نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية الإنسان الكامل (102)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    (فاستدللنا بنا عليه، كاستدلالٍ من المؤثر إلى المؤثر أو على المؤثر ).

    الى هنا لا توجد عندنا مشكلة لا في المتن ولا في الشرح، وهو انه {سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق} وذكرنا انه اساسا اذا لم يكن في الافاق وفي الانفس أثر من المؤثر لما امكن الاستدلال من الاثر أو من خصوصيات الاثر للوصول إلى خصوصيات المؤثر، يعني لو كانت هناك بينونة تامة بين الاثر والمؤثر، فمعرفة خصوصية الاثر لا تكشف لنا عن خصوصية المؤثر.

    اذن لابد من وجود نحو من السنخية بين الاثر وبين المؤثر، وبيّنا معنى السنخية مرارا قلنا: السنخية اليس المراد منها المشابهة والتشابه، بل المراد من السنخية انه لابد في المؤثر خصوصية بها صارت سببا لصدور هذا الاثر دون ذاك الاثر، والا لو لم تكن هناك خصوصية لماذا صدر هذا الاثر ولم يصدر اثر آخر، ولماذا هذه الاثر صدر من هذا المؤثر ولم يصدر من مؤثر آخر ؟

    وهذا معنى السنخية بين العلة والمعلول اخواني الاعزاء، السنخية أنت تاتي وتقول ان النار علة الحرارة، يعني ماذا؟ وهناك أي العلة والمعلول بينهما سنخية، يعني بين الحرارة والنار توجد سنخية، ما معنى سنخية؟ ليست مشابهة، يعني لابد من وجود خصوصية في النار صارت سببا لصدور الحرارة، والا لو لم توجد خصوصية لماذا سببا لصدور الحرارة؟ فلتكن سببا لصدور البرودة؟ ثم لماذا ان الحرارة تصدر من النار ولا تصدر من الثلج؟ اذا لم تكن هناك ضرورة للخصوصية والسنخية، فلهذا لماذا هذا الاثر من هذا المؤثر دون غيره؟ هذا معنى السنخية، واضح هذا ؟

    إذن مقتضى قانون السنخية بين الاثر والمؤثر، بين العلة والمعلول وانه لابد ان يوجد في الاثر شيء يدلنا على المؤثر، إلى هنا كما قلت لا توجد فيها مشكلة، لماذا؟ لأنه ما هي العلاقة القائمة بين الاثر والمؤثر؟ قد تكون العلاقة علاقة البينونة العزلية التي قالتها المدرسة المشائية، المدر المشائية قالت الله موجود في نفسه، له استقلالية، والممكن موجود في نفسه ايضا، ولكنه الله بنفسه فهو واجب الوجود غني، والممكن بغيره فممكن الوجود، والا كلاهما له نفسية اذن الاثنينية هنا اثنينية ماذا عبرنا عنها عزلية، احدهما اين هذا من ذاك، هذا وجود وهذا وجود اخر.

    وقلنا: بحمد الله تعالى ان هذه البينونة العزلية لا تؤثر على تناهي الواجب، يعني يبقى الواجب غير متناهي وهذا الموجود يبقى له نفسية، وشرحناه مفصلا في الاسفار الجزء السادس، لا اعلم واضح إلى هنا.

    إذن هذه الجملة الاولى لا اشكال لنا فيها، في المتن (فاستدللنا) والاستدلال اخواني الاعزاء اعم من ان يكون استدلال حصولي أو استدلال شهودي، فلا يتبادر إلى الذهن عندما قال: (فاستدللنا) يعني بالضرورة استدلال حصولي لا ابد الاستدلال قد يكون شهودي وقد يكون حصوليا.

    ولذا نحن عندما جئنا الاستدلال الانفسي والايات الانفسية قد يكون حصولي وقد يكون شهودي، فاذن الاستدلال غير منحصر بالاستدلال الحصولي، قد يكون حصوليا وقد يكون شهوديا وحضوريا، اذن (فاستدللنا بنا) انا وانت على ماذا؟ على الحق سبحانه وتعالى، لماذا صح هذه الاستدلال؟ باعتبار اننا خلقنا على صورة الرحمن، باي بيان؟ بالبيان الذي تقدم (كالاستدلال من الاثر إلى المؤثر) صحيح يعني كالاستدلال بالاثر للوصول إلى المؤثر، أو من الاثر على المؤثر، حروف الجر تعلمون قد تتبادل مواقعها وليس لنا معها مشكلة كبيرة، (كالاستدلال من الاثر إلى المؤثر أو على المؤثر).

    الان المشكلة من اين تبدأ؟ من هذه الجملة (فما وصفناه بوصف) لمن وصفنا؟ الحق (فما وصفناه بوصف الا كنا نحن ذلك الوصف) هذه مشكلة هنا تبدأ، لماذا؟ لأن اوصاف الله عين ذاته أم زائدة على ذاته؟ عين ذاته فاذا نحن صرنا ذلك الوصف، فماذا نكون؟ وهذه مشكلة في الوحدة الشخصية، الذي يقول: ان هؤلاء قائلين بالاتحاد من هذه الجملة استفادوا ذلك، واضح أم لا؟ وهناك نسخة بدل، واذا كانت تلك النسخة فليسا عندنا مشكلة، اما هذه النسخة التي هي فيها المشكلة، لأنه توجد نسخة ثانية يقول: (فما وصفناه بوصف الا كان لنا ذلك الوصف) نعم هذا صحيح لا اشكال فيه اما (كنا نحن ذلك الوصف) هذا الاتحاد المعقول أو الغير المعقول؟ غير المعقول، ولكن بيني وبين الله مع الاسف الشديد الآن من له خبرة أو من لا خبرة له من له دين من لا دين له لا اعلم، هذه الجملة على فرض انها نسخة الشيخ الاكبر، على الفرض كان المفروض ان يقرأون سطرين بعدها، انه فقط بصدد اثبات هذه الجهة من الاتحاد أم هو يثبت الاثنينية ايضا؟

    فاذا كان يثبت اتحادا بلا تعدد وكثرة الشبهة تكون ماذا؟ مستحكمة، فلا يمكن مناقشة كلامه، يعني لا يمكن الدفاع عنه اما بعد ذلك ماذا سيأتي بسطر أو سطرين لا اكثر، يقول: وانت تتصور انا اريد ان اقول واحد بدون كثرة، لا كيف لا توجد كثرة، بل توجد كثرة ويوجد فارق وتميز ويوجد خالق ومخلوق وغني وقديم.

    اذن هذه اذا كان فيها رائحة الاتحاد، هذه تصبح متشابهة لابد مباشرة نلحقها بالجملة اللاحقة التي هي تصرح بالمعنى المقصود، عند ذلك بالجمع بين الكلمتين والنصين يتضح المراد، حتى انا لا اتأخر في البحث، انا مباشرة اقرأ، تعالوا معنا إلى صفحة ونصف بعدها، وسطها (فنعلم) وسط الصفحة (فنعلم قطعا) وجدتوا العبارة (فنعلم قطعا ان ثمة فارقا) بين من ومن فارق؟ بين الخالق والمخلوق، بين المحدث والحادث (نعلم ان ثمة فارقا به تميزت الاشخاص بعضها عن بعض، ولولا ذلك ما كانت الكثرة في الواحد، فكذلك ايضا ان وصفناه أي الحق بما وصف به نفسه من جميع الوجوه، فلابد من فارق) ما هو الفارق (الا افتقارنا اليه في الوجود وتوقف وجودنا عليه، لامكاننا وغناه) فاذا كان وجود واحد ايضا يمكن ان يكون غنيا وممكنا؟ لا اعلم واضح أم لا ؟

    إذن هنا عندما قال: (فما وصفناه بوصف الا كنا نحن ذلك الوصف) هذه بمنزلة لا إله، أنت لابد ان تنتظر لترى ان هذا يقول: بانه الا الله أو لا يقول:؟ اذا ما قال: فتقول بيني ما بين الله هذا كافر ملحدخارج عن الدين، يقول: لا اله، وابدا لا يقول: الا الله، اذا كان يقول: لا مخلوق وخلص لا حادث وخلص.

    إذن نحن نقول كلنا صرنا واجب الوجود، ولكنه يقول: لا مخلوق بتعبيري اريد ان اعبر لا بتعبير الشيخ، لا مخلوق غير الواجب غيرة عزلية، صحيح، الوحدة الشخصية هي هذه، وهو انه يوجد مخلوق ولكن هذا المخلوق غيريته مع الواجب عزلية أم ليست عزلية؟ المشاؤون قالوا عزلية، والوحدة الشخصية تقول ماذا؟ عزلية أم صفتية؟ صفتية شأنية، ومثاله مرارا ذكرناه لكم.

    قلنا: الآن أنت زيد انسان، الانسان ما هو؟ عرفه ما تشاء في علم المنطق ليس بمهم، عرفه ما تشاء، فليكن في علمكم، هذا علم المنطق عرف الانسان من دون ان يقرأ فلسفة جيدا، والا الذي يريد ان يعرف الانسان بالمنطق، بعبارة اخرى المنطق ليس وظيفته، المنطق وظيفته بيان ماذا؟ مبادئ التعريف، وليس من وظيفته ان يقول: الانسان ما هو، ولكن مع الاسف الشديد نحن الذي قلناه في المنطق تصورنا هذه وظيفة ماذا؟ هذه ليست وظيفة المنطق، لو سألنا المنطقي ما هو الانسان؟ يقدر ان يجيب أم لا؟ لا يقدر ان يجيب اولا، واذا اجاب نقول له رجاء اسكت، اكرمنا بسكوتك، لماذا؟ لأن المنطقي من حيث هو منطقي، ليس وظيفته تعريف الاشياء، بل تعريف الأشياء وظيفة الفلسفة، تقول بان هذه معرفة الأشياء على ما هي عليها في الواقع ونفس الامر، ولكن مع الاسف الشديد ان المناطقة قاموا ببعض، ذكروا بعض الامثلة، وهذه الامثلة مأخوذة من من مباني ماذا؟ فلسفية قد لا نوافق عليها، والى الآن نحن محكومين بها.

    مثلا: الانسان نوع واحد، مع انه الانسان نوع أم جنس؟ في المنطق ماذا يقول:؟ نوع، ملا صدرا يقول: الانسان نوع أم جنس؟ يقول: جنس تحته انواع.

    إذن لا تقل لي عندما تسمع الانسان جنس تحته انواع، اذن لماذا يقولون في المنطق، المنطق مشتبه لا الفلسفة، لأنه هذا البحث فلسفي وليس بمنطقي، لا اعلم واضحة هذه النكتة كثير يقع الخلط في هذا، يعني ان، والفلسفة ايضا تقع في مثل هذه الاشتباهات، انها تريد ان تضرب مثال تأخذ المثال من العلوم الطبيعية.

    الان هي اخذتها على بعض مباني التجريبات والعلوم الطبيعية، فهذا من اين اتيتم به؟ يقول: يأتي في الفلسفة، مع انه هو وظيفة الفلسفة أم وظيفة العلوم الطبيعية؟ واذا مشتبهين عليه واذا مصيبين لهم الغنم وعليهم الغرم، ولكنه لاننا استعملنا مثل هذه الامثلة في البحث الفلسفي من الذي يتحمل غرمه؟ الفلسفة، مع انه كل علاقة بالفلسفة ليس له.

    وهذه من اهم اخطار العلوم، جملتين اسمحوا لي اخرج إلى خارج البحث، من اهم اخطار العلوم وهو تداخل العلوم المختلفة منهجا، أنت في الاصول ايضا عندما ترى المتكلمين قائلين شيئا فتاخذ القاعدة التي عندهم وتاتي بها إلى الاصول، الفلاسفة قائلين شيئا تاتي بقاعدتهم في الاصول، فقهاء اللغة قالوا شيئا يأتي بقاعدهم اين؟ في الاصول، علماء النفس قائلين بنظرية الاقتران الشرطي التي يتبناها السيد الشهيد، هذه لعلماء النفس أم للاصوليين؟ قائلين بها هناك أنت اين اتيت بها؟ هنا أنت عادة لا تلتفت وترى ان جملة من هذه القواعد صحيحة أم باطلة؟ باطلة غير تامة، فتقول انظروا هذا الاصول من اوله إلى اخره كله قوعد باطلة، مع انه هذه مشكلة الاصول أم مشكلة تلك القواعد؟ اصلا لا علاقة لك بها ولست مسؤول عنها اصلا، هذه احفظوها لنا يا اخوان.

    اذن قال: (فما وصفناه بوصف الا كنا نحن ذلك الوصف) هذه القراءة الموجودة التي قلنا: نسخة بدل ايضا موجودة وليس فيها هذه المشكلة، هنا أي هنا يكون الشارح بصدد توجيه هذه العبارة، كيف أي وصف وصفنا الحق فنحن ذلك الوصف؟ كيف يمكن ان يكون ذلك؟ يقول: (أي كنا متصفون أو متصفا بذلك الوصف) مع انه هذه ليست عبارة المتن، بل هذه توجيه من الشارح (فما وصفناه بوصف الا كنا نحن ذلك الوصف بعينه، أي كنا متصفون أو متصفا بذلك الوصف) ماذا؟ اصلا لا علاقة بين الشرح وبين المتن (نعم ولما) هذه تبيّن العبارة (ولما كانت الصفات الحقيقة عين هذه الاعيان الحادثة) لماذا عينها (لاتحاد الظاهر والمظهر).

    إذن ما ذكرناه من حكم للمظهر ثابت لمن؟ للظاهر قال: (ولما كانت الصفات الحقيقية عين هذه الاعيان الحادثة على ما قررنا من ان الذات مع صفة تصير اسما، وتصير عينا ثابتة) والعالم هو ما هو جواهر أم اعراض؟ كله اعراض قلنا: والجوهر واحد هو النفس الرحماني (والعالم من حيث الكثرة ليس الا مجموع الاعراض) يقول: (لما كان كذلك قال:) هذه ولما جواب لما ماذا ؟

    قال: (ولما كانت الصفات الحقيقية كذا قال: كنا نحن ذلك الوصف باعتبار انه عرض قائم بالجوهر وفي بعض النسخ الا لنا ذلك الوصف) الا لنا ذلك الوصف ليس فيها مشكلة، هذه تنسجم حتى مع البينونة العزلية، هنا الماتن يعين الشيخ استثنى منه من الاوصاف، وتقدم كلامه فيما سبق انه هذا الاستثناء في محله أم لا؟ في غير محله (الا الوجوب الذاتي الخاص أي بالحق) وهذا يكشف عن انه عندنا وجوب ذاتي عام لا يختص وهو مطلق الوجوب والضرورة.

    (فلما) متن آخر (فلما علمناه بنا ومنا) علمنا من؟ علمنا الحق (فلما علمنا الحق) باي سبيل باي طريق؟ (بنا) بانفسنا علمنا الحق (ومنا)ومن عندنا ابتدأ الاستدلال (ومنا) اذن لما كان علمنا كذلك بنا ومنا (نسبنا اليه) أي إلى الحق (كل ما نسبناه الينا) التفتوا جيدا.

    هذه العبارة مهمة جدا، انظروا تعبير كنا من النقائص يعني من الكمالات نسبناه الينا من الكمالات لا النقائص، كل ما ثبت لنا ثابت له تام ولكن هذه به استثناء أم لا؟ استثناء الذي والله لا يبقي شيء للمستثنى منه، التفتوا الي، ودعني اقل لكم، لا يبقي شيء للمستثنى منه ابدا، (كلما ثبت لنا فهو ثابت الا) الا ماذا؟ (الا الفقر) خلص اذن لم يثبت لنا شيء، هو اننا عنينا ماذا؟ خصوصا اذا علمتم فيما سبق قلنا: الله سبوح قدوس، ما معنى سبوح قدوس ؟

    تتذكرون قلنا: سبوح يعني منزه عن كل النقائص، قدوس يعني منزه عن كل كمالاتنا المحدودة، اذن فما هو الذي عندنا ينسب اليه؟ نحن ايضا مجموعة النقائص ومجموعة الكمالات المحدودة، وهل يوجد شيء آخر غير هذا لنا ؟

    يعني أنت عندما تضع يدك على الحادث ما هو مركب مماذا وماذا؟ من كمالات ومحدودية نقائص، وهذه الكمالات محدودة أم لا متناهية؟ متناهية أم غير متناهية؟ والواجب غير متناهي.

    اذن الحق منزه عن نقائصنا وكمالاتنا، اذن فما الذي يثبت منا له؟ أي شيء لا يثبت، فلهذا قلنا: هذا الاستثناء يبقى منه شيء أو لا يبقى؟ ولكن هذه مشكلة في الجملة اللاحة ايضا، لا اعلم هذه العبارة الاولى اتضحت أم لا ؟

    يقول: (فلما علمناه بنا ومنا نسبنا اليه كل ما نسبناه الينا) بعد هنا عبارة الحكماء الحكمة المتعالية واضحة بنحو اعلى واشرف من اجل ان نخرج من هذا المأزق، ونخلص من النقائص ومن الكمالات المحدودة (نسبناه اليها من الكمالات) لا حتى من كمالاتنا تنسب اليه أم لا تنسب؟ لانها محدودة، نعم الا اذا ازيل حدها، واذا ازيل حدها لم تكن كمالاتنا هذه (لا النقائص) أو لا لا النقائص تنسب اليه أم لا تنسب؟ لا تنسب، هذه الا استثناء من نسبة النقائص اليه يعني الا بعض النقائص فانها ماذا؟ تنسب اليه.

    هذه العبارة هنا ايضا فيها سوء ادب ان صح التعبير، يقول: (اولا: لا تنسب اليه نقائصنا، الا ماذا؟ ما نسبه الحق إلى نفسه) وما هذه النقائص التي نسبها الحق إلى نفسه؟ يقول: أمور كثيرة نسبها إلى نفسه، مثلا قال: {اقرضوا الله قرضنا حسنا} بينك وبين الله، ماذا الله محتاج حتى شخص يقرضه، الاقراض كمال أم نقص؟ {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} {ان الله لا يستحيي} وخذ من هذه الامور واذهب، هذه هو، يستهزئ يسخر يمكر يستقرض ؟

    خذ هذه واذهب كم تريد انت، لا، يخرج كلام عوام مولانا، كل سيء، هذه توجيهها يأتي، وامرها سهل ليس فيها مشكلة، يغضب يسخط، هذه كلها من الكمالات أم من النقائص؟ هذه كلها من النقائص.

    يقول: (الا ما نسبه الحق إلى نفسه منها) أي من النقائص (وبذلك وردت الاخبار الالهية) يعني نسبة النقائص اليه (مثل >ان خلق ادم على صورته<) يقول: هذه من النقائص، لماذا؟ لأنه ادم محدود أم غير محدود؟ كيف يمكن ان يكون المحدود صورة اللا محدود؟ مخلوق على صورة اللا محدود؟ صحيح أم لا؟ يقول: (ان الله خلق ادم على صورته كيف يمكن ان يكون المحدود صورة لغير المحدود، أو قوله {لنعلم من يتبع الرسول ومن ينقلب على عقبيه}) يعني اذا كان هذا غير حاصل يعلم أم لا يعلم؟ لا يعلم.

    اذن بهذا حصل له العلم، ما كان يعلم الآن علم (او قوله) لعله في بعض الاحاديث القدسية والمصادر ارجاعها على عهدتكم (>مرضت فلم تعدني<) ماذا الله يمرض؟ المررض كمال أم نقص اصلا؟ (لاو قوله غير ذلك من القرض والاستهزاء والسخرية والضحك والمكر وعدم الاستحياء وووو إلى غير ذلك، كقوله {واقرضوا الله قرضا حسنا} {الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون} {سخر الله منهم}) وهذا الحديث الذي انا لا اعلم هل هو وارد في مصادرنا ايضا ينقلها في البحار، وانا لم اراجع مصادره (>ضحك الله مما فعلتما البارحة <) ونحن لسنا بحاجة ماسة إلى هذا الحديث، فهذه الايات القرانية صريحة في نسبة بعض الامور التي ظاهرها ماذا ؟ظاهرها النقص لمن إلى الله هذه كلها اخواني الاعزاء في جملة واحدة:

    أولا: هذه ليست صفات الذات، بل هي صفات الفعل، هذا اولا، دع ذهنك هنا.

    وثانيا: ان صفات الفعل هل هي عين الفعل أم عين الفاعل؟ في نهاية الحكمة قرأتم الصفات عين الفعل لا عين الفاعل ابدا، لا توجد صفة من الصفات الفعلية هي عين الفاعل، ولا للزم ان يكون محلا للحوادث، اذا قلنا: الخاق عين الله فلازمه اذا خلق وهو يخلق ولا يخلق، خلق كذا ولم يخلق كذا الرحمة الخصة، رحم فلان وغضب على فلان، كل الصفات الفعلية اخواني الاعزاء كلها عين الفعل، فتكون محكومة باحكام الفعل، فاذا الفعل حادث هذه ايضا حادثة اذا الفعل متغير هذه ايضا متغيرة.

    سؤال: هنا تأتي مشكلة، اذن لماذا ننسبها إلى الله، اذا هي صفات الفعل لماذا تسند وتقول {الله خالق كل شيء}؟

    الجواب: نحن في شرح نهاية الحكمة الذي عن قريب سوف يخرج ان شاء الله، في الالهيات بالمعنى الاخص، هناك قلنا: ثلاثة اجوبة :

    الجواب الأول: حيث ان الفعل منسوب اليه فما هو عين الفعل ينسب اليه، الخلق والخالق عين الفعل، والفعل قائم بالفاعل، فما يسند اليه يسند إلى الفاعل، هذا الوجه الاول.

    الوجه الثاني: ان خالق لا يسند اليه حقيقة، يسند اليه باعتبار وجود مبدئه فيه سبحانه وتعالى يعني القادر على الخلق، والقادر عين الذات، هذا ايضا الجواب الثاني.

    الجواب الثالث: الذي نحن بيّناه قلنا: بانه الصفات الذاتية ثبوتا عين الذات، ولكن في مقام الاثبات والظهور لنا ماذا تكون؟ خالق ورازق ومعطي ومانع، فاذن هذه الصفات الفعلية ظهور الصفات الذاتية لنا، وليس انه في الواقع هكذا، هذه ليست ثبوتية بل مرتبطة بمقام الاثبات.واضح صار.

    ولذا قلنا: {لنعلم من يتبع الرسل ومن ينقلب على عقبيه} قلنا: هذا العلم الذاتي أم العلم الفعلي {لنعلم المجاهدين والصابرين} قلنا: هذا العلم الذاتي أم العلم الفعلي؟ قلنا: هذا العلم الفعلي، الذي هو عين الفعل لا عين الفاعل، ففي جملة واحدة، ولذا تجدون ايضا ان اهل البيت ^ كثيرا اوضحوا لنا هذه الحقيقة بشكل واضح، قال: >رضاه وغضبه انما هو رضان وغضبنا< وهو فعل أم فاعل؟ يعني عندما يقال: الله رضي أو غضب، مراد ا وغضب من الفعل لا الفاعل >ان الله يرضا لرضا فاطمة< اذن رضا فاطمة هو رضا الله، وليس رضا الله هو رضا فاطمة، رضا فاطمة هو رضا الله، يعني اذا رضيت فاطمة رضي الله، لماذا؟ لأنه فعل الله، وهذا عين الفعل فيسنده إلى الله، واذا غضبت فاطمة غضب الله، على مبنى العرفاء تصبح القضية واضحة جدا.

    وعلى المعنى الحرفي واضحة جدا، صحيح أم لا؟ باعتبار ان الافعال جميعا وجودات في نفسها أم وجودات في غيرها؟ معاني حرفية وجودات رابطة فكل حكم لها اذا ثبت للمعنى الحرفي يسري إلى من؟ يتصف به المعنى الاسمي المقوم له.

    وعلى مبنى الظهور والمظهر، واضح لأنه هناك اتحاد بين الظاهر والمظهر فاذا كان هناك حكم للمظهر يسري إلى المظهَر، تتذكرون بعد في نهاية الحكمة، قلنا: احكام الماهية تسري إلى الوجود، لماذا؟ للاتحاد القائم بين الوجود وبين الماهية، واحكام الوجود تسري إلى الماهية لسراية حكم احد المتحدين إلى الآخر، لا اعلم واضح هذا المعنى.

    قال: (وبذلك وردت الاخبار الالهية) هذه على متعلق بورد (على السنة التراجم من الانبياء والاولياء، وردت الينا فوصف) أي الحق (نفسه لنا) وصفه باي طريق (بنا أي بصفاتنا، ولما كانت صفاتنا عائدة إلى عيننا الثابتة من وجه كما مر قال: وصف نفسه لنا بنا) كيف يمكن ان يصف نفسه بامر غيره؟ قول باعتبار انه لنا نحو من الاتحاد ماذا؟ به وهو الاتحاد المظهري والظاهر، لاتحاد الشان مع ذي الشأن (فوصف نفسه لنا) ولكن باي طريق (بنا) واضح هذا إلى هنا؟ الآن النتائج التي يريد ان يأخذها.

    اخواني الاعزاء ارجع واقول هذا البحث لا في مقام الذات الذي هو اللا بشرط المقسمي، ولا في مقام الاحدية، الذي هو بشرط لا، وانما اين هذا الحديث؟ في مقام الواحدية، وهو بشرط شيء، تتذكرون هذا البحث.

    هناك جملة ومطلب في معرفة النفس انا نسيت ان اشير اليها للاخوة، ولم اجد في كلمات الاعلام هذا المعنى ابدا، هذه اجعلوها تذييل لذلك البحث الذي كان في الامس وقبل الامس، يقول: >من عرف نفسه فقد عرف ربه< نحن عادة عندما ناتي لنبحث النفس كيف نبحثها ؟

    يقول: اذا ثبت لها العلم فالله ماذا؟ واذا ثبت لها الحكمة فالله ماذا؟ اذا اذا اذا، ولكن اذا تتذكرون في ابحاث علم النفس الفلسفي النفس لها مرتبة واحدة أم لها مراتب؟ النفس لها :

    1- مرتبة الذات.

    2- ومرتبة العقل.

    3- ومرتبة الخيال.

    4- ومرتبة الحس.

    وهذا كله نحن مازلنا في محوطة النفس.

    5- تأتي مرتبة الافعال، صحيح أم لا، يعني :

    أولا: الذات.

    ثانيا: الصفات.

    ثالثا: الافعال.

    >من عرف نفسه فقد عرف ربه< كما نحن عندنا ذات وصفات وافعال اذن الله ايضا ما عنده؟ بعد عندما ناتي إلى مقام الذات، يعني الصقع الانساني هذا الصقع الانساني فيه مرتبة أم مراتب، فيه ذات وفيه عقل العاقلة وفيه خيال المتصل وفيه حس، الله اذن في الصقع الربوبي فيه مرتبة أم مراتب، هذا الذي عبرنا عنه مقام اللا بشرط المقسمي مقام الاحدية مقام الواحدية، الآن التفت مازال الكلام متصل لم ينتهي البحث، مازلنا في الصقع الربوبي عندما نصل إلى مقام الواحدية، ماذا يوجد في مقام الواحدية، توجد هناك كثرة أم وحدة؟ كثرة ومن لوازم، توجد اسماء، والاسماء حيثياتها واحدة أم متعددة ولوازمها وهي اعيان الثابتة، هذه كلها ونحن اين مازلنا في الصقع الربوبي.

    نحن اخواني نتكلم في مقام الواحدية، لا نتكلم لا في الذات الذي هو {غني عن العالمين} ولا مقام الاحدية، بل نتكلم في مقام الواحدية، لا اعلم واضح هذا المعنى ؟

    اذن عندما قال: الآن (فاذا شهدناه شهدنا انفسنا) أي مرتبة هذا ضمير هو متعلقه ما هو؟ شهدنا اين؟ في الاحدية لا في مقام الذات، لا اعلم واضحة هذه، التي مع الاسف لم اجد لا من الشراح ولا من المعلقين بيّنوا هذه القضية، فاذا شهدناه لا يعني شهدنا ذاته شهدنا انفسنا، نحن انفسنا في مقام ذاته موجودة اصلا أم غير موجودة؟ غير موجودة اصلا، ليس هناك، وفي مقام الاحدية انفسنا غير موجودة، لماذا؟ لأنه مقام الاحدية ليس مقام كثرة مقام استهلاك الكثرة، مقام الوحدة انفسنا اين موجودة؟ واحدية وليست في مقام الدرجة العالية من الواحدية، بل الدرجة الدانية من الواحدية.

    يعني في الاعيان الثابتة (فاذا شهدنا انفسنا اذن شهدنا الحق )أي مرتبة من الحق شهدنا؟ مرتبة الواحدية  بحسب الاعيان الثابتة (فاذا شهدناه شهدنا نفوسنا) لماذا؟ اذا شهدناه شهدنا نفوسنا؟ هذا في قوس النزول ان صح التعبير (لان ذواتنا عين ذاته) ايضا من العبارات المتشابهة موهمة، هذه العبارات ولكن هو يبيّن بعد ذلك، أي ذات هذه ؟

    ليست الذات اللا بشرط المقسمي ولا الذات في مقام الاحدية، هذه المراد من الذات مقام الواحدية (لان ذوتنا عين ذاته، لا تغاير بينهما الا بالتعين والاطلاق) هذا البحث وقفنا عنده مفصلا في تمهيد القواعد لابن تركة صفحة (240) قال: [ان التعين انما يتصور على وجهين :

    1- تعين وتمايز تقابلي.

    2- تعيّن وتمايز احاطي.

    قلنا: التعيّن والتقابل التمايزي احدهما متميز عن الآخر، وكل عن الآخر، (الف) عن (باء) (وباء) عن (الف)، اما في التمايز الاحاطي كلاهما متميز أم احد الطرفين متميزعن الآخر؟ المقيد غير متميز عن المطلق، لأن كل ما هو موجود عند المقيد موجودا عند من؟ فاذن المقيد يتميز عن المطلق أم لا يتميز؟ لا يتميز، لأنه كل ما هو موجود عند الجزء موجود عند الكل، كلما يوجد عندك ذو الخمسين الذي عنده ذي المائة أنت تتميز عنه، لأنه لكما عندك هو عنده، من الذي يتميز؟ صاحب المية يتميز عمن؟ عن صاحب الخمسين المطلق يتميز عن المقيد لا المقيد عن المطلق، هذه خصوصية التمايز الاحاطي وحيث {الله بكل شيء محيط} {ولا يحيطون به علما}.

    اذن من ذاك الطرف احاطة ومن هذا الطرف عدم احاطة، فاذن التقابل بيننا تقابل احاطي أم تقابل، تمايز تقابلي أم تمايز احاطي؟ تمايز، ولذا قال: (لا تغاير بينهما الا بالتعين والاطلاق، وفي التمايز الاطلاقي المطلق متميز عن المتعين والمحدود لا بالعكس، أو شهدنا انفسنا فيه) هذا اذن انتهينا من التفسير الاول.

    التفسير الأول: (لا ذواتنا عين ذاته فاذا شهدناه شهدنا انفسنا) اذا رأيناه راينا ماذا؟ انفسنا، أو بهذا البيان (اوشهدنا نفوسنا فيه لأنه مرآة ذواتنا) هذا بعد دخول على الحديث >المؤمن مرآة المؤمن< وهذا فيه تفسير اخلاقي وهو صحيح، ان المؤمن ينبغي ان يكون كالمرآة للمؤمن يعني واقعا عندما يقف امامه ويجلس معه ويتحدث معه، كيف اذا وقف امام المرآة تعكس له كل عيوبه بلا زيادة ولا نقيصة، لا يخوفه لا يغفله لا يضلله ابدا، أنت اذا وقفت اما المرآة، المرآة تريك ما أنت عليه في نفسك ابدا، لا تقل لي بانه اذا كانت المرآة متعرجة انا اظهر متعرج؟ لالالا، هذا التعرج ليس مرآة، بل هذه امور خارجة عن المرآتية.

    نحن نتكلم عن الخصوصية المرآتية، المرآتية وظيفتها الاصلية ماذا؟ الإراءة مع الزيادة والنقيصة أو بلا زيادة ونقيصة؟ ابدا ابدا، في البحث الاخلاقي واقعا المؤمن ينبغي ان يكون مرآة للمؤمن، هذا تفسير وهو صحيح.

    ولكن العرفاء يفسرون هذا الحديث بتفسير آخر يريدون به مصداق ادق واعمق يقولون >المؤمن مرآة المؤمن<، الله من اسمائه المؤمن وانا ماذا؟ مؤمن، اذن المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن مرآة المؤمن، هذا يحكي ذاك، فمن علم هذا علم ذاك، ومن علم ذاك علم هذا، لأن هذا هو ذاك وليس شيء آخر، لا اعلم واضح أم لا ؟

    اذن هذا >المؤمن مرآة المؤمن< العرفاء لا يقولون بانه هذا التفسير الذي يقوله الاخلاقيين لا، يقولون بمصداق ذاك الذي انتم تتذكروه، >قال: زدني يابن رسول الله، قال: ما معنى ابو القاسم؟ فقال: له باعتبار كان عنده ابن اسمه القاسم، قال: زدني يابن رسول الله، قال: له باعتبار انه قسيم الجنة والنار أو انه كذا، إلى اخره قال: زدني يابن رسول الله، قال: له باعتبار انه هو اب لعلي وعلي قسيم الجنة والنار فهو ابو القاسم < فهو ابو علي يعني، ولكن اذا كنا نقول ابو علي لقامت القيامة ولا تقعد قلنا: ابو القاسم فضيعناها وعندما يسألنا احد عنه نقول هذا معناه انتهت، وهذا ليس معناه نريد ان نتلاعب في المفهوم، المفهوم لم نتلاعب به، وانما المصداق ماذا فعلنا به؟ نعطيه عمق، احسنتم.

    يعني استعمال اللفظ ليس في اكثر من معنى، لا يذهب ذهنك إلى هناك، وان كان ليس فيه اشكال، استعمال اللفظ في اكثر من معنى ليس مستحيلا، نعم خلاف العرف، خلاف الاستعمال العقلائي، على أي حال، ذاك بحث اصولي، ليس لنا به علاقة.

    تعالوا إلى هنا، يقول: (او شهدنا نفوسنا) في من؟ (فيه لأن المؤمن) ماذا؟ (مرآة المؤمن، لأنه تعالى هو مرآة ذواتنا، واذا شهدنا, شهد ماذا؟ نفسه, هذه إلى اتركوها إلى غد.

    والحمد لله رب العالمين

    • تاريخ النشر : 2016/12/12
    • مرات التنزيل : 7200

  • جديد المرئيات