أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللّهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
كان الكلام في هذا المقطع من الحديث الصريح والصحيح والمجمع عليه بين علماء المسلمين وهو قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: العلماء ورثة الأنبياء، طبعاً نحن إنشاء الله تعالى بعد ذلك عندما نأتي إلى بيان المراد من هذا الحديث توجد مفرداتٌ ثلاثة في هذا الحديث المفردة الأولى: العلماء، جمع العالم، المفردة الثانية: الوراثة، المفردة الثالثة: الأنبياء، فيما يتعلق بالمفردة الثالثة لا نحتاج إلى بحثٍ لأنّ بحث النبوة موكولٌ إلى بحثٍ آخر.
ما هو المراد من النبي وبماذا يمتاز عن الرسول وهل النبوة ختمت أم لم تختم وإذا كانت قد ختمت فأيّ نبوة هي التي ختمت، جميع أنواع النبوة ختمت أم بعض أنواعها ختمت دون البعض الآخر؟ هذه أبحاثٌ أعزائي موكولةٌ إلى علم الكلام وليس محل بحثها هنا في علم الفقه ولكنها هي من المسائل المطروحة بجدية وبشدة وواحدة من أهم الإشكالات التي يوردها مخالفو مدرسة أهل البيت على علماء مدرسة أهل البيت يقولون أنكم باللفظ تقولون أن النبوة ختمت وإلّا تعتقدون بالنبوة موجودة عند أئمتكم عندما تقولون أنّه يوحى إليهم وعندهم علم الغيب، كل هذه المواصفات مواصفات الأنبياء، نعم باللفظ احتراماً تقولون أن النبوة ختمت وإلّا واقع الحال النبوة ختمت عندكم أم لم تختم؟ لم تختم، فتحتاج إلى إجابة لأنّ هذه إشكالية أساسية واردة على أئمة أهل البيت أو على مدرسة أهل البيت أن النبوة التي ختمت وأنه لا نبي بعدي هذه أيّ نبوةٍ التي ختمت؟ هل كل أنواع النبوة أم بعضها دون البعض الآخر؟ ما هو المراد من النبوة الخاتمة؟
هذه أبحاثٌ وأنا أوصي الأعزة خصوصاً أولئك الذين يتصدون لمسائل التبليغ أو لمسائل الفضائيات أو للوقوف لمثل هذه المسائل، مرةً الشخص يقول أنا ليست لديّ مسئولية إلّا إذا جاءني وسألني واحد هذا حلال أم حرام، فأجيبه وينتهي كل شيء، بيني وبين الله هو أعرف بتكليفه، ومرةً يقول أنا مسئول أن أجيب فلابد أن تتضح له أبعاد هذه الأبحاث، ولذا نحن إنشاء الله تعالى عندما نأتي إلى المقام الثاني من البحث، الآن بعدُ نحن في المقام الأوّل في سند الرواية، سوف نقف عند هاتين المفردتين فقط، العلماء والوراثة، أمّا ما يتعلق بالأنبياء فله محلٌ آخر ليس هنا في البحث الفقهي.
ولكن قبل أن ننتقل إلى تتمة البحث لابدّ من الإشارة إلى بعض الاستدراكات، الاستدراك الأوّل وهو أننا ذكرنا أن هذا أصلٌ بنى عليه علماء السنة والشيعة أن الرواية الضعيفة ليس بالضرورة لا يمكن الاحتجاج بها، لا ليس الأمر كذلك، قد الرواية الضعيفة السند بتعدد طرقها نصل إلى أنّه يمكن الاحتجاج بها، هذا كلامٌ من أحد أعلامهم المعاصرين وهو العلامة الألباني، أعزائي أيضاً بودي أن الأعزة يطلعوا على هذه المسائل، الألباني بالنسبة إليهم إن لم أقل أكبر من السيد الخوئي في أوساطنا فليس أقل من السيد الخوئي في أوساط عموم المسلمين، طبعاً فيما يتعلق بمدرسة محمد عبد الوهاب وابن تيمية يعد من اعلامهم (الحق والإنصاف) في هذا المجال، له كتابات كثيرة وتحقيقات واسعة النطاق، لا أقل أنا توجد في مكتبتي من كتبه ما يتجاوز 130 إلى 140 كتاب لهذا الرجل حققها من الكتب المهمة والأساسية في تراث علماء أهل السنة، من الكتب المعروفة عندهم كتابٌ أسمه إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، هذا الكتاب تأليف محمد ناصر الألباني بإشراف محمد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي ومطبوع 1405، الطبعة الثانية.
هناك في الجزء الأول من هذا الكتاب صفحة 11 هذه عبارته: يقول: واعلم أن فنّ التخريج ليس غاية في نفسه عند المحققين من المحدثين، التفتوا جيداً، مع الأسف الشديد الآن صارت عندنا ثقافة أن نفس فن التخريج صحيح أم ضعيف هو الغاية، إذا قلنا صحيح عملنا وإذا قلنا ضعيف لم نعمل، يقول لا أبداً، أن الجرح والتعديل ليس هو الغاية، بحيث يقتصر أمره على أن نقول أخرجه فلان وفلان عن فلان عن النبي (صلى الله عليه وآله) كما يفعله عامة المحدثين قديماً وحديثاً، بل لابد أن يضمّ إلى ذلك، هذا في فن التخريج، إن يضم إلى ذلك بيان الدرجة الحديث وأنه متى يحتج ومتى لا يحتج به، بيان درجته وكونه ضعيفاً أم لا، فإنه إذا كان ضعيفاً فلابد والحالة هذه من تتبع طرقه وشواهده لعله يرتقي الحديث بها إلى مرتبة القوة، هذا الذي بيني وبين الله علماءنا المتقدمون في صدر الغيبة وبعد الغيبة بنوا على ذلك أعزائي ولكنه بعض المتأخرين خرج عن هذا الأصل القويم والأساسي، وهو أنهم كانوا يبحثون عن الشواهد والمؤيدات وطرق متعددة لقوة الحديث، لا بمجرد أنه ذهبنا النجاشي قال كذا، طوسي قال كذا، غضائري قال كذا، إذن الرواية إرمي بها عرض الجدار، لا ليس الأمر كذلك، هذه لغة العاجز، هذه واقعاً حيلة العاجز، كما قال النائيني، حيلة العاجز أنه عندما يريد أن يتعامل مع الروايات يتعامل بهذه الطريقة، قال فلان ضعيف، قال فلان مجهول، قال فلان كذا.
إذن الرواية لا يحتج بها، وهذا ما يعرف في علم الحديث بالحسن لغيره أو الصحيح لغيره وهذا في الحقيقة من أصعب أنواع علوم الحديث وأشقّها، واقعاً تحتاج إلى جهد ومتابعة وتحقيق، ولكن هو يريد أن يحقق أم في الليل ينظر المسألة والصبح يفتي؟ هذه النتيجة التي الآن عليها، لأن يتطلب سعة في الإطلاع على الأحاديث والأسانيد في بطون كتب الحديث ومعرفة جيّدة بعلل الحديث وتراجم رجاله أضف إلى ذلك دأباً وجلداً على البحث فلا جرم أن تقاعس عن القيام بذلك جماهير المحدثين، قديماً والمشتغلين به حديثاً وقليلٌ ما هم، هذا هو الأمر الأول.
والأمر الثاني أو الاستدراك الثاني: في هذا الحديث توجد عدة مقاطع أنا وقفت عند مقطع واحد في الحديث وهو العلماء ورثة الأنبياء ولكنه في هذا الحديث أيضاً توجد مقاطع أخرى من قبيل: فانظروا علمكم هذا عن من تأخذونه، هذه واحدة من المقاطع التي يستدل بها أهل الحديث والأخباريين على أنه لا يجوز أخذ العلم من الفلسفة ومن العلوم العقلية لأنه أنت إذا أخذت علمك من القرآن فبها ونعم، أخذت علمك من أهل البيت فبها ونعمة، أما إذا أخذت علمك من أرسطو أو الطالوسي أو ابن سينا أو ملا صدرا إذن واضح بعد، يقولون فانظروا علمكم هذا عن من تأخذونه، هذا مقطع ومقطعٌ آخر موجود وهو أن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهما، هذا المقطع الذي هو مرتبط بقضية فدك وهو أنه قد يستدل…
طبعاً هذه الروايات صحيحة واردة من طرقنا ليست مختصة بطرقهم فهي روايات صحيحة في أصول الكافي والاختصاص و… كما قرأنا للأعزة، فيما يتعلق بالمقطع الأول (فانظروا علمكم ممن تأخذونه) هذا له محلٌ آخر وهو أنه أساساً يجوز أخذ العلم من العقل أم لا يجوز أخذ العلم من العقل، ذاك بحثٌ آخر الآن ليس محل كلامي، أما هذا المقطع الثاني الذي أشير إليه هناك بيان إجمالي ذكره سيدنا الأستاذ السيد الخوئي في مصباح الفقاهة للتوحيد المجلد الثالث، صفحة 288 و 289، يقول: لا يتبادر إلى ذهن أحد أن هذه الرواية في صدد بيان أن الإرث الفقهي باطلٌ عند الأنبياء كما يحاول البعض أن يستدل بمثل هذا المقطع وذلك لأنها ناظرة إلى أن شأن الأنبياء ليس أن يجمعوا درهماً وديناراً، هذا ليس شأنهم، لا أنهم أساساً لا يورّثون مطلقاً، لا، أساساً الإرث الذي يضعه الأنبياء لا الدينار والدرهم فهذا إرث الملوك، هذا إرث السلاطين، هذا إرث خزان الأموال، وبتعبير الإمام أمير المؤمنين: هلك خزان الأموال وهم أحياء، هذا دأبهم أما دأب هؤلاء ليس جمع الدينار والدرهم، بل حرصهم أن يتركوا الأحاديث وصرّحوا بذلك وليس هي ناظرة إلى أن الأنبياء لم يتركوا شيئاً أصلاً من الدار والثياب والدراهم والدنانير إذ ليس ذلك من قبيل الحرص بجمع المال وإلا فالأئمة كانوا يتملّكون الدار والثياب ويورّثونها وبالجملة تريد أن تشير إلى أن اهتمام الأنبياء في أيّ بعدٍ؟ اهتمامهم بجمع الدينار والدرهم أم اهتمامهم بتوريث هذه؟ إذن هذا المقطع أيضاً واضح.
إذن اعزائي إلى هنا اتضح لنا بأنه أساساً لا إشكال في هذا المقطع من حيث السند يعني لو ادّعى أحدٌ أن الإنسان يحصل له العلم (العلم القطعي) بصدور هذا المقطع لم يكن مبالغاً ولم يكن مجازفاً لأنه ليس الطريق العلم منحصراً بالتواتر، لا يتبادر إلى ذهنكم أن الرواية إذا كانت متواترة تورث العلم، لا أبداً، قد يكون علمٌ ولا تواتر، وقد يكون تواتر ولا علم، يقول هل يعقل هذا لأنهم يقولون بأن المتواترات من الأوليات ومن البديهيات؟ الجواب: نعم المتواترات من الأوليات والبديهيات وتورث العلم القطعي بشرط أن لا تتدخل فيها الأجندة والأيادي، وإلا الآن التواتر يمكن إيجاده من خلال الإعلام أم لا؟
أمامكم الآن حقوق الإنسان، بل تجد بعض السفاكين والقتلة في العالم يأخذون جوائز نوبل للسلامة، وإذا تنظر تجد ما شاء الله مئات القنوات والمراكز الإعلامية وكذا وكذا بل أوضح من ذلك تعالوا أنظروا إلى الروايات الواردة في فضائل بعض الصحابة وبعض الخلفاء وبعض بني أمية إذا أنتم وميزان التواتر نعم يحصل لها تواتر أعزائي، تقبلون هذا التواتر أم لا؟ لماذا لا تقبلون؟ يقولون لأن هناك كانت أجندة توجه عملية التواتر، إذا فرضنا أن الرواية الواحدة نقلها خمسة من الصحابة توجد التواتر أو يحصل التواتر فإذا نقل عشرة من الصحابة، عشرين من الصحابة، ثلاثين من الصحابة في فضائل فلان وفلان وفلان ماذا تفعلون أنتم؟ وقد قرأتم في باب التواتر أن التواتر لا يشترط في آحاده العدالة، لا يشترط في آحاده… أبداً لا يشرط، هذا كله لا يشترط، ولذا يضربون أمثلة يقولون الآن وجود البلدان البعيدة التي لم ترها تقطع بوجودها لأنه هناك تواتر، الذين أوجدوا التواتر من هم؟ كلهم عدول وأمناء؟ لا ليس الأمر كذلك.
إذن اعزائي ليس كل علمٍ مسبّب عن التواتر وليس كل تواترٍ قد يوجد العلم القطعي، وهذه من الموارد التي يمكن للإنسان أن يحصل له علمٌ قطعيٌّ ولا يوجد تواتر، هذا تمام الكلام في المقام الأول وأما المقام الثاني: فيما يتعلق بالمقام الثاني، العلماء ورثة الأنبياء، قلنا توجد مفردات ثلاث، المفردة الأولى هي العلماء، والمفردة الثانية هي الوراثة، المفردة الثالثة هي الأنبياء، وذكرنا قبل قليل أننا سوف لا ندخل في بحث النبوة، أما المفردة الأولى وهي العلماء، ما هو المراد من العلماء؟ حاول البعض أن يقول لا دليل على أن المراد من العلماء يعني مطلق العالم بل أُريد من هذا اللفظ خصوص أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وذلك استناداً إلى بعض الروايات من قبيل نحن العلماء وشيعتنا المتعلّمون، قالوا هنا تصريح يوجد من الأئمة… طبعاً هذه الرواية أولئك الذين استندوا إليها مسلكهم ليس مسلك يستطيع أن يقبل الرواية لأنه بحسب مبانيهم هذه الرواية ضعيفة السند ولكنه بالنسبة إلينا ليس هذا مسلكنا، هذا الكلام أشار إليه إجمالاً النائيني وبعض تلامذته، النائيني في منية الطالب في شرح المكاسب تقريرات الخوانساري.
هناك في صفحة 233 الجزء الثاني، يقول: وأمّا قوله مجاري الأمور بيد العلماء وقوله العلماء ورثة الأنبياء ونحو ذلك من الأخبار الواردة في علوّ شأن العالم فمن المحتمل قريباً كون العلماء فيها هم الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) كما في الخبر المعروف: مداد العلماء كدماء الشهداء، يقول هذه أيضاً ليس معلوم مطلق العالم، وإنّما المراد من العلماء يعني الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ولاسيما الخبر الأول الدال بإطلاقه (يعني مجاري الأمور بيد العلماء) على الولاية العامة فإن فيه قرائن تدل على أن المراد من العلماء فيه هم الأئمة (عليهم السلام) فإنهم هم الأمناء على حلال الله وحرامه، وأنتم تعلمون إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، طبعاً إذا كان احتمال عقلائيّ يمكن أن يكون تاماً، وإلا ليست مجرد الاحتمالات العقلية، الآن أنا لم أتكلم في الكبرى أنه كلما ورد لفظ العلماء يراد به مطلق العالم أم يراد به خصوص الأئمة؟ فذاك له بحثٌ آخر.
أنا الآن حديثي في هذا الحديث وهو العلماء ورثة الأنبياء، هذا الحديث أريد من العالم فيه خصوص الأئمة أو أريد منه المعنى العام؟ أنا أريد أن أستند إلى نفس القاعدة التي استند إليها الميرزا النائيني، قال: فإن فيه قرائن تدل على أن المراد من العلماء الأئمة، تعالوا معنا إلى القرائن في هذه الرواية المجمع على صحّتها سنداً والمجمع عليها بين علماء المسلمين بنفس الألفاظ، أنا أبدأ هذا الرواية أعزائي بأصول الكافي، قال قال رسول الله (التفتوا إلى العبارات التي في صدر الرواية وبعد ذلك النبي قال إن العلماء ورثة الأنبياء): عن أبي عبد الله صادق قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من سلك طريقاً يطلب فيه علما، هذا عنوان يصدق على الأئمة؟ يسلك طريقاً يطلب فيه علماً؟ يصدق أم لا؟ لا يصدق، أصلاً واضح أنه تريد أن تقول العلم الذي يذهب الإنسان إلى الدرس وإلى البحث وإلى الأستاذ، وإلا هم علمهم كما صرّحوا وأنا بيّنته في علم الإمام، قلت بأساسه ليس كما تذهبون أصلاً علمنا ليس هذا علمكم، إذن ما هو؟ قال لا نأخذه من كتاب ولا نأخذه من أفواه الرجال، إذن ما هو؟ قال له حساب آخر ولكنه بالقدر التي أنتم تفهمون، أما الرواية هنا تقول: من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة وإنّ الملائكة لتضعوا أجنحتها لطالب العلم، أئمة أهل البيت طالب العلم؟ يصدق طالب العلم على أئمة أهل البيت؟ أيها الميرزا النائيني تقبل أن نطلق على أئمة أهل البيت طلّاب علم؟ وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىً به وإنه ليستغفروا لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض حتى الحوت في البحر، هل الأئمة بهذا الشكل؟ الملائكة واقعاً تستغفر لهم؟ طبعاً تقول لي هم يستغفرون…. الجواب: نعم هم يستغفرون ولكن هذا اللسان لسان أنه من يصدر منه الخطأ، عصيان… لا أئمة أهل البيت، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم، هذا تشبيه يشبّه به الأئمة (سلام الله عليهم)؟ ثم قال وإن العلماء ورثة الأنبياء، إذن أيّ علماء؟ مطلق العالم؟ يعني الأئمة أم هذا الذي تقدم طالب العلم؟
إذن حتى لو سلمنا معك يا ميرزا النائيني أن المراد من العلماء في بعض الروايات لقرائن المراد به الأئمة فهذه القرائن تقول المراد به الأئمة أم غير الأئمة؟ لا أقل فيه إطلاقٌ يشمل غير الأئمة، ونفس هذا النص (يتذكر الأعزة) في صحيح سنن أبي داود الذي هو بتحقيق الألباني، هذه الدور خذوها فهي مهمة جداً لأنه هذا الرجل السنن الأربعة (مراراً ذكرت) قسمها إلى صحيح السنن أبي داود وضعيف السنن، صحيح السنن الترمذي وضعيف، صحيح السنن ابن ماجه وضعيف، صحيح السنن النسائي وضعيف، وعنده مختصر صحيح البخاري الذي هو جداً مهم لأنه في هذا الكتاب المكررات كلها حذفها في أربع مجلدات، وحاول المؤيدات والشواهد أيضاً يفصلها عن الروايات الأصلية في أربع مجلدات الذي هو مختصر صحيح البخاري ومجلد واحد عنده وهو مختصر صحيح مسلم، هذه تكون بأيدي الأعزة حتى كاملاً عندنا يريد أن يستدل بالبخاري أنه يعرف بماذا يستدل وبماذا لا يستدل، الرواية: رقم الرواية 3641 كتاب العلم باب الحث على طلب العلم، الرواية: فقال يا أبي الدرداء إني جئتك من مدينة الرسول لحديثٍ بلغني أنك تحدثه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما جئت لحاجةٍ قال فإني سمعت رسول الله يقول من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، عجيب، وهذا الذي قلنا إذا اتحدت الألفاظ نجزم بالصدور من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وإلا كيف صار الإمام الباقر ينقل نفس الألفاظ، الإمام الصادق ينقل نفس الألفاظ، وأبو الدرداء الذي ابن كذا ينقل…؟ وهؤلاء أساساً لا علاقة لهم بتراث أئمة أهل البيت، وأئمة أهل البيت لا علاقة لهم… هؤلاء بعدهم، فكيف اتحد اللفظ أعزائي؟ قال: من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضىً لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب (هناك نجوم وهنا كواكب) وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهما فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر.
إذن هذه الروايات من حيث لفظة العلم لا يمكن أن يراد أو العلماء يراد بها خصوص أئمة أهل البيت، إما أن يراد بها مطلق العالم وإما تشمل أئمة أهل البيت وغيرهم وفي عقيدتي بيني وبين الله القرائن تقول المراد منه ماذا؟ هؤلاء العلماء الذين يطلبون العلم لا علاقة لها بأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هذه هي المفردة الأولى، المفردة الثانية وهي الإرث والورثة، فيما يتعلق بهذه المفردة الثانية أشرنا سابقاً إلى أن سيدنا الأستاذ السيد الخوئي (قدس الله نفسه) قال في صفحة 288 من مصباح الفقاهة، قال: منها ما دل على أن العلماء ورثة الأنبياء وفيه أولاً، يعني هذا الاستدلال لإثبات ولاية الفقيه المطلقة فيه ما يلي، قلنا لم يتعرض للسند ولكنه تعرض للمتن والمضمون، وفيه أولاً أن الوراثة إنما تكون في أمورٍ قابلةٍ للانتقال، يعني الأمور الاعتبارية، المملوك الاعتباري، بيت، سيارة، و… هذه قابلة للانتقال فما لا يقبل الانتقال لا تقبل الوراثة، كالشجاعة والسخاوة والعدالة وغيره من الأوصاف الغريزية والنفسية، بعبارةٍ أخرى قياسٌ من الشكل الثاني، الوراثة في الأمور التي تَقبل الانتقال، والعلم لا يقبل الانتقال.
إذن العلم لا يقبل الوراثة، الوراثة في الأمور التي تقبل النقل والانتقال، هذه مقدمة والمقدمة الثانية: والعلم لا يقبل الانتقال والنقل ليس فقط العلم كل هذه الصفات: الشجاعة والسخاوة و… والعلم وكل الصفات المعنوية لا تقبل النقل والانتقال، إذن احذف المحمولين وبقّي الموضوعين، إذن العلم لا يقبل الوراثة، هذا أيضاً استدلال سيدنا الأستاذ السيد الخوئي على هذه الرواية، جيّد، أما ما يتعلق بالجواب سوف نقف عند جواب السيد الخوئي أو إشكال السيد الخوئي على مستويات متعددة، أولاً نقف في ذلك في كلمات اللغويين لنرى أنّ أهل اللغة يحصرون الوراثة بالأمور المادية التي تقبل النقل والانتقال أو يرون ذلك أعمّ؟ على مستوى البحث اللغوي، إشارات ولو فتفصيله إنشاء الله الإخوة يراجعون، ثانياً على مستوى البحث القرآني أن القرآن عندما استعمل الإرث والوراثة والإيراث: أورثنا، هل مختصٌّ بالأمور التي تقبل النقل والانتقال أم هي أعمّ من ذلك، وثالثاً على مستوى الروايات الواردة عندنا وعندهم طبعاً لأنه ليست فقط مختصة لأنه ورد العلماء ورثة الأنبياء وهي بينت الرواية: قالت لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إذن ورثوا علماً.
إذن الروايات مجمعة على أنه أورثت غير التي تقبل النقل والانتقال، أما فيما يتعلق على مستوى البحث الأول، أشير إليه وإنشاء الله تفصيله يأتي، على مستوى البحث الأول في كتاب العين هذا البحث يمكن للأعزة أن يراجعوه وذكرنا بأن هذا الكتاب من الكتب المفيدة وهو التحقيق في كلمات القرآن الكريم للعلامة المصطفوي الذي يقع في أربعة عشر مجلد، (بحسب هذه الطبعة التي موجودة عندي أنا لا أدري بالطبعات الأخرى) هناك ينقل كلماتهم يقول الإيراث الإبقاء للشيء تقول أورثه (التفت) العشق همّا، العشق والهم من الأمور التي تقبل النقل والانتقال أم من الأمور المعنوية؟ هذا بعدُ الفراهيدي صاحب العين، تعلمون بأنه إذا تريدون أن تراجعوا أهل اللغة راجعوا المتقدمين فلمتأخرين ليسوا بحجة، مثلما في علم الرجال، في علم الرجال تصحيحات وجرح وتعديل المتقدمين حجة أم المتأخرين؟ لا إشكال المتقدمين يعني الذين عاصروا ومع الأسف الشديد أن كثير من أعلامنا وفقهاء أصوليين اشتبه عليهم الأمر يأتون إلى لسان العرب ما هو لابن منظور و… هؤلاء كلهم متأخرين وكلماتهم لا قيمة له، لابد أنت ترجع لمن؟ وهذه أين وقعوا فيها؟ وقعوا في مسألة الغنيمة فيها، قالوا أنه عندما نرجع إلى كلمات اللغويين نجد أن الغنيمة (فإن لله خمسه) الغنيمة أعم من كذا وكذا، عزيزي هذه لغة متأخرة، لغويون متأخرون، لا قيمة له الغنيمة لابد أن تؤخذ من كلمات اللغويون المتقدمون لا مطلق اللغوي، على أيّ الأحوال، قال أورثه العشق هما وأورثته الحم ضعفاً.
إذن من هذين المثالين يتضح أن الإرث مختصٌ بالأمور القابلة للنقل والانتقال أم أيضاً تشمل الأمور المعنوية؟ نعم، الأظهر بحسب المصاديق مختصٌ بالأمور ماذا؟ وهذا أيضاً من كثرة الاستعمال لأنه نحن عادةً نعيش مع الذهنية الفقهية، فعادةً عندما نقول كتاب الإرث ذهننا يذهب إلى الأمور القابلة للنقل والانتقال، مستويات الأخرى تأتي والحمد لله رب العالمين.