذكرت عشرات ووجوه متعددة للجمع بين قاعدة لا ضرر وبين… القصاص ضرر أم ليس بضرر؟ أنت تريد أن تقتص الآن سواء كانت قصاص نفس أم قصاص اعضاء أم أي قصاص وهكذا الديات… كل هذه أحكام ضررية. إذن كيف الجمع بين قاعدة لا ضرر ولا ضرار وبين هذه الأحكام الضررية؟ أساساً عنوانها وليس أنّها… التفتوا جيداً لأنّه بعض الأحكام الشرعية هي ليست بضررية ولكن قد يلزم منها الضرر، هذه ليست فيها مشكلة، وبعض الأحكام أساساً تشريعها تشريع ضرري، من قبيل الحقوق الشرعية وهي الخمس والزكاة والديات غيرها. إذن كيف الجمع؟ الجواب في جملة واحدة: واقعاً إذا قرأت هذا النص بعنوان فردي ذيك النصوص أيضاً تكون ضررية أمّا إذا قرأت الإسلام بعنوان دين اجتماعي، بيني وبين الله الفرد عنده مسئولية في المجتمع، الأغنياء الذين عندهم الأموال لديهم مسئولية في المجتمع، عندما تقول ادفع هذا ضرر أم نفع في المجتمع؟ إذا لم يشرّع هذه الأحكام لكان الدين ضررياً وناقصاً لا إذا شرّع هذه الأحكام، أنظروا كيف الرؤية تختلف. إذا أخذت الدين والتشريعات الدينية بعنوان فردي تقول إذن أنا غني وذاك فقير إلى جهنم إنا ما هي علاقتي، ليذهب ويعمل ويصبح عني، كما النظريّة الرأس مالية تقول ما هي علاقتي؟ أيموت فليمت. الآن أليس عشرات الملايين سنوياً في العالم يموتون من الجوع والطعام الذي يبذّر في الدول الغنية تكفي لهؤلاء وعشرات أضعافهم، إذن لماذا لا يهتمون؟ يقولون ما هي علاقتنا نحن. إذا نظرت إلى الدين وإلى الشريعة كونوا على ثقة أعزائي أن هذه التي أبينها تعدّ أسس عملية الاجتهاد التي غفل عنها في حوزاتنا العلمية، ولها أسباب موضوعية لعله بعضها، وهو أنّه ابتعدنا عنها في الواقع الاجتماعي، ابتعدنا عن التطبيق الاجتماعي في الدين، وصار كل همّنا الأبعاد الفردية، فلذا رحمة الله على سيدنا الشهيد وقدس الله نفسه حيث قال في ومضات هذا الكلام وكان يصرخ به في النجف ولكنه لا حياة لمن تنادي، فهذا الكلام صدر من السيد الشهيد تأريخها سنة 1395 من الهجرة يعني حدود أربعين عام قبل ذلك، يقول: قاعدة لا ضرر ولا ضرار إذ قالوا أن هذه القاعدة تنفي وجود أيّ حكمٍ ضرري في الإسلام بينما نجد في الإسلام أحكاماً ضرريةً لا أحكام في بعض الأحكام يلزم منها الضرر، لا وإنّما هي أحكام بحسب جعلها… الوضوء بحسب جعله ليس ضرري، نعم في بعض الأحيان يلزم منه الضرر، أمّا هناك أحكام بنفس جعلها ضررية كتشريع الديات والقصاص والضمان والزكاة فإن في تشريع هذه الأحكام إضراراً بالقاتل الذي يكلّف بالدية والقصاص، وإضراراً بالشخص الذي يتلف مال غيره إذ يكلف بضمانه وإضراراً بصاحب المال الذي يكلّف بدفع الزكاة إن هذا الاعتراض يقوم على أساس النظرة الفردية إلى التشريع، إذا نظرت إلى التشريعات بعنوان الفرد تقول هذه أحكام ضررية، فإنّ هذه النظرة هي التي أتاحت لهم أن يعتبروا هذه الأحكام أحكاماً ضررية، هذه الرؤية وهذه النظارة وهذه القراءة أدّت إلى أن يقولوا أن هذه الأحكام ضررية، بينما لا يمكن أن تعتبر هذه الأحكام ضررية في شريعةٍ تفكّر في الفرد بوصفه جزء من جماعة ومرتبطاً بمصالحها أمّا إذا نظرت إلى الفرد لا بما هو فرد في قبال الجماعة بل هو فردٌ في ضمن الجماعة ومصلحة الفرد من مصلحة المجتمع والجماعة، فإذا صلح المجتمع صلح الفرد وإذا فسد المجتمع يفسد الفرد، ولذا أنتم تجدون بأن الشارع يقول بأنه إذا ذهبت إلى بلد لا تستطيع أن تقيم أحكام الشريعة هل يجوز لك الذهاب أم لا يجوز؟ لا يجوز. لماذا؟ لأنّ الوضع الاجتماعي والقوانين لا تسمح لك. ولهذا قالوا يحرم الهجرة إلى مثل هذه البلدان. لماذا يحرم الهجرة وأنا أريد أن أسافر وأعمل بالأحكام الثانوية؟ يقول لا يجوز لك لأنّ الوضع الاجتماعي يسمح أم لا يسمح؟ أنت فرد مرتبط بالمجموع بالجماعة بالمجتمع، يقول تفكر في الفرد بوصفه جزءً من جماعة ومرتبطاً بمصالحها بل إن خلوّ الشريعة عن تشريع الضمان والضرائب يعتبر أمراً ضررياً، لو لم يشرّع لكان ضررياً لا عندما شرّع كان ضررياً، أنظروا كاملاً القضية تنعكس، سؤال: إذن أنت في النتيجة ما هو مبناك، هل أن الفرد جزء من الجماعة وأن الأصل هو الجماعة أو أن الجماعة تُفدى مصالحها لأجل الفرد؟ فإن بنيت على الأوّل تستنبط الأحكام بنحوٍ وإن بنيت على الثاني تستنبط الأحكام بنحوٍ آخر. ومن هنا قد تختلف الآراء، ومن هنا تجد مجتهد يعطي حكماً كذا ويعطي مجتهدٌ آخر حكماً كذا وكلاهما يستند إلى هذه الروايات الموجودة! الجواب لأنّ الرؤية مختلفة. القراءة مختلفة، النضارة التي وضعها على العين مختلفة. المبنى والانطلاق مختلف. وهذا هو الضروري في عملية الاجتهاد كونوا على ثقة أعزائي والله ليس المهم أنّه أنت ثلاثين سنة تحفظ قواعد الطهارة والنجاسة، حتى تنغمس ذهنياً في الطهارة والنجاسة، الدين هو أنّه كيف نستطيع أن ننتشل المجتمع من مفاسده، إذن النتيجة ما هي؟ (إاجعلوا ذهنكم معي أعزائي وإن كان نتأخر ولكن كونوا على ثقة أصلاً كل البحث ومهم البحث هي هذه الأبحاث وإلّا ليس مهم الآن سهم الخمس ينقسم إمام وسادة أم لا ينقسم، تراهم يأخذون ويقسمون سواءً كان فيه سادة أم إمام أو ليس فيه، وحقك يقولون في رسائلهم العملية سهم العموم وسهم الإمام، سهم الإمام وسهم السادة ولن يلتزموا به قيد أنملة، يأخذوها من هنا ويحولوها إلى هناك ويبقى الشخص الذي لا أريد أن أسميه مرجع يقول أنا فقير فأستلم كل سهم السادة فيصير ملكي ثم أوزعه على العوام، هذا بيني وبين الله هل هي هذه فلسفة التشريع؟ ولذا بينك وبين الله، في الرسالة يميز ولكنه عملياً تطبيقياً لا يميز أبداً، تقول له على أي أساس؟ يقول فيه مخرج. نعم فيه مخرج وما ضاع على فقيهٍ مسلك، المهم هذه الأبحاث أعزائي، كيف نخرج الدين ومعارف الدين والشريعة من الغربة إلى حياة الناس). إذن ما هي النتيجة الخطيرة التي تترتب على ذلك؟ إذا قبلنا هذا الأصل، أي أصل؟ وهو أن الشريعة جاءت بأحكام فردية وبأبعاد اجتماعية، إذن هذه الأحكام الفردية التي جاءت بها الشريعة إنّما تكون قابلةً للتطبيق في أجواءها الاجتماعية وإلّا إذا فُصلت عن أجواءها الاجتماعية قابلة للتطبيق أم غير قابلة للتطبيق؟ أضرب لكم مثالاً الذي الآن الكلّ يصرح به: الآن الدولة الإسلامية في إيران بعد ثلاثة وثلاثين عام… أنت أجلس عند أيّ مدير بنك أو أي مسئول في البنوك وقل له بأنه هذه القوانين التي وضعتموها للبنك اللاربوي للإسلام طبّقتموها أم لم تطبّقوها؟ ماذا يأتيك الجواب؟ بالتصريح يقولون بعضهم مائة في المائة لم نطبق وبعض يقول تسعين في المائة لم نطبق. السؤال هو لماذا، أليست هذه الدولة إسلامية، والحكم بأيدينا، والأموال بأيدينا، والاقتصاد بأيدينا، والبنوك أيضاً بأيدينا، إذن لماذا لا نستطيع أن نطبق قوانين البنك اللاربوي؟ تتصورون أين الإشكالية؟ الإشكالية باعتبار أن البنك اللاربوي والبنك الذي عندنا هو جزء من منظومة البنوك العالمية ونحن لا نعيش في جزيرة مستقلة حتى نستقلّ بأنفسنا، نحن أيضاً لابدّ أن نتعامل مع الآخرين والآخرون قائمون على أساس الربا، فأنت لا يوجد عندك طريق، هذا البنك اللاربوي إنّما ينتج ضمن بيئةٍ لا ربوية أمّا إذا كانت المحيط كله ربوي، أنت مضطر أن تتعامل… الآن أنا لست بصدد أنّه هل هذا صحيح أم غير صحيح، أنت مضطر أن تتعامل مع هذه… ولذا أنتم تجدون عندما تذهبون إلى الغرب تذهبون إلى البلدان الأخرى أحكامكم الدينية والشرعية يمكنكم تطبيقها أم لا؟ لا يمكنكم. لماذا، أليست أحكام فردية؟ يقول لا، ليست كذلك، وإنّما هذه الأحكام الفردية إنّما يمكن تطبيقها ضمن البيئة الاجتماعية، بل حتى في بلداننا، الآن أترك إلى إيران إلى جانب واذهب إلى العراق ترى عشرات الأسئلة تأتي وتقول بأنه القانون المدني شيء وقانون الشريعة شيء آخر، خصوصاً المحامين الآن كثير من الأسئلة واستفتاءات تأتينا وتقول أنّه أنا أريد أن أتوكل عن إنسان لأخذ حقوقه ولكن هذه الحقوق ليست شرعية وإنّما مدنيّة، فهل يجوز أم لا؟ سؤال: لماذا لا يطبّق الشريعة؟ الجواب: لأنّه قوانين المجتمع قائم على أساس مدني لا على أساسٍ ديني، أعزائي ليس فقط إذا تعطلت الأحكام الاجتماعية، فقط تتعطل الأحكام الاجتماعية وإنّما بضمنها تتعطل الأحكام الفردية لأنّ هذه الأحكام الفردية إنّما جاءت للتطبيق في ضمن واقعٍ اجتماعي معين. أضرب لك مثال أوضح: المثال السابق على مستوى الاجتهاد ذكرناه وهذا على مستوى التطبيق: الآن شريعتنا وأحكامنا في الصلاة قائمة على أن الصلاة لها أوقات ثلاثة أو خمسة على كل حال لها أوقات معينة، هذه الأوقات قائمة على أي أساس وبيئتها أين؟ بيئتها في مناطقنا نحن الذي بيني وبين الله عندنا نصف ليل وعندنا نصف نهار، الآن إمّا اثنا عشر ساعة وإمّا عشر ساعات فيوجد ليل ويوجد نهار و… أمّا إذا ذهبت إلى القطب الشمالي أو الجنوبي أو ما يقرب من القطبين ولا يوجد عندهم ليل ونهار وإنّما ستة أشهر ليل وستة أشهر نهار، ماذا تفعل؟ هذه الأحكام قابلة للتطبيق أم غير قابلة للتطبيق؟ يعني هل تقول له بأنه صُم أربعة عشر ساعة فإذا صار الغروب… وهو يقول والله لا يوجد عندنا غروب وإنّما كله ليل وهو ستة أشهر… الآن سأعقّد المسألة أكثر: اذهب إلى كرةٍ أخرى وسترى ليس فقط ستة أشهر وإنّما النهار والليل لا يوجد وكله ليل، فماذا يكون من أحكام الصلاة هناك؟ وما أحكام الصوم؟ ما أحكام الشهور والأيام و… هل قابل للتطبيق أم غير قابل؟ ولذا حارَ الفقهاء وحقك شرّقوا وغرّبوا كلٌ باتجاه وكلٌ لا دليل عنده. واحد يقول بالنسبة للمناطق التي كلها ليل ونهار، صلي وصم على المكة، واحد يقول صلي وصم على كربلاء، واحد يقول…. وكلهم لا يوجد عندهم دليل وحائرون ماذا يفعلون، وفي النتيجة أولئك هل لابدّ أن يصلون أم لا؟ لا تسقط الصلاة بحال ويقيناً أيضاً لا يسقط الصوم بحال. إذن ما حكمه؟ الجواب: هؤلاء واقعاً لم يلتفتوا أنّ هذه الأحكام إنّما جاءت لهذه المنظومة في الليل والنهار ولا علاقة لها بمنظومةٍ أخرى، تقول لي سيدنا إذن أولئك ما هو تكليفهم؟ أقول هذا بحثٌ آخر ولكن هذا ليس الأصل، هذا مرتبط بهذه البيئة وبهذه الظروف، أصلاً لو فرضنا الآن نحن نقلونا إلى كوكب بل وجد كوكب آخر… أليس الآن توجد دراسات حديثة تقول لعله يوجد مخلوقات في كواكب أخرى وهذه المخلوقات إذا ثبت أنّهم أيضاً مكلفون، ويقيناً مكلفون لأنهم من هذا العالم، تكليفهم ماذا؟ هل أيضاً نقول لهم بأنه أنظروا إلى الكعبة؟ وما هي علاقة الكعبة، حيث هذا الحكم حكم هذه الأحكام. أعزائي هذه القضية خذوها بعين الاعتبار أن الأحكام الفردية تكون قابلة للتطبيق في حياة الناس إذا توفرت لها ظروفها الاجتماعية، ولذا الآن تجدون… هذا الشارع أمامك والعرف بابك، اذهب إلى الشارع… الآن قم دعوها على جانب… طبعاً ليست أقل من محافظات أخرى من حيث ما يجري في المحافظات الأخرى من الفساد أيضاً هنا موجودة ولكن هنا قليلاً مغطى أمّا هناك مكشوف. إذاً لماذا لم نستطع لمدة ثلاثة وثلاثين عام أن نبني؟ الجواب: لأنّه كل همّنا في الأحكام كان على البعد الفردي، والبعد الفردي مرتبط بالبعد الاجتماعي وعندما أقول البعد الاجتماعي يعني الإعلامي والثقافي والسياسي والدولي والإقليمي والقنوات والفضائيات و… هذه كلها مؤثرة في تربية الإنسان، إذن أعزائي خلاصة ما أريد أن أقوله للأعزة في هذا البيان ولا أطيل لأنّ البحث جداً طويل ومهم أيضاً ولكنه عندي يقين أنّه لا ينسجم مع المذاق الرسمي في الحوزات العلمية، المذاق الرسمي هو أنّه لابدّ نقف عند كل فرع من فروع عروة الوثقى ونبقى ستة أشهر نبحث فيها، واذهب إلى الفقيه وقل له بأن هذا الفرع هل فيه ثمرة عملية؟ بعضهم لي والله من أساتذتي كان يقسم ويقول هذه الفروع أنا أقسم بأنها لا لم تقع ما بل ما وقعت من زمان آدم إلى أن يرث الله ومن عليها، إذن لماذا تبحثه؟ يقول ماذا أفعل لا يوجد شيء آخر وهذا هو الفقه الموجود فماذا أفعل، إذن أنا أبحث. ولذا يوماً ترى أنت بأنه الآن العروة الوثقى يوماً كان يعلق عليها بمجلدين الآن يعلّق عليها بعشرين مجلد بل لعله يعلق عليها بمائة وخمسين مجلد. لماذا؟ لأنّه واقع اجترار بعد اجترار بلا أي فائدةٍ عملية للناس، مع أن الفقه لتطبيق الناس للحياة العملية للناس، تعالوا أعزائي… أعرف لابدّ أن ندفع الثمن وكذا ولابد أن لا يقبل… اطمئنوا أنّه هذا هو الذي يخدم الناس، وإلّا تلك الأبحاث المفصلة الطويلة العريضة التي أربعون سنة… كتاب الطهارة ثلاثين سنة وكتاب المكاسب عشرين سنة وكتاب المعاملات و… إذن النتيجة بعد ذلك أين؟ اذهبوا وابحثوا أربعة أو خمسة من هذه المباحث واكتبوا رسائل واكتبوا كتابات عندكم و… على أي الأحوال إذن أعزائي الرؤية الفردية والرؤية الاجتماعية للدين لها مدخلية واسعة في عملية الاستنباط، السؤال الذي طرحناه، بناءً على ذلك أعزائي نرجع إلى ما أردنا أن نقف عنده وهو الدليل الاجتماعي لإثبات ولاية الفقيه، الآن جئنا إلى الأبعاد الاجتماعية للدين. سؤال: هذه الأبعاد الاجتماعية للدين هل الإنسان نُظّم تنظيماً بطبيعته يعدل فيها أو يظلم فيها؟ أعزائي أحتاج لمقدمة قصيرة ومختصرة أبيّنها للأعزة وبعد ذلك أرجع: المصالح التي يبحث عنها الإنسان على نوعين: مصالح يوجد له دافعٌ ذاتي لتحصيلها حتى لو لم يدعُه أحد وحتى لو لم يؤمن بالله ولا بشريعة ولا بآخرة ولا… من قبيل المأكل والمشرب والملبس وإذا تمرّض يحتاج إلى دواء… هل هذا يحتاج إلى مدفع حتى يحصّلها أم هو بطبيعته يذهب ويحصّلها والدليل على ذلك أنك تجد أن هذه الأمور التي يحتاجها الإنسان ويوجد له دافع ذاتي وفطري باتجاهها موجودة في المجتمعات الإسلامية وموجودة في المجتمعات الملحدة الماركسية التي لا تؤمن بوجود الله. صحيح أم لا؟ يعني الآن مسألة الحاجة إلى المسكن فقط نحن المسلمين نحلّها أم حتى الذين لا يؤمنون بوجود الله والماركسية أيضاً يحلّونها؟ كلهم يحلّونها، لماذا؟ لأنّه يوجد دافعٌ فطري وميل داخلي، ولهذا لا تحتاج مثل هذه المصالح لتأمينها إلى دافعٍ خارجي، دافعه الفطري موجود. نعم، إذا تأتي الشريعة تأتي لتنظيمها لا لإيجادها لا لكانت تامة وإنّما كانت ناقصة، يقول هذا مناسب وهذا غير مناسب، تقول إذن لماذا لم يتركها للعقل؟ الجواب: لأنّ العقل إذا كان عنده قدرة إذن عنده قدرة على تشخيصه في الدنيا أمّا بما ينسجم مع الكمال الأخروي هل عنده تشخيص أم ما عنده تشخيص؟ ما عنده تشخيص، فمن هنا يحتاج إلى الدين، احتياجه إلى الدين لا لدفعه إلى إيجاد وتأمين تلك المصالح بل لتنظيمها وإصلاحها وتهذيبها، هذا يؤكل وهذا لا يؤكل، هذا يشرب وهذا لا يشرب، هذا يُفعل وهذا لا يُفعل، هذا يُلبس وهذا لا يُلبس، هكذا اجلس وهكذا لا تجلس، لماذا؟ يقول لأن هذه الرفاهية التي تطلبها ليس الغرض منها فقط رفاهية الدنيا وسعادة الدنيا بل هي سعادة الدنيا بما يؤمن سعادة الآخرة وهذا ما لا تستطيع الوقوف عليه لأنّ قوانين الآخرة شيءٌ آخر وقواعد الآخرة شيءٌ آخر، هذا نوع من المصالح، النوع الثاني من المصالح أعزائي لا فقط لا توجد فيها دوافع ذاتيّة على تأمينها بل توجد دوافع ذاتيّة على عدم تأمينها، ما هي تلك المصالح هي المصالح الاجتماعية يعني أنت غني وذاك فقير، من الذي يدفعك حتى أنت الغني تؤمّن حاجة الفقير، هل يوجد دافع ذاتي؟ لا أبدا. من الذي يدفعك لتأمين هذه المصالح، بعبارةٍ أخري إذا استطعت أن… أريد أن أستعمل عبارات السيد الطباطبائي (رحمة الله عليه)، عبارات السيد الطباطبائي الأعزة يتذكرون بالأمس ماذا كان؟ عبارته هذه: في صفحة 117 من المجلد الثاني يقول: ولولا الاضطرار لم يقضي به الإنسان، اضطرّ إلى أن يستخدم الآخر، وهذا معنى ما يقال فإن ذلك أمرٌ ولّده حكم الاستخدام، هذا الذي اضطره إلى أن يجتمع مع الآخر ويتعاون، من الذي اضطره إلى ذلك أن يستخدم الآخر، إذا يريد أن يستخدم الآخر يعدل معه أم يظلم معه؟ الآن هذا تأريخ البشرية الذي يستطيع أن يستخدم الآخر يعدل وينصف معه أم يظلمه؟ لماذا في تأمين الحاجات الشخصية لا يوجد ولكنه هنا يوجد لماذا؟ لأنّه لا يوجد عنده أي دافع ذاتي وفطري يقول له اعدل مع الآخر، أنصف الآخر كما تنصف نفسك، السؤال: هنا إذا تضاربت مصالح الفرد الذاتيّة مع المصالح العامّة الاجتماعية وبدأ الفرد يريد أن يظلم حقوق الجماعة من المسئول عن تنظيم هذه الحقوق؟ بينكم وبين الله أيعقل أنّه نقول المسئول كان الإمام المعصوم الآن أيضاً غاب وقال إلى جهنم أبقوا بهذا الوضع إلى أن أأتي. هذا يمكن؟ ولذا تعبير صاحب الجواهر قال الذي ينكر ولاية الفقيه كأنه ما ذاق من طعم الفقه شيئا. عجيب هذه العبارة، واقعاً ما ذاق من طعم الفقه شيئا. لأنّه هذا أساساً لم يفهم فلسفة الفقه ولم يفهم فلسفة الدين في الحياة، هل اجتهد؟ نعم اجتهد وأخطأ… ولذا السيد الطباطبائي يقول القرآن الكريم أهم وصفٍ وصف الإنسان به أنّه كان ظلوماً أنّه كان هلوعا أنّه ظلوم كفار أن الإنسان ليطغى وإلى آخر وهذه كلها ليست في المصالح الفردية لأنّه لا يظلم الإنسان نفسه، هل الإنسان يظلم نفسه؟ كلا بل يؤمّن كل احتياجاته، هل الإنسان يطغى على نفسه، كلا، هذا الطغيان والكفر والظلم و… كله مرتبط بالآخر وبالمصالح الاجتماعية وليس بالمصالح الفردية لأنّ بالمصالح الفردية بينك وبين الله هل أنت تقصر مع نفسك؟ هذا مجنون الذي يقصر مع نفسه. واقعاً البخيل على نفسه مجنون أم عاقل؟ مجنون أصلاً، لأنّه يقصر حتى على نفسه. ذاك بحثٌ آخر وأصلاً ليس حديثنا، إذن أعزائي التفتوا لي جيداً الآن، إذن انتهينا إلى هذه النتيجة وهي أن هناك مصالح فردية وأن هناك مصالح اجتماعية فإذا تعارضت المصالح الفردية مع المصالح الاجتماعية وأراد الفرد أن يستخدم المجتمع وأن يظلم المجتمع وأن لا يطبّق المصالح الاجتماعية فمن المسئول عن تطبيق الأحكام والمصالح الاجتماعية في المجتمع؟ لا يمكن أن تقول الفرد بنفسه لأنّه هو صاحب المشكلة فكيف يمكن أن يكون حلاً للمشكلة. هنا يأتي دور الحاكم، فلنعبّر عنه بالحاكم الآن، يأتي دور الحاكم ولكنه بشرطها وشروطها، أي حاكم؟ لا الحاكم الظالم فهو لا يحل المشكلة إذن من هو الحاكم؟ الحاكم العادل. وإذا أراد أن يعدل والعدل فرع العلم إذن لابدّ أن يكون الحاكم عالماً عادلاً، ومن المصداق؟ سمه ما تشاء ليس مهماً عندي، فقيه، راوي حديث، عالم دين… سمه ما تشاء ليس هناك مشكلة. إن أردت أن تعبّر عن هذا الدليل عبّر عنه بالدليل الاجتماعي عبّر عنه بالدليل العقلي عبّر عنه بالدليل العقلائي عبّر عنه ما تشاء وتفصيله إنشاء الله يأتي غد. والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/02/13
    • مرات التنزيل : 1527

  • جديد المرئيات