نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية الإنسان الكامل (75)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قال: (والمعاني النازلة عليه من الحضرات الاسمائية لابد أن تمر على هذه الوسائط أيضاً إلى أن تصل إليه وتكمله).

    كان الحديث في الوجه الذي على أساسه تأخرت النشأة العنصرية للإنسان الكامل، فإننا ذكرنا بالأمس إننا عندما ننظر إلى مرتبة وجوده في الحضرة العلمية فهو الأول، أول صادر، وإذا نظرنا إلى الحضرة العينية بلحاظ الوجودات المجردة عقلية كانت أو مثالية فهو الأول أيضاً، ولكن عندما نأتي إلى نشأة الإنسان الكامل العنصرية نجد أن نشأته العنصرية تأخرت عن باقي الموجودات.

    في المقدمة ذكرنا وقلنا أساساً هذا التقدم هناك وهذا التأخر هنا، التقدم ما يكون فيه التقدم شرف فهو متقدم، وما ليس التأخر فيه نقص فهو متأخر ولا محذور في ذلك وهذه قاعدة أسسنا لها في الابحاث السابقة، ولكنه بقي أنه لماذا بحسب نشأته العنصرية تأخر وجوده في هذا العالم ؟ قلنا بأنه تارة يبحث عن ذلك بحسب قوس النزول، يعني إنما تأخرت نشأته العنصرية بحسب قوس النزول فلما أشرنا إليه بالأمس مفصلاً، ونتيجته هذه كانت، قال: (فيتصف) هذا الإنسان الكامل (بمعانيها) أي بمعاني الحقائق كلها التي وجدت قبله في قوس النزول (فيتصف) الإنسان الكامل بحسب نشأته العنصرية (بمعانيها) أي بمعاني الحقائق كلها (طوراً بعد طور، من أطوار الروحانيات والسماويات والعنصريات إلى أن يظهر الإنسان الكامل) التفتوا جيداً، يظهر بحسب عالم الشهادة والنشأة العنصرية ( إلى أن يظهر في صورته النوعية الحسية في عالم الشهادة والظاهر المطلق ) وإذا يتذكر الإخوة قلنا هذا البحث بشكل دقيق ومفصل تعرض له في صفحة (220) من الكتاب هناك بين قال : (من حيث النشأة العنصرية كذا، من حيث النشأة العلمية كذا، من حيث النشأة الروحانية الجزئية كذا) هذا إلى هنا اتضح البحث بالأمس .

    وهنا توجد نكتة أضافية نشير إليها : الآن هذا الإنسان الكامل وصل إلى النشأة العنصرية، يعني انتهى به قوس النزول إلى أسفل السافلين، إلى أدنى المراتب التي ما بعد هذه المرتبة لا يوجد إلاّ العدم، الآن عندما وصل إلى هذه المرحلة، وهي في الأدنى يؤمر أمراً تكوينياً يبدأ قوس الصعود {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا} أو قوله تعالى: {إليه يصعد الكلم الطيب} فلابُدّ أنه كان في الأسفل حتى يصعد، وإلاّ يكون من باب تحصيل الحاصل، أصلا لا معنى له إذا كانت في العالي لا معنى أن يقال له اصعد، {إليه يصعد الكلم الطيب}، الآن عندما يريد أن يبدأ بالصعود من هنا يحتاج إلى مدد هذه النشأة العنصرية تحتاج إلى مدد، من يمدها ؟ ذاته، باطنه، يعني نشأته التي قبل هذه النشأة العنصرية، مع الواسطة أو بلا واسطة؟ مع الواسطة، باعتبار أن النشأة العالية لا ترتبط بالنشأة الدانية بلا واسطة وان كانت هذه الوسائط هي بمنزلة القوى لهذا الموجود ولكن تحتاج إلى وسائط، كما أنه لو كان عندك مطلبا عقليا إلى أن تخرجه إلى اللسان بكم مرحلة يمر ؟ صحيح أنت هذا الذي تتكلم؟ ولكن من أين تأخذه ؟ تأخذه من الخارج أو من باطنك ؟ من باطنك، ولكن تأتي به إلى عالم المثال، ثم تأتي به إلى عالم الحس المشترك ثم ثم، إلى أن يخرج من هذه القوة، إذن لكي يصل إليه المد الإمداد وبنص القران الكريم {نزل به الروح الأمين على قلبك} لابُدّ من وسائط، هذه الوسائط لابُدّ أن تكون موجودة حتى يمر عليها الفيض والمدد إلى أن يصل إلى النشأة العنصرية، هذه الوسائط موجودة، إذن الفائدة الثانية لوجود هذه الوسائط حتى يمكن ارتباط المرتبة العالية للإنسان الكامل بالمرتبة الدانية له، في الخصوصية الأولى ذكرنا حتى هو يقف عليها تفصيلا، هنا حتى يأخذ المدد من الوسائط، ثبت العرش ثم انقش، لابُدّ من وجود الوسائط، ولهذا قال : (والمعاني النازلة عليه من الحضرات الاسمائية ) يعني من الصقع الربوبي، ثم عالم العقل، ثم عالم المثال، ثم ثم، الصحف، ثم الكتب الإلهية، إلى أن تصل إلى قلب هذا الإنسان وهو في هذه النشأة العنصرية، وبتعبير القران : {نزل به الروح الأمين على قلبك} وهذا هو الذي أشرنا إليه في ما سبق مفصلا، قلنا : أن الروح الأمين يأخذ من باطنه، ليعطي ظاهر الإنسان الكامل، يأخذ بيد، ممن يأخذ؟ يأخذ من الصادر الأول، المرتبة العالية من الإنسان الكامل، ليعطي للإنسان الكامل، ليمد مرتبته الدانية ،لماذا ليمد مرتبته الدانية؟ لأنه يريد أن يصعد، والذي يريد أن يصعد يحتاج إلى مدد، إلى فيض، ولهذا الآن بمجرد هذا بدأ هذا يستطيع أن يصعد، ويبدأ قوس الصعود .

    قال: ( والمعاني النازلة عليه من الحضرة الاسمائية لابُدّ أن تمر على هذه الوسائط أيضا) هذه اللابدية من أين جاءت ؟ لما بيناه قلنا أن المرتبة العالية، وبلغة فلسفية : أن الطفرة محالة وغير ممكنة، يعني العقل أو الحضرة الاسمائية لكي تنزل، تنزل إلى عالم العقل وعالم العقل ينزل إلى عالم المثال، وعالم المثال ينزل إلى عالم الشهادة، قال : ( لابُدّ من أن تمر على هذه الوسائط أيضاً، إلى أن تصل  إليه) أي الإنسان الكامل، وأنها تصل إليه بمرتبته الدانية لا العالية، لماذا تصل إليه ؟ لتكمله ؛ لان هذا الإنسان الكامل في هذه النشأة وجد حتى يصعد، إذن يحتاج إلى هذا لأمدد حتى يصعد، هذه صارت كحلقة وصل تربط قوس النزول بقوس الصعود، فما هي الحاجة إلى أنه يصعد ؟

    أولاً: أنه يبين نكتة ثم أنا أبين ما هو وجه الحاجة، هنا سؤال أساسي يطرح نفسه : الإنسان الكامل أنتم ذكرتم أنه نزل، وعند نزوله عرف كل هذه الوسائط، تفصيلاً وسوف يبين هو أنه يصعد ليعرفها تفصيلاً ؟ وهذا تكرار لا ينفعه ؟ هو في الواقع واجد لها ـ يرجى الانتباه هنا توجد نكتة أساسية ما طرحت في البحث، أي لم يتعرض لها الشراح والمعلقون لم يشيروا إليها هنا ـ (وذلك المرور إنما هو لتهيئة استعداده) أي الإنسان الكامل بحسب النشأة العنصرية (للكمالات اللائقة به) أي بالإنسان الكامل، وفي قوس الصعود يقولون له ماذا تفعل؟ فيقولون له أنت كنت فوق واجد لكل كمال، وعندما نزلت إلى أسفل أيضاً واجد للكمال، وعندما صرتَ في عالم التفصيل أم صرت أكمل الموجودين فقط ؟ فلهذا تعددت المظاهر، هناك في الصادر الأول لا يوجد تعدد خارجي، بل هو وجود واحد بسيط واجد لكل كمال، أما عند نزوله هنا صار إنساناً والإنسان غير الحجر وغير الماء وغير السماء وغير الأرض وغير الملك، هذه كلها الإنسان غيرها، وإن كان هو بمرتبته العالية واجد لكل كمال وهو المد، ولكنه عندما وصل إلى هنا صار، نعم إذا قسته من حيث الكمالات تجد له مائة درجة وهناك كمالات أخرى هو أعلاها درجة ولكنه غير جامع، الآن يقولون له أبدأ بالصعود، لماذا أصعد؟ يقولون له: حتى تحصل على الجامعية التي كانت عندك.

    ولذا قال: (ولاجتماع ما فصل) لأنه بحسب قوس النزول، ذاك المجتمع صار مفصل، والآن بحسب قوس الصعود يقولون له أصعد حتى تحصل ذلك الاجتماع .

    وهنا مباشرة يأتي السؤال : أنا كانت تلك عندي فعلى ماذا تأمرني بالصعود؟ هذا السؤال الذي أشرت إليه وقلت لكم بأنه مطوي بلا جواب عنه هنا.

    قال: ( وذلك المرور إنما هو) يعني المرور الذي في قوس النزول (حتى تحصل هذه الاستعدادات ) الآن حتى يبدأ قوس الصعود (ولاجتماع ما فصل ) هذا التفصيل من أين جاء؟ انظروا إلى دقة تنظيم هذه العبارات، هذا التفصيل حصل من مقام جمع الإنسان الكامل، يعني >أول ما خلق نور نبيكم، ثم خلق منه كل خير< كل خير نشأ من مقام جمعه، قال (ولاجتماع ما فصل من مقام جمعه من الحقائق والخصائص لاجتماعها فيه) في الإنسان الكامل، إذن في جملة واحدة، هذا المقام الأول كان مجتمع كل الكمالات، بحسب قوس النزول صارت الكمالات >حتى أخرجني الله في عالمكم هذا< >كنت وعلياً نوراً واحداً، فما زلت أنتقل من أصلاب المطهرين إلى أرحام المطهرات، إلى أن أخرجني الله في عالمكم هذا < بعد كنا نوراً واحداً أو محمد وعلي ؟ صار محمد، صار نبي ووصي، وفي الصادر الأول كنا نوراً ما كان نبي ووصي ولا أول وثاني ولا اثنا عشر إمام ولا أربعة عشر معصوماً ولا مائة وأربعة وعشرين ألف نبي، خمسة أولي العزم، كل هذه التفاصيل غير موجودة، لا سماء ولا أرض، هناك ثم قيل لي بالأمر التكويني تفصل، الآن بالأمر التكويني يقولون لي اجتمع، قال : (ولاجتماع ما فصل فيه ) يعني يجتمع كل التفصيل فيه، ثم في الوسط قال لا تظن أن هذا التفصيل جاء من أمر خارجي، لا التفصيل جاء من مقام جمعه (ولاجتماع ما .. الحقائق والخصائص فيه) ولكن هذا الاجتماع من التفصيلات الحاصلة .

    بعد فائدة أخرى، هذا كله في قوس الصعود، سؤال : ممكن أن يقفز في قوس الصعود؟ يقول : لا، أبداً، لأنه هنا في قوس الصعود عنده مقام وهو أنه واسطة الفيض بينه وبين كل حقائق عالم الإمكان، هذا الوجود العنصري، هذا الذي لا تخلو الأرض منه، ولو خليت لساخت الأرض بأهلها، هذا وجوده الأرضي، له مدخلية يقول يريد أن يصبح خليفة، وإذا يريد أن يصير خليفة ؟ بعد ذلك يأتي محل الخلافة، ولكن يريد أن يكون واسطة الفيض لنزول الفيض ليس في قوس النزول، بل لنزول الفيض في قوس الصعود، يقول بينك وبين الله يوجد رئيس يحب رعيته بشدة، مع أن اغلب الرؤساء والأمراء يجلسون في أرقى أماكن الدولة، في المنطقة الصفراء – نخاف أن نذكر لونها الحقيقي من أن تخلق لنا مشكلة –  ولا يعلم ما يحدث خارجا، لو أنه بين الناس كأمير المؤمنين × وأنا بيني وبين الله، وهنا الروايات تذكر لنا أنه في سوق القصّابين قال كذا وفي سوق كذا قال كذا، وهذا معناه أنه كان ينزل إلى المجتمع، يقول الآن هذا الذي يريد أن يكون خليفة عليهم لابُدّ أن يمر على مفردة مفردة من عالم التكوين ليعرفها ويتحقق بها .

    سؤال: أين يتحقق من مفردات عالم التكوين في قوس الصعود ؟ في السفر الأول؟ لا، لان السفر الأول من الخلق إلى الحق، في السفر الثاني ؟ لا، لأنه في السفر الثاني من الحق إلى، أين يرى هذه المفردات مفردة مفردة، في السفر الثالث عندما ينتقل من الحق إلى الخلق، وبينك ما بين الله في السفر الثالث يريد أن ينتقل من الحق إلى الخلق، فبالواسطة يرى مفردات عالم الإمكان، فلابُدّ أن تكون تلك المفردات موجودة حتى يراهن، ولذا في قوس الصعود هو يحتاج إلى جميع هذه الممكنات، يعني لابُدّ هذه الممكنات موجودة حتى يراها ويتحقق بها، أين ؟ في السفر الثالث .

    قال: (والإطلاع) يعني والاجتماع والإطلاع، معطوف على الإطلاع، يعني والإطلاع والاجتماع، (والإطلاع على ما أريد أن يكون خليفة عليه) وبعد ذلك معنى الخليفة سيأتي ما هو (ولهذا لا يجعل خليفة) يعني الإنسان الكامل بحسب هذا الوجود العنصري الذي يكتنفه، وإلا هو في قوس النزول هو واسطة الفيض (ولهذا لا يجعل خليفة) أي لا يجعل {إني جاعل في الأرض خليفة}، متى إلاّ عند انتهاء السفر الثالث، وهذا المعنى إذا الإخوة يتذكرون وقفتُ عنده مفصلاً في صفحة (143) السطر الثالث : (ولذلك قيل الإنسان الكامل لابُدّ أن يسري في جميع الموجودات، كسريان الحق فيها، وذلك في السفر الثالث الذي من الحق إلى الخلق بالحق، وعند ذلك السفر يتم كماله، وبه يحصل حق اليقين) وبهذا يحصل عنده مقام الخلافة، أية خلافة ؟ ليست هي وساطة الفيض، تلك الوساطة في قوس النزول موجودة، مقام الخلافة في قوس الصعود، لا مقام وساطة الفيض في قوس النزول .

    وبهذا يتميز عندنا جيداً الفرق بين الخلافة وبين الولاية، لأن القران الكريم استعمل كلا هذين التعبيرين، قال : {إني جاعل في الأرض خليفة}،وقال:{إنما وليكم الله ورسوله} ما الفرق بينهما؟ نحن نتكلم على الاصطلاح، ولا أقول أنه بالضرورة القران يشير إلى هذه الاصطلاحات، ولكنه أريد أن أقول: أنه على مباني العرفاء مقام الخلافة يحصل عليها عند انتهاء السفر الثالث، ومقام الولاية عند انتهاء السفر الثاني، ابتداءه بالسفر الثاني وانتهاءه بالسفر الثالث، وإذا تتذكرون قلنا: في السفر الأول أول درجات الولاية، وشرحناه تفصيلاً في الأبحاث السابقة، وموجود في كتابنا من الحق إلى الخلق، أول درجات الولاية من أين تبدأ؟ تبدأ من السفر الثاني، الولاية بالاصطلاح العرفاني، إذن لا يتبادر للذهن، أن القران سمى الإنسان الكامل تارة خليفة وتارة أخرى وليا وتارة ثالثة حجة وتارة رابعة إمام، نعم هذه الاصطلاحات استعملها القران، بعضها استعملها : إمامة خلافة ولاية هذه استعملها القران، ولكنه بحسب مباني هؤلاء، سمي خليفة لهذه الجهة، مرتبطة بقوس الصعود في السفر الثالث، سمي ولياً مرتبطة بقوس الصعود في السفر الثاني، سمي إماماً لبيان آخر في محله، سمي واسطة فيض لكونه هو الصادر الأول في قوس النزول .

    قال: ( ولهذا لا يجعل خليفة وقطباً إلاّ عند انتهاء السفر الثالث، ولولا هذا المرور لما أمكن العروج ) يعني لولا قوس النزول لما أمكن قوس الصعود، لقاعدة هم أسسوها، أن نقطة الانتهاء في العروج هي نقطة الابتداء في النزول، هذان متقابلتان، إذا كان في النزول صادر أول، في الصعود إلى أين يصل ؟ ماذا يكون ؟ يكون {أو أدنى} إذا هنا الصادر رابع في قوس الصعود ماذا يكون ؟ لا يكون أول، بل يصل إلى نفس النقطة التي صعد منها، وعندنا نص في البحار ونقلناه للإخوة يقول: >لو لم يكن من هنا لما استطاع أن ينتهي إلى هنا< موجود في البحار نقلناها مراراً .

    (احد الحاضرين) : …..

    إلى الآن لم ادخل في البحث، وبعد ذلك تقول لي سيدنا اختصر واطوي الدرس، وأنا أستطيع أن أقرا العبارة بسرعة ونتركها، ولكن هذا سؤالك يبقى بلا جواب، أنا كان عندي كل شيء فوق فلماذا أنزل واصعد مرة أخرى ؟ ومن هنا لابُدّ أن نميز جيداً الفرق بين قوس النزول وقوس الصعود، وأن الكمال في قوس النزول أم في قوس الصعود ؟ في أيهم ؟ إذا قلنا هذه كلها أمر واحد، إذن لابُدّ أن نميز، ولذا السيد الطباطبائي كاملا يميز البدء عن العود في رسالة الولاية، يقول: [وانه وهناك فرق بين البدء والعود من جهتين] لأنه كل الكمال في العود لا في البدء، التفتوا إلى العبارة قال : (ولولا هذا المرور) أي مرور؟ قوس النزول، يوجد محشين لم يوضحوا المطلب، ولا أقول حصل عندهم خلط، يتصورون أن هذا المرور هو قوس الصعود ،لا أبداً، في قوس الصعود ليس مروراً، بل يوجد في قوس الصعود عروج، (ولولا هذا المرور لما أمكن العروج للكمّل) لولا هذا النزول من أين لما أمكنه أن يعرج، (إذ الخاتمة مضاهية للسابقة) إذ النهايات هي الرجوع إلى النهايات، بدايتك من أين؟ رجوعك إلى هناك، ولكنه عينه هي هي أو هي هي وهي غيرها ؟ سوف نبين  هي هي أو هي هي وهي غيرها، فإذن الجميع {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً } وبرهانه نقدم بيانه ولا يتبادر إلى الذهن أنه فقط بحث عرفاني ومجرد فتوى عرفانية، لا، {كما بدأكم تعودون} نقطة البدء أين كانت هي نقطة الانتهاء، إذن عندما قال تعالى : {يا أيها الإنسان إنك كادحا إلى ربك كدحاً فملاقيه} أين يلاقيه؟ كلاً بحسبه، هو أين مرتبته، فهناك بحسب مرتبته، أين البدء للصادر الأول يلاقيه هناك، في مقام قاب قوسين أو دنى، مثال العرفي تجدون بحرا من الماء، ولكنه فيه سواقي صغيرة الحجم مرتبطة بالبحر، وتوجد بعض الأنهار كالشلالات تلتقي مع البحر، سؤال هذه السواقي الصغيرة عندما تأتي وتختلط بماء البحر،كم يستطيع أن يخترق ماء الساحل ؟ لا يستطيع أن يخترق أعماق البحر أكثر من ( 2- 20) متر، أما الذي يأتي من شلالات قوته كم ألف طن وسرعته كذا، فهذا إلى أين يصل؟ يخترق ماء البحر إلى عشر كيلومترات، والكل التقى بالبحر، وهذا من باب التقريب والمثال، وإلا الله تعالى ليس كالبحر، أنه الكل يلتقي معه ويلاقيه كل بحسبه، لان النهايات هي الرجوع إلى البدايات، {كما بدأكم تعودون}.

    قال: ( وبه ) يعني بهذا العروج (تتم الحركة الدورية المعنوية ) وهنا لا أفصل للإخوة، قلنا لأنه قلوا قوسين ولم يقولوا خطين، ولماذا جعلوها دائرة ؟ قلنا : أنه إذا كان خطين لا يحصل التقاء، وأما إذا كانا قوسين، يمكن أن تكون نقطة الابتداء هي نفسها نقطة الانتهاء، ونقطة الانتهاء هي نفسها نقطة الابتداء، انتهينا إلى هذا .

    سؤال: (كلام لأحد الحاضرين) : …

    ج/ كل العالم، في قوس الصعود، لمن له صعود، جيد نعم يعني جن وانس وكل من يدخل في عالم قوس الصعود والذي ليس له قوس صعود نعم هذا يكون سالبة بانتفاء الموضوع، كل من له قوس صعود، أما من لم يكن له قوس صعود، وبهذا يتضح لكم أنه عندما نقول خليفة، خليفة له دائرة، أما عندما نقول واسطة فيض يكون أوسع بكثير، لان الخلافة دائرتها تفصيل بأنه يريد أن يوصل المدد، فإذا بدأنا نتكلم لابُدّ أن نفصل بين الخلافة في قوس النزول، والخلافة في قوس الصعود، لابُدّ أن نميز بينهما، وليسا بحثنا الآن هنا.

    سؤال: من هنا يأتي هذا التساؤل الذي طرحته في أول البحث : لماذا هذا الجامع قيل له تفصل، ثم قيل للمتفصل اجتمع ؟ السيد الطباطبائي &، إذا تسمحون قبل أن انقل كلام السيد الطباطبائي، نرجع نقرأ هذه الأربعة اسطر لننتهي من هذا، يقول وبهذا يتضح لكم ( وما يقال أن علم الأولياء تذكري ى تفكري ) يقول اتضح معناه، لان علم الأولياء، في قوس الصعود يضاف عليه شيء لم يكن عنده في قوس النزول أو لا يضاف؟ لا يضاف، لأنه يريد أن ينتهي إلى ما كان عنده في قوس النزول، إذن يريد أن يحصل ما فقده في قوس النزول إلى أن انتهى إلى عالمنا هذا، لأنه عندما انتهى إلى عالمنا هذا وصل إلى المادة الأولى، وصل إلى أنه لا يعلم، {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون} وصل إلى هذا المقام، الآن قيل له ارجع إليه، الآن ابدأ، أليس كذلك، وعندما يبدأ وهذه الوسائط تمده ليحصل ما كان يملكه في قوس النزول، إذن كل ما يحصل عليه ليس تأسيسي، بل هو تذكري، هذه النظرية الافلاطونية، هذا هو مبناهم، ولذا يقول (وما يقال أن علم الأولياء تذكري ى تفكري) (وما يقال .. وقوله >الحكمة ضالة المؤمن<) يفسر الضالة أي أنها كانت عنده ثم فقدها في قوس النزول وصل إلى هذا العالم بالطريق فقد الحكمة، الآن في قوس الصعود يقولون له ابحث عنها تجدها، وأنت في الظاهر تقول : هذا عمل غير حكمي، أنا كانت عندي في حقيبتي، وقلت لي انزل وهذه المعارف كلها أخلعها، أخلع أخلع أخلع أخلع إلى أن تقول البس البس البس، لبس بعد لبس، أليس كذلك في قوس الصعود؟ لبس بعد لبس، في الحركة الجوهرية، هناك في قوس النزول اخلع وهنا البس، لذا يفسر >الحكمة ضالة المؤمن< يقولون له أذهب وابحث عن تلك التي ضيعتها .

    يقول: (  وما يقال ) خبر ما (إشارة إلى هذا المعنى) إلى أي معنى ؟ إلى المعنى الذي هو شرحه، في قوس النزول ترك، لابُدّ أن يحصله في قوس الصعود من جديد، ( لا إلى أنه وجد في النشأة ) وليس المراد من هذه الكلمة ما يفسره أهل التناسخ، التناسخية أيضاً قريب من هذا المعنى يقولون، قول : (لا إلى أنه وجد في النشأة العنصرية مرة أخرى، ثم عرض له النسيان بواسطة التعلق بنطفة أخرى ومرور الزمان علها إلا أوان تذكره) كما على رأي أهل التناسخ، هذه الرواية ليس معناها تأييد نظرية أهل التناسخ، هذا بيان لدليل لقوله : (وإنما تأخرت لأنه وأيضاً)، (وإنما تأخرت نشأته العنصرية في الوجود لأنه) هذا هو البيان الأول، البيان الثاني : (وأيضاً لما كان عينه في الخارج) أي الخارج العنصري عالم الشهادة (عينه مركبا في الخارج من العناصر المتأخرة تلك العناصر عن الأفلاك وأرواح الأفلاك وعقول الأفلاك) الأرواح تكون عالم المثال والعقول تكون عالم العقول (وجب أن توجد تلك العناصر) موجودة (قبل الوجود العنصري لتقدم الجزء على الكل بالطبع) انتهى، هذا المتن اللاحق قوله، قبل الدخول في المتن اللاحق يأتي هذا التساؤل : وهو أنه لماذا أمر بالنزول ثم أمر تكويناً بالصعود ؟ قبل أن أبين الجواب عن هذا، إذا تتذكرون بالأمس قال: من وظائف الإنسان الكامل هو الذي يفصل بين الصور، وهو الذي يجمع بين الصور والأرواح في الروايات إذا كل هذا المعنى الإنسان الكامل يقوم به، الروايات التي ذكرت سكرات الموت والواردة في الحشر الأكبر في موقف من المواقف، هناك يظهر أمر الخلافة والولاية جيداً، في سكرات الموت عندما يحضر أهل البيت ^ يقول هذا وليي، يأمر، ولم يقل نترجاك وفي خدمتك، يأمر ملك الموت فيقول له : أرفق به، وهذا عدوي، ماذا نفعل به؟ انظروا إلى الروايات الكثيرة ونحن ننقل منها، وهذه مربوطة بالبرزخ، تعالوا إلى الحشر الأكبر، أما دوره في مقام الأعراف ما هو ؟ يقولون لهؤلاء كذا ويقولون لهؤلاء كذا، وهذه الآيات عجيبة عندما تقرأها لا تجد لها بياناً رسمياً، إلاّ هذه البيانات التي يقولها هؤلاء في سورة الأعراف الآية (44) : بعد أن يقول {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا} مشهد لطيف جداً، الحق والإنصاف القران يصوره لنا، عجيب يوم القيامة أنه أهل الجنة يحاورون أهل النار، الذي يصوره لنا القران الكريم تصويرا حقيقيا {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فإذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} وأما المؤذن من هو له بحث نتركه، من الذي يؤذن هناك ومن الذي يؤذن له؟ ليس فقط أن يتكلم، لأنه {فلا يتكلمون} أصلا ليس لأحد هناك أن يتكلم من تلقاء نفسه، بل هناك ممنوع الكلام إلاّ {لمن إذن له الرحمن وقال صوابا} الآن ليس فقط لمن إذن له الرحمن بالكلام وإنما صار، بعبارة أخرى: فضائية يوم القيامة، هو يعلن للخلق هناك، قال : {لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون} الله الظالمون في القران هم الكافرون، هذه احفظوها، البعض يقول قبلنا، فلان فلان فلان ظلام أما نحن فلا، يأتون كفار نعم {وهم بالآخرة كافرون وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم} عجيب كيف لهم علم هؤلاء، فهؤلاء لا تخفى عليهم خافية في الحشر الأكبر، ليس إمام زمانه يعلم شيعته وأمته، بل هم يعرفون الأولين والآخرين ولا نعلم كم مليار هم عشرة؟ مئة؟ نحن لا نعلم، لعل البشرية بعد مليون سنة موجودة، لعله ثلاثة آلاف مليار يصبحون، {يعرفون كلا بسيماهم} هم يعرف المجرمون بسيماهم والمؤمنون أيضاً بسيماهم، لأنه في آية أخرى : {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} من باب اللطيفة : يقولون شخص جاء إلى السيد البروجردي أراد أن يقرأ له آية {سيماهم في وجوههم من اثر السجود} ذهبت عن باله فقال : والمجرمون سيماهم، فهؤلاء سماهم في وجوههم، وهؤلاء أيضاً سيماهم في وجوههم، وهذه السيماء واضحة لأنه بصريح القران {وجوه يومئذٍ مستبشرة ناعمة مبيضة ووجوه يومئذٍ مسودة قترة}، ويوم الخزي الأكبر ذاك، وهناك لا تستطيع أن تخفيها إلاّ أن ينعم الله عليك، لنعمة أنعمت بها على احد يستر عليك خزيك يوم القيامة، اللهم أعذنا بحق محمد وآل محمد، قال: {يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة} من المنادي ؟ ليس المنادي هم أصحاب الجنة، بل المنادي هم أصحاب الأعراف، فهم يرحبون بهؤلاء ويلعنون هؤلاء {ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ونادى أصحاب الأعراف رجالا} هذا كل المشكلة أين في بطن هؤلاء الرجال، رجالا، اتخذنا فلان وفلان خليلا، هناك يظهر حسابهم، {ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم} اسلحتكم مخازنكم أحزابكم ومئات المليارات {ما أغنى عنكم جمعكم أم كنتم تستكبرون} يمدون أيديهم نحو أهل الجنة المستضعفين الذين كانوا في سجونكم وتحت سطوة ظلمكم {أهؤلاء الذين أقسمتم أن لا ينالهم الله برحمة} كنتم تقسمون بان هؤلاء كفار أهل بدعة، انظروا إليه دخلوا الجنة رغم أنوفكم {ادخلوا الجنة} محل شاهدي أين؟ من الذي يأمر ؟ أصحاب الأعراف هم الذين يقسمون الجنة والنار {ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون} إلى آخر الآية، إذن هنا كما في سكرات الموت، نعم هنا في هذا العالم لا نرى مدد الفيض فننكره، وهذا ليس بمهم ولكنه في الآخرة في سكرات الموت في البرزخ في الحشر الأكبر في القسمة هذه كلها ستظهر لنا يوم القيامة واضحة، إن شاء الله تعالى غدا أنا أقرا العبارة البحث الذي يطرحه أن شاء الله الإخوة إذا احضروا معهم هذا الكتاب لسان العقيدة احضروه حتى نقرأ العبارة.

     

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/05/16
    • مرات التنزيل : 1456

  • جديد المرئيات