نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية الإنسان الكامل (81)

  • أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه نستعين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

    قال : (قوله ولا وقفتْ مع ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة الذاتية ) نعم انتهينا إلى هنا (بيان سبب آخر لذلك، أعاد قوله ولا وقفتْ، وقوله من العبادة ) إلى آخره

    إذا تتذكرون كان الحديث في هذه المسالة : وهي أنه ما هو وجه، عبروا ما شأتم، ووجه اعتراض الملائكة، أو وجه سؤال الملائكة، أو وجه طعن الملائكة، الطعن في أنه لماذا جعل هذا الإنسان  خليفة الله سبحانه وتعالى، ولم تجعل الملائكة خلفاء له سبحانه وتعالى، بعبارة أخرى: البحث مرتبط بهذه النكتة، المرتبطة بالآية المباركة في سورة البقرة وهي قوله تعالى : {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } يعني بعبارة أخرى لماذا تجعل مثل هذا الموجود خليفة لك ؟ أنت تريد خليفة يسبح بحمدك ويقدس لك، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، بعبارة أخرى : نحن أحق بالخلافة منه، وإلاّ أنت مقدس أنت تحتاج إلى من يُسبحك، تحتاج إلى من يطيعك، تحتاج إلى من ينقاد لك، تحتاج من يسلم لك، وهذه كلها متوفرة في هذا الموجود الذي هو يفسد ويسفك الدماء، أو غير متوفرة ؟ غير متوفرة، إذن كل القضية مرتبط بهذه النقطة، بلغتنا ولساننا (انه ليش هذا يصير خليفة ومو احنه نصير خليفة ) كل المطلب في هذه النكتة .

    ولذا الشيخ أراد أن يبين السبب لذلك، لماذا هؤلاء طرحوا مثل هذا التساؤل ؟ وبتعبير جملة من المحشين استنكروا أو طعنوا أو عبروا ما شأتم، التعبير ليس مهم، المهم كله يتمحور حول هذا المطلب.

    في مقام الجواب على هذا ذكر الشيخ سببين :

    السبب الأول : يرتبط بان هؤلاء ما عرفوا الإنسان ، وإلاّ لو عرفوه اعترضوا أو لم يعترضوا ؟ لم يعترضوا، منشأ الاعتراض هو عدم المعرفة، وهذا الذي أشرنا إليه مفصلا ت يتذكر الإخوة قبل التعطيل قلنا والناس أعداء ما جهلوا، ولذا المتن العبارة الأولى ما هي ؟ قال : ( فان الملائكة لم تقف مع ما تعطيه نشأة هذا الخليفة ) إنهم لم يعرفوا هذا الخليفة، هذا هو السبب الأول للاعتراض، فانه لو عرفوا أن هذا الخليفة أيضاً له من مقامات التقديس والتنزيه والتسبيح ما لا يوجد عند الملائكة، لما اعترضوا هذا الاعتراض، وهذا بحثه إن شاء الله بعد ذلك سيأتي، لإنه بعد ذلك يقول : ( وليس للملائكة جمعية آدم، ولا وقفتْ مع الاسماء الإلهية التي تخصها ) بحثه سيأتي مفصلا في الصفحة اللاحقة، هذا  هو السبب الأول.

    السبب الثاني : هو هذا قوله ( ولا وقفتْ مع ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة الذاتية) ولذا تعبيره بيان سبب آخر، يعني بيان السبب الثاني لاعتراض الملائكة، ولسؤال الملائكة ولطعن الملائكة .

    ولكن  إخواني الاعزاء قبل أن ندخل في بيان هذه التفصيلات الواردة في المتن، أنا بودي أن نشير إلى مجموعة من القواعد العامة، تنفعنا في المقام وفي مقامات أخرى أيضاً :

    (احد الحاضرين) : …

    ج/ لالالا، البحث لماذا جعلت هذا الإنسان  الذي توجد فيه هذه الخصوصيات : أنه يسفك الدماء ويفسد في الأرض، بعبارة أخرى : ليس فيه الخصوصيات التي توجد فينا، يعني {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}هذه ليست موجودة في الإنسان ، الإنسان  هذه خصوصياته، المهم إن وجه الاعتراض كان عدم المعرفة بهذا الإنسان ، هذا السبب الأول، السبب الثاني مرتبط بأنفسهم وسيأتي .

    قبل الدخول كما أشرت توجد مجموعة من القواعد :

    القاعدة الأولى :

    التي لابُدّ أن يلتفت إليها، وهي : أن عبادة كل موجود إنما هي على قدر معرفة ذلك الموجود، بأي معنى أخذت العبادة، التسليم العبودية الإنقياد الطاعة، سمي، عرّف العبادة كما تشاء، ولكن درجة العبادة وحقيقة العبودية لله إنما تتعين من خلال درجة المعرفة بالله سبحانه وتعالى، ولذا تجدون أنه أساساً البعض ووردت رواية عن الإمام السجاد × : {وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون}، وردت راية في ذيلها >إلا ليعرفون< وذكر جملة من الأعلام، باعتبار أن المعرفة هي مقدمة على العبادة، ما لم يعرف الإنسان  كيف يعبد، هذه هي القاعدة الأولى، إذن العبادة على قدر المعرفة، وهذا بحثه سيأتي أيضاً، من المصنف والشارح، فانه في أول صفحة (255) يقول : (فإنه ما يعرف أحد من الحق إلاّ ما تعطيه ذاته ) الآن هذه المعرفة ما هو منشأها، بحثها سيأتي .

    القاعدة الثانية :

    التي هي من القواعد الأساسية،  إخواني الأعزاء التفتوا جيدا، وهي : أن تنزه الحق وتسبيح الحق على قدر المعرفة، أنت عندما تأتي لتنزه الحق، تنزهه عن ماذا ؟ التنزيه يكون عن النقائص والاعدام، إذن عندما تريد أن تسبح الحق تريد أن تنزه الحق، تنزهه عن ماذا ؟ عما هو نقص، أما عما هو كمال تنزهه أم تثبته له ؟ تثبته له، الآن إذا أنت تعتبر هذا العلم الذي عندي وعندك كمال، هذا تثبته للحق أو تنزهه عنه ؟ إذا فرضنا أن الكمال الذي عندنا، يعني كمال العلم، الآن أنا اسمي نفسي عالم، أنت تسمي نفسك عالم، تسمى خاتمة العلماء والمجتهدين، هذا العلم تعتبره كمال أم نقص ؟ إذا فرض أنه كمال تنسبه إلى الحق أو تنزه الحق عنه ؟ أما إذا جئنا وأثبتنا أن ما هو كمال لنا هو كمال له، أو لا ملازمة ؟ لا ملازمة، إذن ليس فقط تنزه الحق عن النواقص بل تنزهه عن الكمالات التي عندنا، التفتوا لي جيدا، إذن التنزيه على قدر المعرفة أيضاً بقدر ما أنت عندك معرفة بالله أيضاً تنزه الله سبحانه وتعالى .

    الآن انظر ماذا يقول الإمام الحسين × على فرض صدور هذه الرواية وإن كانت لم تصدر فمعناها تام : >أنا الفقير في غناي < إذن غنانا فقر، إذن ينسب هذا الغنى إلى الله أم لا ينسب ؟ لا ينسب، >أنا الفقير في غناي< إذن هذا الغنى بيني وبينك، يكون غنى وفقر، أما بالنسبة إلى الله هذا فقر، إذن ينسب إليه أم ينزه عنه؟ ينزه عنه، >إذا كانت محاسننا مساوئ، فكيف لا تكون مساوينا مساوئ< فهذه المحاسن لا تنسب إليه ولا يتصف بها، ومن هنا أنه قد أنا وأنت، ولذا تجد القران الكريم عندما وصل إلى هذا الأصل قال : {سبحان الله عما يصفون}، هؤلاء الذين يصفون الله، الله منزه عما يصفون، نعم استثنى منه المخلصون، هؤلاء الذين يستطيعون، لإن هؤلاء الذين عرفوا الله بقدر يمكنهم أن يصفوا الله سبحانه وتعالى، إذن تنزيه الحق ماذا يكون ؟ على قدر المعرفة، بعد ذلك سيتضح إن شاء الله {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } الله كان يريد هذا التسبيح والتحميد ؟ أو كان يريد فوقه درجات ؟ تبين في الإنسان  الكامل توجد درجات من التسبيح والتحميد غير موجودة عند الملائكة، وهذا منشئه إنهم لم يعرفوا قدر هذا الإنسان ، لم يعرفوا أن هذه الإنسان  ما هي الاسماء التي هو مظهر لها، تصوروا هذا الإنسان  موجود مثل هذه الموجودات الأخرى، كما إنهم مظاهر لهذه الاسماء، هذا الموجود مظهر لهذه الاسماء، أليس كذلك كما سيظهر .

    القاعدة الثالثة :

    بحوث في طهارة الإنسان من القواعد الأخرى التي لابُدّ أن يلتفت إليها الإخوة الأعزاء  أيضا، وهي أنه أساساً الإنسان لا يستطيع أن يصبر على ما لم يحط به علما، وهذه قاعدة أساسية أشار إليها القران الكريم، وينبغي أن يلتفت إليها دائما، في سورة الكهف، {فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما * قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا } ماذا جاء الجواب مباشرة {قال إنك لن تستطيع معي صبرا} ثم بين الكبرى ذلك العبد الصالح قال  { وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} إذن القاعدة العامة ما هي ؟ أن الإنسان لا يستطيع أن يصبر على ما لم يحط به خبرا، إلاّ إذا وصل إلى مقام التسليم الكامل، وهذا عبد من عباد الله، نبي من أنبياء الله، من الأنبياء أولوا العزم، ومباشرة قال : { قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا} الآن التفت أن العبد الصالح بدا بإعطائه قواعد السلوك، أن صح التعبير، { قال فإن اتبعتني فلا تسألني}، إذن من أهم قواعد السلوك إذا صار العبد في قواعد السلوك وعنده من يرشده الطريق، عندما يبين لابُدّ أن يكون عنده تسليم مطلق، وإلاّ توجد مشكلة في الصغرى، يعني أنت ما افترضته إمام ليس بإمام، أنت إذا افترضته إمام، وقبلت أنه إمام، فلا تسألن عن شيء أبداً، {فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا} الآن إذا كانت توجد مصلحة في آخر المطاف أنا أبين لك سرّ ما فعلتُ ولماذا فعلت، والآية كما تعلمون { قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا أمرا} قبلها بقليل قال ستجدني صابرا { قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا}.

    أنا قلت لك أنت لا تستطيع ولكنك قلت أستطيع وأنا مرافقك في الطريق، مرة ومرتين وثلاثة، بعد أكثر من هذا لم يصبر معه، وإلاّ لو كان قد صبر مع ذلك العبد الصالح لانكشفت أسراراً كثيرة لموسى ×، ولكنه لم يصبر، على أي الأحوال، وأنا هنا ذاكر الرواية الواردة وذاكر كلمات الأعلام بأنه هنا : كيف يمكن أن يكون نبي من أنبياء ألولوا العزم ولا يستطيع أن يصبر أشرنا مرارا وتكرارا، بأنه نحن لم يثبت عندنا، أنا أتكلم عن رأيي الشخصي، لم يثبت عندنا أن الذي تحمل كل علوم الظاهر والباطن إلاّ النبي ’ وأهل البيت ^، أما غيرهم فهذا لم يثبت عندنا إلاّ بقدر ما تشير إليه الأدلة، وهذه غير مسالة العصمة إخواني الأعزاء، مسالة العصمة شيء، وإلاّ كل الأنبياء معصومون بدرجة من درجات العصمة، لاننا أيضاً قائلون في مسالة العصمة بالتشكيك، وغير قائلون أن العصمة درجة متواطية، وأمر متواطئ، المهم أن لم يثبت أنه جمع علم الظاهر والباطن إلاّ النبي ’ وورثته، وهم الأئمة ^، الآلوسي بشكل واضح يشير : أنه كيف يعقل بأنه هذا، يقول الآلوسي: أن موسى كان مأموراً بالظاهر والعبد الصالح كان مأموراً بالباطن، ولم يثبت عندنا بأن موسى جامع بين الظاهر والباطن، وجدت أن ..

    (احد الحاضرين) : …

    ج/ لالالا أبداً، لا ينافي إمامته بحسب مسؤوليته، إذا كانت مسؤوليته في الظاهر والباطن نعم، ولم يثبت هذا أول، أنا، لا، أقول لم يثبت أن موسى كان إمام الظاهر والباطن، أنت ثبت هذا ثم قل، قل بأي برهان تقول أن موسى كان إمام الباطن والظاهر، بصريح القران يبين لنا أنه لم يكن إمام الباطن {على أن تعلمني مما علمت رشدا} لا أقل في هذه الموارد هو مأموم هنا، بصريح القران الكريم، أقول أنتم لا تسحبون حكم النبي وأهل البيت ^ إلى جميع الأنبياء ^، هذه لا اعلم كيف اعبر عنها ؟ من الأخطاء الشائعة، أو من الموارد المغفول عنها في علم الكلام، عندنا أن الأنبياء ^ أخذوا بحكم واحد، سواء على مستوى العصمة، سواء على مستوى الإمامة، سواء على مستوى التشريع، سواء على مستوى العلم، مع أنه لم يثبت هذا، لابُدّ أن ينظر إلى كل نبي، إلى كل وصي، إلى كل وارث، إلى كل ولي، ينظر بحسب الأدلة الموجودة بأيدينا، وأنت عندما ترجع إلى الروايات صريحة في هذا المعنى الروايات التي تكلمت : أن فلان نبي عنده حرفين، وفلان نبي عنده ثمانية حروف، وفلان نبي عنده خمسة وعشرين حرفا، وفلان نبي عنده أربعين حرف، وفلان نبي عنده اثنان وسبعون حرفا، وهذا واضح، هذه حروف الاسم الأعظم، هذه مظاهر الاسم الأعظم، ونحن نبين إن درجات العلم مختلفة في الأنبياء .

    وإذا كانت كذلك فبطبيعة الحال تأتي القواعد السابقة، أن العبادة على قدر المعرفة، أن التنزيه على قدر المعرفة، أنه ما لا يستطيع صبرا على ما لا يحط به خبرا، هذه القواعد أحفظوها.

    القاعدة الرابعة :

    ومن القواعد التي بعدها ندخل إلى البحث، وهذه القواعد تكون بأيدينا، إخواني الأعزاء، أنا ليس لي برهان عقلي، ولكنه بحسب الاستقراء هذا، ما من اعتراض إنما جاء به احد، إلاّ وأراد ذلك المنصب لنفسه، يعني الآن هم يعترضون على أنه : لماذا آدم يصير خليفة ؟ يعني نحن، وأنتم انظروا التاريخ، ؤلئك الذين اعترضوا على الأنبياء، ادعوا مقام النبوة، اعترصوا على الائمة، ادعوا مقام الإمامة، نفس الكلام، الآن صريح الآية المباركة تقول كما قرأناها : {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} وإلاّ ما معنى هذه الجملة ؟ اعترضوا وانتهت القضية، هذه الجملة ما هو موقعها في الكلام؟ موقعها إذا كان فقط بيان الاعتراض، كان ينبغي أن يقولوا {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} أنت لماذا تجعل هذا خليفة، ولكنهم تمموا هذا، لا تجعل هذا خليفة والأحق بالخلافة من هو ؟ نحن، ولكن بأي لسان ؟ بلسان بيان العلة، وهو أنت تريد مسبح، {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}، هذه أيضاً قاعدة أخرى التفتوا لها .

    القاعدة الخامسة :

    قاعدة أخرى اجعلوها في ذهنكم التي يذكره الشيخنا، يقول : بأنه ما تهم أحد أحداً إلاّ وابتلي بما اتهمه به، أنت تتهم الأخر هكذا وهكذا وهكذا، انظر في أي مقطع من حياتك الله يبتليك بنفس ما اتهمت به الآخرين، يعني تقع في نفس ما وقع فيه الآخرين، هنا سيبين، يقول بأنه هؤلاء اتهموا هذا الخليفة : بأنه يسفك الدماء ويفسد فيها ووو، وهم أيضاً ابتلوا، أي الملائكة، ما هو الابتلاء ؟ يقولون ابتلاء كل بحسبه، ابتلاؤهم أن مقامهم، الله يخبرهم {إني جاعل في الأرض خليفة } جاعل هذا الإنسان  خليفة، مقتضى الإنقياد والطاعة والتسليم له أن يقولوا سمعا وطاعة، وليس لهم أن يعترضون، إذن انظروا، إنهم يعترضون على الإنسان  أنه لا يطيع، فانكم أيضاً وقعتم في عدم الطاعة، ولا تتوقع أنه يسفك الدماء، لالالا، باعتبار أن الإنسان  موجود أرضي، فمخالفته وعدم إنقياده يكون بحسب تزاحم عالم المادة، أما هم عدم إنقيادهم يكون بهذا الطريق، ولذا عبارته بعد ذلك، الشيخ هذه عبارته عندما يأتي في صفحة (257) يقول : (وليس إلاّ النزاع، وهو عين ما وقع منهم، فما قالوه في حق آدم هو عين ما هم فيه من مع الحق ) يعني هذا الإنسان  سوف ينازع الله لا ينقاد، أيضاً أنتم لم تنقادوا، الله يخبر إني جاعل هذا الإنسان  خليفة، وأنت مقتضى {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } ما هو ؟ الإنقياد والطاعة والتسليم، ولكنهم لم يفعلوا، هذه القاعدة.

    إذن هنا توجد خمسة قواعد أشرنا إليها، التي واقعا ستنفعنا هنا وفي موضع آخر، وتنفعنا في حياتنا الشخصية واقعا، التفتوا جيدا، حتى الإنسان  إذا نزه الله تعالى عن شيء، أو أثبت لله تعالى شيئا، أو عبد الله بدرجة، مباشرة لا يستهزئ بعبادة الآخرين بعلم الآخرين، لالالا أبداً، هذا قدر ما أوتيت، ذلك مبلغي من العلم، سواء في العبادة في المعرفة في التنزيه في في في إلى غير ذلك، نعم إلاّ إذا قام عندك برهان قطعي عند ذلك يكون تكليف آخر لابُدّ أن تقوم به، وإلاّ إذا لم يقم، لا اقل ذلك مبلغنا من العلم.

    (احد الحاضرين) : …..

    ج/ نعم أقول أنا، ولهذا ما دخلت الآن، > من دق باب غيره دق بابه < أنت عندما تتهم الآخرين خلص، >من دق باب غيره دق بابه<، هذه قاعدة ذكرها أهل البيت ^، ولا يخفى أنه من دق باب غيره بغير حق، بغير علم، وإلاّ إذا كان بمقتضى تكليفه الشرعي ذاك له حساب آخر، أما إذا كان بغير حق، وهذه أثار وضعية، وليس أن الله جاس ينظر إليك ليرى ماذا تفعل حتى هو يفعل بك، أبداً أبداً، هذه قواعد في نظام التكوين، يعني هذه سنن إلهية، شأت أم أبيت، يعني من قبيل أن النار ترق وان الماء يرفع العطش، ونحن نتصور هذه القواعد والسنن الإلهية فقط في الأمور المادية التي نراها، لا ليس الأمر كذلك، في كثير من القضايا المعنوية، في كثير مما نتلفظ به، في كثير مما ننوي، هذه توجد فيها أنظمة في عالم الوجود، ونحن لا نلتفت فنجد هذا يترتب وهذا يترتب، هذه آثار وضعية لا علاقة لها، وإلاّ أنا باعتقادي الشخصي أن حركة الإمام الحسين × يوم العاشر من محرم هذه كانت لبيان نظام وسنة الله سبحانه وتعالى في الحق والباطل، هذه غير مرتبطة بأن يطبقها الإمام الحسين × أو يطبقها غاندي، هذا نظام عام وسنة إلهية، من عمل بهذه السنة ينتصر أو لا؟ ينتصر.

    ولذا أنتم تجدون بان الذي عمل على نهج الإمام الحسين × انتصر كل بحسبه، انتصر بما يريد، هذا منطق، الإمام × أراد أن يبين منطقا للحياة، منطقا للانتصار، ولذا أنت تجد المسلم يستفيد من هذا المنطق وغير المسلم أيضاً يستفيد من هذا المنطق، شيعي يستفيد من هذا المنطق، وغيره أيضاً يستفيد منه، مؤمن بدين أيضاً يستفيد من هذا المنطق ومن لم يؤمن بدين أيضاً يستفيد من هذا المنطق، يعني منطق انتصار الحق بحسبه على الباطل إنما يمر مما أوجد الإمام الحسين ×، هذا سنة إلهية، الإمام الحسين × في كربلاء أسس لسنة إلهية، بيّن منطقا إلهيا في الحياة الاجتماعية، يعني أنت إذا تريد الانتصار في الحياة الاجتماعية طريقه يمر من هذا الخط، ليس له بديل، اطمأنوا إخواني أفعالنا أعمالنا نياتنا تصوراتنا اعتقاداتنا هذه سنن إلهية موجودة فيها، بعضها نلتفت إليها وبعضها لا نلتفت، ولكنها هي تعمل عملها وتؤثر أثرها، كما أنت تشرب الماء ترفع العطش، حتى لو كان عندك ألف دليل ودليل تقول أن الماء لا يرفع العطش فالماء يرفع العطش، تقول له ارتفع العطش بالماء يقول لا يوجد عندي دليل على أن الماء يرفع العطش، لا يرفع الطش مع أنه سيرفع العطش، أنت عندما تعتقد تنوي تفعل تقول، أثره الوضعي سيترتب شأت أم أبيت .

    الان تعالوا معنا إلى بيان هذه المجموعة من القواعد ونقرأ قليلا من المتن إذا أسعفنا الوقت، قال (قوله ولا وقفتْ) هذه العبارة لو كانت بقلم غامض لكان أفضل، ولا إشكال في ذلك لإنه هو تكرار للعبارة السابقة (قوله ولا وقفتْ) إذا تتذكرون قلنا المراد من وقفتْ يعني لم تقنع، بينا أن الوقوف له معاني، يعني لم تثبت، الواقف يعني لم تقنع بالذي هي عنده، قال (قوله ولا وقفتْ مع ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة الذاتية ) الآن يذكر معنيين لهذه الجملة الآن في التطبيق نبينها لا يحتاج حتى تأخذ من وقتنا، قال (بيان سبب آخر ) سبب آخر لأي شيء؟ للاعتراض :

    أولا: أنه ما وقفتْ على ما تعطيه نشأة هذا الخليفة .

    لثاني : أنه ما وقفتْ مع ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة الذاتية .

    (بيان سبب آخر لذلك أعاد قوله ولا وقفتْ ) الآن بيان العبارة فقط ( وقوله من العبادة بيان ما ولا وقفتْ مع ما تقتضيه من العبادة ) إذن هذه ما الموصولة، لماّ كانت ما الموصولة مبهمة إذن تحتاج إلى بيان، إذن من العبادة هو بيان ما الموصولة المبهمة، (وصلة تقتضيه محذوفة تقديرها ) أي تقدير تلك الصلة المحذوفة (وتقديرها مع ما تقتضيه حضرة الحق وتطلبه حضرة الحق منهم ) أي من الملائكة ( من العبادة ) يعني مقتضى العبادة من هؤلاء كان هو الإنقياد لا الاعتراض {لا يعصون الله ما أمرهم } أن ينقادوا، ولكنهم لم ينقادوا بل اعترضوا، قال: (ومعناه إنهم) بيان الجملة التي تشير إلى معنيين (ومعناه إنهم ) أي الملائكة الذين اعترضوا، لإنه بعد ذلك سيأتي بحث، وهو أن كل الملائكة اعترضوا ؟ أو طبقة معينة منهم اعترضوا ؟ هو يعتقد ليس كل الملائكة اعترضوا، الملائكة الذين كانوا مسؤولين عن تدبير الأرض اعترضوا، لإنه بعد ذلك في صفحة (258) السطر الثالث قال : (بل ملائكة الأرض والجن والشياطين ) هؤلاء الذين اعترضوا ليس مطلقا، ويذكر شاهد على ذلك يقول ( والشاهد {إني جاعل في الأرض } بتخصيص الأرض بالذكر، إيماء أيضاً بأن ملائكة الأرض هم الطاعنون، إذ الطعن لا يصدر إلاّ ممن هو في معرض ذك المنصب) أي منصب ؟ أنه نحن نصير خلفاء، لماذا هذا الموجود الأرضي يكون خليفة، الآن هذا بحثه يأتي إن شاء الله، ونرى هناك هل الحق مع الشارح في أنه خصص الطعن بهذا أو بقرينة {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} أنه لا لم يكن الخطاب لطبقة خاصة من الملائكة، بل هو خطاب عام لجميع الملائكة، بحثه سيأتي .

    قال ( ومعناه إنهم ما وقفوا مع ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة ) وما هي العبادة التي تقتضيها حضرة الحق من ملائكة ؟ فقال : ( من العبادة التي تقتضيها ذواتهم ) ذوات هذه الملائكة (أن يعبدوا الحق بحسب الاسماء) أي الاسماء؟ الألف واللام هنا للعهد، أي الاسماء هذه ؟ هذه الاسماء التي صار هؤلاء الملائكة مظاهر لتلك الاسماء (التي صارت ) يعني هؤلاء الملائكة (مظاهر لها ) أي لتلك الاسماء، وماذا كان يقتضي هذه العبادة لهذه الاسماء وهذه المظهرية لهذه الاسماء المخصوصة ؟ كان يقضي منهم الإنقياد والطاعة، لأمره سبحانه وتعالى، يعني كان ينبغي أن يقولوا له : سمعا وطاعة، ولكنهم لم يفعلوا، إذن ما وقفتْ، يعني ما قنعت بهذا الموقف وكان ينبغي لها أن تنقاد، أما هذا معنى قوله ما وقفتْ ( أو العبادة التي تقتضيها الذات الإلهية أن يعبد بها ) لا، يقول مراد ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة الذاتية يعني حق العبادة، هؤلاء هل كانوا يستطيعون عبادة الله تعالى حق عبادته أم لا ؟

    الجواب : كلا، لإن هؤلاء ليسوا مظاهر الاسم الأعظم، وإنما هم مظاهر الاسماء الجزئية، وحيث أن العبادة على قدر المعرفة، إذن هؤلاء يستطيعون أن يعبد الله كما هو حقه أم لا يستطيعون ؟ إذن هذا معنى آخر لهذه الجملة، قال ( أو العبادة ) يعني ما تقتضي حضرة الحق من العبادة المرتبطة بمقام الذات، (أو العبادة التي تقتضيها الذات الإلهية أي يعبد بها ) وهؤلاء ليس لهم القدرة، يقول بأي قرينة تقول هذا المعنى الثاني ؟ يقول لإن قال حضرة الحق، والحق اسم من أسماء الذات، لأننا قلنا هو أو الحق، الوجود أو الحق، يقول ( وحضرة الحق هي حضرة الذات، إذ الحق اسم من أسماء الذات ) إذا تتذكرون في أول فصلٍ كان عنوان البحث (في الوجود وانه هو الحق) تتذكرون، يقول هنا عندما عبر ( بما تقتضيه حضرة الحق ) يعني ما تقتضيه حضرة الذات، هؤلاء لا يستطيعون أن يعبدوا هذه العبادة ،ى لماذا لا يستطيعون أن يعبدوا هذه العبادة ؟ أحسنتم هذا إناؤه الوجودي هذا المقدار.

    فإذا جاءت الجملة اللاحقة قال : (فانه ما يعرف أحد من الحق إلاّ ما تعطيه ذاته وما يعطيه استعداده ) هذا الاستعداد هكذا، وهو لا يستطيع أن يعبد أكثر من ذلك، وإذا كان لا يستطيع أن يعبد أكثر من ذلك الله يريد أن يعبد بتمام الاسماء، فلابُدّ أن يوجد عنده خليفة يعبده بتمام الاسماء، إذن فما هو وجه الاعتراض، أنتم صحيح تعبدون الله، ولكن تعبدونه بحسب معرفتكم وبحسب استعدادكم الوجودي، واستعدادكم الوجودي هو مظهر للاسماء الجزئية، ولكن أراد الله أن يعبده موجود يكون اسعداده الوجودي مظهرا للاسم الأعظم، يعني للحق تعالى، قال: ( فانه ) وهذه الجملة تؤيد المعنى الثاني الذي أشار إليه، لا المعنى الأول (فانه ما يعرف أحد من الحق إلاّ ما تعطيه ذاته ) هذا التعليل ينسجم مع المعنى الثاني الذي أشار إليه لا المعنى الأول، ليس المعنى أنه تقتضيه ذاوتهم أن يعبدوا الله بالانقياد والطاعة، ذاك المعنى الأول.

    المعنى الثاني : أو العبادة التي تقتضيها الذات الإلهية (فانه ) هذا ينسجم مع المعنى الثاني الذي أشار إليه  قال (فانه ما يعرف أحد من الحق إلا) بقدر استعداده الذاتي، {انزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها} ولعل النملة أيضاً تعتقد لربها زبانية، إناؤها الوجودي بهذا القدر تعرف، وليس المطلوب منها أكثر من ذلك، ولكن نعم المطلوب منها هذا لا تنفي ما غيره، تقول هذا هو تكليفي خلص، أما تنفي الغير أم لا ؟ لا تنفي الغير، هذا الذي نحن عادة نقع فيه وهو إنا إذا وصلنا إلى درجة من العلم أو درجة من العبادة أو درجة من المعرفة، مباشرة نسفّه ما وراء ذلك، مباشرة إذا مع الأدب يقول عقلي لا يتحمل ذلك، وإذا من دون أدب يقول : ما هذا الخلط، هذا سببه أن هذا ما يلتفت إلى أن درجات المعرفة متعددة لا نهاية لها، لا تقف عند حد، قال : >حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، قال : يابن رسول الله إذن من يحتمله ؟ قال نحن < هذه لنا، والروايات صريحة في هذا المعنى، الوقت الآن لا يسعنا أن نشير إليها، ولكن هذه الروايات الحق والإنصاف صراحتها فوق ما يتصور الإنسان .

    في هذا المجال، انظروا إلى هذه الرواية القيمة الواردة عن الإمام الصادقة × قال : > يا أبا محمد إن عندنا والله سرا من سر الله، وعلما من علم الله، والله ما يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، والله ما كلف الله أحداً غيرنا، ولا استعبد به أحداً غيرنا < أصلا معرفته وعبادته خاص بهؤلاء، حصرا حصرية هذه، هذا لا أنبياء لا أولي العزم، في صفحة (413) من كتاب علم الإمام، أنا ذكرت هذه الرواية، نعم >وإنا عندنا علما من علم الله وسرا من سر الله أمرنا الله بتبليغه، فبلغنا عن الله عز وجل ما أمرنا بتبليغه، فلم نجد له موضعا ولا أهلا ولا حمالة يحتملونه، حتى خلق الله لذلك أقواما خلقوا من طينةٍ خلق منها محمد وآل محمد ’، من نور خلق منه محمد وذريته، وصنعهم بفضل صنع رحمته، التي صنع منها محمداً وذريته، فبلغنا عن الله ما أمرنا فقبلوه واحتملوا ذلك < من هم ؟ شيعتهم، هؤلاء الذين خلقوا من فاضل طينتنا، وإلاّ الرواية تقول : >فبلغهم فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا، فلولا إنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك ، لا والله ما احتملوه أبداً < وأنت تجد الآن واضح إمامك هذه مآت الملايين من المسلمين، أنت عندما تصل إلى أدنى درجات العصمة لا يحتمله في أهل البيت، إمامكم، بل مع الأسف الشديد هذه الظاهرة بدأت تنتقل إلينا فيقولون لكم : أنتم من أين جئتم بهذا الكلام، هذه علماء القرن الثالث و الرابع اصطنعوها، نعم علماء صالحون أتقياء أبرار، نعم هذا كله صحيح، أما هذا من أين جئتم به هم لم يقولوا في انفسهم ذلك، والله لو يقرأوا واحدة أو اثنين من هذه الروايات.

    ثم قال : >إن الله خلق أقواما لجهنم والنار، فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم، واشمازوا من ذلك، ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به < هذه الروايات بتصوري من معاجزهم وكراماتهم ^، وهي من اخباراتهم بالغيب والتاريخ إمامكم، إذن التفتوا جيدا، قال : (انه ما يعرف أحد من الحق إلاّ ما تعطيه ذاته، تعليل لعدم الوقوف مع ما تقتضيه حضرة الحق من العبادة ،أي لم يعرف أحد من العباد شيء من أسماء الله وصفاته، إلاّ ما تعطي ذات ذلك العبد بحسب استعداده ) {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها}، ولا يعبد أحد إلاّ بمقدار معرفته، هذه القاعدة التي أسسنا لها، (ولا يعبد أحد إلاّ بمقدار معرفته وعلمه بالحق، لإن العبادة مسبوقة بمعرفة المعبود، من كونه ربا مالكا يستحق العبادة، وبمعرفة العبد بكونه مربوبا مملوكا يستحق العبودية، فمن لا يعطي اسعداد ذاته بالعلم والمعرفة بجميع الاسماء والصفات لا يمكنه أن يعبد الحق بجميع الاسماء والصفات) لا يمكنه أن يعبده بحسب الاسم الأعظم، لذلك لا يعبد الحق عبادة تامة إلاّ الإنسان  الكامل فهو العبد المطلق سبحان الذي اسرى بعبده، هو العبد المطلق.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/10/22
    • مرات التنزيل : 1997

  • جديد المرئيات