نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية الإنسان الكامل (76)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قوله: (فهو من العالم كفص الخاتم من الخاتم، الذي هو محل النقش والعلامة التي بها يختم الملك على خزائنه، وسماه خليفة من أجل هذا )

          قبل الدخول في بيان هذا المقطع من المتن اللاحق، انتهينا بحمد الله تعالى في البحث السابق إلى أن في قوس النزول الإنسان الكامل مقدم على كل شيء، فإنه أول ما خلق، فإنه أول صادر >أول ما خلق نور نبيكم< علماً وعيناً، وهذا بيناه مفصلاً، إذن في قوس النزول الصادر الأول هو مقدم، وهذا التقدم هو تقدم وجودي، تقدم بالرتبة، تقدم بالوساطة، لأنه واسطة الفيض لما هو دونه، ولكن عندما نأتي إلى قوس الصعود، حيث أن قوس الصعود يبدأ من الأسفل، ولذا أنتم تجدون في قوس النزول نحن عندنا الأشرف فالاشرف، الاشرف الأول أعلى مرتبة من الاشرف الثاني، أما عندما نأتي إلى قوس الصعود، لا يوجد عندنا الاشرف فالاشرف، بل عندنا الأسفل فالأسفل، لا تستغرب ذلك، في قوس النزول نحن نقول الاشرف فالاشرف، من قبيل الأعلم فالأعلم، هذا الأعلم الثاني هو أدنى من الأول، لأنه أنت تقول أنا إذا كان عندي احتياط وتعتقد انك الاعلم فارجع من بعدي إلى فالاعلم، يعني فالاعلم الذي بعدي، إذن في قوس النزول أنت قاعدة الاشرف ما هي عندك ؟ عندك الاشرف الأول صاحب المائة درجة والاشرف الثاني صاحب التسعين درجة والاشرف الثالث صاحب الثمانين درجة، الآن جاء هذا إلى أن وصل إلى {ثم رددناه أسفل سافلين} إلى أدنى مراتب الوجود، وبتعبير الحكيم السبزواري، وصل إلى صفّ النعال، يقول في المجالس إذا أرادوا أن لا يحترموا القادم لا يعطوه مكان يجلس فيه، فيضطر إلى الجلوس إلى جانب النعال، وبعض الاقايون عندما يدخل يؤشر فلم يجبه احد فهو مضطر إلى الجلوس هناك، يقول بأنه عالم الشهادة عالم الدنيا عالم المادة، يعد بالنسبة إلى مراتب الوجود كمرتبة ماذا من باب التشبيه والتقريب، والآن أنت من هنا عندما تبدأ آخر درجات سلم {أسفل السافلين} عندما تبدأ بالصعود تقول أبداً بالأسفل فالأسفل، هذا الأسفل الثاني أكثر سفالة أم الأسفل الأول ؟ الأسفل الأول، وإلاّ الأسفل الثاني أقل سفالة، لأنه بدأ  بالصعود، وعندما بدأ  يصعد يعني أقل سفالة، إذا نظرنا إلى قوس الصعود إلى قوس النزول فأول ما خلق نور نبيكم والشرافة هناك وهو مقدم في مقام الشرافة الوجودية أما إذا نظرنا إلى قوس الصعود، الإنسان الكامل بحسب نشأته العنصرية غير مقدم على كل موجودات عالم الامكان، بل كل موجودات عالم الامكان لابُدّ توجد حتى وجدوده العنصري المبارك يأتي يبدأ رحلته إلى السماء، فيصير كل عالم الامكان مقدمة لوجوده العنصري إذن بالنسبة إلى الوجود الروحاني له فهو مقدم، بالنسبة إلى الوجود العنصري له فهو مؤخر، ولكنه متأخر أي تأخر؟ تأخر ذي المقدمة على المقدمة، وأنت تعلم ذي المقدمة وإن كان متأخرا عن المقدمة ولكن اشرف، فالتأخر هنا لم يخلق لنا مشكلة، لأنه هنا ليس هو عالم الشرف الوجودي، فإذن شرافته حتى بحسب وجوده العنصري هو اشرف، ولكن لأن العالم عالم المقدمات عالم الأسباب عالم العناصر عالم المعدات عالم الاستعدادت، فتأخر، ولكنه أي نحو من أنحاء التأخر تأخر؟ التأخر الوجودي؟ الجواب: كلا، تأخر ذي المقدمة عن المقدمة، إذن على هذا الأساس فهو شرافته محفوظة في كل العوالم، سواء كان في الحضرة العلمية أو الحضرة الامكانية، وسواء كان في الحضرة الامكانية على مستوى العقول أو على مستوى المثال، أو على مستوى عالم العناصر وعالم المادة، شرافته محفوضة، نعم بالنسبة إلى الحضرة العلمية والحضرة العينية العقلية والمثالية فهو مقدم على كل شيء وجودا، أما عندما نأتي إلى عالم العناصر التقدم الوجودي ليس شرافة، فهو فيه شرافة من جهة أخرى : هو العلة الغائية لكل هذه الموجودات {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا} من أين؟ هذا الإنسان متأخر وجودا عن السماوات والأرض وليس متقدما، ولكن هذا التأخر لا يضر بشرافته، لان كل شيء خلق لأجله، إذن في جملة واحدة : بحسب وجوده العلمي والعيني العقلي والمثالي فهو مقدم وجودا، وبحسب وجوده العنصري فهو وإن كان متأخرا بحسب الوجود الزماني، ولكنه اشرف من الباقي، لأنه الجميع بمنزلة المقدمة لوجوده وذو المقدمة اشرف من المقدمة .

    (كلام لأحد الحاضرين) :……

    ج/ أي نعم، لا واسطة الفيض لمن ؟ لقوس الصعود، لا، واسطة الفيض للعقلانيات، الروحانيات قبل وبعد ليس لها، في ذاك العالم حقيقته موجودة، وليس حقيقته هذا الوجود العنصري، هذا الوجود العنصري مظهر الصادر الاول، ذاك واسط الفيض، لا، قلنا كمال الإنسان هو أن يكون في هذه النشأة، من قبيل أن الله سبحانه وتعالى محتاج إلى الخلق ؟ لماذا خلقك ؟ هذه الذات كمالها الفعلي أن يكون لها خلق، الإنسان الكامل إذا كان واحدة من نشئآت هذا العالم فاقد لها، صار ناقصا، وصار ملائكة، والملائكة ليست هي أكمل الموجودات، لأنها تملك شيء وتفقد شيئا آخر، كمال الإنسان الكامل في أنه واجد لجميع النشئآت .

    ارجع إلى أصل البحث، وعلى هذا الأساس تعرفون الكلمة التي نحن نذكرها مرارا ويؤكدها أساتذتنا وأعلامنا، العلم أم التزكية، أحسنت هذا أنا بينته مرارا، قلت إذا نظرت إلى الشرافة فالشرافة التزكية، الله سبحانه وتعالى كل ما أراد أن يكون الإنسان خيّرا، وإلاّ إبليس له علم أيضا، إذن أن يكون الإنسان قريبا من الله قربان متقرب إلى الله، والقربان هي التزكية لا العلم بما هو علم، {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء}، وإلاّ إذا وجد العلم بلا خشية، وبتعبير الإمام الصادق × : > ولو شق الشعر في متشابهات العلم < لا قيمة له، إذا خشي الله، فالتزكية اشرف من التعلم، فالتزكي مقدم على التعلم، ولكن التزكي غير ممكن بلا تعلم، فالعلم مقدمة للتزكي، ذاك مقدم وهذه مقدمة، هذا البحث انتهينا منه .

    بقي سؤال أخير بالأمس اشرنا إليه قلنا لابُدّ أن نجيب عليه، وهذا السؤال نحن استنتجناه من قوله (ولاجتماع ما فصّل) يعني في قوس النزول بعد أن كان مجتمعا بسيطا أمر بان ينزل حتى يكون مفصلا، ثم أمر بالرجوع {إنا إليه راجعون} حتى يجتمعا، وهنا قد يقال ما هي الثمرة المترتبة على ذلك، كان كذلك فلماذا يؤمر بالنزول ثم الرجوع إلى ما بدأ منه؟

    الجواب: قلنا على ذلك، أنه إذا لم يكن هناك في جميع، كلمة واحدة وأفصّله، إذا لم يكن هناك فرق بين البدء، يعني قوس النزول للإنسان الكامل وقوس الصعود للإنسان الكامل، كان هذا الإشكال وارداً، وهو لزوم تحصيل الحاصل، أما إذا اتضح أنه هناك فرقا بين وجوده في قوس النزل الإنسان الكامل، والإنسان في قوس الصعود عند ذلك لا يكون الجمع والتفصيل لغوا .

    ما هو الفارق الأساسي ؟ الفارق الأساسي بين هذين القوسين ليس في الإرادة والاختيار، أساساً بناء على المباني التحقيقية موجود حي ولا إرادة ولا اختيار له، لا عليك بما يقال على بعض المنابر من أن الفرق بين الملائكة والإنسان هو : أن الإنسان مختار دون الملائكة، لا، هذا ليس بفارق، لأن كل موجود هو ماذا ؟ لا أقل كل موجود حي، القران يثبت أن كل الموجودات حية {وإن من شيء إلاّ يسبح} يسبح فعل اختياري، الملائكة الذي ينسبون لهم أنهم لا اختيار لهم {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون} فاعل هو، يفعلون ليس أنهم مورد الفعل، إذن كل الموجودات مختارة .

    إذن ما هو المائز الأساسي بين قوس النزول وقوس الصعود، إذا كان الاختيار ،، فهو موجود في قوس النزول كما هو موجود في قوس الصعود، ما هو المائز؟ هو أنه إلى قبل أن نصل إلى هذا العالم أساساً لا يوجد مفترق طرق، لا يوجد خير وشر، لا يوجد حق وباطل، لا توجد طاعة ومعصية، هذا لا يوجد لا معنى له، إنما كله يبدأ من أين ؟ من عالمنا الذي يسمى عالم التكليف، لماذا سمي عالم التكليف ؟ لأنه هنا يمكن {إما شاكرا وإما كفورا} {إنا هديناه السبيل أما …وإما} {إنا هديناه النجدين} كل هذا هنا، فهنا يأتي الابتلاء والامتحان ويأتي التكليف وتأتي الطاعة وتأتي المعصية ويأتي الكفر ويأتي الإيمان، ويأتي ويأتي، كله في هذا العالم .

    من هنا إذن الجواب عن السؤال هو أن الفارق الأول : أنه حتى لو فرضنا أن هذا الإنسان في قوس الصعود ينتهي إلى نفس ما انتهى إليه وكان واجداً له في قوس النزول، يعني لم يزدد شيئا، حتى لو لم يزدد شيئا، لم يكن لغوا، لان ما كان واجداً له هناك لم يكن باختياره في مفترق الطرق، أما ما في قوس الصعود ما هو واجد له، واجد له بكسبه باختياره بإرادته بامتحانه بابتلائه بتكليفه بتحمله للعناء، وهذا يكفي لان يكون فارقا بين قوس النزول وقوس الصعود، هذا الأمر الأول الذي أنا أذكره .

    الأمر الثاني الذي ذكره السيد الطباطبائي & في رسالة الولاية، حتى لا يحصل تكرار في البحث نقرأ ما ذكره في رسالة الولاية، في صفحة (213-214) الفصل الثاني من رسالة الولاية : [في أنه حيث لا يكون النظام نظام الاعتبار فكيف يجب أن يكون الأمر في نفسه] بعد أن يذكر أنه قبل عالمنا هذا عالم جئنا منه {إنا لله وإنا إليه راجعون} يعني قوس النزول، يقول : [هذا كله بالنسبة إلى ما قبل هذه النشأة ] يعني نزولا [وأما بالنسبة إلى ما بعد هذه النشأة ] يعني صعوداً، وإذا تتذكرون هذا البحث نحن تعرضنا له في شرح الفصوص يعني هنا، قلنا هذه القبلية والبعدية هنا، في الواقع ونفس الأمر قبلية وبعدية أو بالنسبة ليّ ؟ بالنسبة ليّ، لأنه أنا جئت إلى هنا ثم صعدت فصار قبل وبعد، قال : [فالكلام فيه نظير الكلام] يعني نفس الكلام الذي يقال في قوس النزول يقال في قوس الصعود [غير أن نشأة المثال في العود ] يعني في قوس الصعود [قبل نشأة العقل بالنسبة إلينا] بخلاف البدو فان نشأة العقل قبل نشأة المثال، الآن اتضح لكم بيان الأشرف فالأشرف ؟ والأسفل فالأسفل، في قوس النزول العقل ثم المثال، إذن الأشرف الأول عقل والأشرف الثاني مثال، أما في قوس الصعود الأسفل يعني عالم المثال ثم الأسفل يعني عالم العقل، اتضح هذا المعنى؟ قال : [نعم بين البدء والعود فرق آخر ] غير هذا الفرق وهو أنه عالم المثال يختلف وضعه نزولا وصعودا، ما هو ؟ وهو وهذا محل الشاهد الذي أنا بينته بذلك البيان الذي قلته لكم، وهو أن مادة الصور المثالية هي النفس، يعني هذه الصور التي سوف يذهب إليها الإنسان في عالم المثال المنفصل أو عالم البرزخ، التي غدا سيحشر معها، يذهب من هنا الذي سميناه البرزخ الصعودي، وبتعبيره هو في الميزان البرزخ الصعودي، وبتعبير العرفاء البرزخ الصعودي، يقول هذه الصور التي تحشر مها في البرزخ، من أين أتى بها ؟ما حضر لها، من هيأها لنفسه ؟ هو هيأها، مادة الصور المثالية هي النفس، وهي التي توجد لها تلك الصور بإذن ربها، وحيث أنها، هذه الصورة من أين نأتي بها، وحيث أنها متوقفة حينا في هذه النشأة المادية هذه جاءت من فوق وصارت هنا، توقفت هنا كم يوم ؟ >خذوا من ممركم لمقركم< كم يوم مر، قال :[حيناً ما في نشأة المادة، ومتعلقة بها، فهي فيها تأخذ ملكات وأحوال ] من خلال الأعمال من خلال التكاليف من خلال الطاعات من خلال المعاصي، هذه هي المادة الأصلية، لأحوال الإنسان وملكاته، التي سوف تتجسد له صور في عالم البرزخ، ويحشر عليه في الحشر الأكبر، لأنه عالم المعنى عالم التجرد لا عالم المادة، جيد [ربما ] هذه الصور والملكات التي سوف تحشر معها برزخا أو حشرا (ربما لائمت نشأتها السابقة، وربما لم تلائم النشأة السابقة) ماذا كانت نشأتها السابقة ؟ نشأتها السابقة {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } عندما نزل لم يكن هناك جنة ونار، ولكنه عند صعوده تكون هناك جنة ونار، الله سبحانه وتعالى ما خلق بعض الناس من الجنة جاء بهم، وبعض الناس من النار جاء بهم، لا أبداً، كلهم خلقهم على فطرة التوحيد {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} هذه الخلقة الأولية، هذا في قوس النزول، أما في قوس الصعود يكون {فريق إلى الجنة وفريق إلى النار والسعير }، إذن تبين وجود المائز بين قوس النزول وبين قوس الصعود، قال : [وربما لم تلائمها، فان هذه النشأة شاغلة حاجبة عما وراءها من النشئآت، فربما استقرت الملكات على ما هي عليه من الحجب الموجودة في الدنيا، وذلك بالإخلاد إلى الأرض ] {أثاقلتم إلى الأرض } (والغفلة عن الحق، وربما استقرت على غير هذا الوجه بالانصراف عن زخارف هذه النشأة والإعراض عن عرض هذا الأدنى، وقصر التعلق بها على ما تقتضيه ضرورة التعلق بالمادة) بالمقدار الذي يحتاج [فهذه النفس بعد الانقطاع عن المادة] المراد بعد الانقطاع، ليس عن الجسم مرارا قلنا لكم، أنه فرق فلسفي بين المادة وبين الجسم، المراد من المادة يعني الخروج من القوة إلى الفعل، أما الجسم، لا، عندنا جسم دنيوي، عندنا جسم برزخي، عندنا جسم أخروي، عندنا جسم عقلاني، عندنا جسم إلهي، وبعض من لا يعرف اصطلاحات ملة صدرا وأنا سمعت كلامهم بأنهم ينكرون على ملة صدرا بأنه يقول أن الله جسم، مع أنه يقول : من باب بسيط الحقيقة كل الأشياء، كل كمال موجود هنا موجود هناك، فعبر عنه بالجسم الإلهي، فتصوروا أنه يعتقد بماذا ؟ هذه تعابيرهم موجودة، قال [فهذه النفس بعد الانقطاع عن المادة تشرف] ليس فقط تشرف تطلع أيضاً (على الصور الملائمة لذاتها من عالم الأنوار المثالية والروحية) المثالية عالم المثال، والروحية عالم العقل [ وقد كانت ما يستأنس بها من قبل في الأيام الخالية ] في قوس النزول قد رأى ذلك، والآن يراهن أيضاً، افترضوا أنها هي هي، ولكن هل يوجد فرق بين قوس الصعود والنزول أم لا يوجد فرق ؟ نعم في قوس النزول لم تكن ناتجة عن عمل وكسب منه عن مفترق طرق، أما في قوس الصعود ما هي ؟ ناتجة عن كسب وعمل وافتراق طرق، عن تكليف عن مؤونة عن جهاد في سبيل الله، أما تلك التي رآها في قوس النزول لم تكن {جاهدوا فينا}، أما التي في قوس الصعود {جاهدوا فينا}، قال: (وقد كانت ما تستأنس بها من قبل في الأيام الخالية، فتطلع على روح وريحان وجنة نعيم، وتتضاعف صورها الكمالية ولذائذها الروحية، بالنسبة إلى مثال النزول والبدو) وسيأتي بيان تتضاعف [وكذا عالم التجرد التام بالضرورة من جهة  ازدياد معلوماتها في نشأة المثال]

    الفارق الآخر الذي يذكره السيد العلامة، وهو فارق أساسي لابُدّ أن يلتفت إليه يقول: يأتي الإنسان إلى هذه النشأة في قوس النزول وهو يملك كل المعلومات أو يملك الرأس مال الأصلي للمعلومات ؟ لا يملك كل المعلومات {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} في هذه النشأة، ومعلوماته في قوس الصعود كم تصبح؟ أحسنتم ولذا في قوس النزول معلوماته محدودة {فطرة الله التي فطر الناس عليها} هذا المقدار ليس أكثر من ذلك، وما زاد عن ذلك أما في طور الكمون والبطون وإما لعله غير موجود أصلا، ولكنه في قوس الصعود، هذا الذي كان كمونا يكون ظاهرا، يتمثل له بصور بمراتب وجودية، ويزداد عمقا كما وكيفا، إذن لابُدّ أن ينزل إلى هنا ثم يصعد أم لا ؟ الإنسان الكامل لابُدّ أن ينزل ويصعد أم لا ؟ لابُدّ وإلاّ عندما يصعد لا توجد عنده، ليس قيمة الإنسان الكامل في قوس النزول، بل قيمته في قوس الصعود، نعم لماذا جعله في قوس النزول أولاً ؟ لماذا لم يجعلني أنا أولا ؟ لأنه علم منه في قوس الصعود أنه يريد أن يكون أولا، فجعله في قوس النزول أولا، وإلاّ لو علم من مليون إنسان أن يكون نبيا، يعني درجة النبوة، وليس المقصود النبوة كمقام كمرتبة وجودية، الله سبحانه وتعالى أعطاه، ولكن ما علم ذلك إلاّ من هؤلاء الأنبياء والأوصياء والأولياء وأعطاهم، إذن لو سألنا سائل: أنه في الأول من قال بلا، كيف كان؟ الجواب : لا، لما علمه منه أنه في قوس الصعود ماذا يريد، ففي قوس النزول رتب العالم على جعل الحقيقة المحمدية أول صادر، وإلاّ هل توجد صداقة بينه وبين محمد ’ ولا توجد بينه وبين علي × ؟ لا والله بالمعنى المذموم لا توجد صادقة، بالمعنى المحمود لها فهو يحب علياً × كما يحب رسول الله ’، فلماذا هذا صار صادر أول وهذا ثاني ؟ لما علمه منه في قوس الصعود .

    قال: (وكذا عالم التجرد التام بالضرورة، من جهة ازدياد معلوماتها في نشأة المادة) المعرفة هنا، هذا الذي قرأتموه معنا في الأسفار الجزء التاسع، ماذا قلنا هناك؟ بذر المشاهدة، أنت وحضك، كم تريد أنت؟ >أربعة لا يشبعون من أربعة: … وعالم من علم< لماذا إذا عرف أن قيمة العلم ما هي واقعا لا يشبع من العلم، قال : [ فتشاهد أنوارا وأسرارا وملائكة مثالية وأرواحا صورية برزخية، وجميع أنواع لذائذها التي شاهدتها في الدنيا (يعني كانت موجودة في الدنيا (وهي متعلقة بالمادة في نشأتها) في نشأة المادة (من مطعوم ومشروب وملبوس ومنكوح ومسموع ومبصر وغيرها يشاهدها هناك على أهنا ما يكون، كل ذلك على طريق تمثيل ما فوقها في ظرفها، على نسق ما في مراتب النزول) نفس الترتيب بنفس النظام، ولكن مع هذا الفارق، وهو أنه ما تجده في البرزخ وما تجده في الحشر الأكبر  وما تجده في {مقعد صدق عند مليك مقتدر} بعد ليس معها ألم وتزاحم وظنك ووو وتكلفة، قال: (وهذا ليس معه الم مادي ولا وهمي) هنا الإنسان بعض الأحيان قد لا توجد عنده مشكلة مادية ولكنه يعتصر قلبا نفسا ألما قال: [ولا يمسها نصب ولا لغوب، وهذا كله حين كونها في عالم المثال ] بعده في البرزخ [أما وإذا كانت ملكاتها غير حاجبة عن الكليات ] المراد أي كليات هنا؟ الكلي العرفاني، يعني الأوسع وجودا (أشرفت أحيانا على أنوار عالم التجرد) كيف هنا؟ نضرب لكم مثال حتى لا تشت الأذهان، هنا هل يمكن لكل احد أن يطلع على عالم المثال أم النادر النادر؟ في عالم البرزخ أيضاً كذلك، أنت تذهب إلى عالم العقول والحشر الأكبر تقول هذا من أولياء الله، مثل أنت هنا تقول أن بعض الأولياء انكشفت لهم بعض الحقائق، موجودة في البرزخ موجودة، هذه المقامات محفوظة لا يتبادر إلى الذهن أنه سوف نذهب إلى البرزخ وكلنا سوف نكون في درجة واحدة فنكون مع بعض، لا أبداً، الأمر ليس كذلك (كلام لأحد الحاضرين).

    بلي، أحسنتم ليس، جزاكم الله خيرا، ذاك حتى دكاكين ما فيها، ولكن هناك المقامات محفوظة، كل بحسبه، أنت إذا تريد أن تذهب إلى الحج يقولون لك يوجد حج درجة أولى وحج درج ثانية وحج درجة ثالثة، وعندما تذهب هناك تجد أما الفندق أبو خمس نجوم لو أبو أربع نجوم، لو يبعثك في ضريبة (زريبة)، الله تعالى اعد عالم البرزخ انظر أنت ماذا أعددت لنفسك؟ قد تمر في عالم البرزخ من بعض الأحياء، يقولون لك أن هذا الحي كله مغلق، لمن؟ يقال لك لفلان، فلا يستطيع شخص أن يقترب منه، تقول فقط انظر إليه، يقال لك: لا، هو لابُدّ يأذن بالدخول، وهكذا أيضاً يوجد في الدنيا، توجد مناطق محصنة لا يستطيع شخص الدخول إليها إلاّ كذا، هذه الأمور الاعتبارية هناك أمور حقيقية واقعية، قائمة على أسس إلهية لا على أسس اعتبارية دنيوية مادية، أنت وحظك أخي، أعطيناك فرصة، واللطيف الفرصة من نوع خاص، والله الإنسان عندما يتأمل في هذا أنه أعطيناك على قدر نيتك، والله لا نريد منك عمل، لا تقول لو كان عندي؟ لا يلزم أن يكون عندك، إذا علمت منك صدق النية لو كان عندك لأعطيت أعطيتك ثوابا، وإلاّ هذه أنا مرارا ذكرتها، وإلاّ أمير المؤمنين × لو تجمع كل إنفاقاته كم دينار تكون؟ ألف دينار؟ خمسين ألف دينار؟ مليون دينار؟ لا يوجد مليون دينار، عشر ملايين دينار؟ تاجر واحد من كذا بلد يصرفك مليارات، ولكن القضية غير مرتبطة بالعدد، بل هي مرتبطة بإخلاص ذلك العبد ونية ذلك العبد، وهل تريد كرم أكثر من هذا؟ إذن لا تتعب نفسك عندي واجمع وافعل وابعث، أبداً، أخلص العمل، اذهب إلى هناك، قال: (أشرفت أحيانا على أنوار عالم التجرد ووجودها وهي في البهاء) هذا في عالم التجرد (والسناء والجمال والكمال، بحيث لا يقدر بقدر الصور، ولا يقاس بقياس المثال، ويتكرر هذا الأشراف) نحن إلى الآن مازلنا نمشي في أي مكان ؟ بحسب الاصطلاح العرفاني، انتقلنا في قوس الصعود من نشأة المادة إلى نشأة المثال، ثم يقول بعض هؤلاء الموجودين في الدنيا هو في الدنيا أشرف على المثال، وأشرف أيضاً على العقل، على العقول، نعم الآخرة بمراتبها العالية، ولذا قال ×: >لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا<، وما زلنا نتكلم في الحضرة الإمكانية، في عالم العين الامكاني، التفتوا إلى البحث كيف هو مرتب منظم، خالي عن الاصطلاح، قال: (ويتكرر هذا الأشراف حتى تتمكن النفس منه تمام التمكن وتأخذها مقاما) تمكن وحال وملكة وتمكن وتحقق إلى أن، فإذا صار مقاما قال: (فلترتقي درجة فتشرف حينئذٍ على نشأة الأسماء) انتقلت الآن من عالم العين من الحضرة الإمكانية إلى الحضرة العلمية إلى الحضرة الإلهية، قال: (فتشرف حينئذٍ على نشأة الأسماء) أول ما تشرف على نشأة الأسماء، أي مرتبة يعني؟ يعني مقام الواحدية، الأعيان الثابتة والأسماء، وأي اسم ؟ فإذا استطاع أن يكون مظهر الاسم رازق غافر عالم، وبعضهم يكون مظهر اسم الله، يعني مظهر الاسم الأعظم، إنما أنا قدمت لان هذا فيه مقدمة تدخل في بحثنا، لماذا صار الإنسان الكامل فص الخاتم؟ يبين هذه الحقيقة، قال : [فتشرف حينئذٍ على نشأة الأسماء وهي] أي نشأة الأسماء (عالم المحض من كل معنى، والبحت من كل بهاء وسناء، فتشاهد علما بحتا، وقدرة بحتة، وحياة بحتة، ومن الوجود والثبوت والبهاء والسناء والجمال والجلال والكمال والسعادة والعزة والسرور والحضور من كل منها البحتة المحضة الخالص) هناك يوجد شيء مخلوط شيء أم لا؟ يعني حتى غير مخلوط بقيود الإمكان، لأنه انتقل من الحضرة الإمكانية إلى الحضرة الوجوبية، قال: (حتى تلحق بالأسماء والصفات ثم) الآن بعد هذه الأنانية النفسية موجودة هو موجود ولكنه يشرف (ثم تندمج باندماجها بالذات المتعالية) هنا تصل إلى مقام الفناء، مقام الواحدية، ولكن مقام الواحدية لا يستطيع كل شخص عندما يصل إلى الواحدية يعني بالضرورة فناء، قال:(حتى تلحق ثم تغيب بغيبها وتفنى بفناء نفسها، تبقى ببقاء الله) لا بإبقاء الله كما بينا الفرق بينهما [سبحانه وتعالى عن كل نقص وان إلى ربك المنتهى وان إلى ربك الرجعى، هذا إذا كانت ملكاتها وهي في الدنيا ملائمة لعالم القدس وما فوق عالم القدس)، وأما إذا كانت ملائمة لثقل هذه النشأة، لا، بدل ما يصرف الأعمار في الإخلاص وفي التهذيب وفي التزكية وفي التعلم وفي التعليم وفي التربية، يذهب إلى {أثاقلتم إلى الأرض} أخلد إلى الأرض [وإذا كانت ملائمة لثقل هذه النشأة، غير ملائمة لعالم القدس فتنعكس، كلما تشاهده ألم عليها، تشاهد في البرزخ ويرون، ولكنه عليها ألم وضيق وليس راحة وروح وريحان، لأنه ذهب عنها الفرصة انتهت، ولكنه يبقى ينتظر لعل شخص يترحم عليه ولد صالح سنة حسنة، أنا اعبر عنهم من قبيل المسجونين الذين يفرحون عندما ينادونهم بأنهم عندهم مواجهة المسجون يعلم بهذه الحقيقة، خصوصا إذا كانت مغلقة وانفرادية وكل خبر لا يصل منقطع عن كل شيء فيقولون له عندك مواجهة، والبعض يقولون لهم بعثوا لك إمكانات تستطيع أن تطعم كل أهل سجنك، هناك يقول الإنسان خمس سنوات لم يسأل عني احد لا أبي ولا عائلتي ولا أولادي أبداً، وهذه المدة متصلة لم تخلص بخمس سنين ولا عشرين ولا خمس مائة سنة لعله ملايين السنين، البرزخ الآن قائم من آدم والى قيام الساعة، ومن هنا نفهم لماذا رسول الله’ عندما قيل له لم يرى ضاحكا لأنه كل هذه الأمور رآهن، ولكن نحن نتأثر بهذه الأمور خمسة دقائق صور تعرض علينا ثم نغفل عنها ونرجع إلى حالتنا الأولى ولهونا ولعبنا، قال: [فتنعكس، كلما تشاهده ألم عليها وعذاب، كلما أرادت أن تخرج من غم، بواسطة أصل ذاتها ] لأنه {فطرة الله التي فطر الناس عليها } تضمين لطيف (كلما أرادت أن تخرج من غم، بواسطة اصل ذاتها أعيدت فيها بواسطة ردائة ملكاتها وقيل لها ذواقي عذاب الحريق، وهذا ليس الأمر على ما تزعمه العامة ] الآن يريد أن يأخذ نتيجة، بعد هذه المقدمات التي قدمها، قول الآن تفهم جنة الأشقياء، وجنة الأتقياء، وجهنم الأشقياء ما هو معناها، تتصور حديقة يدخلون هؤلاء وفي حفرة يدخل هؤلاء، يا ليت حفرة هنا بالنتيجة حفرة ولكنه قال : [وهذا ليس الأمر على ما تزعمه العامة من أن جنة السعادة حديقة فقط] التفت جيدا هذه العبارة ما هو معناها، يعني أنا أومن هناك حديقة ولكن الجنة ليست فقط حديقة، التفت حتى لا يتهمه احد ويقول وأنت قائل بالجنة الروحانية المعنوية وجنة مادية لا توجد عندك، يقول لا، أنا أرفض أن يكون الاقتصار على الجنة المادية، وهذا الذي أكدنا عليه ألف مرة في شرح الأسفار الجزء التاسع، قلنا الحكماء لا ينكرون المعاد الجسماني والجنة الجسمانية، بل هم يقولون لا ينبغي الاقتصار على الجنة الجسمانية، التفتوا إلى العبارة.

    قال: (من أن جنة سعداء حديقة فقط، وان نار الأشقياء حفرة نار فقط، بل هي نشئآت تامة وسيعة أوسع من هذه النشأة بما لا يوصف، وقد ظهر مما قدمنا : أن بين البدء والعود فرقا من وجهين:

    أولاً: أن العود أوسع من البدء وجودا، لماذا لأنه لما اكتسبه في هذه النشأة من، من حيث اتساع النفس بمعلوماتها في نشأتها المادة .

    وثانيهما: أن الطريق متشعب في العود إلى طريقي السعادة والشقاء، ولكن في قوس النزول لم يكن كذلك، وهذا لا ينافي سبق شقاوة الأشقياء إلى آخره …..، واعلم أن هذه المعاني التي أشار إليها (بين ما هو ضروري وبين ما أقيم عليه البرهان في محله، ومما مر من البيان) واقعا، يقول اتضح لكم ارتباط الفقه بالدين، يقول الآن اتضح لكم وجه ارتباط الأعمال والمجاهدات الشرعية بما وعد الله وأوعد الله، يقول أنت اقرأ الفقه بهذه الطريقة بينك وبين الله بعد تستسهل ترك واجب فعل حرام ترك مستحب أو لا تستسهل، ولكنك ما عرفت فلسفة الفقه تقول هذه الأحكام الجامدة التي ما وهذه هو ….

     

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/05/17
    • مرات التنزيل : 2842

  • جديد المرئيات