نصوص ومقالات مختارة

  • شروط المرجعية الشمولية العلمية (30)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

     والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللّهم صل عل محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    قلنا بأنه هناك بحثٌ مهم من الناحية القرآنية وهو بيان الفرق بين النبي والرسول، ذكرت أقوال متعددة للتمييز ما بينهما وأشرنا إلى أقوال ثلاثة في البحث السابق واتضح بأنها لا تنسجم مع البحث القرآني، أمّا ماذا نختار في هذه المسألة، هذه المسألة فيها بعدٌ قرآني، ما هو مقتضى الآيات والروايات في المقام؟

    ويوجد بحث روائي باعتبار أن هناك مجموعة من الروايات ميزت بين الرسول وبين النبي وبين الإمام وبين المحدث، الآن أنا لا أريد أن أدخل في البحث الروائي لأنّه بحث طويل ومفصل وهذا البحث ليس منعقد لأجل ذلك وإنّما أريد أن أقف فقط اجمالاً عند البحث القرآني لا أكثر من ذلك.

    فيما يتعلق بالبحث القرآني في المقدمة لابدّ أن نعرف ما هو المراد من الرسول والنبي، الرسول كما في كتاب التحقيق في كلمات القرآن الكريم المجلد الرابع هناك بيّن أن المراد من الرسول هو أن هذه المادة وهي رَسَلَ، راء سين لام، تدل على الإنفاذ مع حمل شيءٍ، تقول أرسل يعني أنفذه إلى أن يقوم بشيءٍ وحمّله شيئاً، الإنفاذ مع الحمل بمعنى أن تنفذ شيئاً مع قيد أن تجعله حاملاً لأمر، هذا هو الرسول أو الإرسال، طبعاً له استعمالات كثيرة فقد يكون في الأمور العاقلة وقد في الأمور غير العاقلة قد يكون في الملائكة قد يكون في الشياطين وقد يكون في البشر، كل هؤلاء القرآن الكريم استعمل لهم الإرسال، والآيات في ذلك كثيرة جداً من قبيل قوله تعالى ﴿وأرسل عليهم طيراً أبابيل﴾ أو من قبيل قوله تعالى﴿ هو الذي أرسل الرياح﴾ أو ﴿أرسلنا السماء عليهم مدرارا﴾ أو ﴿أرسلنا عليهم الطوفان﴾ أو ﴿إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين﴾ أو ﴿الله يصطفى من الملائكة رسلا﴾ وعشرات الآيات القرآنية في موردها استعمل الإرسال.

    إذن مسألة الرسول والمرسل ليس مختص بالإنسان وإنّما شامل لكل الموارد التي أشرنا إليها، ومن هنا هو الذي أرسل رسوله، أو لقد أرسلنا نوحاً و… وأتصور بأن الرسول والمرسل والرسالة أيضاً واضح، نعم مصاديقها متعددة، هذا فيما يتعلق بالرسول والبحث الثاني لغوياً هو النبي، ما هو المراد من النبي؟

    فيما يتعلق بالنبي، هناك بحث لغوي أن النبي هل هو واوي من نَبَوَ أو همزي من نبأ، اختلاف شديد بين اللغويين، النبي يعني منبئ بخبر أو  نبو يعني له مقام رفيع ومنزلة عالية، أنا فقط أشير والأعزة بإمكانهم أن يرجعوا، قال العلامة المصطفوي في التحقيق في كلمات القرآن الكريم الجزء الرابع صفحة 139 قال: والنبي مأخوذ من النبو واوية بمعنى الرفعة والعلو وليست من مادة النبأ بمعنى الخبر، الفرق بينهما هو أنه إذا قلنا مشتق من النبأ فأساساً عندما نقول نبي يعني يأتي بخبرٍ من السماء ومنبئ، أما إذا قلنا أنه مشتق من النبو وواوية هذا معناه له مقام عالٍ ولازم هذا المقام أن يطلع على أمور لا يطلع عليه الآخرون، فالفارق بينهما لازم ملزوم، فإذا قلنا من النبأ فالملزوم هو الإخبار، وإذا قلنا من النبو كما يقول في المجلد الثاني عشر يقول نبو لا من نبأ، صفحة 14 قال: إن الأصل الواحد في المادة (نبو) هو ارتفاع وعلو، الآن هذا البحث لا نريد أن ندخل فيه، سواء قلنا بأنه أساساً النبي من نبو أو النبي من نبأ ففي النتيجة إما أن الملزوم هو الإخبار عن شيء وإما اللازم هو الإخبار عن شيء.

    إذا اتضح ذلك تعالوا معنا إلى القرآن الكريم لنرى القرآن هل يميز بين النبوة والرسالة أم لا؟ قال تعالى في سورة البقرة آية 213: قال تعالى ﴿كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين﴾ إذن الآية صريحة تبيّن أن وظيفة الأنبياء هي أنهم مبشرون ومنذرون، يعني الإبلاغ، تعالوا معنا إلى الآية 48 من سورة الأنعام: ﴿وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين﴾ إذن نفس الوظيفة التي أعطيت للأنبياء أعطيت للمرسلين، إذن كل نبي له وظيفة الإرسال وكل رسول له وظيفة النبي، إذن ما التمييز بينهما حيث يقول البعض هذا أعم وهذا أخص…

    صريح القرآن الكريم ولذا أنا أتكلم على مستوى البحث القرآني ولا أتكلم على مستوى بحث الروائي والروايات ماذا بينت بينهم، على مستوى البحث القرآني إذن لا فرق بين النبي وبين الرسول، كل نبي فهو مرسل وكل مرسل فهو نبي، تقول سيدنا ماذا تقول في الروايات أن الأنبياء 120 ألف وأن المرسلين منهم 313 عشر، هذه روايات مشهورة بين المدرستين، هذا بحث روائي وأنا لا أتكلم فيه الآن، فليكن في علمكم في كثير من الأحيان أن البحث الروائي له اصطلاح وبحث علماء الكلام له اصطلاح وأن البحث القرآني له اصطلاحه الخاص.

    أنت عندما تأتي إلى الروايات وإلى كلمات العلماء يميزون بين الواحد وبين الأحد ولكن القرآن لا يميز بينهما، على الإطلاق وهذا بيّناه في كتاب التوحيد، قلنا هذا المصطلح بين الأحدية والواحدية هذه اصطلاح العرفاء والمتكلمين والفلاسفة أما اصطلاح القرآن لا يقول هذا، إذن أرجع وأقول لابد أن تعرفوا اصطلاح القرآن، القرآن قال بأنه النبيين مبشرين ومنذرين وأيضاً المرسلين مبشرين ومنذرين، نعم التفتوا إلى هذه النكتة التي أنا أعتقد أنه كثير من أبحاث الروايات سوف تتضح على هذا الأساس وهو أنه عندما علم بشيءٍ هذا الشخص المتنبي الصحيح، هل ما علم به مختص به أو بالإضافة إلى ذلك إلى أهله وعائلته أو إلى قريته أو إلى مائة ألف أو يزيدون أو إلى البشرية جمعاء؟ الاختلاف في درجة المبشرية والمنذرية، وإلا الجميع مسئول عن ذلك، يعني عندما تنبأ لابد أن يعمل بماذا؟ إذن يكون مرسلاً إلى نفسه وليس مرسلاً إلى أحد، كما لو قلنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان متنبأ لنفسه قبل الأربعين، الآن قد يضاف إليهم أمير المؤمنين أو البعض، لعله كذلك، ولكنه قد يكون متنبئاً وعلى هذا الأساس فهو بشارة وإنذار لنفسه، يعني ما علمه يجب عليه أن يعمل به، هذا متنبٍ ومرسل ولكن مرسل لنفسه فقط، وقد يكون مرسلاً لبعضٍ وقد يكون مرسلاً ماذا؟ كما صريح الآية ﴿وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون﴾ مائة ألف يعني مدينة صغيرة جداً أشبه ما تكون بالقرية، ثم تعال إلى الروايات فبينت هنا بشكل واضح وصريح قالت بعض الأنبياء…

    ولذا تجدون أن الكليني عندما جاء إلى هذه المسألة وهي مسألة أنه من هم هؤلاء يعني طبقات الأنبياء والمرسلين؟ بحث قيم عنده جداً فراجعوه، باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة، قال أبو عبد الله الصادق: الأنبياء والمرسلون على أربع طبقات، لا ينفصلون عن الآخر، الأنبياء والمرسلون لهم طبقات، ولهذا هو جعلهم في طبقات الأنبياء والرسل، الجزء الأول من الكافي صفحة 425 الحديث 439: يقول: فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها ونبيّ منبأ وعليه إمامٌ مثل إبراهيم على لوط ونبي هو إمام مثل أنبياء أولي العزم، هذه ليست طبقات الأنبياء ولا طبقات المرسلين بل هذه طبقات الأنبياء والمرسلين.

    ولذا تجدون أن المجلسي في ذيل هذه الرواية عندما يأتي إليها يقول بعد أن ينقل هذه الرواية: الأنبياء والمرسلون أي مجموع الصنفين على التداخل ينقسم إلى أربعة أقسام، لا فقط طبقات الأنبياء ولا المرسلين بل طبقات الأنبياء والمرسلين، هذه الجزء الثاني صفحة 281 فراجعوه، إذن على مستوى الروايات له بحث آخر فلا أريد أن أدخل فيه فقط على هذا القدر وهو أنا أعتقد أنه قرآنياً فإن كل نبي فهو رسول كما أنه كل رسولٍ فهو نبي، وإلا كيف يمكن أن يقوم بأعباء ومهمة الرسالة وهو غير متنبئ؟ لا يمكن ذلك، إذا اتضح هذا المعنى فلنذهب إلى الرواية: الرواية الأولى قالت: العلماء ورثة الأنبياء، أما هنا قالت: العلماء أمناء الرسل، لماذا اختلفا؟ لماذا يقل ورثة الرسول وهنا أمناء الأنبياء؟

    الجواب: لأنه في حيثية النبوة أُخذ العلم والتعلم إما ملزوماً وإما لازماً، حيثية النبوة إما هي من النبأ فأخذ فيها حيثية العلم وإما من النبو فهي لازمها العلم أما حيثية الرسول ليست حيثية العلم بل إنما حيثية أداء ما تعلم، حيثية أداء الأمانة، إذن ما الفرق بين حيثية النبوة وحيثية الرسالة؟ حيثية النبوة حيثية التلقّي وحيثية الرسالة حيثية الأداء، حيثية النبوة حيثية تحمّل الأمانة وحيثية الرسالة حيثية أداء الأمانة، إذا اتضح ذلك فكلا هذين الدورين أعطيا للعلماء في عصر الغيبة، واقعاً هذه الروايات التي تقول بأنه تبكي عليه الأرض والسماء و… لهؤلاء ولا لأي شخص قال أنا عالم، وآخر قد تسمى عالماً وليس به قد اقتبس جهائل من جهال، فيس كل من تسمى عالم فهو عالم وإنّما العالم من سماه القرآن والروايات بعالم، ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ وإلا رب حامل علم وذلك العلم يلعنه، ورب حامل علم وعلمه لا ينفعه، وعشرات، إذا أردنا أن نتكلم بلغة القرآن: ﴿مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار﴾.

    إذن ليس كل من يحمل العلم فهو عالم، إذن لكي يصدق عليه عالمٌ لابد أن يكون مصداقاً لهاتين الحيثيتين: حيثية تحمل الأمانة وحيثية أداء الأمانة، وإلا إذا لم يكن فليس بعالم، الآن هو حمار أو شيء آخر فهذا بحث آخر، المهم أن هذين النصين الصحيحين المعتبرين المجمع عليها بين علماء المسلمين، العلماء ورثة الأنبياء والعلماء أو الفقهاء أمناء الرسل، يريد أن يقول أنه لكي يصدق عليك عالم أولاً لابد أن تتحمل العلم من الأنبياء، لماذا قال أنبياء؟ باعتبار أن حيثية النبوة هي حيثية الأخذ والتحمل ولذا قال العلماء ورثة الأنبياء لا ورثة الرسل، لماذا لم يقل العلماء ورثة الرسل؟ باعتبار أن الرسالة ليست حيثية تلقي ولا حيثية التعلم ولا حيثية التحمل وإنّما حيثية الأداء ولذا لم يقل الرسل وإنّما قال العلماء ورثة الأنبياء، وبهذا امتاز الأنبياء عن العلماء أن الأنبياء يتلقون الوحي مباشرة من الله أما العالم وارث لهؤلاء، ولذا ورد العلماء ورثة الأنبياء، الخصوصية الثانية: وهو أنهم بعد التلقي مسئوليتهم أداء الأمانة، أمناء الرسل، لماذا قال رسل؟ باعتبار أنه الأداء هو الذي ينسجم مع الرسالة لا مع النبوة، إذن أعزائي إذا أردت أن تكون أو أن تعرف…

    أعزائي الضوابط كلها بأيدينا وحقك لا نحتاج أن نذهب يميناً ويساراً ولكن نحن بعض الأحيان نغض الطرف، إذا أردت أن تعلم هذا الشخص هو مصداقٌ فانظر هل هو وارث في علمه أم لا؟ هل هو أمين في الأداء أو ليس بأمين؟ فإن كان وارثاً أميناً فهو الذي قالت عنه الروايات إنهم حجتي عليكم، وهو الذي يجب تقليده، وهو الذي يجوز الرجوع إليه ويكون الراد عليهم كالراد علينا، أما إذا لم ينطبق عليه ف… الآن ما هو حاله فبينه وبين الله يوم القيامة سواء معذور أو قاصر أو مقصر أو مبانيه الفقهية أو مبانيه العقائدية ضعيفة، ذاك بحث آخر ولا أريد أن أدخل في هذا البحث، ولكنه ليس مصداقاً لهذه الرواية،  إذن لكي يصدق هذا المعنى لابد أن يكون العالم يأخذ بيدٍ يعني يكون وارثاً ويؤدي بيدٍ أخرى يعني يكون أميناً، وإلا إذا لم يأخذ علمهم لم يكن وارثاً وإذا أخذ ولم يؤدي فهو ليس بأمين، الآن قد تقول: خائن؟ أقول: لا، الآن لست بصدد التعيين قد يكونل قاصراً أو قد يكون جاهلاً جهلاً مركباً أو قد يكون مبانيه أوصلته إلى هذه النتيجة فأنا لا أريد أن أقيّم أن هذا ما هو مصيره، قد يكون قاصر غير معاقب وقد يكون على العالم أن يظهر علمه وهو يعلم لابد أن يظهر علمه ولكن ليست له شجاعة وشهامة للإظهار فنعم يعاقب، إذن بهذا نصل إلى هذه النتيجة المهمة والأساسية وهي أن رواية العلماء ورثة الأنبياء إشارة إلى الحيثية النبوية في العلماء، ورواية العلماء أمناء الرسل إشارة إلى حيثية الرسالة في العلماء، وبهذا يكون الضابط والملاك بأيدينا، لا يقول لنا قائل اشتبهنا فلا يوجد اشتباه لأن الضابط بأيديكم.

    سئل الإمام (عليه السلام): يابن رسول الله كيف نعرف أن صلاتنا قبلت أم لا؟ قال: أنظروا إلى قدر ما نهتكم عن الفحشاء والمنكر، لأن الآية قالت: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ قال كيف أعرف أنها قبلت قال أنظر قدر ما نهتك عن الفحشاء والمنكر فإن نهتك مائة في المائة فقد قبلت مائة في المائة وإن لم تنهك إلا خمسين في المائة فقد قبلت خمسين بالمائة يعني أعطت ثمارها خمسين بالمائة، وإن لم تنهك عن الفحشاء والمنكر فهي بيني وبين الله تعرف يوم القيامة ماذا يفعلون بك، أنت واقف في الصلاة وتصلي ولكن في ذهنك كيف تغش طرفك، الفقيه يقول هذه الصلاة صحيحة، نعم هي صحيحة فالفقيه دوره أن ينظر إلى الظواهر، دور الفقه الأصغر هو أن يرى أن الشرائط صحيحة أم لا؟ الموانع موجودة أم لا؟ بهذا القدر يقول لا توجد مشكلة ولكن هل هذه هي الصلاة التي أمرنا الله بها ام صلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ نعم لابد أن يدخل عالم الأخلاق وعالم السلوك على الخط فيقول هذه الصلاة أسقطت التكليف فقهياً ولكنه لعله تضر ولا تنفع فتكون خسارة للإنسان وفي العلماء كذلك لا نأتي نقنع أنفسنا ونخدعها بمجرد أنه أتينا إلى الحوزة ووضعنا قطعة بيضاء أو سوداء على رؤوسنا وحضرنا الدروس ولكن لم نقم بأي دور رسالي في الأمة وتقول أنا…

    لا تخدع نفسك هذه الروايات تقول بأن العلماء أمناء الرسل، فإن كنت أميناً وأدّيت الأمانة إلى أهلها فأنت من مصاديق الرواية أما إذا لم تؤدي الأمانة إلى أهلها فلست بأمين وإنّما خائن فياليتك تذهب وتسرق الأموال بدل أن تسرق دين الناس لأنه لا تقوم بمسئوليتك فعندما لا تقوم بمسئوليتك من يملأ الساحة؟ من ليس له أهلية، هذه سنة الحياة لأنه في النتيجة الناس يحتاجون بضاعة في السوق فإن لم تأتي أنت لهم بضاعة أصيلة تأتي البضاعات غير الأصلية، الناس يحتاجون إلى الدين الناس فطروا على الدين ﴿فطرت الله التي فطر الناس عليها﴾ إما أن تملأها بالدين الصحيح وتقوم بدورك وإلا تتصور أن الله حيث أعطى هذه الامتيازات للعلماء أنه يستغفر له كل من في السماء وكل من في الأرض والحيتان…

    ألم يطلب منك مسئوليات؟ هل يعقل هذا المعنى؟ هذه الامتيازات كلها في قبال المسئولية، فإن لم تستطع أترك هذا المقطع فلم يجبرك أحد على هذا الموقع، ولذا هذه سنة السابقين الآن لو ترجعوا إلى تأريخ الإمامية الذي ما كان يستطيع أن يقوم بمسئوليته لا يلبس العمة، لا لأنه لا يريد أن يلبس بل لأنه يقول أنا عندما ألبس العمة أقول للآخرين أنا جالس موقع الرسول وموقع الأنبياء، فعندما لا أؤدي الوظيفة فأنا خائن، إذن على هذا الأساس ننتهي إلى نتيجة خطيرة في غاية الخطورة وهي أنه كل منا بحسبه وبقدر ما يستطيع أولاً لابد أن يأخذ بيدٍ فمن أخذ منه فقد أخذ بحظ وافر كما قرأنا في رواية العلماء ورثة الأنبياء، لم يورثوا ديناراً ولا درهما ولكن ورثوا علما فمن أخذ منه فقد أخذ فحظ وافر، ولكن هل هذا يجعلك عالم أم لا يعني هل يجعلك مصداق لهذه الرواية أم لا؟ لا، هذه الحيثية الأولى.

    والحيثية الثاني هي أن تؤدي ما تحملته من الأمانة، أن تؤدي هذا العلم إلى أهله، وإلا إن لم تقم بذلك لا أقل قدر ما أستطيع أن أقول أنه أنت لست مشمول لهذه الروايات، والضابط بيدك فلا تقول لا ندري  كيف نميز في عصر الغيبة الكبرى أنه من عالم ومن غير عالم؟ الضابط بقدر تحمل الأمانة وأداء الأمانة فهو الذي أرجع إليه الأئمة، فارجعوا فيها إلى رواة الحديث، من هم رواة الحديث؟ من تحمل الأمانة بيدٍ ومن أدّاها بيدٍ أخرى، وإلا إن لم يقم بالحيثية الأولى أو بالحيثية الثانية أو بهما معاً فليس من رواة الحديث، لأنه الإمام (سلام الله عليه) يعطي الحجية، يعني إذا تخالفه تعاقب، هذا المقام ليس بقليل هذا أعطي للمعصوم والمعصوم أعطاها لرواة الحديث ولغير المعصوم، هذا مقام الذي الله أعطاه لعباده الذين اصطفاهم الإمام أعطاها… ولكن بشرطها وشروطها وهي أن يكون حاملاً للحيثية النبوية وللحيثية الرسالية، على هذا الأساس إذا اتضح ذلك وبماذا تمتاز رواية العلماء ورثة الأنبياء عن رواية العلماء أو الفقهاء أمناء الرسل.

    الآن نأتي إلى السؤال الذي طرحناه وفي السبت سوف نجيب عليه وهو أنهم على ماذا استأمنوا؟ من الواضح أن الأنبياء على ماذا استؤمنوا وماذا طلب منهم أن يؤدوا؟ هل فقط طلب منهم أن يؤدوا كتاب الطهارة والصلاة؟ أيستطيع عاقل (ولا أقول عالم) له مسحة من العقل يدعي أن وظيفة الأنبياء وما تحملوه كان كتاب الطهارة والنجاسة والحيض و…؟ ماذا تحمل الأنبياء حتى يوصلوه إلى الناس ويبلغوه إلى الناس؟ كل المعارف، فلا يوجد شك في هذه الحقيقة وهذه هي التي أخذت عليهم، هذه تحتاج إلى توضيح، أيضاً قرآنياً: ما هي وظائف المرسلين في القرآن؟ لأنه أنت استؤمنت على ماذا؟ صرت أمين الرسل، فتعالوا إلى القرآن لنرى ما هي وظائف ماذا؟ وما استؤمن عليه المرسلون في القرآن وعلى ذلك يتضح ما استؤمن عليه أمناؤهم الذين هم العلماء في عصر الغيبة، والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/05/15
    • مرات التنزيل : 1582

  • جديد المرئيات