نصوص ومقالات مختارة

  • شروط المرجعية الشمولية العلمية (5)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللّهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    قلنا في هذه الآية المباركة من سورة التوبة توجد عدّة أبحاث في هذا المقطع وهو التفقه في الدين، البحث الأوّل: ما هو المراد من هذه المادّة وهي الفقه؟

    اتضح بحمد الله تعالى من خلال بعض الروايات ومن خلال كلمات الأعلام ومن خلال السير التأريخي للاصطلاح وهذه نقطة أعزائي بودي أن الأعزة يتلفتوا إليها جيداً وهي معرفة الاصطلاح أو المفردة بحسب سياقها التأريخي وإلّا لو لم نفعل ذلك لوقعنا في هذه الاشتباهات التي تجدون أنّه افترضوا أن الاستعمال الشائع الآن في حوزاتنا العلمية للفقه والفقيه والتفقه يراد به هذا المعنى الذي أشرنا إليه وهو الفروع وعلم الفروع، افترضوا أن هذا هو شائع كما هو شائع، فهل ينبغي حمل الآيات والروايات على ذلك أم لابدّ أن نرجع إلى زمان صدور الآيات والروايات لنعرف ما هو الاصطلاح الشائع للفقه والتفقه؟ لا هنا أعزائي بل في كلّ الاصطلاحات التي وردت في النصوص الشرعية، وهذا يلقي بمؤونةٍ جديدة على عاتق المتعاطي مع النصوص الدينية لمعرفة السياق التأريخي الذي مرّت به هذه النصوص واتّضح لنا بالأمس إن الفقه إن لم يكن مختصاً بالمعارف الأخرى غير الفقه الأصغر فلا أقل، شاملٌ بإطلاقه للفقه الأصغر، ولذا في اعتقادنا وهو ما نختاره أن المراد من الفقه هو مجموعة المعارف الدينية أعم من أن تكون مرتبطة بالأصول أو الفروع أو ما يصطلح عليها بالفقه الأكبر والفقه الأصغر، ولذا عبارة السيد الطباطبائي (قدس الله نفسه) في ذيل هذه الآية من الجزء التاسع صفحة 404 هذه عبارته: قال: ومن هنا يظهر أوّلاً (في ذيل هذه الآية يعني 22 من سورة التوبة) ومن هنا يظهر أن المراد بالتفقه: تفهم جميع المعارف الدينية من أصول وفروع لا خصوص الأحكام العملية وهو الفقه المصطلح عليه عند المتشرّعة أمّا ما هو الدليل؟ الدليل أولاً أنّه لم يثبت لغوياً الاختصاص، ثانياً أنّه لم يثبت تأريخياً الاختصاص، ثالثاً لم يثبت استعمالياً الاختصاص، رابعاً لم يثبت روائياً الاختصاص.

    إذن بمجموعة هذه القرائن نقول لا أقل بالعمول إن لم نقول بالاختصاص بغير المسائل الفرعية، إذن لا أقل هي شاملة لجميع المعارف، هذا تمام الكلام في البحث الأوّل وهو ما يتعلق بالمادة وهي الفقه ومشتقاتها، وأمّا البحث الثاني وهو التفقه لأنّ الآية المباركة كما قرأنا مراراً قالت ليتفقهوا في الدين.

    إذن البحث الثاني هو ماذا؟ هو الصيغة التي استعملت فيها هذه المادة وهي الفقه، حيث قالت يتفقهوا، تفقه، فما هو المراد من الصيغة هنا؟ كلمات الأعلام كثيرة ولكنه أشير فقط إلى ما ذكره المفسر ابن عاشور التونسي، هذا التفسير من التفاسير المجهولة القدر في الأوساط التفسيرية وهو من التفاسير القيّمة المعاصرة لأنّه ابن عاشور معاصرٌ لنا والمقصود ليس من الأحياء ولكنه من المعاصرين وهو الحق والإنصاف له مسلكه الخاص وله اجتهاده يعني لا نستطيع أن نصنّفه على المعتزلة لا نستطيع أن نصنفه على الأشاعرة أو على السلفية أو… وإنّما هو مجتهدٌ في هذا المجال ولذا تجده بعض الأحيان يختار هذا أم ذاك أو يختار بعض مباني مدرسة أهل البيت، ولذا نصيحتي للأعزة المعنيين بالتفسير أنّه يكون هذا التفسير بأيديهم الذي يقع في ثلاثين مجلد مطبوع حديثاً بحسب الأجزاء، يعني الجزء الأوّل من القرآن في الجزء الأوّل، الجزء الثاني من القرآن في الجزء الثاني، والجزء الثالث في الجزء الثالث و… هناك في ذيل هذه الآية المباركة وهو في الجزء العاشر صفحة 229 هذه عبارته: يقول: والتفقه تكلّف الفقاهة، بأيّ معنىً أخذنا الفقاهة؟ بالمادّة الآن عندنا استعملت هذه الصيغة الدالة على المبالغة يقول أخذ فيها التكلّف الجهد ونحو ذلك، والتفقه تكلّف الفقاهة وهي مشتقّةٌ من فقِهَ بكسر القاف إذا فهِم ما يدقّ فهمه.

    إذن على هذا الأساس فالفقه يكون أخصّ من العلم، لماذا؟ باعتبار أن الفقه ليس هو كلّ علمٍ بل ما دقّ فهمه من العلوم، يسمّى الفقه، ولعلّه لهذا أيضاً جاء ليتفقّهوا، ما قال ليتعلّموا ماذا؟ ليتعلموا الدين لم تقل الآية المباركة كلّ فرقة طائفة ليتعلموا الدين وإنّما قالت ليتفقهوا في الدين، فالفقه أخص من العلم لهذه النكتة، وهي ما يدقّ فهمه، ولذلك نجد في القرآن الكريم استعمال الفقه فيما يخفى علمه، وهذه نكتة أساسية لابدّ أن تُستَقرأ في القرآن الكريم، يقول فيما يدقّ ويصعب فهمه يعبر عنه بالفقه، يفقهون لا يعلمون، كقوله تعالى: وإن من شيءٍ إلّا يسبح بحمده ولكن… ليست الآية ولكن لا تعلمون تسبيحهم وإنّما قالت الآية لا تفقهون تسبيحهم، ويجيء منه فَقُهَ (لا بكسر القاف وإنّما بضمّ القاف) ويجيء من هذه المادّة فَقُهَ بضمّ القاف إذا صار الفقه سجيّة ذلك الإنسان، إذا صار الفهم الدقيق سجيته يسمّى فقيه، على هذا الأساس التفتوا لي جيداً، فالفقيه ما هو؟ لا الذي يدرك الدقائق بل الذي يكون فهم الدقائق ملكة له، سجية له عند ذلك يسمّى فقيه، هذا بحسب الاشتقاقات والفهم اللغوي، الآن استعمالاتها هل يطلق عليه فقيه في حوزاتنا العلمية، عندما يقولون فلان فقيه، يراد هذا أم ذاك؟ ذاك بحثٌ آخر، الآن نتكلم نحن بحسب اللغة، ولما كان مصير الفقه سجيّةً لا يحصل متى يكون الفقه سجيّة وملكة عند الإنسان؟ قال ولمّا كان مصير الفقه سجيّةً لا يحصل، لا يمكن، إلّا بمزاولة ما يبلغ إلى ذلك كانت صيغة التفعّل وهي التفقّه، المؤذِن بالتكلّف، يعني أخذ فيها التكلف والمشقة والجهد ولذا تجدون أن الأعلام عندما عرّفوا أخذوا فيه ماذا؟ الجهد الشديد، قال بالتكلف متعيّنة لأنّ يكون المراد بها تكلّف حصول الفقه، هذا بعدُ يراد من التفقّه، أي الفهم في الدين وفي هذا إيماءٌ، لماذا قالت الآية ليتفقهوا في الدين؟ قال وفي هذا إيماءٌ إلى أنّ فهم الدين، التفتوا، لا تفسير الدين ولا تفسير القرآن والنصوص وإنّما فهم النصوص وهذا الذي أكدنا عليه مراراً أعزائي، لا ملازمة بين تفسير النص الديني، قرآناً كان أو سنة، وبين فهمه، قد يفسّر الإنسان النص ولكنه مع ذلك لا يفهم مراد المتكلم، ولهذا قال: وفي هذا إيماءٌ إلى أن فهم الدين أمرٌ دقيق المسلك لا يحصل بسهولة، ولذلك جاء في الحديث الصحيح: من يرد الله به خيراً، كما في نصوصنا أيضاً ولا فقط في نصوصهم، من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين ولذلك جزم العلماء بأنّ الفقه أفضل ماذا العلوم، ولكن هذا أيّ فقهٍ الذي هو أفضل العلوم؟ من الواضح ليس فقه الفروع أفضل من فقه الأصول، ليست فقه الطهارة أفضل من فقه التوحيد، ليس فقه الصلاة أفضل من فقه الإمامة، لم يقل أحدٌ بذلك.

    إذن المراد من الفقه هنا المعنى العام له، يعني فقه المعارف الدينية، واقعاً أشرف العلوم وباقي العلوم جميعاً إنّما هي مقدمات للوصول إلى فهم الدين وفهم المعارف الإلهية، هذا تمام الكلام في البحث الثاني، البحث الثالث: ما هو المراد من الدين؟

    الأعزة يتذكرون هذا البحث من الأبحاث المهمة والأساسية في القرآن الكريم، القرآن الكريم تعرّض لمبحث الدين طويلاً ومفصّلاً، وعندما يقال دين لا يتبادر إلى ذهنكم أن المراد به: الدين الإلهي، لا قد يكون دين إلهي وقد يكون دين وضعي وقد يكون أساساً بحسب اصطلاح الإلهي لا دين ولكنه في النتيجة هو نحوٌ من الدين، ولذا تجد أن فرعون كان يخشى على بني إسرائيل أن موسى يبدّل دينهم و (يبدل دينكم) مع أن دينهم ماذا كان؟ كان دين إلهي أم غير إلهي؟ غير إلهي ومع ذلك عبر عنه القرآن الكريم بأنه دين وهذه نكتة مهمة، الآن أنا لا أريد أن  أدخل بالبحث الذي هو مرتبطٌ بالدين وتعبيرات القرآن واستعمالات القرآن ومصاديق ذلك، أبداً، هذه كلها لا أريد أن أشير إليها، ما أريد أن أشير إليه بنحو الإجمال هو (حتى ننتهي إنشاء الله من هذه الآية) أن الدين استُعمل… لأنّه إذا تتذكرون نحن قلنا أنّه لكي نفهم الدين لابدّ أن نرجع إلى القرآن أولاً وبعد ذلك نفهم النصوص في ضوء الآيات القرآنية وعلى ضوء الآيات القرآنية، على مبنانا الذي يعرفه الأعزة في بحث التعارض نرى بأن الروايات أولاً لابدّ أن تعرض على القرآن الكريم، عرضها على القرآن.

    إذن لابدّ أن نفهم ما هو الدين وما هو المراد من الدين هنا، من الواضح أنّه ليس المراد من الدين مطلق الدين ولو لم يكن إلهياً، المراد الدين الإلهي، ما هو الدين الإلهي بحسب الاصطلاح القرآني؟ الجواب: يطلق الدين (بنحو الفتاوى لعله أشير إلى بعض المصادر والأدلة ولكنه بنحو الإجمال) يطلق الدين في القرآن الكريم على تلك المعارف الثابتة في جميع ما جاء من الأنبياء، ماذا جاء به الأنبياء إلى أممهم؟ جاءوا بكل شيءٍ يرتبط بعقائدهم وبأخلاقهم وبحلالهم وبحرامهم وبسلوكهم وبسننهم وبآدابهم وبمستحباتهم وبمكروهاتهم و… هذا كله جاءوا به، حتى ارش الخدش، أليست النصوص قالت هكذا.

    سؤال: القرآن عندما يقول دين ما هو مراده؟ مراده هذا البعد وهو الثابتات في كل ما جاء به الأنبياء، تقول وهل أن ما جاء به الأنبياء يوجد فيه بعدٌ ثابت وبعدٌ متغير؟ نعم من واضحات القرآن أن القرآن الكريم… وإلّا لو كان كل ما جاء به الأنبياء واحداً ولا يحتاج إلى تغيير، لماذا تعدّد الأنبياء؟ لماذا حصل عندنا النسخ؟ لماذا جاء أنبياء متعددون من أنبياء أولى العزم وهل كلّ جاء بدينٍ آخر؟ الجواب: كلا، أبداً، لم يأتي نبي بدينٍ آخر، الجميع جاءوا بدينٍ واحد ولذا صريح القرآن الكريم، ماذا قال؟ قال: إنّ الدين عند الله الإسلام، ولذا لا تجد من أوّل القرآن إلى آخره أن الدين متعدّدٌ، الدين واحد، ولذا قال القرآن الكريم ﴿ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾، وهذا يكشف لك (اجعل ذهنك معي) أن الدين وضع يده على الأمور الثابتة ولذا أيضاً تجد أنّه من نوح إلى الخاتم هم كانوا من المسلمين، نوح من المسلمين إبراهيم من المسلمين موسى من المسلمين إلى أن نصل إلى خاتم الأنبياء والمرسلين يكون النبي (صلى الله عليه وآله) أوّل… وأنا أوّل المسلمين، وهذا من اختصاصاته في القرآن، من اختصاصاته أنّه لم يعبر عن أحدٍ أنّه أوّل إلّا خاتم الأنبياء والمرسلين في آيتين، وبهذا يتضح لكم أنّه عندما يقال ليتفقهوا في الدين ما هو المراد من الدين؟ مراده هذه الأصول الثابتة التي لم تتغير من آدم إلى الخاتم.

    إذن ما الذي يتغير عند الأنبياء؟ الذي يتغير عند الأنبياء… ﴿لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا﴾، الذي تتغير هي الشرائع والشرائع هي الفقه الأصغر، هذا هو المتغير، أو قوله: ﴿ثم جعلناك على شريعةٍ من الأمر﴾، أو قوله تعالى: ﴿شرع لكم من الدين ما وصى به﴾، هذا هو المتغير ولهذا تجد أنّه شريعة تأتي لتنسخ شريعة سابقة وهكذا، وإلّا الدين ما هو؟ واحد، وبهذا ينكشف لك صحيح أن هؤلاء جاءوا ليتفقهوا في جميع المعارف ولكن الأصل في المعارف كان الأصول، لأنّه هذا هو الدين، ولذا الآية قالت: ولينذروا قومهم، وأصر كل المفسرين أن هذا مرتبطٌ بعلم الآخرة، لماذا أصر كل المفسرين على أن الآية تريد أن تشير إلى الفقه الأكبر، إلى المعارف الأصلية، إلى الآخرة، إلى التوحيد؟ باعتبار أنّه جاء تعبير الدين، والدين عند الله الإسلام.

    إذن إذا جعلنا هذه الآية وكذلك جعلناها، أن هذه الآية هي التي هندست للحوزات العلمية لأنّه قالت وما كان المؤمنون لينفروا كافة، هي التي هندست، قالت بأنه ينبغي من كل مدينة، من كل طائفة، من كل مجموعة، من كل قومية، من كل بلد، أيّاً كان، يأتوا إلى مراكز العلم، يعني ماذا بحسب اصطلاحنا المعاصر؟ يعني إلى الحوزات العلمية، ليفعلوا ماذا؟ كن على ثقة الآية ما قالت ليبقوا ثلاثين عاماً في كتاب الطهارة والصلاة، أبداً، قالت ليتفقهوا في الدين، يعني أولاً وبالذات يفهموا المعارف الدينية، ما هي المعارف الدينية أولاً وبالذات؟ يعني الفقه الأكبر، يعني المعارف الثابتة، يعني التوحيد، يعني الإمامة، يعني النبوة، يعني المعاد، نعم من مقدمات ذلك أن يعرف الحلال والحرام أيضاً.

    فإذن أولاً وبالذات وظيفة طالب العلم في الحوزات العلمية تعلّم معارف الدين، ومعارف الدين أولاً وبالذات هي الفقه الأكبر، يعني أصول المعارف الدينية، وأنت عندما ترجع إلى الروايات تجد هذه واضحة، والاعزة يتذكرون عندما قرأنا مجموعة من الروايات كلها كانت تشير إلى مسألة الإمامة، أمّا عندما جئنا إلى أمير المؤمنين (سلام الله عليه) قال: أوّل الدين معرفته، هذا هو الدين، وهكذا، أنا بودي أن الأعزة إذا عندهم وقت فليراجعوا هذا اليوم استعمالات أمير المؤمنين للدين في كلامه، أنظروا أين يستعمل الإمام الدين، لا أريد أن أقول لا يوجد استعمالٌ له في الشريعة، لا بل يوجد، ولكن أولاً وبالذات استعماله أين؟ في المعارف الأصلية،  ولذا السيد الطباطبائي (رحمة الله تعالى عليه) الإخوة إذا يريدون أن يراجعوا هذا البحث، في مواضع متعددة السيد الطباطبائي عرض لهذا البحث، في الميزان، المجلد الرابع عشر، صفحة 331، قال: إن الذي يوحى إليّ من الدين (في ذيل الآية 92 إلى 112 من سورة الأنبياء، في قوله قل إنما يوحى إليّ أنما إلهكم إلهٌ واحد) إن الذي يوحى إليّ من الدين ليس إلا التوحيد وما يتفرع عليه وينحل إليه، إذن الذي يوحى إليّ ما هو؟ الأصل فيه ما هو؟ هو التوحيد، نعم لكي يتحقق هذا التوحيد ينحل إلى ماذا؟ ينحل إلى العقيدة والأحكام و… ولكن الأصل ما هو؟ هو الدين، وهذا ما قاله أمير المؤمنين، قال: أول الدين معرفته، هذا المورد الأول فليراجعوه الأعزة إنشاء الله، المورد الثاني أعزائي، في المجلد السادس عشر من صفحة 189 إلى صفحة 193، تحت عنوان في ذيل الآيات 27 إلى 39 من سورة الروم، كلامٌ في معنى كون الدين فطرياً، ما معنى أن الدين فطريٌّ؟ ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها ذلك الدين القيّم﴾.

    إذن الدين الإلهي ما هو؟ فطريٌّ، بينكم وبين الله ما المقصود من أن الدين الإلهي فطري؟ يعني أحكام الطهارة والنجاسة فطرية؟ هذا هو المراد من الفطري؟ إذا كان الأمر كذلك لماذا تبدلت الأحكام الفقهية؟ نحن نعلم أنه كثير من الأحكام الفقهية تبدلت، كانت جائزة صارت محرمة، كانت محرمة صارت جائزة، أليس كذلك؟ بمقتضى لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجا، إذن تبدلت، إذن عندما يقول الدين فطري مراده: كل مولودٍ يولد على الفطرة فأبواه يمجسانه أو يهودناه أو ينصرانه، يعني ماذا؟ يعني التوحيد، يعني المعاد، يعني الإمامة، هذه هي الأمور… أعزائي إقرئوا كل الروايات الواردة في الميثاق الذي أخذ الميثاق كما في ذيل الآية 173 من سورة الأعراف: ﴿ألست بربكم﴾، هناك لم يؤخذ الميثاق على الصلاة والصوم والحج والطهارة والنجاسة، أُخذ الميثاق على ماذا؟ أُخذ الميثاق على التوحيد، ألست بربكم… أُخذ الميثاق على الإمامة، أخذ الميثاق على النبوة، هذا هو الأمر الفطري، هذا هو الميثاق الذي أُخذ علينا، ولذا عنده بحث قيّم والأعزة إنشاء الله يراجعوه وأنا ليس لدي وقت أن أقرأه كاملاً، قال: وكيف كان فالمجتمع الإنساني (الذي جاء الدين لأجله) لا يتمّ انعقاده ولا يعمر (إلا بماذا؟)إلا بأصول علمية (وهي العقيدة) وقوانين اجتماعية، (وهي ماذا؟ وهي الشريعة) وحافظٌ يحفظها وهو ولي الأمر، الإمام القائم على تنفيذها، وإلا بينك وبين الله أفضل القوانين إذا لم يكن لها حافظ لها قيمة أم لا؟ لا قيمة لها، ومن هنا يتضح أن الإمامة والولاية داخلة في صلب الحياة الدينية، لا يمكن أن نفترض حياة دينية بلا حافظٍ وهذا إنشاء الله ما سنأتي عليه في الآية 44 من سورة المائدة، بما استحفظوا من كتاب الله… أصلاً وظيفته هي حفظ كتاب الله، وسيأتي أنه ما معنى أن يحفظ كتاب الله، يعني يجعله في الرازونه حتى لا يهان، بهذا الشكل يحفظ كتاب الله؟ ما معنى أن الأحبار وظيفتهم حفظ كتاب الله؟ يعني إقامة حدوده، هذا حفظه، لا احترامه، قال وحافظٌ يحفظها من الضياع ويجريها في المجتمع وعند ذلك تطيب لهم العيشة وتشرف عليهم السعادة، أما الأصول العلمية فكذا، وأما القوانين الاجتماعية فكذا، وأما الحافظ فكذا، بحث مفصل، يقول فتبيّن أن من الواجب أن يُتّخذ الدين من اقتضاءات الخلقة الإنسانية، لأن هذا الدين يراد تطبيقه في حياة الإنسان فلابد أن يكون منسجماً مع… وإلا إذا لم يكن منسجماً مع فطرته يقبله أم يلفضه ويعاديه؟ ولذا أنتم تجدون بأنه الآن كلما وضعت قوانين بشرية تجد بعد مدة نفس أولئك الذين شرّعوها ماذا يفعلون؟ يرفضوها، لأن المجتمع رفضها ولفظها، لا يمكن، قال فتبيّن أن من الواجب أن يُتخذ الدين، (ما هو الدين التفتوا إلى التعريف) الأصول العلمية والسنن والقوانين العملية التي تضمن باتخاذها والعمل بها سعادة الإنسان الحقيقية، لابد أن تكون من اقتضاءات الخلقة الإنسانية وينطبق التشريع على الفطرة والتكوين وهذا هو المراد بكون الدين فطرياً فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون، الآية المباركة صريحة، هذا أيضاً المورد الثاني الذي إنشاء الله يراجعه الإخوة بشكل تفصلي، المورد الثالث أعزائي: الميزان ، الجزء الثاني، صفحة 130، بحث قيّم هناك،  وقد تبيّن أولاً حدّ الدين ومعرّفه وهو أنه نحو سلوكٍ في الحياة الدنيا يتضمّن صلاح الدنيا بما يوافق الكمال الأخروي.

    سؤال: أن الكمال الأخروي بالأعمال أم بالعقيدة؟ بينك وبين الله لو لم يكن عنده توحيدٌ صحيح، لو لم تكن عنده إمامة صحيحة، له قيمة لأعماله أم لا؟ ماذا تقولون؟ ﴿إن الله لا يغفر أن يُشرك به﴾ كل الأعمال تصير باطلة، فليصلي ألف سنة بين الركن والمقام، كما عندنا وردت في المعاند والمبغض لأهل البيت لا في المخالف، هذه احفظوها، هذه الروايات واردة في المعاند في الأعم الأغلب، هذا أكب الله لماذا؟ لأنه هذا ناصبي وإذا صار ناصبي يعني بعد المعرفة بهم ومعرفة حقهم نصب حقهم أو غصب حقهم، لا مطلق المخالف، لا عزيزي، وحقك لا مطلق المخالف بل ولا السنة ولا المسيح، إذا كان قاصراً فهو من أهل النجاة بلا إشكال، لا يوجد شك فيها، على أي الأحوال، قال بما يوافق الكمال الأخروي في الحياة الدائمة الحقيقية عند الله.

    إذن فتحصل إلى هنا هذا المعنى وآخر الموارد الذي أنا بودي أن أشير إليها للأعزة إنشاء الله تعالى أبيّنه في الغد، والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/03/05
    • مرات التنزيل : 1256

  • جديد المرئيات